عرض مشاركة واحدة
قديم 10-10-20, 09:28 PM   #227

رحمة غنيم

? العضوٌ??? » 475679
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 431
?  نُقآطِيْ » رحمة غنيم is on a distinguished road
افتراضي

1

اغلقت باب الغرفة و هى تستند عليه ليحملها .... يحمل جسدها الذى لا تتعرف عليه الأن هذا الجسد الخائن الذى يطالبها باشياء غريبة بل أشياء مستحيلة و ببطء .... ببطء شديد .... كبطء انفاسها المتقطعة بتلك اللحظة رفعت كفها الذى لا يزال يرتجف ليخط بهدوء على موضع قلبها .... لتجده على عكس تلك الانفاس المضطربة .... يقذف بعنف داخل جانبات صدرها المتألم كما كانت تشعر به .... صدرها الذى يأن بشكل لا تتحمله و لا يستوعبه عقلها ... بشكل جعلها تقبض على صدرها بموضعه كأنها سوف تُسكت هذا الأنين الذى يفتك بها !!

أغمضت عينيها بعنف لتمنع تلك السخونة التى تجمعت بمقلتيها كتجمع مشاعرها الثائرة لكنها لم تستطيع لتشعر بالم سخونة الدمعة التى انزلقت من جانب جفنيها المطبقين .... و تلك اللحظة تعود لتقفز أمامها و بحماقة و رهبة جعلتها تسخر من نفسها رفعت كفها الآخرى تتحسس بها وجنتها المتجمدة و كما تسارع نبضاتها استشعرت تسارع انفاسها و اهتزاز صدرها و تلك الدمعة التى تبعتها سيول من العبرات جعلت شهقة مخنوقة تتحرر من صدرها كتمتها كالمزعورة و هى تنهار على الارض بجسدها الذى لا تهدأ ثورته و بارتجاف مضاعف اخذ يحتل كيانها كما يحتل جسدها قبضت على بطنها و شهقاتها تتحرر بفزع و عقلها يجعل حروفها تخرج مبعثرة من بين شفتيها و روحها المزعورة التى هتفت بفزع و كفها تشتد على موضع جنينها

( هذا جنون ... جنون نارفين ... لا ... لا يجب ان تشعرى هكذا لا ... لا يجب ان ... ان )

صمتت و هى تعود لتكتم حروفها بكفيها و كما سقطت عادت لتتحايل على قدمها كى تحملها من جديد و كفها تخط على ذلك الطريق الذى رسمته عبراتها لتزيله بعزيمة واهية و هى تتمتم بانفاسها المقطوعة

( هذا .. لا لا يدل على اى شئ ... أجل هذا .... هذا موقف لن يتكرر ... لقد اعتذر ... و انتهى الأمر ... يجب ان اتعامل بشكل طبيعى ... و كان لم يحدث شئ كما فعل هو .... أجل ... لم يحدث اى شئ ... و لن يحدث بعد الأن ... يجب ان أضع حد .... لا يجب ان اتعامل معه و كأنه ... كأنه ... )

ازدردت ريقها لتؤلمها الحرقة التى تتصاعد من انين رئتيها و عدم قدرتها على الاستمرار بالحديث أكثر و بسمائها التى تعصف نظرت نحو هذا الخاتم الذى يطوق بنصرها و عقلها يعود ليجعل شفتيها تردد علها تذكرها بوضعها الحقيقى و مكانتها التى لا يجب ان تنساها

( تذكرى نارفين .... أنت أمامه لست سوى عشيقة لابن عمه الذى يحميها من اجله .... هكذا كنت و سوف تظلين بنظره ... ان تشاريكيه ماضيك الذى لم تشاركيه مع احد من قبل ... ان تحاولين التخفيف عنه و التقرب من محيطه.... هذا الأمان الذى تستشعريته مع وجوده ... و تلك ... ما حدث خطأ ... انه لا يجوز نارفين .... يااالهى الى متى سوف استمر على هذا النحو ... ان ما حدث ... )

عادت لتصمت غير قادرة على الكلام و الم عنيف يعتصر روحها يلجم تلك المشاعر التى تفجرت دون إرادة منها جعلها تغمض عينيها و هى تكمل بعذاب و كأنها تواجة الحقيقة

( كل هذا لن يغير من حقيقة وجودك هنا .... أنتِ تنتظرين الْيَوْمَ الذى ستغادرين به أنتِ و ابنك من هنا بسلام .... أجل .... لذلك لا يجب ان تتمادى أكثر..... فانت هو الشخص الوحيد الذى سوف يتالم حينها ...... يكفيكِ حماقة ..... يكفيكِ الم .... انه مستحيل !! )

أنهت كلماتها لتسقط معها اخر عبراتها و ذلك الخواء يعود من جديد ليحتل داخلها ... خواء فرضته هى على نفسها و هى تلقى بجسدها المنهك على الفراش الناعم ... و دون إرادة منها اخذت تبحث بين و سائده على تلك الرائحة التى لا تزال تحاصرها كما تحاصر ذكرى صاحبها روحها

***

نفث بهدوء دخان سيجارته و عينيه تشاهد احتراقها بين أطراف أصابعه بتدقيق مزيف و عقله يعيد عليه مشاهد اخرى مختلفة كلياً .... لا بل هو مشهد واحد اخذ يتكرر بكثافة دون ان يستطيع ان يستوعب معانيه ....... او يحل شفراته .... ان يستوعب ما هو تحديداً نوع تلك العلاقة الغريبة التى تجمعهم .... لن يستطيع ان يكذب حدثه ... فذلك الارتجاف الذى ظهر جلياً على كليهم مع تقاربهم الذى شاهده .... لا يحدث مع زوجان مطلقاً !!

لكن هذا الانصهار الذى تمازج مع حركاتهم يدل على عشق غريب يجمع بينهم !! ..... عاد برهان لينفث دخان سيجارته من جديد بذات الهدوء و ابتسامة انتصار تشق طريقها على شفتيه و نبراته المتحجرشة من اثار دخان سجائرة تخرج و هو يردف بكل ثقة

( لا يهم اى علاقة تجمع بينهم .... فبمجرد ظهور الحقيقة على السطح سوف يتعكر ذلك الصفاء السائد حولهم .... فقط يكفى أننى نجحت باستدراجك الْيَوْمَ نارفين ...... فأنتِ لم تخيبين ظني بك و بذكائك مطلقاً كما توقعتك بالضبط !! )

***

سحب هذا المقعد المجاور لمقعد طارق بحدة ليجلس عليه و دون اى مقدمات انتشل من كفه ذلك الكأس ليتجرع ما بداخله دفعة واحدة ودون ان ينطق بحرف واحد .... يشير بعدها الى هذا الساقي الذى يقف قبالته على البار ليجلب له كأس اخر ...... لحظات مرات بصمت غريب عليه و كأنه لا يستمع الى الأصوات التى تصدح من حوله .... ليتحدث فجاة و هو لايزال ينظر أمامه غير مكترث بنظرات طارق المصدومة بعد ان افرغ محتوى الكأس الرابع مبتلعاً ايها دفعة واحدة !!

( لقد ارتكبت خطأ الْيَوْمَ لا أستطيع ان استوعبه بعد !! )

رفع طارق كأسه ليرتشف منه و بهدوء متألم أردف هو الاخر

( لن يكون أعظم من هذا الخطأ الذى ارتكبته أنا أمس يا صديقي !! )

مسح أردال على ملامح وجهه بعنف و قبضته الاخرى تقبض بعنف أكبر على الكأس الذى امتلاء محتواه من جديد و هو يردف بغضب مشدوه

( أنا لم اشعر هكذا منذ زمن !! )

عقد طارق حاجبيه باستغراب و هو يردد

( وكأنك تتحدث عنى ! )

صمت طارق و هو يرى أردال يغمض عينيه بعنف و كفه ترتفع ليفرغ قدحه مرة اخرى ليردف له بتعجب

( لم اراك تشرب هكذا منذ زمن ما الذى يحدث معك ؟! )

صمت ليشاهد تعابير أردال الغامضة كحاله دائماً لكنه تفاجأ باجابته السريعة

( انا أريد ان أنسى هذا الخطأ كما تريد أنت ان تنسى خطأك طارق .... بل اريد ان أنسى هذا الشعور الذى يحتلنى الأن ..... ان امحى ما حدث من مخيلتى تماماً !!! )

كادت ان ترتفع كف أردال ليحتسى كاس اخر لكن يد طارق أوقفته و هو يقول أمام مقلتيه المشتعلة

( لا أردال أنا لا أريد ان أنسى هذا الخطأ حتى لا اكرره من جديد .... و ذلك الشعور تحديداً سوف احافظ عليه ليظل بداخلى للأبد لاتذكر تلك اللحظة التى أعادتني للحياة من جديد )

سقطت كف أردال على طاولة البار و ملامحه تتفحص وجة طارق بعدم استيعاب ... و كلماته تضرب جانبات صدره لتعيد له المشهد من جديد ليغمض عينيه يحاول ازالة تلك اللحظة التى تستمر بالظهور أمامه .... كيف حدث له هذا ؟!

كيف يمكن ان تتفجر كل تلك الأحاسيس دفعة واحدة أمام وجهه كيف فقد سيطرته التى لاطلما تغنى بها حتى كاد ان ..... لحظات كالجحيم مرت عليه و انفاسه تغدو كاللهب المتقافز ليقطع هذا الاسترسال المعذب له صوت انثوى يردف بميوعة

( مرحباً ..... هل تقبل ان أكون مرافقتك لهذه الليلة ؟! )

فتح أردال جفنيه بهدوء و نظراته تخط على تلك الأنامل الناعمة التى تحمل أظافر مطلاة بعناية تتحرك بحركات دائرية فوق صدره و بذات الهدوء اخذ يشمل هذا الجسد المغوى الذى يقف أمامه يعرض عليه الكثير بذلك الثوب الذى يكشف الكثير و الكثير من الاغراء هو الاخر و الذى للغرابة لم يحرك به ساكناً !

رفع اخيراً نظراته نحو هذه العيون الداكنة المرسومة باحترافية قبل ان تنزلق نظراته باستفزاز نحو الشفاة التى تبتسم له بإغراء مع لونها القانى ليقترب منها و هو يقول بنبرات تحمل مغزى

( و الى اى حد تكون تلك المرافقة ؟!! )

اتسعت حدقتى طارق وهو يستمع الى كلمات أردال ليرى بعدها جسد تلك المرأة التى تعرض نفسها له بكل رخص و وضوح يميل لتهمس باْذن صديقه بنبرات استطاع ان يلتقطها هو الاخر قائلة

( لاى حد تريد ! )

أخذت الصدمة تحتل تعابير طارق و هو يشاهد أردال ينهض بعد ان تجرع كأسه دفعة واحدة مرة اخرى ليستوقفه و هو يمسك بكفه قائلاً باستنكار

( أردال أنت ماذا تفعل ؟! .... منذ متى و أنت! ..... ثم هل نسيت أنك ... )

بتر طارق كلماته مع كف أردال التى ارتفعت لتوقفه و بحركة سريعة لم يستوعبها طارق اصطحبت معها شهقة تلك المرأة حيث و جدت نفسها تحتجز بين جسد أردال و حافة تلك الطاولة ليكتم أردال باقى شهقتها بين شفتيه التى أخذت تُمارس أشد انواع العذاب على شفتيها أمام نظرات طارق المصعوقة ..... و هو يرى أردال يستمر بتلك القبلة المحمومة بهذا الشكل و كأنه يريد ان يثبت لنفسه شئً ما لا يعلم ما هو تحديداً !! ..... لحظه اخرى مرت لتصدمه ذكرى تلك النظرات التى أخذت تداهم بسمائها الصافية بلحظاتها النادرة مخيلته لتجعل وكان هناك طيار كهربائى قد مسه لينتفض جسده مبتعداً باشمئزاز من نفسه و من تلك المرأة التى كادت ان تسقط ان لم تتوازن فوق كعب حذائها و بحركة متقززة اخذ يمحو اثر تلك القبلة من شفتيه و بغضب متفجر اخذ يسب ليغادر بعدها و فداحت شعوره يكاد يقتله انه لم يشعر كما كان يتوقع دون ان ينتبه حتى الى اسمه الذى اخذ يتردد عدة مرات بنبرات طارق المصعوقة و كلمة واحدة تخرج من بين شفتيه و هو لا يعلم على اى شئ " تباً "

***
يتبع...


رحمة غنيم غير متواجد حالياً  
التوقيع
كاتبة بقصص من وحى الاعضاء