عرض مشاركة واحدة
قديم 26-09-20, 09:42 PM   #174

رحمة غنيم

? العضوٌ??? » 475679
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 431
?  نُقآطِيْ » رحمة غنيم is on a distinguished road
افتراضي

تقدم بضع خطوات ليقابله هذا السكون الذى يحتل الغرفة بعد ان أغلق الباب من خلفه ..... لا يعلم لماذا احتجز نفسه داخل مكتبه لعدة ساعات ؟! .... لماذا لم يشاء ان يقابلها بعد ان ادرك جيداً انها استمعت لحديثه مع آسر .... أغمض عينيه بإرهاق انتشر بكامل جسده و هذا الحدث يعود ليمر امام مقلتيه

ضغط على جفنيه بقوة أكبر و هو يتذكر تعبيرها و عينيها التى لم تفاق محياه .... لماذا تحدث هكذا ... لماذا ينكر ان مساعدته لم تكن بسبب آسر بالنهاية .... لا يعلم تحديداً ما سببها ... هل لانها ضعيفة هشة ام حمايتها لطفلها بضراوة بهذا الشكل بالرغم من كل شئ .... انه يعلم بقراره نفسه ان آسر اخطأ بحق الجميع بفعلته

لماذا عادت ؟!! ..... أجل لماذا عادت لتحاصره بتلك الزاوية لماذا لم تذهب كما خطط هو لينتهى كل شئ ...... لعن الصحافة و عائلته و آسر نفسه كل شئ جعلها تصبح بطريقه فهو لم يعد راضى عن نفسه و عن هذا التشوش الذى أصبح يستنفذ عقله .... انحدرت عينيه دون اراده منه عند تلك النقطة نحو جسدها المستكين على فراشه الذى اصبح لها ليجد جسدها الضئيل يعاون انفاسها فى الهدوء

انها سوف ترى الأن مساعدته لها من اجل ابن عمه ...... صمتت أفكاره للحظه ليباغتها و هو يردد لنفسه و ماذا فى ذلك فهكذا يجب ان تدرك هى انه يفعل هذا من أجل آسر لماذا يهتم من الاساس كيف سوف ترى الأمور ؟! ....... تقدم نحو الداخل و هو يخلع سترته ليلقى بها على أريكته الضيقة التى لا يعلم كيف تحمل جسده كل ليلة ليتوجه بعدها نحو الحمام الملحق بالغرفة

توقفت قدميه و عينيه تلمح ذلك البريق ليتأكد من تخمينه حينما اقترب من طاولة الزينة ليجد انه بالفعل ذلك الخاتم ... الخاتم التى قدمته لها والدته قبل ساعات فقط .... خاتم زواجهم !!! كما أطلقت عليه والدته .... لقد خلعته ...... عقد حاجبيه و هو يستشعر هذا الضيق يأخذ حيّز أكبر من فكره انه ليس سوى خاتم لعقد زواج زائف .... لماذا كل ذلك الاندهاش ... هل لانها ألقت به هكذا باهمال فى حين انها بدت و كأنها أحبته !!!! .... نفض رأسه بعنف ليتابع طريقه نحو الحمام و هو يجبر عقله ان يتوقف عن تلك التراهات !!

***

صباح جديد عاد ليطل عليهم بشعاعه الساطع ..... يطل ليخفى معه همومهم لكن ما لم يعلموا ان هذا الصباح يختلف عن كل ما مر من قبله و ما سوف ياتى من بعده .... صباح سوف يكتب لهم تاريخ جديد به !

وقفت أمام طاولة الزينه تنظر الى الخاتم بتمعن .... شتان بين شعورها به فى الامس و بين شعورها به الأن ... ما الذى اختلف ..... لا لا شئ اختلف لقد استيقظت من حماقتها فقط هذا كل شئ ! ..... يجب ان تدرك ان هناك حدود يجب ان تتعامل بها معه .... حدود وضعها هو منذ الْيَوْمَ الاول لكنها تناستها مع كرمه بالتعامل معها ... يجب ان تتعامل بحذر

رفعت أنظارها لتواجه نفسها أمام المرآه و داخلها يسترسل بحديثه ..... فهذا الالم الغير مبرر الذى كاد ان يخنقها أمس و كلماته تدق كالناقوس داخل اذنيها يحذرها بشدة .... انها لم تستشعر باى شئ من حالة آسر حتى انها لم تدرك حقاً حالته قبل ان يتقدم هو منها !! .... عادت لترتدى الخاتم فهى لا تريد ان تكسر خاطر السيدة بهار لتتجه نحو الأسفل بنفسها الى طاولة الفطور سوف تكون شٌجاعة و تواجة الجميع فهو سوف يكون موجود معها ايضاً !

***

جلست بشموخ زائف و قلبها مزال ينزف بعنف ... ماذا تنتظر بعد .... و لماذا عليها الانتظار أكثر ..... لقد ضحت بكل شئ كانت تملكه لكنها الأن اصبحت تخاف ان تخسر ما تبقى لها من نفسها و كبريائها ..... و قفت ميرال بهدوء و هى تنظر باتجاه قادير الذى كان قد التقط احدى الصحف الموضوعة بجانبه على الطاولة كالعادة قائلة بنبرات واثقة

( عمى هل نستطيع ان نتحدث قبل الفطور قليلاً )

بادلها قادير نظراتها الواثقة باخرى مندهشة .... انها المرة الاولى التى تطلب منه ميرال ان يتحدث معها ... و على ما يبدو انها حتى لا تريد الانتظار ..... التفت نحو ابنه و لم يكن صعب عليه ان يدرك انه ارتكب حماقة كعادته لكنها تبدو أكبر من المرات السابقة حينما وجد آسر يطأطأ راسه نحو الأسفل و أنامله تداعب حواف هذا الطبق الموضوع أمامه دون ان يحاول شرح اى شئ !!

شتت انتباهه هذه الخطوات القادمة ليجد تلك الفتاه تتقدم باتجاههم لتتبعها خطوات أردال ..... عادت كفه لتضع الجريدة مكانها باهمال لينهض بعدها متحدثاً

( حسناً ابنتى هيا لنتحدث )

أشار ‏لها لتتقدمه ليتبعها و هو يرى نظرات أردال الذى يسودها بعض الاندهاش من هذا الحديث الذى سوف يدور بينهم .... تقدمت نارفين بهدوء مصطنع نحو ذلك المقعد الذى اصبح مخصص لها الجلوس عليه بتلك الأيام السابقة وهى تستمع لكلمات بهار المٌرحبة بها لكن عينيها التقطت تجهم ملامح آسر و نظارته النارية التى تتبعت مسارها لتصل الى هذه الجريدة !!!

كادت ان تشهق و هى ترى تلك الصورة التى تضم كل من ميرال و طارق معاً و هم متعانقين ! .... لا تعلم ماذا تفعل سوى ان تلتفت نحو أردال الذى كان يتقدم خلفها لتستنجد به حتى يمنع ما سوف يحدث ..... لكن صوت ارتطام المقعد بالأرض و نبرات آسر الحادة جعلت جميع أوصالها ترتعد

( لهذا دائماً كنتِ ترفضين ان اقترب منك ! )

توفق كل من قادير و ميرال قبل ان يلتفت جميعهم نحو آسر الذى اخذ يُلوح بتلك الجريدة عالياً أمام وجه ميرال البعيد عنه يُكمل حديثه قبل ان يُلقى بها نحوها لتمس جسدها قبل ان تسقط أرضاً

( لهذا كان يتلبسك البرود عند اقترابى منك ايتها الحقيرة )

نظرت ميرال نحو الجريدة التى تخط عند اقدمها و هى تشعر بعيون كثيرة تتجه نحو ذات الهدف و انفاس عده تحاوطها ليتجمد جسدها دون حراك و الصدمة تشل اطرافها و هى ترى الصورة و هذه الكلمات التى خطت فوقها ليزيد هذا الخواء بداخلها بل كان شعور بمرار لم تعش مثله من قبل !!

شعرت بجسدها يهتز و قبضة قوية تدمى ذراعها و صوت آسر يصلها من مكان بعيد و كأنها داخل تمثال من الشمع بعد ان قطع تلك المسافة التى كانت تفصل بينهم بجنون

( منذ متى و أنتِ على علاقة مع هذا الحقير ... تحدثي )

شعرت بجسدها يتراجع خطوه و صوت قادير يردد بعد ان حل كفه عن ذراعها

( توقف آسر انتظر لنفهم منها أولاً )

لم تكن تهتم لما يحدث لها حتى لم تشعر بالخزى من تلك الكلمات التى تسمعها كانت فقط تريد ان تصرخ ..... تصرخ و تصرخ بعنف حتى ينقطع صوتها تصرخ لتلفظ كل هذه الالم التى شعرت بها منذ ان أتت لهذا العالم منذ ان فقدت والدتها قبل ان تتم التسعة أعوام .... والدتها اخر شخص شعرت بحنانه عليها !

اجفلت بقوة و نبرات تحفظها عن ظهر قلب هى من أتتها لتخرج روحها الحبيسة من هذا السجن رفعت أنظارها حيث يقف هناك على بعد خطوات حبها الأوحد و نبراته تصدح ليردد بثقة و قوة

( كل هذا هراء ... نحن نعلم جيداً كيف يبدلون تلك الصحف الحقائق بالكذب .... و انا سوف أجعلهم يدفعون ثمن هذا الهراء غالياً ... سوف أعلمهم كيف يلعبون معنا بهذا الشكل الوضيع ) .....

سارع أردال ليخرج هاتفه قبل ان ياتيه صوت عمه بهدوء عجيب

( أنتظر أردال !! )

نظر قادير بتمعن الى جانب وجه ميرال المتحجر قبل ان يتساءل بحذر

( هل نفهم هذه الصور بشكل خاطئ ميرال ؟!! )

رفعت عينها لتنظر الى تلك الوجوه من حولها ماذا تنتظر بعد انها كلمة فقط ان نطقتها سوف تتحرر من هذه الأغلال التى تحاوط روحها .... شعرت بانين روحها المكلومة و شريط حياتها البائس بهذا القصر يؤكد لها تلك الكلمة

( لا !! )

نطقت بها بثبات لا تعلم من اين استمدته لكن فقط لحظة واحدة هى التى شعرت بها بالراحة كما لم تشعر من قبل و دموع قهر كانت تعيش به تتجمع داخل مقلتيها .... قبل ان يتسمر جسدها و هى ترى هذا الوحش يهجم عليها

ارتد جسد ميرال و ملامح الصدمة تسيطر على وجهها و هى ترى تلك الكف الأنثوية الرقيقة التى منعت عنها الصفعة التى كادت ان تخط على وجنتها دون مفر و جسد نارفين بقامته التى تقل عنها طولاً تقف حاجزاً بينها و بين جسد آسر الذى تعلقت كفه هو الاخر بالهواء !!

لم تعلم هل هذا يحدث بالفعل ام ان تلك الغشاوة النابعة من تلك العبرات المتحجرة داخل مقلتيها تخون رؤيتها .... لكنها رأت هذا الاهتزاز الذى حل على جميع ملامح آسر و الذى بدى كتمثالاً من الشمع بتلك اللحظة و هو يرى نظرات نارفين التى تشنجت أطراف أناملها و هى تخط على كفه بعنف لم تعهده بنفسها من قبل !!

هذا العنف الذى ارادت ان تواجه العالم به منذ الْيَوْمَ الاول التى خطت قدميها به هذه البلد .... العنف الذى امتزج بشتى انواع الاشمئزاز من نفسها قبل اى شئ و بنبرات جعلت الصقيع يتسرب الى خلايا جسده رددت و عيناها تطلق سهامها نحو عينته المهزوزتين من ظهورها المفاجئ أمامه بذلك الشكل

( هل ستنتقم لكرامتك المهدورة بهذا الشكل .... هل ستسترجع رجولتك التى تمزقت على يد الصحف ان وقعت تلك الصفعة على وجهها ؟!! .... )

صمتت و هى تزدرد ريقها الذى بح من تشنجات جسدها الخفية قبل ان تبثق عبارتها الاخيرة بوجهه باستحقار غلف نبراتها ..... لا تهتم لشئ ليحدث ما يحدث بعد الأن!!

( و هل تستحق ان تفعل هذا من الاساس ... سيد آسر ؟!! )

وخز قوى اخذ يصيب جانبات صدره حتى بات التنفس اليه وسيلة شبه مستحيلة و هو يرى هذا الاستحقار المطل من عينيها نحوه .... تلك العيون التى كانت تهيم به و بكافة تفاصيله من قبل !! ... شعور غادر بالاختناق اخذ ما تبقى من قوة جسده حتى تخازلت يده حتى صحبتها كف نارفين بالسقوط الى جانبها و التى امتزجت مع هذه العبرات المخنوقة و هى تطفو على سطح مقلتيه حتى وجد جسده يهرب كما اعتاد من تلك النيران الذى اجزم انها طالته لتُلقى به رماداً تتلقفه الرياح دون هوادة !! .... فتلك الرياح التى حملت خزاه أخذت تهفو على جسد اخر ... جسد اتخذ السكون له ملجاً لينسى كيف تهب تلك الرياح لتزلزل الكيان معها !!

كان يقف أردال بثبات عجيب يتابع هذا المشهد لكن عيناه التى تهيج بتناقض يفيض من ما يحمل داخله التقطت اهتزاز جسدها الذى أخذ يشتد بتتابع جعله يتقدم منهم بهدوء يجيد ارتدائه و شفتيه تتمتم اسمها بنبرات احتلها القلق و شئ ما ينبهه لانهيار بعد هذا التماسك و القوة التى تظاهرت بامتلاكها وسط ذهول الجميع من حوله خاصتاً ملامح قادير قبل ان يغادر المكان بغضب و بهار تتبعه و هى تتحامل على صدمتها من هذا المشهد لتوقف اعمله الجنونية حينما تمس سمعة العائلة و الشركة .... تقدم منها و هو يشاهدها تغمض بالم و هو يتساءل

( نارفين هل انت بخير ؟!! )

هذه المرة كادت ميرال ان تنهار و هى ترى نظرات أردال التى ارتفعت نحوها بعد ان حاوط نارفين التى تتألم بشكل لم تفهم سببه و قبل ان تقول اى شئ و جدت نارفين تقول بثقة صدمتها أكثر من صدمتها الاولى

( انها تكذب أردال !!! )

نظر أردال لها بتشوش غريب و مقلتيه تحاول فك شفرات نظراتها و رغم شعوره بجسدها المرتجف بين ذراعيه عاد ليسألها كأنه يُرِيد سماع الجواب منها

( اعلم انها تكذب سوف اصلح هذا الوضع ... لكن هل أنتِ بخير نارفين ؟!!)

اتكأت على ذراعك لتبتعد عنه وهى تقول بثقة امام توهج عينيه

( أنا بخير .... لكن ...... )

صمتت لتكمل بعدها و عينيها تتجه نحو ميرال المصعوقة

( طارق .... يجب ان يأخذ حذره من آسر و منهم !! )

لن ينكر الأن انها سبقته بخطوه كما لم يفعل أحد من قبل لا بل اعادته من هذا التشوش التى كانت هى السبب به .... ليجد نفسه يغادر و تلك الثقة التى رآها و لمسها من كلماتها تؤكد له انها سوف تكون بخير ...... و عليه التواجد حيث سوف يتفجر الحدث الأكبر

***
يتبع...


رحمة غنيم غير متواجد حالياً  
التوقيع
كاتبة بقصص من وحى الاعضاء