عرض مشاركة واحدة
قديم 17-10-20, 10:09 PM   #13

ساره عرفات

? العضوٌ??? » 476612
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 518
?  نُقآطِيْ » ساره عرفات is on a distinguished road
افتراضي

في الجامعة دلف إياد إلى مدرج المحاضرة بملامح صارمة جادة وقد ارتدى عباءة الحزم خالعاً عنه رداء عبثه المعتاد ومرحه الدائم في المنزل, لا يعلم ماذا حدث عندما دخل إلى المحاضرة وكأنه قد تبدل أو ودع عالمه إلى عالم سحري مختلف..
شغوف هو بشخصية الدكتور الحازم فلطالما كان لأساتذته تأثير سحري عليه ودائماً ما تطلع إلى تلك المكانة حتى وصل إليها، ألقى تحية جادة وهو يضع متعلقاته على الطاولة أمامه معرفاً بنفسه بزهو "أنا الدكتور إياد أيهم رحيم؛ محاضركم لمادة تاريخ مصر القديم، أتمنى أن تمضي سنتكم الأولى دون خلافات أو مشاكل، ومن يرد شيء فمكتبي مفتوح لكم دائماً.. هل من أسئلة؟"
سرت همهمات بين الطلبة وقد اختلفت الخاصة بالشباب عن الخاصة بالفتيات، فقد جذب انتباه الشباب اسمه المميز وتساءلوا عن كونه حقاً ابن أيهم رحيم أم مجرد تشابه أسماء، بينما الفتيات فقد انبهرن بوسامته الملحوظة وجديته الجذابة، رفع إياد حاجبه بحركته الشهيرة لتزيده جاذبية قائلاً بصوت حازم "هناك قواعد للتعامل لا أحبذ تجاوزها؛ أولاً تلك الهمهمة التي حدثت منذ قليل لا أحبها ولا أريد تكرارها.. ثانياً الاحترام هو أساس العلاقات فأرجو أن يكون متبادل بيننا.. ثالثاً باب المدرج هذا ما إن يغلق خلفي لن يفتح لأحد أياً كان فأرجو احترام موعد المحاضرة.. هل اتفقنا؟"
رفع أحد الطلاب يده علامة على رغبته في الحديث ابتسم إياد بسخرية وهو متوقعاً سؤاله ليأذن له، سأل الشاب بتلهف "حضرتك قلت أن اسمك...."
قاطعه إياد قائلاً ببساطة "نعم إجابة سؤالك هي نعم، أيهم رحيم لاعب الكرة هو والدي.. هل عدنا لمحاضرتنا ثانية؟"
صمت إياد للحظات قليلة قبل أن يستند بظهره إلى الطاولة خلفه قائلاً بسلاسة "محاضرة اليوم خارجة عن المألوف سنتعرف بها ونتبادل الآراء ومن المحاضرة القادمة نبدأ شرح دروسنا.. اليوم أريد سماع إجاباتكم للسؤال الذي على السبورة"
اتجه إلى السبورة يكتب بخط عريض (ما هي مصر بالنسبة لك؟؟)
ثم وقف يستمع إلى الإجابات الواثقة الفخورة بانتمائها.. مبتسما بسرور يسمع آراء مختلفة رغم بساطتها فهي تمس القلوب..
هناك من قال "إيماني بذاتي ووجودي" ...
وآخر قال "كياني وفخري" ...
ومن الفتيات قالت إحداهن "حياتي مكرسة لها" ...
فترد أخرى "هبة الله لنا"
والكثير من الآراء التي جعلت ابتسامة فخر حقيقية ترتسم على فم إياد بعد استماعه لتلك الكلمات المنعشة، ليستلم زمام الكلمات فيقول بفخر كبير يدل على حب عميق يترسخ داخل أرواحنا بالفطرة، وعينيه تشع ببريق مميز يعكس مدى عشقه لهذا البلد العظيم "مصر هي الروح.. مصر هي الأمان قال تعالى {ادْخُلُوا مِصْرَ إِن شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ}..
مصر هي الكينونة والوجود.. حب أودعه الله في قلوبنا دون سبب.. حب يولد ويغرس بطفولتنا داخلنا.. ذاك الحب الذي يجعل دموع العين تتكاثف كغيوم ماء عذب عند سماع نشيدها الوطني.. مصر هي الوطن والميناء لأبنائها والمقبرة لأعدائها.. مصر هي العزة والشموخ.. هي الإباء والكبرياء.. هي الحرية وهي الأمل.. هي كل الوجود.. سماؤها طموح.. وأرضها هدف.. هواؤها أمنية.. ونيلها غاية.. وشعبها هبة قال عنها الحجاج بن يوسف الثقفي لطارق بن عمرو ((لو ولّاك أمير المؤمنين أمر مصر فعليك بالعدل... فهم قتلة الظلمة وهادمي الأمم وما أتى عليهم قادم بخير إلا إلتقموه كما تلتقم الأم رضيعها وما أتى عليهم قادم بشر إلا أكلوه كما تأكل النار أجف الحطب …وهم أهل قوة وصبر و جلدة و حمل.. .و لا يغرنك صبرهم ولا تستضعف قوتهم؛ فهم إن قاموا لنصرة رجل ما تركوه إلا والتاج على رأسه ..وإن قاموا على رجل ما تركوه إلا وقد قطعوا رأسه... فاتقي غضبهم ولا تشعل ناراً لا يطفئها إلا خالقهم... فانتصر بهم فهم خير أجناد الأرض وأتقي فيهم ثلاثاً... نسائهم فلا تقربهم بسوء وإلا أكلوك كما تأكل الأسود فرائسها …أرضهم وإلا حاربتك صخور جبالهم... دينهم وإلا أحرقوا عليك دنياك... وهم صخرة في جبل كبرياء الله تتحطم عليها أحلام أعدائهم وأعداء الله))
ل
كم أن تفخروا بمصريتكم وانتمائكم إلى تلك البلد العظيم.. للأسف انتهى وقت المحاضرة سعدت بالاستماع إليكم إلى اللقاء في المحاضرة القادمة"
بعد انتهاء المحاضرة مالت فتاة جميلة بعيون خضراء وشعر بني وبشرة بيضاء متألقة قائلة بتصميم "هذا الدكتور لي وانتهى الأمر"
ضحكت الأخرى قائلة باستمتاع "يبدو بأنه لدينا سنة ممتعة"
غافلين عن أن المعني بالأمر قد رُبط قلبه برباط يفوق العشق بكثير.
************



ساره عرفات غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس