عرض مشاركة واحدة
قديم 25-11-20, 04:29 PM   #4

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي



Part 2
.
.
.

قبل لا ندخل في البارت حبيت أنوّه على كذا نقطة عشان نصير في الصورة السليمة مُنذ البداية، شخصيات الرواية ليسوا منزّهين كل التنزّيه فهم بشر يصيبون ويخطئون، والأحداث فيها من الواقع والخيال النّاطق، لم اقتبس الأحداث من حياة أحد أبدًا أبدًا، وليس هدفي تزيّين الحرام، بعض تفاصيل الأحداث لم أحبّذ التطرّق لها لأسباب عدّة حفظًا للحدود التي وضعتها لنفسي، كتبت اشياء كثيرة من وجهة نظر مختلفة خاصة لشخصيات الرواية، بعض الأحداث ربما كُتبت لتكون خارج دائرة المألوف بطريقة ما، فيه تعدد باللهجات لمناطق السعودية ودول أخرى إن اخطأت فيها اعتذر للجميع حاولت بجهد أن اظهرها بشكل صحيح ولكن اعلم اني بشر أُصيب واخطأ فألتمس لكم العذر من الآن، و يُسعدني ان اشارككم ايّاها بصدر رحب..فأنا اتقبل النقد ووجهات النظر بأدب ورُقي، روايتي ايضًا تحتاج لتأني في القراءة كما أنّها معقدة بعض الشيء، كتبت أجزاء كثيرة منها ولكن اعتذر منكم لن استطيع أن اشاركم اياهم في دفعة واحدة لعدّة اسباب منها ما زالوا على قيد التعديل غير إنّي مقيّدة بظروف خارجة عن إرادتي..لذلك سيكون هناك بارت واحد في الأسبوع "اليوم" لن يكون محدد..في الواقع لا استطيع تحديده استنادًا لظروف حياتي الشخصية.



.
.
.

سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
(لا تلهيكم الرواية عن الصلاة، اللهم بلغت اللهم فاشهد)
.
.
.

بدأ الامر يُنرفزه ويأخذ مأخذه في تعشيش أفكار سيئة حولها
بدأ يفكّر لِم هو مرفوض هكذا؟ رفضها له يجعله يتمسّك بفكرة الارتباط بها كعِناد لإثبات رغبته بها وانه قادر على تحقيق رغبة زواجه
زفر، لا يجد مبررات لرفضه مرتّين فهو عاش على ربط حياته لِيُشركها معه في سراب طيفها الذي انطبع في مخيّلته كانت صغيرة ولكن كانت اجمل اطيافه، رقص معها على أحلام الاشتراك على أوتار الاشتياق فهو لا يقبل فكرة هذا الرفض العنّيف الذي وقف أمامه ليعبر ويقف كالشوك في حلقه لا لن يقبّل ولن يتوقف تفكيره عن هذه الأفكار السيئة أبدًا
ضجّ في شرر غضب التآويل التي تُراقص أفكاره واذهانه دون توقف
ولكن انقطعت بطرق الباب، والدته تُحاتيه ....وتشيل على اعتاقها حمل ثقيل....لحالته التي ساءت بعد سماع رفضها له
...كونه ابنها الوحيد وهو الأبن الذي تبقّى لها وتريد أن تراه سعيدًا .....هي عانت على ان تحظى بأبن.....كلما حملت مات طفلها قبل ان يُكمل الخمس شهور في بطنها دون سبب طبي واضح......تأزّمت كثيرًا
لذا تخشى على ابنها من الحُزن ، من الألم ...من ضيقته.....فهو معجزتها التي تمنّتها طويلًا، لا تريد أن يجن لسبب كهذا لا تريد ان تذوق حُزنه!
.
.
فتحت الباب

.
ثم دخلت نظرت إلى وجهه المحمر ولبعثرة الوسط ....أدارت نظرها عليه، وجههُ مليء بالتعابير التي تنّم عن حدّته لا تدري كيف تخفف عنه ، ولا تدري كيف تتقبّل فكرة تعلّق ابنها بأبنة اختها! هل حقًّا يريدها أم يحبها؟ ليجن هكذا فالأمر مختلف حينما يؤول إلى الحُب إلى التعلّق إلى الجنون وبعثرت الكيان، وهي لا تريد منه ان يتبعثر تخشى من هذا الأمر لا تريد ان يضِيع من يديها لسبب كهذا
تنهدت وتقدمت لناحيته إلى ان جلست بالقرب منه طبطبت على ظهره: يمه ذياب....لا ضيّق خلقك....قلت لك....خلاص انسى عهود....

اسمها اصبح ينرفزه يشعل نيرانًا في قلبه لذلك نهض كالمقروص....لا يتقبل الأمر ولن يتقبّله ابدًا
يشعر روحه تريد ان تفارقه يشعر بدبيب نمل يمر ويعبر في جسده ليشعل جنون غضبه ذهابًا وإيابًا عند سماع اسمها

تحدث بعصبية بلغ منتهاها: واذا قلت لك ما ابي غيرها!؟
.
.


"واذا قلت لك تبغي الأرواح تلتقي وتبقى الأماني ما تنتهي!"
ولن تنتهي قبل ان يُنهيها هو بنفسه
.
.

بدأت تغضب من عناده واصراره عليها، كما أن عهود كما اخبرتها اختها رافضة الأمر برمته ...يُعني ليس هُناك أمل ما دامت هي رافضة فكرة الزواج كليًّا فماذا تصنع ليقتنع ابنها بالأمر؟

تحدثت: قلت لك يا ذياب عهود الحين ما همها غير دراستها ماتبي العرس......هي مو رافضتك انت....رافضة الزواج بكبره......فخلص دامك تبي العرس.....ادوّر لك على وحده ثانية حتى لو من اهل ابوك....

كيف يمرر الأمر وكأنها لا تُعني له شيئًا كيف يتركها هكذا ويقطع احباله الوهمية التي تربطه بها مُنذ مراهقته حتى اصبح رجلًا هذا اليوم ؟
كيف يخبرها أنّ قبل النوم يستودع مشاعره لها ويُسكنها في قلبه من جديد لتكبر ويهِيم بها عشقًا سرمدي؟
كيف يخبرها أنّ غضبه بسبب عدم قدرته على قبول الأمر من جذوره؟
اغضبته ، اشعلت في قلبه حيرة وعنَاد وشرارة انتقام
يريد ان يؤلم قلبها ويصيبه مثلما آلمت قلبه ...ولكن يأمل ألا يقسو عليها ويطبطب عليها بحب استوطنه ليالٍ طويله!

ذياب احتد صوته: مانيب غشيم يمه...سمعتك وانتي تكلمين خالتي هي رافضتني انا....يعني رافضتني شخصيًا....


مسحت على شعرها واخذت تنظر لأبنها الهائج

: واذا رافضتك؟...على قولتك شخصيًا......وعارف هالشي.....خلاص ....ارضى بقسمتك ونصيبك ....واتركني الدوّر لك على وحده ثانية....

ذياب بنبرة تحدي ونفور مشتعل في فؤاده: وانا مابي إلا عهود...

خرجت والدته عن طورها وهي تشير له: وعهود ما تبيك يا ذياب افهم افهم....
ذياب بدا له الأمر مهمًا على معانٍ كثيرة
أشار لنفسه بغضب: وش فيني من عيب عشان ترفضني؟

تمتمت والدته بالاستغفار ثم نظرت لعينيه الجاحظتين بالغضب: عداك العيب يا يمه ......بس من حقها ترفض وتقبل .....لا تحط بخاطرك ...هي رفضتك....وفيه كثير يبونك.....

وهو لا يريد سواها!
ولا يُريد سوى تلقينها درسًا في مدارس الحُب وانتقام بسيط لإشعال سحابه فوق رأسها المتحجّر بأفكاره التي تزعجه!

تنرفز كثيرًا: والله يا يمه ما آخذ إلا هي........عن اذنك...

ثم خرج من غرفته تارك والدته تضرب على كفيها بأسى للحال الذي وصل اليه
فكرّت من جديد....ستعاود بالإتصال على اختها ام صارم لتحاول مع عهود في الموافقة!
في الواقع هم لا يعلمون أنّ عهود لم يؤخذ رأيها ابدًا في هذا الامر
لا يعلمون أنّ الرفض ليس من عهود بل من والدها!
وذلك العاشق يريد أن يُهبط على رأسها انتقام تراجيدي بحبّه الذي اخذ يسيّره على افكارٍ مجنونة...
.
.
.
الشعور هذا ...الذي يجعله يمُوت ويحيى في اليوم آلافًا من المرات
يحاول قطعه، ورميه في مجرّات الخيانة...ليهدّأ عقله وباله
ولكن لم يمت...لم يختفي....لم يهدأ....هو خائف....ومقهورًا في الآن نفسه.....كيف يخدعوه؟....كيف أوصلوه إلى هذه الطُرق ؟ كيف هان عليهم ان يوقعوا به إلى فشل ذريع بالرغم من قربهم منه
لم يكونوا أصدقاء فقط بل تعامل معهم وكأنهم اخوة له ولكن ماذا فعلوا به؟
و
ماذا فعل حتى به يشنُّوا عليه حربًا لا تُرى بالعيون
اخذوا جهد وسهر ليالٍ طويلة
بدلًا من أن يُسعدوا من اجله وتشجيعه
اخذوا منه تعبٍ لا يستطع وصفه
بدلًا من دفعه للأمام وجعل نجاحه نجاحًا لهم لأنهم اخوة، أوقعوه في فخٍّ قسم ظهره ولم يُبالوا!
ولكن
تنهّد بضيق ...ثم سحب إلى رئتيه ذلك النفّس الملوّث لينعشه قليلًا!
نفث الدخان بعد ان كتمه في صدره لثانيتين
واطلق سراحه
نظر لتكوّر الشمس في زاوية الغروب من السماء لينبعث شعاعها بخيوط مخملية حمراء تسر الناظرين إليها بهدوء........اخذ يشكو إليها حزنه...ووجعه....اخذ يتلوا لها اغانٍ طافت في حلقه ليلفظها خارجه على عتاب لا يجد من يسمعه....
"الصديق اللي شاركته كل شيء بحياتي خان العشرة ولام صدّي لمن عرفت خبثه"
قوّس حاجبيه، وسحب الدخان من جديد إلى صدره ليتغلل ما بين ذكرى حسنة عنهم وأخرى سيئة تدفعه نحو ضلال أفكاره....
اخذ يبحلق في السيجارة وهو يمرر لسانه على شفته السفلية همس
: والله سفلة!
.
.
ثم اخذ من جديد يسحب هذا الدخان
شعر بصوت خشخشة .....ووطأ قدم احدهم...لم يُطفأ السيجارة ، ونفث الدخان ليتبعثر أمامه ليلوّح له بتشجيع على أفكاره التي ستُلقيه إلى جانب انهيارات الخبائث من انهارهم وينابيعهم التي تفجرّت بداخله دون ان يعي ذلك!
.
.
التفت سريعًا قبل ان يهم بسحق سيجارته ويندم
رآه واقفًا ينظر إليه بشرر، وكأنه يوبّخه على تدخينه

ابتسم له بسخرية وعاد ينظر للأمام
ثم سحب نفس جديد منها لتضمحل بيده وليلاعبها بإنزعاج يده!

اقترب منه اكثر: حمار انت؟
لم يُجيبه
بل نفث الدخان من رئتيه ببطء واخرج جزء منه من انفه وكأنه يريد ان يثبته له انّه متمكّن منها لدرجة لم يتوقعها منه!

تنفرز من نظراته وفعلته تلك
وعبثه مع سيجارته ...
سحب السيجارة من يده واخذ يشمها قائلًا: بديت اشك انك مدمن؟

ثم رماها على الأرض لسحقها كمن يسحق حشرة كريهة ومزعجة لا يستطع الخلاص منها إلا بالدهس!

ضحك بلا مبالاة وبعينين محمرتين قليلًا ناجمة عن سهره الطويل عاملًا على أفكاره التي ربما ستوقع به إلى الغفاري المظلمة!

ليردف: لالا ما وصلت لهالمواصيل....

احتار لأمره مسح على شعره وزفر ليردف بحده: متى بتعقل انت؟ تفكرني ما اعرف شي؟

نظر إليه ببرود: شنو اللي تعرفة؟

اقترب منه اكثر وبنبرة صارمة: المخطط الجديد؟.....وتخطيطاتك الزفت......اللي بتموّت فيها ناس أبرياء!

مات ضحكًا هنا ومسح على جبينه ليردف: هههههههه تراك مكبّر الموضوع.....

اغمض عينيه ليمتّص غضبه
ثم قال: فيصل ....تراك جالس تخطط على قتل أرواح وانت مانت حاس....خلاص سرقوا المخطط منك .....سو جديد وابدأ من جديد....لا تخلي الحقد يملأ قلبك...تراك بتخسر....

استشاط غيضًا: خسروني مشروع ضخم.....وانا عادهم مثل اخواني .....قلبوا علي فجأة صاروا عدوان.....راح اعلمهم العداوة الصح....والله لا أندّمهم....يا محمد...
بلل شفتيه: فيصل......تعوذ من ابليس...وابدأ مشروعك من جديد....اترك عنك العناد...وانت توّك صغير قدامك....فرص....

تحدّث بقهر: من بدايتها خربوا سمعتي........من بدايتها......خلوني الضعيف اللي ما يعرف راسه من ساسة....انطردت من الشريكة....عشان ما قدمته وهم يخذونه مني باردة مبرّدة........وانا حلمي اشتغل في هالشريكة من لم كنت ادرس.....

محمد اقترب منه وامسك يده: بحريقة تحرقهم ......شفت ابوي كيف وقف معاك......سو مخطط جديد وابوي وعمي وحتى جدي بيدعمونك....فيه.......جدي سمعته باذني بكلّم لك...

فيصل بنرفزة قاطعه: ألف مرة قلت مابي دعم من احد...ابي ابني نفسي بعيد عنهم.....مابي احد يحسسني اني مو قادر ألاقي طريقة تخليني أوقف على رجولي....

محمد بغضب: انت تبي تحرق نفسك هذا قصدك......اسمع يا مهندس زمانك....والله ان استمريت على هالعند.....بتخسر نفسك....

ثم تقدم لناحيته وبتهديد: ولا تحدني اعلّم ليث على سوالفك....
ثم أشار لرأسه: هالذكاء اللي فيك حطه في مكانه الصح....لا تخليه يدمرك.....وانزل جهّز نفسك وتعال بيت جدي....لا تتأخر...

ثم غاب عن انظاره وبقي هو ينظر لفراغ أخيه بنفس متسارع
ثم ركل برجله علبة الماء الكبيرة
وهو يشتم ويسب الجميع بلا استثناء!
.
خائف من أن يحُدث هذا الطائش امر لا يستطيع الخروج منه، لا يدري كيف يُقنع أخيه بأن يُشيح بنظره عن هذا الأمر...اصدقاؤه سرقوا جهده لا يختلف هنا ولكن تفكير أخيه شبه اجرامي!
ان يخطط على استعادته واستبداله بمخطط آخر به أخطاء جُرم
وإن كشفوا الأمر في لحظات استبداله له سيسجن لا محاله!
لا يدري هل يُخبر ليث؟ ام يسكت
نزل من على عتبات الدرج....واشتم رائحة البخور تغلغل جيوبه الانفية بهدوء....ابتسم...
حينما رأى اخته تركض لناحية والدتها وتشم رائحة البخور بصوت مسموع: الله يمه الله...على هالريحة اللي نشمها بس في المناسبات...

ضربتها والدتها على كتفها: كذاااابة من يوم يومي ابخّر البيت.......
ضحك بخفة وسمع اخته الأخرى التي تراقب الامر بصمت: صدق بس هالنوع من البخور ما نشمَه الّا في المناسبات..
تدخل هو: عشانه خاص للمناسبات...
تحدثت والدتهما: هذا البخور غالي...شريته من ام عبد لله وادري لو حطيته في يدكم انتي واختك كلتوه.....
ضحكت اصايل: هههههههههههه يمه مو لهدرجه....
ثم قالت هيلة بمزح: يمه ترانا نعرف نفرّق بين المعمول والبخور....
نهضت والدتهم: انا أقول قومي انتي واختك روحوا تجهزوا....مو تلبسون ..وسون خرابيطكم حزّة الحزّه.....
اصايل : الله على الكلام الشرقاوي الللللللللللله....
تدخل هو سريعًا: أي والله امي اكتسبت لهجة اهل الشرقية ....بسرعة....
نظرت إليه : ترانا عمر ساكنين هنا...وما نروح للديرة إلا نادر....
هيلة : بروح اكشخ....وبسبقك بروح بيت جدي ترا عهود رسلت لي انها راحت...
اصايل نهضت : اويلي...قسم بالله بتلعن شكلي.....بقول لي تأخرت الحين...
ثم ركضت على عتبات الدرج تتبع اختها...
بينما ام ليث قالت: محمد ليث رجع من بيت جده ولا...

محمد بهدوء: صعد يتحمم....فوق...
ام ليث تستعجله: طيب قوم تجهز وقول للثاني هاللي حايس عمره على شي ما يسوا يجهز....
هز رأسه وهو ينهض .....ليتجه مرة أخرى لعتبات الدرج...لو تعلم انّ الآخر يفكر بالانتقام على حساب نتائج وخيمة ...ماذا ستفعل؟
تنهد ودخل لغرفته.....
.
.

بينما في الغرفة المجاورة له
كان جالسًا على سريره وبيده منشفته الصغيرة ينشّف شعره بهدوء....يشعر بالعتمة تطوّقه من كل مكان.....يشعر بالاختناق من هذا الإهتمام الذي يزيد من وجع الذكريات عليه، كما يُشعره هذا الإهتمام بالحماقة والخداع، هو مخدوع والآن هو يخدعهم جميعًا!
لن ينسى بداية الأمر في دراستهُ وفي غربته الأمر الذي جلب له جُلبة واجبره على اختيار طُرق صعبة ومستحيل الوقوع فيها ولكنه وقع، ظنّ أنه ذكيًّا بالقدر الذي يردعه من هذا الوقوع ولكن وقع على وجهه وأوقع معه الجميع، لم يكن الأمر منطقيًّا ببدايته ولكن لا يدري كيف اقتنع أنّ هذا الامر اكثر منطقية لجني المال بسهولة وهو طالب في رحلته العلمية التي تخللها ضيق نفسه وماله، ادخل نفسه في اوساع المتاهات اللامعروفة ويعلم جيّدًا القانون هنا لا يحمي المغفلين ولكن لا يدري كيف يخرج من امر كهذا....كل ما يعرفه الأمور بدأت تتوارى عليه كالسيل الذي لا ينضب.....جميعهم أتوا على رأسه جماعة واحدة حتى به نظر للنتيجة التي اخرست لسانه واثقلت حركاته ليُصبح بطلًا ومضحيًّا في أعين الجميع!

تنهّد بضيق يُريد العودة للامكان للأشياء التي يُحبها وتحبه دون مسؤولية ودون أخطاء تجلجل من تحته ارضهُ المطمئنة
نهض بعدما ارتدى ملابسه وهمّ بالخروج من غرفته لكيلا تضيق عليه اكثر بالتساؤلات وبالاهتزازات النفسية الغير مطمئنة!

ولكن سمع رنين هاتفه، مسح هُنا سريعًا على شعره المبلل ثم عاد لسريره ليلتقط هاتفه ثم نظر للاسم
وازدرد ريقه هنا هذا الاسم يذكّره بمصائب عدّه فهو شريك الحُزن وشاهدٌ على الألم!
أجاب سريعًا: هلا ركان....

كان في الممر يجول ذهابًا وإيًّابًا ، الإضطراب اخذ يغشّيه ويأكل من وجهه جزء كبير ...ليث انزل على عاتقه ثقل لمدة سنوات طويلة الزمه بأن يهتم ويذهب لمجابهة كل ما يحصل لها
هو لم يرفض لأنه يريد ان يُسدي دينه! ولكن الآن كيف يخبره انّ اصابتها ليس كما اعتاد عليه في السابق!

تنزف وبشدة والسبب مجهول.......يحاولون إيقاف النزيف...ولكن بلا جدوى...خيار خضوعها لعملية بسيطة لإيقاف النزيف تتطلب توقيع منه.....وامر التوقيع ليس بيده بل بيد ليث!
لا يدري كيف يبدأ في الموضوع فهو يعلم حساسيته ستشعل نيران ليث
.
.

تحدث: هلا ليث....فاضي؟
جلس ليث على طرف السرير بلل شفتيه سؤاله مُخيف وواضح ونبرته حائرة يعرف صاحبه اكثر من اللازم لذلك ليختصر الامر قال
:اي ...صاير شي؟

الأمر ثقيل، حقًّا الأمر ثقيل وجدًا...هو لم يتقبل الأمر و طرأت عليه أفكار شيطانية حول ما حدث لها كيف ليث؟
يخشى من تلك الأفكار التي تدور في عقله يخشى من ان تصيب الهدف ...لتحّز اعناقهم بعمق ثقلها العاري من الرحمة!

تحدث وكأنه يُريد اطالت الأمر: حولك أحد؟

فهم توتره ، سكوته المطوّل .....محاولته في تمهيد الأمر نهض ومسح من جديد على شعره المبلل....
وتحدث: ركان تكلم .....اسمعك....

ركان : رحيل في المستشفى...

عقد حاجبيه وكأنه ألف سماع هذه الجُملة ، سمعها في سنوات سجنها الأولى ووسطها وحتى نهايتها ليس هُناك ما هو جديد ولكن احب ان يتأكّد: مضاربة جديدة؟

ركان ازدرد ريقه شتت ناظريه وكأن صاحبه أمامه يخشى من ان يفهمه وينفجر ينبوع غضبه عليه: مادري...

ليث ليختصر عليه: طعن سكين؟......ولا شي ثاني!؟
.
.
طعن قلبك يا ليث ، طعن معدتك لتستفيض حمضها وتشعل نيرانها المُثيرة التي تأخذ من قوتك الشيء البسيط ومن طاقتك الشيء المعتدل!
.
.

ركان اتجه للكراسي جلس وبهدوء: لا هذا ولا هذاك....ليث....رحيل تنزف..
.

صوت طنين التعجّب وبلاهة الاستيعاب طغت على عقله لتوقفه لثانية وينقطع عن العالم كليًّا ويتجلّى من وجوده في الغرفة
: شلون يعني؟

نظر ركان للمارة ثم قال بثبات ليتخلّص من هذا الثقل: نقلوها من السجن للمستشفى وهي تنزف ومو معروف السبب....الدكتور ما عطاني تصريح واضح.....قال لي احتمال....يكون في يعني احد....

ثم سكت
بينما ليث اخذت أنفاسه تضطرب.....شد على قبضة يده اليسرى...اتصل عقله بالعالم و لمن حوله وبدأت خلاياه تستوعب ما سمعته آذانيه
فاكمل ركان: متحرّش فيها!

ليث بعينين ثابتتين: يعني ما كشفوا عليها؟

ركان : الدكتور عطاني هالكلمتين ودخل مرة ثانية وطلبت انا دكتورة ......تشوف اللازم......بس ليث....عطاني الدكتور ورقة....النزيف مستمر....لدرجه حطوا لها كيستين دم.......ويبوني أوقّع كموافقة مبدئيّة لو ما وقف يدخلونها العـ...

قاطعه بصرامة: لا توقّع......مستحيل......

ركان حك جبينه: واذا ما وقّف؟!

ليث انطلقت جيّاد ذاكرته للوراء وبدأت معالم القساوة على وجهه بشكل لا إرادي وحانق

: تموت احسن........واسمعني ....بس تطلع الدكتورة .....وتعلمك بالتفاصيل...تتصل علي راح انتظر...

ثم اغلق الخط...شدّ على هاتفه

ووضعه في مخبأ بنطاله ، اغمض عينيه ، وعضّ على شفتيه تفريغًا للغضب الذي بداخله، الجميع بدأ ينتهز الفرص لسلب روحه لسلب شيء ليس من حقهم ، خائف من ان تكون مؤامرة جديدة توقع به في هفوات الشيطان، خرج من غرفته لا يريد التفكير بالأمر كله ولا يُريد ان يتخيّل انها ضحيّة لفكرة جديدة.. راح بخطواته يُغلق باب الغرفة بقوة يريد أن يخرج من البيت، برمته ......وفعل ذلك.....ركب سيارته ......واسند سريعًا جبينه على مقود السيارة .....ضيقه.....هُناك ثقل جاثمٌ على صدره يوقف من رغبته في سحب الهواء في رئتيه يريد أن يتلاعب مع هذا الشعور بأخذ زاوية هادئة بعيدة عن ضجيج ما بداخله ولكن لا يدل هذه الزاوية!

أيعد من الجنون ما يفعله؟ وما يجب عليه فعله؟!
ليس من السهل عليه ان يتقبّل الأمر وإن كان لا يحبها؟!، ولا يريد ان تحدث تطورات جديدة تُعاكس وجهتها لا يريد ان يطيل الأمر اكثر ...
رفع نفسه من على المقود، نظر للشارع بصمت موحش على أفكاره التي تقفز يمنةً ويسرى أمام عينيه الفارغتين من معانِ التقبل....تأفف بصوت مسموع ...ثم .....بدأ يقود سيارته للاشيء...سمح لآذانيه ان تستمع لنفسه ....ولضجيجه الداخلي....ولكن امتزج صوت رنين هاتفه مع حديثه الذاتي
اخرجه من بنطاله،
نظر للاسم وتنهد كثيرًا واخذ يشتم المتصل وهو يتساءل ماذا تريد!
لا يسعه شيء، حتى الهروب يجده من زاوية أخرى ويلتقفه ويُعمي عينيه عن مكانه!
أجاب: خير أمل؟

تحدثت وهي تنظر للأنبوب الصغير الذي ارتبط بكف يدها اليُمنى، ونظرت للغرفة البيضاء الواسعة ، مسحت على شعرها، لتنسجم مع نوتات الغصّات التي تعُرّي حُبها أمامه ولكن كيف يفهم هذا الحُب وكيف يُهديها وردًا مقابلًا له....كيف تقنعه بهذا الحُب الذي تشكّل على خارطة لا مفتاح لها بالأصل
ولكن تجزم هي ستبقى معه لفترة ستنتهزها
.
.
.

أنا معك اعلم بذلك ولكن أنتَ لستُ معي
لستُ إلّا جمادًا بِلا روح حينما تحدّق عيناك في عينيّ!
.
ثم

.

اغمضت عينيها
وهي تردف بجفاف: اجهضت!

ضرب (بريك قوي) هنا، واخذ يشتمها بصوت عالٍ، أي جنون فعلته
اخذ يمزج عصبيّته من جميع الجوانب، لا يرى سوى صورتها يريد ان يخنقها، الآن حقًّا يؤمن أنّ المصائب لا تأتي على رأسه فُرادى ولا يُكفيها أن تصيبه بوجعها بل تلتزق به وتعزّيه بطريقتها السوداوية : بأمررررررررررررررر منو؟...وليششششششششششش؟.....مج نونة انتي؟

اغمضت عينيها واخذت تستل نفسها العميق الذي بات خانقًا بعد سماع نبرته تلك تحاول السيطرة على رجفة جسدها: عارفة انت ما تبي عيال مني...ولا انا ابي اصير مسؤولة عن طفل...حنا فاهمين بعض زين يا ليث...وزواجنا مجرّد...
قاطعها بصرخة خرجت من جمجمته الصلبة!: مو من حقك تقتلين ولدي....مو مننننننننن حققققققققققك....

أمل اهتزّت شفتيها واخذت الدموع تهتز في محجر عينيها، ابنه الآن جعله ابنه وقبل فترة جاعله ابن الـ*الحرام*؟ أي تناقض تعيشه مع هذا الرجل واي حياة؟: بتقنعني انّك متقبّل حملي ومصدّقه انه منك؟.....وبتقنعني في مجال اصير زوجتك للأبد؟

سكت ليث، اخرستهُ من جميع زوايا تفكيره واخذ يشتمها بصوت اشبه للهمس، زواجهما لم يكن مخطط له، ساءت الأمور واتجه للزواج لعلاجها، لم يكونا أصلا على معرفة ببعضهما البعض، ولكن خيوط وهمية جمعتهما في مركبٍ واحد وخطأ صغير بدر منه جعله يقع من جديد في الرحيل عن القرارات الصائبة، هي خطأ كان وواجب عليه ان يُصلحه ولكن هي بدأت بتعقيده في مسألة حُبها المزعوم والذي في غير محلّه هو لا يحب نفسه فكيف تحبه وتطلبه التبادل؟

تحدث: حسابي معك لم ارجع أمريكا يا أمل....لم ارجع.......راح اعلمك كيف تسوين شي بدون ما تاخذين اذني فيه ؟

امل ضحكت بسخرية وسط دموعها التي انسابت على خدها وأوّلت صمته الطويل إلى: يعني مقهور عشاني بس ما استاذنتك....مو عشان اني...

لم يعد قادرًا على سماع صوتها لدقائق أخرى صرخ: قفلي قفلي الخط....مابي اسمع صوتك.....لو قدامي والله خنقتك بيدي.....قففففففففلي....

ثم اغلق الخط قبل ان يتلفظ عليها بجمل تُهين كيانها الضعيف، ضاع في خريطة أفكاره التي لا تنتهي ، اغمض عينيه ، لا تهدّأ تلك الدوامات الصغيرة التي تعوم وتطفو في منتصف رأسه أي بلاء ادخل نفسه فيه حتى يصل إلى هذا المنحدر الوعر، الأمور يومًا عن يوم تزداد مخافتها وتزاد مهابه وحماقه!
انطلق بسيارته بلا عقلٍ يدرك كل شيء، العودة هُناك ستضع أحرف كثيرة على جمل كان خائفٌ من قراءتها!

.
.
رحيل الأمنيات وتباعدها، تباعد الأرواح وتجاذبها، حنين الروائح وعدمها! يُعني انّك على وشك فقد الوعي يُعني انك بدأت رحلتك الجديدة من الفُراق....الألم الذي يخالط روحها لينتشلها من على الأرض ويوقع بها على حين فجأة ليس مؤلم بقدر حاجتها إلى حضن تلك رغبتها اكثر ألمًا واشّد طلبًا ولكن لا يوجد أحدٍ ليُلبيها.....ودّت في ضعفها هذا وتجرّع هذا النوع من الألم تواجد ليث .....ولكن هو الآخر غير مُتاح.......بحلقت في السقف....اخذت تعد على أصابع يديها ......تكرر بداخلها هذا النزيف سيتوقف وهذا الألم سينجلي ......ولكن العجيب انها بدأت تخوض في فكرة ما يحدث لها.....ليس طبيعيًا، اخذ شريط ذاكرتها يعود للوراء وكأن صبيّا صغير يشد بطرف عباءة امه ليجعلها تتراجع خطوات بطيئة خشيةً من ان توقعه بلا قصد على الأرض، تذكرت ألم بطنها، عادتها الشهرية، حديثها البسيط مع ماري، دخولها الحمام.....تناولها العلك...استحمامها....برودة اطرافها وزيادة الألم....ثم النزيف.....لا تستحمل ذاكرتها في ان تجعل منها مشعوذة قادرة على فكّ الشفرات فهي متعبة ومستهلكة مُنذ ثمان سنوات ...اغمضت عينيها ....تهز رأسها لتَجمع عواقب الأمور وتتوعد المتسبب بحالتها بالويل والثبور!
.
.

فُتح الباب لتدخل فتاة ذات ملامح حادة وشعر قصير اشقر يصل إلى اكتافها النحيلة ....مشت لناحيتها ليصدر حذاءها الكعب طرق عالٍ ليدوي في رأسها ويزيد من وجعها النفسي!
فتحت ملف أصفر....نظرت لجهاز تخطيط القلب....قلّبت وجهها وراقبته جيّدًا ...قامت بضم يديها لتكتفهما.....وكأنها رجل آلي اعتاد على برمجة تلك الحركات دون صوت ....ثم
اردفت بلا مقدمات بلغتها التي لم تصنفّها من أي دولة لعدم قدرتها على التركيز: فيكي تئدري تكلمي؟

علقت انظار رحيل عليها هزّت رأسها بنعم....وكأنها تتحدى الحياة!...فداهمتها الأخرى بقول: أنتي خسرتي دم بالزاف....واللي صابك غريب.....هادا الشي اكترو بصير للي بيجهضوا طفلهم وانتي ....متل ما نعرف لساتك...
تحدثت هنا رحيل بجهد جهيد في اخراج الحروف لا تريد ان تذكّرها بالماضي هي إلى الآن كما هي قبل ثمان سنوات لم يحدث الأمر الذي يريده الجميع لم ولن يحدث!: عارفة......انا ما درري شنوو جالسس يصيرر فيني...

تقدمت منها تلك ثم تهجّد صوتها وهي تمرر يدها بحنان على ساق رحيل: حدا تعرّض ليكي بالسجن؟

هزت رحيل رأسها بلا لتنفي ذكرى أخرى أوقعت بها بالدخول إلى السجن ثم قالت: أصلا انا ...فيني.....

ثم سكتت بسبب الألم الذي خالج اسفل بطنها....وشعورها بانسياب سائل جاهدت نفسها على تجاهل شعور مروره البطيء المؤلم...هزت رأسها الطبيبة وهي تطبطب على يدها
: فهمت عليكي..

هزت رأسها رحيل لتؤكد الأمر ثم اشارت لها لتنم عن رغبتها في الحديث
شدت انتباه الطبيبة
ثم نطقت بصعوبة : كلت علك....وبعدها زاد الألم وكل شي.....
سكتت الطبيبة ثم ابتعدت قليلًا
هزت رأسها ثم خرجت دون ان تردف بكلمه واحدة وما إن خرجت حتى سألت الممرضة التي تنتظرها بالقرب من الباب هل نتائج التحاليل أصبحت جاهزة ام لا ولكن يبدو انّ الأمر مطولًا
ثم التفتت على الجهة الأخرى ليوقفها ركان
بقوله: شصار؟
تحدث بهدوء: بعد التحاليل راح خبرك بكل شي...
ركان بتعجل وتوتر: استعجلي يا سوزان....
هزت رأسها بتفهم: واخَّه(طيب)!
.
.
ثم مشت من أمامه واخذ ينظر لباب رحيل وللشرطين الواقفان امامه بتوتر....الأمر لن يؤول بنفسه لأركان الهدوء ولأركان الثّبات.....تقدم قليلًا بالقُرب من غرفة رحيل يجول بأفكاره وذكرياته ...ليسقط على شوكه اللعين ......تشابكت عينيه بعينَيْن الشرطي هز برأسه وكأنه يُخبره انه ما زال بخير ....ولكن في الواقع ليس بخير.....الأمور تضخّمت عليهم جميعًا واصبحوا لعبة يتسلّى بِها العدو حيثما يشاء وكيفما يشاء!
.
لم يظنون يومًا انهم سيخسرون أنفسهم لأمد طويل مثل هذا ، لم يتوقعوا وصولهم إلى هذه النقطة التي استقرّت لتُصيب قلوب كُثر أهمها تلك المسكينة!
مشى بِخُطى يواسي بها نفسه ، لن ينسى ذلك اليوم الذي عصى صاحبه ذلك المشؤوم ...وكيف آلا به الحال لِيُصبح تحت الثرى يُذكر وتَشتاق إليه القلوب ويزداد الحنين لرؤيته ولكن لا يستطيعون اخماد حريق الاشتياق ابدًا!
مضت عدّت سنوات على موته ولكن لم ينسى كلمته
"سامحوني ورّطتكم والله ما ضنيت وضعهم جذيه!"
هز رأسه بكره لهذه الذكرى التي جعلتهم يتخبطون في بعضهما البعض فرقّتهم الحقيقة وجمّعتهم على وجه الإكراه إلى ان

التفت لصدى الذكرى وشخصت عيناه حينما تذكر، صراخه
"سلمان لااااااااااااااااااااااا"
.
.
تعرّق من هذه الذكرى التي اخذت تخنقه وتذكّره كيف كان عاجزًا وقتها في مد يديه وسحب سلمان ....لإنقاذه...تذكّر...كيف آلات به الأمور ليدخل في قوقعته السوداء التي اخرجهُ منها ليث.....
مسح على رأسه ليسكّن نشاط الذكريات لديه .....نظر لحوله بعجز ثم تمتم بالاستغفار!
.
.
.
يقسو على نفسه قبل أن يقسو عليها ، يشعر بالخزي والانكسار
ليس سهلًا ان يتقبّل الأمر برمته فهي محبوبته التي انتظرها لسنوات عديدة فهي جاءت بعد سبع سنوات من رحلة عذاب والدتها كم تمنّى ان يحمل ما بين يديه أنثى تركض وتلعب وتدور من حوله تردد
"بابا"
تحققت امنيته برحيل الامنيات بِلا وفاء للوعود! اجل
لن ينسى ذلك اليوم في سنة
1997م
في الشتاء الثاني من شهر ديسمبر
على وجه الخصوص في شمال المملكة\ الجوف-محافظة سكاكا
شهدت هذه المنطقة على صرخات غريبة جعلته يغفو ويصحى على غروب عذبة....بكى حينها ...ولكن تلك الطفلة آنسته في حزنه ....عاش من أجلها ومن اجل اخوَيها ....ولكن حينما اشتدّ عودها وبلغت مبالغ الرشد ...ماذا فعلت؟
أوقعت بنفسها للهاوية دون إدراك معنى الهاوية ومخاوفها، من شدّت حزنه وانكساره انفاها عنه ولكن لم ينفيها عن عقله وباله!

نهض لينظر لوجه التنازلات، ولوجه الحُزن يعلم لم تحبه يومًا ولكن جُبرت على هذه الحياة ...ضحّت بشبابها.....لتصبح مسؤولة عن ولدَين وطفلة عمرها سنة.....يشعر بنفورها منه حتى بعدما انجبت طفلتها المشاغبة .....انجباها بعد مرور بما يقارب الثمان سنوات من زواجهما.....رغبة لم تتبادل بالشعور نفسه ولكن جُبرت على اخراس نفسها في التقبّل .....فهي له وهو لها....لن يتغيّر شيء....هي لم تتحمل قبول هذه الحياة التي دخلت في رحابها....ولم تتمناها ابدًا......فأركان المنزل يذكرها بخيانتها لأختها المرحومة ....ولكن جميعهم يقول
"اختك فرحانه عشانك ربيتي بنيّتها وعيالها"

ولكن هي ليست سعيدة بقدر هذه الطبطبة

تحدثت وهي تمد له العقال: تأخرنا بو فهد...تلقى عمي الحين جالس يسأل عنك.....
تحدث وهو يرتّب غترته ونسفتها: التعب هد حيلي يا عذاب....صليت المغرب وما شفت نفسي إلا نايم......

نظرت لعيناه المنعكستين على المرآة : لو تعبان تعذّر واجلس ريّح نفسك....الزم ما علينا صحتك ...
سحب قنينة العطر اخذ يرش على نفسه منها بهدوء، ثم سحب نفسه ببطء
ليصبح أمامها تمامًا
تحدث بهدوء : لا تحاتيني انا بخير.....بس ما اخفي عليك ما ودّي اروح هالعزيمة اللي بتكسر ظهري وجدد علي مصايبي!

عقدت حاجبَيها لتهويله للأمر، أي مصائب وأي كسر ستجدده عزيمة والده؟ ولكن لم يخفى عليها اشتمّت رائحة رحيل هنا

واردفت : الكل بدون استثناء يا بو فهد ما هم حول هالموضوع......تطمن....

ابتسم على مضض وهو ينظر بعينيه للزاوية اليُسرى وكأنه هكذا اخذ يُحاصر بعقله صورتها المنعكسة بشكل ضبابي على عينيه!
: ما عرفتي ابوي زين.....يقدر يلّف ويدور وفجأة ألاقي نفسي في موضوعها.....
طبطبت على كتفه وهي تُطلق زفير راكد في قلبها: كلكم قاسين عليها يا بوفهد...
ثم حدّقت بعينيها لترفع يديها عن اكتافه : وادري كلامي هذا ما راح يعجبك......
لينهي الحديث وصمته النائم في قلبها تهرّب ليقول: هالقساوة ما جات لهالقلب عبث!
ثم اقترب من باب الغرفة
والتفت عليها : وصايف ما رجعت؟
هزت رأسها
ثم قال: أي زين ما سوت عن اذنك!
بينما هي تنهدت هنيهة ثم سحبت عباءتها وحقيبة يدها لتتبعه ...
.
.
.
حينما خرجت من الغرفة ومشت بخطواتها لتتقدم لناحية عتبات الدرج رنّ هاتفها على قدوم اطلالة فهد الذي يغلق حول معصمه ساعة يده الذهبية وهو يردف مبتسم: خالة وش هالزين....
ابتسمت له وهي تخرج هاتفها: بعض مما عندك يا الغالي...
ثم رفعت هاتفها لتقول: لحظة....
ابتعدت قليلًا ثم اجابت: هلا مزون..
اتاها صوتها وهي تلهث وتلتقط أنفاسها من بعيد
أخرجت كلماتها بصعوبة وهي تبكي: عمّه......الحقيني....يا عمّه.....
شعرت باهتزاز جسدها في هذه اللحظة وتقشعره
نظرة لابن اختها بشكل سريع ثم اردفت : مزون علامك يمه؟....وش صاير؟...وراك تصايحين.....عمّه عمّه....وش صاير؟....ابوك في شي؟

شعرت وكأنها ركدت عن الركض ....ثم.....سمعت ازدراءها ...وسحب نفس عميق لرئتيها ...
نطقت بصعوبة: ابوي بيذبحني بيذبحني يا عمّه....
قبل أن تُجيبها بغضبها الصارخ من دماغها الذي بدأ يضج بضجيج الانهيار
خرج ريّان ليردف لفهد: شفيكم؟
ارتفع صوتها: وش مهببه من جديد؟....وش مسوية .....حسبي الله عليك....كل ما ركّدت اخوي.....و...وصيته عليك.....تحرقينا بمصايبك اللي ما تخلص...نطقي وش مسوية...

بكت الأخرى لتصبح عاجزة أمام هذا التوبيخ في نطق الحروف من مخارجها الصحيحة: ما اقدر أقول...يا عمّه ما اقدر...
ضربت على فخذها بصرخة: نطقييييييييييييييي وش مسوية؟
اقترب هنا فهد منها ليقول: خالتي .....
اشارت بيدها تمنعه من التدخل
وريّان اخذ يطفو نَفسه في أعماق صدره ليجثم عليه
ارتفع صوت والدهما من الدور السفلي : ام وصايف يلا تأخرنا...
تحدث هنا رّيان وتصرّف سريعًا : يبه روح.....انا بجيب خالتي....
سمع تذمر ابيه على مضض ثم التفت على خالته
وهي تقول: نطقي وش مسوية ووينك فيه؟
لم تجيبها عن السؤال الأول ولكن اجابتها على الثاني وهي ترتجف وتبكي: بروح للسكاكا لبيت جدي....
صرخت هنا: حسبي الله عليك وش يوديك هناااااااااااك البيت مهجور....له سنين....وطريق طويل....تبين تجلطين ابوك وجلطيني.....من اللي ودّاك.....
بكت خائفة: ما رحت قلت بروح....
أكملت توبيخ: يا جعل روحك تروح.....انثبري في الرياض....ولا تتعدينها ولا قسم بالله.....انا اللي بذبحك ما هوب راشد....والحين قولي لي وينك فيه.....
تحدثت بعدما صرخت لرؤيتها لقطه قفزت أمام عينيها قُبالة المنزل الذي على قيد الإنشاء: في الشارع.....

اغمضت عينيها تمتمت بالاستغفار اخذت الأجواء تضطرب اكثر واكثر فهد تساءل ما الذي يحدث وريّان يستمع بخوف
قالت: ارجعي البيت...قلتتتتتتتت ارجعي البيييييييييييت....
بكت بألم وهي تنظر ليدها: ابوي كاسر يدي أخاف يذبحني...
صرخت هنا: ليته كسر رجلك يا قليلة الخاتمممممممممممممممممممة .......
بكت : عمّه....
صرخت: عمت عينك ان شاء الله....الحين بسكر....وترسلين لي الموقع ...وإلا والله ما راح تعينين خير.....ارسليه....ارسليه الحين...
بكت الأخرى : طيب...
ثم أغلقت الخط
ريّان تقدم: يمه شصاير ...
فهد بذعر: شفيها مزون....
مسحت على جبينها : مسوية مصيبة...واخوي كالعادة ضاربها وهي هربت ......ويدها مكسورة...
فهد فار دمه: وشو؟...وش مسوية؟
ريّان نظر لخالته: والحين هي وين؟
ام وصايف: بالرياض ...تقول بتروح لسكاكا....الله ياخذها.....المهم واحد فيكم يروح الرياض....
فهد بصدمة: يمه مستوعبة ....المسافة اللي بين الخبر والرياض يعني يمدي هالمجنونة صدق تهج لسكاكا او لأي مكان ما نعرفه ...ما راح يمدي...
ام وصايف : وش اسوي......حسبي الله عليها....
ريّان بهدوء: اتصلي على خالي راشد....
ام وصايف بحلقت بعينيها: والله بيذبحها.....ما كسر يدها إلا هي مسويه شي كايد....
ريّان بصوت اشبه للعصبية: انا اكلمه......احسن من هالغبية تضيّع عمرها......وانا وفهد نروح لهناك....بس على الأقل نقول له عن مكانها وروح لها...لا يصير لها شي...

هزت رأسها بقلق واخذ فهد يهدّأ من اضطرابها رغم اشتعال سُحب النيران في قلبه فتلك المتهورة لا تهدأ ولا تمكث يومًا ليمر عليها بسلام
بل تحاول ان تستفز زفير غضبهم ليجنّوا عليها ويودُّوا قتلها!

بينما ريّان اعتزم قراره باتصاله على خاله الذي اجابه بعد الرنّة الثالثة
: هلا خال كيف حالك؟
يحاول ان يسيطر على نفسه التي طاشت في لحظات غضبه : هلا ريّان
ريّان حك طرف حاجبه ثم قال: خال.....مزون اتصلت على خالتي .....وهي تبكي و....
قاطعه وهو يشتمها من قلب محروق ويُدعي عليها وكأنها عدوته ليست ابنته فما فعلته لا يُغتفر بالنسبة إليه!

فقاطعه ريّان: استغفر ربك يا خال...والله لو يصير لها شي.....تجن....





تحدث بلغة سليطة وغاضبة: ما تركت لي عقل الله يأخذ عقلها.....جننتي يا ولد اختي جننتي....
ريّان: هد نفسك...اذكر الله....
فجأة سمعوا والدتهم تقول وهي تنظر لهاتفها: رسلت الموقع....
فهد سحب الهاتف من يدها ونظر إلى الرسالة ثم قال لأخيه: قوله يروح لها.....
ريّان هز راسه: خالي وش مسوية عشان تكسر يدها.....
راشد نسى نفسه ودخل في صومعة الغضب: بنت الـ###...هربانة من المدرسة مع بنات رايحة معهم يتفطرون بمطعم .....ويتصلون علي مدرستها وخبروني عن سواد وجها .....وظليت بالساعات ادوّر عليها خفت صار لها شي...بالأخير تجي البيت وتنكر انها هربت..وقول راحت بيت صديقتها تذاكر وخذها الوقت ليت الموت خذاها ...ما اعترفت الا لم ضربتها بعد ما طلعتني من طوري......وغير كذا كيف يهربون......من اللي معهم وشجعهم حسبي الله عليها........كانها بجيب اجلي ......

اغمض عينيه ريّان غضبانًا ولكن حاول السيطرة على نفسه: اسمعني خال.....هي بنت.....وطالعه بالليل هربانه وخايفة منك ويدها مكسورة.....ما ندري وش ممكن يصير لها....الافضل هد اعصابك....هي رسلت موقعها لامي روح لها...وودها المستشفى......وانا وفهد راح نجيكم.....بس تكفى لا تضربها..

راشد زفر: والله لو شفتها ذبحتها...تستغفلني وتحط ثقتي فيها بالأرض وتهرب....وش يضمن لي......ما معهم شباب.....اذوهم وتكذب علي.....

ريّان بحده: خال.....اترك عنك هالامور ذي....نحلها بعدين الأهم روح جيبها بيتكم ولا ودها المستشفى .....لا تكبر صدق السالفة وتجيك الفضايح على أصول....
سكت خاله ثم اردفت: بسكر وبرسل لك الموقع....
ثم اغلق الخط فقال: يمه ارسلي على رقمي الموقع..
فهد نظر لريّان: رسلته لك..
وبشك: وش مسوية...؟
ام وصايف : أي قول وش مسوية....
ريّان نظر لهما بحيرة ، هو الآخر شكّ في امر هروبهن ليس من السهل الهروب من مدرسة الفتيات هكذا ....
تحدث: هربت من المدرسة..
شهقت هنا خالته واخذت تدعي عليها بدلًا من ان تدعي لها وهي في هذه الأوضاع فالغضب اعماهما بغمامته السوداء
بينما فهد تقدم لناحية ريّان وهمس له ليُلفظ حديثه وهو يضغط على مخارج الحروف بقهر: مع من؟
نظر لعينيه الغاضبتين : البنات...
اغمض فهد عينيه وظن ريّان يراوغه
ورسل على هذه اللحظة ريّان موقعها لخاله....
فقالت والدتهما: احضروا العشا ثم امشوا للرياض..انا بكلم ابوكم.....ويلا نمشي تاخرنا على جدكم.....
هز ريّان رأسه وسحب معه فهد الذي اخذه بالأسالة
.
.
.
لم تتقبل فكرة الذهاب لهُناك، بسبب تلك الأشياء التي تحرقها وتجعل منها رمادًا حيث يعبث بها الآخرون على أنماط كثيره تجعلها لا تعرفهم ، لا تريد أن تواجه الجميع
هي انسحبت من التجمّعات العائلية لسنوات كثيرة فالآن تشعر بالخوف من رؤية الجميع !
فمن الطبيعي سينظرون إليها بتعجب، والبعض بغضب وشرر
والآخر في تنهد وضيق!
الأمر لم ينتهي على مسألة دخولها إلى مجال مكروه في نظر جدها بل اخذ منحنيات كثيرة منها ليث الذي لم يحقق رغبتهم في الارتباط بها!
جالت بأفكارها وتشوّهاته التي انصاعت لرغبات الآخرين ، ليس لها القدرة على تجفيف شعرها ارتدت ملابسها سريعًا بعد استحمامها الذي اخذ بما يُقارب الثلث ساعة من التفكير والتخبط والحيرة والخوف ايضًا من سماع حديث لا يروق لها ويزيد من جراحاتها!
بللت شفَتيها مسحت على طرف انفها عبورًا إلى شفتيها ليستقرّا كفيها عليهما وتضغط بخفة محاولةً في التفكير للهروب من هذه الليلة!
كيف تقنع والدتها؟
والدها؟
الامر صعب
جلست على طرف السرير ، وانطرق الباب وانفتح دون ان تأذن للطارق بالدخول وكان أخيها نواف
يخبرها: أمي تقول لك نزلي.....تأخروا....
.
.
نظرت إليه ونظر إليها وشعر بالريبة لشكلها، عينيها كانت في غاية الاحمرار رغم انها لم تبكي ولكن دلالةً على الإرهاق اليومي الذي تعيشه سواء في عملها ام لتفكيرها ، نظر لقطرات الماء التي تتصبب رويدًا على اكتافها وملابسها .....كان شعرها كثيف مائلًا للون البُني الغامق تفتّح لونه قليلًا بسبب وضعها للحناء نهاية كل أسبوع كانت تضعه لمعالجة شعرها
ولكن حقيقةً تشعر بالتعب منه ، بسبب طوله الذي يصل إلى مؤخرتها ، تفكّر كثيرًا بقصّه ولكن تخشى من هذه الفكرة وتشعر انه ميزة خاصة تستفرد بها بين فتيات عائلتها فطوله مميّز ومضيف على جمالها الطبيعي شيئًا من التميّز!
جميع النساء جميلات ولديهن ما يميّزهن عن غيرهن هذه قاعدة تؤمن بها وتشعر طول شعرها هذا ميزه يميّزها عن باقي فتيات العائلة !

تقدم ليدخل لغرفتها : دانة فيك شي؟.....تعبانة؟

اشعر بها؟ وبتلوّن حالها؟ ماذا تقول له
شعرت ببصيص فرج من الهروب فقالت: أي.....
نواف: يعني ما راح تجين بيت جدي؟
تشجّعت هنا : لا....قول لأمي امشوا...
نواف انسحب بهدوء من غرفتها: طيب....
ثم نزل من على عتبات الدرج راكضًا وهو
يتحدث بصوت عالي: دانة تعبانة ما راح تروح....
التفتت والدته هنا: علامها؟
صارم هنا نظر له ولوالدته فقال يُحسم الأمر: نواف وصّل أمي......
ثم استطرد متذكرا: عهود وين؟
ام صارم: راحت بيت جدك من العصر....
هز رأسه وكان سيتوجّه لعتبات الدرج
ولكن مسكت يده والدته لتخبره بهدوء: لا تضغط عليها...
ابتسم وطبطب على يدها التي على كتفه: لا تحاتين.....
ثم صعد للأعلى
ونواف خرج مع والدته ليذهبا إلى بيت جدهم القريب من منزلهم بمسافة بسيطة جدًا!
.
.
.
انطرق من جديد عليها الباب، ولكن لم ينفتح إلى الآن
فقالت: ادخل....
دخل ونظرت إليه، ثم شتت نظرها عنه وسحبت المنشفة لتبدأ بتنشيف شعرها بهدوء
بينما صارم اقترب وجلس على طرف السرير لِيُصبح أمامها
نظر لإحمرار عينيها، ووجهها المتعب قليلًا
: يقول نواف تعبانة.....اوديك المستشفى؟

تحدثت وهي تنظر لفراغها المحدود!: لا ...صداع بسيط ماله داعي مستشفيات....
انحنى قليلًا للأمام: ما تبين تروحين بيت جدي....
نظرت لعينيه الحادتين : لا.....ما ابي......
ثم نهضت وهي تردف بهدوء: ماله داعي اصلًا اروح.....
وقف هنا: بس جدتي اذكرت اسمك عند امي تبيك تجين....
التفتت عليه ليرتفع صوتها قليلًا: عشان تسمعني كلام يسمم لي بدني.....واضح اشتاقت ترمي علي حكي.......مخبيته لي في صدرها.....

صارم بتعجب، لم يعجبه حديثها، صرامتها ،وثقتها بما اردفت
فقال: هذا ظنك في جدتي يا دانة....
انفجرت هنا لتستطرد وتؤكد الأمر: هذا ظني في الجميع يا صارم....
صارم اقترب منها : احسني الظن لا تتعبين....
دانة تغيّرت نبرتها سريعًا: بعينك يا خوي شفت شنو سوو وشنو قالوا عني.....انا بعدت عنهم عشان احفظ كرامتي اللي هدروها قدام الجميع.......انا عندي احاسيس ومشاعر ......وادري انت وابوي وحتى امي وعهود تشوفوني ابالغ.....بس شي يوجع لم تناديني جدتي يا العانس....وناديني جدي قدامكم كلكم بألقاب تجرّح.......
تنفّس بعمق هنا صارم لا ينكر أن جده وجدته لم تخف حدتهما معها وتغيرت كثيرًا معاملتهما لها
تحدث: طيب هي قالت الكل يحضر وجدي وجدتي واضح يبون يصفون النفوس بعد مو بس عشان ليث بيمشي الليلة سووه العزيمة اكيد جدي نيّته طيبه ....ونسى موال تخصصك ....

دانة هزت رأسها وابتسمت بسخرية: حتى ولو ...مابي احط نفسي في مواقف بايخة...وأذيني.......الكل حاضر....ما فيني حيل على الكلام والنحزات.....قولوا لهم تعبانة.....اي شي....اكيد ما بيهتمون....
صارم تغيرت نبرته للحزم: يعني؟
دانة : مانيب رايحة...انتوا تكفون وتوفون ......
صارم أشار لها: حطي في بالك شي واحد....ابوي بعصّب...
دانة تنهدت: متأكدة راح يتفهم.
رمقها بنظرات أسى ثم خرج!


.
.

سمعت رنين هاتفها واضطرت للانعزال في زاوية المطبخ وقيّدتها اختها بحديثها الذي لا تستطع الآن تناقشها فيه بسبب تواجد الجميع هنا
تحدثت بصوت واطي : يا اختي شسوي ......قلت لك البنت رافضة الزواج ما هوب ولدي ذياب....ولا ذياب ما يعيبه شي؟
تحدثت الأخرى بتنهد: طيب اقنعيها انتي أمها يا سارا...
اضطرت للكذب: اقنعتها بس راسها يابس ...وش اسوي؟
تحدثت: يعني ما عندي لك خاطر؟
انفعلت هنا: وش هالحكي الفاضي ...
ام ذياب: اجل حاولي والله انه ولدي شاريها ومتمسك فيها .....ولا يبي غيرها....الولد جن من سمع رفضها.....وصار لا ليله ليل ولا نهاره نهار....خايفة عليه يا ام صارم....والله خايفة عليه.........لا يجيه شي...واموت بحسرتي....
ام صارم شعرت بانكسار اختها بالحديث تعلم معاناة اختها وخوفها على ابنها الوحيد
: والله مالك إلا طيبة الخاطر برجع اكلمها...وبحاول اقنعها بس بشويش علي يا اختي.......بحاول...فيها.......وان� �ظري مني خبر....بس مو الحين ولا بعد يومين .....عطيني وقت كافي..
ابتسمت هنا ام ذياب: خذي راحتك ....دقي علي وقت ما تبين بس ابي منك الخبر اللي يسعد.....
ام صارم بتورط: ان شاء الله إن كان لهم نصيب ربي يجعّل به.....مع السلامة....
أغلقت الخط ثم التفت لتنظر إلى ام وصايف التي أتت لتأخذ صحن الفواكه وهي تردف: ام صارم اذا ما عليك امر ودي دلال القهوة والشاي...
ام صارم نظرت لحالها ووجهها المخطوف فقالت: ام وصايف علامك....من جيتي وجهك مصفوق .....احد من الاهل فيهم شي؟
ام وصايف نظرة لها وابتسمت: لا ما فيني شي....بس احاتي هالمسكينة هاللي ببلاد الغرب.....وخايفة عمي يجب طاريها قدام الكل.....وانتي عارفة عيالنا الصغار ما يعرفون شي عن هالسيرة ابد........لا وصايف...ولا عهود .....ولا اصايل ولا حتى هيلة ونواف....

ام صارم أتت بالقرب منها وطبطبت على كتفها: لا تاكلين هم ما هوب جايب سيرتها......
ام ليث دخلت عليهما على حين غفلة
وهي تقول: ام صارم ...وينها دانة فيه ماجات؟......وعمتي طالبتها....
ضربت هنا على صدرها بخوف: يا ويلي....
ام وصايف نظرت لها: استهدي بالله علامك خفتي....
ام ليث : هي ما هيب جاية يعني؟
ام صارم بتوتر: لا......تعرفون بعد الحكي اللي انرمى عليها من جدتها وجدها.....ما عادت تحب تجي لهنا ابد.....
ام ليث وهي تسحب كاسات العصير: انا أقول اتصلي عليها وخليها تجي......جدتها طلبتها.....بالاسم......
ثم خرجت بينما ام وصايف قالت: كلميها تجي.....يا ام صارم ....ساعة زمن وتروح بعدها...
هزت رأسها ثم خرجت ام وصايف وبقيت ام صارم تحاتي الأمر اتصلت على صارم لتتأكد هل اقنعها في المجيء ام لا؟
.
.
نظرت إليهن جدتهن بعينين حادتين محطيتين بتجاعيد الوقار والهيبة
تحدثت بنبرتها العجوز الحادة : انا قايلة لكم من زمان لا عاد تحطون في وجوهكم هالاصباغ....توكم صغار .......عيب يا مال اللي ما نيب قايلة....لا صيرون فاصخات حياء وبلا مستحى..

وصايف اقتربت منها ولكزتها بخفة: يا جده كلها كحل....واشويّة ~تنت~....
نظرت لها وهي تصغّر عينيها لتستوعب الكلمة: وش؟
أتت الأخرى وهي تضع صحن المكسرات امامها: مورّد خدود يا جدّه....ما تعرفينه ....
والأخرى أتت بالقرب من ساقيها : مورّد الشفايف.....وايامك بعد....
ضحكت هنا اصايل :هههههههههههههه تبين احط لك يا جده عشان تجددين شبابك وأيّامك الرومنسية مع جدي.....
استشاطت قيضًا جدتهن لهذا الحديث وضربت بخفة عهود التي جلست بالقرب من ساقيها وكذلك وصايف التي عن يمينها وسريعًا التفتت على هيلة : قومّوا يا قليلات الادب.....قوموا ...عن وجهي....
عهود بلا مبالاة مدّت صحن المكسرات: أقول جدتي خذي...والله انه الطّعم بالراس....
ام ليث تحدثت: اعقلوا عن جدتكم ولا تتعبونها....
الجدة نظرت لعهود: اكلي بذا الخرابيط....ولحطينا الرز.....ولا كلتي والله لا....
نهضت عهود وهي تقبل رأسها: إلا حلفك يا جده أخاف منه لا تحلفين...
أصايل وهي تسكب لها القليل من الشاي: ههههههههههههه والله جدتي ما تمزح لحلفت.....
هيلة تردف بشقاوة وهي تضرب على صدرها: حلف رجال ...تحلف وتوفي....
رمقتها جدتها بنظرات اخرستها ولكن تلك الشقية الأخرى أكملت: جده.....شرايك بعد ما نتعشى ونقهوى....نطلع للواجهة اللي تطل على الحوش.......حديقتكم يعني الظريفة....وتقولين لنا قصة حبك انتي وجدي الفارس المغوار....
ضربتها هنا و"نقزت" وصايف من مكانها وهي تضحك والجدة تهزأ: قليلات ادب من يومكم.......ما تعقلون عن هالكلام ....
ثم التفت على ام صارم بعد ان أتت وجلست بالقرب منهن
فقالت: وين دانة بنيتي....
ام صارم نظرت لهن بهدوء : تعبانة..
الجدة عقدت حاجبيها: علامها؟
عهود تدخلت هنا بشكل سريع لإنقاذ والدتها: حرارة ...وحلقها......وتستفرغ يا جده......ومن شدّة حرارتها ما تقدر تقوم من فراشها......
نظرن البنات لها وهن يكتمن انفاسهن عن الضحك بينما ام ليث ابتسمت على مضض على كذبتها تلك
فأردفت الجدة: عسى ابوك وداها المستشفى؟
ثم التفت على زوجة ابنها: ولا ما وداها؟
عهود تدخلت من جديد: تعرفين دانة يا جدة ......دكتورة وتعرف لنفسها.....
الجدة تردف بتنهد: أي اعرف اعرف..
.
.
.
يخبّأ نفسه وهو ظاهر لهم ، يحاول أن يهدّأ من اضطراباته التي حدثت من خلال تلك الاتصالات التي لا تهدأ وتهل عليه بالأخبار السيئة يتوعّد بداخله امل وتارة يحتار بأمر رحيل، يريد السفر الآن يريد ان يضع النقاط على الحروف والتخلّي من مجاملاته التي تحرقه وتحرق الجميع!
نظر إلى فرحت جده وإلى والده وأعمامة وأبناء عمومته، الجميع مُبتهج ، الجميع قادر على تجاوز مصاعبهم ولكن هو الآن غُممت عيناه عن رُؤية الحقائق وتقلّب الوجوه!

تحدث جدة : يا وليدي يا ليث.....هالله هالله بنفسك ...لرحت هناك.....
واضطرلقول : وهالله هالله بزوجتك بنيّتنا رحيل....ما وصّيك عليها..

لم يستغرب أبا فهد من الحديث فهناك ما بينهم مالا يعرف بالحقيقة المرّة ولا يريدون ان تتسرب حادثة رحيل في افواه الصغار منهم.....لا يريدون ان يوسعّوا دائرة ما حدث ولا يريدون ان يُفسدوا عليهم حياتهم البريئة من هذه الوقائع !

همس فيصل في اذن أخيه محمد: جدي يعرف يكذب احسن مني والله شوف كيف يوصي عليها .....
فيصل لكزه على صدره بخفة: اسكت لا يسمعك وولّع فيك حطب نيرانه......
بينما في الزاوية الأخرى يحاول الآخر ان يتوصّل إلى ما فعلته مزون تفصيليًّا لتجعل خاله يجن بجنونه ويكسر يدها
ولكن رد ريّان عليه: فهد الوقت مو مناسب اسكت لا يحد يسمعك ....
بو صارم همس في اذن ابنه: جات دانه معكم؟
صارم هز رأسه بلا فتنهد بضيق وعلى هذه الأثناء تحدث والده
وهو يقول: جمعتنا اليوم ما هيب عشان وليدي ليث وبس......
ثم نظر إلى ابنه أبا صارم ليقول: بعد عشان بنيتي دانة...
نواف نظر لأخيه وابيه وشعر بورطتهما
بينما صارم همس وسمعه فهد: لا بالله عيّنا خير...
فهد همس له: شصاير؟
صارم بنفس الهمس: جدتي طلبتها بالاسم بس دانة ما جات...
فهد التزم بالصمت هنا وسمع صوت جده ليقول: قطيعتها لنا ما هيب عاجبتني هذا بدل ما تجي وتطيح على راسي وتقول جدي ابي رضاك....

أبا صارم لم يعجبه حديث والده حقًا هو يضغط على ابنته بشكل كبير

: يبه.......انت عارف ليش ما تجي هنا.....
الجد رفع صوته قليلًا: الماضي يبقى ماضي ونبي نصفي النفوس......اتمنى انها جات معكم ابي اكلمها.....
صارم بهدوء: ما جات يا جدي عشانها تعبانه...
بو فهد نظر لأخيه وكأنه يقول هل هذا صحيح؟
بينما أبا ليث اردف: ما تشوف شر دكتورتنا......
الجد سكت ثم اردف: اتصل عليها خل تجي...كلها خطوتين.....
نواف تعجب من نبرة صوته بينما والدها قال: يبه قلت لك تعبانه.....واذا عندك كلام تبي توصله لها اجله.....
الجد اخذ يفكر ثم قال: نأجله نأجله...
ثم نهض ونهضوا جميعهم فاردف: اجلسوا...اجلسوا.....
ثم التفت على ليث: ليث وليدي تعال معي...
ريّان همس هنا: جدي يخوّف...
فهد نظر لأخيه يوافقه على الرأي دون ان يتلفظ بكلمه
بينما أبا فهد تنهد فهمس له أبا ليث: وش يبي ابوي؟
أبا فهد : علمي علمك بس تعرف ابوي....ما وراه إلا المفاجآت والجلطات...
تدخل هنا أبا صارم يغتصب ابتسامة تظهر على محيا: لا قول كذا يا خوي.....
أبا فهد: أتمنى هالليلة تعدي على خير....
نواف شعر بالملل من اجوائهم الغير مريحة وود لو يلتقي مرةً أخرى بسراب محبوبته ، تنهد وتأفف وسمع صوته
صارم الذي قال: بدل هالتأفأف قوم صب قهوة....
نظر إليه منصدم وضحك بخفة هنا ريّان وحرّك حاجبيه: قوم صب لي....جاز لي طعمها......تسلم يد من سوتها....
فهد اخذ يضغط على نواف هو الآخر: وانا جيب لي من هالبقلاوة.....
نواف بحنق: اظن لكم ايدين ورجلين ...
اخرسه والده بصيغة امر: نواف فز وقوم ضيّفنا....
نواف بخجل وارتباك نهض: على امرك يبه...
صارم همس : ما تجي إلا بعين الحمرا...
نظر إليه وهو يهمس: اننننننن.....
فهد سمعه وابتسم هنا.
.
.
بينما في البيت الشعبي الخارجي الجانبي من وجهة المنزل، اغلق على نفسيهما الباب......خفق قلب ليث....لا يعلم لماذا يشعر بالارتباك ....بالخوف من حديث جدّه الصارم بكل شيء....لا يعلم ماذا سيقول ولكن هو متيّقن ما ابعده عن الجميع إلّا أنه سيتكلم عن امر رحيل التي لم تبرح من ذاكرته المخضرمة ....لا يدري يشعر انه *سيشلع قلبه * من مكانه ويختطفه بعيدًا عن كل الأشياء التي تدور حوله......استيقظ على صوت ثخين
مهيب رجولي بهيبة شيخوخته : ليث....اجلس...
أشار له ان يجلس بجانبه، ومن يجلس بجانبها يا جدي؟ ومن يهدّأ من روعها؟
وما بال عقلي يأتي بطيفها الآن وكأنها تُعاتبني على كل الأشياء؟

جلس ، ووقع قلبه على قول جده: ليث عارف انك تحمّلت الغربة ......ولملمت فضيحة كانت بتصير علك بفم اللي يسوا واللي ما يسوى....اشهد انك أجودي ونشمي....فزعت لعمّك....ولملمت سالفة ...كانت راح توقف في رزق هالضعوف.....اصايل.....وهيلة.....� �دانة.....وعهود... ...والله لو سمعوا الناس بسواد هالوجه ما حد بياخذهم ولا بيقدّم لهم.....لكن انت.....بفزعتك.....يا وليدي.....قدرت تلملم الموضوع...كملت دراستك واشتغلت هناك .....وتغرّبت عن اميمتك وبيّك.......عشانها......وجا الوقت اللي.....
.
.
الوقت اللي...؟...ماذا؟....اعتصر قلبه.....وانشدّت عضلات وجهه مستفهمًا لبقيّة الحديث؟......هل آن أوان الإجبار على الفراق....على التبّاعد بطريقة تُشابه الطريقة التي تقاربا فيها؟....هو لم يفهم ما هيّة الشعور في حضورها...لم يمهلم الوقت للتعرّف على مشاعرهما؟......أليس من حقّه ان يفهم هذا الشعور ليخفيه او يظهره او حتى يُميته؟
شعر بحرارة تلتهم جسده الثقيل ، لتوقف عقله عن التفكير ايضًا
استمع جيّدًا: تكمل فيه جميلك وإن كان صعب الوضع يوليدي......ادري انك ضحّيت بشبابك بغربة شينة بس ربي بجازيك خير الجزاء ان شاء الله رحمة ضعف عمّك وقلّة حيلته..........كمّل هالزواج يا ليث...وإن بغيت تزوّج على كيفك ومزاجك ماحد مانعك....الشرع محلل لك اربع ....

ظهرت ابتسامة تنّم عن بلاهة تفكيره قبل قليل.......شعر بسقوط شيء عن صدره ليجعله يتنفّس بهدوء...ازدرد ريقه
قال: ما سويت شي يا جدي......انا كل اللي سويته وقفت مع زوجتي وقت ضيقتها......وانا عارف انها مظلومة..
غضب الجد بقوله: وإن كانت مظلومة جابت لنا سواد وجه ولا بنات السامي ينسجنون؟
ليث سكت لا يجابهه غضب جده إلا بالصمت
لاذ بصمته وجده اكمل وهو يدقق في وجهه المخنوق: تحبها؟
.

ليث ارتبك ، ولأن باتت الأشياء تقترب منهما الاثنان اكثر من ذي قبل ولأن الظروف تعاكس وجهتهما العصيبة ، استقرّ هذا السؤال في فؤاده
لا يعرف يُجيب بـ
ـ"نعم" ويناقض تصرفاته قبل ثمان سنوات أم يجيب بـ"لا" ويناقض تصرفاته اثناء محكوميتها؟
.
.
اللعنة عليك أيها القلب الخائف ، المرتجف بأنين الحيرة ، المتخبأ خلف استار الحقائق التي تُبعدك عنها امتارًا كثيرة
لا يدري هو حُب ام اهتمام ام محاولةً في التكفير عن ذنبه؟!
.
.
ضحك الجد بهدوء: هههههههههه واضح انك غرقت في هواها يا وليدي....

ابتسم على مضض لا يدري ماذا قرأ جدّه من معالم وجهه
ثم قال: جدي بإذن الله بكمل حياتي معها.....وان شاء الله بس تنقضي محكوميتها ننزل هنا على طول....
قال الجد بصرامة: لا....
ليث سكت
ليكمل الجد: الناس بتاكل وجهنا .......يا ليث......والكل من أهلنا وجماعتنا .......شاكّين بالوضع....وحنا ما نبي نعطيهم الخبر على طابق من ذهب كنت خايف تقول ابي اطلقها.......وكنت خايف يجي هاليوم وما نقدر نسد حلوق الناس......
.
.
ليت الناس يموتون جميعًا وتبقى رحيل تعيش حياتها لمرة دون ظلم!
.
.
قال: وش علينا من الناس....؟
الجد احتدت ملامحه: تبي العرب تاكل وجيهنا يوم نروح للديرة؟....كافي الكلام اللي يوصلني وسمني....
ليث بدفاع: جدي...
ارتفع صوت جده: اسمعني.....ما ترجعون إلا وعندكم بزر...بأحضانكم يا ليث.......
.
.
ليث شعر بصقعة كهربائية تسري بجسده كله؟ يطالبه بالتقرّب من رحيل لن يلومه على هذا الحديث فهو لا يعلم انّ رحيل زوجته ولكن على ورق.......لا يعلم انه لم يدع لنفسه بالتقرّب إليها ...إلى ان اعتادت على البُعد.....لا يعلم انهما يعيشان كالأخوة قبل حدوث كل هذه المسخرة؟...وحدهما من يعلما بحقيقة هذا الزواج ابيه وعمه والدها أبا فهد......هي لا تريده .....كيف ؟
.
.
قاطعه: لازم يا ليث......عشان نحط حد لكلام الناس......
ليث وبدأ يخرج من طور صمته: ط### بالناس يا جدي.....
الجد شخصت عيناه: ليييييييث لا يرتفع صوتك....
ليث بانفعال: جدي....رحيل نفسيتها تعبانه........طالعه من سجن....مو ملاهي.......يبي لها وقت على ما تتقبل الحياة....وتطالبني وتطالبها....بمسؤولية جديدة بظروف ..
قاطعه بصوت مرتفع: ما يهمني قلت اللي عندي يا ليث....ولا والله واللي رفع سماه......تنقلع هناك انت وهي بامريكا......ولمتوا....نجيبكم بتوابيت ندفنكم......وندفن سواد الوجه.....اللي صابنا من ورا راسها....
ثم نهض بثقل جسده وخرج...
بقي ليث ...ينظر لانحناء ظهر جسده...ولتقوّس شفتيه.....في نطق كلامه الأخير...يُطالبه بقتل رحيل.....بقطع عنقها .......هو لا يريد ان يتحمل مسؤولية ....كهذه....لا يريد ان يفرض نفسه عليها .....وهو يعلم جيّدًا ......لا تريده .....لن يطلقها يقسم انه لن يطلقها من اجل الجميع.....ومن اجلها....ولكن لا يستطيع ان يقتلها!....لا يستطيع ان يستبيح دمها.......هي الآن تصارع الآلام .....وجده يخطط على مضاعفة هذه الآلام والشعور....بقي في مكانه بطريقة تنّم عن ضياع تفكيره......نظر لنفسه من خلال النافذة الزجاجية التي تعكس صورته

.
.
ألم يُكفيك القتال بعد؟
ألم تكفيك الصرخات التي سمعتها؟
الم يكفيك انهيارها في وسط السجون؟
ألم تكفيك الطعنات؟.....الجروح.....والحرو ق؟
هل آن أوان القتل الجسدي البحت؟
.
.
شخصت عيناه، ما يأمره جده به جُرم، مشى خطوتين ثم جلس على الأرض يدور حول نفسه ، يرقص على اهداب حيرته، ينظر من جديد للباب الذي خرج منه جده
بلل شفتيه
تذكر موقفًا
/
\
/
\
/
\
في سنة 2012م
سنة ارتباطهما ببعضهما البعض ، سنة مميّزة عليهما بطريقة مأساوية .....اجتمعا سريعًا تحت سقف واحد .....اصبح ظلها يترقّب ظلّه ...وظلّه يترقب ظلها...ليتشاجرا!

تذكر كيف تسلّطت عليه الأضواء، ليدخل إلى صالة الأفراح هو وعمه أبا فهد وابا صارم.....تذكر فرحة فهد من خلفه.....ورقص ريّان امامه ....تذكر أصوات الزغاريد.....ورائحة دهن العود والمسك والبخور.....تذكر وجهها.....البريء من كل شيء.....ادرك...وقوفها بفستان...ابيض طويل....يخبأ جسدها النحيل بطريقة كلاسيكية مُثيرة للشفقة على حالهما......تذكر رجفتها حينما لامست شفتيه جبينها ......
.
.
تذكر دموعها ونحيبها في الغرفة حينما اطبقت عليهما بأسنانها الغاضبة
لن ينسى نظرتها المترجيّة في التوقف إلى هذا الحد من هذا الزواج
كانت ترجوه بعينيها ان يكتفي بحفل الزواج .....ان يكتفي بوجودها....ان يُعطيها فرصة التقبّل ولكن؟
اهداها جملةً لعينة فردت من لسانه: توقعتك احلى .....ليتني خذت دانة ولا نطقت باسمك....
ازاح من على جسده *البشت* رماه على السرير وهي تنظر إليه بصمت وصدمة لاذت بحزنها وانكسارها لتجلس على الارض
نطق وهو يشير لها وكأنه ينتقم من شيء لا يصرّح به: زواجنا بصير على ورق يا بزر....لا تخافين ....نامي.....قومي....
كانت تبلغ من العمر آنذاك خمسة عشر اعوامًا أصبحت عروس بائسة في سن مبكّر ودّت لو تنطق هي ايضًا لا ترغب به كما صرّح لها بطريقته
التي جرحت شيئًا من انوثتها كل ما ودّته الآن تبكي، هي خائفة من هذا الزواج هذا الكائن الذي أتى ورمى بنفسه على السرير .....
ودّت لو تعود لمنزل والدها ولكن لا مجال للتراجع
خبأت وجهها وبكت كل الأشياء التي تعتصر فؤادها دفعة واحدة!
\
/
\
/
\
/
ابكاها في ليلة العمر
كما يسموها ولم يكتفي بهذا القدر لم يكتفي ابدًا
ابكاها سنين طويلة
والآن
جده يريد ان يُكمل ما هو ناقص بداخلها
مسح على وجهه ونهض ثم خرج من منزل جده!

.
.
.
.

انتهى
.
.
.
قراءة ممتعة للجميع
(لاحظوا إلى الآن قفلاتنا هادئة وجدًا

.
.
"الرواية متواجدة على الواتباد
ولكن البارت الثاني ما راح ينزل عليه اليوم".
.
.

حسابي على الأنستغرام الخاص للرواية:

shatat_zz




لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس