عرض مشاركة واحدة
قديم 10-10-20, 10:03 PM   #6

ساره عرفات

? العضوٌ??? » 476612
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 518
?  نُقآطِيْ » ساره عرفات is on a distinguished road
افتراضي

داخل سيارة يزن همست يقين بحسرة مصطنعة تريد إثارة قلق يزن أو غضبه أيهما أقرب "خسارة براء كانت تريد تلك الرحلة بشدة"
رمقها يزن بطرف عينه ليقول رافضاً مجرد الفكرة هل تحلم الحمقاء أن يتركها تقوم برحلة بمفردها لن يكون أبداً "لا تحلم الآنسة حتى بذلك لم أكن لأوافق أبداً"
سألت بحذر وهي تنوي أخذ اعتراف كامل منه اليوم ولن يتهرب منها كعادته مؤخراً "لماذا يزن؟"
نظر إلى ملامح ابنة عمه طويلاً.. جميلة لا بل فاتنة... بيضاء مشربة بحمرة خفيفة... عيون بنية خلابة.. ربما فهو ليس متأكداً من لونها الذي يضيء ببهاء خاص في أشعة الشمس... وفم كرزي جميل ولكن مشاعره نحوها أخوية بالكامل فقلبه تحرك نحو تلك الحمقاء التي تنوي إصابته بجلطة تنهي عمره قبل أن يبدأ معها أجاب بحنق "ماذا تريدين بالضبط يقين؟!"
ضحكت باستمتاع لتقول بهمس مسموع بقصد "خسارة كانت فرصة جيدة ليتعرف عليها ذاك الأستاذ المعجب بها يا لحظكِ بو"
هل مرآة السيارة لونها أحمر؟ لماذا الدنيا كلها حمراء هكذا؟ ولماذا تلك الرغبة بالقتل تتصاعد داخله؟ وما هذه النيران التي تأكله من الداخل؟ تلك الغيرة.. هل تقصد أن تضيف حطب فوق ناره المشتعلة بغيرة دامية كل يوم.. غيرة توسوس له بحبسها داخل قمقم زجاجي يراها هو فقط بملابسها الحمقاء تلك.. تساءل بهدوء خطير "لماذا سطح المرآة أحمر هكذا؟"
أجابت يقين بعدم فهم "ماذا؟"
أعاد سؤاله بعنف أكبر "من هذا المأسوف على عمره المعجب بها؟!"
كتمت يقين ضحكة تلح عليها بالخروج لتسأل باستمتاع "هو معيد بالجامعة لقد أرتني إياه.. يبدو ظريفا.. حسن الأخلاق.. سيعجب عمي أيهم به أنا متأكدة"
همس من بين أسنانه بتحذير خطير "يقين إذا أردتِ الوصول إلى الجامعة سالمة توقفي عن الحديث"
تساءلت ببراءة متجاهلة تحذيره "لماذا زيزو ماذا فعلت؟"
أجاب بسخط من ذلك الحديث الذي يفترس روحه "لا تدّعي البراءة يقين"
استدارت بكليتها إليه لتقول بمتعة من غضب يزن الواضح على ملامحه الوسيمة... عينيه البنية الواسعة زاد اتساعهم كثيراً.. فمه اشتد بعنف وكأنه يجمح غضبه المتنامي "أنا لا أدّعي شيئاً أنا أخبرك الحقيقة ليكون لديك علماً عندما يتقدم إليها فلا تتفاجأ"
خبط مقود السيارة بعنف هاتفاً بنفاذ صبر "يقين ماذا تريدين حقاً؟!"
عندها أطلقت العنان لضحكاتها لتقول بهدوء من وصل لنهاية الطريق "اعتراف كامل يزن"
تنهد بعمق وضربات قلبه تخفق بقوة قائلاً بنبرة لونها الغرام "أحبها كثيراً يقين.. براء هي جزء من روحي وقلبي.. هي الأغلى بكل عمري.. هي بلوتي في الحياة"
انفجرت يقين ضاحكة قائلة بذهول "يا إلهي لقد دمرت جمال الاعتراف بجملتك الأخيرة"
أجاب ببساطة مذهلة "أنا أخبركِ الحقيقة براء هي بلوتي الكبرى بالحياة.. أتعلمين أفكر جدياً في البحث عن عقد احتراف قريباً"
عقدت حاجبيها بدهشة متسائلة بحيرة "لماذا يزن؟"
هز كتفيه قائلاً بهدوء كارهاً لفكرة البعد عنها من الأساس "منذ اكتشفت مشاعري تجاهها وأفكاري غير بريئة النية أبداً.. أخاف أن أجرحها بنظرة أو همسة وحينها سيقتلني عمي أيهم وهو مرتاح البال.. أنا أحبها كثيراً يقين أكثر مما تخيلت يوماً.. لا أخال أني أقوى على الحياة دونها هي بهجتي وكل حياتي.. ولكن عمي أيهم لن يقبل بزواجها أثناء الدراسة وما زال الوقت طويلا لتنهي دراستها وأنا أخاف أن أفقد السيطرة على مشاعري ذات يوم فأخسرها ولن أستطيع التعامل مع هذا الشيء"
ردت يقين بحالمية "أوووووه يا للروعة يزن ولكن ماذا إن تقدم إليها أحدهم؟ ماذا إن سرق قلبها أحدهم؟!"
أجاب بسلاسة مدهشة "سأدق عنقها وعنقه"
رفعت حاجبها ثم ما لبثت أن استغرقت في الضحك قائلة "أنت حالة ميؤوسٌ منها يزن ولكن حقا أحدثك بجدية اتخذ خطوة إيجابية في الموضوع على الأقل أخبر عمي أيهم بمشاعرك "
أجابها ضاحكاً "وعندئذ عمي أيهم من سيبحث لي عن عقد احتراف أو يطردني من المنزل"
همست ساخطة من كلماته الهازئة "يزن أنا أحدثك بجدية"
زفر هواء صدره كله يخرجه علّه يهدئ من تلك الخفقات المسرورة بسماع أن اسمه قد يقترن باسمها يوما "وأنا أتحدث معكِ بكل جدية نعم أحبها، للآن لا أعرف لماذا هي بالذات من أحببتها.. ولكن أنا لست بتلك القوة لأمنع يدي من احتضان يديها.. لأكبح جماح نفسي من اشتهاء تقبيلها..."
صرخت تقاطعه بخجل وهي تخبئ وجهها بيديها بحرج من كلماته غير المهذبة إطلاقاً "توقف عن قلة الحياء هذه"
لوى فمه بامتعاض من خجلها قائلاً بسخرية "ماذا نحن نتحدث بجدية الآن وأنا أشرح لك أسباب رغبتي في السفر"
لكمته في كتفه قائلة بغيظ "يا أحمق أنا فتاة أمامك لا يصح قول تلك الكلمات أبداً"
تساءل بعدم فهم عن الخلل في كلماته لتغضب منه رقيقته الجميلة "ألستِ صديقتي من أبوح لها بدواخلي؟"
ألقت رأسها للخلف قائلة بسخرية "افصح عن دواخلك دون قلة حياء لا تنسى أنك تتحدث مع فتاة وتتحدث عن ابنة عمك"
هز رأسه موافقاً وهو يبحث عن الكلمات المناسبة ويحاول تناسي أن من بجانبه ليست صديقته فقط وإنما ابنة عمه الرقيقة التي يخاف عليها كثيراً "حسناً عندما يحب شاب فتاة فإن ذلك الحب ليس مجرد شعارات يقين وليس مجرد كلمات معسولة تقال ولكن هي رغبات حسية بداخلنا.. شيء أكبر من شرحه لكِ أخاف في يوم ألا أستطيع السيطرة عليها فأخسرها وأخسر كل عائلتي.. أنا أحبها ومن واجبي أن أحميها وأحافظ عليها لذلك أفكر في السفر ولكن لن أبتعد كثيراً سأظل قريباً أحاوطها من كل جانب، ولن أدع المجال لفكرة التفكير في غيري مطلقاً حتى وإن صرت زائر دائم لها في أحلامها وكوابيسها"
ترددت يقين وهي في حيرة من أمرها هل تخبره بما تشعر به حيال مشاعر براء تجاهه، فهي تعتقد أن براء متعلقة بيزن كثيرا لتقرر التأجيل فليس من حقها تعليقه بأمل غير متأكدة منه لتقول بتآمر معه "إذاً سأكون عينك هنا التي تنقل لك الأخبار أول بأول"
ضحك بمرح تأكيداً على اتفاقهما قبل أن يتساءل بتوجس، وهو يدلف من باب الجامعة متجها لكلية الفنون الجميلة حيث درست وتخرجت يقين "ها قد اعترفت صديقتي.. ماذا عنكِ هل هناك شيء تودين الاعتراف به؟"
هزت رأسها نفياً قائلة باعتراف فهي لن تخفي عنه شيئاً أبداً "كلا لو كان هناك لأخبرتك منذ البداية"
ضحك قائلاً بغيرة أخوية خفيفة "رباااه ألا تخجلين مني!"
ردت ببساطة تقر أمراً واقعاً "طبعاً لا أخجل من توأم روحي"
أوقف السيارة ليخرج تذاكر من جيبه ليعطيها لها قائلاً ومؤكداً على كلماته برجاء خفي "بالتأكيد صديقتي وتوأمتي يويو ستحضرين المباراة بالطبع، وحاولي أن تقنعي براء بالحضور أعلم أنها لا تهتم بكرة اليد ولكن سأكون في غاية السعادة بحضورها"
غمزته بمرح وهي ترتدي قبعتها البنية المصنوعة يدوياً من القش "أنا أمتلك قدرة خاصة على الاقناع لا تشغل بالك ستحضر المباراة.. كيف أبدو بالمناسبة؟"
أجاب بمودة أخوية " فاتنة يا مهووسة القبعات.. هذه جديدة أليس كذلك؟"
فتحت الباب قائلة بتأكيد "نعم جديدة اشتريتها بالأمس.. لقد أحببتها كثيراً"
ضيق بين عينيه قائلاً وهو متوقع للإجابة "اشتريتها هي فقط"
ضحكت قائلة بإدراك وهي تعلم أنه يشير إلى حبها في اقتناء القبعات "القليل فقط.. تقريباً خمسة هيا إلى اللقاء حتى لا تتأخر"
راقبها تدلف من داخل مبنى الكلية لتلوح له بيديها وهي تختفي بداخل المبنى العتيق أمامه ليلف بسيارته مغادراً إلى حيث تدريباته وأصدقاءه.
***********
فتحت براء باب السيارة بقوة وهي تلقي حقيبتها بغيظ جالسة بعنف تزم ملامحها بحنق.. ضحك سيف وهو يجلس قائلاً بمرح "ما ذنب السيارة في غباء أخي؟"
أجابته بحدة غاضبة "أرأيت لم يلقي حتى التحية.. وأخذ يقين وغادر دون أن يأخذني معه"
جاراها سيف قائلاً بغضب مفتعل "معك حق يزن أخطأ كثيراً"
ردت بتأكيد غاضب "نعم يزن أكبر غبي في المدينة"
هتف سيف بدهشة قائلاً بتأنيب مستتر "يا إلهي يا فتاة صوني لسانك أنتِ تتحدثين عن شقيقنا الأكبر"
ردت سريعاً بدون تحفظ فسيف يعلم طبيعة مشاعرها وهي لا تخفي عليه شيء "شقيقكم أنتم فقط وحبيبي أنا"
ضحك بصوت عالٍ قائلاً ببساطة وحكمة محاولاً احتواء غضبها "أنا أعلم ولكن حتى إن كان يزن يكن لكِ مشاعر لن يعترف بها أبداً... براء تربيتنا سوياً تحتم علينا نحن الشباب أن نحفظكم من كل سوء حتى لو بمجرد نظرة عابرة... أنتم أمانتنا كما قال لنا أبي في صغرنا أمانة ثقيلة براء... فلو حمل لك يزن بعض المشاعر سيحتفظ بها داخله إلى أن يحين الوقت المناسب وسيذهب إلى عمي يخبره بحبه ورغبته بكِ... ولكن إلى ذلك الوقت لن ينطق بكلمة أبداً"
زفرت بإحباط قائلة بيأس من أن يبادلها يزن ذات المشاعر "فقط لو يفعل شيء يطمئنني أن قلبه خالٍ وأنا سأسكنه لا شك"
نظر لها سيف بذهول وهو خير من يعلم جنونها قائلاً بتوجس "وإن تأكدتِ ماذا ستفعلين؟!"
رفعت كتفيها وهزت رأسها بعدم اكتراث أو تفكير بالعواقب كعادتها المتهورة "سأخبره أني أحبه حتى يضع اعترافي أمامه دائماً.. ويعلم أنه سيكسر قلبي إن اختار غيري"
هتف سيف بعنف خوفاً على تلك الحمقاء أمامه "إياكِ براء أن تفعليها أقسم أن أحطم عظامك إن تجرأتِ فقط على التفكير بهذا الأمر ثانيةً"
ثم أضاف بحمية أخوية "وإن تجرأ يزن على كسر قلبك لن أرحمه أبداً"
ردت بلهفة من حبه الذي تغلغل بها منذ الصغر "هل ستجبره على حبي؟"
ضرب سيف جبهته بيده بعدم أمل قائلاً بتشديد على كلماته "إن لم يأتِ راكعاً معترفاً بحبه ويقسم على حمايتك وتوفير حياة سعيدة لكِ فلن تفعلي شيئاً"
زفرت قائلة بنبرة باكية مدللة "أنا أحبه سيف"
رد سيف بصبر واحتواء "أنتِ أغلى من أن تعترفي بحبك لأحد أيا كان هو.. من سيكون زوجكِ عليه أن يشقى ليحصل عليكِ"
أجابته بغيظ حانق "يزن فقط من سيكون زوجي"
علا صوت سيف بنبرة متوعدة "براء أقسم لكِ أن تريّ مني ما لم تريه بعمرك كله إن أنزلت قدر نفسكِ لأجل أحد مفهوم"
زمت ملامحها بغضب جعلها أجمل قائلة بحنق "لا تصرخ علي"
رد سيف بلامبالاة من غضبها "لا تكوني غبية وعديني أن تتصرفي بعقل رغم شكي أنك تمتلكين عقل من الأساس"
فتحت زجاجة الماء بجانبها لتقذفه بالماء قائلة بغيظ مشاكس "أنا فارغة العقل"
صرخ بحنق "توقفي يا غبية أنا أقود وهيا لا تتملصي عديني الآن"
أشاحت بوجهها قائلة بخفوت غير راضٍ "أعدك أن أحاول"
ابتسم سيف برضا قبل أن تعود إليه قائلة بشقاوة محببة "سيف ما أخبار سما؟"
ارتفع جانب فم سيف بابتسامة ساخرة وهو يدرك ما تفعله "بخير وترسل لكِ التحية"
ضحكت قائلة بمرح وهي ترفع حاجبها بمشاكسة "ألم ترسل لي قبلة معك أيضاً؟"
سعل سيف بقوة وقد خفق قلبه بعنف لمجرد التخيل فقط نفض رأسه بعنف قائلاً من بين أسنانه "اصمتي يا متخلفة"
عقدت حاجبيها بجدية مرحة قائلة "لماذا زجرك أبي وأنت تتحدث معها؟"
ابتسم قائلاً بحنق من ذاته "لا أفهم براء كلماتي كلها تخرج على هيئة غزل لا أقصد فعلها ولكن رغماً عني"
تنهدت بحالمية مضحكة فالجميع يعلم عمق المشاعر التي يحملها سيف لسما منذ الصغر "أووووه يا لحظها انظر إلى حبيبي جلف أحمق"
تلك المرة كانت يد سيف تسبقه إلى رأسها قائلاً بغضب حقيقي "يا فتاة ماذا قلت لكِ عن الاحترام؟"
زفرت قائلة "حسناً سأحاول أن أحفظ لساني ولكن لدي شرط"
تساءل بريبة "ما هو؟؟"
"لن أذهب إلى الجامعة بدون تناول الطعام وقد تملصت منه بالمنزل والآن أنا جائعة"
ضحك باستمتاع قائلاً برضا "نعم وأنا جائع أيضا.. سأدعوكِ لتناول الطعام"
صفقت بيديها بسعادة وهي تقول "أقرب عربة فول لو سمحت"
أجاب بتآمر "وهو كذلك ولكن أليس لديكِ محاضرة؟"
مطت شفتيها قائلة بعدم اكتراث "ألغيتها"
اتسعت عينيه قائلاً بحنق منها "ألغيتها ببساطة هكذا؟"
هزت رأسها موافقة وهي تشغل راديو السيارة لتصدح الأغاني عالية وهي تدندن معها بانتظار شطائرها وسيف يضحك بصوت عالي على أفعالها الطفولية.. مدللة عمه الحمقاء أعان الله يزن عليها فهو يعلم بمشاعر شقيقه ويعلم طريقة تفكيره جيداً.. على صديقته انتظار بعض الوقت حتى يعلن يزن عن حبه لها.. ولكن يخاف من أفعالها المتهورة عليه أن يكثف المراقبة عليها في وجود يزن.. وإلا الرحمة على روح أخيه المرحوم مستقبلياً.
**********
هناك في إحدى الدول العربية

أخذ شاباً في عمر الزهور يحمل الكثير من الأحزان بجعبته بإلقاء ملابسه داخل حقيبته الكبيرة بعنف وغضب بالغ ما يحدث كثير ولا يستطيع تحمله... لن يبقى في ذلك المنزل ثانية إن كان ينوي الرحيل سابقاً فالآن هو مصمم ولن يتراجع عن قراره أبداً... ما لا يستطيع فهمه لماذا والدته بكل هذا الضعف تجاه والده رغم أنها أعند من عرف يوماً... ولكن أمام والده فهي لا تعارض رأيه وتتقبل إهاناته دون اعتراض ولكن طفح الكيل لم يعد بمقدوره التحمل أبداً.
مسكت حياة ذراعه لتقول بضعف وعينيها تذرف دموع كثيرة بلا حساب "ماذا تفعل يامن؟"
أجابها بحزم وهو يبعد عينيه عنها يقاوم ضعفه بإصرار "كما ترين أمي سأغادر"
تنهدت بعمق وهي تتشبث بكتفه العريض قائلة بحزن يدمي القلوب "ستتركني وتغادر.. لمن تتركني يامن؟"
تنهد بعمق قائلاً بصبر وغضب من الموقف بأكمله "لا أطيق وجودي هنا.. لا أطيق وجودي معه.. لا أطيق إهاناته لكِ.. ووعدي الذي أخذتيه مني بترك الأمر بينكم وعدم رد إهاناته يكبلني.. أشعر أني أختنق هنا"
أجابته بحزم أمومي صارم "هذا الأمر بيني وبين والدك لا دخل لك به.. أتريد أن ترد على والدك يا ولد؟"
أشاح بعينيه بعيداً وهو يركل مكتبه بقوة "لا تدعيه بوالدي لقد فقد كل الحق بذلك.. أنا أكرهه.. افهميها أمي أكرهه ولا أطيقه"
صوت صفعة أدارت وجهه بقوة وصوت حياة الغاضب يدوي "احترم والدك يا ولد سيظل والدك رغم أنفك"
احتقنت عينيه بدموع حبيسة قائلاً بألم "هل ضربتني حقاً أمي وأنا بهذا العمر.. أنا لن أبقى هنا أبداً"
احتضنت وجهه بلهفة وهي لا تصدق أن حبها لوالده قد غلبها ثانية يكفيها كل ما خسرته حتى الآن بسببه... يا إلهي ماذا فعلت بوحيدها "آسفة.. آسفة حبيبي اغفر لوالدتك زلتها حبيبي"
أبعد يديها حاملا حقيبته قائلاً بأسف حقيقي "أنا الآسف أمي لم أعد احتمل سامحيني رجاءً"
قبلها على جبينها قبلة طويلة ولم يتحكم بتلك الدمعة التي أفلتت منه تناجي وجع قلبه لمفارقته أغلى الناس لديه، ولكنه وصل لمفترق طرق إن بقي أكثر مع والده الذي يكاد يكون غائباً عن المنزل لفترات طويلة يكاد يجزم أنه يخون فيها أمه ليكون مقتله على يديه قائلاً بتقطع متألم "اعتني بنفسك وسامحيني أرجوكِ.. سأكون دائماً قريب منكِ متى احتاجتني إلى اللقاء ماما"
وخرج مسرعاً تطارده شياطينه.. رن هاتفه ليجيب صديقه الذي أخبره عن معرض للفنون يقام في القاهرة إن كان يريد الحضور يستطيع جلب دعوة له "حسناً أنا بحاجة لأقوم بسياحة احجز لي معك إلى القاهرة"
وفي الداخل كانت حياة تحتضن قميصه قريباً من قلبها الذي يصرخ بوجع وندم لعشقها لذلك الرجل الذي بسببه خسرت كل أحبابها وها هي تخسر ابنها.. ماذا ستخسرين بعد حياة... إلى أين سيؤدي بكِ هذا العشق المريض لوغد لم يفعل شيء في حياته غير إهانتك وخيانتك مراراً... همست بوجع تناجي ذلك الطيف المبتعد عنها "آااااه يا ماهر.. آااااه يا كل وجعي.. انظر ماذا حل بي وإلى أين وصل بي الحال... انظر إلى أين أوصلني عشقي المجنون.. اغثني وانقذني من ذلك البلاء المسمى حباً.. قلبي يحتضر.. وروحي قد انزوت في ركن قصي تبحث عن الخلاص وتناجي الموت علها ترتاح.. أين أنت يا ماهر لقد تعبت وأنهكت روحي.. أنا أحتضر ماهر.. أحتضر أنجدني"
**********
استقام ماهر من نومه مفزوعاً يتصبب العرق غزير من جسده وهو يتحسس صدره بيديه بألم.. جلست لمار التي كانت تؤدي فرضها بجانبه قائلة بقلق وهي تضع يدها على جبهته تتحقق من حرارته "ماهر حبيبي ماذا حدث؟ أهو كابوس؟"
أخذ نفس عميق وهو يهز رأسه نفياً قائلاً بصعوبة وهو يشعر بجفاف بحلقه "كلا لم يكن ولكن لم أستطع أخذ أنفاسي وكأن هناك يداً تمنع عني الهواء"
ردت لمار وهي تتحسس عضلات صدره بيديها "هيا معي سنذهب لنجري لك بعض الفحوصات حتى أطمئن عليك"
ضغط يدها على صدره بيديه ليجيب وهو يضع رأسه بين ذراعيها "كلا حبيبتي أنا بخير لست بحاجة إلى فحوصات فقط مكاني هنا بين ذراعيكِ يزيح عني همي"
احتضنته لمار تضغط برأسه على قلبها ليسمع نبضاتها التي تصرخ بقلق تهدهد همه المجهول، قائلة بحب وهي تريح جسدها للخلف "نم حبيبي أنا هنا لا تقلق"
همس وهو يغلق عينيه باطمئنان يشعر بالأمان بين ذراعي حبيبته لينام كالطفل على همساتها الناعمة "نعم أنت هنا"
تلاعبت بشعره القصير في عادة لم يخلفها أبداً وهي تقرأ عليه بعض من آيات القرآن الكريم.. لتغلق النور ما أن شعرت بخلوده للنوم وهي تفكر فيما يجلب له الضيق أثناء نومه تلك الفترة حتى أصبحت ساعات استرخائه قليلة.. وقد حرصت على أن يحصل على كل الهدوء والحب الذي يسكن ذلك الوجع داخله منتظرة منه أن يشاركها بما يؤرقه بهذا الشكل.
**********
نهاية المقدمة



ساره عرفات غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس