عرض مشاركة واحدة
قديم 24-09-20, 05:50 PM   #431

سلافه الشرقاوي

كاتبة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية سلافه الشرقاوي

? العضوٌ??? » 296621
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 970
?  نُقآطِيْ » سلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond repute
افتراضي


يجلس تحت تعريشة العنب بعدما استيقظ لازال عقله تحت تأثير النوم فهو لم يستفيق بعد رغم أن عمار دفعه دفعًا للنهوض من الفراش قبل أن يدفعه نحو دورة المياه ويضعه تحت الدش البارد فينتفض فزعًا ويقظة ذهبت أدراج الرياح وهو يجلس الآن في هذا السكون ونسيم الظهيرة الهادئ يداعب جفنيه فيؤجج رغبته في النوم.
نفض رأسه حينما شعر بميلها القوي حتى كادت أن تسقط أرضًا ليكح بخفة ويعتدل بجلسته وخاصة حينما استمع إلى صوت والده الذي هتف متهكما : ناموسية سيادتك ما لونها يا أدهمبك ؟!
انتفض واقفًا ليهمس بصوت أبح لازالت أثار النوم عالقة به : صباح الخير يا بابي
رفع وائل حاجبه باعتراض ليغمغم بضيق : الساعة تعدت الثانية ظهرًا يا باشا .
ابتسم ادهم ليجيب سريعًا : إذًا مساء الخير يا سعادة الوزير.
أطبق وائل فكيه و رمقه بضيق فابتسم أدهم باتساع ليهتف بخفة وهو يحرك جفنيه بحركة مشاكسة : العفو والصفح يا سيادة الوزير إنه يوم العيد وأنا اعتذر أني غرقت في النوم ولكن أنا لم اخلد للنوم إلا بعد صلاة العيد يا بابي.
زفر وائل بقوة ليهمس من بين أسنانه : ألم يكن عاصم وعمار معك يا أدهم وعلي ومازن أيضًا؟!
احنى أدهمرأسه بحرج ليغمغم وائل : أنا لست غاضبًا من نومك أنا فقط لم أكنأريدكأن تتخلف عن الحضور واستقبال الضيوف مثل ابناء عمومتك.
تمتم وائل بضيق لم يستطع منعه من الصدوح : كنت أريدك بجانبي يا أدهم .
اختنق حلق أدهم ليقترب من أبيه يضم نفسه إليه يقبل كتفه ليهمس بصوته المختنق : أناآسفيا بابي آسفلن أكررها اعدك ، سأكون بجوارك دومًا .
ابتسم وائل وربت على ظهره بود ليضغط على كتفه بلطف هامسًا : أنت ولدي الوحيد يا أدهممن سيمتد اسمي من خلاله ، لا أنكر مكانة عاصم أبدًا فهو الكبير من سيظلكم تحت جناحيه سيراعكم ويحميكم ولكن دورك ومكانك محفوظ يا ولد و إن كان عاصم الكبير فأنت جناحه الأيمن يده التي ستبطش وقتما يحل موعد البطش ومن ستصافح وقت السلم فلا تتخلف عن مكانك ومكانتك يا ولد .
ابتسم ادهم باتزان : لن أفعل يا بابي لا تقلق.
أومأ وائل بعينيه ليهتف به : اطلب من أحدهم يعد لك القهوة و أفق هكذا وجاور ابن عمك في عملية الشواء الذي تبرع بالقيام بها.
تمتم أدهم وهو يتحرك بالفعل : أمرك يا بابا .
خطى نحو الحديقة الكبيرة والتي تجمع فيها الجميع تقريبا ليهتف مازن بمرح : أخيرًااستيقظت.
ابتسم ليرحب بالجميع الكبار أولًا ثم الصغار يمأبرأسه لفتيات آلالألفي ويصافح بنات عمومته قبل أن يبتسم بلباقة في وجه البقية ليختص سهيلة بسلام متلهف مهتم وهو يشير إليها بكفيه في علامات كثيرة مفادها أنه اشتاق إليها.
اتسعت ابتسامتها وحاورته قليلًا قبل أن يشير إليها لتنتظر قبل أن يقف في منتصف تجمع بنات عمومته وشقيقتيه فملك ونوران المتجاورتان جلوسًا وتجاورهما يمنى وجنى وأميرة تجلس بجوارها حبيبة ليولي ظهره لرقية وخديجة الجالستان بإحدى الأرائك وبالأخير بنات عم علي على الأريكة الأخيرة
بينما سهيلة كانت تقف مع مريم التي تجاهلها إلا من إيماءة تحية فاترة منحها إليها بعدما صافح هنا وقبل وجنتيها.
رفعت نوران عيناها إليه متسائلة فهمس بلباقة : اعدي لي القهوة يا نور أو دعي أحد يعدها واشرفي عليه فأنارأسي سينفجر ومنذ اتينا إلى هنا والقهوة ليست جيدة على الإطلاق .
تمتمت نوران سريعًا : أنت تدرك أني لا أستطيع اعدادها ، اتبعت حينما لوى شفتيه بنزق - أعدلك الشاي .
تمتم بضيق : الشاي ؟!! تركنا الشاي الباشمهندس الأنيق زوجك الذي لا يكتفي بشرب الشاي بل يحتسيه في فناجين خزفيه وكأنه لازال يحيا في عصر جدو الباشا.
رمقته باستعلاء لتهتف بملل : لا شأن لك بالانيق حفيد الباشا
زفر بقوة ليهمهم بخفوت : حسنا اعدي لي القهوة أنت يا ملك .
ضحكت ملك بخفة : أنا الأخرى لا أقوى على صنعها اطلب من عمتك أوأميرة .
رفض بجدية : لا لن اطلب من أميرة طبعا .
تمتمت نوران بخفة : اطلب من جنى .
رمق جنى بهدوء ليهمس : كيف غابت عن بالي ، شكرًا يا أختاه
تمتمت ملك بخفة : فقط احترس من ابيه أسعد .
تصلب ظهره بعفوية لتكتم ملك ضحكتها الشقية لترمقها نوران بعتاب ليقف أدهم بمنتصف الطريق وهو يرمق أسعد الواقف بجوار عاصم بعيد نسبيًا عن مكان جلوس الفتيات ليتحرك بخفة نحو جنى يشير إليهابرأسه قبل أن يحتضن اميرة من كتفيها يقبل رأسها ويهتف بحرج : جانو هلا أستطيع أنأطلب منك شيئًا .
اتسعت عينا جنى بذهول : بالطبع يا دومي اطلب يا ولد هل أنت محرج مني ؟!
ابتسم بتوتر ليرمي بطرف عينه يراقب أسعد الذي بدوره كان يتطلع نحوهما ليهمس بصوت أبح: أريد فنجان من القهوة ، تطلعتا إليه بدهشة فأتبع وهو يربت على كتف اميرة - ولا أريدأناتعب أميرة .
ابتسمت أميرة بحب أخوي له لتهتف جنى وهي تنهض واقفة : هذا فقط ، من عيني يا أدهم بك فقط انتظر لأرى من يريد القهوة غيرك لأعد القهوة للجميع
تحركت بسلاسة لتسأل بالفعل عمن يريد شرب القهوة قبل أن تقف أمامأسعد وعاصم وتسالهما فيجيب عاصم بالرفض بينما يسألأسعد بجدية : ماذا كان يريد أدهم ؟!
ابتسمت وهي تتحاشى النظر إليه لتهمس : يريد القهوة ، هل أعد لك فنجان ؟!
أومأ بعينيه موافقًا ليهمس بخفوت وعيناه تلمع بتسلية لم تتجسد على ملامحه : و أت بها قبل أن نذهب في جولة على الفرس كما أردت .
تمتمت ووجنتاها تتوردان : لن تنتظر لما بعد الغذاء ؟!
هز راسه نافيًا ليجيبها : بعد الغذاء سيكون الضوء بدأ في التراجع والهواء سيكون ثقيلًا باردًا أخافأن تمرضين بسبب ارتطام الهواء بجسدك ، الآن الموعد جيد ولن نتأخر سنأتي قبل الغذاء على الفور .
أومأت برأسها في طاعة لتتحرك مبتعدة فيراقب ابتعادها بعينيه قبل أن ينتبه على صوت عاصم الذي همس بمرح : هل مسموح لنا بالانضمام لكما أم هذه جولة خاصة ؟! آثرأسعد الصمت ليكمل عاصم وهو يكتم ضحكته - ألن تخبرني عما حدث و دفعكما لتبديل ملابسكما أنتما الاثنان.
احتقنتا أذني أسعد بالأحمر القاني ليزجره بخشونة : لا شأن لك ، كتم عاصم ضحكته ليتبع أسعد بجدية هادرًا - اهتم بأمر الشواء .
غمغم عاصم متفكهًا :حسنًا سأفعل فقط انتظر إلىأن نغادر وقم بكل جولات الحصان الذي تريده بدلًا من أن يمسك بك أحدهم .
لم يجبه أسعد وهو يبتعد ليستدير إليه بخفة ويفاجئه برمي ريشة الشواء في وجهه ليلتقطها عاصم وصوت ضحكاته يتزايد قبل أن يهتف به : حسنًا أخبر عادل أو عمار ليساعداني .
لم يهتم به أسعد وهو يخطو للداخل من الباب الذي دلفت عبره بعدما تنحنح بخشونة وألقى السلام بهدير عال فأتاه صوتها وهي تهتف به : تعال يا أسعدأنا بمفردي .
***
يقف بعيدا عن الجميع يحتسى فنجان القهوة الذي أعدته جنى ينظر إلى هاتفه يجيب بعض المراسلات التي أتت إليه تعايد عليه من زملاء عمله أو دراسته ليفتر ثغره عن ابتسامه ماكرة وهو ينظر لتلك الرسائل التي توافدت عليه متتاليةمنها تعايده بكلمات رقيقة فيجيبها بكلمات هادئة أرسلهاإليها ببطء تعمده لإثارة لهفتها إلى الحديث معه والذي توقف عنه منذ تلك المرة التي حدثها بها ليلة رؤية رمضان ، ابتسامته انقلبت إلى تسلية واضحة وهو ينظر لسؤالها عن متى سيقابلها فيرمق المحادثة قليلًا قبل أن يخرج دون رد و يشرد ببصره بعيدًا إلىأن اجفل بمن اخترقت بصره حينما وقفت أمامه دون حديث فيرمقها مليًا قبل أنيسأل بجدية ونبرة هادئة : مرحبًا ، توردت بعفوية كعادتها لتفرك كفيها بتوتر فيتابع باهتمام – ما بالك يا مريم ؟! هل أنتبخير ؟!
عضت شفتها لتهمس بصوت ابح : أردتأن اعايدك ، ولكني غاضبة منك .
ارتفعا حاجباه بدهشة ليبتسم ساخرًا : وما الجديد ؟!
امتقع وجهها لتجيبه بتلعثم : ماذا تعني ؟!
سحب نفسًاعميقًا ليجيبها بلا مبالاة : اعني أنكدائمًا غاضبة مني ، بسبب أو دون سبب فما الجديد الآن حتى تشعرين بغضب مضاعف تجاهي ؟!
رفت بعينيها والتي امتلأت بدموع جاهدت حتى لا تتساقط : أنت لم تهاتفني ولا مرة يا أدهم منذ كنا بالمشفى .. لم تراسلني .. ولم تهتم بغضبي حتى ، تركتني دون سؤال و دون اهتمام .
رمقها مليًا ليجيب بنبرة وشت بغضبه المكتوم بصدره : ظننتي واضحًا حينها يا مريم ، حينما أخبرتكأني انتظر قرارك بشأننا والذي بالمناسبة لم يصلني للآن ، لذا أنا توقعت أننا انفصلنا .
ألقاها بانجليزية وهو يمط نبرته يرمقها من بين رموشه ويراقب ردة فعل الكلمة على ملامحها التي وشت بصدمتها .. عيناها المتسعتان بذهول وبعثرة ألمت بها ليكمل بهدوء ونبرته تلين قليلًا – أمأنا مخطئ في تفكيري ؟!!
ردت سريعًا : بالطبع مخطئ ، أنا كنت غاضبة منك وانتظرت أن ..
صمتت و وجهها يحتقن بالاحمر القاني فيبتسم بمكر مكملا : انتظرت أن اراسلك لأصالحكأليسكذلك ؟! تحاشت النظر إليه وحلقها ينغلق فاتبع بهدوء – ولكني كنت صريحًا معك يا مريم ، أخبرتكأن تراجعي طريقتك معي وتقرري بشأننا ثم تخبريني وعلى هذا الأساس انتظرتك ولكنك لم تفعلي .
بللت شفتيها لتهمهم باختناق : لم استطع أن اتحدث معك وأنت من تركتني خلفك دون أن تهتم .
لوى شفتيه ليهمس ببرود : بل كنت مهتمًا يا مريم ، مهتم بقرارك وما تريدينه بشأننا ولكنك آثرتالخصام والدلال على أن تخطي نحوي ، وهذا يجعلنا نصل لنفس النقطة التي كان بشأنهاشجارنا ، أنت لم تحاولي تغييرأسلوبك ولا تبديله ، لذا نحن لن نتقدم في علاقتنا أبدًا ، فأنتدومًا ستظلين غاضبة وتنتظري مني أنأركض من خلفك لأراضيك .. أدللك .. واصالحك حتى إنلم أكن مقتنع بسبب غضبك ، زفر نفسًا قويًا ليتبع بهدوء – وصدقًا يا مريم أنا لست هذا الشاب ، ففكرتي عن الارتباط والمصادقة مختلفة تمامًا عن تلك الفكرة التي تدور برأسك .
هربت الدماء من وجها لتهمس بصوت أبح : ماذا تقصد ؟!
سحب نفسًاعميقًا ليزفره ببطء هاتفًا بجدية وهو يشد جسده بغطرسة فيظهر فارق الطول بينهما رغم قامتها التي تعد متوسطة ولكنها شعرت بأنه يشرف عليها من علٍ وهو يجيبها بهدوء : أقصدأنإذاأردت يا مريم أن نستمر سويًا عليك تبديل طريقتك ، أنا لا أرفضأنأدللك .. اراعيك .. وامنحك كل ما تريدين دون قيد أو شرط ، شعر بها تهدأ قليلا ليكمل بجدية قاطعة – ولكن دون خصام .. عتاب .. لوم .. أو غضب ، أريدكأن تثقي بمكانتك عندي وتثقي بكوني اخترتك لتكوني امرأتي وعليك أن تتوقفي عن الشك والخصام والابتعاد كلما غضبت .
اهتزت نظراتها فأكمل بهدوء : أنا لا أرفضأن تغاري علي ، أكمل بابتسامة وغروره يتالق بعينيه – بل سأسعد كثيرًا عندما أشعر بغيرتك علي ولكن دون غضب وهجر وخصام وهذه الاشياء التي تثير ضيقي وغضبي .
همست بخفوت : أناأغضبلأنيأغار عليك يا أدهم ، وأناأغار عليك لأني ..
صمتت ووجهها يحتقن بقوة ليحنى رأسه ينظر إلى وجهها بتساؤل همس به مرددًا : لأنك ؟!
توترت وتلعثمت لتفرك كفيها وتهمس باختناق حيي : أنت تعلم .
اتسعت ابتسامته ليجيب وهو يمأ برأسه في هزة طفيفة : نعم أعلم ولذلك أريدأن نسعد سويًا يا مريم ، لا أريدأن نقضي عمرنا في غضب وخصام ، إنهاأجملأيام حياتنا سويًا ، توقفي عن الغضب وحينها سأكرس نفسي لأسعدك .. أدللك .. اراعيك .. وأحبك كما لم يفعل أحدًا .
انتفض قلبها بخفقات جنونية ووقع كلمته يؤثر بها فيحتقن وجهها بالأحمر القاني وهي تخفض نظرها بخجل كسى ملامحها لتبتعد بجسدها عنه في حركة عفوية أثارت وميض عيناه ليلعق طرف شفته السفلية من الداخل ليهمس بخفوت : اتفقنا يا شامية ، أومأتبرأسها في حياء ليتبع هامسًا – عيدك سعيد يا حبيبتي .
كتمت انفاسها وهي ترتجف أمامه لتهمس وهي تسرع مبتعدة : علينا وعليكم .
اتسعت ابتسامته الجذلى وهو يراقب خطواتها المتسارعة وهي تبتعد عنه ليتنفس بعمق مرات متتالية زفر على أثرها كثيرًا قبل أن يداعب شاشة هاتفه ويطبع بعض كلمات أرسلها للأخرى وهو يحدد معها موعد لما بعد العيد سيكون متفرغًا به لاستقبالها في مكتبه بالمؤسسة .
***
عاد للجلسة التي تضم الجميع لينضم إليهم فيجلس مجاورًا لمازن العابس بضيق يعتلي ملامحه فيلكزه بخفة ويسأله بعينيه عن سبب ضيقه فتشرد نظرات مازن نحو خديجة التي تعتزله منذ حضورها مع عائلتها ليهمس مازن بصوت مختنق : لم تتحدث معي يا أدهم تخيل ؟! لم تمنحني سوى تحية فاترة وكأنني ..
صمت ليهمس أدهم بصوت جاد : وكأنك لا تفرق عني أو عن علي ، أليس كذلك ؟! اكفهر وجه مازن واشاح بعينيه بعيدًا ليزفر أدهم بقوة ليكمل هادرًا بحدة خافتة – وهذا ما يغضبك ويجعلك حانق يا مازن ، هل تخيلت أنها ستفعل أكثر من ذلك ؟!
تمتم مازن وهي بالنهوض : لم اتخيل شيئًا يا أدهم .
تمسك أدهم بساعده ليجبره على المكوث بجواره : أين تذهب ؟!
تمتم مازن بصوت مختنق : ذاهب لماما .
ارتفعا حاجبي أدهم ليتمتم سريعًا متسائلًا : تقصد لميا هانم ؟!
استدار مازن إليه بحدة ليتمتم : نعم هي ، هل لدي غيرها ؟!
تنهد أدهم بقوة : لم اقصد يا مازن فقط لم استمع إليك من قبل تدعوها بماما ، هز مازن رأسهبحركة غير مفهومة ليتابع أدهم وهو يتمسك به – حسنا فقط انتظر هنا لا تتركنا الآن ، و أرجوكحافظ على شكلك ولا تدع أيآخر يلاحظ ما يحدث معك .
زفر مازن بقوة وهو يطاوعه ويظل بجواره : أناأحاول يا أدهم .
هز أدهمرأسهنافيًا : أبدًا لا تفعل ، بل البؤس المجسد على وجهك يجعل الجميع يتساءل عم يحدث معك ، أولم تسألك جنى أو عمو أحمد ؟!
تمتم مازن باختناق : بلى فعلا وجنى ألحت فوق رأسي ولكني لم امنحها جوابًا شافيًا ، بابا اعتقد أنه التقط الأمر ولوما رمقتني بنظرة من يدرك و آثرت الصمت ولم تشأأنتسألني وهي تعلم أني لن اجيب لكنها منحتني احتضان قوي كنت احتاجه بشدة ، اختنق حلقه ليكمل – ولازلت احتاجه .
مط أدهم شفتيه ليهمس بخفوت : اعتدل يا مازن واصلب نفسك هكذا فما تفعله يثير غضبي عليك ومنك .
تمتم مازن بخفوت وهو يحاول أن يسيطر على نبرة صوته فلا تخرج مهتزة : أشعربألم حاد في صدري يا ادهم ، قلبي يجعني كثيرًا ، وروحي ممزقة .
أطبقأدهم فكيه ليهمس بجدية وعيناه تومض بغضب مخيف وهو يقبض على مرفق مازن بخشونة : لا أحد في هذا العالم يستحق أن تشعر لأجله بما تشعر به يا مازن ، أسمعت ؟! ردد وهو ينظر لعمق عينيه – لا أحد ، وخاصة لو سبب هذا الشعور لا يهتم بك أو بمشاعرك و لوبقدر أنملة ، أنت تستحق الكثير يا ابن عمي فأدرك مقدارك جيدًا وتصرف على أساس مكانتك يا ابن الجمال .
اسبل مازن جفينه ليصدح صوت علي الذي وقف أمامهما على مسافة قريبة جدًا منهما هامسًا بعدم فهم : هل تتشاجران ؟!
هز مازن رأسهنافيًا ليجيب أدهم بصوت حاد : لا يا علي ، نحن بخير .
رمقه علي بعدم فهم ليشيح أدهم بعينيه بعيدًا قبل أن يهمس بمازن بجدية : فقط أشعربأنيمتعب .
تفحصه علي باهتمام : بماذا تشعر ؟! هل أخبر عمو ؟! أت بجنى تفحصك ؟! هز مازن رأسهنافيًافيكمل علي محاولًا اضفاء المرح بينهم – أخبرنا بماذا تشعر لنحدد أي طبيب سنأتي به ، فهم كثر من حولنا نستطيع عن طريقهم فتح مشفى جديدة خاصة بك ونأمر بعمل كونسلتو لأجلك .
ابتسم مازن مرغمًا ليضغط علي على كتفه بلطف ويهزه برفق هامسًا بجدية : نحن هنا من أجلكيا مزون ، الجميع هنا من أجلك فقط أنت أشر بيدك .
ابتسم مازن بامتنان ليهمس : أعلم يا علي ،
همس أدهم بخفة : إذًا علام ستأشر يا ابن العم ؟! همهم علي بمرح مكملًا حديث أدهم – وهاك أدهم حاضرًا يأتي لك بكل ما تهفو إليه نفسك .
ثرثر أدهم بعفوية : بالطبع ، أكمل وهو يدفع مازن بكتفه - أتريد فتيات ، أت لك بهن ؟!
ضحك مازن مرغمًا ليكمل علي بتساؤل جاد : هل لديك كتالوج تنتقي منه أم كيف تطلبهن ؟!
أجابهأدهم بجدية : هناك مواقع مخصصة لهذا الأمر عن طريق الانترنت يا علي ، ألا تدرك هذا يا رجل ؟!
ارتفعا حاجبي علي بصدمة سكنت حدقتيه لينفجر مازن ضاحكًا وخاصة حينما أجاب علي بذهول : حقًا لم أكنأعلم .
تمتم أدهم باستياء : إنهلأمر معروف نعم أنا لم استخدم أي منهم ولكنها معلومة رائجة .
هتف علي بطبيعية افتعلها : يا رجل ، معلومة رائجة .
أجابهأدهم ببساطة : طبعًا .
تمتم علي بيأس : حسبي الله ونعم الوكيل .
انفجر ثلاثتهم ضاحكين ليهتف زين الذي عاد يحمل طبق من الواضح أن به بعض من الترمس : علام تضحكون يا رجال ؟!
أشار أدهم إلى علي : هاك ابن عمك اسأله .
هز علي رأسه بلا أملفيسأل زين بابتسامته المعهودة وهو يطل من فوق كتف علي القصير عنه قليلًا ويخفض صوته : علام يسألني ؟!
ضيق مازن عينيه ليسأله بهدوء : لماذا أخفضت صوتك ؟!
همس زين بعدما التفت من خلفه يتأكد كون أن لا أحد يستمع إليهم قبل أن يجيب : لأني أشعربأن ما تضحكون بشأنه حديث خاص بالفتيات .
ارتفعا حاجبي مازن ليلتفت علي إليه بذهول قبل أن ينفجر أدهمضاحكًا هاتفًا بشقاوة : هذا هو الحديث ، ابن عمك معلم يا علي .
هز زين رأسه بخفة ليشاكس أدهم : بعض مما عندكم يا دومي .
صفق كفيهما ببعض ليتصافحا بمرح و أدهم يهتف : نحتاج تبادل خبرات يا رجل
حرك زين رأسه بخفة : على الرحب والسعة يا ابن الوزير ، أنا تروقني صداقتك .
تمتم أدهم بخفة : إنه لشرف لي يا ابن الألفي .
قفز أدهمواقفًا ليهتف : ما رأيكم لنتجول قليلًا قبل إلىأن يعد الغذاء ؟!
هتف زين موافقًا قبل أن يتبع : سأخبر الفتيات حتى يصحبوننا إذا لم يكن يضايقكم .
أشارإليهأدهم : بل أخبرهم بالطبع ، لنريهم المزرعة أيضًا ، أخبر الجميع هيا ، تحرك زين عائد لأماكن جلوس الفتيات ليتبع أدهم وهو يجذب مازن بذراعه – هيا انهض وسر معنا ولا تحاول الاقتراب يا مازن فإذا لم تخطو خديجة نحوك لا تفعل أنت ، حافظ على كبرياءك وكرامتك ولا تهدرهما أكثر من ذلك .
أومأ مازن برأسه ليبتسم إليه علي بدعم وهو يخطو مجاورًا إليه فيسير مازن بالمنتصف بينهما وكأنه يحتاج إليهما ليسير معتدلًا دون أن يترنح .
***
يقف أمام الشواية بجوار عمار العابس وهو يراقب جلوس يمنى بجوار نادر تتحدث معه ضاحكة وتشاركهما الحديث ابنة عم نادر الكبرى عبس قليلًا وهو يتذكر اسمها ليهمهم داخليًا " نعم تالية ، هكذا اسمها "
هز رأسه باستحسان ليرمق عمار بطرف عينه هامسًا : ألن تتوقف عن عبوسك ؟!
التفت عمار إليه بتساؤل بعدما أجفلوكأنه كان شاردًا بالفعل ولا يتطلع نحو شقيقته ليتابع عادل بهدوء – كنت شاردًا ، أم تراقب موني ؟!
ران الصمت عليهما قليلًا قبل أن يهمس عمار بصوت أجش في وضوح : الاثنين ، كنت أتطلع إلىيمنى و شاردًا بها .
قبض كفه على يد عصا الشواء يتحكم في أعصابه ليسأل بمنطقية : لماذا ؟!
تمتم عمار بخفوت : لا شيء فقط لازلت أشعر بالضيق وشقيقتك لا تساعد على احتواء غضبي أو غيرتي .
استدار عادل ينظر إلى يمنى التي تتحدث بأريحية مع نادر فيهمس بتعجب : إنه نادر يا عمار .
تمتم عمار من بين اسنانه : أعلم ، ولا أشعر بالغيرة منه ،
رمقه عادل باستهجان تحول في ثواني لإدراك ليغمغم متفكها : لا تخبرني أنك تنتظر من موني أن تدللك يا ابن الجمال .
زم عمار شفتيه بضيق : ألا استحق ؟!
ضحك عادل بخفة ليهمس ببساطة : بلى تفعل ولكن الأمر الذي يفوتك أنها لن تفعل ،استدار إليهعمار بحدة فأكمل عادل ببطء وهو ينظر إليه من بين رموشه – يمنى لن تفعل إلا حينما تصبح زوجتك بالفعل يا عمار ، حينها سيختلف تعاملها معك كليًا ، فللآن هي تضع حدود كثيرا بينكما، حدود ستختفي حينما تصبح ببيتك ومعك .
أومأ عمار رأسه متفهمًا ليهمهم : أناأدرك هذا الأمر يا عادل ولكن ألا تحمل بعض من المراعاة لي قليلًا .
ابتسم عادل بغموض ليؤثر الصمت حينما التفتت إليهما يمنى تنظر نحوهما بتركيز شديد ليعبس عمار ويسأل بجدية : هل استمعت لنا ؟
قهقه عادل ضاحكًا ليشير بكتفيه بمعنى لا أعلم قبل أن يهمهم بمرح : كل شيء جائز .
تطلع إليه عمار بضيق قبل أن ينفجرا ضاحكان وخاصة مع اقتراب يمنى منهما والتي هتفت بهدوء : عادل ماما تريدك بالمطبخ اعتقد أن هناك أشياءأخرى ستقوم بشيها .
ارتفعا حاجبي عمار ليهتف بضيق : لقد قاربنا على الانتهاء ثم أناأشعر بالجوع ولست مستعدًا للوقوف أمام الشواية أكثر من ذلك ،
هزت كتفيها بعدم معرفة ليهتف عادل بجدية : لا تبتأس ، سأتي بالصغار ليساعدونك ،
هتف عمار بحنق : وأخبرأخي العزيز والسيد عمر أن هناك عمل عليهما القيام به ، و أت بعبد الرحمن معك ، فأسعد اختفى لا أعلمأين ذهب .
تمتمت يمنى وهي تقف بجواره تكمل ما كان يفعله عادل بثبات : لقد صحب جنى بجولة على الحصان ، التفت إليها يراقب ملامحها بتفحص فابتسمت بمكر لتتابع – ولا أشعر بالغيرة فلا تنظر لي هكذا.
تمتم بجدية : اتركي الشواء و أت بأخيك العزيز الذي يحتضن قيثارته ليقوم بالشوي بدلًا عنك .
ارتفعا حاجبيها لتهمس ببساطة وهي لا تمتثل لأمره : كان يريد أنيأتي ليبلغكما برسالة ماما و يأخذ مكان عادل ولكني من آثرت القدوم بدلًا منه ، رمقها بطرف عينه و آثر الصمت لتتابع هي ببسمة ماكرة – اعتقد أنيأردت الوقوف إلى جوارك ومساعدتك .
تحكم في بسمته بضراوة فلم ترتسم على شفتيه ولكنها اشرقت بعينيه لتستدير إليه بعدما أفرغت الاسياخ أمامها بسلاسة في الطبق الكبير وتهمهم إليه بثرثرة عفوية : إلاإذا لا تريد وجودي ، سأعود للجلوس وأخبر نادر أنيأتي ليكمل العمل .
التفت نحوها ليهمهم بخفوت بعدما أشارإلى نادر بالاقتراب : بل سنترك نحن الاثنان العمل وليباشر أي اثنان غيرنا بقية الشواء ، فوجهي أشعر به بدأ في الاحتراق .
ابتسمت بخفة لتهمس : بالفعل لقد زاد احمراره بطريقة غير طبيعية ، رفعت كفها بعفوية لتلامس نصف وجنته بطرف ابهامها واتبعت – إنه ساخن .
اختنق حلقه ليهمس بصوت أبح : ما هو ؟!
عبست بعدم فهم لتغمض عيناها حينما كست ملامحه تسلية صريحة فغمغمت بضجر : يا الله يا عمار .
همت بالابتعاد فتمسك بساعدها ليجذبها نحوه بعفوية يتمسك ببقائها معه وهو يضحك بجذل تملكه ليصمت أخيرًا حينما وقف نادر أمامهما يتطلع إليه بتساؤل فيهتف عمار بمرح : تعال يا فنان لتباشر ما سيأتي به شقيق أختكفأنا اكتفيت من الشواء لليوم ، اتبع بمرح ساخر – أكثرمن هذا الوقت ستلتهب وجنتاي من صهد الشواء .
نظر إليه نادر بصدمة ليهتف بعدم فهم : ماذا سيحدث لوجنتيك ؟!
لم تتمالك نفسها لتصدح ضحكتها عالية فيزمجر عمار باعتراض مرح : لا شأن لك ، تعالى وباشر الشواء .
سأل نادر بعدم فهم وهو يستجيب بالفعل ويقف مكانه بعدما تحرك عمار بعيدًا وجذبها معه : ألسنا ضيوفكم ؟!
ضحك أحمد سيلمان الذي اتى ليساعد عمار : في مزرعة الجمال لا يوجد ضيوف يا فنان ،
هتف عمار بجدية : أينأخيك ؟!
ضحك احمد بخفة ليهتف بمرح : حاول عادل أن يجبره على النهوض ولكنه تمسك ببقائه جوار حبيبة ، فتطوعت أنا بدلًا عنه ، أما عبد الرحمن يسير قليلًا مع رقية في الحقول .
هم عمار بالحديث ليشير إليه احمد بعينيه وهمس بتحذير : موني بجوارك .
هتف عمار بضجر : أخواك فسدا بعدما تزوجا .
شاكسه نادر بمرح : العقبى لك .
قبض على كفها ليشبك أصابعه باصابعها ويهتف : سأفعل ، أشارإليهمامودعًا وهو يهتف بمرح – استمتعا بالشواء يا بكوات .
همست بتساؤل : أين نذهب ؟!
جعد انفه بمشاغبة : إنهامفاجأة .
نظرت إليه بتساؤل فابتسم وهمهم : لن اخطفك رغم أنيأريدأنأفعل .
ضحكت بخفة لتهمس وهي تسير بجواره : هل لازلت غاضبًا ؟!
ابتسم بلطف : وإن كنت ستصالحينني ؟!
هزت رأسها بحركة لم يفسرها لتهمس بالحديث وهي تسير معه لتتوقف فجأة حينما وصلا اسفل الشرفة الحجرية تهتف بحبور تملكها وهي تطلع لموكب السيارات الذي دلف للتو : بابا وصل .
افلتت يده بعفوية لتتحرك بخطوات متسارعة نحو السيارة التي تدرك جيدًا أن والدها بداخلها ليراقبها ببسمة متشنجة وهو يتمتم حينما وقفت السيارة ليترجل منها أمير بالفعل بعدما فتح بابه أحد الحرس : توقيت ممتاز يا عماه ، تنفس بعمق ليبتسم بحفاوة صادقة حينما وقع بصره على أمير الذي ضمها إلى صدره بأبوة حانية فيتقدم منه مرحبًا به بترحاب – حمد لله على سلامتك يا عماه .
***
يقف بعيدًا بعدما منح نادر و أحمد سليمان قطع اللحم الجديدة والتي اعدت للشواء ويتركهما مبتعدًا ليحتسي القهوة الامريكية سريعة التحضير التي أعدتها ايني ومنحته بعضًا منها فيرتكن بكتفه على جذع الشجرة ويراقب شلة الصغار كما يُطلق عليهم ، ليس تقليلًا لهم بقدر ما هو وصف مناسب لصغر سنهم فأكبرهم سنًا الفارق بينهما عشر سنوات كاملة . ابتسامة شكلت ثغره وهو يتأمل جمعتهم ..ضحكاتهم .. صخبهم .. وجنونهم ، فيتذكر حينما كان يماثلهم سنًا وصخبًا ، يبتسم رغمًا عنه على حديث صاخب ينشأ بينهم فيعلو ضجيجهم كأطفال صغار يلهون في الحقول دون رادع يمنعهم ، اتسعت ابتسامته إلى أن وقع بصره عليها تتباسط مازحة مع ابن خالها والآخر الذي يشبهه ويعد ابن عمها ، فابن الألفي الصغير لا يشبه أخوه الكبير ولا والده بل هو نسخة مصغرة من عمه بضجيجه ومزاحه ونظرته الشقية المغازلة بل إنه يمتاز عن عمه بجاذبية حاضرة تشبه عليه حضور أبوها الطاغي ، فزين يحمل من اسمه الكثير ورغم أنه ليس ملونًا فلم يرث حدقتي والده الزرقاويتين ولا شعره الأسود الفحمي ولا وسامته الملحوظة ، إلاأنهورث غمازتي أبيه الواضحتين وطابع الحسن الذي يشق ذقنهم والذي يمتاز به الجميع في آل الالفي إلى جانب حضورهم الطاغي ووسامتهم الواضحة .
تنفس بعمق وهو يركز بصره على الشاب الذي من الواضح أنه تلقى تربية جيدة فهو رغم مزاحه ونظراته العابثة إلاأنه لا يتخطى حدود واضحة وضعها لنفسه فيقدر المسافات والحركات وحتى نظراته يزنها بجدية فلا يوجهها بعبث لملك التي تتحدث بحماس أثار تفكيره عن هذا الموضوع الشيق الذي تتكلم به مع زين ، زم شفتيه بتفكير وهو يتطلع إلىأدهم العابس على غير العادة ليكتم ضحكة كادت أن تنفلت من بين شفتيه وهو يستشعر ضيق ابن الوزير وغيرته الجلية على ابنة عمته التي لا تلق بالًا له ، ورغم صداقته لزين الواضحة إلاأن ابن الجمال يشبه بقية عائلته بغيرتهم التملكية حتى على ما لا يخصهم ، فرغم أنه لا يثق به أبدًا وخاصة مع سمعته السابقة في أمر الفتيات وطريقته الواضحة في مغازلة كل ما هو مؤنث، فهذا الأدهم لا يردعه شيء ولا يوقفه حد ، إنه قطار جامح لا يملك أحدهم لجامه ولكنه يشهد له بأنه لا يتخطى حدوده أبدًا فيما يخص فتيات العائلة وخاصة عائلته ، عبس بضيق تملكه وهو يشعر بنظرات أدهم المغايرة التي رمق بها آسيا فتحفز جسد عادل كنمر يربض للانقضاض وهو يشعر بأدهم يحوم حول آسيابطريقة أثارت غضبه وانتباهه بل وتعجبه حينما قابلت آسيا حديث الآخر بعدم اهتمام جلي كسى ملامحها قبل أن تنطلق ضحكتها صادحة فترق نظرات أدهمرغمًا عنه ويمازحها بطريقة هادئة زيلها بغمزة من عينه أطارت تعقله ولكنه تماسك وخاصة مع إجابةآسيا غير المبالية وحديثها السريع الذي لم يفقهه لابتعاده عنهم فشعر بغيظه يندفع بمجرى دماءه وهو يفكر بمدى تأثير هذا الشاب على من حوله من الفتيات ليحدثه عقله باغتياظ تملكه وهو يسأله عم إذا كان أدهم اثار تفكيره فما بالك بهن !!
مط شفتيه باستياء وهو يراقب نظرته المعلقة بملامح آسيا "صغيرتهم " والتي يخشى عليها أكثر من يمنى فإذا كانت يمنى تثير حميته نحوها فآسيا تثير حمايته ورغبته في الانقضاض على كل ما يحوم حولها ، قبض كفيه بغضب بدأ يزحف داخل أوردته وهو يفكر بمنطقية اكتسبها من دراسته وعمله ليجد طريقة يبعدها عن الآخر الذي لا يؤمن جانبه ، ولكنه اقترابها منه لم يمنحه وقتًا للتنفيذ فهي بشخصها أتت تتهادى بطريقتها المثلى بخطواتها المرحة .. ضحكتها الصاخبه .. وملامحه الشقية رغم طفولتها التي تثير غيظها ، وتذمرها الدائم .
اقتربت منه كثيرًا لتحدثه سريعًا وهي تجذبه من ذراعه تحايله لينضم إليهم ففعل بابتسامة مرحة وهو يلتقط عبوس ملك التي رمقته بنظرة غير راضية امتزج بها رفضها له ورهبتها منه ، ولكنه لم يبالي بل ابتسم بمكر واسبل جفنيه متحاشيًا النظر إليها ، اتسعت ابتسامته الماكرة وهو يلتقط ضيق مدلل العائلة من مشاركته جلستهم ولكنه لم يهتم ، فما يهمه الآن التفات آسياإليه وحديثها الصاخب معه واقترابها منه بل إنها تعلقت بساعده وكأنها تبغى حمايته رغم أنهالم تنطقها صراحة فشاركها الحديث ليلتف الجميع من حوله فتتسع ابتسامته المحببة وهو يشعر بهم يشبهون صغار الاطباء الذين يلتفون من حوله في فريقه الجراحي وخاصة بوجود فتيات الألفي والتي شاركته أصغرهم حديثه بأريحية تشكل شخصيتها تعالى الصخب بينهم ونبرته الرخيمة التي تميز صوته بفخامة ورثها من أبيه كما تخبره والدته دومًا فابتسم بثقة ورزانة ميزته عن الصغار وخطفت اهتمام الفتيات كما لم يحدث قبل وجوده !!
راقب الجميع يشترك بالحديث ما عداها فابتسم بتسلية وخاصة حينما لم تجب زين مرتان متتاليتان لدرجةأنه فرقع اصبعيه أمام وجهها لينبهها إليه وهي التي كانت شاردة بعيدًا كما يبدو على وجهها ، فانتثر اللون الوردي بعفوية على وجنتيها وهي تتمتم معتذرة للآخر الذي رمقها بعبوس قبل أن يهتف ادهم بأن يصحبوه لمشاهدة الخيول العربية التي يقتنيها سيادة الوزير بمزرعته ، ذاك المشروع الذي أتى نتيجة نصيحة من أسعد بعدما ترك سباقات الخيل فتحمس إليه وائل الجمال على أن يتيح مزرعته لاستيلاد الخيول العربية ونفذاه سويًا تحت إشرافأخوه الذي يعشق كل ما يخص الخيول .
تحرك الجميع من قبله لتنتظره آسيا ، التي تجاورها ملك في السير - في نفاذ صبر لتهتف به : هيا يا عادل فأنا جائعة و أريد ما يشغل تفكيري عن الطعام .
ضحك بخفة وهمس بحنو وهو يتبعهما : تدللي يا ابنة الخالة وأنا اقطع لك من لحمي واطهوه حتى تشبعين .
صاحت بها آسيا فجاة و بميوعة و وجهها يتغضن باشمئزاز : ياكي يا عادل ، توقف ارجوك .
هز كتفيه بلا مبالاة : لم أفعل شيء .
زمت شفتيها بدلال لتهمس : ما رأيكأن تقطف لي بعض ثمرات الفتاح الناضجة تلك ، إلىأنيجهز الطعام ، فأناسألت منذ قليل ولم يُعد الغذاء يعد .
التفت من حوله يبحث عن شجرة التفاح التي تشير إليها ، قبل أن يتنهد بقوة : حسنًا تعالى معي عاونيني .
أومأت موافقة لتسبقه بخطوات سريعة فيتوقف قبل أن يخطو ويسأل بجدية افتعلها : ألا تريدين التفاح يا ملك ؟!
رمشت بعينيها كثيرًا قبل أن تجيب باقتضاب : لا ، لتتبع بصوت خفيض حرصت على أن لا تستمع إليهاآسياأنا لا أريد منك شيئًا !!
ارتفعا حاجبيه بدهشة طفيفة والتسلية تسكن عينيه ليهمس بلا مبالاة : حسنًا على راحتك .
احتقن وجهها بالأحمر القاني وهي تصر على اسنانها غيظًا فتتمتم بحنق وبلهجة خفيضة أيضًاوكأنها تتبرطم مع نفسها دون أن توجه له الحديث: بالطبع على راحتي فملك فقط من تخيفها أما البقية تتحدث بأريحية وتمزح أيضًا .
استدار إليها بدهشة تملكته وضحكته تملا وجهه ليعبس بتعجب قبل أن تتسع عيناه بتساؤل جابهته بوميض عيناها الغاضب فيهمس بهدوء : أنت غاضبة مني ؟!!
كتفت ساعديها وهي تقف تقابله بتحدي : أليس من حقي ؟!
رمقها بتركيز : بالطبع من حقك أن تفعلي ما تريدين والغضب مني من ضمن ما تريديه ولكن أليس من حقي أنأفهم ما الذي فعلته و أغضبك ؟!!
تمتمت سريعًا وهي تحاول المرور من جواره و الإبتعاد عنه : لا ليس من حقك .
خطوة واحدة خطاها ليمنعها من المرور وهو يشرف عليها من علٍ : كيف ليس من حقي ، أولست غاضبة مني ؟!!
رفعت رأسها تتحداه برعونة : نعم أنا غاضبة منك ولكني لن أخبرك عن السبب ، اتبعت بزفرة حانقة – اعلم ما يغضبني بمفردك كما تعلم كل شيء بمفردك .
ابتسامة وامضة بتسلية رمست على ملامحه ليجيب ببساطة : ما أعرفهأني لم أفعل شيئًا ليغضبك يا آنسة ملك ، أتبع باستفزاز قاصدًا اغضابها – إلا لو تشعرين بالغيرة لأني لم اهتم بك هذا شيئًاآخر .
اتسعت عيناها بوميض أزرق رافض اشعره بأنه ينظر إلى بحر هائج بأمواجه الهادرة وخاصة عندما صاحت بصوت حاد رغم أنها تحكمت بارتفاعه : أشعر بالغيرة ؟!! علام ان شاء الله ؟! ولماذا أريدكأن تهتم بي يا ابية عادل ؟! أنت وما تفعله لا يهمني ولا يخصني .
لم تختفي التسلية من فوق ملامحه ليسألها ببرود : إذًا ما الذي أغضبك يا ملك هانم ؟!
تمتمت بحنق : الذي اغضبني أني اكتشفت أنك بني آدم طبيعي تستطيع الحديث دون ألغاز ودون أن تخيف الصغيرات وأنيأنا الوحيدة من تتعامل معها بشكل غريب وكأنك تتعمد اخافتي ؟!!
رفع حاجبيه وومض التفكير بعينيه وكأنه يزن حديثها ليجيبها سائلًا بهدوء : وهل نجحت في اخافتك ؟!
تمتمت بعفوية أثارت ضحكاته التي كتمها بداخله : كثيرًا .
ازدرد لعابه وهو يتأمل ملامحها الجميلة ووجنتاها المحتقنتان بالأحمر القانيفاختنق بحلقه ، تسارعت نبضاته وهو يتأملها بافتتتان جرى بدماءه ولكنه تحكم في ملامحه وحافظ على هدوئها وهو يسألها ببساطة : ما أكثر ما يخيفك بي يا ملك ؟!
نظرت إليه قليلًا ورفت بعينيها كثيرًا قبل أن تجيب اخيرا : لا أعلم ، رفع حاجبه بتعجب فتابعت بتؤده -عيناك دوما تلمع بضوء مميز رغم لون حدقتيهما القاتم ، إنهما تخيفاني .
رفع حاجبيه بذهول ليردد بتعجب : عيناي تخيفك ؟!!
هزت رأسها نافية بسرعة : ليست عيناك إنها .. صمتت لتسحب نفسًاعميقًا قبل أن تتابع - نظراتك ، أشعر بشيء غريب بها .
ومضت عيناه ببريق رائق لتتسع ابتسامته فيجيبها بعملية تمسك بها رغم مشاكسة ملامحه التي اجبرتها على التطلع نحو وجهه بانبهار لحظي ومض بعينيها : أنت فقط لست معتادة على المقل السوداء ، فجميع من يحاوطونك من ذوي الأعين الملونة لذا تشعرين بالريبة من نظراتي، أتبع ببساطة وهو يجيب سؤالها الآخر - ثم أنا لا اقصد أن اخيفك فمن يهتم بأحد لا يخيفه يا ملك ،
اهتزت حدقتيها بصدمة فأكمل وهو يترقب ملامحها : توقعت أنك ستدركين أنك مميزة لدي لذا اعاملك باسلوب مختلف عن الجميع .
اختنق حلقها لتهمس بضيق : مميزة ، أمأنك تشعر بالشفقة نحوي لذا توجهني بطريقتك ؟!
قهقه ضاحكًا رغم عنه ليهتف بمشاكسة أثارت ابتسامتها ووجنتاها تحمران مرغمة : من رأييأنت لا تستحقين الشفقة يا ملك ؟!!
رفعت حاجبها لتسأله بابتسامة ماكرة بتلقائية : ماذا استحق إذًا ؟!
لوى شفتيه بمكر ليهمهم بخفوت : حقًا تريدين المعرفة ؟!
اتسعت عيناها بعدم إدراك لحظي تحول لمعرفة وهي تنظر لبريق عيناه فتغمغم بصوت أبح ووجنتاها تحتقنان خجل : دكتور عادل من فضلك .
هز كتفيه بلا مبالاة : أنت من سألت يا موكا ؟!!
تمتمت بدهشة : موكا ؟!
أجاب وهو ينظر من حوله يبحث عن آسيا التي اختفت أو انصرفت فهو فقد أثرها : ألا يدعونك هكذا ؟!
كتمت ضحكتها لتسأله باهتمام : من هم ؟!
رمقها بطرف عينه ليشير إليها : أقاربك من الشباب ؟!
أشاحت بوجهها بعيدًا وهي تسيطر على ابتسامتها التي اتسعت بفرحة لا تدري سببها لتجيبه ببساطة : وهل أنتَ مثل الشباب يا دكتور ؟!
التفت إليها باهتمام لتكمل ببساطة تقصد إغاظته : من رأيي لا تقارن نفسك بهؤلاء الصغار ، أكملت وعيناها تومض ببريق قططي أثار تفكيره – فأنت عادل الخيال العظيم .
لوى شفتيه بابتسامة ماكرة لتهمس بصوت خافت وهي تشير بكفها الصغير في تلاعب : سعدت بالحديث معك يا ابيه .
ضحك باستمتاع دون صوت ليراقب خطواتها السريعة المبتعدة وهو الذي لم يمنعها من الابتعاد عنه فيدور على عقبيه ناويًا العودة الى مكان تجمع الكبار ليختنق حلقه وهو يقع تحت وطاة نظرات أبوه الذي من الواضح أنه وصل منذ قليل ، واقف من بعيد يراقبه ليتوعده بعينيه في إشارة صريحةفاتسعت عيناه بذعر حقيقي اختفى حينما أولاهأبوه ظهره وانصرف ليغمض عينيه وهو يطبق فكيه متمتمًا بغل : غبي .. غبي ، بابا سيقتلني .
***
عبس مرغمًا وهو ينظر لمن تتحرك بين الشجر دون هدف محدد تلتقط حصى صغير بين كفيها وترميه بخفة نحو ثمار التفاح الناضجة ولكنها لم تسقط بعد عن الأفرع والتي لا تستطيع هي بقامتها القصيرة الوصول إليها ، كتم ضحكته وهو يتجه نحوها ليسألها بجدية : ماذا تفعلين ؟!
انتفضت بفزع وهي ترمي حصاه مما بيدها فترتطم بجبهته دون قصدها ليتأوه بصدمة وهو يرفع كفه يمسك به رأسه هاتفًا : هل جننت يا آسيا ؟!
انتفضت بخوف حقيقي ثم ركضت إليه تنظر ماذا ألم به وهي تهتف بهلع : المعذرة اقسم بالله لم أقصد ، أنت أفزعتني وأناأرمي الحصاة فالتفت إليك وأصبتك دون قصد مني.
عبس بضيق وغضبه يومض بعينيه فاتبعت وهي تجذبه من ساعده المرفوع للأعلى فيمسك رأسهبكفه : فقط انحنى لأرى ماذا حدث ؟!
استجاب بطواعية وجلس أسفل الشجرة حينما شعر برأسه تدور فجلست بجواره على ركبتيها لتجبره على أن يزيح كفه عن جبينه فيسألها باهتمام حانق : هل هناك دماء ؟!
أبعدت خصلاته الناعمة للخلف لتنظر باهتمام لذاك الخدش الذي يزين أول خصلاته الفاحمة لتتنهد براحة : لا الحمد لله إنه خدش بسيط واعتقد الارتطام سيخلف كدمة طفيفة ، سألتهباهتمام - هل تشعر بشيء ؟!
هز رأسهنافيًا قبل أن يغمغم بضيق : بعض من الدوار
تمتمت بجدية : حسنًا انهض لنضع بعض من الثلج عليها .
زم شفتيه ليجيبها بضيق وهو يرفض مساعدتها : وبماذا سنخبرهم بإذن الله ؟!
عبست بتعجب وهي تنهض واقفة : عما ؟!
أجابها بحنق : عن إصابتي ؟!
هزت كتفيها بعفوية : سنسرد ما حدث .
رفع حاجبه برفض واعتداده بنفسه يظهر بحركة جسده الذي انتفخ : لا طبعًا لن نفعل ، لن تقصي لأحد شيئًا فأنا سأكون بخير ومن الجيد أن خصلاتي ستخفيها .
نظرت إليه بدهشة لتهز رأسها بتعجب قبل أن تجيبه : على راحتك ، فقط أخبرنيأنك بخير حتى انصرف .
تمتم بعفوية : أنا بخير ، فقط لم انم جيدًا لذا رأسي غير مستقر .
أومأت برأسها في تفهم لتسأله : إذًا ستكون بخير أمأت لك بمازن أو علي ؟!
أجابها بنفي قاطع ليكمل سائلًا بتسلية : ولماذا تدعو لي أحدهمألن تساعدينني أنت ؟!تمتمت بريبة وهي تنظر لابتسامته المتشكلة فوق ثغره فأتبع بمرح - تساعدينني ، تساندينني إلىأنأستطيع الوقوف بثبات .
رمقته مليًا لتهز رأسها بتفهم : اها نعم ، ها قد تأكدتأنك بخير يا ابن الوزير .
ضحك بخفة لتهز رأسها بيأس هاتفة بضجر : لن تتغير أبدًا .
تعالت ضحكاته رغمًا عنه لينهض واقفًا ببطء هاتفًا بها بعدما ابتعدت عنه قليلًا : أنت لا تساعدينني لأتغير .
توقفت خطواتها لتستدير إليه هاتفة بجدية : من يريد أن يتغير يا أدهم لا يريد مساعدة من أحدولا يفعل هذا لأجلأحد ، بل يتغير لأجل نفسه يا أدهم .
مط شفتيه بتفكير ليغمغم وهو يسير نحوها : سأفعل يا آسيا ، ولكن أنت صديقتي المقربة أريدأنأشعر بك تؤازرينني .
ابتسمت برقة لتجيبه برقة : أنا بجوارك دومًا يا أدهم ولكن في حدود ما سيصبح مسموح لي .
رف جفنه ليهمس باختناق : ما الذي سيمنعك ؟!
ابتسمت باتساع لتجيبه بخفوت وهي تتحاشى النظر إليه : زياد هنا ومُصر على إقامة الخطبة قبل أن يعود لأمريكا.
اختنق حلقه ليردد بتمهل : زياد ؟! من زياد ؟! ارتفعا حاجبيها بدهشة لترمقه مليًا فيربد وجهه بضيق وهو يتابع - يريد إقامة الخطبة قبل عودته ؟!!
أومأت برأسها ليسألها بهدوء : وأنت ما رأيك ؟!
هزت كتفيها دون معرفة لتهمس بثرثرة معتادة بينهما : لا أعلم حقًا لم أتحدث مع بابا ولا ماما للآن ، ولا أعرف موقفهم ولا رأيهم.
هدر بضيق : لا أسألك عنهم يا آسياأسألك عن رأيك ؟! هل أنت موافقة على الخطبة ؟!
سحبت نفسًا عميقًا لتجيبه بهدوء وهي ترفع نظراتها الهادئه نحوه : اعتقد أني موافقة .
تأملها مليًا ليبتسم بلباقة هاتفًا بجدية : مبارك يا آسيا ، مبارك عليك الخطبة أتمها الله عليك بالخير .
ابتسمت برقة لتهمس بمرح : كم أتوق لأن تتقابلا يا أدهمفأناأحدثه عنك وهو يريد مقابلتك .
ابتسم باتزان : بالطبع سأفعل بل وسأوصيه بك أيضًافأنتأختي الخامسة أو الرابعة انتظري لأحصي عدد الفتيات من العائلة وخاصة بعد انضمام موني لهن
تعالت ضحكاتها وهما يسيرا عائدان لبقية الشباب فينظر إليه علي بتساؤل هتف به : أينمازن؟!
تمتم أدهم : كان معكم .
أجابه علي : لا لقد اختفى منذ قليل ، تبادلا النظرات ليتحرك أدهم على الفور عائدًا للحقول قبل أن يشير علي لزين - اصحب الفتيات وعد بهن وأنا سأذهب لأبحث عن مازن .
أومأ زين وهو يشير للفتيات ليسرع علي بخطواته يتبع أدهم وهو يهاتف ابن خاله الذي لا يجيب هاتفه !!
***
اقتربت هنا منه وهي تبتسم لوجهه برقة تهتف بترحاب كعادتها : كيف حالك يا فنان ؟!
اتسعت ابتسامته ليجيب بفرحة غمرته لا يعلم مصدرها : بخير حال ، عيدك سعيد يا سيدتي
عبست هنا بتعجب لتردد باستياء : سيدتي ، ما هذا يا نادر أنا هنا ، هنا فقط أو تستطيع أنتقول أي من اسماء الدلال التي تروقك وهن كثر ، ضحك بخفة لتتبع - هناك نونو .. نون .. ناي .. وهنون ولكن هذا سخيف يدعوني به التؤامان حينما يريدون اغاظتي.
ضحك بمرح ليهتف بتعجب : لا أحد يدعوك آنا ؟!
رمقته قليلًا لتجيبه : لا .
هز رأسه بحركة طفيفة متعجبة : غريب رغم أنك تشبهينها !!
عبست بعدم فهم : من هي ؟!
تمتم ببساطة : آنا ، شقيقة إليسا ، اتسعت عيناها بتعجب فأكملشارحًا - أميرة الثلج ألاتدركينها ؟!
ضحكت برقة لتهتف ببساطة ووجنتاها تتوردان بعفوية : بالطبع أدركها أنا متعجبة أنك من يدركها وخاصة أن نسخة الفيلم تعد قديمة قليلًا .
عبس بتعجب ليهمس بتفكير : قديمة ؟! كيف لقد شاهدته و أنا بالعاشرة !!
هتفت بتفهم : اووه أنت تتحدث عن النسخة الجديدة التي تم إعادة إنتاجها ؟! أومأبرأسهإيجابًالتتابع سائلة بتفكه - ولماذا تشاهد أفلام أميرات يا نادر فأنت ..
قاطعها بضحكة مرحة : اها نعم صبي من المفترض ألا أشاهدها أعلم ولكن هذا هو الحال حينما يترعرع الانسان وكل من يماثلونه سنًا من الفتيات ، اتسعت عيناها بصدمة فأكمل وهو يشير للتجمع القريب منه - انظري لهن ، كلهن بسني وكلهن فتيات . يمنى وحبيبة اخوتي بالرضاعة وغالية وعالية وقبلهما تالية بنات عمي ، حتى زين أتى متاخرًا والشباب كلهم كبار ، حينما كنا نتجمع سويًا كهكذا تجمع كنت أدفع دفعا لأكون بوسطهن فلا أقوى على رفض رغباتهم وأناصغير وحينما كبرنا كنت اعتدت على وجودي معهن واعتدت أيضًا على التدليل والاستماع والانصات لشكواهن والعمل على حلها.
رمقته بانبهار وهو يكمل بثرثرة عفوية : لم أشعر بالضيق يومًا لوجودهن من حولي بل كنت أتضايق بالفعل حينما أصبحت بالجامعة وبدات بتكوين صداقات رجولية فكنت اضطر أنأصاحب زملائي الشباب بمفردي فلا أقوى على اصطحاب إخوتي معي ، فحبيبة لا تفضل الاختلاط ويمنى .. صمت قليلًا ليتنفس بعمق - لم أكنأقوى على تحمل نظرات الجميع لها .
ومضت عيناها بضحكة رائقة لتغمغم بصدمة : أنت غيور يا فنان ؟!
ضحك بخفة ليحرك الشواية قليلًا قبل أن يجيب بصراحة : لا ليس غيورا لهذه الدرجة ولكن موني .. زفر بقوة - موني مختلفة رغم أنها ليست فاتنة ولكن جاذبيتها طاغية وعنفوانها يجذب النظرات ويدير الرؤوس وأنا لست بمقاتل
ابتسمت ليكمل بخفة وهو يهز كتفيه بمرح : أنا فنان.
ضحكت برقة لتسأله بفضول ومض بعينيها : إذًا لم تتشاجر ولا مرة بسبب موني .
احتقن وجهه بسرعة : بل تشاجرت كثيرًا وليس لأجل موني فقط بل ولأجل حبيبة أيضًا ،
— اووه نطقتها ضاحكة ليضحك بمرح انتقل إليه ليكمل بسلاسة - وإذا كنت أتشاجر لأجلموني فتشاركني موني المشاجرة ومن الممكن أن تلكم من ضايقها وتقضي عليه فحبيبة مختلفة لأنها كانت دومًا ولازالت رقيقة وحينما يضايقها أحدهم تبكي وتنكمش على ذاتها فأكونمحترقًا وحائرًا عليها ولأجلها .
تمتمت بعفوية : أنتأخ رائع كم أتمنىأن يكبر خالد ويحيط سهيلة بحمايته هكذا
تلاشت البسمة من على وجهه ببطء قبل أن يكح بخفة ويهمس بتساؤل متردد : هل لي أنأسألعن شيء لا يخصني ولكن .. ؟!
ابتسمت باتساع لتهمس بصوت أبح : تسأل عن سو أليس كذلك ؟!
أومأبرأسه سريعًا ليكمل بتحديد : عن حالتها أليس لديها علاج ؟! اجراء جراحة .. زرع أوأيشيء يساعدها على السمع والحديث ؟!!
اهتز جفنها الايسر ووجهها يكسوه الحزن لتجيبه باختناق : للاسف لا ، اتسعت عيناه بألم بمصابها الذي تجسد بملامحها وهي تكمل - سهيلة ولدت بفقدان العصب السمعي لذا لم نستطيع أن نقوم بفعل أي شيء.
تمتمت باختناق : كان هناك خيارًا بعملية جراحية ولكن نتيجتها كانت غير مؤكدة وهي صغيرة وأنا وتيم تملكنا الخوف من فقدانها وحينما كبرت ازداد خوفنا وهي الأخرى رفضت الأمر رفضًا نهائيًا.
تمتم بتعجب : رفضت ؟!
أومأت بعينيها : للأسف وانطوت على نفسها أكثر ومرت بنوبة اكتئاب بالكاد استطعنا المرور منها بعد وقت طويل لذا اغلقنا الأمر ولم نعد إليه ثانية ونحن راضين بقضاء الله وقدره فوجود سهيلة معنا أفضل بكثير من فقدانها.
همس بسرعة وعيناه تتسع جزعًا : بعد الشر عنها .
ابتسمت برقة لتهمس بامتنان : شكرًا لك .
رف بعينيه ليجيبها بتعجب : علام ؟!
تنفست بعمق : على شعورك ، ضحك بخفة وهز كتفيه دون حديث لتتبع باهتمام - بالمناسبة هل تستطيع بالفعل تعليمها الموسيقى.
ومضت عيناه بفرحة ليهتف بسرعة : بالطبع أستطيع ، لقد كنت أدرس الموسيقى بالفعل لمن ..
صمت واختنق حلقه لتهمس هي بتفهم : لمن يماثلون حالتها .
تمتم بألم : إنها بخير يا آنا يكفي أنها محاطة بعائلة تحبها وتحميها مثلكم .
ابتسمت هنا وهي تنظر لعمق عينيه لتهمس ببسمة لم يقوى على تحليلها : بالطبع .
هتفت بجدية : إذًا متى تستطيع أن تمر علينا ؟!
هم بالحديث ليقاطعها صوت أحمد الذي عاد يحمل بعض الأطباق ليفرغ باقي الطعام الذي شواه نادر : من الذي سيمر على من ؟!
هتفت هنا وهي تشير إلى زوجها بعينيها فاقترب على الفور بعدما شعر بنداء استغاثتها وهي تجيب بلباقة : نادر سيزورنا بالبيت ، أشارت لتيم بعينيها وهي تتبع - لقد وافق على تعليم سو يا تيم .
ابتسم تيم برزانه ليرمقها بعينيه في توعد خفي قبل أن يتحدث برزانة : حقًا ؟! هذا جيد .
ليعبس أحمد بتفكير قبل أن يهتف باستنكار : كيف يعلمها الموسيقى ؟! اتبع وهو ينظر لنادر من بين رموشه - أنت تدرك أنها لا تسمع أليس كذلك ؟!
تمتمت هنا بضيق : أحمد ؟!
التفت ينظر إليها بغضب واضح : ماذا هل قلت شيئًا خاطئًا ؟! أتبع وهو ينظر لنادر بتحذير - ألاأشرح للفنان الحالة جيدًا وأخبره عم ينتظره ؟!
ابتسم نادر ببرود : أنا بالطبع أعلم حالة سو يا أحمد بك .
عبس أحمد ليردد باستنكار : سو ؟!
اتسعت عينا نادر بصدمة ليلف برأسه يتأكد من جلوس خالد بعيدًا ثم ينطق بعفوية مضحكة : هل اسم سو به حساسية تعانون منها ، أليس دلالها سو وجميعكم تدعونها به .
ابتسم تيم مرغمًا بينما انتفض احمد بحمية ليهتف بضيق متجاهلًا تحذير شقيقته : نعم لأنناأخوالها وأقاربها ، ارتفعا حاجبي نادر ليشعر بالغرابة حينما يكمل أحمد - أما بالنسبة للغرباء هي لها اسم كامل تستطيع نطقه يا سيد نادر .
اطبق نادر فكيه ليهتف بجدية : حسنا المعذرة يا تيم بك ويا أحمد بك لم اقصد التباسط فقط توقعت ..
قاطعه تيم بهدوء : لا عليك يا نادر ، سننتظرك ولعل يجعلك الله فاتحة خير علينا وسو تتقبل الأمرولا ترفضه كما تفعل دومًا .
تمتم نادر بعدما كح بحرج : بإذن الله ، اسمحوا لي ،
ابتسم في وجه تيم وأحمد بلباقة ليهمهم ببسمة مرحة : سعيد بالحديث معك يا آنا .
ابتسمت هنا برقة : أنا الأسعد يا فنان .
خطى مبتعدًا ليزمجر أحمدبعدم رضا انعكس على وجه تيم : من آنا ؟!
تنفست هنا بعمق لينظر إليها تيم بتساؤل هادئ فأشارت اليه بأن ينتظر فابتسم وأومأ بعينيه قبل أن يبتعد عنهما وهو يعرف ماذا ستفعل زوجته التي تجاهد لأجلأن تنجح أمر الموسيقى لعلها تنقذ ابنته من نوبات الاكتئاب والانطواء التي تداهمها ، لتستدير إلى شقيقها تكتف ذراعيها أمام صدرها هاتفه بضيق : أحمد هل انتهيت من غيرتك على ابنتك التي لم تأتي وعلى زوجتك الحامل لتأتي وتغار علي ؟!
اتسعت عينا أحمد بصدمة ليهتف بحنق : هل كان يدللك أنت الأخرى ؟!
تمتمت بعصبية مفتعلة تعلم مداها جيدًا على أخيها : لا افهم ما الخطأ في أن يدللني أو يدلل ابنتي و خاصة أن الكل يفعل ؟!!
انتفض أحمد بغضب : هل جننت ؟!
هدرت بغضب تواجهه : لماذا ؟! ما الذي فعلته يا أخي العزيز لتتهمني بالجنون .
رمى أحمد الأسياخ الحديد من بين كفيه فأصدرت جلبه انبهت البعض من الجالسين ليهدر من بين أسنانه : أليس جنونًا أن تأتي بشاب مثل هذا ليعلم ابنتك الموسيقى يا هنا ؟!
رفت بعينيها لتهمس : ما باله نادر لا أفهم ؟!! إنه ذو تربية جيده وأخلاق عالية وموسيقي رائع بشهادة الجميع .
ابتسم ساخرًا : نعم ووسيم ومعسول الكلام ولبق ويدلل ابنتك ومهتم بحالتها ، اتبع بغضب - ابنتك المراهقة التي تماثل فتيات جيلها المتعلقات بهذا الوسيم المتربي ذو الأخلاق العالية.
هدر بجنون متبعًا : بحق الله إنه نجم الفتيات الأول ينظرون إليه كأنه إله ويتعلقون برقبته حين ظهوره ويعبدونه سرًا وجهرًا.
تمتمت باختناق : سهيلة مختلفة يا أحمد و أنت تدرك ؟!
رمقها من بين رموشه ليغمغم بضيق : يا ليتك أنت تدركين الفارق يا هنا ، تدركين أن ابنتك هشة .. ضعيفة .. ولن تحتمل أن تتعلق بهذا المختلف عنها .. بهذا الذي يأتيإليه العالم تحت قدميه .. بمن يطلق عليه معشوق الفتيات فلا ينظر للمختلفة التي إذا تعلقت به لن يهتم ولكنها هي من سيهدم عالمها دون رجعة يا شقيقتي .
ابتسمت بألم لتهمس ساخرة : أين هذا العالم يا أخي ؟! أين عالم سو الذي سيهدم ؟! أخبرني ؟! اتبعت وهي تشير إليه بكفيها في انفعال - هيا تفضل أخبرني عن عالمها الذي سيهدم.
اختنق حلقها وهي تتبع : أنت لا تعرف شيئًا .. أنت لا تدرك شيئًا .
أين عالم ابنتي .. أين حياتها .. أين اهتماماتها .. بل أين أصدقائها يا أحمد ؟!اغرورقت عيناها بدموع كثيرة تكاثفت بهما لتكمل باختناق - سهيلة لا عالم لها .. سهيلة وحيدة تعاني من الانطواء والاكتئاب ولولا وجود مريم بجوارها لكانت اعتزلت المدرسة والدراسة ،
فمريم من تشجعها للذهاب والإياب للمدرسة ،
اغتمت ملامحه بالحزن ليسأل بعتاب : وهل الموسيقى ستجعلها أفضل يا هنا ؟!
ابتسمت : لا أعرفأنا فقط أريدها أن تنشغل بأي شيء .. أريدها أن تثق في نفسها وقدراتها .. أريدها أن تنفتح قليلًا وتخرج من قوقعتها .. تبصر العالم الخارجي .. أريدها أن تحيا يا أحمدكبقية الفتيات بسنها ، أنا خائفة عليها ولا أدرك ما السبيل لجعل حياتها أفضل ؟!
تنفس بقوة ليهمس بهدوء : ابحثي عن سيدة لتعلمها يا هنا وابتعدي عن ابن الألفي .
نظرت إليه بتعجب فغمغم باختناق : هو جيد لا أنكر ، ولكن أنا اخشى على ابنتك بدلًا من دفعها للتفتح على العالم الخارجي تنطوي أكثر وتنغلق بسببه .
برمت شفتيها بتفكير ليربت على كتفها بحزم : فكري جيدًا يا هنا .
أومأت برأسها قبل أن تخطو بعيدًا عنه وعيناها تتعلق بنادر الذي التفت إليها مبتسمًا ونظراته تكاد تتساءل عن نتيجة حديثها مع أخيها لتبتسم إليه وتمنحه دعمًا خفي ومض بعينيها قبل أنتتجه نحو زوجها الذي رمقها بعتاب فهمست بخفوت وهي تجلس بجواره : هلا أجلت وصلة العتاب لما بعد يا تيم .
تنهدت بقوة ليرفع ذراعه يحيط به كتفيها ثم يضمها إلى صدره يقبل جانب رأسها : لا فيما بعد ولا الآن ، سأترك الأمر لك وانتظر النتيجة دون تدخل يا هنا ، تمتم متبعًا وهو يضمها إليه في حنان - الآن هي أمانتك .
***


سلافه الشرقاوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس