عرض مشاركة واحدة
قديم 19-11-20, 02:07 AM   #2

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

رابط لتحميل الرواية


هنـــــــــــــــــــــــ ـــا




المقدمة
الحفل يعج بالحضور.. وصوت الاغاني عال صاخب.. تقف بفستان اسود وحذاء ذو كعب عال.. بينما شعرها القصير نسبيًا مرفوع بطريقة عشوائية وبعض الخصلات الشاردة انسدلت لتهب وجهها ذو الملامح الجميلة الهادئة سحرًا خاصًا..
رباه ما اجمل هذا الأجواء.. أجواء الاعراس وارتداء الفساتين الجديدة والقصيرة.. لطالما عشقت الاناقة وكل ما يخص جمال الانثى.. كانت واثقة بجمالها ولكن واثقة أيضًا أن يومها سيمر دون شيء يُذكر.. كالعادة لا جديد!

اتسعت عيناها بانبهار وهي تتطلع حولها بفضول..
القاعة كانت كبيرة معدة بطريقة منظمة جميلة جدًا.. ومعظم الحاضرين كانت تعرفهم الا القليل منهم بسبب كونهم اصحاب العريس حازم الذي يكون ابن عمتها..
انتبهت إلى وجود بنات عمها فتابعت النظر حولها تتفقد الوجوه لتعرف اصحابهم..

صوت الاغاني كان عاليًا صاخبًا كما تعشق تمامًا وكل شخص في الحفل مشغول بأمر ما بينما هي كانت تقف مكانها تتعرف على الحضور بعينيها..
امتدت يدها بشكل تلقائي لتزيل احدى خصلات شعرها الشاردة على وجهها وينقبض فؤادها بذات اللحظة بألم غير طبيعي.. كان هو! وسط الجميع كان هو موجودًا! ما الذي يفعله في حفل خطوبة ابن عمتها بحق الله! ليس من العدل أن تراه بعد عامين لم تعرف أو تسمع اي خبر عنه خلالهما!

ازدردت غصّتها الكاتمة أنفاسها وهي ترى فتاة ما تجلس بجانبه.. هو لا يملك أي شقيقات.. لا يملك سوى شقيق واحد! هل هي خطيبته؟! لا بد انها خطيبته! فكرت بمرارة ولكن لا لا! لا يجب أن تضعف بعد كل هذه الفترة الطويلة التي كانت تعد بها نفسها للقائه يومًا ما.. هي قوية! هي بكل تأكيد بإمكانها أن تتماسك وتطمس وجعها تحت قلبها دون أن تسمح له حتى بالظهور على ملامح وجهها.. ولكن والله هذا ليس عدلًا.. كيف تراه بعد عامين وليس لوحده بل مع خطيبته! كيف ستتحمل بحق الله؟! كيف؟

رأته كيف انتبه لتحديقها المذبهل به.. رأت كيف تلألأت عينيه السوداوين بمشاعر عاطفية هي أكثر واحدة تعرفها منه.. عطره البعيد جدًا كانت تشعر به داخل مسامات روحها وأنفاسها.. كانت مخدرة.. لا تدري أهو من الالم ام من تأثيره عليها حتى بعد كل هذا الغياب الطويل!

اقتربت منها فجأة ابنة عمها وزوجة شقيقها عبير والتي هي الوحيدة فقط من تعلم عن علاقتها السابقة بكريم.. بادلتها الاء سلامها لتهمس لها عبير بصوت منخفض:
- هل رأيت من هنا؟
- أجل رأيت وعلى ما يبدو أنها زوجته!

همهمت عبير بتأييد لتقول الاء بلا مبالاة ظاهرية:
- ايًا كان... لا يهم!

انتبهت لشقيقها إيلام الذي كان يقف خلفها يذهب ليلقي التحية على الحاضرين وفور أن رأته يتوجه إلى طاولة كريم تركت زوجته عبير وسارت نحوه بخطوات سريعة ثم اوقفته وهي تمسك يده لينظر لها ايلام بإستغراب ويتساءل:
- ما الامر؟

- ما خطبك؟ فقط اريد أن أرافقك وانت تقوم بتحية الحاضرين.
اجابته الاء ليهز رأسه على مضض ثم يتابع سيره نحو طاولة كريم.. فيقف الآخر ليرد التحية بينما هي شعرت أن قلبها سيقف لا محالة.. لا يجب أن تكون هكذا! عليها أن تكون ثقيلة!
توسلت نفسها أن لا تنسى ما فعله وان لا تدع كل تعبها يذهب هباء.. لا يجب ان تبدو أمامه انها مهتمة له بعد كل هذه المعاناة حتى تصل إلى ما هي عليه اليوم..

رأته يصافح إيلام ثم يتطلع إليها بمشاعر مختلطة.. ما بين خوف ولهفة.. شوق وتوتر.. كانت جميلة.. جميلة جدًا وهو اشتاق لها.. اشتاق لها بجنون.. أكثر مما يتصور..
قال كريم بينما يمد يده لها ليصافحها:
- مبروك.. عقبالك.

ابتسمت آلاء باغراء متعمد وردت بينما تمد يدها هي الأخرى لتصافحه لأقل من ثانية فقط قبل ان تسحب يدها:
- شكرًا.

أشار كريم إلى الفتاة التي تقف جواره وعرّفهما قائلا:
- ثناء خطيبتي!

على الرغم من كونها كانت تدري مسبقًا انها خطيبته وتصنعت عدم المبالاة وتحدّت نفسها وذهبت بنفسها لتواجهه الا أنها شعرت بجمر حار يكوي قلبها.. لماذا؟ لماذا فقط هي تتألم هكذا؟ الوجع كان رهيبّا بشكل لا يطاق بينما تقول بنبرة مجروحة:
- مبروك!

أشاحت بنظرها عنه لتنظر إلى خطيبته وتبارك لها هي الأخرى.. كانت فتاة متوسطة الجمال والطول بعينين جوزيتين.. ترتدي فستان وردي اللون وحجاب بنفس اللون.. تمامًا كما أرادت امه.. بالتأكيد يجب أن يأخذ من مستواه!

انسحبت بعد ان قالت انها يجب ان تتابع السلام على الحضور.. وبعد ان باركت للعروسين وقفت بعيدًا قليلًا تتأمل الحفل الذي امامها.. كل شخص مشغول ببهجته الخاصة او افكاره بينما هي الله وحده يدري بحالها.. كانت ترجو الله فقط ان لا تخونها عينيها وتنظر الى المكان الذي يجلس به كريم..
دنى منها ابن عمها محمد والقى السلام عليها فغمغمت:
- اهلًا محمد.. عاش من رآك!

ضحك وهو يلقي عليها نظرة تقييم شاملة من أشهق رأسها حتى أخمص قدميها لتومض عينيه بإعجاب شديد بجمالها..
كانت آلاء قلّ ما تراه حينما تزورهم او العكس.. دائمًا ما يكون في عمله او مسافر او برفقة اصدقائه..
- عقبال يومك.

بشكل عفوي نظرت الى كريم الذي يجلس بعيدًا عنهما بجوار خطيبته فتابع محمد مسار نظراتها بحدقتيه الى ان عادت نظرها اليه وقالت بمرح قبل ان تغمز له:
- اذا كان لديك صديق وسيم بالتأكيد سأوافق.

- ان شاء الله قريبًا.
علّق محمد مبتسمًا ثم عاد يتطلع امامه لتقول بسرعة:
- مستحيل! اين انا واين الزواج؟ انا الزواج لا يليق بي.. كنت فقط ابادلك المزاح لا غير.. بصعوبة اجيد تدبير اموري فكيف لي ان اقوم بهذا الجنون واتزوج!

هز رأسه ضاحكًا دون ان يعلق.. لدقائق بقي بجانبها.. فقط الى ان حضر المأذون.. ثم تركها وحدها لتشاهده يتوجه للحديث مع العريس بما لا يهمها وهي ذهبت لتجلس مع عائلتها.. جلّ ما تريده ان ينتهي هذا اليوم وتغادر هذا المكان الخانق.. في اعماقها حقد وقهر تجاه اللعين كريم.. تود ان تحطمه.. ان تهشم له وجهه ووجه تلك الفتاة التي بجانبه..

بعد ان جلسا العريس والعروس بجانب بعضهما وبدأ المأذون بقول آيات قرآنية واحاديث تخص الزواج وقف محمد امام الجميع وأوقفه قائلًا:
- لحظة شيخنا قبل ان تتابع!

كل الانظار تسلّطت عليه بإستنكار وتعجب.. فتطلع محمد الى آلاء ثم الى والدها وهتف:
- بما ان جميع اصحابنا واهلنا واقاربنا مجتمعين اليوم ولا يوجد اجمل من هذا التجمع ولا من هذه المناسبة وسعادة عمي بإبن شقيقته انا اطلب يد ابنتك الاء منك على سنة الله ورسوله لتكون زوجتي.. واتمنى ان توافق وها انا امام الجميع اطلب ابنتك منك وادري انني محال ان اجد اجمل وافضل من آلاء! واذا كنت موافقًا يا عمي لندع الشيخ يعقد لنا ايضًا بما ان الجميع موجود وبدلًا ان يعقد كتاب واحد يعقد اثنين.

هذا ماذا يقول؟ ما الذي تفوه به بحق الله؟ وكأن تم القاء دلو كبير من الثلج على وجهها! هذا بالتأكيد ليس بواعٍ لما نطق به! هي تتزوج محمد ابن عمها!! لا مستحيل! مستحيل! واين تتزوج؟ امام كريم!!

تطلعت الى والدها باستنجاد لتجد والدها يحدق بها بتوتر.. ثم رأته كيف نظر لمحمد وقال:
- انت ابني يا محمد وانا محال ان ارفض لك طلب ولكن هذا زواج.. فبالنهاية الجواب سيكون عند الاء وستأخذه منها وليس مني.

رشقت والدها بنظرات مصدومة.. كل من في الحفل ينظر لها.. جميع العيون تحدق بها بترقب منتظرة منها الجواب.. هذا زواج وليس خطوبة او مجرد كلمة تقولها وبعد ان تغادر القاعة تغير رأيها وتزجرهم على هذه المهزلة التي احدثها محمد وتقول انها لا تريده.. لا هذا المجنون يريد ان يتزوجها الآن! ولكن كيف بحق الله يريد ان يتزوجها وهي تعرف من شقيقاته انه يحب فتاة ما كان من المفترض ان يتزوجها.. ما ذنبها هي؟ لماذا اقحمها بهذا الجنون؟! لماذا يريد الزواج بها؟ لماذا؟!

ستجن لا محالة.. هذا كثير يا الله! والله كثيرة عليها هذه الصدمات.. تطلعت الى والدها والدمعة تقف على باب عينها تود التحرر من عقالها.. ترجوه ان يساعدها.. ان ينقذها من هذه المصيبة.. ان يحميها ويعترض.. ولكن والدها مزّق نياط لبّها وهو يهمس لها:
- هذا ابن اخي يا ابنتي.. واخي والد محمد الغالي ايضًا.. يعني لا استطيع ان اقول له لا! ماذا تريدين مني ان اقول لأخي؟!

يا الله! والدها يفاقم الضغط عليها.. لا يسهل لها جوابها.. نظرت الى امها عسى ان تلمح بعض الدعم بعينيها ولكنها لم تنال غير الصمت.. الصمت فقط! اخوتها جميعهم مبتسمين! لا يوجد غير الله ليساعدها! لا احد يدري حجم المعاناة التي تقاسيها..

سمعت عمها والد محمد يقول بحنو بعد ان وقف:
- انت ابنتي يا الاء مثلما هو ابني.. صدقيني انت ستأخذينا نحن وليس محمد.. وثقي بربنا وبي انني لن ادعه يومًا يحزنك بكلمة واحدة.. وكما قلت انت ابنتي وايضًا ستأخذيننا نحن يعني محال ان ادعه يؤذيك ولو بحرف وانت تعلمين جيدًا ان كلمتي لا تصبح اثنتين.. واي شيء سيء يفعله لك ستجدينني بنفسي اقف رادعًا بوجهه!

نظرت آلاء مرة اخرى لوالدها فغمغم برجاء:
- هذا اخي يا ابنتي!

- ابي...
غمغمت بألم تتوسله ان يرأف بها.. ارادت ان تقول لا لست موافقة.. تمنت ان تعترض ولكن والدها قاطعها بسرعة وكأنه ادرك ما تود قوله:
- هل تريدين مني ان ارفض لشقيقي اول طلب يطلبه مني؟

"آه يا أبي.. ليسامحك الله فقط على هذا الموقف الذي وضعتني به! كيف تحاصرونني هكذا؟"
همست بأنين في اغوارها وهي تتطلع الى الجالسين وحينها بدأ الهتاف.. كلهم ينتظرون موافقتها.. كلمة اجل! ما هو الحل؟ اين المهرب؟ كيف ستفر هاربة من هذا المأزق؟

للمرة الأخيرة نظرت الى والدها واستنبطت الخوف في عينيه من رفضها.. خوف لأول مرة تراه في عينيه.. خوف وفي نفس الوقت مترقب متلهف ليسمع موافقتها.. اغمضت لعينيها تنعي نفسها للحظة ثم همست وكأن تودع حياتها بنفسها.. وكأنها ذاهبة للاعدام! الحروف انبثقت من فمها كخناجر تطعن حلقها وفمها:
- اجل موافقة!

تعالى صوت التصفيق والزغاريد وهي لا تتمنى غير الاختفاء بل الانقراض! كيف وافقت؟!! كيف؟
في هذه اللحظة نسيت كريم تمامًا.. فقط نظرت الى محمد ونسيت كل شيء يخص كريم! بالتأكيد ستحدث مصيبة اذا تم عقد قرآنها على محمد..
زلف محمد منهم وقبّل رأس والدها:
- شكرًا عمي!

وضع والدها يده على ظهر محمد وقال:
- هذه امانة عندك يا بني.. اعطيتك اغلى ما املك والغالي فقط للغالي.

- ان شاء الله سأحافظ عليها!
طمئنه محمد قبل ان يفعل المثل مع والدتها.. وبعد دقائق احاط والدها بيدها بيده وسار بها وجوارهما محمد نحو الشيخ.. تمنت ان لا ينتهي الطريق.. تمنت ان لا تصل الى المنصة حيث يجلس المأذون.. تمنت وتمنت ولكنها وصلت في نهاية المطاف وقعدت بجانب والدها..

من جهة والدها اليمنى كان يجلس المأذون اما من الجهة اليسرى فإبن عمتها حازم وخطيبته بالاضافة الى والديهما.. اما أمامها هي كان يجلس محمد..
لم تسمع اي كلمة قالها الشيخ.. عقلها وقلبها غادرا جسدها.. تود فقط ان تلقي نفسها بزاوية ما وتجهش ببكاء عنيف.. لم يكن حلمها ان يتم زواجها بهذه الطريقة.. تود الصراخ والعويل.. كيف ستتقبل ان زواجها وخطوبتها حدثا بهذه الطريقة وتحت تأثير هذا الضغط! لماذا يا الله هي من بين الجميع!

كانت ترغب ان يكون يوم خطوبتها مميز.. ان تأخذ المهلة الكافية كأي عروس قبل ان تعطي رأيها ولكنه حاصرها.. اوقعها بفخ مستحيل ان تنجو منه.. هي لا تريده.. لا ترغب به.. لا تتمناه زوجًا لها.. لم يكن هذا الحبيب والزوج الذي تتمناه..

احتدت اوجاعها والصداع كاد ان يفتك برأسها والدموع اخذت تقاومها بعنف لتبكي ولكنها لا تريد ان تبكي.. ليس امامهم!
تطلعت الى محمد لتجده بالمقابل يتفرس النظر بها بإنتصار وابتسامة خبيثة تزخرف ثغره.. لم تفهم.. لم تفهم اي شيء.. انزلت رأسها وهي تحس ان تم غدرها.. تم اجبارها.. ولكنها بغير قادرة على الاعتراض بحرف.. كأنها مقيدة.. الجميع ينظر لها وكريم...! رباه كريم! لقد نسته في غمرة صدمتها..

لا بد ان كريم يراقبهما.. لا بد انه يرى زواجها بغيره.. تكذب لو قالت انها لا تشمت به.. ولكن في نفس الوقت تتمنى ان يتم زواجها هذا به وليس بمحمد الذي اجبرها بطريقة غير مباشرة ووضعها تحت الأمر الواقع دون ان يسمح لها التفكير بالإعتراض..
وسط زوبعة افكارها المتلاطمة داخل رأسها سمعت صوت الشيخ يقول:
- ابنتي آلاء هذه هي المرة الثالثة التي اسألك واكرر كلامي.. واذا بقيت صامتة سأعتبر انك رافضة هذا الزواج!

كيف لم تسمعه؟ بل متى عقد قرآن حازم وخطيبته حتى يعقد لها ولمحمد! تمالكت نفسها بصعوبة وحاولت ان تركز قدر الامكان.. فبعد دقائق سألها مرة اخرى:
- هل تقبلين بمحمد الأيهب زوجًا لك على سنة الله ورسوله بحاضر قدره أربعون الف يورو وبغائب قدره خمسون الف يورو على الصداق المسمى وعلى سنة الله ورسوله؟.. اذا قبلتِ قولي نعم قبلت وانت وكيلي.

في هذه اللحظة كلمة الم لم توفي حق ما تمر به.. كانت تحتضر.. تلفظ اخر انفاسها.. تتمزق والآه تخنق روحها وتحرق قلبها.. كانت تقاوم بشدة الانتحاب امامهم.. بصوت مخنوق متحشرج تمتمت:
- نعم قبلت وانت وكيلي.

صارت زوجته خلال اقل من ساعة.. زوجته هو وليس زوجة الرجل الذي تعشقه.. انتهى كل امل قد يربطها الآن به.. انتهى كل شيء!
المباركات والتهنيئات كانت تأتيها من كل صوب ولكنها لم تكن تسمع.. لم تكن تنظر الا الى محمد الذي حطّم كيانها في اقل من ساعة! عائلتها وعائلته الفرحة لم تكن تسعهما.. يمطرونها بالقبلات والكلمات الجميلة ولكنها تتألم.. تتألم بحق!

بإبتسامة فرحة دنى محمد منها وقبّل رأسها ثم ضمها الى صدره قبل ان يبتعد عنها قليلًا ويقول بجدية مثيرة للاستهجان:
- انتبهى الى قميصي ان يتسخ من احمر الشفاه التي تضعينه.
وتابع وهو يرفع وجهها بطرف اصابعه:
- الف مبروك!

من صدمتها بالكلام الذي نطق به بقيت تحدق بوجهه بذهول.. هل هذا منطقي حتى يقول لها ان تنتبه الى قميصه الأبيض كي لا يتسخ بموقف كهذا! لا بد انه معتوه حتى يقول لها هذا الكلام في حين هو من عانقها وليس هي! لا يعقل! غير منطقي اطلاقًا هذا الرجل!

ابتعدت عنه قليلًا بينما لا زالوا الحاضرين يباركون لهما وللعروسين.. بعد ان انتهوا تقصت بحدقتيها عنه.. عن كريم ولكن كالعادة هرب! غادر واختفى..
بسرعة اتجهت الاء الى الحمام الخاص بالسيدات واغلقت الباب خلفها وهي تبكي وبنفس الوقت تريد ان تضحك لأنها انتقمت لنفسها المكلومة من كريم.. رغم المها ووجعها الا انها تدري في قرارة اعماقها ان زواجها من محمد كان الضربة القاضية له.. وخاصةً ان تتم خطوبتها بالاضافة الى زواجها امام عينيه هو..

الم يتهمها بكونها كاذبة وبكونها مخطوبة وكونها تستغفله؟ والله الآن اثبت براءتها وكم انه شخص غبي.. ولكنه خسرها فعلًا.. لم يعد ينفع ندمه ولا غيره..
القت نظرة اخيرة على نفسها في المرآة ثم جففت دموعها وهي تعد نفسها انها ستجد حل ما لهذه المصيبة التي وقعت بفخها بكل سهولة..
عدّلت زينة وجهها التي تشوهت بسبب دموعها ثم عادت الى مكانها على طاولة اهلها..

لم تلحق ان تطلق انفاسها الا ووجدت محمد فوق رأسها يمد لها يده بينما يقول بهدوء:
- هل نرقص؟

القت نظرة بسيطة على يده وهي تفكر بحسرة هل بقي على هذا الأمر فقط؟!
وثبت من مكانها وهي تضع يدها بيده وسارت برفقته نحو ساحة الرقص..
ارتعشت فور ان شعرت بيديه تحيط ظهرها وتقربها اليه فتلقائيًا ارتدت خطوة الى الخلف.. هي ليست معتادة ان يلمسها اي رجل غير والدها واخوتها ومحمد كان اقل شخص تختلط به من اولاد عمها سليم كلهم.. علاقتها به شبه معدومة.. هو غريب.. من كل النواحي تراه غريبًا..

حدجها بنظرات متعجبة، متسائلًا باستغراب:
- ماذا هناك؟!

- لا.. لا شيء!
همست بتوتر ليجذبها الى حضنه مرة اخرى ويديه تطوقان ظهرها بإصرار غريب..
لماذا لا يفهم انها غير معتادة بعد على قربه منها؟.. هي غير مرتاحة.. غير معتادة ولكنه يبدو كثور لا يفهم!
وضعت يدها خلف ظهره ليجذب محمد يدها الثانية ويغلغلها داخل يده قبل ان يهمس لها بالقرب من اذنها:
- هكذا اجمل، اليس كذلك؟

رفعت رأسها لتتطلع اليه فإبتسم وهمس بمرح:
- قبل قليل كنتِ تقولين انك تريدين عريس وسيم والله سرعان ما استجاب لك وحقق امنيتك واحضر لك عريس وسيم وتزوجك ايضًا.

ابتسمت دون ان تعلق وهي ترى فرق الطول الشاسع بينهما.. محمد طويل القامة.. طويل جدًا خاصة بالنسبة لقامتها القصيرة.. من ناحية جمال فهو فعلًا وسيم.. اجمل من كريم وأطول منه ايضًا..
سمعته يقول بعض الكلمات باللغة الألمانية الا انها لم تفقه منها حرفًا فتساءلت بإستفسار لانها لا تجيد غير اللغة الهولندية والفرنسية في هذه الدولة ليضحك هاتفًا:
- لم تفهمي ماذا قلت، اليس كذلك؟
- لا، ماذا قلت؟

- لا شيء.. فقط تبدين جميلة جدًا.. واخيرًا اصبحتِ زوجتي!
اجابها بينما لا زال يراقصها لتطالعه بعدم فهم وتعجب.. اخيرًا ماذا قال؟ لا.. لا تود ان تفهم.. يكفيها صدمات الى هذا اليوم بداية برؤيتها لحبيبها السابق كريم ومعرفتها بخطوبته الى زواجها السريع بابن عمها محمد.. اجترعت بما يكفي من كأس الصدمات..

بعد دقائق اخبرته انها تريد ان تجلس فتمتم موافقًا دون ان يحرر ظهرها من يده.. اوصلها الى مكانها وهي لا تزال قريبة منه ثم غادر ليقف بجانب الرجال.. وحينها تم تبادل الخواتم بين العروسين وبعد ذلك تم تقطيع الكعكة الخاصة بإبن عمتها وعروسه.. الاجواء كانت فعلًا جميلة.. الجميع كان مبتهجًا.. الا هي كانت استثناء!

رأته يقبل عليها مرة اخرى فطمست تنهيدة حارة في صدرها.. لا يبدو انه سيدعها وشأنها اليوم! امسك يدها وهمس لها:
- تعالي معي.
نفذت وسارت بجانبه ليقف بجانب مجموعة من اصدقائه وبعض الاقارب..
- ابقي واقفة بجانبي.

كانت تسمعهم يتحدثون وهي كأنها بكماء.. غير قادرة على قول كلمة واحدة.. تريد ان ينتهي هذا الحفل وتهرب من هذا المكان.. حينما انتبهت ان اهلها يجهزون انفسهم للمغادرة كما يفعل الجميع انسحبت من المجموعة بينما لا يزال هو يشاركم اطراف الحديث..
لا تدري كيف انتبه خلال اقل من دقيقة انها ليست بجانبه ليتطلع حوله فيجدها برفقة اهلها تود ان تلقي السلام على عمتها وابنها وخطيبته وتغادر..

- هل ستغادرون؟
تساءل محمد بعد ان وقف بجانبهم فأجاب والدها رحيم بنعم لتردف عمتها بلطف:
- مبارك لك ايضًا يا عمتي.. بدلًا من عرس واحد سيقام اثنين.

رد عليها محمد بإحترام قبل ان يخرج برفقتهم الى خارج القاعة ويوقفها مكانها:
- انتظري دقيقة.

- سننتظرك.
سمعت ما قالوه اهلها قبل ان يغادروا للركوب في السيارات.. تطلعت اليه لمعرفة ما يريده فيفاجئها حالما انزل رأسه ولثم خدها:
- مبارك لنا حبيبتي.. وان شاء الله اليوم مساءًا سنتحدث.. حسنًا؟

قبّلها مرة اخرى فهزت رأسها موافقة وغادرت وهي تشعر انها جسد بلا روح.. مجرد آلة بالكاد تسير على الأرض.. كل ماضيها بكريم انتهى وبدأ حاضرها ومستقبلها مع محمد.. مع ابن عمها التي لا تحبه ولا تعرف عنه تقريبًا اي شيء.. والله وحده يعلم مصيرها المجهول..

----------------------
يتبع..

رأيكم بالمقدمة؟
وتوقعاتكم للأحداث؟

قراءة ممتعة..
مع حبي:
اسيل الباش




التعديل الأخير تم بواسطة فيتامين سي ; 19-11-20 الساعة 11:09 AM
فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس