عرض مشاركة واحدة
قديم 19-11-20, 02:08 AM   #3

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


الفصل الأول
يا حسرةَ قلب على نفسه من الشتات..
وروح متمردة تقاوم العذاب حتى الممات..
حبيب في الماضي يتخلى ثم يتوسل البقاء..
وقريب أم غريب يقترب قسرًا بكل خيلاء..
والضياع يستوطن العقل وهنيئًا بالأوجاع..
يا ويل النفس من الام وفواجع الأقدار..
بكل دقيقة من حال الى حال ويتفاقم الشقاء..
وحنين ولهفة الى الماضي كداء السراب..
وبقاء اجباري ولا مجال للإعتراض والخيار..

--------------‐---------
دوامة الضياع كلما تجذبها اكثر الى اعماقها.. لا تزال تحاول ان تفهم بأي متاهة تم القائها.. كل ما حدث يمتص من قدرتها على التفكير بعقلانية ويبث الخمول في روحها.. هي ضائعة.. خائفة.. تائهة..
تود ان تشارك احد همومها.. ان تتكئ على ظهره فيرسو بها على بر لإيجاد حل لمصائبها وهمومها..

حاولت ان تخرج مما هي به بالحديث الى صديقاتها..
حاولت ايجاد نفسها التائهة المصدومة ولكن عبثًا.. لا قلبها الخافق بجنون وهي ترى اتصالات كريم المتكررة منذ انتهاء الحفل ساعدها ولا حتى اتصالات محمد..
نظرت امامها وهي تفكر بحديثها مع صديقاتها.. لا تدري هل يجب ان تنفذ ما قالته صديقتها ليسا أم تتجاهل الأمر كليًا.. تنهدت بعد ان ارسل لها رسالة يطالب بها ان ترد على اتصالاته ففعلت..

كانت هذه المرة الأولى التي تتحدث بها مع محمد لمحاولة التعرف عليه.. كان يحاول ان يتعرف عليها اكثر باسئلته وهي كذلك الأمر.. وللحظات مجددًا هاجمت كلمات ليسا عقلها.. يجب ان تخبره.. اذا لم يعرف منها الآن سيعرف من غيرها لاحقًا.. خاصةً ان كريم صديق شباب العائلة.. لذلك غمغمت بعد تردد:
- محمد قبل ان نتابع حديثنا اريد ان اخبرك عن موضوع مهم.. انا في الواقع كنت على علاقة بكريم!.. ذلك الشاب الذي كان اليوم في الحفل.. انا اريد ان نبدأ علاقتنا بطريقة صحيحة دون كذب ودون اسرار.. وبما انني لا اريد ان اخفي عنك اي شيء فقط اخبرتك.

توقعت ان ينفعل.. ان يغضب.. توقعت اي رد منه الا هذا الرد الذي اجج نيران الغضب في ثنايا قلبها:
- جيد انك فتحت ذلك الموضوع.. لم اتوقع انك ستتحدثين عن علاقتك السابقة به.. وبما انك لا تريدين ان نخفي اي شيء عن بعضنا البعض فيجب ان تعلمي انني ادري يا الاء.. انا اعرف منذ فترة طويلة عن علاقتك بكريم وانا الذي ابعدته عنك!

لم تستوعب.. لم تفهم.. ماذا يقول؟ هو من فرّق بينها وبين كريم.. استعرت ثناياها كالبركان وهي تسمعه يخبرها كيف عرف عن علاقتها بكريم.. فهتفت بقهر وعنفوان:
- لا يحق لك.. لا يحق لك ان تتدخل وتتصرف بهذه الطريقة.. انا لا افهم بصفتك من تتدخل!

- انا ابن عمك.. من حقي ان اتدخل.. بالتأكيد لا تتوقعين مني ان اراك على علاقة بشاب غريب واصمت او ابارك لك! وليست اي علاقة.. علاقة عاطفية! حب! بالاضافة الى كونه لو كان يحبك صدقًا لم يكن سيتخلى عنك فقط من كلمتين.. هو بسرعة تركك وذهب ليتابع حياته وخطب.. ويبدو لي ان ما فعله كله لا يهمك.. الا زلت تريدينه؟

- كريم انتهى من حياتي.. هو خارج حياتي الآن.. ولكن مع كل ذلك لا يحق لك ان تفعل هذه التصرفات وتقوم بالتفرقة بيننا.. علاقتي به تعود فقط الي انا.. هي خاصة بي انا وليست بك!
هتفت آلاء بحدة ليرد بهدوء ينافي تمامًا استنفار اعصابه غيرةً وغضبًا:
- انا رددت اليك كرامتك.. العرض الذي فعلته اليوم كان لأجلك.. انا جعلته يرى كم هو شخص غبي لأنه خسرك!

ضغطت على الهاتف بيدها بقوة وهي تهمس بمرارة قبل ان تغلق الخط دون ان تسمع رده وتضع الهاتف بوضعية طيران:
- وانا لعبة بينك وبينه، اليس كذلك؟ تصرفاتك هذه انانية فقط.

******************
بعد يومين لا تدري كيف مرّا.. ما بين غضبها من محمد وما بين استنكارها من اتصالات كريم التي لا زالت لم تنتهي بعد.. كل ذلك يوترها ناهيك عن سفر والدتها الذي يُفترض ان يكون غدًا لتزور عائلتها في العراق.. وضغطها عليها لتذهب الى عزومة بيت عمها والد محمد على الغداء..

هي صدقًا لا ترغب برؤية محمد ولا الحديث معه.. منذ اخر مرة اتصل بها لم تعد ترد على اتصالاته وهو في الواقع لم يحاول كثيرًا.. فضل ان يدعها تستوعب لوحدها كل ما حدث بداية من زواجهما الى معرفتها بكونه هو السبب في ابتعاد كريم عنها..

وفي حين تقف في متجر الملابس التي تعمل به فكرت ان تتخذ من تأخرها في عملها وعدم سماح المسؤول لها بالخروج مبكرًا حجةً كي لا تذهب الى العزومة وتضطر الى رؤيته.. ولكن ها هي مرة اخرى تتصل والدتها لتخبرها بضرورة حضورها لان هذه العزومة تتم بسبب خطوبتها بمحمد بالاضافة الى سفرها الى العراق..

على ما يبدو ان لا مفر لها من هذه العزومة فعلًا فحتى طلبها من والدتها بانتظارها باءت بالفشل قائلة ان تتبعهم الى منزل عمها..
قضمت آلاء شفتها السفلى بحنق.. كيف ستتصرف حينما تراه وهي لا تطيق مجرد النظر في وجهه؟ هل تتجاهله؟ اجل ستفعل وستتصرف وكأنه ليس موجودًا..

بعد ان انتهت ساعات دوامها خرجت من المتجر وعلى ظهرها حقيبة مدرستها.. عملها كان رغبة منها للاعتماد على النفس وليس له اي علاقة بالوضع الاقتصادي فوضع عائلتها ممتاز بفضل الله..
بينما تسير الى محطة الباصات اوقفها صوت بوق سيارة ما لترفع نظرها عن هاتفها وتنصدم برؤية محمد الجالس بسيارته..

ما الذي يفعله هنا؟ فكرت بتساؤل وهي تسير نحو سيارته فيرفع جسده قليلًا عن مقعده ويفتح لها باب السيارة دون ان يخرج قائلًا:
- اصعدي.

تطلع اليها من الأعلى الى الأسفل ورويدًا رويدًا استهلت حدقتاه بالإحمرار واعصابه بالانكماش.. كانت آلاء ترتدي قميص طويل يصل الى ما فوق ركبتيها بقليل وحذاء رياضي ابيض اللون.. وشعرها القصير مرفوع الى الأعلى بعشوائية بينما تضع زينة وجه خفيفة جدًا كما معتادة ان تفعل بشكل يومي..

لم تعلق على الطريقة التي ينظر بها اليها.. فهي لم تكن مجرد نظرة.. كان يتفرس النظر بها.. ولكنها لا زالت لا تعرف طباعه.. وبكل صراحة لا يهمها ان تعرف في الوقت الحالي.. جل ما تود معرفته الآن هو سبب قدومه الى مكان عملها.. وما الذي يريده..

صاح محمد بصوت عنيف وهو يرشقها بجمر نظراته السوداء:
- ما هذا الذي ترتدينه؟ كيف تخرجين من المنزل فقط بهذا القميص؟! فقط قميص ترتدين! هل انت مقتنعة بالذي ترتدينه!

لم تعقب على صراخه ولم تعلق ايضًا لأنها لم تشعر بذرة خوف منه.. جل ما تحاول استيعابه هو معرفة ما الذي دهاه.. اجل هي ترتدي قميص ولكنه طويل وليس قصيرًا لينفعل هكذا!

اخذ نفس عميق علّه يهدأ قليلًا فهي لا تعرفه به بما فيه الكفاية ثم استأنف:
- اسمعيني يا الاء.. انت الآن زوجتي.. يعني انك اصبحتِ على ذمة رجل.. هذه الملابس ممنوعة.. هي محرمة عليك منذ الآن.. انا محال ان اسمح لك بإرتداء هذه الملابس ابدًا.. هل فهمت ام لا؟

انزلت قميصها قليلًا الى الاسفل بينما تعتدل بجلستها.. ثم تطلعت للطريق امامها بلا مبالاة قبل ان تعيد نظرها اليه وتقول ببرود:
- لا لم افهم.. اولًا بإمكانك ان تقول لي هذه الكلام حينما اصبح في منزلك.. حينها ستتمكن من التحكم بي وتقرر لي ماذا ارتدي وماذا لا.. ثانيًا ما خطبها ملابسي؟ هل تراني دون ملابس؟ انا ارتدي ملابس كما ترى والقميص طوله مقبول وجدًا ايضًا.. اين الخطأ به؟

جاهد على تهدئة عصبيته كي لا يتهور بتصرفاته فهمس وهو يشد على حروفه بعصبية:
- الآء.. هل رأيت نفسك قبل ان تخرجي من المنزل؟

ادارت وجهها بملل وركزت نظراتها على الطريق الذي امامها:
- أجل رأيتها.. وابي ايضًا رأني بها ولم يعلق.. ثم انت هنا منذ فترة طويلة جدًا.. ليس من اليوم او البارحة.. انت هنا منذ ان كنت في العاشرة من عمرك اي انك تربيت هنا.. في بلجيكا.. يجب ان تكون ملابسي عادية بالنسبة لك لا ان تحاسبني عليها.

- اسمعيني.. صحيح كلامك بكوني تربيت هنا ولكن لكل شيء حدود.. محال ان ادع امرأتي تجعل كل الناس تنظر الى جسدها وساقيها.. هل تفهمين؟
هتف بإحتدام وهو يحدجها بنظرات حارقة قبل ان يصرخ بجنون:
- قميص! قميص يا الله ترتدي!

اغمضت عينيها لتأخذ نفس طويل ثم غمغمت:
- اجل فهمت انني ارتدي قميص.. لماذا انت عصبي وتصرخ؟

- تسألني لماذا انا عصبي؟ انت لا زلت لا تعرفيني.. عندي انا هذه الملابس ممنوعة.. أتفهمين؟
زمجر وهو يكاد ان يصل فعلًا الى حافة الجنون بينما يكاد يحطم المقود من قوة ضغطه عليه فلا تعر غضبه اي اهتمام وهي تطالع غضبه بإستخفاف منتظرة القادم من تصرفاته.. لذا ردت بعناد:
- لا لم افهم.. لأنني معتادة على ارتداء ملابس كهذه منذ ان كنت في العراق.. اي ليس من اليوم او البارحة هذه ملابسي.. واتيت الى هنا وبقيت على نفس الحال.. اذا عجبك او لم يعجبك فهذا يعود اليك وهذه مشكلتك.. عندما اكون في منزك بإمكانك ان تتحكم بي كما تريد.. ثم انا ارى ان ليس كل شيء الملابس.

- لا يهمني كل هذا الكلام.. لا كيف كنت في العراق ولا هنا.. الآن سأخذك الى المنزل لتغيري ملابسك ثم سنذهب الى منزل اهلي.. لقد اتيت لأخذك من عملك الى منزل اهلي ولم اكن اعلم انني سأجد كارثة في انتظاري.. مستحيل ان ادعك تدخلين منزل اهلي بهذه الملابس! هذا ما ينقصني فقط ان أدعك تذهبين بهذا القميص!
تمتم بغضب مكتوم لتفضل الالتزام بالصمت وعدم الرد عليه.. وفور وصولهما الى منزلها بسرعة ترجلت من السيارة ليفعل المثل هو الاخر فهتفت به:
- ماذا تفعل؟ الى اين ستذهب انت الآخر؟

تجاهلها تمامًا وهو يأمرها بفتح باب المنزل لتتأفف الاء بامتعاض وتنفذ قبل ان تسير امامه غير مكترثة به.. ولكن حينما شعرت به يتبعها الى غرفتها هتفت بحدة:
- الى اين تظن نفسك ذاهب؟ انا سأغير ملابسي واعود.. لماذا تلحق بي؟

اعصابها حرفيًا استهلت بالإنفلات من عقالها وهي ترى تجاهله التام لاعتراضها ومتابعته السير الى غرفتها.. لحقت به بخطوات عصبية لتتسع عيناها بصدمة وهي تراه يعبث بدولاب ملابسها ويرمي ما لا يعجبه منها..

- ما هذا؟ لماذا ترمي ملابسي؟
صاحت آلاء باستنكار غاضب ليتابع ما يفعله وكأنه لم يسمعها الى ان وجد ما يصلح ارتدائه فيرمي عليها ما اخرجه ثم يقول بنبرة متسلطة:
- لديك عشر دقائق حتى ترتدين البنطال والقميص.. وخزانتك هذه يحتاج لها تغيير شامل بسبب الملابس التي بها.. ممنوع ان ترتدين اي شيء من هذه الملابس لان كلها لا يتم ارتدائها لوحدها ابدًا.

- هيّا لا تتأخري.
اضاف محمد قبل ان يخرج من الغرفة بينما لا تزال آلاء متسمرة مكانها.. سارت بخطوات بطيئة نحو باب غرفتها لتغلقه وهي صدقًا تكاد ان تفقد عقلها ولكنها تخشى ان ترد عليه مثلما يجب في حين هما لوحدهما في المنزل.. لا احد برفقتها..

القت نظرة اعتراض على ما اخرجه لها.. بنطال جينز وقميص وردي.. تنهدت بوهن قبل ان تبدل ثيابها وتخرج.. هي متعبة حرفيًا.. يومها كان حافلًا.. في الصباح مدرستها ومن ثم عملها ومن ثم تحكم محمد الغير منطقي بملابسها خاصةً انها لا زالت لا تعرف طبعه ولا تعرف عنه اي شيء مثلما يجب بالاضافة الى خجلها منه والتقائها به لأول مرة بعد عقد القرآن.. فوضى عارمة تبعثر رشدها وقوتها.. كل ما تريده ان تنتهي هذه الساعات لتتخلص من وجوده حولها..

- هل انت راضي الآن؟
تساءلت آلاء بسخرية ليبقى جالسًا مكانه في الصالة بينما يتفحصها بنظراته بعدم رضى..
- ليس جيدًا ولكن ارحم من القميص التي كنت ترتدينه.
ثم وثب عن مكانه ليقف قبالتها ويردف:
- الذي يهمني الآن القميص.. اين هو؟!

- لماذا؟ ماذا ستفعل به؟
غمغمت بتوجس ليهتف بإصرار:
- أحضريه الآن.

جلبت الاء القميص والحيرة تتراقص في عينيها ليتناوله محمد من يدها ببعض الخشونة ويقول بإبتسامة ملتوية:
- هذا القميص تم تصديره حبيبتي.. صار من الممنوعات.. انسيه منذ الآن.

فغرت فاهها كالحمقاء وهي تطالعه بنظرات مذبهلة.. غير مستوعبة ما يتفوه به من جنون..
دنى محمد منها مستمتعًا بالمظهر التي هي عليه وهمس بينما حدقتاه تسافران تارةً الى عينيها فتغرق بهما وتارةً اخرى الى شفتيها فتشتعل اوردته رغبة بمعرفة مذاقهما الذي لا شك انه كالشهد..
- الن نذهب؟ هل يعجبك ان نبقى هنا خاصةً اننا لوحدنا وايضًا انت اصبحتِ زوجتي اي لا احد بإمكانه التفوه بحرف واحد.. وفي الواقع المنظر الذي امامي مغري جدًا وانا بالكاد اسيطر على نفسي.

تبعثرت حمرة الخجل على وجهها كالنبيذ الأحمر فصارت حرارة وجهها لا تُطاق ولا تُحتمل.. وقاحة نظراته كانت غريبة عليها كليًّا فلم يكن امامها الا الابتعاد بسرعة والخروج من المنزل كله وهي تلعنه وتشتمه بكلمات لم يسمعها غيرها.. وقح.. قليل الأدب..
لحق محمد بها ضاحكًا وناولها مفتاح المنزل ثم قال بمرح:
- سيتم سرقة المنزل اذا بقي هكذا الحال.

صعدت الى السيارة دون ان تعلّق فخجلها من نظراته لا زال مسيطرًا عليها.. فتبعها محمد ثم انطلق بسيارته لتطمس آلاء تنهيدة حارة في جوف صدرها وهي تسمعه يردف:
- الاء هذه هي المرة الأخيرة التي ترتدين بها ملابس كهذه.. انا لا احب ان ترتدي زوجتي هذه الملابس.. حتى لو كنت اعيش هنا لا احب ان يراها احد بهذا المظهر غيري انا.

تمتمت بموافقتها بسهولة لا تمت لها بصلة.. ربما بسبب نظراته الوقحة التي لا زالت لم ترحمها الى الآن.. فإستأنف محمد:
- اذًا لقد انتهينا من هذا الموضوع.. لنأتي الى الموضوع الأخر.. لماذا لا تردين على مكالماتي.. انا لا احب ان اكرر الكلمة اكثر من مرة ولكن صدقًا اود ان اعلم لماذا لا تجيبين؟

- أعتقد انك تعلم السبب.. انا لم ارغب في الحديث اليك.. لأنني اذا تحدثت ربما سأقول ما لن يعجبك وسيسوء الوضع بسبب ذلك الموضوع.. لذلك كان من الافضل ان لا أرد على اتصالاتك.
اجابت بحدقتين مرسختين على الطريق لا غير ليهمهم محمد متفهمًا قبل ان يتساءل بعد صمت قليل من الطرفين:
- كيف تسير أمورك في المدرسة؟

- جيدة حمدًا لله.
- رائع.. والعمل؟
- ايضًا جيد.
ردت بإختصار ثم استطردت بتردد:
- محمد.. هل يمكنك ان تعيد القميص لي؟

- لماذا؟ لكي ترتدينه مرة اخرى؟ اذا كنت سترتدينه مع بنطال سأعيده لك لا يوجد مشكلة ولكن اذا دون بنطال فإنسي ذلك.
قال حانقًا مغتاظًا لتتمتم بنفاذ صبر:
- بالتأكيد دون بنطال لأن هذه القميص لا يتم ارتداء اي شيء معه.. الآن فقط اعطني اياه ولن ارتديه مجددًا من الأساس.

- انسي الأمر.. انسي هذا القميص تمامًا فقد تم تصديره.
رد مستفزًا اياها بكلماته وبحاجبه الأيسر المرفوع لتبتلع كلماتها الحانقة وتتمتم مستغفرة الله عدة مرات قبل ان تصمت بسبب إقترابهما من منزل والديه..

********************
على الرغم من كونها حانقة من تصرفات محمد وطريقة تعامله معها الا انها لم تملك سوى ان تخجل بعد ترحيب والديه بها بكلمات غير معتادة عليها البتة..
- اهلًا بزوجة الغالي!

كم هو غريب عليها ان يرتبط اسمها فجأة بشخص ما.. استقبلت سلامهما بخجل قبل ان يرحبن بها شقيقاته وشقيقه غيّاث الذي قال بعبث وهو يقبلها على خديها:
- والله احسنت يا محمد.. اجدتَ وضعها تحت الأمر الواقع.. واخيرًا قدروا عليك يا بطة.

- اصمت.. شقيقك غدر بي!
هتفت آلاء بغيظ ليرد غيّاث متشدقًا:
- اجل، صحيح صحيح كلامك! الم تكوني ستموتين فقط كي ينظر اليك؟!

- من؟ انا!!!! انت اكثر واحد تعلم ان ليست لي اي علاقة به.. خاصة هذا المحمد.
تمتمت بغيظ ليقول بشبه ابتسامة:
- وهذا المحمد صار الآن زوجك.
- اعتقد ان عليك ان تصمت.. هذا أفضل.

- مع الأسف لقد سرقوا عروستي مني.. كنت انتظر ان تتخرجي لأتزوجك.
همس غيّاث بحزن مصطنع لتتشدق آلاء:
- للأسف عزيزي غدرت بك.. دعنا نخدع شقيقك وادعه يتركني لأتزوجك لأنه ليس نوعي المفضل بينما انت...
القت نظرة تقييم على وجهه ثم اردفت:
- قرد محروق!.. هل هذا وجه ينظر الشخص اليه؟!

ضحك غيّاث بصوت عالٍ جذب الأنظار اليهما ثم اقترب منها قليلًا وقال:
- اجمل من وجهك على الأقل.. لو فعلتِ المستحيل لن تصلي الى جمال هذا الوجه الذي املكه.. ادري بك تغارين مني.

- صحيح.. انا اغار من قرد!
تمتمت باستهزاء ليهتف غياث بغيظ بعد ان القى نظرة على شقيقه الذي يراقبهما:
- دعيني وشأني واذهبي لتجلسي قبل ان يأتي محمد ويقتلنا.. اراه ينظر الينا بتركيز على الرغم من عدم سماعه اي كلمة.. ولكن الشرارات النارية التي تخرج من رأسه كما لو انه ثور تخبرني انه سيقوم بدفننا معًا.. لذلك هيّا انصرفي من امامي.

- جبان.. عار على الرجال.. عيب عليك يا رجلًا!
هتفت آلاء ضاحكة ليقول:
- من هؤلاء؟ هذه المرة الأولى التي اسمع بها هذه الكلمة.. هيّا غادري من امامي فأنا للعلم فقط اريد حياتي.

تركته آلاء ضاحكة وتوجهت للجلوس برفقة العائلة.. لم تكترث بنظرات محمد ومن الأساس لم تنظر اليه.. فلا يحق له ان يغضب لأنها تعتبر غيّاث شقيقها وصديقها المقرب واكثر ايضًا.. علاقتها به وطيدة للغاية ولن تسمح لمحمد ابدًا ان يعترض.. واذا غضب؟ لا يهم!

لا تدري كيف مر الوقت على طاولة الطعام.. نظرات محمد لم ترحمها.. يراقب كل حركاتها.. طريقة أكلها.. حركاتها.. نظراتها التي لم ينالها هو الوحيد.. ثم الألم الرهيب الذي اجتاح أوصالها ومزّق نياط قلبها بحديثها مع شقيقته عبير.. ثم كلامهما عن تحديد حفل الخطوبة والزواج بينما هي تحتضر في كوكب أوجاعها.. واخيرًا توديع محمد لها وامره لها ان تتصل به فور ان تعود دون ان يكلف حتى نفسه عناء الاعتذار..

استلقت على سريرها وعقلها يلتطم بعدة امواج مهلكة.. ولكن جلّ ما يسيطر عليها الحديث الذي دار بينها وبين عبير في المطبخ بعد الطعام.. حينما بدأ الحوار بسؤال عبير الذي صدمها:
- آلاء هل كنتِ تحبين كريم؟

- لماذا تسألين سؤال كهذا والآن؟
تساءلت آلاء بهدوء لتقول عبير:
- لندع شقيقي جانبًا وكونك اصبحتِ على ذمته.. ولكنك تعلمين لو انني احب شخصًا محال ان اقبل بأي رجل غيره يتزوجني حتى ولو كان هذا الشخص شقيقي.. وبالإضافة الى كون ذلك الشخص الذي احبه يحضر الحفل وامام عينيه اذهب الى شخص اخر واتزوجه.. انا لو كنت احب رجلًا افعل المستحيل حتى اكون له واقف متحدية العالم كله لكي فقط اخذ الشخص الذي انا احبه.

جرحتها كلماتها وان كانت صادقة.. ولكن ما مرت به ليس سهلًا وهي تدري القصة كلها من البداية حتى النهاية.. لا تفهم كيف تلومها في حين انها كانت شاهدة عذاب فراقها عن كريم ثم اخيرًا نحرها بطريقة قاسية حينما تزوجها محمد بطريقة اقل ما يقال عنها اجبار!.. مصيدة واوقعها داخلها وهي كالجارية تُساق الى مالكها دون ان تملك حق الإعتراض بسبب الضغط العائلي الذي تم ممارسته عليها..

بالإضافة الى ذلك.. هي مستحيل ان تعود الى كريم مرة اخرى او ان تقحمه في حياتها مجددًا.. والذي حدث امامه كان اقل ما يستحقه.. هو يستحق ذلك وهي ليست نادمة وإن كان على حساب مبادئها وأنين قلبها.. يجب ان يعلم انها قوية وانها بقادرة على الاستمرار دونه وكأنه لم يكن قط في حياتها.. فالحياة لا تعتمد على شخص واحد فقط..

قالت آلاء بثبات:
- انت محقة.. تمامًا مثلما قلتِ لو انني احب شخصًا.. ولكن كريم صفحة وتمّ طيّها منذ زمنٍ وانا نسيته وهو صار الآن فقط ماضي بالنسبة الي.. كما وانك تعرفين جيدًا بماذا مررت وكم تعبت خلال هذان العامين حتى اتجاوزه وأصل الى هذه المرحلة التي انا عليها الآن.. وانا اعتقد انه يستحق الذي حدث امام عينيه.. على العكس تمامًا.. ما حدث كان جيدًا للغاية حتى يعلم كم انه شخص غبي.. انت فقط انظري كيف من موقف واحد اثبت لي انه ليس رجلًا وكم هو شخص اقل ما يقال عنه سيء وكم انه بسرعة من كلمة واحدة يُضحك عليه! فلماذا احارب لأجله؟ على شخص لا يستحق.. من المشكلة الأولى باعني وهرب.. بسرعة تركني.. لماذا ارفض شقيقك؟ اخبريني! انا يجب ان ابدأ من جديد سواءًا كان مع شقيقك او غيره.. انا لست حزينة ابدًا على ما حدث بل انا شامتة به واكاد اطير من الفرح.

لم يردع رد عبير عليها الا دخول شقيقتها اسراء فتضطر آلاء حينها للخروج لتعيش تعاستها التي لا يعلم بها احد وتتجاهل كل كلامهما عن الخطوبة والزواج لأنها في الاصل منشغلة في مداواة البراكين التي فاقمت من اهتياجها عبير بكلماتها.. وتفكيرها الذي اتجه بكل كيانه الى كريم الذي لم يدعها وشأنها حتى الآن.. لذا هذه المسرحية لا تهمها الآن البتة..

تنهدت آلاء بوهن وهي تشكر الله ان هذه العزيمة انتهت فالصداع الى الآن يلازم رأسها والتعب ينتشل منها كل قواها.. انتبهت فجأة الى هاتفها الذي يرن فوجدت محمد الذي يتصل.. انتظرت ان ينتهي الرنين ثم اغلقت هاتفها وهي تبتسم بمرارة.. على ماذا ترد بحق الله؟ على ماذا؟

********************
استيقظت كارهة لسفر والدتها الى العراق.. خاصةً في اوضاع كهذه.. ولكن ما باليد حيلة والدتها تود زيارة عائلتها وهي لا تستطيع ان ترافقها حتى ولو ارادت..
كتمت تنهيدة تود التحرر وهي تخرج من غرفتها بعد ان جهزت نفسها لمرافقة والدتها الى المطار.. ثم تساءلت بصوت عال:
- امي من الذي سيأخذنا الى المطار؟ ايلام أم محمود؟

سرعان ما شحب وجهها حينما دلفت الى الصالة وتفاجأت به.. لم تتوقع حضوره في هذا الصباح الباكر.. هل كان يحلم بها؟
رمقها بنظرة غير راضية البتة فرغم قوله لها ان ترد على اتصالاته الا انها لا زالت تتجاهله المرة تلو الأخرى.. وهذا الامر يستفزه.. يغيظه بشدة.. واليوم سيحاصرها.. لا بد انه سيجد حلًا لهذه العنيدة..

- كيف حالك محمد؟
تساءلت آلاء ليرد عليها بإقتضاب وبنبرة باردة فتستطرد بعدم اكتراث وهي توجه كلامها لوالدتها:
- ها أمي.. من سيأتي ليأخذنا ايلام أم محمود؟

- لا عزيزتي.. محمد هو الذي سيقلنا الى المطار.
تطلعت اليه بصدمة بعد جواب والدتها لتغيظها تعابيره المستفزة بإستخفافها..
حاولت تجاهل توترها قدر الإمكان ولم تعقب فبأي حق سترفض الذهاب برفقته.. هو زوجها مهما قاومت..

بعد دقائق معدودة كان محمد يضع حقائب السفر في صندوق السيارة بعد ان اخرجهم من المنزل فتتساءل والدتها جميلة:
- هل اجلس في الخلف؟

- لا أمي اجلسي بجانب محمد وانا سأجلس في الخلف.
اجابت الاء وهي تجلس في الخلف ليبتسم محمد بتهكم ويتمتم بينما يعدل مرآة السيارة الأمامية ليثبتها عليها:
- سلمت يديكِ.. هذا هو المطلوب!

استفزتها نظراته التي على ما يبدو انها لا تود ان تعتقها فلتغيظه فتحت هاتفها وبدأت بمراسلة صديقاتها وهي تضحك بصوت عال متجاهلة نظرات الفضول التي يرمقها بها..
وبالفعل نجحت آلاء بإغاظته فكاد ان يموت ليعرف مع من تتحدث وتضحك هكذا.. تتجاهله وكأنه ليس موجودًا من الأساس!.. وهو يعرف جيدًا كيف يروض تجاهلها هذا.. لذلك تساءل وهو ينظر اليها عبر المرآة الأمامية بإبتسامة سخيفة:
- خالتي.. ما هو عقاب المرأة التي تخرج دون علم زوجها؟

تطلعت اليه بسرعة.. ما الذي يريد ان يصل اليه.. لماذا عاد لكلمة زوجها!
- عقابها ان الملائكة تلعنها.. لا يجوز ان تخرج المتزوجة دون علم زوجها.. الا اذ سمح لها وقال لها أخرجي براحتك.
ردت جميلة ليهمهم محمد:
- ممم جيد.. لأنني اعرف بعض الناس منذ يوم عقد قرآنهم الى هذا اليوم لم تجلس وتتحدث الى زوجها مثل بقية البشر.

- بالتأكيد لأنها زالت لا تعرف عن هذه الأمور.. فهي لا تزال جديدة عليها.. لذلك يجب على زوجها الجلوس معها ليشرح لها هذه الأمور كي تفهمها.
غمغمت جميلة ضاحكة ليهتف محمد حانقًا:
- ذلك لو انها ترد على اتصالاته اولًا حتى يتحدث اليها ويدعها تفهم ان حياتها تغيرت.. صارت مختلفة.. كل شيء أصبح بإذن.

رباه كم هو حقير! فكرت آلاء بغيظ شديد وهي تحدجه بنظرات حارقة فيقابل ضيقها منه بإبتسامة خبيثة جعلتها تعاود التركيز بهاتفها..
إبتسمت جميلة وهي تنظر الى مشاعرهما الواضحة على وجه كلاهما ونظرات محمد التي لا تتزحزح عن ابنتها ثم قالت:
- لماذا لا تدعوني اجلس في الخلف لتجلس آلاء بجانبك حتى لا تتسبب لنا بحادث وانت تضع عينيك فقط على المرآة!

ضحك محمد بإستمتاع:
- لا خالتي.. بالعكس تمامًا.. مكانك جيد جدًا.. هكذا انا مسيطر على الوضع.. اذا جلست ابنتك بجانبي لن استطيع التركيز.. اما الآن انا في قمة تركيزي.

*******************

غزا التوتر كيانها بعد مغادرة والدتها السيارة.. الآن ستضطر الى الإنفراد به وهي لا ترغب البتة بذلك.. جلّ ما تريده منه هو ان يعيدها الى منزلها لتهرب من نظراته وكلماته.. لا شيء آخر.. ولكنه وكأنه قد أدرك رغبتها بالفرار فقال بهدوء:
- سنذهب الآن لشراء ملابس لك بما ان ملابسك كلها غير صالحة لترتديها ابدًا.

تطلعت اليه بحاجبين معقودين وقالت بضيق:
- ملابسي عادية جدًا.. لا افهم لماذا تبالغ بهذا الموضوع؟.. على اي حال ان شاء الله سأشتري ملابس صالحة للإرتداء كما تقول لاحقًا.

- لا.. انا الآن سأشتري لك وعلى ذوقي أيضًا.
هتف محمد بعناد لتتمتم بنفاذ صبر:
- محمد لقد فهمت.. انا سأشتري لاحقًا.. الآن أنا لا املك مالًا حتى استطيع ان اشتري اي شيء.

حدجها بنظرات حادة وهتف بخشونة:
- عيب عليك هذا الكلام.. انا زوجك الآن ومسؤول عن احتياجاتك.. هل تفهمين ذلك ام لا؟ يعني منذ الآن مصروفك الشخصي سيكون فقط مني.. ممنوع ان تأخذي اي شيء من اهلك.

- لا لم أفهم.. انا لست معتادة على تناول مصروفي اليومي من احد.. لا افهم من الذي اخبرك انني اخذ مصروفي من اهلي!.. بالعكس تمامًا.. لا اخذ من اي احد مصروفي.. حتى اهلي! انا لدي راتبي الشخصي الذي من خلاله اصرف على نفسي.
هتفت بجدية ليقول بحزم:
- حتى وان كان لديك راتبك الخاص سأبقى أعيد وأكرر.. ممنوع ان تأخدي من احد مصروف وانا الوحيد المسؤول عنك.

رمقته بنظرة مغتاظة فسألها:
- لماذا تنظرين الي بهذه الطريقة؟

- لا شيء!
همست كاتمة حنقها من ثقته بنفسه وتسلطه..
فأخذ محمد نفسًا عميقًا ثم قال بجدية:
- ادري انك تشعرين بالضيق مني بسبب ذلك الموضوع...

قاطعته الاء سريعًا وهي تتطلع اليه بعينين واسعتين:
- محمد أنا أرجوك لا تتحدث عن ذلك الموضوع.

- حسنًا.. أفهم يعني انها صفحة وتم حرقها وانتهت؟
تساءل محمد فصمتت.. بهذه السهولة يتحدث عن اربعة سنوات حب ويقول انها صفحة وانتهت.. عن حبيبها الذي تركها بتهمة باطلة وكان السبب هو! هو الذي أتى واخذها بلمح البصر دون اي عناء يُذكر ويقول انتهى؟!
يا حسرتها على قلبها المسكين.. المنكسر المًا ولوعةً.. أغمضت عينيها وهي تتعوذ من الشيطان الرجيم.. فمهما كان الذي يحدث لا يصح ان تفكر بكريم.. هذا حرام بعد ان اصبحت زوجة محمد..
ابتلعت غصتها وهي تفتح عينيها ثم غمغمت بمرارة:
- حسنًا انتهى!

بينما يركن محمد السيارة في مركز المدينة بعد ان وصلا قال وهو يغمز لها بعبث:
- لننزل الآن.. واعتبري خروجك معي الان اعتذار بسيط مني لك.. موافقة؟
ابتسمت آلاء بأسى:
- حسنًا.

بعد عدة ساعات..
أوقف محمد السيارة قبالة منزلها لتهم بالترجل منها وهي تحمل أكياس الملابس التي اشتراها لها.. فأوقفها هاتفًا بجدية تامة:
- سوف اتصل بك.. اتمنى ان تردي والا صدقيني سترين مني ما لن يعجبك ابدًا.

- ان شاء الله.
هتفت ضاحكة ثم أغلقت باب السيارة وسارت مبتعدة الى داخل المنزل بينما عيناه تراقبها بشوق وعشق.. وبعد ان تأكد انها دخلت منزلها انطلق بسيارته مغادرًا، منتظرًا على أحر من الجمر ان تتسم ملامحها حينما تستقبله، تقابله او تودعه بالعشق..

وبالفعل اتصل ولم يتأخر محمد في اتصاله وهي أجابت مثلما طلب منها.. في البداية كان حديثهما سلسًا ومريحًا فكانت تفهم منه ما الذي يرغب به منها ان تفعله.. وطلباته كانت معقولة ربما؟ فأي زوج اخر يريد ان يعرف هذه المعلومات عن زوجته لذا لم تعترض ظاهريًا.. كمثل ان يعرف كل تحركاتها.. اين تذهب؟ اين تسير؟ ماذا تأكل؟ ماذا ترتدي؟ ماذا تفعل؟ يجب ان تخبره قبل ان تفعل!

وافقته واسترسلت بالكلام معه الى ان عاود السؤال الذي يطرح نفسه دون ملل مداهمة عقلها ولكن هذه المرة هي سألته وبصوت عال وواضح:
- محمد لماذا طلبت مني الزواج بهذه الطريقة؟ لماذا لم تأتي الى المنزل وتفعل؟

كان متوقعًا ان تسأله هذا السؤال في يومٍ ما وجوابه كان جاهزًا:
- هذه هي الطريقة الوحيدة التي بإمكانني ان احصل بها على موافقتك.. لو انني اتيت انا وأهلي وطلبت يدك للزواج في المنزل كنتِ سترفضين بحجة الدراسة وكونك لا تريدين الزواج حاليًا.. ولكن عندما فاجئتك وحاصرتك بزاوية لا تستطيعين بها فعل اي شيء لم يكن امامك اي خيار غير قول كلمة اجل.. حبيبتي انتِ تزوجتِ رجل قانون يعني انا اعرف تمامًا متى احصل على الشيء الذي اريده وفي الوقت المناسب تمامًا.

هو محق فيما قاله.. هي كانت سترفضه لو لم يتم حصارها بهذه الطريقة وستبرر رفضها بالحجج التي قالها.. ولكن في الواقع كان سيكون سبب رفضها الحقيقي هو حبها لكريم الذي لا زال الى الآن لم يبرح قلبها.. هي كانت سترفض محمد كما رفضت وكانت سترفض غيره.. ولكن هل كل ذلك يبرر فعلته بتحطيمه لقلبها؟!!

حينما وجد الصمت هو ردها الوحيد استطرد:
- آلاء.. أنا اريدك ان تتحجبي! اولًا بالحجاب ستبدين اجمل.. ثانيًا الحجاب فرض وانت تصلين.. حرام ان لا تُقبل صلاتك وتذهب سدى فقط لأجل الحجاب.

- انا لا أوافقك الرأي ابدًا.. انا ضدك تمامًا بما قلته.. لأن الحجاب شيء والدين شيء آخر.. واذا اردت ان تتكلم عن الحلال والحرام فحياتنا كلها تقريبًا حرام.. لذلك الآن دع هذا الموضوع جانبًا وسنتحدث عنه فيما بعد.. وأنا سأتحجب بكل تأكيد ولكن ليس الآن.. فقط حينما أكون انا مقتنعة به.
ردت آلاء بنبرة هادئة ولكن قوية أخرجتها من قوقعة تفكيرها برده على سؤالها.. انتظرت رده للحظات طويلة ولكنها لم تسمع حتى صوت انفاسه عبر الهاتف فأردفت:
- محمد.. انت معي؟ الا زلت على الخط؟

- آجل، انا معك.. على اي حال سنتناقش لاحقًا عن هذا الموضوع.. الآن بإمكانك الذهاب الى النوم فالوقت قد تأخر وانت مؤكدًا تعبتِ اليوم.
هتف معتقدًا انها سترفض بحجة انها تود الحديث معه قليلًا بعد.. ولكنه لا يدري ان خاصةً هو لا تحب معه الحديث.. ربما لو كان شخصًا آخر كانت ستقول انها ليست متعبة ولكن هذا محمد الذي في طرفة عين اصبحت امرأته.. بالمكر والخداع.. هذا محمد الذي كان سبب انفصالها عن الشخص التي كانت تحبه ولا زالت.. هو يريد التحكم بها.. منذ الآن يفرض اوامره عليها وهي لا زالت لم تدخل منزله بعد.. كيف لاحقًا حينما تشاركه حياتها كلها.. في ادق تفاصيلها؟
فغمغمت قبل ان تغلق الخط:
- حسنًا اذًا تصبح على خير.

*****************
المسؤولية بغياب والدتها صارت اكبر.. واجباتها ازدادت.. حاجيات والدها واخوتها الصغار كلها على عاتقها بالإضافة الى مدرستها وعملها..
انهت الاء دوامها في المدرسة وفي العمل وعادت الى منزلها لتعد الغداء وتتوجه لغرفتها لتدرس فالإمتحانات على الأبواب وللمرة العاشرة ربما تجد هاتفها يرن.. وكالعادة المُتصل محمد وهي لا ترد.. لا ترغب بالرد على اتصالاته..
دخل والدها فجأة غرفتها وقال بنبرته الحانية:
- محمد هنا يا ابنتي.. تعالي وسلّمي عليه.

محمد هنا بعد ان اتصل عشرات المرات وهي لم ترد؟! بالتأكيد اتى لأنها لم ترد على اتصالاته.. تنكر ولو قالت انها لا تشعر بالخوف يغزو قلبها والارتباك يتشعشع في سائر انحاء جسدها..
دلفت غرفة الصالة وهمست بصوت منخفض تخفي به توترها:
- السلام عليكم.

تلقائيًا اتجهت حدقتاه اليها واضطرمت بنار الغضب ليطلق سبابًا حانقًا بنبرة منخفضة بسبب ما ترتديه.. كان ثوبها قصيرًا دون اكمام.. عصبيته كانت واضحة على ملامحه وهو يتطلع اليها بتركيز.. حاولت تجاهل عصبيته فلا يحق له ان يغضب.. هي في منزلها كما وان الطقس حار وهم في فصل الصيف..
رد محمد السلام بنبرة غير مفهومة ثم قال:
- كيف حالك؟
- الحمد لله بخير.

لثوان معدودة بقي ينظر اليها ثم تطلع الى عمه وتساءل:
- عمي.. هل يوجد لديكم مشكلة بشبكات الإتصال في منزلكم؟

- لا.. لماذا؟
اجاب والدها بإستغراب لتتطلع آلاء الى محمد بعينين واسعتين خشيةً ان يقول لوالدها عن عدم ردها على اتصالاته..
ابتسم محمد لها بخبث وقال:
- ظننت ان لديكم مشكلة ولذلك لا تردون على اتصالاتي.

- هل بهذه السرعة لحقتكما ان تتعاركا؟ لا زال امامكا الكثير من الوقت.
هتف والدها ضاحكًا ليقول محمد:
- والله ياعمي يا ليتني اعرف ما هو السبب.. يبدو الأمر لي دون سبب حتى.. على ما يبدو انني سأتعب كثيرًا مع ابنتك.. ليكون الله بعوني فقط.

- يجب ان تتحمل ما دمت دخلت بقناعة.. تحمل ورويدًا رويدًا سيحدث كل الذي تريده.
علّق والدها بمرح ليبتسم محمد بمكر وقح:
- والله يا عمي مباركة حتى لا زلت لم ابارك.. انتم لا تعطونا المجال لنبقى لوحدنا وهي لا تسمح لي ان اعبر واثبت نفسي.

لم تفهم آلاء معنى كلامه ولكنها شعرت انه وقح وقليل ادب خاصةً حينما اجابه والدها ضاحكًا:
- تأدب محمد ليس امامي او في منزلي.. اذا اردت ان تثبت فإفعل عندما تصبح في بيتك.. اثبت حينها كما تشاء.. الآن ممنوع.

- عمي لا يصح ذلك.. هي زوجتي والله وليست غريبة.
اعترض محمد بحنق ليزجره والدها بصوت مرتفع:
- محمد!!

اطلق محمد ضحكة صاخبة ثم هتف باستسلام:
- حسنًا حسنًا.. من الأساس انا قد اتيت لأسلم عليكم واغادر.
ثم اقترب من عمه وقبّل رأسه واضاف:
- تصبح على خير عمي.
ونظر الى آلاء وغمغم:
- هل بإمكانك ان توصليني الى الباب؟

اومأت موافقة ونفذت طلبه وهي تكاد ان تموت من خجلها.. فهذا الوقح قليل الأدب كان يتحدث بوقاحة عنها مع والدها وهي كالغبية تائهة بالمعنى الحقيقي الغير مباشر لكلماته..
همس محمد بصوت منخفض وهما في طريقهما الى باب المنزل:
- لماذا لا تردين على اتصالاتي؟ الم ننتهي من هذا الموضوع مسبقًا؟

- لم أتمكن من الرد.. كنت مشغولة.
غمغمت آلاء بإرتباك سببه خجلها فهتف بتهديد:
- اذًا كلما اتصل ولا تردين ستجدينني بجانب باب منزلكم.. هل فهمت أم لا؟

فتحت له باب المنزل وردت:
- حاضر.

تلكأ محمد قليلًا بجانب الباب وهمس مبتسمًا:
- هل تدرين انني لا زلت لم ابارك لك الى الآن؟

- ماذا؟
تمتمت الآء بإستغراب فتطلع محمد يمينًا ويسارًا لتتساءل بحيرة:
- لماذا هكذا تن...؟

قبل ان تكمل كلمة "تنظر" كان يجذبها الى حضنه ويقبلها.. كان يسرق منها قبلتها الأولى.. رباه كم هو غريب عليها هذا الإحساس الذي داهمها؟ تشعر به يستكشف.. متعطش.. ظمآن والآن وجد ينبوع مياه أمامه وقرر الإرتواء.. يداه تثبتها في حضنه تكبح محاولتها بالهروب منه.. وهي ضائعة.. تائهة.. كل هذه الأحاسيس جديدة عليها.. بالاضافة الى خجلها والنار التي هبت حرارتها في وجهها لتشعله..

إبتعد محمد عنها قليلًا بعد لحظات طويلة دون ان يحرر جسدها التي تشعر به كالهلام ثم همس بصوت أجش:
- مبروك! هذا الذي أقصده.

ودون ان تستوعب اي شيء كان يقبلها مرة اخرى.. قبلة طويلة وكأنها ليس لها نهاية.. والدنيا اخذت تدور بها دون توقف.. والدوار انتابها وهي لا تدري كيف عليها التصرف!
أحست فجأة بيديه تتحرك على ظهرها فشعرت كما لو انها تتجمد واطرافها كلها تكاد ان تُشل.. ارتدت خطوة الى الوراء لكي يبتعد عنها وبالفعل عتق ثغرها دون ان يعتق جسدها من حصاره..
غمغم محمد وهو يكاد ان يفقد عقله بسبب هذه القصيرة التي تفعل الويل به:
- يجب ان اتحدث الى عمي كي نسرع بالزواج.. انا لا استطيع البقاء هكذا وانت لا تعرفين ماذا تفعلين بي.. للمرة الأولى في حياتي يحدث ذلك معي!

لم ترد.. لا تريد ان تفهم ما الذي يحدث معه.. كل ما تريده هو ان يبتعد عنها ويغادر..
حاولت ان تحرر جسدها من يديه وهي تغمغم بصوت مخنوق لا تدري هل من الخجل أم من ألم قلبها:
- يكفي.. غادر.. اذهب من هنا.

- فقط قبلة اخرى وأخيرة.
قال بإبتسامة وقحة لتبتعد عنه بسرعة وتهتف
- تصبح على خير.

ضحك محمد بعبث:
- حسنًا يا عسلي.. غدًا سوف أتي لتحديد موعد الزواج وارتداء المحابس.. الى اللقاء حبيبتي.

----------------------------
يتبع..
نلتقي السبت القادم بإذن الله..

رأيكم بالفصل؟
توقعاتكم؟

قراءة ممتعة..
مع حبي:
اسيل الباش



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس