عرض مشاركة واحدة
قديم 03-10-20, 09:45 PM   #203

رحمة غنيم

? العضوٌ??? » 475679
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 431
?  نُقآطِيْ » رحمة غنيم is on a distinguished road
افتراضي

فى مكان اخر من الكرة الارضيّة تختلف به وجوه الناس كما تنتشر به أشعة الصباح الاولى عكس ذلك الظلام الذى يكسوها حيث تضطرب المشاعر و تتشتت الأرواح كانت هى تتحايل على جسدها المرهق و كفها تزيح خصلات شعرها التى تتدرج ألوانه بين البنى الفاتح و الاشقر و عينيها التى تشبة الغابات الخضراء ترفض أشعة الشمس و هى تتسربت من الشباك الذى يطل على فراشها الواسع مباشرتاً .... زمجرت بدجر و هى تخط أولى خطواتها بخفة على الأرض حافية القدمين تتجه نحو طاولة الزينة الخاصة بها تنظر الى وجهها المرهق بإعجاب و ثقة بنفسها تزداد يوم عن الاخر لكن صوت رسالة نصية أزعجت تأملها الصباحي لتلتقط هاتفها بانزعاج واضح و هذا الاسم الذى يظهر أمامها على شاشة الهاتف يجعل ملامحها تتجهم قبل ان تتعرف على محتواها !!!

و كان نيران احرقت غابتها و أشعلت داخلها لتجد أعماقها تعصف بأبشع انواع الغضب و هى تطالع هذه الصور التى لم تتخيل انها سوف ترى مثلها يوماً ما و كلمات عزام المكتوبة فوقها تجعل غضب من نوع اخر يسكنها !!

( انظرى ماذا فعل حبيب قلبك ... لقد قلت لك انه تخلص منك منذ زمن لكنك لم تصدقي ايتها الجميلة .... انتظر قدومك بفارغ الصبر .... لقد أردت ان أكون أول من يخبرك ... لكننى كنت أفضل ان ارى ردت فعلك الأن ايتها القطة البرية )

***

احيانا تسقط ارواحنا صريعاً لتلك الآلام التى تتشربها قلوبنا ..... تسقط و تقبع داخل هذا الركن المظلم الذى يتسلل ببطء مميت الى هذه الرواح الكامنة داخلنا بعذاب كل تلك الآلام ... حتى نشعر ان البرودة تمكنت من الروح لتجعلنا نموت و نحن على قيد الحياة ... نشعر ان هذا الجانب النابض منا توقف عن الحياة حتى نفقد الأمل و نستسلم لذلك الظلام الذى طال قلوبنا قبل روحنا ... لكن ان تشعر فجاة ان النبض عاد ليعصف داخلك بعنف كاد ان يحطم كل شئ معه ان يحطم هذا الجمود الذى حل على روحك و سكنها لسنوات و يتركك لتسقط ببئر عميق من التشتت !!

كان ذلك الضياع هو المسيطر على روح ميرال و هى تجر اقدامها بثقل روحها الضائعة نحو هذا الفراش الذى لم تكن تتخيل يوم انه سوف يحمل كل هذه الآلام معها ذلك الفراش الذى احتوى طفولتها و مراهقتها .... احتوى حبها الضائع و دموعها الجريحة و الأن ها هو يحتوى تشتتها و ضياعها من جديد

كان هذا الشعور بالضياع هو المسيطر على روح ميرال و هى تجر اقدامها بثقل روحها الضائعة نحو هذا الفراش الذى لم تكن تتخيل يوم انه سوف يحمل كل هذه الآلام معها ذلك الفراش الذى احتوى طفولتها و مراهقتها .... احتوى حبها الضائع و دموعها الجريحة و الأن ها هو يحتوى تشتتها و ضياعها من جديد !!

ألقت بجسدها الساكن عكس ارتجاف روحها عليه و عقلها يعصف بها بعنف هذه الليلة .... ما الذى حدث تحديداً ؟!! .... ايعقل ان يكون كل هذا مجرد حلم ! ... أو ربما عقلها الباطن هو من صور لها هذا !!

شعرت بارتجافة طفيفة مرت عبر جسدها و ارتجاف اعظم دب بانفاسها و الصور تعود لها بينما كان تسارع انفاسها يؤكد حماقة تفكيرها .... فهذا لم يكن مجرد حلم ... لقد حدث بالفعل ..... لقد قبلها طارق حقاً !!

انها لا تزال تشعر بحرارة جسده .... لكن كيف ..... كيف تشعر بذلك ال ..... ال .... أخذت تتخبط و هى لا تعلم ما يسمى هذا الشعور الغريب و عقلها يستوعب فداحة ما حدث !! ...... طارق ...... " يااااالهى " كلمة كررتها مرات عده و هى تعى ما الذى حدث بينهم ..... تُدرك ماذا فعلت به ليصل الى هذه الحالة الملعونة ..... لا .... لا او ربما ما الذى فعله هو بها !! ..... انه كان ... كان يحبها .... هل يفعل حقاً !!!!!

نفضت رأسها بعنف كاد ان يفجر رأسها من اثر هذا الصداع الذى يحتله و هى ترفض تلك الكلمة ... تريد بكل الأشكال ان تكذب هذا الاستنتاج .... ان تمحى ما حدث من راسها كانه لم يحدث .... لكن ارتجاف شفتيها جعلها تتوقف للحظة .... تلك اللحظة التى ارتفعت أناملها بها لتخط عليها ..... و ذلك المشهد يعود ليتمثل أمامها من جديد و هذا الشعور العاصف يعود معه !! ..... أغمضت عينها بجنون تلك اللحظة .... لقد .... لقد !!

أمسكت رأسها بقوة و شعورها بالصداع يتعاظم بعنف عند ذلك الحد لقد تجاوبت معه للحظه ... تلك اللحظة الاخيرة قبل ان يدفعها باشمئزاز من نفسه قبل اى شئ متمتماً باعتذار واهى قبل ان يتركها ترتجف مغادراً حتى انهارت هى على ارض ذلك المكتب لتكره نفسها أكثر .... أغمضت عينيها و كفيها ترتفع لتحتوى ارتجافها كما اعتادت دوماً و عقلها لا يتوقف عن تكرار ذلك المشهد و جسدها لا يتوقف عن ذلك الارتجاف بينما دموعها تنحدر بعذاب بصمت مميت لروحها اكثر .... ماذا فعلتِ ميرال .... كيف اصبحتِ حقيرة الى هذه الدرجة .... ياااالهى ماذا حدث .... كيف ؟!! .... اخذت تردد داخلها تلك الكلمات بالم لتتلعثم شفتيها بارتجاف أكبر و هى تتمتم بالاستغفار و قلبها يان بعذاب هذا التشتت الذى حل به !

***

يوم جديد تتخلله أشعة شمس جديدة تشرق بتلك الأرواح التائهة لتجعلها تهتدى لمساراتها الجديدة !!

صمت غريب مشحون كان يسود تلك السيارة التى تسير نحو وجهة محددة ... عكس هذا الوجهة الذى يضلها سائقها ... فكان ذلك صمت ظاهرياً فقط ... صمت ينافى الصراع و الترقب الذى يشتعل داخل كيان كل منهم

ألقى أردال هاتفه بضجر بعد ان يأس من محاولاته للوصول الى طارق متمتماً اسمه بالم ... فى حين زفر انفاسة بعنف ذلك الإحساس المقيت .... شعور بالذنب لا يغتفر ينهش داخله يعلم انه اخطأ بحقه بشكل بشع ... لكنه لم يكن يستطيع ان يفعل سوى ان يخفى معرفته بالأمر

انفاس اخرى خرجت حارة من ثغره لتشعل هذا الفضول الغريب و التوتر الساكن بتلك الجالسة بجانبه لتجد نفسها تتغلب على الحاجز التى لا تعلم من منهم وضعه و هى تتساءل بخفوت مضطرب

( هل حدث شئ ؟! .... ماذا به طارق ! )

شعرت بتسرعها و حماقة هذا التجاوز التى خاطرت به بسبب فضولها لمعرفة ما يزعجه الى ذلك الحد بعد ان تلقت منه التفاتة مدهوشة و كأنه لم يتوقع ان تتجرء و تشاركه ما يقلق مضجعه !

شعرت بالم يتسلل اليها من هذا التجاهل و الصمت الذى خيم على المكان بشكل أشد و انظاره عادت لتتجه نحو الطريق دون حتى ان ينطق بحرف ..... حاولت التغلب على هذه السخونة التى تجمعت داخل مقلتيها و التى كانت ترفضها بقوة ..... ترفضها بشكل لم ترفض به شئ من قبل و قلبها يخبرها الحذر بل و الفرار ايضاً لكنها لم تستطع ان تسيطر على ذلك الشعور المرير الذى غزى روحها مع تجاهله لها فربما لم تكن لتشعر بتلك الإهانة ان كان أجابها بليس من شانك او اى شئ اخر !

التفتت نحو النافذة لتلقى بثقل رأسها المشوش عليها تحاول ان تتجاهل الأمر باكمله ...... لكنها فقط لحظه واحدة هى التى مرت قبل ان تستمع الى نبراته التى لا تعلم تحديداً ماذا فعلت بها لكنها فقط شعرت بخفقات غريبة جديدة لم تتعرف عليها من قبل تدب داخل جانبات صدرها و هو يقول و انظاره لا تزال تتركز على الطريق أمامه

( لقد تشاجرنا أمس !! )

شعرت بصدمة جمدت اطرافها و هى تدرك انه لم يتجاهل سؤالها بل حتى انه يشاركها ما حدث معه و قد ادركت انه ربما اخذ يفكر بشأن ان يخبرها ام لا ! ..... صمتت للحظة تستجمع قواها التى لا تعلم اين ذهبت لتلتفت هى نحوه متسائلة بذات الاضطراب

( تلك العلامات التى كانت على وجهك .... )

قطع كلامها قائلاً

( أجل .... انها المرة الاولى التى نتشاجر بها بهذا الشكل )

خفقة اخرى أخذت صداها بجانبات صدرها من تجاوبه معها بذلك الشكل لتردف بحذر

( بسبب ميرال أليس كذلك ؟!! .... هل تصدق انهم .... )

صمتت لم تستطيع ان تكمل جملتها لتجده يتوجه بانظاره نحوها مثبتاً مقلتيه على نظراتها المهزوزة و هو يقول بثقة

( مطلقاً نارفين .... أنا اثق بطارق كما لم اثق بأحد من قبل ..... كما انى اعرف ميرال منذ زمن لكن ..... )

رأته يزدرد ريقه فعلمت انه يصرارع شئ ما داخله قبل ان يعود و ينظر أمامه لكنه عاد و ادهشها للمرة الثانية و هو يقول

( يجب ان يشارك بحفل الْيَوْمَ نارفين فهو شريكى بهذا المشروع ..... لقد كان يحلم بهذا الْيَوْمَ أكثر منى و الأن )

كانت هى من اكملت عنه هذه المرة و داخلها رغبة غريبة بالتخفيف عنه لهذا أردفت بثقة غريبة جعلت روحه المتألمة تتوه بتلك التعابير المشرقة التى شملت ملامحها

( ربما أنا لا اعلم ما الذى حدث بينكم تحديداً و لا أريد ان اعلم أكثر من ما أخبرتني به الأن لاننى اثق بك و بأنك سوف تحل الأمر ... و ربما لا اعرف طارق كما تعرفه أنت ..... لكننى اثق انه سوف ياتى .... لن يتخلى عن ذلك الحلم التى تتحدث عنه .... فطارق يهتم لامرك .... كما تفعل أنت الأن و قد رأيت هذا بعينى )

نظر الى الابتسامة التى زينت ثغرها برقة لم يرها منها من قبل و عينها التى تسللت نحو مقلتيه لتجعله يتوقف عند إطلالتهم اللامعة ... لتسرق منه نبضة اخرى من نبضات قلبه تباً !! .... زفر انفاسه بهدوء تحكم به بصعوبة و هو يشيح بانظاره بعيداً بعد ان أومأ لها راسه هذا كل ما استطاع فعله فهذا الشعور الذى اخذ يتحكم به ... ان يشعر انه يريد ان يشاركها الأمر .... ان يمنع نفسه من الاسترسال بالحديث معها !

ذلك جنون فهو لم يشعر بيوم من الأيام انه بحاجة لمشاركة أحد ما يزعجه حتى طارق لم يكن يخبره شئ بل هو من كان يفهم عليه دون كلام و الأن ما الذى يحدث ؟!

لم تسنح له بالمزيد من التفكير حينما تمتمت اسمه بخفوت اجفله و هى تطلب منه ان يتوقف .... ليلتفت نحوها و هو يتساءل عن السبب بعد ان أوقف السيارة جانباً

( نارفين ما بك هل تشعرين بالغثيان ... هل أنتِ بخير ؟!! )

عقد أردال حاجبيه و هو يراها تنكس رأسها بهدوء قائلة

( هل نستطيع ان نتوقف هنا لقليل من الوقت !! )

عاد له هذا القلق الذى ظهر بشكل طفيف على نبراته و هو يلتفت لها بكامل جسده مردفاً

( ماذا هناك نارفين ... هل يؤلمك شئ ما؟ )

لحظة من الصمت مرت جعلت القلق يتسلل اليه أكثر.... لكن كل شئ تبخر حينما رآها ترفع رأسها لتنظر اليه بشكل جعل صدره يضيق بعنف و هى تهمس له برجاء لمس شئ ما بداخله

( هل نستطيع ان نتوقف أمام البحر قليلاً ؟! )

لم يستطيع ان يمنع هذه الابتسامة التى أخذت تتسع على ثغره و هو يرى هذا الرجاء الطفولى منها ... و لم يستطع ايضاً قول شئ سوى بهزة بسيطة من رأسه جعلتها تضيع أكثر و هى تشاهد ضحكته للمرة الاولى و كم أخذت تشتم تفكيرها الاحمق عنه من قبل و عن كونه لا يضحك مطلقاً !

اجفلت من تأملها حينما استمعت لصوت إغلاق باب السيارة بعد مغادرته اليها لتراه يلتفت نحو الجهة الخاصة بها .. تسمع بعدها نبراته التى جعلت صوت امواج البحر يتلاشى من إذنيها حينما قال

( حسناً لكننا لا نمتلك الكثير من الوقت ... فأنا ايضاً لا أستطيع ان اقول للبحر لا !)

( هل تحب البحر ؟!! )

تلك اللهفة التى طلت من نبراتها و ملامحها جعلته يتوه للحظة بتعبيرها .... انها حقيقية !! .... ردات فعلها دائماً حقيقية لا تصنع بها و ذلك يجعل شئ ما يتحرك داخله ..... تطلع الى مقلتيها التى تنتظر إجابته بلهفة ليجيبها بهدوء جاهد ليجده

( أجل ... أحب هذا الهدوء الذى يُضيفه على النفس ... كنت اهرب اليه كثيراً قديماً )

انهى جملته و تركها تتابع ظهره الذى اخذ يبتعد عنها اثر حركته .... ذلك التواصل الذى ينشب بينهم يجعل انفاسها تضيق بشدة .... أسرعت بخطواتها لتلحق بقامته لكنها عادت و توقفت لتنزع حذائها المسطح من قدمها كى تشعر بملمس تلك الرمال و هى تحتك بها ...... شعرت بسلام غريب يغزوها ....... سلام عاد ليدب داخل روحها المرهقة و هى تغرس قدمها بتلك الرمال المتشربة لحرارة الشمس التى تشع بالسماء ... رفعت عينيها بهدوء لتجد مقلتيه تنتظرها ...... ازدردت ريقها و هى ترسم ابتسامة مهزوزة على شفتيها لتقول بعدها بنبرات حماسية لم تستطيع ان تسيطر عليها

( لم أستطيع ان امنع نفسى ... أنا اعشق ملمس حبات الرمل حينما تدغدغ قدمي ... اشعر انها تسحب الطاقة السلبية التى تكمن داخلي )

شعرت بحماقة ما قالت و هى ترى صمته الذى عاد ليعم لكن هذا الشعور الذى اخذ ينبعث الى روحها جعلها تشعر بالتحرر .... البحر و الرمال ... نسمات الهواء التى تداعبها الأن..... كل تلك الأشياء جعلت روحها القديمة تعود و كأنها تحررت من تلك الأغلال التى كانت تكبلها بين حوائط هذا القصر المرعب !

تقدمت بخفه نحو الشاطئ بينما كانت النسمات المنعشة تداعب قماش ثوبها الخفيف .... لتداعب هى قدمها بمياه البحر بمشاغبة تتلبسها فقط أمام امواجه ! ... تقدمت و هى ترفع حواف ثوبها الفضفاض لتكشف مساحة اكبر من قدمها غير مدركة انها تداعب نبضات من يشاهد حركاتها العفوية تلك .... أخذت قدمها تتناغم مع حركت الامواج فطارة تتقدم معها و طارة تتراجع نحو الخلف حتى اصابتها موجة عالية لتبلل حواف ثوبها جلبت معها ضحكتها التى تناستها منذ الكثير من الوقت .... ضحكة و قعت على مسامع أردال لتطرب جميع حواسه .... ضحكة أخذ يتأملها بانشداه و هو يراها للمرة الاولى بهذه الطريقة .... لحظات فقط أخذ يتشربها بعدم استيعاب بينما تلك الطبول التى تقرع داخله تفاجئه حتى و جدها تتقدم منه و هذا الثوب يرفرف معها على ألحان تلك النسمات التى تطايرت لها خصلاتها ايضاً ..... تفاجأ و هى تردف دون مقدمات

( أنا اعشق تلك الامواج .... اعشق ان أتى الى البحر ..... هو الشئ الوحيد الذى يذكرنى بابى يذكرنى بطفولتي )

تنبهت جميع حواسه عند ذكرها لوالدها و عقله يعود الى كلمات خرجت سابقا من فم آسر عن كونها لا تحب ان تتحدث عنه معه مطلقاً .... شعر بخفقات تتسلل لتضرب جانبات صدره حينما وجدها تكمل و هذه الابتسامة تتسع على محياها

( فقد كان يأخذنا أنا و أمى بعطلة كل أسبوع ..... كنت أظل اركض بجنون و هو يركض خلفى حتى نسقط معاً فوق تلك الرمال نلهث .... و أمى تغضب علينا و تتذمر و هى تهتف جملتها المعتادة " هيااا قفا سوف تتسخ ملابسكم الأن... هيا يكفى لهذا الْيَوْمَ " )

أنهت كلماتها و هى تجلس على الرمال أمامه بتسارع انفاس طفيف تداعب حبات الرمل باناملها بسكون .... لكنها لم تُشاهد تعابيره التى تاهت بحركاتها و كلماتها العفوية لكنها عادت من ذكرياتها على نبراته التى خرجت ناجمة عن ذلك الفضول الذى لم يستطيع منعه

( كيف توفى والدك نارفين ؟! )

رآها ترفع مقلتيها البراقتين نحوه ليشعر انها تسحبه نحوها و قد صدق و هو يجد جسده ينحني ليجلس بجانبها .... شعر ان سؤاله قد المها و قد ندم حقاً عليه لكنها ادهشته هذه المرة حينما سمعها تصرح له

( حادث ... لقد مات ابى اثر حادث سير مُدبر .... هكذا سمعت !! )

لا يعلم تحديداً ما ذلك الالم الذى شعر به يزحف الى صدره لكن هذا الفضول حولها و حول حياتها السابقة جعله يعود بسؤال اخر من كلمة واحدة فقط

( سمعتي ؟!! )

استشعر اضطرابها مع حرقة حلقها المعذب ليجدها تخفض رأسها حقاً و هى تقول

( لقد انفصل أبى و أمى ... و نحن رحلنا الى الخارج ... لم تكن أمى تسمح لى ان أتواصل معه .... و عندما كبرت و أخذت ابحث عنه )

صمتت تبتلع تلك الغصة التى المتها بشدة و دمعة خائنة تنحدر من احدى مقلتيها لكنها أسرعت لتُزيلها قائلة

( علمت حينها فقط انه توفى )

لحظة فقط مرت من الصمت قبل ان تشعر بزلزال من نوع اخر يكتسح روحها و هى تشعر بحركة كفه المربطة على كتفها يبثها بها الدعم ... دعم أخذ يمدها به منذ الْيَوْمَ الأول دون ان يدرك هو ... حتى كلماته القاسية لها كانت تدعمها بشكل ما دون ان تعى هى ذلك .... عادت لتزيل اثر هذه الدمعة و هى تنهض بحماس زائف قائلة

( هل نذهب الان ؟!! )

أومأ لها ينهض هو الاخر و يديه تنفض حبات الرمال التى علقت ببنطاله جاعلاً ايها تقدمه نحو السيارة .... ليعاود هذا الصمت على السطح مجدداً ليسود بقية الطريق و أفكار كل منهم تتضارب لتعصف بهم نحو المجهول !!

***
يتبع...


رحمة غنيم غير متواجد حالياً  
التوقيع
كاتبة بقصص من وحى الاعضاء