عرض مشاركة واحدة
قديم 17-10-20, 09:34 PM   #256

رحمة غنيم

? العضوٌ??? » 475679
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 431
?  نُقآطِيْ » رحمة غنيم is on a distinguished road
افتراضي

( تاليا !!!! )

ارتسم على ثغرها ابتسامة ساحرة كما كانت تظن و هى تستمع الى نبراته ..... كم مر من الوقت لم تستمع الى هذه النبرات العميقة

وقفت بعدها و هى تعيد خصلات شعرها الاشقر الى الخلف بأنوثتها المعهودة و بحركات مدروسة جلست على زاوية سطح المكتب التى كانت تجلس على مقعده الخاص قبل لحظات بينما عينيها التى تشبه الغابات الكثيفة و التى تجيد إبراز جمالها بمساحيق التجميل تتمهل على كل شبر على هذا القابع بهيبة لم تنقص بال تزداد يوماً بعد يوم لتنهى جولة مقلتيها تلك و هى تتوقف عند نظراته و كم شعرت بالغضب من ثباتهم بهذا الشكل لتردف بنبرات أجادت التحكم بها

( لا يبدو عليك الاندهاش من رؤيتي ! )

تحركت نظرات أردال لتشملها بشكل سريع من رأسها لاخمص قدميها و التى تظهر بشكل لا باس به من جلستها تلك خاصتاً مع اختيارها لهذه التنورة القصيرة ... مالت شفتيه بابتسامة غامضة لم تستطيع ان تُفسر مغزاها و كم شعرت بالضيق من مروره السريع عليها بذلك الشكل !

لكننها حاولت ان تتجاهل الأمر فهى تتوقع ردت فعله هذه .... عادت بانظارها نحو مقلتيه لكنها هى لحظة واحدة التى مرت لتشاهد بعدها خطواته التى أخذت تتقدم منها بثبات مخيف ... لكنه لم يدعها تستمتع بذلك الشعور بالنشوة الذى غزاها حينما رأته يتخطاها ليجلس بهدوء على مقعده بينما يردف

( كنت أتوقع قدومك !! )

أغمضت تاليا جفنيها بهدوء و هى تحاول السيطرة على هذا الضيق الذى بدأ يتزايد بداخلها لتلتفت له بجسدها بذات الهدوء و جسدها يميل نحوه تردف بنبرات خافتة

( اذاً أنت فعلت هذا لأعود ؟! )

صدحت ضحكة ساخرة من أردال و نظراته تتابع هذا الاهتزاز الذى حل للحظات على غابتها لينهض هذه المرة و هو ينحني ليقترب من وجهها و ملامحها التى زال عنها الثبات مردفاً

( هل تثقين بنفسك لهذا الحد ؟! )

عقدت تاليا حاجبيها و هى تتساءل بابتسامة مصتنعة

( هل سوف تلعب معى مجدداً ؟!! )

عاد أردال ليستقيم بجسده و هو يردف متسائلاً و نظراته تتجه نحو ملامحها

( مجدداً ؟؟!!! )

وقفت هى الاخرى لتقلص تلك المسافة التى نشبت حينما استقام بوقفته لتقول

( أجل مجدداً أردال ... أنت تريد ان تلعب لعبة عنادك و غموضك معى من جديد !!! )

اقتربت أكثر لتطالع هذا الغموض المطل من مقلتيه الجامدة بشكل غريب ! .... كم كانت تكره مقلتيه حينما تثلج بذلك الشكل كى لا تستطيع استنباط ما يجول فى خلده و هو يعلم هذا جيداً ... لترفع أناملها الرفيعة نحو لحيته قائلة بهدوء عجيب ذات نبرات واثقة و هى تقترب أكثر منه لتداعب هذه الشعيرات القصيرة الخشنة كتعابير وجهه

( كم اكره عنادك ... حسناً كما تشاء أردال ... لكن دعنى اذكرك ان هذا العناد لم يفيدك بشئ السنة الماضية حينما انتهى بك الأمر على فراشي و بين ذراعي !!! )

اهتزت ملامح تاليا و هى ترى ثبات ملامحه كما هى لم تتغير لكنها شعرت بانفاسها تنحصر داخل رئتيها و هى تراه يقترب بوجهه نحو اذنيها لحظات مارسها هو من العذاب عليها و هى تشعر بأنفاسه تداعب بشرتها لتستمع بعدها الى نبراته التى قست و هو يقول

( أنا لم انسى تاليا .... و لن انسى مطلقاً فحينها طلبت منك البقاء للمرة الثانية و أنتِ رفضت .... و أنا لا اطلب الأشياء لأكثر من مرة .... فانا كنت كريم معك كما لم أكن مع أحد .... لكن هذا كان بالماضى !! .... )

صمت للحظة و انفاسه لاتزال تحرق بشرتها ليكمل بنبرات ثابتة لا تحمل القسوة و لا الحدة لا تحمل اى شئ مطلقاً !!

( و أجل لقد نسيت .... اهلاً بعودتكِ للبلاد )

شعرت انها كادت ان تختنق لكنها شعرت باهتزاز جسدها العنيف و هى تفيق بعنف على صوت باب الغرفة و هو يفتح على حين غرة و نبرات لم تميزها فى بداية الأمر

( أردال .... اااااه ... تاليا !!! ..... اعتذر )

كاد طارق ان يغلق الباب و يغادر لكن نبرات أردال أوقفته حينما قال و هو يعود ليجلس على مقعده

( تعال طارق ..... الا تريد ان ترحب بتاليا )

عقد طارق حاجبيه بعدم استيعاب واضح و هو ينقل انظاره بين وجه تاليا الجامد و ملامح صديقة المبتسمة و ذلك المشهد الذى رَآه منذ قليل يشتت عقله أكثر

( مرحباً تاليا .... اهلاً بعودتك )

التفتت نحو طارق و هى تبتسم بينما تحركت لتلتقط حقيبتها التى كانت تقبع على الأريكة الجانبية بزاوية الغرفة تردد

( اهلاً بك طارق .... سعيدة انني تمكنت من رؤيتك قبل ان أغادر )

عادت لتلتفت نحو أردال المستكين بشكل احرقها و هى تضيف

( لكن لا تقلق طارق لنا لقاء اخر .... بل لقاءات اخرى )

غادرت تاليا بثقة تجيد تصنعها لتترك كل من أردال و طارق خلفها ليتمتم طارق بعدها و نظراته تتوجه نحو أردال

( يا له من توقيت !! )

***

لا تعلم كم من الوقت مضى و هى لا تزال على تلك الحالة ..... تقف أمام المرآه تنظر الى صورتها الباهتة دون ان تحرك ساكناً ..... تنظر لصورتها و عقلها يقارن بصورة اخرى !! ...... تزدرد حلقها الجاف الذى يحرقها بغصته فى كل مرة بشكل اعنف من التى قبلها .... و خواء غريب يتزايد داخلها .... خواء مؤلم كتلك الشظايا التى أخذت تمزق روحها و لا تستطيع ان توقفها ..... كيف و متى لا تعلم لكن هذا الشعور الذى يحتلها الأن و ذلك الالم يخبرها انها وقعت !!!

وقعت بشكل لن تستطيع النهوض بعده .... كيف يمكن للمرء ان يكون بتلك الحماقة التى تمتلكها هى ... مالت برأسها و هى تحدق بصورتها من جديد متمتمة بكيف ؟!! ...... لكن عقلها وكأنه كان يأبى ان يرحمها لتجد صورة الغرفة التى دخلتها مرة واحدة فقط من قبل تقفز داخل مخيلتها لتأكد لها عن استحالت تلك المشاعر التى تجعلها تتألم الأن و هذه الكلمات التى عادت لتداهم عقلها حرف حرف تمزقها أكثر مع استحضارها لنبرات ميرال فى ذلك الْيَوْمَ

( لقد اندهشت حين رأيت الغرفة مضيئة ... فأردال لا يسمح لأحد بدخولها .... توقعت ان يكون هو الذى بالداخل )

ازدردت نارفين ريقها بتوجس و هى تدور بعينها حول الأرفف و الكتب المرصوصة و التى لا يبدو عليها ان قد تم هجرها فهى لا تحمل حبه تراب واحدة تدل على هذا ثم توجهت عينيها الى هذا الكتاب القابع بين يديها و هى تتساءل داخلها ما السبب الذى يجعله يقوم بذلك ..... و هل حقاً الجميع يخضع الى ارادته بهذه الطريقة ..... و ان كانت محقة لما سمحت لها السيدة بشرى ان تدخل الغرفة ... لا بد ان هناك سبب قوى ليفعل ذلك .... ليمنعوهم من دخولها .... شعرت بضرب من الجنون قد اصابها حين لفظت تلك الكلمة من بين شفتيها و التى تمثلت بجميع التسائلات التى تدور بعقلها

( لماذا ؟!! )

خرجت الكلمة بكثير من الفضول الذى أدهشها ... هل جنت ؟؟!! ..... لماذا تتساءل عن ما لا يخصها .... فقد كان عليها ان تهرب من امام تلك المرأة التى لم تتوقف عن تفحصها بنظراتها التى تشعر انها تنهش داخلها ليس ان تعقد معها هذا الحديث بسبب فضولها اللعين حول هذا الرجل ..... رأت ارتفاع حاجبى ميرال باندهاش مصطنع و نبراتها المتسائلة و هى تقول

( الم يخبرك !! )

شعرت نارفين بمدى حماقتها فهى على ما تبدو توقع بنفسها بين مخالب تلك القابعة أمامها بكل سهولة .... عادت لتتساءل مجدداً بحذر و نبرات خافتة فقد علمت انها لن تستطيع التراجع الأن

( عن ماذا ؟ )

اتسعت ابتسامة ميرال الشامتة و هى تقترب منها خطوة اخرى لتردد

( يبدو انه لم يخبرك بأمر تلك الغرفة .... لا اعلم من الذى جعلك تاتى الى هنا ... لكننى لم أكن أريد ان تعلمين امر هذه الغرفة منى انا بالتأكيد ..... فتلك الغرفة خاصة بتاليا زوجة أردال السابقة ... فقد قام أردال بتجهيزها خصيصاً من اجلها كمفاجأة لعيد ميلادها وقد أزهلتنا جميعاً حينها .... فهى كانت تعشق القراءة فيبدو ان هناك أشياء مشتركة بينكم .... حتى سوف تجدين هناك العديد من الصور الخاصة بهم بالكثير من الكتب و التى قامت هى بقرائتها و الذى كان أردال دائماً يقوم بقرائتها بعد ان تنهيها ... ليجد تلك الصور بهم ..... أحد أشيائهم الخاصة ... حتى اعتقد ان هذا الكتاب أحد كتبهم الخاصة أيضاً )

ألقت ميرال كلماتها الاخيرة و هى تشير الى الكتاب القابع بين يدين نارفين ... قبل ان ترتفع بنظراتها نحو ملامحها و التى كانت تتحدث عن معنى الصدمة من حدقتيها المتسعتين بشكل ملحوظ .... ابتسمت ميرال داخلها على منظر نارفين و هى تظن انها قد ألقت احد قنابلها نحوها لتنسحب بعدها و هى تردف بلطف

( حسناً تسوف أتركك الأن فآسر ينتظرني .... و لا أريد ان يراني أردال هنا ..... ولا أفضل ان يراكِ أنتِ أيضاً فهذا مكان خاص يعنى أنتِ تعلمين بالطبع )


أغمضت نارفين عينيها بعنف فهى لم تجد نفسها سوى أمام تلك الغرفة للمرة الثانية و كان الم روحها هو من قادها نحو هذا المكان ... كأنها تريد ان تتألم أكثر .... لكنها فى الحقيقة تريد ان تعرف .... تعرف اى شئ تحديداً كان بينهم ... ما الذى عايشوه بالضبط !!

ازدرت ريقها بالم و هى تخطو نحو الداخل بخطوات مرتجفة .... كم تتذكر انبهارها حينما رأت الغرفة للمرة الاولى ماذا حدث الأن .... كيف ذهب كل هذا ليحل محله فقط الالم ... تقدمت نحو أحد الأرفف المنخفضة لتسحب أحد الكتب بشكل عشوائى و ليتها لم تفعل فتلك الصورة التى ظهرت لها بداخله شعرت وكأنها لكمة قوية أتت بمنتصف صدرها !!

انها حقيقة ... انها حقاً حقيقة فتلك التى يعانقها من الخلف مقبلاً ايها بعشق هى ذاتها التى كانت تحتل غلاف المجلة .... هى ذاتها هذه المرأة التى كانت ترى بها الكمال من قبل !! ..... اغلقت الكتاب القابع بين يديها لتغلق معه عينيها و الم غادر بدأ ينتشر بين خواء روحها مع طنين مزعج كاد ان يفتك برأسها ليأتيها صدى اسمها الذى تردد بارجاء المكان بنبراته هو و ليس احد سواه فقد شعرت ان هذا النداء جاء ليصدم روحها المكلومة و هى تستشعر الحدة المتمازجة بين نبراته لتؤكد لها حماقتها الا متناهية بقدومها الى هذه الغرفة مجدداً بينما تلك السيطرة الواهية التى فرضتها على عبراتها كادت ان تتلاشى شئ فشئ و هى تستمع الى صوت خطواته من خلفها حتى شعرت بحرارة صدره تلاصق كتفها !

تشبثت أكثر بذلك الكتاب القابع بين كفيها و هى تعى مدى الضعف الذى يتفاقم منها نحوه لا تعلم هل تشبثها بذلك الكتاب يدعمها حقاً ام يجعلها تتألم و تضعف أكثر من ما هى عليه و تلك الصورة المستكينة بين صفحاته تقفز بعنف داخل مخيلتها

ارتجف الكتاب بين يديها لتكون هى تلك الاجابة الوحيدة التى وصلت له و هو ينتظر خروج نبراتها ..... لا يعلم ما سبب هذا الغضب الذى يحمله نحوها ..... غضب نابع من ضعف يمقته حد الموت ضعف يداهمه على حين غرة و هو يرى تعبيرها ... ازدرد ريقه و هو يعى اهتزاز جسدها الذى كاد ان يتلاصق مع صدره و بذات الحدة و بشعوره المفاجئ بتلك الرجفة التى احتلت أوتار نبضه ابتعد للخلف بحركة سريعة عن جسدها !

هذا الجسد الذى اختل توازنه بهذه اللحظة ليصدمها هذا الأمر قبل ان يصدمه و إدراكها انها كانت تتكئ على صدره دون ان تشعر احرق داخلها حتى جسدها اصبح ينشد قربه !

لم يكن قد ابتعد سوى خطوة واحدة فقط عاد ليخطوها بسرعة مضاعفة و ذراعيه تلتف نحو جسدها يدعمها و نبراته التى اختفى من طياتها العنف ليحتلها التوتر و هو يقول

( نارفين ماذا بكِ .... هل أنتِ بخير .... هل تشعري بالدوار ؟!!! )

التفت بجسدها بين ذراعيه بهدوء أربكه و كم ازعجه هذا الشعور لينتهى به الأمر و هى تطل بسمائها الملبدة بالغيوم نحو مقلتيه ليستشعر شئ غريب يسرى بين نبضاته شئ يشبه الغصة المُحرقه و هو يرى نظراتها التى تلتمع بهذه السماء للمرة الاولى لكن بالرغم من السحر الغريب الكامن بهم جذبه هذا الالم المشع بينهم أكثر و للجنون أراد ان يمحوه ليعود لهم هذا الصفاء الذى تابعه بهم هناك بارجاء هذا الشاطئ !

يتبع...


رحمة غنيم غير متواجد حالياً  
التوقيع
كاتبة بقصص من وحى الاعضاء