عرض مشاركة واحدة
قديم 24-11-20, 01:09 PM   #8

noor1984

مشرفة منتدى قلوب احلام وأقسام الروايات الرومانسية المترجمةوقصر الكتابة الخياليّةوكاتبة،مصممة متألقة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية noor1984

? العضوٌ??? » 309884
?  التسِجيلٌ » Jan 2014
? مشَارَ?اتْي » 23,038
?  نُقآطِيْ » noor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond repute
افتراضي





الفصل الخامس

ضحك أدُولف بسماجة وبادر جدته قبل أن تقبل نايدا تحديًا كهذا وتفضح أمرها للجميع:
"بربك يا هيلين!! هل هذا أمر معقول؟!..."

وأردفت زوي تعزز موقف شقيقها الضعيف أمام جبروت جدتها :
"ألا ترين أنها استعارت فستاني يا جدتي؟ إذا تبللت ملابسها الآن ستضيع جلستنا اللطيفة هذه في عبور الضفة الأخرى إلى منزلها"

بينما ضيقت نايدا عينيها وناظرت الاثنين بحيرة محاولة فك طلاسم ما يقولون لتفهم سبب ممناعتهما مشاركتها في اللعبة..

وأومأ أدُولف بقوة يساند رأي شقيقته مازحًا:"تعرفين كم تحب زوي فستانيها ! أؤكد لك انها تخاف الآن على فستانها أكثر من خشيتها على نايدا"

"صباح الخير"
حياهم والد يوجين قاطعًا الطريق على هيلانة التي لازالت تناظر حفيديها باستغراب فالتفت الجميع إليه يرحبون بوجوده..
وتابع السيد إلياس:" سننطلق في جولات على ظهر اليخت لمدة أسبوع وأردت أن تكونوا من أفراد الفوج الأول..هذا إن لم تكن لديكم خططًا أخرى لقضاء اليوم؟ "

رحبت الجدة باقتراحه قائلة:"فكرة رائعة..هذا أفضل ما قد يجعلنا نجتمع طوال النهار دون ملل"

وافقها السيد إلياس مضيفًا:"بالتأكيد يا سيدتي..الآن سأترككم لترتيب أغراضكم ونجتمع بعد نصف ساعة عند مرسى اليخت"

أشار ليوجين ليلحقه ... فنهض يوجين مستئذنًا الجميع ومر بزوي مفجرًا إحدى البالونات على ظهرها بصيبانية..والتفت لها يغيظها بإخراج لسانه قبل أن يسرع للحاق بوالده..

أطلقت زوي سُبة خافتة وهي تتحسس ظهرها المبلل قبل ان تلتفت لوالدها الذي نهض مع والدتها لتجهيز الأغراض ولحقت بهما الجدة متباطئة..
وشعرت بشقيقها يلتقط أنفاسه براحة قبل أن يطبق على كفها كأنه يخبرها عن كم التوتر الذي شعر به قبل لحظات..
وما لبث أن غادر بدوره ليتركهما تناظران بعضهما بروية وفضول..
*********
سار أدُولف خلف والديه وجدته عائدًا للفندق وفجأة وقفت جدته والتفتت إليه... فتوقف أدُولف لوهلة بدوره قبل أن يتابع سيره حتى وقف مقابلها تمامًا مرتبكًا من نظرات عينيها التي تسأله الإفضاء بحقيقة ما يحدث..

"أريدك في حديث خاص ريثما تساعدني في تجهيز أغراضي للرحلة.."

أومأ أدُولف مبتسمًا:"وأنا تحت تصرفك يا عزيزتي"

بعد دقائق...
ضحك أدُولف وجدته تقذف جهته أنواعا مختلفة من الشوكولا والحلوى والهمبرجر...
"تبدين كطفل ينفق مصروفه على ما لا يرضي والديه..لم تحتفظين بكل هذا المخزون؟"

زجرته هيلانة بعينيها قبل أن تقرر الاعتراف فجاورته في جلسته حيث تربع على فراشها لوضع أغراضها الثمينة في حقيبتها:"والدتك رغم انشغالها بوالدك وانصرافهما عنك أنت وشقيقتك إلا أنها لا تدخر جهدًا للتضييق علي وتمنعني من تناول ما أريد بناء على توصيات الطبيب الخرف الذي يتابع صحتي"

ظهر العطف في عيني أدُولف مصحوبًا بالتسلية رغمًا عنه فهذه المرة الأولى التي يرى جدته في موقف ضعف ..فعوضًا عن فرض سيطرتها هناك من يحكمها ويقيد رغباتها..

فرفع يدها يقبلها راجيًا بصدق:"ليُقدر لك عمرًا مديدًا تعيشينه بالصحة والعافية يا جدتي.."

لمجرد تخيل أن يصيبها مكروه دمعت عينيه فتابع يخرج نفسه من هالة التأثر بعاطفته نحوها:"تحتاجين لوقت طويل بعد لتنفذي مخططاتك بشأننا"

ضحكت هيلانة وضمت رأسه ليتوسد صدرها قائلة:"أتذكر الكتاب الذي أحتفظ به في مكتبة والدك ..الذي يضم كل الأساطير عن حوريات البحر"

ابتسم أدُولف وأجابها متنعمًا بدفء حضنها:"وهل يمكنني نسيانه أبدًا يا جدتي؟ لقد حرصت على غرس قصصه في عقولنا.."

قاطعته هيلانة بجدية رافضة تناوله الأمر بشكل هزلي:"بالطبع كان لزامًا أن أفعل ألم ينقل إليكما والدكما هوسه بالبحر ؟..والآن أنصت إلي لأنني لم أخبرك بأهم ما جاء فيه"

ورفعت رأسه عن صدرها لتتطلع في عينيه ..ترقب بدقة رد فعله مع قصتها :
"في أحد الأزمان ظهر شاب مقدام عزم على مقاومة المحتوم وإنجاح علاقته بحورية البحر..وكان له ما أراد في البداية:
تزوج الحورية وأنجب منها صبية
واعتزلا الوجوه الإنسية
في أحد الشطآن المخفية
ومضى بهما العمر حتى كبرت الصبية
لتحذو حذو أمها الحورية
وصار الشاب يراقب لمعان ذيلهما بكرة وعشية"

تصاعد توتر أدُولف مع تحديق جدته خاصة حين تابعت ترفع صوتها منذرة بالخطر:"حتى كشفتهما العيون
في ليلة دون نجوم
واحتجزت الحورية مع ابنتها
بعدما شهدا مقتل رجلهما"

تنهد أدُولف ليحرر وجهه من قبضتها ثم باشر بجمع أغراضها قائلًا:"هل تظنين يا جدتي أن الحورية قادرة على سلبي تفكيري العقلاني المتزن؟"

"بل أنا واثفة يا أدُولف..تلك المخلوقات تجلب الدمار يا بني.. إما تهلك على يديها أو على يدي الطامعين بجمالها"

وأخيرًا مازحها أدُولف ليصرفها عن متابعة حوار كهذا قد يكشف أمره:"أعدك يا جدتي إن قابلت الحورية وعشت معها مغامرة عاطفية لن أتزوجها حتى لا تكشفنا العيون وأُقتل فيما بعد"

ضربته هيلانة بعصاها ساخطة:"هذا ما فهمته من القصة فقط يا مختل!! اخرج من غرفتي ولا تظهر أمامي لبقية النهار.."

ولحقته بعصاها حتى باب الغرفة فخرج أدُولف متأوهًا رغم ضحكاته التي لم يستطع السيطرة عليها وصاح عندما صار بعيدًا عن مرمى ضرباتها:
"إن أردتنا أن نتزوج فسأكون حريصًا أن أجعلها توقع عقدًا بشروطك يا عزيزتي"

لم تجبه الجدة سوى بصفع باب غرفتها في وجهه فضحك بينما يأخذ طريقه لغرفته.. لكن في اللحظة الأخيرة غير وجهته إلى غرفة شقيقته ومضى بتصفح ما أحضرته معها من كتب لسبب لا يعلمه..
فلم يكن يوما عاطفيًا أو من هواة القصص كزوي.. لكن وجود نايدا في حياته حوله بالكامل إلى رجل يرفض حكم عقله ويريد بشدة وصالها!!
وليتها حرب عادلة!!
***********
"حسنًا..عرفت حديثًا أنك حورية بحر حقيقية ... "
قطعت زوي هالة الصمت التي أحاطت بهما..ثم ضحكت بارتباك وهي ترى تطلع نايدا إليها بفضول:"نحن البشر نراكم أسطورة تتحاكى بها الكتب..لذا من الصعب تصديق حقيقة وجودكم"

ثم اكتست عينيها بالمكر الذي لا تفتقر إليه رفيقتها وتابعت:"والآن أخبريني بالتفصيل ما هي مخططاتك للإيقاع بشقيقي؟"

حركت نايدا مقعدها لتصبح على مقربة منها وسألتها:"يعجبني ذكاءك... لكن هل تظنين أن شقيقك العابس الذي ينظر إليَ كحمل ثقيل يمكن أن يلتفت إليَ؟"

أدُولف لم يلتفت إليها!!!! مطت زوي شفتيها بسخرية وقالت:
"إذن فأنت لا تثقين بنفسك كفاية..أنصتي إلي...هل تحفظين السر؟"

التمعت عيني نايدا وتذكرت أدُولف فورًا فأومأت بحماس...كلما زاد عدد الأسرار التي تخبئها كلما نالت رضاه ..

بينما رشفت زوي العصير بهدوء ظاهري وأعدت نفسها لتفضي لرفيقتها بخبيئة نفسها وأكثر أسرارها إحراجًا..

ضحكت بخفة قبل أن تعترف بسرها:"أتعلمين يا حورية؟ كنت أحضر دروسًا للرقص أيام الجامعة..."

تنهدت فظنت نايدا أنها ربما كانت معجبة بمعلمها ... لكنها تابعت بحسرة: "كانت عيني المدرب تلمعان ببريق السعادة والرضا خاصة في بداية الدرس حينها يكون قد أتى توًا من شقته بالطابق العلوي... ولا أعرف لما لازمني هذا التخيل ؟ كنت أظن دائما أنه يأتي للدرس بعد علاقة زوجية مشتعلة أرضت غروره ومنحته تلك السعادة التي تنطق بها عيناه"

احمرت وجنتي نايدا حين استحضرت رغبتها الجامحة في قضاء لحظات كهذه مع أدولف وعلقت بشغف:"لم أكن أعرف أن هذه المشاعر تنتاب البشر أيضًا؟ "

"وهذا ما أردت تأكيده لك بقصتي... لقد قضيت سنوات مراهقتي في جحيم التكيف مع تلك الرغبات ومحاولة كبحها...خاصة وأنا أرى والدي شغوفين ببعضهما منسجمين بعالم الحب فأردت المثل دومًا..أن أحظى برفيق يلازمني طوال حياتي لا يرى حوله غيري"

راق لنايدا هذا الحديث الذي يصف بالضبط شعورها تجاه أدُولف...
ثم تابعت زوي :"حتى تعرفت إلى يوجين في أولى سنوات الجامعة... أوكل إليه أدُولف مهمة الاعتناء بي وكأنني طفلة التحقت بالروضة!! لكن شعوري الحانق تبدل تمامًا بعدها وصرت أتخيل أمورًا مخجلة"

سألت نايدا بفضول:"ألا زلت مغرمة به؟"
أومأت زوي وبدأت عيناها تدمعان بتأثر وأجابتها:"وبجنون .. أنا أحب يوجين بجنون.."

ولم تعطها فرصة للرد إذ تابعت:"اعذريني أكون عاطفية أكثر من اللازم هذه الأيام من كل شهر.."

ثم سارعت للفندق لتبدأ نوبة بكائها بهدوء بمعزل عن الأعين تاركة نايدا تحدق بأثرها وفي رأسها تتبلور خطة لاكتشاف حقيقة شعور أدولف نحوها..
**********
على سطح اليخت
انفردت ساندرا وآزاد ببعضهما كعادتهما.. متلازمان لا يفترقان ..منشغلان ببعضهما عما حولهما..
صرفت هيلانة نظراتها عنهما وراحت تتطلع لحفيديها محبطة ..فأدُولف يستند بمرفقيه إلى حافة اليخت متطلعًا للبحر بنظرة غريبة كأنه يبحث عن شئ بعينه في زرقته الصافية..
أما زوي فقد جلست في ركن منزوي على اليخت وأسندت خدها إلى كفها بكآبة كمطلقة بائسة تفكر كيف تعول صغارها!!..
زفرت بضجر وقد صارت رحلة اليخت دون جدوى .. لقد تحمست لهذه الرحلة وتخيلت متعة لا تُضاهى لكن حفيديها حطما أملها..
وحينها وقعت عيناها المبتئستان على مجموعة من السياح الذين رافقوهم في رحلتهم ولأنهم على مقربة منها فقد وصلتها أصواتهم الغاضبة وكأنهم على وشك الدخول في عراك بالأيدي...رائع !! هذا ما ينقص رحلتهم لتكون منقطعة النظير بحق!!
فكرت بسخط قبل أن تتخذ خطوة جريئة وتتجه إليهم ..فلا بأس ببعض التسلية..
التسلية بفض شجار في رحلة بحرية على ظهر يخت مبهر كهذا!! يالسخرية القدر!
"مرحبًا"
انتبهت إليها المجموعة ولتتحقق أنهم يفهمونها تابعت بمرح:"أقترح الرقص للتخفيف من توتر الأجواء وإراحة الأعصاب"

ضحكوا من طريقتها الطفولية في اقتراح الأمر كأنها تخشى الرفض فتقرب يديها إلى بعضهما في وضعية الرجاء..ونسوا شجارهم مؤقتًا مرحبين بعرضها المسلي.. قبل أن يتقدم أحدهم منها قائلًا:"أظن أن عليك إكمال اقتراحك واختيار الرقصة"

كان عجوزًا بملامح لم ينجح الزمن في النيل منها وجسد رياضي جعله صلبًا أمام سنواته التي تقارب الثمانين كما تظن..

وقد راقها أن يكون هذا رفيقها في الرقص ولابأس بإكمال الرحلة بصحبته.. لذا غمزته بعبث لا يليق بعمرهما واتجهت لفرد من طاقم اليخت تطلب منه تشغيل موسيقى للرقص...

في الآن ذاته انتبهت زوي ليوجين الذي يتقدم جهتها فأدارت رأسها للجهة الأخرى معرضة عنه ولم يفطن الشاب لسبب غضبها لكنه حاول التخمين فسألها:
"غاضبة لأني فجرت البالون على ظهرك؟..أرى أن الفستان قد جف ولم يعد لغضبك معنى"

عدت زوي داخلها إلى عشرة دون أن تلتفت إليه لأنها لو فعلت فإنها تنوي خنقه لتجد سببًا منطقيًا للحزن الذي يعتصر قلبها..
الحب شئ غير محسوس ..شعور تعجز عن نقله لحبيبها لذا فالأجدر أن تحزن لسبب ملموس أكثر كموت حبيبها الذي تعتزم أن يكون على يديها..

وإمعانًا في زيادة غضبها ألقى سؤاله الساذج:
"ما الذي قصدته جدتك بمشاعرك نحوي؟ سبق وضحكنا على موقف شبيه في غرفتك لكن يبدو أنها جادة في كلامها..عن أي مشاعر تتحدث؟"

الموسيقى التي صدحت فجأة أنقذته من موت محتم ولفتت انتباه جميع راكبي اليخت إلى مجموعة السياح الذين تتوسطهم الجدة وقد بدأوا
(swing dance)الرقص المتأرجح
فتغافلت زوي عن غضبها من يوجين وعاد بها الحنين إلى دروس الرقص التي حضرتها معه أيام الجامعة..

وكانت الذكرى كفيلة بإثارة حماستها بشدة لتعلق:"انظر إلى جدتي تحاول مجاراة الرجل متناسية عمرها.."

"معك حق الرجل يبدو شابًا رغم أنهما من نفس العمر تقريبًا"

وتحول اليخت إلى ساحة للرقص إذ ضربت الحماسة الغالبية فانضموا إليهم.. ساندرا وآزاد يحاولان مجاراة الخطوات الراقصة ورغم فشلهما إلا أنهما لا يتوقفان عن الضحك متشبثين بأحضان بعضهما..
بينما تشبث بعضهم بموقفهم المتفرج كما فعل أدُولف وهذا لا ينفي حماستهم إذ علا التصفيق وانطلقت صفارات التشجيع من حين لآخر..

وما إن انتهت الموسيقى حتى طلب مرافق هيلانة تغييرها ليصدح صوت مايكل بوبليه..
When marimba rhythms start to play
Dance with me, make me sway
Like a lazy ocean hugs the shore
Hold me close, sway me more
فأخلى الراقصون الساحة لهيلانة ومرافقها الذي بدا متحمسًا أكثر منها ليشاركها رقصة أخرى أكثر حميمية..

فصاحت زوي غير قادرة على تمالك نفسها:
"تانجو..يوجين سيراقصها التانجو!! هذا رائع..أوه لا ..ماذا يحدث؟"

قطبت وهي ترى جدتها تتملص من يدي مرافقها ويرتسم الاعتذار على ملامحها قبل أن تعود إلى مكانها بين الجمهور..

ولم تتغير ملامح يوجين الذي توقع تصرف الجدة لكن لم يلبث أن جحظت عينيه وهو يرقب زوي تتقدم من الرجل تنوي مشاركته الرقص ..هل تنوي حقًا الالتصاق بهذا الرجل طوال مدة الأغنية فقط لأنها رقصتها المفضلة؟!!

لذا تقدم منهما كزوج غيور لا ينوي ترك امرأته تراقص غيره.. وكان أكثر من سعيد بملامح العجوز التي اسودت من الغضب قبل أن يعود لرفاقه ساخطًا..
نعم عليه أن يعرف موقعه جيدًا..

"ماذا يحدث؟"
سألته زوي جاهلة سبب تصرفاته المتناقضة إلا أنه أحاط خصرها بذراعه وتمسك بكفها بيده الأخرى مشيرًا لطاقم اليخت ببدء الأغنية من جديد...
فصرخت زوي مبتهجة:
"يوجين! افتقدت الرقص معك كثيرًا..أوووه..كم أحبــــ...!!"

وقطعت جملتها في اللحظة الأخيرة منتبهة لاعترافها الذي أتى عفويًا ..

أما يوجين فلم يفطن لمشاعرها التي كانت على وشك الإفصاح عنها بل أتى على تدمير سعادتها دون قصد بقوله:"بالطبع لم أكن لأسمح لك بالرقص مع هذا الغريب.. يكفي فستانك غير مكتمل الحياكة الذي يكشف ساقك .."

أجابته بعينين لامعين بدموعهما :"أنت أحمق..سأقطع علاقتي بك فور انتهاء الرقصة"

Like a flower bending in the breeze
Bend with me, sway with ease
When we dance you have a way with me
Stay with me, sway with me
مع حوارهما المناقض لحراراة الموقف كانت حركاتهما المنسجمة المغازلة..كأنهما في موعد فوق السحاب...
Other dancers may be on the floor
Dear, but my eyes will see only you
Only you have that magic technique
When we sway I go weak
وفي هذه اللحظة بوضع زوي إذ يوجين يميل بجسدها وساقها ممتدة أمامها ولقاء الأعين..
كأن صاعقة ضربت قلبيهما!!
زوي تدرك تمامًا هذا التأثير ولا تتهرب منه بينما يستشعره يوجين للمرة الأولى..

لم تعد تلك زوي صديقته التي يترك نفسه على سجيتها معها.. كلا بين ذراعيه امرأة غاية في الفتنة والجمال وقطعًا ليست الصداقة ما يجعل قلبه يخفق بجنون هكذا..

اعتدلا يتابعان الرقص لتهتف زوي به نافضة هالة السحر التي تشملهما:"من أنت لتعلق على ملابسي أو سلوكي؟...لدي كامل الحرية بالتصرف كما يحلو لي..وإن كان سلوكي غير لائق فلشقيقي ووالدي حق انتقادي..هما فقط..هل فهمت؟"

ولكزته في صدره مما نبه الجمهور لوجود خطأ ما فضربتها قطعًا ليست ضمن الرقصة ...
I can hear the sounds of violins
Long before it begins
Make me thrill as only you know how
Sway me smooth, sway me now, give me more
تتقلص المسافة بينهما حتى يكاد أنفيهما يلتصقان ببعضهما ورغم هذا تذمرت زوي وجاء تذمرها خافتًا رغمًا عنها :
"أنت هو الغريب بالنسبة إلي كالرجل الذي ترفض أن يراقصني"

"برأي شقيقك ووالدك أن الحب هو تركك تتصرفين بحرية.."

قاطعته زوي بسخط:"هل تسمع نفسك؟يوجين مقدس الحرية يرفضها الآن!! ومن أنت لتحلل تصرفاتهما؟ من أنت لتخبرني ما الذي يعنيه الحب؟!!"

لم يجبها يوجين بل وضع كفه على فخذها يمنع ارتفاع ساقها كما تقتضي الرقصة مزمجرًا:"هذا يكفي لن تكشفي ساقك للعلن..أفضل إنهاء الرقصة على هذا"

حينها لم يبق للأغنية معنى وزوي تنفض ذراعيه عنها قائلة:
"بل أنا من اكتفى منك"

وتركته يحاول تخطي شعوره بالإحراج من النظرات الفضولية التي تبتغي كشف سبب شجارهما..
لكن ولحسن حظه لم يدم الأمر طويلًا..إذ سرعان ما تغيرت الموسيقى وبدأ الرقص الحقيقي..
إنه الجنون بعينه!!
لم يبق خصر ثابت على اليخت ..الجميع فقد السيطرة على نفسه وبدأوا الرقص الشرقي واندفعت زوي بكل ثقة تلتحق بهم..

لكنه جرها من ذراعها بعيدًا عن الراقصين..حتى اقتربا من حافة اليخت ولا تزال زوي تدفعه بغية التحرر منه حتى فقد يوجين توازنه وسقط في البحر...

تطلعت زوي لمكان سقوطه بقلق..حتى ظهر على السطح فتنهدت براحة..

ولأنها صاحبة التصرفات الاستثنائية الغير متوقعة فعوضًا عن الابتعاد عن الحافة قفزت بكل إرادتها لاحقة به..

ومع الموسيقى الصاخبة لم يلتفت إليهما أحد غير أدُولف الذي كان يراقب شجارهما منذ دقائق بتسلية..
ثم رفع صوته يصرخ بهما :"أقسم أنكما ستقتلان بعضكما يومًا"

ضحك يوجين من تعليق صديقه والتفت لزوي التي تصرفت كعادتها بتهور وقفزت خلفه..كانت تمط شفتيها كأنها طفلة رفض والداها تحقيق إحدى رغباتها ...

فقرص خدها مداعبًا:"من هي حبيبة دادي؟"

ضربت كفه وابتسمت بخفة..قبل أن يبدآ السباحة ضاحكين بجنون وقد شرع اليخت في العودة للشاطئ..

فعلقت زوي بمرح:"هل تظن أن بوسعنا اللحاق بهم؟"

"يستطيع أدُولف إنقاذنا إن لم نفلح"

**********
ذلك المساء
سار أدُولف بروية على الشاطئ مبتعدًا عن الأعين حتى جاوز المنطقة التي اعتاد لقاء نايدا بها دون هدف أو غاية... فقط يفكر فيما آلت إليه الأمور .. واستحضر ذهنه صورة جدته الساخطة حين وجدت الرجل الذي شاركته الرقص يلحق بها إلى كل مكان ككلب وفي لصاحبه..

وقد أنبتها والدته طويلًا ووقفت جدته كتلميذة مذنبة أمام ابنتها في مشهد أثار فيه موجة لانهائية من الضحك..خاصة مع قول والده:
"ولم الغضب يا ساندرا؟ بإمكانها التعرف إلى الرجل وإقامة علاقة معه إن شعرت بروحها تهفو إليه"

هكذا هو الأمر إذا..نجح والده بفتح عينيه على حقيقة شعوره تجاه نايدا.. إنها روحه تهفو إليها..تتعطش للقائها وتتشرب جنونها سأمًا من عقله الذي كبح حاجته إليها طويلًا ويبدو أنه حان وقت الانفجار..

وقبل أن يتخلى عنه قلبه للبحث عنها بنفسه.. تفاجئ أدُولف بذراعين ناعمتين تحيطان رقبته من الخلف حتى صارت صاحبتهما معلقة على ظهره وكأنها تعرف هدفها بالتحديد فتسعى إليه حثيثا...

تشبثت به نايدا حتى صارت مواجهة له فانقضت عليه تقبيلًا وكان لها ما أرادت حين أسقط أدُولف كل دفاعاته واستجاب لها مبادلًا إياها الجنون بأكبر منه حتى صارا مستلقيين على رمال الشاطئ يتقلبان فيها وكلاهما في شغل برفيقه عمن حوله ...

ثم ضربتهما موجة باردة فرقت بينهما...
فثاب أدُولف لرشده ضاحكًا بارتباك وهو يحك مؤخرة عنقه:"بحق الله كيف يمكن للمرء أن يتمالك نفسه في حضورك؟"

وكان قوله بمثابة إطلاق مزامير الاحتفال بالنسبة لنايدا..
إذ وقفت على ركبتيها كحال أدُولف في هذه اللحظة وتعلقت به وهي تضربه لائمة:"كم أحبك حين تعلن عن حقيقة شعورك هكذا!! لقد خلت أنني فقدت تأثيري الصاعق السالب للعقول"

ابتسم أدُولف دون اهتمام بالألم الذي سببته ضربتها وأخذ يمرر كفيه على وجهها قائلا:"انتهى الأمر يا عزيزتي.. اتخذت قراري بعد صراع طويل .. ليكن الجنون والشغف وكل ما تريدينه..فالمنطق لا يتفق مع الصيف كما يبدو!"

فاتسعت بسمة نايدا حتى تحولت لضحكة رجت الفضاء من حولهما وأحكمت عناقه بكلها قائلة:"إنك أفضل ما رسمه لي القدر في حياتي"

بادلها أدُولف العناق واستكان كل منهما لرفيقه غافلين عن الضوء الخاطف الذي مر في السماء كشهاب صاعق ينذر بالخطر...

أما يوجين فقد كان مطلًا من شرفة غرفته في هذه الساعة ولاح له الشهاب الذي مر بلمح البصر ليضئ السماء حيث مروره قبل أن تعود لعتمتها ..
كما حدث حين اقترب من زوي حد امتزاج الأنفاس ومض شئ داخله لم يعهده من قبل.. شئ جعل قلبه يخفق بجنون قبل أن يخمد بانتهاء الرقصة...

أكان الانجذاب ؟ أكان الحب؟!
ما هو الحب؟
كما أخبرته زوي هو إنسان لا يستطيع توصيف الحب ولن يميزه إن مر به يومًا لذا لن يستطيع وضع شعوره المستحدث تجاهها في خانة معينة لكن ما يوقنه ولا يجد الشك إليه سبيلًا أنه يريد إمضاء حياته برفقتها بأي صفة تختارها..يكفي ألا يكون غريبًا بالنسبة إليها..
***************
في اليوم التالي ..
انطلق أدُولف فور استيقاظه يقصد الضفة الأخرى حيث يلتقي حوريته التي يخطط لقضاء كل لحظة من إجازته الباقية معها...لكن يوجين اعترض طريقه في صالة الفندق ..
"أدُولف! إلى أين؟"

ضغط أدُولف شفتيه حانقًا واضطر للتوجه إليه حيث يقف مع زوي وساندرا...
"صباح الخير"

"دع عنك هذه المجاملات ..اليوم هو أفضل أيام السنة للصيد ..لذا نذهب للصيد في الصباح ونعد حفلة للشواء في المساء"

ضرب أدُولف جبهته برفق وقد نسى تمامًا مراجعة جدول أنشطة الفندق..كيف السبيل للتهرب الآن من حماسة يوجين؟!

ثم اقترح بسعادة وقد وجد السبيل المناسب للتملص من يوجين:
"زوي تستطيع مرافقتك أليس كذلك؟"
تطلع يوجين لزوي المبتسمة وتمنى أن تقبل الانضمام إليه ..يريد أن يختبر لذة قربها التي أحسها بالأمس من جديد..

لكن خاب أمله حين قالت زوي وهي تشد على يد والدتها:
"نسيتما أن اليوم أيضًا عرض خاص على جميع المولات التابعة للفندق وأنا لا أنوي تضييع هذه الفرصة بأي ثمن..لذا نحن ذاهبتان للتسوق..إلى اللقاء"

وسارعت بالابتعاد عنهما مع والدتها ملوحة لهما ببهجة خالصة..
فتمتم يوجين حانقًا:"كان من الضروري إغلاق هذه المولات جميعها"

والتفت لصديقه فأخبره دون أن يدع له مجالًا للتفاوض:"ستذهب معي لإنهاء هذه المهمة وإلا..."

كانت لهجته كافية ليستسلم أدُولف دون مقاومة وقد خبر سابقًا أفعال صديقه الوحشية حين ينتابه هذا المزاج الحاقد الذي لا يدري له سببًا..

************
بعد دقائق ..
على أحد قوارب الصيد التي انطلقت في مجموعة لإحضار الكمية اللازمة للحفل المسائي..
"يا إلهي..تبدو سمكة كبيرة"

صاح أدُولف وهو يسحب بصعوبة الصنارة.. حاول طلب المساعدة من يوجين لكن فجأة وجد نفسه في البحر بكامل ملابسه وقد سحبته قوة أكبر من قدرته على المقاومة..

وظهرت له نايدا التي حركت ذيلها بغنج كأنها تخبره أنها على مقربة منه قبل أن تتابع سباحتها مبتعدة عن القارب..فصعد للسطح متقبلًا سخرية يوجين بابتسامة واسعة..
"لم أعرف أنك ضعيف إلى هذا الحد!! هل اصطادتك السمكة بدل أن تصطادها أنت؟!"

ولم يجبه بل عاد ليرمي صنارته بطعم جديد وهو يقر بصحة قوله لقد اصطادته الحورية وأوقعته بشباكها ...والحق أنه لا يريد النجاة منها تحت أي ظرف..

ثم استفاق على نداء صديقه الساخط..ليشير له الأخير بعينيه إلى حصيلة صيدهما
إذ أنهى يوجين مهمته واصطاد الكمية المطلوبة أما أدُولف فلا يزال يحدق بالبحر بابتسامة واسعة عابثًا بصنارته كأنه يداعب الأسماك بها عوضًا عن اصطيادها...

فاستعاد سيطرته على نفسه حتى لا يكون محط سخرية يوجين طويلًا وأقر:"لم أرغب بالصيد منذ البداية ..كان عليك اصطحاب زوي بدلًا مني"

وتابع وهو يجمع عدة صيده:"لا شك أن المجموعة التي رافقتنا قامت باللازم .. لنكتف بهذا القدر ونعد لليابسة"

***********
إنه الحب طرق أبواب الصيف فشرعَها له بكل سرور ..
وأمام سطوته خضعت القلوب ومالت لأنصافها فاكتملت وابتهجت وصارت الليلة كأنها عيد القلوب..عيد الحب والشغف..

إذ تم تقسيم عاملي الفندق ليشرف واحد منهم على إتمام الشي لمجموعة من رواد الفندق وبإمكان من يرغب في المساعدة من المجموعة الانضمام إليه..
وهكذا امتلأ الساحل برائحة الشواء التي قرقرت لها البطون وسال اللعاب بشهية تنتظر إشباعها...

"انتبه يا يوجين!"
لكز أدُولف صديقه الذي كاد يحرق السمك بدل شيه...

"البشر لا يأكلون الفحم!..كان على والدك أن يضع عاملًا هنا يُتم الأمر عوضًا عنك"

"آه..آسف" عاد يوجين ينتبه لعمله معتذرًا وصرف نظره عن زوي المتأنقة في ثوب بلون السيمون الداكن يلتصق بجسدها التصاقًا محددًا بدقة مفاتنها المغرية..

لكنه ما لبث أن تابع يصطنع الضيق:"لا أسمح لك أن تصرخ بي..هاك تركت لك الأمر.. أرنا مهارتك .."

وخلع مئزره متجهًا لاستقبال زوي غير عابئ بنداء صديقه وقوله الدهش:"لا أسمح لك أن تصرخ بي!!! هل اقتبس هذه الجملة من زوي؟!"

أما زوي فقد بوغتت بمن يقترب منها قائلًا:"قبلة الأصدقاء"

وقبل وجنتيها بالتتابع حتى ارتدت للخلف بصدمة:"يوجين! متى تصرفنا بهذه الطريقة؟ لم أعهدك تهدي قبلاتك لمن لا تجمعك بها علاقة..."

قاطعها دون التفات لاعتراضها وحثها على التقدم معه وذراعه تلتف حول خصرها الذي يرسمه ثوبها :"يكاد السمك ينضج ..فيما هذا التأخير يا صديقتي؟"

"يوجين!"
صاحت به فالتفت إليها...وليته ما فعل! إذ تلاشت المسافة بينهما حتى لفحته أنفاسها الدافئة وهي تحاول دفع ذراعه عنها دون أن تفلح ...
فتابعت بحنق:"ما هذه التصرفات...ال..أنت لست يوجين حتمًا! دعني"

"حقًا ! ألست يوجين؟!"
تمتم ونظراته تتعلق بشفتيها حتى ذابت زوي وكادت تطالبه بفعل ما ينتويه إلا أن نايدا ظهرت من العدم قائلة:"كيف حالكما؟"

فأجفل الاثنان وابتعدا عن بعضهما..لتمر بينهما بهدوء مع سيدة عجوز يرياها للمرة الأولى ..وتابعا طريقهما دون التفات للزوج المشدوه ..

(هل كاد يوجين يقبلها حقًا؟ )
فكرت زوي بحيرة وهي تتطلع إليه كأنها تتأكد أن ما حدث لم يكن أحد أحلام يقظتها..
فابتسم يوجين وغمزها بعبث قائلًا:"هيا للطعام يا صديقتي"

وصلا حيث أدُولف الذي بدأ بتوزيع السمك المشوي في الأطباق..مع الليمون وشرائح من البصل والبنجر المغموسين في الخل ..

ليتجمد فجأة دون سبب ثم يلتفت حيث نايدا التي كانت تقف خلفه تمامًا..فاتسعت ابتسامته الواثقة وانحنى يقبلها:"رائحتك غلبت رائحة الشواء ونبهتني لوجودك"

"لو أن جدتي هنا..."
صاحت زوي بمرح وهي تفرق بينهما قبل أن تلكز شقيقها بشقاوة:"تعال إلي بالأخبار! ماذا فعلت بالأمس أيها القديس؟"

تطلع أدُولف لنايدا التي سحبتها أفروديت وانفردت بها في حديث جانبي بينما يجيب شقيقته بجدية:"قررت خوض المغامرة وليكن الموت نهايتها لا أبالي...يكفي أن تخرج حياتي عن نمطها الجامد "

"صدقًا أحببت سماع هذا منك يا أدُولف...سيكون الأمر رائعًا أؤكد لك "

قاطع حديثهما اقتراب ساندرا وآزاد معًا كما العادة..
"استمتعا بليلتكما يا أولاد.. "

وسارا في طريقهما مع طبقي شواء بعيدًا عن المجموعة يبتغيان الانفراد ببعضهما..

ليدفع أدُولف شقيقته بمرح:"هيا اذهبي لتنفيذ وصية والدك واتركيني أختطف حوريتي"

"ليلة موفقة يا قديس"
والتفتت ليوجين الذي لمعت عيناه كأنه ابتهج لانصراف الجميع.. فأخرجت علَاقة مفاتيح اشترتها له اليوم خصيصًا قائلة:"هذه لك.."

تفحصها يوجين بعين الحنق قبل أن يقول:"ما هذا ؟ ولد ناقم يتناول المثلجات"

"إنه أنت..دائمًا متذمر محب للمتعة بكل صورها..تريد أن تعيش في بيت يضم جميع فتيات حواء لتقتنص فرصتك معهن جميعًا كما تشاء..ورغم هذا أوجدت لك الحل للتخلص من أزمتك..تناول المثلجات فتخفت الرغبة وتعود إنسانًا طبيعيًا وليس حيوانًا تحكمه غرائزه"

"زوي!!"
وركضت زوي بأقصى سرعتها بعد أن أطلقت كل شياطينه دفعة واحدة..

على الجانب الآخر...

ضم أدُولف حوريته إليه رافضًا تحريرها لتعود للبحر:"ابقي معي الليلة.. هذه المرة سأسمح لك بمشاركتي الفراش...لحسن الحظ وجدت جدتي من تنشغل به عنا"

أحاطت عنقه بذراعيها غير قادرة على الإفلات من سطوته على قلبها وأجابته بدلال:"لكن أفروديت نبهتني وبحزم.. لا يجوز قبل الزواج "

احتل السخط ملامحه قائلًا:"كنت أكثر تحررًا من قبل!.. كيف تتحدثين مع أفروديت في أمر كهذا دون الرجوع إلي؟ ثم من أخبرك ما يعنيه الزواج ؟ ألم أكن مرجعك اللغوي؟"

"انفردت بي بعد أن رأتنا نتبادل القبلات في العلن وأعطتني درسًا طويلًا عن وضع الحدود..ورغم أنني لم أفهم ما تعنيه الحدود..لكن الأهم هو الزواج..ألا تريدنا أن نتزوج فنبقى معًا إلى الأبد؟!"

ورغم تمنعها قربت نفسها إليه أكثر مع سؤالها حتى كادا يصبحان جسدًا واحدًا فظن أدُولف أنها استسلمت وتنهد باستمتاع ممنيًا نفسه بوصالها إلا أن نايدا غافلته وابتعدت عنه قائلة بنبرة قلقة:"أدُولف أرجوك إنني جادة هذه المرة.. يجب أن أقضي ليلتي بعيدًا عن السطح "

لم يفهم أدُولف مقصدها..ما الذي قد يجبرها على هذا؟ ألم تكن هي من نبذت الحياة البحرية ؟!!

لذا لم يأخذ قولها على محمل الجد ودفعها للبحر ثم قفز خلفها قائلًا:"تريدين قضاء الليلة في البحر لا بأس .. فليكن"

حدقت نايدا بالبدر المعتم المائل للحمرة وأحست بظلمته تسري إليها فتكتنف روحها دون أن تقدر على المقاومة... لا تريد أن يحدث هذا أمام أدُولف!! حتمًا سيكرهها..
ولم يفطن أدُولف لما يعتريها وبدأ ينثر الماء جهتها قائلًا:"هيا لنتسابق.. سأنسف غرورك حين تدركين قدراتي التي تفوق قدراتك الخارقة"

لكنها لم تتجاوب مع مزاحه والضيق يعتلي ملامحها وهي ترى القمر يزداد إحمرارًا مع الوقت ..

لذا حاولت مغافلة أدُولف واللجوء لمخدعها في قاع البحر إلا أنه حاصرها :" لن أسمح لك بالهرب..توقعين بي ثم تبتغين الفكاك!! وإن أصررت سأقبلك ولنرى رد فعلك حين تلفظك ذاكرتي و تصبحين طي النسيان"

"أدُولف..إنني أرجوك..عد للشاطئ..انتظرني عند أفروديت..الأفضل أن نلتقي بالغد..لن..."

قطعت جملتها وهي تشعر بنفسها ترتج وجسدها يبدأ الاشتعال كأنه يعلو مرجلًا جاوز ماؤه درجة الغليان... كما تطاير شعرها ناثرًا هالة حمراء حولها .. مع تضخم القمر الذي استحال أحمرًا بالكامل...

مما نبه أدُولف لتغيرها المفاجئ وسباحتها السريعة للابتعاد عنه..لكن كأن القمر حارس صنديد يرفض السماح لها بالهرب دون متابعة مهمتها..
إذ انجذبت نايدا دون إرادتها حيث أدُولف الذي باغتته حرارة مفاجئة قبل أن يتلقى ضربتها ويصير أسير قبضتيها التي اعتصرته حتى سمع طقطقة عظامه مترافقًا مع صوتها الذي يفيض شرًا:
"ليكن البحر داميًا كلون قمر السماء
فانثر دمك ليكن الفداء
واقبل قدرك وإن قضى بالفناء"




noor1984 غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس