عرض مشاركة واحدة
قديم 26-09-20, 06:10 PM   #453

سلافه الشرقاوي

كاتبة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية سلافه الشرقاوي

? العضوٌ??? » 296621
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 970
?  نُقآطِيْ » سلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond repute
افتراضي

مساء النور والسرور على متابعين رواية حبيبتي الحلوين
وها قد قاربت رحلتنا على الانتهاء
وباذن الله الختام يكون في الغد
اتمنى تكونوا استمتعتوا بيها
وهنتظر وجودكم في طوق نجاة
الجزء الرابع من سلسلة حكايا القلوب
واللي هيبدا باذن الله
اول احد في اكتوبر
والان اترككم مع الفصل ال44
من حبيبتي
الفصل كبير وضخم واحداثه متلاحقة
ركزوا واقروا بعناية
عشان ابطال الجزء الجديد
اللي هيفضلوا مكملين معانا رحلتنا
مستنية ارائكم مشاركتكم وتعليقاتكم
كونوا بالقرب دوما


الفصل الاربعة واربعين
تحركت بخطوات بطيئة بعدما استيقظت من النوم على ألم يضرب أسفل بطنها حاولت أن تتجاهله .. تتهرب منه .. أو تتحكم فيه ولكنها لم تقوى فنهضت مرغمة من الفراش وهي تقرر أنها لن توقظه بدورها ولن ترعبه كما المرات العديدة الماضية التي ايقظته بها وهي تهلع بسبب ألم مشابه لذاك الألم الذي لا ينتهي ، فهي منذ ما يقارب الساعة ونصف وهي تحاول أن تتجاوز الألم الذي يشتد عليها كلما مر الوقت وهي تصبر نفسها أنه سيمر .. سيتوقف .. سينتهي ، ولكنه يزداد عليها بل أنها تشعر بكون ساقيها لم تعد تتحملان وزنها .. فهما أصبحتا واهنتان .. ضعيفتان والألم يتمكن من أطرافها ونغزه قوية تصيب أسفل بطنها فتكتم انينها وهي تضغط شفتيها ببعضهما لتتنفس بلهاث وهي تحاول أن تحتوي المها لتتسع عيناها برعب حقيقي وهي تنظر لساقيها اللذان ابتلتا فجأة وجريان الماء الدافئ فوقهما لتهتف برعب تمكن منها : أنا ألد .. أنا ألد .
تماسكت وهي تتحرك بوهن .. ببطء .. بثقل وهي تشعر بضغط هائل فوق ساقيها لتجلس بجواره على الفراش تربت على كتفه بهدوء وتهمس باسمه في تكرار تعلم أنه يوقظه فيعبس بضيق قبل أن يرف بعينيه ليفتحهما اخيرا وابتسامته تزين شفتيه حينما همست إليه بتحية الصباح فيجيبها بوله : صباح الخير يا أميرتي
ابتسمت بتشنج ليرتعد جسدها أمامه عيناه وهي تشعر بالنغز يزداد لينتفض هو جالسًا وهو يسألها بهلع بعدما أدرك شحوب وجهها والألم الذي يعتلي جبينها : ما بالك يا أميرة ؟!
تمتمت بهدوء : my water just broke .
جحظت عيناه ليهمهم بجدية : حقا ؟! أنت تلدين حقا هذه المرة ؟!
أومأت برأسها وشفتاها ترتعشان جراء ألمها لتهمس بهدوء وهي تشعر برعبه ينضح بعينيه : لا ترتعب ، لقد اعتدنا الأمر ، ستنهض الآن وترتدي ملابسك وتحمل الحقيبة وتسندني إلى السيارة لنذهب إلى المشفى بعد أن تحادث ماما وخالتو والطبيبة .
شحوب ملامحه وعيناه الشاخصتان بهلع أجبراها أن تهتف بحدة وهي تنهض واقفة – هيا يا أحمد لا وقت لخوفك الآن ، أنا أتألم .
قفز واقفا ليهتف بسرعة : نعم ، حالا ، تريدين تبديل ملابسك .
أومأت برأسها ليقترب منها : حسنا سأساعدك أولا ً .
تنفست بعمق وهي تتحرك معه بالفعل لتهتف بوهن ودموعها تنهمر رغما عنها : أريد ماما يا أحمد ، هاتفها من فضلك .
اجلسها بهدوء فوق كرسي جانبي وضع بجانب الغرفة ليأتي لها بإحدى فساتينها القطنية وهو يتحدث بتوتر : حالا سأهاتفها .
ساعدها في تبديل ملابسها ليستل هاتفه ويضغط الرقم بعفوية غير مدركا أنه اتصل بوالدها وليس خالته ليأتيه صوت وائل الضجر : نعم يا عملي الرديء في دنياي ، هل هدم قصر جدك فوق رأسك لتهاتفني فجرًا ؟!
أبعد الهاتف عن أذنه ليستوعب أنه هاتف وائل بدلا من فاطمة ليتحكم في ضحكة كادت أن تنفلت من بين شفتيه وهو يستمع إلى تأفف وائل الواضح ليهتف بجدية قدر ما استطاع : لا يا عمي ، أميرة تلد هلا أتيت أنت وفاطمة ؟
شعر بوائل ينتفض بسرعة ليهتف به : حالا ، هل نأتي للبيت ؟
همهم بجدية وهو يومأ لأميرة : بلى عند المشفى يا عمي ، سنوافيكما هناك .
استمع إلى همهمة وائل المتفهمة ليغلق الهاتف قبل أن يجلس أمامها على ركبتيه يحتضن كفاها بدعم شعر بها تحتاجه ليهمس وهو يقبل جبينها سأرتدي ملابسي ونذهب على الفور ولكن لابد أن أخبر بابا وعمو أمير أيضا ، فأنا لن أدع شيئًا للظروف .
أومأت برأسها في حركة متألمة ليهتف بها : انهضي وتمددي قليلا يا أميرة .
هزت رأسها نافية : لا أستطيع ، فقط تعجل قليلا .
أومأ برأسه وهو يداعب هاتفه يتصل بأبيه وهو يبدل ملابسه بسرعة ويخبره أن أميرة تلد وأنه سيذهب بها إلى المشفى حالا .
***
طرق الباب ليهتف بخشونة سامحا لمن بالخارج بالدخول لينفتح الباب قبل أن يدلف علاء بخطوات هادئة هاتفا بمرح : لقد عدت يا غليظ .
انفرجت ملامح حسن ليقفز واقفا بترحاب ضاحكا : حمد لله على سلامتك يا علاء ، أنرت المكتب من جديد ، اقترب منه ليحتضنه بأخوة متبعا – ظننت أنك لن تعود يا رجل ، اشتقت إليك.
هتف علاء وهو يحتضن حسن بدوره : وأتركك بمفردك ، أبدًا ، ضحك حسن ليتبع علاء – أنا الآخر اشتقت إليك وإلى العمل
أشار حسن إليه بجدية : والعمل أيضا ينتظرك .
شد علاء جسده ليهتف به : أخبرني ما أخر التطورات هل هناك أي خيط يوصلنا إليه .. مكان وجوده .. أين يختبئ .. من يساعده ؟
زم حسن شفتيه بضيق ليجيب بإحباط : أبدا ، ذاك الحقير وكأنه فص ملح وذاب بنهر النيل ، كلما توصلت لطرف خيط يؤدي بي لسراب ، أنا والضباط سنجن وسعادة المستشار يتحكم في نفسه بأعجوبة حتى لا يبطش بنا جميعا لأجل ما يحدث .
تمتم علاء بجدية : من المؤكد أنه متفهم للأمر يا حسن .
تمتم حسن بسرعة : بالطبع من الناحية الإنسانية متفهم ولكن عمليا نحن مقصرين منذ أن هرب للان ، أنها فترة طويلة وخاصة أن جميع التقارير تؤكد أنه لم يغادر البلاد .
عبس علاء قبل أن يزفر بقوة ويهم بالحديث ليتعالى رنين هاتف المكتب فيجيب حسن بتلقائية لينتفض واقفًا بجدية وهو يتمتم : علم وينفذ يا فندم ، حالا سأرسل دورية حراسة ..
صمت وهو يستمع إلى كلمات أمير الحازمة ليومأ برأسه ويتمتم بطاعة : حسنا سأذهب بنفسي يا سيدي ، أغلق الهاتف ليعبس علاء متسائلا ليطبق حسن فكيه متمتما بحنق – زوجة أحمد باشا تلد وعلينا تأمينها وتأمينه وتأمين العائلة جميعا وخاصة الصغار وأمير باشا ..
صمت وهو يصر على أسنانه فيكمل علاء بخفة : أمر كان تذهب بنفسك فهمت ذاك الجزء من الحديث ، أشاح حسن وجهه بضيق فأكمل علاء – سأذهب أنا وأبقى أنت .
عبس حسن ليهز رأسه نافيا : لا طبعا وتكون الناهية التي تقضي على مستقبلي وأني لم التزم بالأوامر ، بل سأذهب وأنت معي ، فالأمر يحتاجنا سويا وخاصة مع قدوم الأطفال فهم أكثر المعرضين للخطر .
ابتسم علاء وربت على كتفه : حسنا هيا بنا .
التقط حسن أشياءه وهو يهتف برجاله في جهاز الاتصال غير المرئي : هيا يا شباب استعدوا لدينا حالة ولادة علينا تأمينها .
انفجر علاء ضاحكا رغما عنه ليهتف بحسن وهو ينتظره ليحتضنه من كتفيه : كم اشتقت للعمل معك يا غليظ .
ضحك حسن ليهتف بمودة : وأنا الآخر اشتقت إليك يا مرح .
***
يخطو بحذر نحو المكان المخصص لجلوسها ، يعلم جيدا أنه سيجدها به ، ورغم أنه لا يعلم ما الذي أتى به إلى هنا وما الذي دفعه لأن يقرر في غفلة من عقله أن يذهب للحديث معها يصارحها هذه المرة بمشاعره ويتقبل قرارها أيًا كان جوابها الذي يدركه بقرار نفسه ولكنه يريد أن يسمعه بأذنيه .. ينظر لعمق عينيها وهي تجيبه .. تخبره .. وتحيه أو تصدمه ، فعقله يدرك أنها لا تحبه .. ليست مشغولة ولا متعلقة به ، بل كان مجرد صديق .. أخ .. وابن صديق والدها، ومن المحتمل كونه كان شريك لها في مشروعها كانت تقدره لأجل هذه الصفة في حياتها ولكنه أبدا لم يكن أكثر من هذا ومن المحتمل أن يكون أقل في ظل أنها كانت له كل شيء، ولكن قلبه لا يقبل بهذا التفسير .. لا يدركه فهو لازال يخفق لأجلها ويتألم شوقا لها وتموت روحه لهفة وتوقا ، فتحجج بامر الشراكة والصداقة وأتى لها يخطو بسرعة نحو مبنى الجامعة الخاص بدراستها ولديه بعض النقاط لمشروعهما سويًا يتحجج بهم ليتحدث معها ويكن مدخل جيدا لحديثه الأخر الذي كان يدخره إلى ما بعد تخرجهما ولكن من الواضح أنه لابد أن يكون صريحا مع نفسه ومعها يا تقبل يا ترفض وعليه سيسلك طريقه يا إما معها يا بعيدًا عنها !!
تباطأت خطواته مرغما وارتعشا فكاه بضيق انتابه وغيرة جنونية تندلع بعينيه وهو يبصرها تقف مع الآخر الذي يدرك تماما أنه يحوم حولها ، بل هو يدرك جيدا أن ابن خالها ذاك مغرم ويريد الاقتران بها ، يريد الاستيلاء عليها ويريد أن يختطفها منه ، زأر عقله بسؤال اعتصر روحه " أو كانت لك ؟!! "
فاهتزا جفناه وقلبه يصرخ برفض أنها لا تحبه .. لا تريده .. بل أنها تضيق به وبمحاصرته لها لينتفض عقله وهو يزأر به أن ما يراه منها الآن مع الآخر لا يشي بذلك ، بل إن ابتسامتها الرقيقة وتوردها الحيي ولمعة عيناها التي يراها من مكانه البعيد تشي بأنها غارقه في بحر الآخر المتوله بدوره فيها.
اقترب دون أن يحاول تنبيهها لوجوده يريد أن يستمع إلى فحوى الحديث المتبادل بينها ليطرق سمعه حديث محمود بصوته الرخيم ونبرته الفخورة : سأصحبك معي يا خديجة فليس من المنطقي أن اتركك تعودين للبيت بمفردك وأنا هنا ، أتبع ببسمة زينت ثغره – لقد أتيت رأسا إليك لأراك وأعود بك .
تمتمت برقة وهي تتحاشى النظر إليه : لا أستطيع يا محمود ، وأنت تعلم هذا جيدا ، بابا لا يقبل بشيء كهذا وإذا علم سيغضب وأنا لا أريده أن يغضب .
ابتسامة ماكرة شكلت ثغر الآخر ليجيبها بجدية : لابد أن نجعله يقبل يا ديجا ، لذا أريد أن نرتبط رسميا في أجازه الصيف فقط كل ما أريده منك أن لا ترفضي فخالي لن يرفض ارتباطنا إذا أخبرته أنك موافقة ، رفعت نظرها إليه متسائلة فاتبع بوعد - أعدك أن أنفذ إليك كل أحلامك يا خديجة لن أمنعك عن أي شيء قط ولكن وأنت معي زوجتي .. خاصتي .. ملكي ، تدركين كم أحبك وأنا أدرك كم أنت غارقة في حبي فتوقفي عن الإنكار من فضلك ، يكفي ما عانتيه معك وأنت تتمنعين علي وتبتعدين عني وأنا الذي لم أتوقع منك أن تفعلين بي ما فعلتي.
رفعت رأسها بشموخ لتهمس بجدية : لتعلم يا محمود أن الأمر لدي مختلف نعم أنا لا أنكر أني كبرت على حبك .. وجودك .. اعتنائك بي وفكرة أني زوجتك المستقبلية لكن حينما تتجاوز أنت الحدود وتشعرني بأني ملكك أو أني خاضعة لك حينها سأزيل كل الأفكار واقتلع قلبي لو أردت وأرميه في قارعة الطريق ولا أني أمنحك فوز على حسابي وحساب كينونتي.
ابتسم محمود بلطف : لن أتجاوز ثانية تعلمت الدرس جيدا يا ديجا ، لذا دعينا من الماضي ولنفكر فيما هو قادم ، هل أتحدث مع بابا لنتقدم إلى خطبتك بعدما تنتهين من اختباراتك هذه السنة فأنا لا أطيق صبرا .
رمقته مليا لتنطق أخيرا بهدوء : لا فأنا الأخرى أميل لرأي بابا في أمر الارتباط يا محمود ، أنا أريد أن انهي دراستي أولا ولا أنشغل عنها لابد أن أضع أساس قوي لمستقبلي ، عبس بضيق فاتبعت بجدية شارحة – لابد أن أضمن نجاح متفوق وعالي لأضمن وجودي بأعضاء هيئة التدريس كما حلمت .
ابتسم بدعم ومض بعينيه : موفقة بإذن الله يا حبيبتي ، وأنا معك وإلى أن تحققي كل ما تتمنيه .
ابتسمت فأتبع بمشاكسة – هيا بنا سأدعوك على الغذاء وأعيدك للبيت ، همت بالرفض فاتبع بخفة – لا ترفضي يا ديجا من فضلك .
نظرت إلى ساعتها لتمأ برأسها موافقه لتستدير على عقبيها فتنتبه إلى وجوده قريبا منهما فتهمس إليه بتعجب : مازن أنت هنا ؟!
ابتسم ابتسامه متسعة لم تصدح من روحه وعيناه تغيم بسحابة قاتمة اخفت كل ما يجيش بداخله : اها كنت بالمكتبة ورأيتك وأنا أَمُر عائد لمكان سيارتي ، رفع رأسه ليحي محمود برأسه : مرحبا يا سيادة القبطان .
ابتسم محمود له بلباقة ورفض سكن عينيه لوجوده فتمتم مازن سريعًا : لن اعطلك كنت سألقي التحية فقط حينما رأيتك .
نظرت إليه بتعجب وهي تشعر بعدم فهم لتبتسم بلباقة وتسأله دون اهتمام فعلي : كيف حالك وحال دراستك ؟
أجاب سريعا : بخير والحمد لله ، أرسلي سلامي لأونكل محمود ورقية وانطي ديدي ،
أومأت برأسها في توتر شعره جيدا لتجيبه : حسنا أنا الأخرى كنت مغادرة ، أتبعت وكأنها تعمدت أن تصل إليه رسالة محددة - سأذهب مع محمود بدلًا من عودتي مفردي ، إلى اللقاء .
ودعته بهدوء وهو يجاهد لتظل ابتسامته فوق وجهه لينهار قناع تماسكه بعدما انصرفت بجوار الآخر فتهتز وقفته .. يترنح جسده وهو يشعر بألم شديدة بقلبه .. وصقيع ينتشر بأوردته متجها نحو قلبه الذي يئن من وجع يفوق طاقته .. يسحب ساقيه بثقل معلق بهما فلا يقوى على المشي بل حركته أقرب إلى الزحف ليتحامل على نفسه وهو يستل هاتفه عائدا إلى سيارته ببذل جهد فظيع وهو يتصل بابن عمه يهمس له بصوت محشرج وأنفاس ذاهبه : أنجدني يا أدهم فأنا أشعر بأني لست بخير .
هدر أدهم باهتمام في أذنه سائلا عن مكانه ولكنه لم يقوى على إجابته وهو يهوى ساقطا مغشيا عليه بجوار سيارته التي لم يستطع الدخول إليها أو الركوب فيها .
***
تقف تنظر إلى نفسها في المرآة ، ملامح وجهها الذي تعافى وجسدها المختفي خلف ملابسها الأنيقة ولكنها تعلم أن رضوضها شبه اختفت تبتسم بثقة استمدتها الأيام الماضية من قدرتها على الابتعاد عنه وإجبارها إليه أن لا يقرب منها ، اختنق حلقها وانكسارها يذكرها أن ليست هي من أجبرته لتنتفض روحها بثورة وتهمس لها بتشجيع أن من أجبره يدعمها ويهدده وأنها الآن معها قوة منحها ذاك الرجل المهيب .. قوة غير مشروطة .. ودعم غير محدود .. ومساندة كان من المفترض أن يقدمها إليها والدها ولكنه لم يفعل إلا حينما أجبره الآخر أيضا على أن يساندها ويترك ابن أخيه العزيز .
شدت جسدها بصلابة وهي تتذكر أن على مدار الأيام الماضية بعدما أنقذتها والدتها من موت محقق وأنها استفاقت لتجد دعم غير مشروط من والدتها التي كانت تضمها ليلًا حينما تنتفض مفزوعة من نومها أو تبكي بأحلامها أو حتى بيقظتها ونوبات الصراخ التي كانت تلم بها من وقت لآخر وسيطرة الطبيب وفريق مخصص داوم على الوجود بجوارها لاحتواء رغباتها في إيذاء نفسها لتستقر حالتها أخيرًا بعد وقت وهي تتمسك بما تبقى من نفسها وتجاهد لأجلها ولأجل طفلها .
رقت ملامحها وهي تنظر لبطنها المنتفخ والواضح من فستانها الربيعي بلونه الوردي الباهت وأزهاره البيضاء الصغيرة فتحتضن بطنها بكفيها وهي تستدير بفرحة غمرت ملامحها وهي تنظر لنفسها من الجنب وتتأمل انتفاخ بطنها الظاهر تضحك بإشراق وهي تربت على رحمها تهمس لطفلها بقاعدة قوتها ووجودها .. بسببها الذي أخفته عن الجميع حتى أمها .. بسبب طلبها لمقابلته فتقيس تأثير تغيرها .. تبدلها .. وشخصيتها التي اكتسبتها رغم عنها .. تسر إليه بخطة انتقامها والتي موقنة من نجاحها : سآخذ بحقي وأنت من ستساعدني ، أعلم أنك صبي .. أشعر بك وأنك ستأتي تحمل ملامحه ، ستأتي نسخته المصغرة وسترث كل شيء ، وأنت معي لن يقوى على إرهابي من جديد .. وأنت معي سيحقق لي كل مطالبي .. فأنت لن تكون المقصلة التي سيضع رقبتي أسفلها بل ستكون أنت المقص الذي سأهذب به ريشه فلا يقوى على الطيران أو حتى الرفرفة ،سأقلم له أظافره حتى لا يقوى على خدشي ثانية ..وسأفقع له عيناه حتى لا يقوى أن يرفعها وينظر لي بها ثانية .. وسأكسر له ذراعه أن فكر فقط بأذيتي ثانية ، لا يا بني لن أتركه لن أترك حقي ولن أترك ارثي وأرث عائلتي ولن أفرط فيما هو لك ، بل سأستولى على كل شيء سآخذ كل شيء سأجرده من ملكه وهو يشاهدني .. وسأهدم عرشه وهو جالس من فوقه .. وسأزلزل الأرض من بين قدميه وهو يظن أنه يملك السحاب .. سأتخلص منه ببطء .. وسأعذبه بتروي .. وبالأخير سأقتله ببساطة وأنا أنظر داخل عينيه ، فقط الأيام بيننا وبالأخير الغلبة ستكون لي .
دق الباب قبل أن تدلف والدتها فتنظر إليها بتوتر هاتفه : لقد حضر .
ابتسمت برقة لتمأ برأسها : سآتي حالًا.
توقفت والدتها قبل أن تغادر : لا تقابليه ولا تعودي إليه يا أسيل ، دعينا نحيا هنا يا ابنتي ، في حماية هادي لن يجرؤ زيد على الاقتراب منك .
ابتسمت برقة واقتربت من والدتها تسألها بهدوء : وحينما يرفع هادي بك عنا حمايته ماذا سنفعل يا ماما ؟! اضطربت ملامح درية برهبة فأتبعت أسيل باسمة - أرأيت ؟!
زفرت درية بخوف : أنا خائفة عليك .
اتسعت ابتسامة أسيل لتهمس : لا تخافي يا حبيبتي ، سأكون بخير ، أتبعت وهي تغادر غرفتها - فزيد لن يكون مؤذيًا بعد اليوم ،
كررت وعيناها تومض بيقين : زيد لن يقدر على أذيتي ثانية .
كتمت والدتها شهقتها بكف يدها وهي تستعيد حديث الطبيب الذي اخبرها أن حالة ابنتها تتدهور بناء على أفعالها فهي تنكر اشياء حقيقية وتتجاهل الايذاء الجسدي الذي تسبب فيه زوجها بل إنها تضع ثقتها في الأخير الذي هو سبب معاناتها تساقطت دموع درية لتتحكم في أعصابها وهي تخطو بسرعة تتبعها لتكون إلى جوارها وهي تقابل ذاك الوحش الذي يخيفها
***
استدار بسرعة حينما سمع حثيث خطواتها ليشعر بقلبه يتوقف عن الخفقان وهي تظهر أمامه ببهاء لم يقوى على استيعابه ، أنفاسه تتعالى وهو ينظر إليها بحذائها الأرضي الأبيض ساقيها المكشوفتان إلى ما قبل ركبتيها فستانها القماشي الخفيف المتهدل فوق جسدها باتساع يسمح لانتفاخ بطنها بالظهور وصدر مغلق لأسفل عنقها وبكمين قصيرين يحددان ما فوق مرفقيها ، بسيط وراق وأنيق كعادتها ملامحها رائقة دون زينة وابتسامتها رقيقة كعادتها وعيناها تشعان بوميض كان يظن أنه انطفأ ، بل كان انطفأ بالفعل وهي بجواره ، لهث وقلبه يخفق باضطراب وتأثير جمالها .. رقتها .. وإطلالتها المختلفة والتي لا يدرك الآن سر اختلافها يأسروه ، همس باسمها في انفعال لم يتحكم فيه ولهفته تحركه نحوها ليتذكر تهديد الآخر ورجاله الرابضين في الخارج فيتوقف مرغما لينظر إلى ابتسامتها التي اتسعت بترحاب وهمستها الناعمة : اشتقت إليك يا زيد.
ارتدت رأسه للخلف بصدمة فينظر إليها بترقب وحيرة مزجا داخل مقلتيه لتخيم الصدمة عليه حينما اقتربت بطواعية وابتسامتها تملأ وجهها لتفرد كفيها على عضديه وترفع جسدها بخفة على مقدمة حذائها لتقبل وجنته برقة وهي تهمس : للأسف لم استطع مقابلتك قبيل اليوم ، فأنا كنت مريضة .
همت بالابتعاد عنه ليلتف ذراعه بتلقائيه حول خصرها ليبقيها داخل صدره هامسا باسمها في تيه ألّم به كادت أن ترتجف وهي تشعر بأنه يأسرها إليه ولكن روحها المناضلة زأرت بها لتتماسك فتبتسم بوجهه وتنظر لعمق عينيه : الآن أصبحت بخير يا زيد لا تقلق ، اتسعت عيناه باندهاش غمره وحدقتيه تهتزان بعدم تصديق فتدفعه برقة ليبتعد وهي تتبع - ماما خلفي والرجال بالخارج وأنا طلبتك لنتحدث يا زيد
صمتت وهي تراقب عبوسه بملامح ثابته لتتبع : ثم أنا أريد منك بعض الأشياء عليك أن تلبيها لي قبيل عودتي إليك .
همهم بعقل غائب : أنا كلي لك يا حبيبتي .
ابتسمت لتربت على وجنته برقة : كنت متأكدة ..
ضيق عيناه ليسأل بخشونة وهو يتمسك بها أكثر : مما ؟!
تماسكت وتحكمت في جسدها حتى لا يتشنج بأعجوبة : من كوني حبيبتك !!
انفرجت ملامحه بذهول تحول لاستنكار وهو يجيب سريعا : بالطبع أنت حبيبتي هل تشكين في ذلك ؟!
رمقته بعتاب لتدفعه بعيدا هذه المرة وهي تنسل من قربه بخفة هامسة بعتاب صدح بنبراتها : هلا جلست يا زيد لنتحدث ؟
عبس بضيق وهو يشعر بابتعادها ليزمجر غير راضيًا حينما دلفت والدتها إلى الغرفة والتي نظرت اليه بكره فتبتسم هي له وتهمس برقة وهي تستعيد انتباهه لها : ماذا تشرب يا زيد ؟
تمتم وهو يشيح بعيدا عن والدتها : لا شيء .
التفتت لوالدتها : ماما هلا طلبت منهم إعداد القهوة لزيد والعصير لي ، عبست والدتها برفض فابتسمت - من فضلك يا ماما .
انصرفت والدتها بعدما رمت زيد بنظرة محتقرة وتهمهم بعدم رضا عن وجوده فيزداد عبوسه لتبتسم اسيل وتهمس بخفوت : لا تشغل رأسك بماما يا زيد أنها غاضبة لأجلي ، ليس من السهل عليها أن تدلف إلى غرفة ابنتها في العيد لتجدها واقعة في دمائها .
أتبعت بلوم واضح وهي تجلس بشموخ أمامه – كانت ستفقدني يا زيد .
راقبت اهتزاز حدقتيه ليقترب منها بسرعة هاتفا : بعد الشر عنك ، لا تنطقيها ثانية أبدا ، كيف قدرت أن تفعليها يا أسيل .
تمتمت بهدوء : أنت السبب .
هتف سريعا : لا ، لم أكن أقصد ، رمقته مليًا فاتبع – لن أكرر خطاي ثانية فقط عودي معي .
مطت شفتيها بتفكير لتهمهم : ولكني أشعر بعدم الأمان بجوارك يا زيد ، معك أنا مهددة كل يوم ، فأنت حينما تغضب لا تدرك ماذا تفعل هذه المرة كنت سأموت المرة القادمة لا أدري ماذا ستفعل بي أو بإسماعيل .
هتف سريعا : لن اؤذي إسماعيل أبدا يا أسيل ، رفعت حاجبها باتهام ومض بعينيها فأكمل بسرعة – ولا أنت بالطبع ، فقط أريد أن أشعر بأنك لن تركيني أبدا .
رفعت عيناها عنه قليلا وكسى التفكير ملامحها لتهمس : حسنا دعنا نتفق ، فكما أعتقد أنت لديك شيء تريده مني وأنا الأخرى لدي شيء أريده منك .
رمقها باهتمام فأكملت – أنا لا أشعر بالأمان معك لأنك تؤذينني في غضبك ، وأنت لا تشعر بالأمان معي لأنك تخاف أن أتركك أليس كذلك ؟
هز رأسه بحركة مموهة وهو يراقبها عن كثب فابتسمت بوجهه وهمست برقة : وإذا أخبرتك أني لا أستطيع أن أتركك يا زيد ، فهاك أنا من دعاك للحديث واللقاء هاك أنا أحاول أن أتوصل معك لنقطة التقاء ، هاك أنا أريد أن حياتنا تستمر سويا حتى ينشأ إسماعيل قويا مهيبا طبيعيا ويصبح من أفضل الأطفال بل ومتفوق عن أقرانه واجملهم .
لانت ملامحه وترقبه يتبخر ليبتسم وعيناه تومض وخياله يتعلق بولده الذي سيأتي كاملا ويكبر كاملا كبيرا فهو يقوى على منحه الكثير من الأشياء لتكمل بفحيح خافت وهي تقترب منه بعفوية أقرتها في حركتها – أنا أريد أن أكمل حياتي معك يا زيد ولكن ..
صمتت وهي تلتقط الخوف بعمق عينيه والذي لم يستطع التحكم به فأكملت برقة وهي تمط شفتيها بإغواء : أريد فقط بعض الضمانات يا زيد حتى لا أحيا بجوارك خائفة ،
اختنق حلقه ووجهه يربد بغضب : ضمانات ؟!! هل تقايضيني يا أسيل ؟!
ارتد وجهها للخلف لتهمس بصوت باكي : هل تظن هذا حقا يا زيد ؟! نهضت واقفة بغضب مفتعل – بعد كل حديثي الذي أخبرتك إياه الآن تظن بي هكذا ؟
ارتبك وهو ينظر إليها بمفاجأة ألمت به وهو يشعر بأنها مختلفة عما كانت عليه ، ولكن هذا الدلال الذي تتحدث به يعيده لأيام كانا بها متحابان .. عاشقان فهمس سريعا وهو ينهض يقترب منها يقبض على مرفقيها من الخلف ليتحكم بها ويجذبها إلى صدره يضمها إليه بلطف : لا لم أقصد فقط لم أفهم حديثك .
ابتسمت من بين دموع انهمرت مغرقة خديها لتهمس بخفوت وهي تلتفت إليه بنصف التفاته فيصبح وجهها أقرب إليه تنظر لعمق عيناه اللذان تولها بها فيسقط وعيه غيبا بها وهي تتحدث بفحيح ماكر لم يدركه : أخبرتك أني أريد الاستمرار معك يا زيد ، ولكن بعض الأشياء تضمن لي أمان افتقدته معك الفترة الماضية .
تمتم دون وعي وهو يتوق لالتهام شفتيها : أي شيء سأمنحك كل ما تريدين فقط لتكوني معي .
ابتسمت برقة ورفعت كفها لتلامس وجنته : حسنا اجلس لأخبرك حتى لا تتذمر فيما بعد .
أجاب بنفاذ صبر وهو يحنى عنقه ليلتقط شفتيها : لن اتذمر سأمنحك كل ما تريدين يا حبيبتي فقط أريدك الآن .
هم بتقبيلها فأغمضت عيناها وهي تشحذ كل طاقتها لتصمد أمامه لينتفضا سويا حينما فُتح باب الغرفة لتدلف الخادمة فتبتعد عنه سريعا ليعبس بغضب ويهم بالصراخ في الفتاة التي دلفت تحمل صينية المشروبات فتنظر له أسيل بترقب فيضغط فكيه ويشيح بعيدا لتبتسم هي برقة وتهادنه بصوتها : اجلس يا زيد واحتسي قهوتك ولنتفق أيضا .
جلس بغضب شمل جسده كله لتكمل بفحيح أنثوي وهي تناوله قهوته : إذا ما توصلنا لاتفاق سأعود معك الليلة ، الأمر كله بيدك يا زيد .
ومضت عيناه بشوق غمره ليهتف على الفور : أنا موافق قبل أن أستمع .
اسبلت جفنيها والتقطت كوب العصير لترتشف منه على مهل وهي تتمتم إذًا سأهاتف المحامي ليأتي ونوثق الاتفاق عبس بعدم فهم فأكملت برقة – احتسي القهوة سيصل الآن وحينها ستعلم.
***
تستلقي على جنبها تطلع إليه ببريق قططي يومض بعينيها ممتزج برضا يستقر بقلبها وتورد خفيف يتمازج مع بشرتها البرونزية فيمنحها ألقاً لم تحظى به من قبل ، فما مرت به الليلة الماضية كثيرا على استيعابها .. إدراكها .. تفهمها ، لقد كانت خائفة كأي فتاة بتول مقبلة على خوض ليلة عمرها وما أزاد خوفها نبرته الماكرة وتوعده إليها في زفافهما ولكن كل خوفها ذهب أدراج الرياح حينما انتزع منها قبولها .. وربت على خلجاتها فانتفضت باستجابة مذهلة .. ليستولي على وعيها فتنصهر تحت وطأة مشاعرها ليست مرة واحدة بل العديد من المرات لم تدرك عددها فهو كان يغرقها في طوفانه .. يؤرجحها بين مده وجذره .. ويشبعها من ماءه الذي فاض بعد طول حرمان كانا يعانيا منه .
احتقن وجهها بقوة وهي تتذكر أن الصباح انبلج عليهما دون أن يدركا انقضاء الليل لتسقط في النوم مرغمة وآخر ما تتذكره هو زمجرته غير الراضية عن نعاسها ، ولكن من الواضح أنه الآخر استجاب لوسن النوم الذي غافلة فأسقطه داخل عالمه .
ابتسمت وهي تحرك وجنتها فوق صدره العار الذي تتوسده فتكتم ضحكتها فوقه وهي تدرك أنه يحتلها بجسده الملتف حول جسدها وذراعيه اللذين يشتدا من حولها ويضمها بتملك إلى حضنه ، رفعت عيناها تتأمل ملامح وجهه القريبة قبل أن ترفع كفها لتمرر سبابتها على جانب وجهه البعيد لتطبع قبلة على طرف فكه بعفوية وهي تشعر بحبها إليه يتحرر من اصفاده البالية .
رف بعينيه ليفتحهما بنعاس يسكن حدقتيه لتكتم شهقة انطلقت من حنايا روحها وهي تسقط أسيرة عينيه العسليتين بصفاء ذهبي احكم قيده على خفقاتها ، ابتسم لتكتم تنفسها وتجبر نفسها أن لا تتفوه بكلمات غزل أرادت أن تسمعه إياها ولكن بعض من خجلها تحكم بها لتنتبه من افكارها التي تدور جميعها حوله على صوته الذي خرج أبح وضمته التي اشتدت لجسدها : صباح الخير يا نور عيوني .
همهمت وهي تخفض نظرها مجبرة : صباح النور يا عاصم
ألقتها بدلالها الطفولي غير متعمدة لتتعالى انفاسه ويقتطف ثغرها بقبلة سريعة خاطفة قبل أن يهمس بخفة : الكزيني حتى أصدق أنك هنا معي وأنها ليست احدى خيالاتي.
ضحكت برقة لتجيب بمرح : ما رأيك ان أعضك ستكون أوقع لوضعنا هذا .
ضحك بخفة ليتحرك منقلبًا على جانبه دون أن يحررها من أسره ليسألها باهتمام وهو يلامس جانب خصلاتها : لم اؤذيك الليلة الماضية أليس كذلك ؟
أخفضت رأسها وهزتها بنفي ليرمقها من بين رموشه قبل أن يهتف باسمها يجبرها أن ترفع عيناها إليه فيهمس لها : المعذرة كنت متطلبا بشدة ونسيت أن اكون مراعيا لك .
رفت بعينيها ووجهها يتورد تلقائيا لتهمس بخفوت : بل كنت رائعا .
جلجلت ضحكته بقوة من حولها ليضمها أكثر إليه هاتفا بمرح : يا اللهي حصلت على رضاك منذ الليلة الأولى .
ضحكت برقة لترفع عيناها إليه تتأمله قبل أن تهمس بتصريح : بل حصلت على قلبي من قبل الليلة الأولى.
وامتلكت روحي كاملة الليلة الماضية ، أنا أحبك يا عاصم ، أحبك جدا .
تعالت أنفاسه بقوة ليهم بأن ينال ثغرها فتبعد رأسها عنه بنفي حازم فيقابله بعبوس طفيف وتساؤل أغشى عينيه لتهمس متابعة - أريد أن أسألك عن شيء ما لا أعلم هل ستتذكره أم لا ؟
تساءل بسرعة : ما هو ؟
رفعت عيناها لتحصل على اتصال بضربهما قبل أن تسأله بهدوء : هل تذكر ذاك السر الذي كنت ستخبرني به وأنا صغيرة ولم تفعل ؟
ارتفعا حاجبيه بتعجب ليهمس بصدمة : لازلت تذكرين ؟!
ازدردت لعابها لتفرد كفها على موضع قلبه مباشرة : لم انس قط من يومها وأنا أفكر في هذا السر الذي أجبرك أن تخفض صوتك وتهمهم بنبرة مخالفة لصوتك فتحدثني بها .
رمقها بصدمة من تذكرها لتفاصيل مر عليها زمن بعيد فابتسمت وسألته بوضوح : هلا أخبرتني ما هو أم أنه لا وجود له وأنت كنت تلهيني لأكف عن البكاء ؟
ابتسم وهو يسبل اهدابه يشعر بالخجل يعتريه ليكح بخفوت يحاول أن يجلي حلقه قبل أن يغمغم بصوت أجش : أتعلمين سبب تسميتك بنوران .
عبست بعدم معرفة لتهز رأسها نافية فيتابع بابتسامة حانية وعيناه تفيض بعشقه ليسرد لها بصوت أبح : حينما وُلدِت كنت مغمضة العينين .. تشبهين القطط الصغيرة .. وتبتسمين دوما وانت نائمة .. كنت طفلة رقيقة تشبهين العرائس الجميلة ، كانت تامي تشكو دوما من أنك لا تفتحين عينيك ، إلا حينما تبكين وكنت لا تبكين سوى في الليل فتجبريها على الاستيقاظ للصباح وهي تهدئك وعمي يدللك ، كنت مفتونا بالطفلة التي أتت جميلة .. هادئة .. بلون برونزي لامع وشفتين كحبة الكرز ممطوطتان للأمام مغريتان للقبل ، وشامة سوداء تزين أول رقبتك تظهر بوضوح حينما تتثائبين وأنت نائمة ، لم أكن أتحرك بعيدا عنك كلما زرنا عمي ،كنت أرابض بجوار فراشك الصغير أحب أن اتأملك إلى ذات نهار فتحت عينيك بعد أن تثائبت ليشعا بنور وضاء أصاب قلبي همهمت دون فهم نور ، استمعت إلى تامي لتسألني عما أعني فأشرت إليك وهتفت بصوت أعلى نور
ابتسم بتفكه : كنت حينها مغرم بدرس المثنى في اللغة العربية فأتبعت بطفولية عينان يشعان نوران .
هتفت بثقة : أنها نوران
تعالت ضحكات تامي وهي تضمني إلى صدرها لتهمس بحبور ونظرات عيناها مشرقة سأسميها كما أردت يا عاصم نوران
ومن حينها وأنت نوران لم تخطفي قلبي فقط بل أضأت عالمي بنورك الوضاء من حدقتيك اللامعتين بنظرة كنت تختصينني بها دون عن الجميع ، كنت نوري الخاص ودونك حييت في ظلام دامس بددته أنت بضيائك من جديد عندما عدت إلي .
انفرجت شفتاها عن نفس طويل كتمته منذ أن بدء الحديث لتتحرك جالسه لا تعبئ بالغطاء الذي انحسر ولا بجسدها الذي ظهر بعد أن كانت تخفيه تحتضن وجهه بكفيها لتغمغم بصوت مشبع بعشقها له : أنا أحبك .. أحبك يا عاصم .. كنت دوما ولازلت أحبك .. وسأظل أحبك .. اعشقك .. اتوله بك .
اقتربت منه تقبله بكل حب زرع بقلبها له ليضمها إليه يلصقها بصدره ويحتويها بجسده لينقلبا سويا فتصبح أسفله وهو يقبلها قبلات متتالية ليرفع رأسه مبتعدا قليلا عنها يسألها بصوت محشرج قبل أن ينجرف معها : أنت بخير أليس كذلك ؟
ابتسمت وعيناها تومضان بإغواء فطري : حتى وإن لم أكن ،طالما معك سأكون بألف خير .
تعالت أنفاسه وقلبها يهدر بصخب ليغمغم من بين شفتيها : سأكون حذرًا إلا اؤلمك .
عنهما وهي تحيط عنقه بذراعيها : أنا أحبك يا عاصم
***
يخطو خارج غرفة عملياته بعدما أنهى إحدى العمليات المهمة التي كللت بالنجاح فيحمد الله كثيرا وهو يسير بخطوات واثقة وصدره ينتفخ فخرا ، أنه لأجمل شعور في العالم ، الثقة .. النجاح .. الفخر الذي يسرى بدمائه يجعله فرحا .. سعيدا .. منتشيًا بابتسامة رائقة وعينان وامضة بألق نجاحه ، جسده متخما برضاه عن نفسه وتوفيق ربه له ، رنين هاتفه الذي أعاد تشغيله بعدما خرج من غرفة عملياته برسائل متتالية أثارت انتباهه فأخرجه من جيب معطفه الأبيض لينظر إليه وابتسامته تتسع تدريجيا وهو ينظر إلى صورتها الصغيرة التي تزين رسائلها على شاشة هاتفه والتي توالت " صباح الخير "
" أعلم أني مبكرة ولكني أعتقد أنك الآخر تستيقظ مبكرا "
" فأحببت أن أمنحك تحية الصباح "
لتختتم حديثها برسالة قصيرة مرحة مصحوبة بوجه انيمي يغمز بغيظ
" كيف حالك اليوم يا صديق ؟"
هم بأن يضغط على شاشة هاتفه ليجيبها ولكنه توقف وهو يتذكر زعقة والده إليه في الصباح والتي دوت في أذنيه من جديد وهو الذي تحاشى الاحتكاك بأبيه منذ العيد رغم أنه كان يعلم بأن الأمير هو من يمنحه الفرصة كاملة كي يذهب إليه ولكن حينما ماطل استدعاه ابوه بجدية إلى مكتبه بعدما هدر فيه يستوقفه وهو الذي كان هم بمغادرة البيت : عادل ، توقف ليتبع أبوه بجدية أجبرته على كتمان أنفاسه - تعال أنا أريد الحديث معك .
رف جفنه مرغما ليستدير على عقبيه يزفر أنفاس صدره كامله وهو يتبع أباه إلى داخل غرفة المكتب فيؤمره أمير الجالس خلف مكتبه الفخم بجدية : أغلق الباب من خلفك .
أطاع على الفور ليتبع أمير بهدوء : اجلس .
ابتسم بتوتر وهو يخطو إلى الكرسي المقابل لكرسي المكتب ليجلس مواجها أباه في شموخ يضاهي شموخ أمير الذي رمقه مليا قبل أن يتحدث بهدوء : أنا أسمعك .
نظر إلى أبيه بثبات ليهمس بعدم فهم أتقنه : أنت من طلبتني يا بابا ، ضيق أمير عينيه مؤثرًا الصمت فابتسم عادل ليتابع بمكر - هل تنتظر مني تصريح معين يا بابا ؟ أم هل علي الإجابة على أسئلة لا أعرفها ؟!
عاد أمير ليستند بظهره إلى ظهر الكرسي العريض ليدق بسبابته فوق ذراع الكرسي الخشب بدقة رتيبة فوجد عقله يعدها بتلقائية دقات أمير المنتظمة برتابة والتي أعادته لما كان عليه صغيرا وعقله يخبره أن أباه يمنحه فرصة الإعتراف قبل أن يعاقبه على خطأ فعله فينطق مرغما عند السادسة منها : لم أفعل شيئا خاطئا يا بابا وأنت تدرك ذلك جيدا لذا لا أفهم سبب غضب حضرتك مني .
رمقه أمير مليا لينظر إليه بصمت وقعه كان عليه أشد من التعنيف فتحاشى عادل النظر ثم همس : أعلم أني خالفت أمرك ولكن أعتقد أنه ليس من اللائق أن أتوقف عن الحديث معها دون سبب فعلي .
رفع أمير حاجبه الأيمن باعتراض غير منطوق فيختنق صوت عادل الذي هتف بضيق وأذنيه تحتقنان بقوة : بابا لم أعد صغيرا لتحاسبني بهذه الطريقة ولا أفهم إلى الآن ما الخطأ الذي فعلته لتكون غاضبا مني هكذا .
رمقه أمير من بين رموشه ليجيبه بصوت هادئ : حقا لا تعلم الأخطاء التي ارتكبتها يا عادل ؟!
سحب عادل نفسًا عميقًا ليدير رأسه إلى أبيه ينظر إليه في مواجهة شعر بأنها أفضل من الهرب : بلى أعلم ما الأفعال التي أقدمت عليها وأثارت استياء سيادتك ولكن من وجهة نظري هي لا تعد أخطاء .
التوى ثغر أمير بتهكم ليكمل وعيناه تومض بمكر وهو يثرثر بطبيعية : حديثي مع ملك ليس خطأ .. مزاحي معها ليس خطأ .. رقصي معها في زفاف سليم صمت لوهلة وأكمل وهو يفكر – وعاصم أيضا ليس خطأ ، أما رعايتي لها بالتأكيد ليست خطأ يا بابا.
نطق أمير بسخرية تجلت فوق قسماته : لا والله .
تمالك ابتسامته ليجيب بجدية : نعم ، كنت أبعدها عن الشباب يا بابا وهذا تصرف طبيعي كنت سأفعله مع آسيا أو يمنى أو حتى جنى .
مط أمير شفتيه لينطق بهدوء : واصطحابك إليها خارج قاعة الزفاف في زفاف سليم ليس خطا ووقوفك معها متخفيان البارحة ليس خطأ أيضا ؟!!
شحب وجهه تدريجيا ليزدرد لعابه ببطء قبل أن يجيب : في زفاف سليم كنت أريد أن أخبرها ألا تنضم للراقصين ثانية ، أما البارحة لم نقف متخفين ولم اصحبها معي كانت تمر وأنا واقف ووقفت وألقت التحية وتبادلنا الحديث فقط ليس أكثر ، كأي صديقين .
هدر أمير بغضب ومض فجأة بعينيه : وما شأنك أنت ، ترقص أو لا ؟! فالزفاف وما فيه لا يخصونك بشيء .
أجاب بجدية : ولا يخصونها أيضا ، فسليم لا يقرب لها لترقص بزفافه .
اقترب أمير بجسده من حافة المكتب ليسأل بفحيح غاضب : وهذا أيضا ليس من شأنك ، الفتاة لها عائلة كانت حاضرة من كبيرها لصغيرها فتتخطاهم أنت وتغار على محارمهم بل وترقص معها وتصحبها للخارج ثم تتنحى بها جانبا البارحة في زفاف ابن خالتك وكأنها خطيبتك ، ألم تعي عواقب فعلة كهذه إذ رآك والدها .. أخاها .. أو الاسوء خالها سيادة الوزير الذي يغار على طرف أنفه .
آثر الصمت وهو يحنى رأسه دون حديث فيكمل أمير وهو يتفحصه : أخبرني يا عادل ما الذي تريده من الفتاة ؟ هل تريد الارتباط بها ؟
تنفس بعمق ليجيب بهدوء : أنها صغيرة يا بابا .
هدر أمير : هذه ليست إجابة يا ابن الخيال ، اعتدل وأحب .
أخفض عادل بصره ليهمس بجدية : للأسف أنا مرتبط .
اتسعت عينا أمير بصدمة سرعان ما انقلبت لغضب : لا تخبرني أنها تلك السيدة تصر على الارتباط بها .
رفع عادل عيناه : لقد منحتها كلمتي يا بابا ، أخبرتها أني سأرتبط بها.
رمقه أمير قليلا ليهمس بجدية : لازلت على البر يا بني .
ابتسم عادل ورفع عيناه القاتمة بغموض أثار ترقب أمير : لست أنا من يتراجع عن كلمته يا بابا ، نحن رجال نُربط من لساننا ، أليس هذه تعاليمك لنا .
تلاقت نظراتهم قليلا قبل أن ينهض أمير واقفًا ليهتف بجدية : حسنا ولأنك رجل كما ينبغي أن تكون ولأنك ملتزم بتعاليمي لك ، كن رجلا كما ربيتك واخلص لمن وعدتها بالارتباط وإياك والاقتراب من ابنة مالك عابد ثانية وهذا تحذيري الأخير يا عادل وإلا المرة القادمة التي سأراك بجوارها سأتقدم إلى أبيها رسيما وأخطبها لك .
اتسعت عينا عادل بصدمة ليومئ أمير برأسه مؤكدا : نعم دون الرجوع إليك ، بل سأحرص حينها أن يقبل الجميع بالخطبة التي سأحولها لزفاف في لمح البصر وأنت تعلم أني أقدر على ذلك يا طبيب العقول فلا تثير حنقي عليك أكثر من ذلك ، نظر أمير إلى داخل عينيه وأتبع - فأنا بالفعل غاضبا يا بني هذه المرة فاعتدل وابتعد عن الصغيرة التي لا تقوى على مجابهتك واحترم صلة القرابة والنسب والصداقة فيما بيننا وبينهم .
عم الصمت لوهلة قبل أن ينطق بجدية : أنا احترم كل شيء بيننا وبين آل الجمال يا بابا وبيننا وبين ومالك عابد أيضا ، رعايتي لملك لصالحها ، أنها تحتاج لأحدهم يقف بجوارها ويساندها وأنا افعل ، أربدت ملامح أمير بغضب فأكمل عادل بجدية – ولا تخف يا بابا ، أنا لا أتجاوز حدود الصداقة .
زم أمير شفتيه ليساله بهدوء : وهل أخبرتها من باب الصداقة عن خطبتك القريبة ؟
حينها أطبق فكيه ليرمقه أبيه بتساؤل فيجيب بهدوء : لا ولكني سأفعل .
التوى ثغر أمير بغضب مكتوم ليهمهم بحدة : حسنا حينما تفعل لا تنسى أن تخبرني هل أمر الصداقة لازال موجودا أم لا .
أومأ عادل برأسه هاتفًا : أمرك يا بابا ، رمقه أمير بعدم رضا فأتبع مترجيًا – لا تغضب يا بابا
أجابه امير بجدية : اذهب إلى عملك ،أشار إليه بالانصراف ليكمل: اعتني بنفسك هذه الأيام والتزم بالأوامر ولا تتخذ قرارات عنترية كعادتك . التزم بالخطة الموضوعة وأتم أنت وعبد الرحمن عملك في صمت إلى أن تمر الأزمة على خير .
ثرثر بهدوء : هذه الأيام سأرتب أمور عملي في المشفى قبل أن أسافر بإذن الله ، أومأ امير متفهما فأكمل متمتما : أراك على خير .
فيتنفس أمير بعمق : تعود سالماً يا بني .
رف بعينيه وهو يعود إلى هاتفه الذي اهتز برنين جديد ورسالة جديدة منها " أين أنت بمشفاك الكبيرة هذه ؟ فمن الواضح أن الصدف تجمعنا فأنا بمشفاك العزيز !! "
انفرجت ملامحه بذهول انقلب إلى تسلية كبيرة لمعت بعينيه ليراسلها بخفة " وأنا اتساءل عن سبب الضوء العارم الذي أشعر به من حولي "
راسلته بخفة وهي تسير بأروقة المشفى تبحث عن مكان المقصف " اووه ، قديم يا ابيه ، هذه مزحة قديمة للغاية "
سيطر على ضحكاته حتى لا تنطلق من بين شفتيه لينظر من حوله وهو يخطو سريعا " هناك مثل يقولونه في هذه الحالة "
__ " وما هو ؟! "
اجاب سريعا : " الدهن في العتاقي "
فتأتيه اجابتها بوجه عابس بعدم فهم تتبعه رسالتها " وما معناه ؟!"
فيرد : " أخبريني أين أنتوسأشرحه لك حينما أراك "
تنهدت وهي تنظر من حولها لتراسله بإحباط : " أبحث عن المقصف وأنا بالدور الثالث "
__ " حسنا سأتي لك وافيني لدى المصعد "
" ولكن ماذا تفعلين هنا في هذا التوقيت ، هل أنت بخير ؟ "
ابتسمت وهي تشعر باهتمامه فأجابته بمرح وهي تخطو نحو المصعد " بل أميرة تلد "
لم يجب لتقترب من المصعد فتتسع ابتسامتها حينما وجدته يخطو خارجه هاتفا بمرح : مبارك ، العقبى لك .
ضحكت بخفة لتهتف : ولك أيضا .
أشار إليها بعدما أوقف المصعد عن الحركة :تعالي سأصحبك إلى المقصف .
أومأت برأسها وهي تدلف معه إلى الداخل فتقف بأخر المصعد ليتمسك هو بمكانه في أوله قريب من الباب هاتفا بجدية : صدفة سارة يا أرنبة .
ضحكت ساخرة :شكرا يا ابية .
كتم ضحكته لينفتح المصعد من جديد فيشير إليها بخفة أن تتبعه ليصف لها بعملية ووجه جادي استنتجت أنه بسبب العاملين من حولهم : هاك هو ، تفضلي .
ابتسمت واتبعته وهي تدرك أنه يتعمد أن يسبقها بخطواته في حركة مهذبة أثارت تقديرها له لتتطلع إلى من حولها فتلتقط الحديث الهامس بين الممرضات فتسأله بخفة وهي تقترب منه بخطواتها : هل يتهامسون عنك يا ابيه ؟
ابتسم ليحرك رأسه بعدم معرفة : لا أعلم ولكن جائز .
همست بخفة : هل أنت رب عمل قاسي ؟
رمقها بطرف عينه ليهمس بخفوت : بل مخيف .
هزت كتفها وهي تدلف من أمامه داخل المقصف : ليس معي ، لقد اكتسبت مناعة ضدك .
اسبل جفنيه ليجيبها بخفة ماكرة : لا تراهني ، لازالت جعبة الأسد ممتلئة يا صغيرة .
أجابته وهي تجلس مكان ما أشار لها : ولكننا أصبحنا اصدقاء ، الأسود لا تخيف بعضها يا دكتور .
غمزة بسيطة من عينه انفلتت بعفوية ليجيبها : أصبت .
وميض سرى بعينيها سرعان ما اختفى فيكح بخفة متبعا – ماذا تشربين؟
همهمت بعفوية : عصير فراولة .
ارتفاع طفيف في حاجبيه ليكتم ابتسامة مستمتعة زينت ملامحه ليمأ براسه وهو يتحرك مبتعدا فتراقبه بعينيها وهي تفكر " ما الذي تفعله هنا الآن ؟!! "
عبست وهي تسمع سؤالها خارج من بين شفتيه وهو يناولها كوب العصير ويحتسي القهوة على ما يبدو لتهمس بحيرة : عفوا ؟
ابتسم بخفة ليهتف : أخبرك ما الذي تفعلينه هنا ؟
أجابت بمنطقية : أتيت مع والدتي لأكون بجوار أميرة وتامي ولكننا هنا منذ الصباح وهي لم تلد للان وهناك أمر ما في ولادتها لا أفهمه ، شعرت بأن أعصابي أوشكت على الاحتراق وتوترت بالفعل ففكرت أن اتحرك قليلا وأبحث عن المقصف لأحتسي شيء ما يساعدني على الهدوء .
ابتسم بتفهم لتكمل بعفوية – ولكني الآن سأعود حتى لا أتأخر عليهم فيتوترون لغيابي وهم من الأصل متوترون بسبب أميرة .
اشار إليها لينهضا سويا : حسنا تعالي سأعيدك واطمئن على أميرة بنفسي .
التفتت إليه لتسأله : يهمك أمر أميرة ؟
ابتسم بلباقة : أحمد أخو عبد الرحمن الذي يعد صديقي وزميل عملي ، وأميرة هانم ابنة عم ابن خالتي الذي أعده شقيق لي ، ناهيك أن أخي متزوج من ابنة عمها وأن بيننا نحن كآل الخيال نسب وصداقة وبين آل الجمال ، كل هذا يدعوني أن اطمئن على الحالة بنفسي وأوصي الطبيب بها أيضا .
ابتسمت برقة لتهتف بمشاكسة : نعم اتفهم كل هذا ولكن صمتت وهي تمص العصير عن طريق الماصة المتصلة بالكوب قبل ان تتبع – لا أقصد أن اكون وقحة ولكن توصيتك لا تهم فأميرة ابنة شقيق مالك المشفى الأصلي .
ابتسم بخفة ليجيبها : بالطبع أنا أدرك هذا وكل التقدير لدكتور أحمد فهو أستاذي ومعلمي وسبب رئيسي في أني اخترت جراحة المخ والأعصاب بالمناسبة ولكن كل هذا لا يمنع أن توصية عادل الخيال غير .
نظرت إليه باستنكار ساخر لترد بمرح خافت : لا والله .
حرك رأسه بثقة سكنت حدقيته : غدا تعلمين يا موكا .
ضحكت بخفة وهتفت : لا شكرا لك ، لا أريد أن أعلم فأنا أخاف المرض والأطباء والمستشفيات وكل هذه الأشياء يصيبونني بالرعب لذا أنا قررت ألا أنجب أبدا .
عبس بتعجب وهو يرمقها مليًا وهي ترتشف العصير بطفولية ليؤثر الصمت فلا يجبها وهما يقفان أمام المصعد لتهتف به في ثرثرة عفوية : بالمناسبة بم أنك صديقي أردت أن أخبرك عن أمر ما يخصني وأريد استشارتك فيه .
أشار إليها باهتمام : بالطبع تفضلي .
همت بالحديث ليتوقف المصعد ويفتح بابه أمامها لتهم بالدخول ولكنها انتظرت لتفسح المكان للأخرى التي ستخرج منه ولكنها توقفت وعيناها تتسمر على عادل الذي التقط وجودها بدوره فنظر إليها مليا قبل ان يهتف بترحاب أنيق : مرحبا يا لارا ، أرى أنك هنا ؟
رفعت لارا نظرها ترمقه بعدما رمقت ملك سريعا ، ملك التي نقلت نظرها بينهما وهي تشعر بأنك هناك شيء ما يجمعهما فصمتت بصبر وهي تنظر لارا التي ابتسمت برقة : اها أتيت لأراك، فمضى وقت علينا دون أن نتقابل .
ارتفاع طفيف بحاجب ملك سيطرت عليه سريعا وعادل يهتف : انرت المشفى بوجودك ، فقط مندهش لأنك لم تخبريني .
حركت كتفيها بحركة ناعمة : أثرت أن افاجئك ، أتبعت وهي تنظر لملك – من الواضح أني أتيت بوقت غير مناسب فأنت مشغول .
رمتها ملك بنظرة غير راضية واستنكار اعتلى ملامحها فابتسم عادل بخفة : لا أبدا لدي عمل بالطبع ولكن تستطيعين الانتظار إلى أن ننتهي فقط سأذهب مع ..
صمت ليكح بخفة ويهتف بجدية : المعذرة نسيت أن أعرفكما ، أشار إلى لارا – هذه الآنسة ملك عابد ابنة عمة جنى زوجة أسعد .
ابتسمت لارا وهمست : تشرفنا أعتقد أني قابلتها بالزفاف .
أتبع وهو يشير لملك : السيدة لارا ، شعرت ملك بالترقب لتنتظر كلمته التي أتت قاطعة - خطيبتي .
ابتسامة واسعة شملت ملامح ملك لتهتف بمفاجأة : اوه ، كيف لم تخبرني ؟
أتبعت بصدق : سعيدة بالتعرف عليك يا سيدتي لتكمل بخفة - مبارك يا ابية .
رمقها من خلف رموشه ليضحك بخفة وهو يتأمل ردة فعلها التي أتت طبيعية للغاية فيجيبها : بارك الله فيك العقبى لك بإذن الله .
ابتسمت ملك لتهتف : حسنا لن اعطلك عن خطيبتك سأذهب بمفردي .
أشار إليها بحزم : لا انتظري سأتي معك لأطمئن على أميرة هانم ، أتبع وهو يلتفت نحو لارا – فالهانم يمكنها الانتظار بمكتبي وأنا سأوفيها فيما بعد .
عضت ملك شفتها بخفة لتهمس إليه بصوت تعمدت أن يصل للأخرى الواقفة بجواره وهي تلامس ساعده بعفوية تقترب منه تحت نظر أعين الثانية المراقبة : عادل لا أريد أن اتسبب بمشكلة بينكما من فضلك ابقى معها .
رمقها عادل وابتسامته تتراقص بعينيه : لن يحدث شيئا لا تقلقي .
رفعت نظراتها الماكرة لتهتف بمسكنة : على راحتك .
أشارت بكفها للأخرى وهي تبتعد عنهما قليلا : فرصة سعيدة يا سيدتي .
كتم ضحكته ليلتفت إلى لارا مبتسما : المعذرة لابد أن اذهب لأطمئن على ابنة عم جنى فهي تلد وسآتي على الفور .
ابتسمت لارا بتوتر وهي تراقب الصغيرة التي عادت لشرب عصيرها بطفولية واضحة : لا عليك سأنتظر .
أومأ برأسه ليستدعي المصعد فيدلف إليه خلف ملك التي أشارت إليها تودعها بحماس قبل أن ينغلق باب المصعد فتعود للخلف تكتف ساعديها أمام صدرها وتهتف بخفة ماكرة : أنت الآخر اصبحت مدان لي بتفسير يا ابيه .
ابتسم بمكر وأخفض رأسه قليلا ليجيبها بخفة : معك حق ، من المؤكد أننا سنتحدث سويا في وقت ما .
همست بلا مبالاة وهي تنتهي من عصيرها : أكيد هذا ما يفعله الأصدقاء عادة ، لذا أنا سأنتظر.
***
صفت سيارتها في المكان المخصص بأماكن صف السيارات في المرأب المفتوح الضخم الموجود أمام المشفى الكبير الذي تعلم أنه يتواجد به الآن ، فهذا موعد مناوبته الصباحية ، تحركت بجدية للداخل وهي تدرك أن عليها الحديث معه فما حدث البارحة بالزفاف وانفجاره الذي تشعره بات وشيكا يستحق أن تتحدث معه وتخبره عم يؤرقها .. يضج مضجعها .. وينهك روحها ، فهي إلى الآن تشعر ببعض الاضطراب حينما يقترب منها .. يغازلها .. أو يمنحها الكثير من مشاعره فتتزايد رهبتها ألا تغرق في دوامته لتتراجع كرد فعل تلقائي لا تقوى على التخلص منه ، وخاصة بعد هذه المرة التي استجابت له حينما قبلها في غرفته .
احتقن وجهها بقوة وهي تخطو إلى الداخل تتجه نحو القسم النفسي وضميرها يؤنبها على ما فعلته البارحة معه في عرس شقيقه ، فبعدما استجابت إليه اخيرا لتراقصه بعد رفض تكرر من أول الزفاف إلى أن بدأ نادر في الغناء فأطاعته لترافقه قليلا ثم ابتعدت عنه ثانية في عدم رضا كسى ملامحه ولكنها تجاهلت الأمر فلم تقبل بأن ترافقه في الرقصة الهادئة ليجاورا عاصم ونوران بل وقفت بعيدا بجوار الفتيات لتبتسم رغم عنها وهي تستمع إلى الحوار الخافت بين ملك وآسيا اللتان وقفتا تتنهدان وتطلقان التعليقات الهائمة على هيام عاصم الواضح لتصفر آسيا فجأة وملك تهتف ضاحكة وعاصم يحتضن نوران ويدور بها : Awesome
فتضحك بخفة وتهتف بهما : كُفّا عن التغزل بالرجل ، أنه يتزوج ، فلا داع للغزل الآن ، لو كانت خطبة كان تغزلكما به مناسبا ولكن ما نفع تغزلكما به الآن فهو ذهب وأصبح ملك المدللة، أشارت إليهما بعصا الباتون ساليه الذي تتناوله وهي تتبع بتهديد ضاحك - ثم هاك أنا احذركما أن نوران استمعت إليكما ولولا أن عاصم يراقصها لكانت أتت وقطعتكما إربًا ولكنه منعها عنكما، ولكن هذا لا يمنع أنها ستقتص منكما بعد انتهاء شهر العسل
ضحكت الاثنتان لتهتف ملك بخفة : إذا انتهى شهر العسل لا أعتقد أن عاصم سيتركها تخطو بعيدا عنه ثانية
حينها شهقت بمفاجأة وهي تنظر لتلتفت لملك بعينين متسعتين هاتفه بصدمة وهي تكتف إحدى ذراعيها أمام صدرها وتسند مرفق الآخر فوقه لتقضم قطعة من عصا الباتون ساليه وتتمتم بتعجب : أصبحت وقحة يا فتاة.
همت الأخرى بالرد عليها قبل أن يشهقن ثلاثتهن على صوته الذي صدح من خلفها ورأسه التي أطلت من جنب رأسها لا يفرقه عنها إلا مسافة ضئيلة ليهمس بمرح : من التي أصبحت وقحة؟!
لم تدري بنفسها إلا وهي تدور بسرعة في رد فعل سريع منها كعادتها بجسدها القريب من جسده للغاية وترفع كفها لتهوى به على وجنته فيلتقطه بسرعة بداخل إحدى راحتيه وهو ينظر إليها بصدمة طلت من عمق حدقتيه وقبل أن تتحرك لتبتعد عنه كان يقبض على يدها الممسكة بعصا الباتون ساليه بكفه في قوة تعمدها ليقضمه ببرود وهو مستولي بنظراته عليها ، اكفهر وجهها وهي تشعر بالإحراج يغزوها ثانية وهي تتذكر أنها دفعته إليه في فمه بعصبية قابلها ببسمة هازئة وهو يتمسك به بين شفتيه ، تنظر لعمق عينيها فترى غضبه المكبوت بداخله وعتابه الصريح فتشمخ بكبرياء تملكها لوهلة فتدفعه بحدة بعد وهلة بعيدا عنها وهي تهمس بغضب : ابتعد عني .
رفع حاجبه برفض أن يتركها وهو ينظر إليها من خلف رموشه المسبلة وهو يؤثر صمت أغاظها فأتبعت هادرة بعصبية وهي تحاول أن تتملص منه :اتركني يا عمار ، لم يجب وهو يرمقها ببرود أثار دمائها وهو الذي لا يمنحها حرية الافلات بل جذبها إليه أكثر وهو يحبط حرية جسدها بعدما قبض على مرفقها الحر فهتفت بغضب حقيقي : هل أنت مجنون ؟! هل هناك أحدا يفعل ما تفعله وسط الناس ؟! ماذا أردت لتقترب مني هكذا ؟! اتركني .
__ لا ، إجابة بسيطة قاطعة فلتت من بين شفتيه فأثارت جنونها ليتبع ببرود – أنا من حقي أن احتضن امرأتي ، وأنت امرأتي يا بنت الأمير .
تمتمت بحنق واندفاع وجنونها يومض بعينيها : لا أنا لست امرأتك .
تجهمت ملامحه وهو يضيق عينيه قليلا قبل أن يفلتها بسهولة متمتما : على راحتك .
ومن حينها تجنبها تماما حتى حينما انتهى الزفاف لم يأبه أن تجاوره بل صحب شباب عائلته في سيارته وهو يزف شقيقه بينما هي ذهبت مع عاصم دون أن تحاول الاقتراب منه ، ورغم ادعائها عدم الاهتمام إلا أنها حينما أغلقت عليها باب غرفتها وبعدما بدلت ملابسها انتظرته أن يهاتفها .. يراسلها .. أو يطمئن عليها كعادته حتى وهما غاضبان سويا يهتم بالسؤال عنها ولكن هذه المرة شعرت بها مختلفة .. حدسها أخبرها أنها مختلفة .. وقلبها أيضا أخبرها أنها مختلفة ، بللت شفتيها برقة لتقترب من الفتاة التي تقف ترتب مواعيد الجلسات فتسألها بهدوء عنه فتخبرها الفتاة أنه موجود وليس لديه مواعيد الآن ، فتبتسم بخفة وتهمس إليها وهي تدفع ثمن الجلسة : أريد الدخول من فضلك .
أومأت الفتاة بلطف وهي تهم بتسجيل بيانتها فتهمس إليها بخفة : لا داعي ، أنا مريضة قديمة لدى الدكتور .
عبست الفتاة بعدم فهم لتنظر إليها قليلا فتمليها الرقم المتسلسل الخاص بها لتومئ الفتاة بتفهم قبل أن تشير إليها ان تدلف : حسنا تفضلي .
طرقت الباب بهدوء لتطل من الباب وتهتف بهدوء : صباح الخير .
رفع رأسه ينظر إليها بدهشة ليعبس بغضب لم يخفيه وهو ينهض واقفا : ماذا تفعلين هنا ؟
هزت كتفها وهي تجيب بهدوء : أتيت لرؤية الطبيب .
رمقها من بين رموشه ليقترب منها هاتفا : أنت لا تحتاجين لرؤية الطبيب ، لقد انتهينا من هذه المرحلة يا يمنى فلا تلتفين حولي حتى لا تعترفين أنك مخطئة .
رفعت رأسها بشموخ لتجيب بجدية : بل أنا مخطئة لا أنكر ولكني أتيت للطبيب لأسأله عن شعوري المبعثر واستفهم منه كيف علي أن اتحكم في صراعي الذي لا أقوى على اخماده .
هدر بغضب : صراعك ؟!! هل لازال هناك صراع بداخلك بعد كل هذا ؟!
مطت شفتيها لتهمس بحزم : اهدأ يا عمار حتى نستطيع التفاهم ،
رمقها بجدية : حسنا سأفعل ولكن من فضلك استعيدي ثمن الكشف وعودي للبيت وبعدما انتهى من عملي سأمر عليك ونتفاهم في البيت .
عبست باعتراض ففتح باب الغرفة ليهدر باسم الفتاة التي أتت سريعا فهتف بها في خشونة أن تعيد لها نقودها قبل أن يهدر بحزم : الآنسة ليست مريضة .
نقلت الفتاة نظرها بينهما دون فهم لترمقه يمنى بضيق قبل أن تهتف بهدوء : حسنا على راحتك ، همت بالانصراف فاستوقفها سائلا بخشونة – انتظري يا يمنى كيف أتيت ؟
توقفت لتجيب بهدوء : بسيارتي ، فأتبعت – أتيت لأتحدث معك يا عمار ولكنك ..
قاطعها بعدما أشار للفتاة بالانصراف وأغلق الباب خلفه : أنا زوجك يا يمنى حينما تريدين الحديث معي لي بيت تستطيعين زيارته أو تراسليني وتخبريني أن امر عليك ، لا أن تأتي لي كطبيب نفسي فأنت وأنا ندرك جيدا أنك الآن بألف خير والحمد لله .
أشاحت بعينيها بعيدا فاكمل : هل تشككين بقدراتي كطبيب نفسي أيضا يا يمنى ؟ ألا يكفيك تشكيكك بي كزوج لا تقوين على منحه الأمان فتشككين بقدراتي العلمية وأني لن أقوى على فهم دوافعك ؟
رفت بعينيها لتجيبه : لا بل أتيت لك لأشرح لك دوافعي فتساعدني يا عمار .
رفع حاجباه استهجانا ليغمغم بضيق : أساعدك فيم ، ألا زلت لا تثقين بي يا يمنى ؟!
هتفت بضيق تملك منها : بل أثق بك ، المشكلة أني لا أثق بنفسي وأنا معك .
اتسعت عيناه بصدمة قبل أن تتحول إدراك تام ليهمس بعدم تصديق : لازلت تحاسبين نفسك على ما حدث قديما .
استلقت جالسه فوق الاريكة من خلفها وهي تهتف انهيار وشيك : أنت لا تعلم كيف شعرت بأني سيئة لأني استجبت لك يا عمار ، وشعوري هذا تجدد حينما ..
قاطعها بفهم : حينما قبلتك بغرفتي واستجبت لي ، أعلم ، رفعت نظرها إليه بعدم فهم فاكمل – أدركت هذا حينما بدأت بوضع الحدود بيننا يا يمنى .
أخفضت عيناها ثانية ليبتسم رغما عنه وهو يتأمل ضيقها قبل أن يغمغم بحنق : لم تكن شبه قبلة هذه التي ستدمر حياتنا .
مسحت وجهها بكفيها وهي تعيد خصلاتها للخلف لتتمتم : فقط كل ما أريده منك أن تحترم الحدود بيننا يا عمار إلى أن يتم الزفاف .
زفر بضيق : أنه لوقت طويل يا موني ، وأنت حدودك كثيرة وأنا لا أقوى أن أظل اخطو معك وكأني اخطو فوق خيط حرير أخاف أن تفلت قدمي فتتراجعين كما تفعلين الآن .
أكمل وهو يقترب منها – أريدك أن تثقي بنفسك وبي وأن تقتنعي الآن أنك لم تكوني سيئة لا فيما قبل ولا الآن ، بل أنا من أغويتك في المرتين للحقيقة .
ابتسمت رغما عنها لتهمس إليه بمشاكسة : إذًا أنت السيء فيم بيننا .
أومأ برأسه وهو يقترب منها اكثر : اقر بذلك ومعترف ، أنا السيء .. الشرير .. العابث .. والفاسد يا يمنى .
رمقته بمكر وهي تسند ذقنه لراحة يدها بعدما غرست مرفقها في ركبتها تهمهم من خلف كفها بصوت ليس واضحا : أعتقد أن علي إبلاغ أبي بكل صفاتك السيئة هذه حتى يلغي الزيجة .
ضحك بخفة : لا تستطيعين يا ابنة الأمير .
رفعت حاجبيها ورمقته باستهانة فأكمل – أنت تحبين صفاتي كلها سيئة أو جيدة ، أنا نصفك الآخر يا يمنى فتوقفي بالله عليك عن كل ما تفعليه بنا .
رمشت بعينيها وتنهدت بقوة فاحتضن كفها من أمام فمها ليجذبها إليه يقربها منه أكثر هامسا بجدية ووعد تألق بعينيه : لن اهرب وأتركك ثانية .. ولن أظن بك السوء فأنا لن أفعل يوما ، أنت زوجتي منذ أن خلقت يا يمنى .. أنت قدري الذي آمنت به وعافرت كثيرا لأعود إليه فتوقفي عن الخوف واعلمي أن الله خلقنا لبعض ولن يفرقنا شيء سواه .
رقت ملامحها وشعر بتوترها يهدأ ونظراتها تلين بعشقها له فهمس بخفة ومرح : هل مسموح لي بتقبيلك بعد كل هذا الحديث .
ضحكت وهزت رأسها نافية فأومأ مستجيبا : حسنا وأنا راض سأنتظر للزفاف ولن يضرني بضعة أشهر ثانية .
ضحكت ونهضت واقفة لتهم بالحديث عن كونها ستغادر ليرتفع رنين هاتفه فجأة فيعبس بتعجب وهو ينظر لوجه ابن عمه فيجيب بعدما أشار إليها أن تنتظر قليلا ليأتيه صوت أدهم الذي هتف بخوف حاول السيطرة عليه : عمار أنا بالطوارئ في الأسفل ، مازن وقع مغشيا عليه بالجامعة.
***


سلافه الشرقاوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس