عرض مشاركة واحدة
قديم 26-10-20, 11:40 PM   #5999

Nor BLack
 
الصورة الرمزية Nor BLack

? العضوٌ??? » 455746
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 593
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Nor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   star-box
Rewitysmile7

الفصل السادس والأربعون المشاركة {4}
أحبك جداً وأعرف أني أعيش بمنفى
وأنت بمنفى
وبيني وبينك
ريحٌ
وغيمٌ
وبرقٌ
ورعدّ
وثلجٌ ونـار
وأعرف أن الوصول لعينيك وهمٌ
وأعرف أن الوصول إليك
انتحـار



بعد يومين
كان قد وصل أيوب أخيراً للأراضي المصرية في البداية بالطبع استقبلوه في بيت مراد إلا أنه رفض بكل صرامة أن يبقى عليه ضيفاً هو وبناته ليومٍ واحد زيادة ..وهذا ازعج مراد بالطبع ولكن أصرار الرجل وشكره على استضافة كلا صغيرتيه المدة الماضية ..جعله يتراجع قليلاً مساعده في إيجاد شقه مفروشة كما طلب!
هي لم تكن مفروشة طبعاً، إن كان أيوب يحمل بداخله الحمية القبلية التي تجعله يرفض أن يثقل على أحدهم بالمزيد ..فأصول مراد أيضاً ما كانت تقبل أن يحل الرجل الذي أصبح في مقام والد نسيبه ،أن يجعله يقيم في مكان كالضيف ..لذا وصلوا لحل مرضي بأن قبل بأخذ شقة مراد القديمة بعد أن أرسل إليها فريق تنظيف وجدد بها بعض الأثاث العملي...واتفقا على مال يقدمه أيوب ليريحه فقط ..إلا أنه مؤكد لن يقبل جنيه واحد مقدم منه !
" مرح لم تكن مرح التي عرفها الجميع ..إلا أن والداها فقط من استشعر هذا وبالطبع لورين وممدوح اللذان شهدوا على انهيارها .."
الفتاة تجيد التمثيل بمهارة تمازح ،تجادل تقصف وكأن شيئاً لم يكن ...إلا أن عينيها الزائغتين على الدوام و المحيط بهما هالات سوداء" كالطين " وجهها الشاحب ،جسدها الذي ينتفض تلقائياً عندما يدق الباب معلناً عن زائر ...لم يتركا مجال للشك أنها تعاني خائفة من ذلك" العفريت" الذي تهرتل به أمل على الدوام أن يعود ويقتحم سلامها مهدداً دنياها...لقد كانت أختها تنتظره! وكأنها موقنة أنه سيأتي في أي لحظة ...رافضاً تركها لحال سبيلها ..."
كتمثال ناعم في جموده وخداعه ..كانت تجلس بينهم تشاكس كما عاداتها والداها لشيءٍ قاله ..تتصنع السجال مع ممدوح الذي يراقبها بترصد وكأنه هو الآخر يخشى عليها من أمرٍ هي ببساطة تجنبت الذكرى متظاهرة بأنها لم تحدث بالأساس...
أما عن والد ابنتها فقد رفض قطعياً أن يخبرها شيئاً متمسكاً بقولٍ واحد لا يغيره " كيف أشرح لكِ أمراً أجهله ..لقد وجدها بدماء عالقة على كفيها تحاول مساعدة شخص مجهول لا يعرفانه.."
يكذب ..تحفظه جيداً تتذكر خطوط وجهه بمهارة عند كذبه تلويه ..وصدقه ...
"سحقاً ،فلم يخرج من رأسها هو الآخر إذ بات وجوده الأيام الماضية قريباً منها يجهزان سوياً البيت الصغير الذي استأجره في منطقة راقية يهدد سلامها ،يجعلها تتردد للحظات عما تنويه ..مأخوذة بحماسه وهو يشرح كيف يتخيل ما سيمنحه لصغيرته وسط بيت دافئ طبيعي يحيطها فيه كلا اهتمام والديها ..وصغيرتها التي لا تقرب البراءة بصلة أصبحت تمطرها بحبها ،بمناداتها أمي بحماسها للمنزل الجديد الذي لن تنشغل عنها فيه أبداً كما وعدت.....يا الله ما هذه الورطة ،هل هذا عقاب لي على تهوري السابق ..على تخبئه ما حملته في أحشائي عنه...إن كان كذلك أنا راضية ..ولكنه صعب ..صعب على نفسي أن أتقبل من اغتالني في منزلٍ واحد من جديد ، كزوج مطالبة بعد زمن بمنحه حقوقه! برجل أفقد كل سبل الأمان معه لأطمئن على نفسي وابنتي معه !"
أخرجها من أفكارها القاسية ..صوته الهادئ وهو يخاطب والداها مكرراً طلبه بإلحاح " وماذا ستفرق هنا عن هناك عماه ..كلها أراضي عربية قريبة من فلسطين ..أي أنك لن تفقد أياً من شروطك التي وضعتها عندما قررت العودة والإقامة في الأردن"
تنهد أيوب وهو يطرق برأسه ويده لا تكف عن الاستغفار في مسبحته حتى قال أخيراً بصوتٍ موزون" لا اريد لهن مزيداً من التشتت ..لقد كبرت يا ولدي على التنقل كل حين والبدء من جديد ،ابحث عن جدران منزل يأوينا ..وعن محل افتتحه ليوفر لقمة العيش"
هز ممدوح رأسه باهتمام قبل أن يقول بحذر " سأساعدك أنا بكل ما استطيع ، مقدم للفتاتين أيضاً حماية معك، هذا سيكون أفضل للجميع ..لورين تحتاجهن كما أمل التي لا تنفك تطلب وجودك بإلحاح كما خالتيها...وفرح ومرح يحتاجان أيضاً للشعور بأجواء عائلية تعودا عليها بوجود اختهن الكبرى ، والصغيرة التي ارتبطت بهن!"
" فاقد الشيء يبحث عنه بكل دأب.. حتى يمنحه ويتشبع به " هذا ما فكر به أيوب وهو يتأمل ممدوح بهدوء سابراً أغواره ..ولكن تبقى المعضلة الكبرى أنه يجهز ويطالب بأمرٍ غير مضمون مع معرفته بنية ابنته الحقيقية وإن لم تخبره بها صراحة !
هتفت مرح بجمود معترضة على الاقتراح" هذه ليست أرضنا ..أنا لا أريد البقاء هنا ليومٍ واحد ،أرغب في الرحيل !"
نظرت إليها لورين بتمعن قبل أن تقول بهدوء " لم يكن هذا رأيكِ في السابق؟"
قالت بفظاظة" وغيرته ،أدركت أنها لا تناسبنا"
تولى ممدوح الرد ببطء شديد ضاغطاً على كلماته كلمة كلمة " كلها أرض واحدة، هنا أنتِ ستكونين في حمايتنا جميعاً ،نهب فرداً وجماعة لحمايتكِ ..أما إن شردتِ بعيداً ستكونين فريسة سهلة لأي من قد يلوح به هوى نفسه مطاردتكِ "
اشتد تركيز أيوب وهو يراقب وجهه مرح الذي ابيض مشابهاً للون الجدران خلفها ثم تمتمت بشيءٍ اشبه باعتذار ..وغادرت دون أية اعتراضات أخرى ...
" ما الذي يجري مع أختكِ ؟ عندما منحتها لكِ أمانة ابنتي لم تكن بهذا الضياع !"
توترت لورين ..وهى تنظر لممدوح تلقائياً والذي تولى الرد سريعاً بصوتٍ هادئ " لقد اصابتها وعكه شديدة ، ولم نرغب في أثارة قلقك ..اعتقد هذا السبب لا أكثر ، أو ربما لديها نفس تحفظك"
لم يقتنع أيوب أبداً بالجواب إلا أنه صمت يحدق فيهما بغموض ، إن لم يخبرانه إذاً هناك أمرٌ جلل أصابها ..ومن قال يوماً أنه قد ارتاح من ناحية مرح ! على كلٍ مؤكد سيحاول اقتحام ابنته علها تمنحه بعضاً من نفسها ..
"ماذا قلت يا عمي في الاقتراح ..ألا ترغب في ضم جميع أفراد أسرتك جانبك؟ "
اطرق أيوب ينظر للأرض من جديد بينما لسانه يهمس بألم رغم حمده على كل ما يكتبه له الله في صحيفته " هذا الزمن قدر ..وهذا الكلب نفذ ..وكأن رحلة النزوح لم ترضى بإيجادي أرضاً بعد ..وقد قبلت باستبدال وطني بالترحال!"
وجمت ملامح ممدوح ..كما خط الألم الشديد على وجه لورين ..ولم يتفوه أحدهما بشيءٍ لوقتٍ طويل ..
حتى قال أيوب بنبرة ثقيلة " دعنا تنتهي من استقرار حفيدتي وابنتي معك وبعدها ما يقدمه الله سيكون بالمشيئة"
تنحنح ممدوح وهو ينظر إليها رافعاً حاجب متحدي ثم قال بصرامة " أريد أن أعقد عليها بالغد، لا معنى للتأجيل أكثر من هذا وقد وصلت عماه أخيراً "
" ماذا ..لا بالطبع لا أنت تحلم نحن لم نتفق مطلقاً على هذا"
هتفت لورين بصرامة تفوق نبرة صوته وهى تقف بعنف من مكانها في علامة أشد على اعتراضها .."
كان ممدوح ينظر إليها ببرود من مكانه دون أن يتحرك إنشاً واحداً ثم قال أخيراً بتشدد" على ماذا اتفقنا إذاً ..التلاعب مثلاً؟!"
شحبت لورين بقوة ورأسها يرتد للوراء بعنف ثم همست باختناق متبعثر" ماذا تقصد ..أي تلاعب وأية سخافة ، ها قد عدنا لجنونك وظنونك قبل أن نبدأ حتى"
هدر والداها فيها من بين أسنانه " لورين ، ضعي لسانكِ داخل فمكِ ..واحترمي وجودي بينكما ...تريدان الجدال؟ بعيداً عني"
" أنا لا أجادل ، هو الذي يُلقى اتهامات جزافاً "
لم يهتم جداً بتوترها عندما قال ببرود " أنها كلمة عابرة ..عنيت بها استعجالنا أبيكِ ..ثم تهربكِ الآن ..لماذا ارتعبت ،هل اصبت شيء نجهله وتنويه؟"
أغلقت جفنيها بقوة وهى تضغط أصابعها على جانبيها مسببة لنفسا بعض الألم قبل أن تهمس بتخاذل " كرهت اتهامك لي أمام أبي وقد وعدته بالصدق الدائم "
مال طرف فمه المبتئس بابتسامة ساخرة لم تلاحظها إلا عينيها ..ثم عاد يخاطب أبيها وكأنه لا يراها في الصورة أو يعنيه رأيها" كفى تغريب في أمل ..ها هي تتنقل بين بيتك وبيت أختي الذي ابقى فيه ..بصراحة تعبت أنا الآخر من الترحال، ومن حقي أن أجد بيتاً يأويني حتى استقر واتفرغ لعملي وأرسي أسس لحياتي ..فأنا أبدأ من جديد من تحت الصفر عماه"
رفع أيوب عينيه الغامضتين نحوها قبل أن يقول بهدوء "من حقك ... إن كانت وافقت بالفعل ، وهى بالأصل من اقنعتك بالبقاء وإيجاد أرضاً لكما هنا ..لا أجد إلا منحكما مباركتي "
توترت لورين بشكلٍ عاصف وهى تنظر لأبيها بتوسل أن يسحب موافقته مانحها وقتاً جيد للتهرب ..إلا أنه أفرغ يديه منها وهو يقف مستأذنهما" أريد رؤية مرح على انفراد ،وأنتما ساترك لكما وقتاً لتتناقشا فيه بحرية فيما يخصكما"
" أجلسي يا لورين ..."
قال بهدوء قبل أن يلحقها متصنعاً الأدب" من فضلكِ "رمشت بعينيها وهى تقترب منه هامسة بخفوت وقح " كثير من اللياقة، والتهذيب الذي لا يليق بك "
مط شفتيه بلا معنى قبل أن يقول " على الإنسان التحلي ببعض الصفات الغير مستحبة حتى يصل إلى هدفه "
رفعت حاجبيها وهى تقول بحيرة " الأدب غير مستحب؟!"
قال ببرود" معكِ طبعاً...أنتِ امرأة يجب على الانسان ليتعايش معها أن يتحلى بالخبث والملاوعة والقليل من " الجلافة "
ضيقت ملامحها بعد فهم للكلمة الأخيرة ففسر بضجر" أعني الحمق وغلظة الطبع"
ضحكت وهى تقول باستهزاء وما الجديد ، أنت " جلف " من يوم معرفتي بك"
قال بصرامة " نعم ، أنا جلف ، سوداوي ،عديم خلق ، رجل اوجعكِ ..كل ما ترغبين في قوله هو أنا ..ولكن الأمر الذي لن أقبل مجادلتكِ فيه هو الزواج منكِ غداً"
توترت وهى تقول بخفوت " ما تطلبه المحال بعينه"
رد عليها بصوتٍ قاتم "بل هو الممكن بكل سبله "
ساد صمت متوتر وطويل بينهم ..حتى قالت بصلابة " لقد وعدت بمنحى مهري أولاً وهو رؤية أخي وزيارة وطني ..وأنت لم تحقق أياً من هذا حتى الآن ..أخبرني لما عليّ الزواج منك وقد أخفقت في أول وعودك"
توتر فم ممدوح بقوة كما شردت ملامحه وهو يشيح بوجهه بعيداً عنها ، مدركاً ورطته الحقيقية ، لقد قبل تميم بالصفقة ..رضى بتسهيل دخولها هناك بشروطها ..ألا تدخل عبر مطار إسرائيلي...ولكن كيف له بأن يواجه الرجل بعد ما حدث ..بل كيف بالأساس يأمنه على زوجته بعد ما علمه من إيذائه البشع لمرح...بل الصاعقة الحقيقية أنه يحمي مرح ا لآن باعتقاده أنها زوجته ..فمن أين له أن يقدم له لورين ..دون كشف كذبته!!"
" كما توقعت ، ها أنت تخدعني" رغم نبرتها القاسية إلا أنها كانت مليئة بالخيبة ..بعد أن منت نفسها طويلاً وحلمت بهذا اليوم منتظرة إياه بكل لحظة وساعة ودقيقة !"
دفنت وجهها بين كفيها بالألم وهى تشعر بأن كل ما يحدث غير مجدي ، بأن كل أحلامها كالعادة تتبخر في الهواء ..غير مقدر لها أن تحصل على أيٍ من سلامها يوماً ..همست بمرارة حقيقية ، غير مبالية ببكائها أمامه " كل ما رغبته من الدنيا هو رؤية عيسى ..ضمه لي كما كنت قديماً ..عل حضنه هذا يصلح بعضاً من تكسري ،يمحو ضنى روحي"
ساد الصمت بينهم طويلاً من جديد ، لا يتخلله إلا أنفاسه المكتومة ..صراعه النفسي الرهيب والمؤلم ، رغب في ضمها إليه ..رغب في أن يكون هو من يمنحها هذا السلام ، أن يمحو بيده بروحه برأفته بأسفه واعتذاره وحبه كل مرارة بداخلها...
شعرت به يبدل جلسته يعرج ليكون أمامها ثم تساوى يركع على ركبتيها أمامها يرفع وجهها بحنان ماسحاً دموعها ..ارتبكت لورين أمام عينيه الخضراوين التي أحالهما خضار "مريع ..رغم راحته ..مريع لأنها ترفضه لا تجرؤ على لمسه للتأمل فيه ، لتسليم نفسها إليه من جديد ...
يده تقبضت على كلا كفيها فوق حجرها بين يده الأخرى أخذ دون تردد رغبه ،ادراكه بغصة تقسمه كلما تمر به كل كرهها ونفورها من وجوده ...ثم قال بابتسامة مهزوزة من قمة العذاب فيها " لا بأس، لقد وعدتكِ وسأنفذ لا تسبقي الأحداث ..فقط أريد بعضاً الوقت ... لورين اسمحي لي بفرصة أخيرة لن أطالبكِ فيها بأن تعطني عبرها أي جزء من نفسكِ ، لن أطمع بأي قسمة من روحكِ ..فقط فرصة تقتصر على السماح لي بتعويضكِ أنتِ وأمل "
همست بإرهاق موجع دون أي زيف ، خالعة كل اقنعتها وأفكارها جانباً " أشعر بداخلي عجوز هرمة ، لم أعد لورين التي كانت راغبة في الحياة في الحب ..كل شيء تبدل ،ضاعت مني سبله ..لقد تعبت والله تعبت ..اكتفيت من الوجع من الخذلان من الأسى ،كل ما أرغب به بعض الراحة ،شيء من مُسكن يؤخر هرمي...هل تفهم معنى أن تشعر امرأة بالهرِم ؟ هذا لا يعنى إلا شيئاً واحداً فقدها كل رغبة في الحياة ،في الأمل ..تتجمد فاقدة حتى الشغف والمقاومة ..إذ أن كل المشاعر كل الاحاسيس كل مباهج الحياة والحب ..تصبح بلون واحد رمادي مرير "
يداه تشتد حولها ألمه يزيد ويعصف كل ذرة فيه شاعراً بقلبه ينزف دموع ندم من دمٍ...
همس أخيراً برفقٍ هادئ" أتفهمكِ.."
صرخت بعنف دون سيطرة " لن تفهم إذ لم تكن يوماً امرأة"
لم تتغير ملامحة المحتوية ولا نبرته الناعمة بخفة أسد يتربص" لا ، ولا أتمنى للحقيقة فخور أنا بأني رجل ، ليس لتحيز ذكوري ،بل لأن النساء معقدات أكثر من اللازم، مؤلمات حين يحببن، ويذبحن حين يبغضن...أنتن أكثر تعقيد منا بكثير إذ أن الرجل بطبيعة الحال كائن بسيط مشاعره واضحة محايدة يجهل التلميح ، ويفقد ركيزته عن افكاركن الجبارة ومقصدكن حين ترتكبن مصيبة فيأخذ بظاهر الأمور ظالمكن بجهل بواطنها"
تدلت شفتها وهى تنظر إليه بذهول " هل تمزح ..أصارحك منهارة عن ألمي وأنت تمنحني محاضرة عن أن الرجال من كوكب وردي أبله "
تنحنح وهو يقول بمرح " أرأيت ها أنا تأثرت بثرثرتكِ...متناسياً أن أخبركِ ..بأني أتفهمكِ لأني عانيت مثلكِ من الهجر الطويل ، من النزوح ..كلانا غريب يا لورين في عالم فسيح ...كلانا لديه ما يكفيه ليشعر بانعدام الأمل ، بالهرم سامحاً للسواد أن يلتهمه أخيراً.....إلا أنكِ تتناسين ، أنكِ وجدتِ الأمل بالفعل ..بأن هناك شيء يستحق للمقاومة ، لتأجج حربكِ من جديد"
همست " تقصد أمل؟ "
هز رأسه نافياً قبل أن يقول بتشدد" لا ،لم تعد أمل وحدها ، بل أصبح لديكِ هدفٌ آخر ..سعي يستحق منكِ أن تقاومي، ألم يكن هذا حلمكِ لزمنٍ بعيد ..لماذا الآن عندما أصبح واقعاً بين يديكِ اهملت فيه ،سلمتِ بعدم وجوده، متناسية ما وعدتِ به نفسكِ ، عندما تململيهم حولكِ"
متوسعة العينين كانت تحدق فيه بذهول أشد وكأنها غير مستوعبة ما يقوله ، من أن يصدر عنه بالذات ..وكأنه فهمها عندما قال ببساطة " لا أحد يبقى على حاله نحن نتغير ..."
رددت وراؤه بهمسٍ مضطرب " ولكننا لا نتبدل"
وقف ممدوح من أمامها مستديراً ليصبح بجانبها على نفس الأريكة قبل أن تتبدل نبرته للصلابة الواضحة على ملامحه وهو يقول " والآن، هل يمكننا الحديث في زواجنا بالغد؟!"
جادلت" ولكنك لم تفي بعهدك ..حققه أولاً وبعدها سنرى"
أدارها إليه ممسكاً بذراعها بحزم وهو يقول بلهجة ساخرة" لست أحمق يا عزيزتي ، لأقع في الفخ مرتين ، الزواج أولاً وبعدها السماح لكِ بالذهاب "
توترت مجدداً وعصف الرعب بها مؤكد ترديده لهذا ليس عرضياً هل كشفها ؟!"
عندما لم ترد وجدته يقول بلهجة أقل تصلباً " لورين أنا لن أسمح لكِ بالدخول لفلسطين دون أن أملك صفة حقيقية تجاهكِ ، يكفي المخاطرة التي سأعيشها وأنا أعلم أي جامحة مجنونة أنتِ عند استفزازكِ ..لذا يجب أن أؤمنكِ ونفسي بزواجنا ، حتى إن حدث أي أمرٍ خارج تخطيطنا يكن لي كل الحق ، بالدخول والمطالبة بكِ"
عضت لورين على طارف شفتها بقوة رافضة الانصياع ، عقد زواج جديد يعني تعقيد الأمور معه، كيف لها أن تنفذ ما نوته وهي زوجة له ..ماذا هل تختفي من جديد وهى أيضاً زوجته هذا كثير عليها لتحمله أن تبقى معلقة به للآبد ..والأسوأ إن ملل ويأس أخيراً وطلقها هذا يعني استحالة عودته إليه ، وغلق باب قصتهما نهائياً وهي ..وهي لا ترغب في هذا بل تريد دائماً بابه موارب ..شحبت ملامحها أكثر وهى تقبض على أفكارها على اعتراف القلب الذي مازال ينبض بوشمه بداخلها ...
" لن أقبل غير بالزواج ..بيدكِ أن تقرري والآن ، إما كل شيء بالغد ..أو لا شيء ونعود لنقطة الصفر "
قال أخيراً بغضب بدا يستعر في عنينيه ..قاصداً الضغط عليها بورقة أخيرة "
وهذا التهديد في حد ذاته ضرب قلبها بقسوة ..وأثار بداخلها تمرد وجمود لا يحتمل ...مانحها أخيراً صفاء ذهني غبي بالاستمرار بلعبتها ...
عندها همست بجمود " حسناً موافقة ، ولكن لديّ شروط ..لن أقبل الجدال فيها "
ورغم كرهه لأن يظهر لها خنوع حتى وإن كان تظاهر إلا أنه أجبر نفسه على فعله عندما قال " كل ما تطلبينه مجاب "
ظلت تنظر ليديها المعقودة في حجرها طويلاً بغضب لم يفهمه قبل أن تنظر إليه كلوحٍ بارد وهى تقول " تلك المرأة أو الفتاة الصغيرة ، أو أياً كانت صفتها ..لن أقبل بزيارة طيفها في بيتي من جديد ..أنت ستتخلص من هوسك بها نهائياً ..ربما أنا أعرف كل شيء وأعلم أنها لا تُشكل بداخلك إلا إثماً تريد تطهيره...ولكني ما عدت اتحمل هوسك بامرأة غيري أياً كانت مبرراتك"
هل عليه أن يفرح كأي أبله لأنها أظهرت أياً من مشاعر الغيرة نحوه ؟! أم يتساءل عن الهدف من هذا الشرط...إذ أن امرأته الجاحدة ما كانت لتتنازل وتلوح بأمرٍ كهذا بدافع الغيرة ..
وأجابها دون تردد" هذا غير قابل الجدال ..من تقصدين أصلاً؟!"
اُخذت ملامحها قليلاً وهى تنظر إليه بعينيها الواسعتين وحاجبيها المغيظين بدهشة " هكذا ببساطة ، منذ أيام كنت كالمجنون وأنت تعارك أختك للوصول إليها"
هز كتفيه بلا مبالة ثم قال " قلتيها مجنون ومن الله عليّ بالعقل ..ما عاد هناك أية نساء قد تشغلني إلا أنتِ، " واللئيمة " ابنتكِ "
ارتخت ملامحها وهى تبتسم لوصفٍ يليق بابنتها ..إلا أنها تجمدت من جديد وتصلبت وهى تقول بتقطع " أنا سأكون زوجة ليست بزوجة...لست مطالبة بأي حقوق نحوك"
لم تظهر على ملامحه أية مشاعر وهو يقول ببرود "لا داعي لتجديد طلبكِ هذا ، نفوركِ مني لا يوازي نفوري منكِ"
اهتزت عضلة جانب فمها ، قبلا ان تنتقل للحديث سريعاً وكأنها تريد التهرب من مشاعرها التي اُوجعت، أن ترفضه شيء وأن يُطلق هو زهداً فيها أمراً آخر...
" عملي، تعلم أني لن أقدر على السهو فيه ، فهو جزء مني من رسالتي"
قال بهدوء " لن أطالبكِ بأكثر من الاهتمام بأمل ، ومؤكد سنبدل مسؤوليتها بيننا ، بحيث لا أحملكِ فوق طاقتكِ، ولا أنا أيضاً اهمل في واجباتي نحوكن "
فركت يديها بتوتر من جديد وهى تقول " لم يعد لديّ المزيد ..اعتقد يمكننا ابلاغ أبي باتفاقنا "
إلا أنه لم يكن أنتهى عندما قال بلهجة لاذعة " العظيمة انتهت من إلقاء أوامرها على " الرعاع " ..ألم تتسألي إن كان لديّ أنا الآخر بعض الشروط لنُرسي حياة مقبولة على الأقل ؟!"
تأففت وهى تقول " لا داعي للسخرية ..أنا لم أفكر ظننتك القيت أسبابك بوقتٍ سابق"
شعرت بجسده النحيل يتيبس بعنفٍ جانبها قبل أن ينحني قريباً منها ليواجه عينيها بملامح قاتمة قبل أن يقول بلا تعبير " لديّ ما هو أهم من كل شروطكِ " لا أريد كذباً ولا خداعاً ، إياكِ بأخذ أي قرار حتى وإن كان في شراء علبة صلصة دون أن تخبريني"
هتفت بحماقة " ما هذا بالضبط تريد التحكم بي؟"
لم تتغير نبرة القاتمة وهو يقول " بل اتجنب خططكِ المبهرة، إذ أني لن أتحمل يا لورين أي تلاعب بي ..بحق الله الذي عرفته أخيراً وأخلصت في رجائه ودعائه ..لم تعد بي طاقة لتحمل الخداع ..إن رغبتِ في قتلي لن أعترض ..ولكن إياكِ أن تعيدي محاولتكِ السيطرة عليّ ..أو تكذبين ، أنا لا أطالبكِ إلا بالصراحة .."
ابتلعت ريقها بعنفٍ وهى تحدق في وجهه بخوفٍ وجد له مكان فسيح بين أضلعها ..والنظرة المطعونة في عينيه متذكراً ما كان ،عاكساً هاجسه الأكبر الذي حققته ..تؤلمها من أجله وقد ظنت أن هذا مستحيل ..
" لن أنتظر منكِ رداً، لديكِ حتى تذهبي لفلسطين وتعودي، أنا أكرم منكِ وسأمنحكِ وقتاً لتأخذي قراركِ بأن تعاهديني ..بأن هذا العهد سيكن له عواقب إن اخيلتِ به يوماً...
لم ترد أيضاً فقط تحدق فيه بعجز وحيرة ...
وقف أخيراً من جانبها منتهي من كل شيء ثم قال " شرطي الأخير لا يقبل الجدل بالأصل ، مالكِ لكِ وحدكِ، تحرقيه تضعيه في أحد البنوك لا أهتم ، ولكن قرشاً واحد لن يُصرف في بيتي ..ولا عليكِ أنتِ وابنتي، أنا سأتكفل بكل شيء وإن اقتطعت من جسدي لألبي لكِ أي مطلب"
هنا وقفت تحاول الجدال بقوة " ولكن هذا تعسف من معه..."
قاطعها بهدرٍ صارم " لا ..هذا الشرط لن أتساهل معه أيضاً.. ولن أقبل مجادلتكِ أو نقاشكِ فيه يوماً..."
ثم دون كلمة إضافية كان يحرك رأسه فيما يشير وداع ويغادر تاركها تتلظى بتنازعها..
......،،،،،،............................

وقفت هبة على باب المطبخ وهى تحمل كوب قهوتها بيدها ،تنظر لوالدتها وزوجة أخيها الجالستين على الطاولة الصغيرة يجهزان العشاء بأمتعاض وهى تقول " خائنات ، تذهبن لحفل كهذا دون ، أن اتفكرا بىّ،أين أمومتك يا عفاف..وأنتِ يا أبنة الاكابر هل ذهبَ مع الريح وعدك بالاخوة "
ابتسمت جوان إجهاد وهي تسمع عفاف تنهرها بالقول " وأين سنأخذك وأنت تجري خلفك جيشاً ، مشاغباً..وكأنه سينقصنا "
قالت هبة وهى تتقدم تجلس جانب جوان " أشعر أحياناً أن أمي تتحملني من أجل العشرة ، وان كان الامر بيدها لمنحتني" بلوك " من حياتها"
كانت يدى جوان تعمل على تقطيع السلطة فوق لوح زجاجى ، اذ أنها لا تستطيع الوقوف لوقت طويل ، وحتى ان رغبة ما كانت عفاف لتسمح ...همست أخيراً بتضامن " وهل تلوميها..أولادك فرقة من المدمرين ، نضطر بعد مغادرتكم لاخذ أسبوع كامل لتنظيف المنزل ورائهم "
" خائنة ..تبيعني لصالحها !"
ضحكت جوان برقة وهى تتابع حماتها التي وقفت امام الموقد تعد الطعام بكل نشاط ..." لقد سرقةُ أمومتها منكِ بصعوبة، ويجب عليّ أن أحافظ على غنيمتى فيها "
وضعت هبة الفنجان امامها ثم اقتربت منها وهى تسأل بخفوت " دعينا منها ومنيّ..كيف حاله معك "
تنهدت جوان قبل أن تقول بهدوء " بخير حال ، نضال سيد الرجال ماذا قد تتوقعي منه"
عبست هبة وهي تقول " لا اسألك عن نظرتك اليهم ، لا تتلائمي ، أعنى هل عدتما كما كنتم أعني ..."
تنحنت هبة بحرج وهى تحرك علامات وجهها في إشارة عن ما تستفسر عنه ...تهربت جوان بعينيها وهى تقول بفتور" علاقتنا لا تقام ، على ما تقصدي ..ثم أن حملي ليس سهل "
غضبت ملامح هبة قليلاً وهي تهتف بنزق " ومن قال أني أهتم لهذا الجانب ، سيدة متمنعه ...عنيت أن أفهم هل غفر لكِ نهائياً عملتكِ التي مثل وجههك"
نظرة اليها جوان من أعلى لاسفل ثم قالت باستفزاز " اذاً عملتي جميلة ، وفاتنة ..كما يقول اخيكِ"
" أنتِ ضغط دم متحرك !" قالت هبة معترضة وساخطة
شعرت بعفاف تخبطها بغطاء الطنجرة فوق رأسها ثم قالت " كفي ، عن إزعاجها..مالكِ أنتِ وحالهم، هل أخبرك احد أنهم أطفال يحتاجون النصيحة...
" والله ما أحد طفل مدلل الا زوجة ابنك التي تحميها ....

غادرت عفاف المطبخ وهى تنظر لها بقرف زائف تاركة اياهن مع بعضهن ...

عادت هبة تنظر الي شرودها بقلق ثم همست " جوان تعلمي أنك صديقة ليّ،،أحبك واحترمك حتى رحيلك الذى لم أعرف حتى اللحظة أسبابه ، أنا لم أغضب منه ..اذ أعلم أن مؤكدً كان هناك أمراً فوق طاقتك و....."
قاطعتها جوان وهي تستدير نحوها متوقفه عن ما تفعل ثم قالت بهدوء" لنضع للأمر نهاية يا هبة ..أسباب رحيلي ليس لاي أسبابٍ قد أتت لعقلك..مازلتُ أحب اخيكِ راضية جداً بحياتى معه ، أشكر الله كل لحظة على وضعه في طريقي و والداتك أيضاً"
عضت هبة على فمها بحرج أذاً انها لن تنكر بتفكيرها المتألم أن زوجة أخيها ببساطة ملت وزهدت الفروق الإجتماعية وربما اشتاقت لحياتها الصاخبة الرغدة ، كما تتوقع ..للحقيقة جوان مطلقاً لم تتحدث عن حياتها السابقة لم تتفاخر يوماً على الإطلاق بإسم عائلتها او غناها لا كانت دئماً. كمن كان يقضى عقوبة، واخيراً فاز بالحرية كاره سجانه السابق ...
" لماذا رحلت وأوجعتيه اذاً..وكما اعلم انه مازل لم يتخطى الامر حتى وأن كان يمثل التناسي بمهارة "
استندت جوان الى الطاولة وهي تنظر اليها بشحوب ..ثم همست باختصار " لأحميه هو بالمقام الأول .."
توجست هبة وهى تقول بتوتر" هل مازل والدكِ يهدده حتى بعد كل هذه السنين "
ربتت على كتفها وهي تقول مطمئنه إياها " ثقي بيّ اي ما كان يهدد كلينا ، ذهب مع ادراج الرياح اختفى بغير رجعة ..ولم يعد الا حبى له ، ورغبتى في البقاء معه دئماً"
كثير من ألغاز ، وكثير من عدم التفسر هذا ما استشعرته ولكنها أسرت عدم التوضيح ..أن لم تكن تريد البوح مؤكد هذا أمر يخصها ، اذ ان كل ما يهمها شيء واحد نطقته على الفور وهي تشدد على يدي جوان " أخي يستحق السعادة ، والحب ..كل رجائي أن لا ترهقيه أمنحيه ما يحتاجه منكِ يا جوان !"
ابتسمت ابتسامة متوسعة قبل ان تقول بثقة " لا اعدك في موضع الإرهاق هذا ، أن كان مازل يلتزم بجانب السيد زاهد.."
أبتسمت لها هبة مشجعة وهي تقول " لا اي زهد وكلام فارغ ، ابتسمت متزوجين وهو يعيش في فراغ عاطفي ان كان الامر هكذا ..الله معكِ في نوايكِ الشريفة..
قفزت هبة كالملسوعة وهي تسمع نداء عفاف الغاضب بأن ترى ما يوجد على الموقد ...

احتلت هبة مكان أمها ثم قالت بتوسل مضحك " صحيح ، الم تلتقطى أي صور ، للعرسان ، الفضول يقتلنى ، لرؤية وجه أبنة الراوى "

توتر فم جوان واهتزت عينيها وهي تقول " من في بنات الرواي ، أنهن كثر "

قال هبة بخلو بال " رأيت تلك التي يقولون تزوجها أمير ، فيديوهات رقصهم تغرق مواقع التواصل الاجتماعي ...من اقصدها الأخرى ...اذ يقولون بأن زوجها حذف اى صور مسربة لها او فيديو مماثل ...لم يكن هناك الا صورة او اثنين ، رسميتين وكانت الفتاة تدفن نصف وجهها تقريباً في كتف زوجها "
همست جوان بصوت مختنق " لديه حق ، من يملك " جوهرة ثمينة مثلها " عليه بحمايتها واخفائها عن شيطاطين البشر "

لم تنتبه هبة لمشاعر جوان الخاصة ..بينما تقترب منها وهي تقول بحيرة " تحمل أسم غريب ..كما لون شعرها وما تبينته من ملامحها ، يشبهك لحد عجيب ..."
لم تلاحظ هبة شحوب وجه جوان بقوة بينما هي تقول ضاحكة" أن لم اكن اعلم انك طفلة وحيدة لقلت ، انها اختك "
عم صمت لحظى بينهن حتى استعادت جوان اعصابها ، وسيطرة على نبرتها وهى تقول ببساطة " لماذا ظننتِ اني دعيت للزفاف اذا "
نظرة اليها هبة بدهشة في استفسار ...
قالت جوان بهدوء شديد جداً " الفتاة لديها قرابة معيّ..والداتها وأمي يشتركن في نفس الجدة التي ورثتني واياها ، ملامح مميزة "

قالت هبة ببساطة " هذا يفسر الامر اذا ...ولكن مازل فضول النساء يقتلني..هل تحملي لها مزيد من الصور ؟!"

الإجابة هي تحمل المئات ..في قلبها كما هاتفها ، ومذكراتها ولكنها اختارات ان تقول بهدوء " لا ، لاأحمل شيء يخصها ولا أحبذ هذا ربما نقرب لبعضنا ولكن احدانا الاخر ، لا تفضل تقارب بيننا "
" ‏خسارة"

.......................
بعد وقت
كانت جوان تنظر لسقف الغرفة بقنوط ، بينما يدى نضال تحاوطها كالمعتاد ..! منذ عودتهم لبعضهم ، وتلك الليلة التي بدأت بتهديد فقدهم للجنين وانتهت بها بين ذراعيه ...ولا شيء تغير ! يهتم بها يراعيها يترفق..كما على اي زوج حنون محب ان يفعل ..ربما يشاكسها يتحمل كيأبتها ضيقها او مداعبتها...الا ان زوجها العاشق اختفى...ما عاد يتلهف لها باى طريقة...! رغم رؤيتها له بأم عينيها " الحمامات الباردة الكثيرة التي يخضع نفسه لها ..حتى خافت من تعرضه للالتهاب الرئوي..ورغم ايضاً ان الحصار من الطبيبة ُرفع، كما انها تعلم بحكم مجالها حتى وان كان تخصصها أطفال ، بأن بات من الأمن اقترابه منها ..وقد لمحت له بالأمس ..وقبل أسبوع في ذاك النهار ، الا ان رده لا يتغير انه يتخلى عنها مانحها ظهره وينام كاللوح..او يغادر المنزل كله متحجج بالعمل ...هل لها أن تقلق .، ان جزء منه لم يصفى ناحيتها لهذا يتعفف..من معرفتها الكبيرة له والسابقة ، لوحها الحبيب على استعداد ان يعفها لعام ، وربما يزيد زفرت بحرقة وهي تهتف بسخط" حسبنا الله "
رفع نضال رأسه بقلق ينظر اليها بعينين اوشكت على النعاس وهو يسألها بحيرة" من تعيس الحظ هذا "
رفعت ذقنها بترفع وهي تتمتم بجفاء " أنتَ طبعاً وهل هناك غيرك !"
حررها من بين ذراعيه وجلس قصادتها وهو يقول بتجهم "لماذا تتحسبني بي يا محترمة!"
حسناً ان كان يتهمها بعدم الاحترام فلم يخترق لذا قالت بفظاظة وقحة" لاني اريدك اشتاق اليكَ وانت تمنع عني حقوقي"
توسعت عينا نضال وتدلى فكه وهو ينظر اليها بغباء لحظي ، سرعان ما تحول للغيظ والاتهام ...
اعتدلت جوان تواجهه بشجاعة وهي تقول بغضب" لا تنظر اليّ هكذا وكأني اطلب منكَ امراً محرماً"
هز رأسه ببطئ متفهم مغيظ ثم قال ببرود " ظننت أن الطفل هو كل همك..."
زمزت فمها بقوة قبل ان تقول بفتور " ان كان هذا حجتك أطمئن ، الطفل بخير ..فأنا لن اخاطر به حتى وان كنت أموت اشتياقاً اليكَ"
نظر اليها نضال بتسلي وقد تبدد غيظة وغضبه ثم قال " هذه الأمور لا تجري بالطلب ، حتى وان كان حقك ، اذ ان الطرف " الفاعل .، يجب ان يضاهي رغبتكِ..ليسد نهمك يا " مؤدبة"
اشتد خطي شفتيها وتراجعت كل ثورتها مطفئة في مهدها ..فليحترق اذاً هي لن تخوض هذا الحديث ، ولن تحايله ابداً ليصفى اليها ...عادت تنام في موضعها تمنحه ظهرها وهي تقول بجمود " فلتحرق يا نضال ..وأجعل حمامتك الباردة تنفعك ، انا لن احايلك مرة أخرى.."
تدبر نضال ضحكة عالية مشاغبة وهو يتبعها ملتصق بها واضع احد ساقيه فوق ساقيها مشدد عليها به ..صرخت معترضة" ابتعد جسدك ثقيل ، ويكتم على انفاسي"
اصابعه داعبت وجنتها ثم نحرها منحدر لم يتلوى جسدها وهو يهمس بصوت خشن اجش " وصدري ان التحم بك سيكون ثقيل أيضاً ..ماذا هل ستجبني سريعاً وتتخلي عن حقك دون حرب ، الا استحق بعض المقاومة من اجلي"
تنهدت بتعب وهي تدير وجهها ليقابل وجهه دون ان تعتدل من موضعها ثم همست " ما عاد بى نفس لاي حروب يا نضال ..كم تحتاج لتفهم أني أحبك ، أني احلم وأتمنى كل ليلة ولحظة ، بأن لو كنت قابلتك أنتَ منذ زمن أحببتك أنتَ، ووهبت لك نفسى وحياتى كما افعل الان ...الماضي ولى وانتهى، فلماذا ترفض انت تخطيه؟!"
توترت عضلة في فكه ، قبل أن يقول بصدق " انا لا افكر فيه بالاصل يا جوان ..ولكن لن انكر هروبك الأخير هو الذى لا يزال يترك بداخلى ندبه.."
رفعت كفها تضعها على فكه الخشن ، ثم همست بتدله" دعنا نضمدها أرجوكَ.. امحيها ،أطويها وابعدها واسمح لنا ان نبدأ مع طفلنا القادم حياة طبيعية خالية من أي اوجاع "
اخفض نضال وجهه يدفنها على كتفها متشمم رائحتها العطرية المميزة ، تحشرج أنفاسهُ لفحها. بقوة جاعلها تسدير اليه تضم جانبه بقوة جاذبةً إياه نحوها .. ووجد نفسه يطبع قبلة على بشرتها البضة ،. هامس فوقها بخشونة " هل يمكنني إزاحة خوفي منكِ يا جوان ، الاطمئنان انك تعلمتي حقاً ، درسك اخيراً ، بأن لا أب ولا اسرة ولا أحد بالعالم ، سيتحملك ويحبك ويداويكِ سواي "
" نعم "
" هل ليّ أن أأمن يقينك ، واعترافك بسلطتي عليكِ، بفهمك أخيراً اني يجب ان اعلم بكل خطوة وفكرة تجري في عقلك الاحمق "
شدت نفسها اليه بقوة بينما فمها يطبع قبله مجنونة على صدره ، ثم موضع قلبه وهي تهمس بحرارة " نعم ..نعم ....فقط أحبني ..أحبني أرجوك يا نضال "
ساعده صم ظهرها بتوحش يغمرها بجانب صدره بقوة ..بينما يده الأخرى ترفع وجهها لتواجهه ثم قال بنبرة اكثر خشونة " تلك هي المشكلة ، أني احبك ، ابتعادك عنيّ هو الهلاك "
لمع بريق عينيها ،.وهي تهمس بصوت مختنق احرقته العاطفة الجياشة " بل الهلاك كل لحظة ، قضيتها قبل ان اعرفك ، قبل ان احبك ..أعشقك يا نضال "
توقف الكلام عند اعترافها ، اذ انها وجدته اخيراً يهبط على فمها مكتسحه كالإعصار .. يضمها بين ذراعيه..يحبها كلها بلغة المشاعر ..يخطو معها على كل المصاعب يمحي ، اخر ندبة بداخله ..مكتفي بشغف والحب ان يتكفلا بكل شيء شارحان اخر ، تحفظاته..ومرسيان أهم قواعد حياتهم ...
لم تشعر هي رغم كل جنون وغرام لقائتهم ..بما تلمسه الان بين يديه وعبر شفتيه وهمساتهم المفعمة بالغرام تدفع نفسها اليه اقوى يجذبها هو اليه مسيطر ..يتقلبان بين سحب السماء لا فراشهم متعانقين وجميلين و محبين ........
"الباب ..." همست جوان تاركه ذلك العالم الرائع بحسرة ...
ولكن نضال لم يكن انعزل بعد من خيمة مشاعرهم مستمر في اجتياحها وهو يهدر فوق بشرتها " لا تتحركِ..اشتقت اليكِ..افتقدكِ"
كادت أن تبكى احباطاً وهي تدفع كتفيه بكلا كفيها ثم كررت بصوت صارم عله ينتبه" والداتك تدق على الباب ، وكأن هناك كارثة"
" تباً ... " انتفض نضال من فوقها سريعاً ..يتغلل شعره بيده بحنق وجهه محمر مكتوم .. من أثر مشاعره ، أنفاسه لاهثة عنيفة .. وقد اخذ جهداً حتى يعيد توازنه ..وقت اخر يسمع الحاح والداته وهى تأمره بقلق ان يخرجا...استند هناك على الحائط عاري الجسد ينظر اليها وهي تعتدل بخجل تلملم ملابسها ...ثم نظرت اليه ..لدقيقة متضامنين في نعي الحظ " النحس"
قبل ان تجده ينفجر في الضحك وهو يقترب ملتقط ملابسه مرتديها على عجل وهو يقول " حقوقكِ ليس لها حظ ..الم تستطيعي طلبها فقط نصف ساعة مبكراً..."
وقفت جوان بجسد مازل يسكنه الارتجاف ..ثم قالت ضاحكة " فلنحل مصيبة والداتك وبعدها ..يمكنك تعويضي"

نفخ نضال نفس ساخن متعباً قبل ان يقول بيأس " اخرجي انتِ سألحقك ، رغم قلقي من هتافها ..الا اني لن اخاطر بأن تراني او هبة بتلك الحالة "
توردت وجنتيها وهي تتأكد من مظهرها ..ثم خرجت سريعاً وأغلقت غرفتها ورائها باحكام ..
وقبل ان تسأل حتى عن ما يجري ..وجدت حماتها تقف امامها باضطراب وحزن ؟! تحمل بين يديها لفافة صغيرة متسخة...!

" ما الذى يحدث ..!"
كان هناك من على باب المنزل امراة اربعينية تعرفها يقين ، اذ انها لطلما لجأت اليها ، طالبة تبرعها في مراعة أطفال ملجئ تديره ..وهي كانت تفعل مقدمة للأطفال الكشف والعلاج ..وبعض احتياجتهم ..علها تكفر عبرهم عن ذنب...وتأخذ منهم مسكن ، لالم الذى كانت تعيشه " انها طفلة وجدنها متجمدة تقريباً امام الملجئ...اعتذر يا دكتورة ولكن اقرب مشفى بعيد ..وفكرت انك قد تستطعي فعل اي شيء لانقاذها قبل الذهاب بها للمشفى"

امسكت جوان الطفلة سريعاً ودون تفكير تتفحصها على عجل مبدئياً بين يدى عفاف .....ثم سرعان ما اختطفتها وهي تهتف " اريد الدفاية اولاً وبعض الملابس الثقيلة ..."
حركت رأسها لتجد هبة التي تبات لديهم في عادة شهرية ..تنظر اليها برهبة ..اشارة اليها وهي تقول " هبة احتاج مساعدة..

كان نضال خرج اخيراً ينظر اليهم بعدم فهم حتى اقترب منها وشعرت به يشرف عليها ..هتفت دون ان تنظر اليه " احتاج ان اخذها لعيادتى ، فأنا لدى غرفة مجهزة وحضانة كما تعرف ..

اومأ نضال على الفور وهو يقول " سأتي بالمفاتيح...."

عيادتها كانت قريبة وليس اول مرة يقتحم منزلهم احد مستنجد بها لذا هو اعتاد تقريباً الامر واصبح روتين.. اذ انه يصطحبها بنفسه في حالات الطؤارى..
عندما عاد نضال كانت جوان لفت الطفلة العاريه الا من ذلك الشئ المقرف في ، شيء ثقيل أتت به عفاف ..وقامت ببعض الإسعافات الأولية السريعة ...لذا اعتدلت تضعها بين يدى نضال وهي تقول بتسارع..سأرتدي عباءة فوق ملابسى ..والحقك...
" نعتذر يا دكتورة ولكنها روح ..لم يطاوعني ضميري للمخاطرة ...
كادت جوان ان تخبرها بالا تهتم ...

ولكن الصوت الذى قصف مدميها بوحشيته وجهله جعلها تموت مكانها الف مرة ، ولماذا العجب وهي تعلم بيقين ان ربما الحياة تضحك لها تأخذ فرصتها الثانية ، تحب تعيش وتنسى ..الا ان الخطايا لا ُتنسا لا تسامح .. وقد تعود تقتلك ولو لمجرد لفظ عابر مثل الذى قالته هبة بقهر وقرف " اعذريني لتحجر المعنى، ولكن ليتك تركتيها، تزهق وماذا قد تكبر لتجده .." لقيطة " انجبتها امرأة ككلاب السكك العفنة تمنح نفسها للغادي وذاهب...عديمة دين واخلاق نزع من قلبها معنى الشرف ."

والصوت المتألم من اجلها همس دون صوت مجرد تحرك شفتيه وهو يستدير نحوها " جوان"

أغلقت جوان عينيها بقوة ، تحجب دموع الألم قبل ان تقول بهدوء به غرابة " انها روح يا هبة ..ليس لها ذنب في انعدام اخلاق أمها ..التى حكمتِ بعهرها على الفور... الطفلة ليس لها ذنب ، ولقب لقيطة التي وشمتها به ، ما هو الا توحش منكِ ونزع رحمة"

.................................................. .......................
:7r_001::7r_001::7r_001::7r_001::7r_001:

يتبع الأن


Nor BLack غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس