عرض مشاركة واحدة
قديم 24-11-20, 01:08 PM   #7

noor1984

مشرفة منتدى قلوب احلام وأقسام الروايات الرومانسية المترجمةوقصر الكتابة الخياليّةوكاتبة،مصممة متألقة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية noor1984

? العضوٌ??? » 309884
?  التسِجيلٌ » Jan 2014
? مشَارَ?اتْي » 23,038
?  نُقآطِيْ » noor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond repute
افتراضي




الفصل الرابع

قفزت نايدا من اللعبة حين كانت قريبة من الأرض لحسن الحظ ولذا لم تلق حتفها..وسرعان ما أوقف المسئول الدوران قلقًا من حدوث أمر مروع كهذا ..

"بحق الله إنه يوم الافتتاح بعد والألعاب كلها مُؤمَنة!!فكيف كُسر الحاجز؟"

لم يهتم أدُولف بإجابة المذعورين من حوله وهرع إلى يوجين الذي رأى هذه الكارثة مع زوي وعجَل باستدعاء الإسعاف..
*******
في المشفى
سأل أدُولف الطبيب بقلق عن حال نايدا بعد ساعات من احتجازها في غرفة الطوارئ..
فقال:"بعض الرضوض في جسدها مع كسر في كلتا ساقيها.. بعد دقائق تصلني نتيجة الأشعة المقطعية لنطمئن على دماغها لكن أظن أن الأمور جيدة بالنسبة لما أخبرتموني به"

حينها تنفس أدُولف الصعداء ..نعم كان يريد قتلها منذ دقائق..لكن الآن تبدو فكرته دموية وبلا فائدة..فليكتف بالابتعاد عنها ورفض طلبها وينتهي الأمر..
ثم وجه الطبيب حديثه ليوجين لعلمه أنه ابن صاحب الفندق:"لقد سمعت أنكم أفضل من يستقبل المصطافين لقضاء الإجازة وكنت أنوي إحضار العائلة.. لكن يبدو.."
قطع جملته واكتفى بتعبير وجهه الموحي وانصرف..

ليضرب يوجين الحائط بقبضته غاضبًا :" بالطبع! حدث كهذا في يوم الافتتاح سيسئ إلينا.. يا إلهي!!لقد أشرفت بنفسي على عمل المهندس وتأكدت أن التصميم آمن تمامًا.."

أشفق أدُولف على صديقه المُحبط الذي تابع:"مؤكد وصلت الأخبار إلى أبي ولن تنتهي تلك الليلة على خير"

و رغم أنه أراد أن يكشف له سبب الكسرإلا أن الصمت تسيد الموقف.. نعم كان التصميم آمنًا لكنهم لم يتوقعوا أن تركبها حورية بحر مجنونة .. وهذا كان يتطلب احتياطات من نوع آخر!

بينما وقفت زوي مقابلة لهما وظلت عيناها عليه..لقد ضعت يا أدُولف!! لن يستغرق الأمر الكثير قبل أن تستنتج زوي كل شئ..وجدته التي تشك أنه يخفي سرًا منذ يوم القارب..
فقط لو أنه لم يسبح تلك الليلة..!

ثم تلقى اتصال والده يستفسر عما حدث.. فأجابه :"الشكر للرب إنها على قيد الحياة.. لا تقلق يا أبي.. "

"لا أصدق يا أدُولف!! من تلك ؟ في أي أمر أقحمت نفسك؟ جدتك قلقة وبالكاد أقنعناها ألا تلحق بكم للمشفى..المسكينة ظنتك مصابًا"

اكتفى أدُولف بإجابة مقتضبة على وعد أن يشرح كل شئ حين يعود للفندق..
*********
عاد الثلاثة قرابة الفجر بعد أن اطمأنوا أن لا خطر يهدد حياة نايدا.. فذهب يوجين للقاء والده وتحمل تبعات خطئه بينما وجد الشقيقان جدتهما على فراشها وقد جمعت والديهما حولها..
نظرت لهما بتدقيق ثم قالت:"أنا أموت هنا قلقًا وأنتما مع تلك الغريبة!!"

جزَ أدُولف على أسنانه ونظر لشقيقته لائمًا فقد كانت هي من اتصلت بجدتهما لتخبرها كل شئ .. توقع السبب فقد أرادت بلا شك أن تشاركها تحليل الموقف لتكشفا ما خلفه..

أضافت الجدة حين تمسكا بصمتهما:"لقد ظننت أن الحاجز كان يضمكم جميعًا وحين كُسر وقع الجميع.."

فتقدم أدُولف يقبل يدها مسترضيًا:"آسفون لإقلاقك يا هيلين.. أرجوك لا تسخطي علينا"

لكنها نفضت يدها بعيدًا عن قبضته وعيناها مثبتة على عينيه الشبيهتين بعيني ابنتها قائلة:
"ليس قبل أن تخبرني من هي الغريبة؟ومتى تعرفت إليها؟ولماذا كانت ترافقك اليوم؟ ولماذا رافقتكم يوم القارب؟"

دار أدُولف بعينيه بين الجلوس يستنجد بهم لكن زوي جاورت جدتها وقالت بمرح:"نعم أجب أسئلة جدتي.. وأخبرني كذلك أين اختفيت بعد العشاء؟"

نهضت ساندرا لتضع أطباقًا من الحلوى والمكسرات والفاكهة في متناول الجميع قائلة:"بما أننا لن نحظى بنوم في ليلتنا الطويلة فلنجعلها مسلية إذا.. هيا يا أدُولف ستحل محل جدتك وتقص علينا ما حدث معك"

وهل ما حدث معه بشئ يُقال؟!

أغمض أدُولف عينيه وقبل بمصيره كما يفعل عادة:"حسنًا..هذه إحدى ساكنات الضفة الأخرى..قابلتها منذ اليوم الأول في المهرجان"

لكزته زوي في ذراعه وعلقت :"يا خبيث!هذا يفسر اختفاءك تلك الليلة أيضًا"
زجرها بنظراته قبل أن يتابع:"إنها أجنبية لا تفطن شيئًا عن تعاملاتنا لذا طلبت مني أن أرافقها في جولتها"

كان شاكرًا لوالدته التي لم تحتمل الاستماع إلى قصته و تكلمت في هذه اللحظة لتقطع فرصة زوي في الحديث.. شقيقته الحمقاء لا تقنعها إلا الحقيقة وستودي به ليلاقي سخط جدته..

"سأحضر شيئًا نشربه بينما تتابع قصتك"

انصرفت ساندرا بعد جملتها فهي تمقت سماع القصص أيًا كانت وتراها مملة.. بينما طوى أدُولف ورقة مالية فئة الخمسين دولارًا ووضعها أمام زوي دون ملاحظة جدته..
فرفعت زوي حاجبيها بكبرياء وكتفت ذراعيها بمعنى الرفض.. ليطوي اثنتين أُخرتين بنفس الطريقة وأضافهما للأولى فجمعتهم زوي بسرعة وأسكنتهم جيب بنطالها وقد قبلت مساعدته في التهرب من أسئلة الجدة لكن هيهات أن يهرب منها..

"أبي..ألم تعدني أن تعلمني ركوب الأمواج؟يوجين يرفض تعليمي ويسخر من حبي للبحر"

كاد أدُولف يصفق إعجابًا بمهارة شقيقته..لقد نجحت في اختيارها..فأكثر ما تمقته جدته تمقت شغف والدهما بالبحر الذي يكاد يُذهب عقله..

بينما ابتسم آزاد وقال كأنه شاعر ينظر للطبيعة بعين عاطفته:"إنه مغفل..تلك الأمواج الزرقاء تحكم قلوبنا .. حتى أنها جعلتني أقع صريع هوى والدتك حبًا في عينيها الزرقاوين"

وتفاجئ بساندرا تحاوط كتفيه من الخلف وهي تسأل بمشاكسة:"فقط؟ عينيها فقط يا آزاد؟"

فقال وقد أرجع رأسه للخلف وثبتها على عينيها الزرقاوين المتوهجتين: "وقلبها المعطاء"

"فقط؟"

"وروحها الحلوة ... وجمالها الآخاذ .. "

ليحيا والديه! فجدته تكره إظهارهما مشاعرهما للعلن ..وهاهي انزعجت لتهتف بهم:"إلى الخارج! أوجعتم رأسي..أي ليلة تلك يا ربي؟"

وهكذا غادر الزوجان العاشقان لغرفتهما..ولحق بهما الشابان دون أن تُمكنهما الجدة من جمع الأطباق أو أكواب العصير..
ثم استغل أدُولف حالة زوي الهائمة بعشق والديهما ليهرب قائلًا:"ليلة سعيدة يا عزيزتي"

وسارع بإغلاق باب غرفته فاستفاقت زوي من شرودها ساخطة:"أفلت مني! كنت سأستجوبه بعد وأخيفه بلوحة حورية البحر.."

وتابعت بتوعد وهي تتجه لغرفتها:"سأعرف ما تخفيه يا أدُولف قريبًا ولن أرأف بك..وحينها سأخبر جدتي ولترني كيف ستنال سماحها؟!!"
*******
ما إن استيقظت زوي حتى طلبت الإفطار في غرفتها التي لازمتها ذاك النهار لتفكر..وكعادتها في التفكير استلقت على بطنها وأمسكت قلمها لتجسد ما رأته في الملاهي ..

قسمت لوحتها ثلاثة أجزاء لترسم ما حدث كأن عدسة كاميرا قد التقطت تطورات المشهد بالتتابع..
اللعبة تدور ونايدا تقفز منها كسَباحة تقفز في البحر..
ثم الحلقة التي رفعتها الساق لبعد شاهق من الأرض رغم هذا كبرت صورة أدُولف لتجعله جاحظ العينين يمد يده لإغاثتها ولكن بعد فوات الأوان..والقريبون منه كذلك تخشبت وجوههم لمرأى الحاجز المكسور..
وأخيرًا العامل يسرع بإيقاف اللعبة ناظرًا بفزع لنايدا المسجاة أرضًا..
طرق على باب غرفتها أخرجها من استغراقها في لوحتها لتجده يوجين يجر أمامه عربة الإفطار...
فرمشت بعينيها تحاول استيعاب ما تراه ثم قالت بمرح:"هل غيرت مهنتك؟.. أوووه..لا..لا تقل أن هذا عقاب والدك لك على ما حدث بالأمس"

"زوي أيتها الحمقاء..ماذا تقولين؟"
نهرها بسخط وكاد يضربها على رأسها كما يفعل عادة إلا أنها ابتعدت عن مرمى يديه ولكن ليس بالقدر الكافي فسرعان ما أمسك بشعرها الذي رفعته في هيئة ذيل حصان ليمنعها الهرب..

"زوي..أين أنت منذ الصباح؟"

قالتها جدتها وهي تدلف للغرفة لتجد هذا المنظر الغريب ...فابتسمت مخالفة توقع زوي وزجرت يوجين بصرامة زائفة:
"دع شعر خطيبتك يا فتى..ستُضعفه بهذه الطريقة ثم تعود لتشتكي كرجل لا يهمه إلا متعته"

أبعد يوجين يده لاإراديًا ..ووقف الاثنان متجاورين كجنديين يستقبلان قائدهما والجدة تدور حولهما كأنها تبحث عن منفذ لاختراق عقلهما ومعرفة ما يفكران به..
"إلى متى ستظلان غبيين وتخفيان مشاعركما؟"

شهقت زوي بصدمة وأجابتها:"ولكن يا جدتي..ألا يزعجك إظهار المشاعر للعلن؟حتى أن والديَ.."

قاطعتها الجدة ضاربة بعصاها الأرض:"والتظاهر بغير الحقيقة يثير غضبي يا حفيدتي.. ورائحة حبكما باتت تزكم أنفي ..فإلى متى الصمت؟"

فكرت زوي كيف تجد مخرجًا لهذه الورطة خاصة أن يوجين مسترخ ولا تعرف السبب...
فحركت يدها واستندت بها على كتفه قائلة بمرح لتخفي ارتباكها وتلهي جدتها : "لكننا لم نكتف بعد يا جدتي من الجنون..تعلمين فترة التعارف تكون مثيرة ملؤها المغامرات.. وما إن تعلنين الخطبة الرسمية حتى تطلبين تعجيل الزفاف.."

ونظرت ليوجين مبتسمة ثم تابعت:"لندع يوجين يعلنها في الوقت المناسب يا جدتي"

وكان ردها أكثر من كاف لتستريح الجدة وتجيبها مازحة:"جنون الخطبة ها!! فقط لا أريد أن أحمل الجيل الثاني من أحفادي قبل الزفاف"

ضحك يوجين بصخب ليشارك في المسرحية التي نالت إعجابه .. فأحاط خصر زوي الخجلة مما وصل لجدتها المبتهجة..وقال مجاريًا مزاحها الجرئ:
"سأكون حريصًا حتى تخبرني زوي أنها مستعدة للزفاف"

شاركته الجدة الضحك قائلة وهي ترفع هاتفها بغرض تصويرهما:"هيا ابتسما.. نعم هكذا..سأحتفظ بهذه الصورة كدليل على خطبتكما وأنتظر منكما تحديد موعد الزفاف قريبًا.."

وأضافت حين رأت أمارات الذهول على وجه حفيدتها:"أدُولف علمني كيف أستخدم الهاتف الذكي يا عزيزتي..بالطبع لن ألازم فراشي في آخر سنواتي وأترككم تستمتعون بالتكنولوجيا وحدكم..هيا..هيا..دعك مني والتفتي لخطيبك"

وغادرت الغرفة بخطوات أكثر خفة كأنها حققت أهم أهداف حياتها..ليعلق يوجين بمرح ويده تتجول على ظهرها بعبث:"هكذا أريدك دائمًا.. دعك من صيحات الموضة ولتكن صورة زفافنا أيضًا بقميص النوم اختصارًا للوقت والمجهود"

فانتفضت زوي من جواره كالملسوعة :"اخرج! هل تظنني لقمة سائغة أيها الذئب؟! اخرج"

ودفعته بغضب جهة الباب فدافع يوجين عن نفسه:"أقسم لك كنت سأطلب أن ترافقيني مع المهندس لتفحص الحاجز المكسور..جدتك هي من نبهتنا لوجودنا في غرفة النوم"

ثار غضبها أكثر مع جملته الأخيرة وأجبرته على الخروج مغلقة الباب.. وراحت تلهث كأنها في سباق مع مشاعرها التي نشطت بحديث الجدة وتدافعت للخروج..
راقبت صورتها في المرآة بقميص نومها الوردي الذي وصل بالكاد لركبتيها وحمالتيه الرفيعتين اللتين تستقران بصعوبة على كتفيها ..وللحق أنه أكثر ملابس نومها احتشامًا..

هذا النذل يوجين لا يشعر باحتراقها..تكاد تموت من انجذابها إليه ورغبتها باجتماعهما بينما يعبث هو مع صديقاته رافعًا شعار الحرية.. ثم يعود إليها ليزيد حسرتها..ها أنا أمامك ولكنني لست ملكك..قد أجالسك اليوم لكن غدًا يوم آخر!! هل هي محطة يستريح فيها من عبثه؟

وعند فكرتها الأخيرة رفعت هاتفها بتهور واتصلت به .. فأجابها مباشرة:"هل هدأت يا سيدة الأساطير؟ لا نريد تكرار مأساة إيكو.. إن كنت غاضبة نؤجل الفحص ليوم آخر..لا نريد المزيد من الخسائر"

"لا..لاداعي للتأجيل..سأتناول فطوري وأستعد..هل تنتظرني نصف ساعة؟"

لم يعترض يوجين لئلا يثير غضبها.. ولم يرى ابتسامتها الظافرة على الجهة الأخرى وقد أوحت لها معرفته بإيكو كيف تنقل إليه مشاعرها..
********
ركض أدُولف على الشاطئ بملابس السباحة وابتسامته تزداد اتساعًا.. ليست الحرية هي التسكع مع الفاتنات كما يقول يوجين..بل هذه هي الحرية.. لا أحد يتشبث به أو يطالبه بمشاركته حياته إلى الأبد..

رفع يديه مع ارتفاع صوت ضحكاته ثم قفز في البحر..فليسبح ويلهو كما يحلو له لن يضطر لحبس نفسه في غرفته أو تقييد راحته..

"شكرًا للرب.. آه..شكرًا للرب"
تمتم مبتهجًا وهو يتابع السباحة ثم استرخى على سطح الماء سامحًا للشمس أن تمر بأشعتها اللاهبة على وجهه وصدره.. إنه يوم الاحتفال بالحرية في عُرفه ولذا لابد أن تحظى كل الموجودات بحظها منها..
*******
بعد أسبوع ..
أحس أدُولف بشئ ناعم وطري ينضغط على ذراعه فتنهد باستمتاع مفكرًا أنها المرة الأولى التي يزوره فيها حلم محسوس ورائع كهذا..لكن الثقل الذي أُسند إليه وشعوره بأنامل عابثة تلامس بشرة وجهه جعله يفتح عينيه ليستطلع ما يحدث فقابلته مقلتين زرقاوين تلمعان رغم ظلمة الغرفة أعادتا له ذكرى كابوسه ..

فانتفض فزعًا وضغط على زر الإضاءة بجوار سريره بينما يسمع صوت تأوه وارتطام بالأرض..

واستحضر ذهنه فكرة واحدة إن كانت الحورية قد اختارته ليكون رفيقها فلاشك أنها هذه المرة جنية قررت إخضاعه لسيطرتها.. يال حظك العثر يا أدُولف!! ضاعت هيبتك إلى هذه الدرجة! الإناث صرن يفرضن سطوتهن على حياتك..

التفتت متوجسًا ليجدها نايدا بفستانها الفضي الذي تركها به قبل أسبوع..
فارتفع حاجباه بتساؤل صامت سرعان ما أجابته نايدا وهي تنهض لتجاوره على السرير:"قال الطبيب أنني صرت بخير ويمكنني العودة للمنزل"

ثم مدت يدها تلامس وجهه بشغف قائلة:"اشتقت إليك"

لقد صدقت جدته هذه المرة أيضًا..للحوريات قدرة فائقة على الشفاء والتئام الكسور..وهو كالمغفل طار فرحًا بتخلصه منها ولم يتخذ احتياطاته للحظة كهذه..

أمسك يدها بحزم وأبعدها عن وجهه قائلًا:"إنك تخلفين اتفاقنا الآن يا عزيزتي.. عليك إقناعي بحبك وليس إجباري "

ارتسم الأسى على ملامحها وقلبت شفتيها كأنها ستبدأ البكاء لكنها تمالكت نفسها ورفعت إليه عينيها المغرقتين بالدموع المحتجزة اللتين تعلوان ثغرها الباسم قائلة برجاء:
"لن أخل باتفاقنا..لكن اسمح لي أن أبيت هذه الليلة هنا في غرفتك... سأستلقي على تلك الأريكة ولن تشعر بوجودي"

وأسرعت باتخاذ وضعية مريحة على أريكته مشيرة للمسافة بينهما كأنها تغريه بالقبول..
ليغمض عينيه دون أن يجد سببًا يتعلل به لرفض طلبها فاكتفى بأن أدار وجهه حانقًا وأطفأ الضوء..
لو أنها تملك القدرة على قراءة دواخله لعرفت قدر تأثره بها ورغبته بالانسياق خلف رغباتها..لكنه يقاوم ويُحكم عقله للرمق الأخير خشية العواقب التي لقنته إياها الجدة مرارًا..لذا كان سخطه الأكبر على نفسه التائقة إليها قبل أن يكون عليها..
*********
صباح اليوم التالي..
استيقظ أدُولف ليجد أصواتًا مكتومة تصل لمسمعه حيث نام مديرًا ظهره لنايدا فالتفت يستطلع ما تفعله ليجدها في صراع مع فستانها تجاهد لتصل لسحابه الخلفي..
ورغم أنها ضاقت به ذرعًا إلا أن محاولاتها استمرت متمتمة:"لا يجوز أن أفسده ككل مرة ..ستغضب أفروديت مني ولن أستطيع مراضاتها"

تنحنح يلفت انتباهها لاستيقاظه ثم قال:"ألم تعلمك أفروديت أنه لا يجوز تبديل ملابسك أمام الغرباء؟!"

رمشت بعينيها المغويتين وأجابته متقدمة جهته بخطوات شعر بصداها في قلبه المتلهف الذي يتوق لاختراق صدره والركض إليها:"لكنك لست غريبًا يا أدُولف...إنها أيام معدودة وتكون رفيقي الدائم"

أجابها قلبه : ( بل اليوم..لا أريد الانتظار بعد )
أما هو فقد سارع لحمام الغرفة ليخرج من نطاق سحرها بأمر من عقله.. لكنها لم تعتقه فلحقت به وطلبت بوداعة أسرته:"هلا ساعدتني في أمر هذا السحاب
العالق ؟"

استدارت مزيحة شعرها البهي وتركت له كل الوقت حتى استعاد بعضًا من شجاعته وفك السحاب كاشفًا عن بشرتها البيضاء.. ضعت وهلكت يا أدُولف!!

ودون كلمة دلف للحمام مغلقًا الباب خلفه ليستعيد أنفاسه التي حبسها حتى أتم مهمته الخطرة.. إنه يشعر برائحتها تملأ الغرفة وكأنها أودعتها جزءًا من روحها الفريدة..

بينما كتمت نايدا ضحكتها بصعوبة وارتدت الفستان الذي أحضره لها ذات ليلة ونسى استرجاعه..فوجدته مدفونًا في رمال الشاطئ لحسن الحظ كأنه بانتظار عودتها.. فليستعد أدُولف لأنه لا مفر له من شباكها!!
********
وصل يوجين للممر الذي يضم غرفة زوي وأدُولف فوجد زوي تخرج من غرفتها في هذه اللحظة كأنها استشعرت وجوده بفستان برتقالي يصل لكاحليها و تتدلى أكمامه محيطة بعضديها كاشفة عن كتفين من المرمر وعظمتي الترقوة البارزتين بشكل جذاب..كما جمعت شعرها كذيل حصان بدبوس برتقالي يشبه صدفة بحرية ..
تحركت جهته مبتسمة لكن عينيه تعلقتا بالشق الخادع الذي كشف عن بشرة ساقها البرونزية حتى ركبتها..
فشعر بالغيظ وهو حاله مع أغلب ملابسها التي تظهر الاحتشام الخادع..لذا لم يتمالك نفسه وعلق بضيق:
"من أي مكان ابتعت هذا الفستان؟لقد غفلوا إتمام حياكته يا عزيزتي.."

ضحكت زوي دون اكتراث وأجابته:"أعرف ما يختبأ خلف جملتك الحانقة..أنت معجب بذوقي! "

دارت حول نفسها وأضافت:"اشتريته منذ يومين من المول التابع للفندق مع دبوس الشعر..أرجوك لا تكتم داخلك وأخبرني رأيك صراحة.."

واستطردت بخبث:" سأساعدك في إطلاق سراح مشاعرك.. اشتريت دبوس الشعر هذا بالتعويض الذي نلته منك"

اتسعت حدقتي يوجين وهو يستمع لما تقوله.. هل صحيح ما وصل لإدراكه؟! دبوس الشعر عديم الجدوى هذا بمائة وخمسين دولارًا..

تراجعت زوي وقد شعرت أنه سيدق عنقها في هذه اللحظة! وقالت في محاولة لتهدئته:"إنه من النحاس الخالص المطعم بالأحجار الكريمة. .."

ثم انتبه الاثنان لأدُولف الذي فتح باب غرفته بتردد وارتسم الضيق جليًا على ملامحه حين وجدهما بانتظاره..

ليتضح لهما السبب حين خرجت نايدا المبتهجة حد المبالغة من خلفه ورحبت بهما..
صفر يوجين وهتف بصديقه:"أووووه..صديقي الذئب..هكذا تخون العشرة وتستمتع وحدك .. يا رجل أليست وجبة كبيرة بعض الشئ ؟! كان عليك أن تقاسمني إياها"

انتفخت أوداج أدُولف واحمر وجهه غضبًا من تعليقه وما زاد سخطه إجابة نايدا الساذجة:"أي وجبة!! لكنني شاركته غرفته طوال الليل ولم أره يأكل"

بينما تلقى يوجين لكمة من زوي التي زجرته قائلة:"دعك من السخف.. انظر إنها تقف على قدميها بأريحية وتتحرك بشكل طبيعي بعد قفزتها الانتحارية "

فأجابها:"وترتدي فستانك"

نظرت زوي وإذ به فستانها الزهري الذي تحبه..وقد ناسب نايدا تمامًا بأكمامه القصيرة التي تغطي بالكاد الكتفين وحافته التي تنتهي بتدرج فتكشف عن إحدى ركبتيها بينما تغطي الأخرى وتجاوزها ببضعة سنتيمترات..

ضاقت عيني زوي ونظرت لشقيقها تطالبه التفسير.. بينما هتف أدُولف بصديقه: "هلا كلفت أحدًا بإصلاح باب غرفتي؟"
مشيرا للباب غير محكم الغلق وناظرًا لنايدا بحنق في إشارة واضحة أنها الفاعلة...
وبصمت تام سحبت زوي شقيقها وجرته من ذراعه كمتهم سيعرض على المحكمة لتلقي العقوبة التي تناسب أفعاله..
كادت نايدا تلحق بهما إلا أن يوجين حال دون ذلك قائلًا:"صدقيني لن تحبي تجربة غضب زوي"

********
مطت هيلانة شفتيها وأردفت حانقة :
"ذهب لاستعجالهم ..ليته لم يذهب!!"

ربتت ساندرا برفق على ذراعها قائلة:"لا بأس يا حبيبتي.. إنها العاشرة صباحًا بعد ..تناولي العصير ريثما يجهز الإفطار ودعك منهم"

ولم يفلح قول ساندرا في إرضائها..فرسم آزاد البسمة على وجهه وداعبها قائلا: "إننا مضطرون لانتظارهم حتى يكتمل الفريق وتكون اللعبة مسلية..لكن ما رأيك حين يأتون نهزمهم شر هزيمة ونفرض عقوبة قاسية عليهم ؟"

ابتسمت في إشارة لقبولها اقتراحه وأجابته:"سأنسى أنهم أحفادي وأنتقم منهم"

وضربا كفيهما ببعض بحماس مما دفع ساندرا لتعلق بمنطقية:"أشعر أن اللعبة المختارة في النهاية ستكون شد الحبل!! لقد طلبت اجتماعًا صباحيًا يا أمي كأنها الحرب"

لم تجبها والدتها إنما خاطبت آزاد المبتسم:"هل طلبت منك إيقاظ زوجتك.. لا أدر لمَ لمْ ترث خفة دمي وحبي للمرح والانطلاق؟!.. نعم أردت أن أقضي يومي برفقة أحفادي ومشاركتهم ألعاب قد تكون سخيفة.. وإن لم يرق لك الأمر بإمكانك استكمال نومك أو المساعدة في تقديم الإفطار"

استشعر آزاد حدة صوت هيلانة وتوتر الأجواء فأراد تغيير الموقف بمرحه الدائم وأردف:"أفضل الأخيرة...يليق بك أن تعتني بمن حولك يا حبيبتي..وربما يكون التدليك أحد الخدمات التي تقدمينها لنزيل معجب مثلي"

ابتسمت ساندرا وجارته فيما يفعل فنهضت لتقف خلفه واستندت إلى كتفيه برقة قائلة:"لا أعرف توجيهات رئيس الطباخين ولكنني أحفظ توجيهات قلبي الذي تقيم به..لك كل المزايا والعطايا يا ساكن قلبي الأوحد"

زمجرت هيلانة تنبههما لوجودها ثم ما لبث الثلاثة أن انتبهوا ليوجين الذي تقدم منهم مع نايدا !!
*********
في الآن ذاته أنهى أدُولف سرد قصته قائلا:"وتلك هي الحقيقة كاملة .. "

ثم ركع أمامها بمرح متابعًا:
"وإنني ألتمس من سيادتكم العفو والسماح .. والتماس الأعذار لشخصي الضعيف ولا بأس إن دفعت عني أذى الجدة الشرسة"

ضحكت زوي واحمرت وجنتيها إذ تخيلت أن يفعل يوجين المثل...حتى أوشكت أن تطلق صيحاتها المتحمسة الفرحة بمجرد التخيل فكتمتها بالكاد وجذبت شقيقها من يده ليقف من جديد حتى تستعيد صفاء ذهنها...

ثم قالت:"هل تدرك عاقبة التورط في علاقة مع نايدا؟ إنني مولعة بالأساطير وأشعر بالحماسة حين يقع ما يشابهها..فما بالك بأن تتحقق الأسطورة بحق!! لكن بعد كل شئ جدتي تحذرنا لأنها ترتجي صالحنا"

اعترض أدُولف:"ربما توجد فرصة للنجاة"

"هل أحببتها؟"

تظاهر أدُولف بالانشغال في تفحص إحدى كتبها ليتهرب من إجابة سؤالها الملغم.. ثم أردف :"منذ متى تحتفظين بكتب كهذه؟ جريمة قتل يا زوي؟!!"

"إنه صديقك المزعج..أعطاني إياه بالأمس..يقول أن علي أن أجد ما يشغلني وأتوقف عن إعمال عقلي فيما لا يفيد..يصفني بفراغ العقل هذا الأبله!!"

وكأن أدُولف قد انعزل عنها بعالم آخر فلم يصل لسمعه ما تقول وكل إدراكه وكيانه التفت لما يقرأ إذ يصف المشهد الذي تعلقت به عيناه صدفة شعوره الحارق تجاه نايدا..
(وفي الليلة التي نسى كلاهما عددها من تاريخ لقاءاتهما المتتابعة وجد "جيف" روحه تهفو إليها ..يشتهي قربها.. نسى اللعبة وحياتهما التي على المحك وعانقها باثًا إياها لواعج نفسه ....)

تطلعت زوي لما يشغله عنها وعادت للإحمرار قبل أن تسحب منه الكتاب حانقة وتهذر بارتباك:"ما الذي يعينه إهداء أنثى لطيفة مثلي كتابًا يحمل عنوان (في الوقت المحدد) وغلافًا مغرقًا بالدماء كهذا؟"

فغمزها أدُولف عابثًا وقد أدرك خجلها الذي تدرايه بصراخها:"زوي اعترفي!! قرأت الكتاب وحفظت هذا المشهد خصيصًا أليس كذلك؟"

تعرقت زوي وقد أصاب عين الحقيقة بقوله فدفعته أمامها قائلة:"تأخرنا هيا..لابد أن جدتي تنتظرنا"

طاوعها لخطوتين قبل أن يلتفت إليها سائلًا:"ترى من كان بطل أحلام يقظتك يا شقيقتي العزيزة؟!!!"
**************
"الشكر للرب على نجاتك يا ابنتي..هل كانت المرة الأولى التي تذهبين فيها للملاهي؟ إلى الآن لم يتضح سبب انكسار الحاجز ولكنني سمعت البعض يؤكد أنك قفزت بإرادتك "

هكذا بدأت جدته التحقيق..فشكرأدُولف الرب أنه وصل قبلًا ليتسنى له التدخل عند اللزوم..
"شكرًا لك يا سيدتي.. نعم كانت المرة الأولى ولكن ما حدث هو أنني انجذبت للأرض لاإراديًا حين كسر الحاجز..وهذا منطقي لأن...أدُولف!"

كاد أدُولف يشد شعر رأسه من سذاجتها..تستغيث به علنًا أمام الجميع!!

نظر للمحدقين به ومد يده يلتقط الخبز المحمص المغموس بالزبدة من يدها قائلًا بسخافة في محاولة لتبرير فعلتها:"ألا تسألين أولًا؟ أعرف لا تحبين الزبدة "

وقرب طبقًا آخر إليها:"تناولي هذا ..أعرفك تحبين المأكولات البحرية"

لم تجادله كعادتها لحسن الحظ.. فالتقط أدُولف أنفاسه الضائعة لكن ما لبث الأدرينالين أن وصل حده الأقصى في جسده حين سألت جدته من جديد:
"ألم يكن يلزمك البقاء في المشفى لوقت أطول؟ كيف تسيرين هكذا دون عكازين؟ أي طبيب هذا الذي سمح لك بمغادرة المشفى؟"

واعترفت نايدا بعفوية:"لم أفهم أنا أيضًا ما حدث..حين وضع الطبيب الجبيرة حول ساقي ومنعني من مغادرة فراشي في المشفى قال أنني قد أحتاج شهورًا لأستطيع السير من جديد..وبالأمس فحصني طبيب آخر واستغرب أنني لاأزال محتفظة بجبيرتي وسمح لي بالخروج"

نهضت ساندرا تصب العصير للجميع بينما تقول:"دعي الفتاة لشأنها يا أمي.. وهيا أخبرينا اللعبة التي سنستمتع بها طوال النهار على حد قولك"

فأعرض الجميع عن نايدا مؤيدين ساندرا مما أشعر هيلانة بالزهو وجعلها تنصاع لرغبتهم قائلة:"لاشئ.. رأيت منذ يومين مقالًا عن لعبة مناسبة للشاطئ وأردت تجربتها معكم..لكن أولًا سنعد هذه البالونات ونملأها بالماء"

اتسعت حدقتي أدُولف حين فهم مقصدها وقال مداعبًا:"ياللعقاب القاسي يا هيلين!! هل ستطلبين تفجير البالونات على ظهر الخاسر؟"

أومأت هيلانة وأوضحت:"نعم هكذا تمامًا..سنلعب (الصراحة أم الجرأة) ومن يمتنع عن إجابة السؤال أو تنفيذ ما نطلبه منه سيتعرض للعقاب "

علق آزاد بخوف مصطنع:"هذه اللعبة تتناقض مع هيبتي يا هيلين..كما لا يجوز أن أتلقى العقاب أمام أولادي"

لتجيبه هيلانة بمشاكسة:"ولهذا جعلتك ضمن فريقي يا آزاد.. سنتعلل بكبر سننا ونجبرهم على تلقي العقاب بدلًا منا"

ثم مطت شفتيها بامتعاض وأضافت:"خاصة أنني ساخطة عليهم .. وأنت كذلك يا نايدا إن أردت مشاركتنا اللعبة ستكونين من الفريق المعاقب"

فأجابتها نايدا بوداعة:"سأكون حريصة على إجابة السؤال إذا لئلا أتلقى العقاب"
بعد دقائق..
رفع النادل الإفطار وعاد أدُولف ويوجين بصندوق البالونات المملوءة بالماء..
ثم تحلق الجميع حول منضدة صغيرة وضعت عليها زجاجة الماء البلاستكية التي أدارتها هيلانة قائلة:"أنا من سيبدأ..إنه أنت يا يوجين..الصراحة أم الجرأة"

حك يوجين مقدمة شعره مجيبًا بمزاجه العابث:"الجرأة"

ابتسمت هيلانة وسألته بمكر:"أترى تلك الشقراء هناك؟ "

فأومأ يوجين بتأكيد:"أراها!! بل إني لا أبصر غيرها الآن"

"هيا إذا اذهب لتقبيلها"
ضحك يوجين ملئ شدقيه بينما نهضت زوي وصاحت معترضة:"كيف تطلبين شيئًا كهذا يا جدتي؟ إنه..هل يجوز التطفل على الناس بهذه الطريقة؟"

بررت بجملتها الأخيرة اعتراضها الأهوج الذي جعلها محط نظراتهم المستغربة وبالأخص يوجين الذي يناظرها الآن بتسل ويكاد يخرج لها لسانه مغيظًا..

وأخيرًا رحمها من غيرتها المشتعلة رافضًا اقتراح الجدة:"آسف.. ولكنني أفضل العبث بعيدًا عن الأنظار"

فاشتعل غضب زوي لتمسك إحدى البالونات وتفجرها على ظهره قائلة:"جدتي لم تحدد عدد البالونات!!"

وكررت فعلتها بقوة أشد..ليهتف بها يوجين :"برفق يا زوي.. إنها مجرد بالونات لا داعي لاستخدام القوة"

وقد ضحكت الجدة حتى شبعت ضحكًا متسلية بسجالهما الذي تنوي إثارته كل حين حتى يستسلما لطلبها..

وبعد خفوت ضحكات الجميع و خفوت جذوة غضب زوي قالت الجدة وهي تدير الزجاجة من جديد:
"وبما أن يوجين خسر الجولة سأكرر اللعب "

أشارت الزجاجة لآزاد فسألته:"الجرأة أم الصراحة؟"

"الصراحة بالطبع...فالجرأة غير محمودة العواقب "

ضحك الجميع من تعليقه بينما تابعت الجدة بخبث:"حسنًا متى كان أطول خصام حدث بينك وبين ساندرا ؟ وما سببه؟"

"ساندرا إنها مكيدة من والدتك للإيقاع بنا فاحترسي وابقي هادئة.. أريد قضاء اليوم معك بعد"
نبه آزاد زوجته بمرح قبل أن يصمت لثوان مفكرًا ..
ثم قال:"كان أدُولف وزوي في رحلة تابعة للجامعة وقد أعددنا الخطط لقضاء عطلة رائعة في الأربع ليال التي يقضيانها خارج المنزل"

لم تتمكن هيلانة من كتم ضحكاتها المستمتعة فعاتبها آزاد:"كم تحبين المكر يا هيلين!! تضغطين على مواطن ضعفنا بلؤم"

بينما علقت زوي بصدمة:"خصام بينك وبين أمي! لا أصدق يا أبي! وماذا حدث بعدها؟ أخبرنا"

وأجابها أدُولف:"وماذا ظننت؟ الحياة لا تسير على وتيرة واحدة يا زوي.. كما أنني واثق أن هذا الخصام زاد من عمق حبهما ولم يضعفه مطلقًا"

ربت آزاد على كتف ابنه مستحسنًا قوله ثم تابع:"أصرت والدتكما على شراء وجبة الغداء من أحد المطاعم..فطاوعتها.. وزادت في إصرارها أن تذهب لإحضار الطلب بنفسها لئلا تتعب عامل التوصيل.."

أدارت ساندرا وجهها مبتسمة حين تابع زوجها:"لم يكن الطريق للمطعم يستغرق أكثر من ربع ساعة ولما تأخرت والدتكما ساعة كاملة كما أن عامل التوصيل أوصل الطلب خلالها..استبد بي القلق فخرجت من المنزل بحثًا عنها وحينها رأيتها تكاد تدهس عجوزًا بغير انتباه... والحمدلله مرت الحادثة بسلام وتفادت الاصطدام وحين واجهتها بخطئها ثارت علي.."

قاطعته ساندرا مدافعة عن نفسها:"قضيت هذه الساعة في صالون التجميل لأجلك.. بينما أنت قابلتني بهذا الجحود لأجل حادث عارض مر بسلام "

حك آزاد مؤخرة رأسه وقال مؤثرًا السلامة:"لا يزال الأمر عالقًا بيننا كما ترون.. وعلى كل فقد تدمرت خططنا وقتها وقضت ساندرا فترة غيابكما عند والدتها تنعي حظها في زوج ظالم مثلي.. وفي النهاية ذهبت لمصالحتها صاغرًا"

ربتت هيلانة على ذراع آزاد الذي رسم على ملامحه الأسى كأنه يشتكي ظلم ابنتها ومدت له الزجاجة قائلة:"فزت بجدارة يابني.. يكفي أنك تحتمل قسوة ابنتي وتجبرها.."

تعلقت عيني آزاد بنظرات زوجته المحذرة فقال بتوتر مفتعل:"ساندرا بلسم حياتي يا هيلين..لا تقولي غير هذا"

فأثار ضحك الجميع وعلق يوجين:"هل تقول أن الخصام زاد عمق حبهما أم عمق خوف عمي آزاد؟!"

لكزته ساندرا المجاورة له بمرفقها وحدقت به بنظراتها المحذرة فسارع لسحب قوله:"هل هناك من لا يحب هذه النسمة اللطيفة؟!"

تنحنح آزاد ليلتفت إليه الجميع قائلا:"والآن دوري لطرح الأسئلة..ولن أرحم أحدًا يا سادة"
أشارت الزجاجة لساندرا فتابع:"أووبس..زوجتي العزيزة هل تختارين الجرأة أم الصراحة؟"

أسندت ساندرا ظهرها لمقعدها وأجابته:"الصراحة كما تعلم فهي عنوان حياتنا"

برقت عيني آزاد وسألها بقصد:"كم مرة أخذت من مصروف البيت لشراء أغراض غير ضرورية؟"

ارتبكت ساندرا وناظرته بلوم على سؤاله هذا أمام الجميع بينما نهضت زوي ووقفت متخصرة هاتفة بوالدتها:"ورغم هذا ترفضين إعطائي المال يا أمي وأنت تفعلين المثل"

اغتاظ يوجين فنهض يدير زوي قائلا:"أريهم آخر ما اشتريت يا عزيزتي..هذه التي تجمع بها شعرها بمائة وخمسين دولارًا..كأنها اشترتها من المزاد العالمي لتكون بهذا السعر"

"اشتريتها رغم أنني منعتك يا زوي!"

"صدقيني يا أمي..يوجين هو من دفع ثمنها..لذا ترينه غاضبًا هكذا"

تنهدت ساندرا بارتياح وأجابتها:"لا بأس..ولكن احترسي فقد يقتلك قبل أن يفيق من أعراض الصدمة.."

وخاطبت زوجها:"أترى ما أجنبك إياه يا حبيبي؟ لا داعي لتعرف أشياء قد تضرك معرفتها"

وعلى مضض عاد يوجين لمقعده وهو يتوعد زوي بالويل والثبور خاصة وهو يتحسس ظهر قميصه المبلل إثر جنونها..
بينما سحبت ساندرا الزجاجة من يد زوجها بطفولية قائلة:"لم أجب سؤالك ورغم هذا أنا الفائزة"

فتركها لها آزاد دون اعتراض قائلًا:"سأنال منك فيما بعد يا عزيزتي.. لنرى كيف ستهربين من بالون سخطي الذي تزيدينه يومًا بعد آخر؟

ضحكت ساندرا من تهديده فهي تعرف تمامًا كيفية تفجير هذا البالون ليتلاشى كأن لم يكن.. وأدارت الزجاجة فوقفت بين أدُولف وزوي لذا سألتهما معًا:"ما شعوركما تجاه يوجين؟أرى أن رفقته باتت مملة وعلينا التخطيط للتخلص منه"

وافقها الاثنان ضاحكين بينما أشار لهما يوجين بيده كأنه يستعد لإطلاق الرصاص عليهما..
وعلقت هيلانة:"أي سؤال هذا يا حبيبتي؟ دعك من مشاعر زوي فهي واضحة للعيان.."

رمشت زوي بارتباك وتطلعت في وجوه الجميع الذين لم يتأثروا بهذا التصريح كأنها الحقيقة الوحيدة في الكون...ثم خطفت نظرة ليوجين فوجدته يتطلع إليها بدوره متفحصًا .. بالطبع فهو المغفل الوحيد الذي لم يدرك بعد حقيقة شعورها تجاهه!
وتابعت الجدة كقناص يجيد إصابة ضحاياه في مقتل:"أما عزيزي أدُولف يلزمه سؤال آخر:ما شعورك تجاه نايدا؟"

وأخيرًا انتبه أحدهم إليها..فكرت نايدا بسخط حين سمعت سؤال الجدة فهي منذ بداية اللعبة تنتظر دورها بشغف وقد فرضت عليها الأجواء العائلية الصمت رغمًا عنها..

نظر أدُولف لنايدا بارتباك قبل أن يجيب جدته معترضًا:"لا..لا أقبل يا جدتي..لقد أجبت سؤال أمي ..إنك لا تتقيدين بشروط اللعبة هكذا"

وأردفت نايدا بحماس:"اسأليني أنا ..أنا"

ضحكت الجدة هنيهة كأنها تعطيها فرصة للتملص من قبضتها..لكنها نايدا الساذجة سلمت رقبتها دون دراية للجدة التي سألتها:"الجرأة أم الصراحة؟"
رمشت نايدا وقد توقعت أن تسألها عن مشاعرها تجاه أدُولف وهذا ما أرادت التصريح به للعلن..لذا صمتت لثوان تستوعب سؤالها وأجابتها:"الجرأة بلا شك"
فسألتها الجدة بهدوء :"أتعرفين السباحة؟"
قطبت نايدا بصدمة وشعرت بالإهانة من سؤال كهذا..فصاحت تجيبها:"إن البحر موطني!"

نظرت زوي لشقيقها الذي تنهد براحة حين ظن الجميع أنها مجرد إجابة مجازية لا تحمل معناها الحقيقي بأي شكل من الأشكال.. وسرعان ما انتفض حين طلبت الجدة:"إذا اقفزي في البحر ولنرى هل تحتملين كتم أنفاسك لدقيقة كاملة تحت الماء؟"




noor1984 غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس