عرض مشاركة واحدة
قديم 27-11-20, 11:02 PM   #3517

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي 5



(5)




بعد أيام
الزغاريد .. صيحات الفرح العالية التي تخرج من القلب إلى قلوب الحاضرين .. كانت البهجة حاضرة والأحباب مجتمعون والقلوب تملأها الأمنيات البكر رغم تكرار الحدث .. لكن الفرق بين الماضي والحاضر كبير ..كبير باتساع قلب محب عاشق .
وقفت إسراء للمرة الثانية أمام مسجد الشيخ تيمور لكن اليوم لم يكن أبدا أشبه بالبارحة ..كانت أكثر قلقا .. أكثر توترا .. و… أكثر فرحا .. على الرغم من أنها تقريبا تكاد لم تتواصل مع زين بعد ذلك اليوم الذي رفضت إعطائه المحبس فيه وطلب من والدها التعجيل بالزفاف ليوافق والدها في اليوم التالي ويبدأوا في سباق الزمن ..فالعائلتان كانتا تجريان في كل الاتجاهات لإعداد التجهيزات..
ورغم شعورها بالإجهاد ومواصلتها الأيام الماضية بدون نوم تقريبا إلا أنها كانت سعيدة جدا ..وكأنها لم تعش تلك اللحظة من قبل .. أما نصرة فكانت على باب المسجد تبكي بجوار نجف وصباح وعمة العريس وخالاته .. الجميع كانوا حاضرين إلا أم هاشم التي اعتذرت لأن وجهها رغم تحسنه لم يعد لحالته الطبيعية الكاملة بعد ..
في داخل المسجد وقبل القيام بالإجراءات الرسمية لتوثيق الزواج أخرج هلال من جيبه ورقة بيضاء وقلم ثم قال بحرج "الحقيقة لم أجد الفرصة لإعداد قائمة الأثاث بعد ..خاصة وأن هناك أشياء لم نجد الفرصة لشرائها ..إن شاء الله نشتريها بعد الزفاف ..لهذا أرجو أن تساعدني يا زين في كتابة القائمة فكما تعلم...."
قطع عبارته حين سحب منه زين الورقة وكتب في أعلاها (قائمة أثاث إسراء هلال جمعة) ثم نزل يكتب في أسفل الصفحة (توقيع الزوج زين الدين إسماعيل دبور ) ومرر الورقة لجابر الذي يجلس بجواره يقول "وقع يا شاهد العريس"
ابتسم جابر ووقع دون تعليق ..فمرر زين الورقة لأخي هلال الذي حضر من العاصمة لحضور عقد قران ابنة أخيه وقال "وقع يا شاهد العروس"
حين انتهى الأخير من التوقيع طوى زين الورقة وأعطاها لهلال وهو يقول" أكتب محتويات القائمة على راحتك يا أبا كريم"
دس هلال الورقة في جيبه شاعرا بالامتنان بينما قال زين للمأذون بحنق "اسرع يا شيخنا تأخرنا كثيرا"
حين نادوا عليها خطت إسراء بقدميها الحافيتين ودخلت المسجد مسبلة الاهداب بفستان بسيط باللون البصلي ووقفت في ركن فناظرها هلال وقرصت الدموع عينيه وتلك الذكري المؤلمة تسيطر على أفكاره رغما عنه.. بينما اتسعت ابتسامة زين فنبهه المأذون لأن يوقع قائلا بمشاكسة "وقع يا عريس ولا تضيع وقتنا في التسبيل "
أسرع زين بالتوقيع على الأوراق قائلا بانشراح قلب مصحوب برقصات مجنونة داخل صدره "العريس وقع وبصم بأصابعه العشرة منذ مدة يا شيخنا"
ابتسم الحاضرون يتمتمون بالمباركة وقد بدا واضحا أن الذكرى السابقة لا تزال عالقة بأذهان الجميع وليس هلال وحده ..حتى زين الذي لم يحضرها لاحظ ذلك جيدا فتعمد المزاح ليغلب التوتر المخيم على الحدث ..
أعطيت الأوراق لكريم ليذهب بها إلى أخته فأمسكت بالقلم ووقعت عليها ثم وضعت بصمتها.. فعاد كريم بالأوراق للجالسين أرضا.. ليمسك المأذون بيد هلال ويمد يده ليمسك يد زين فقال الأخير "لحظة يا شيخنا"
شاكسه المأذون قائلا وهو يراه يستقيم واقفا" أنت من تعطلنا الآن وكنت تستعجلنا منذ الصباح الباكر"
تحفزت ملامح هلال وهو يتابعه متوجها نحو إسراء بينما انكمشت الأخيرة ..ليمد يده ويلتقط كفها يسحبها معه وسط همسات معترضة منها فعاد يجلس مكانه وأجبرها على النزول والجلوس خلفه ليقول زين "لا تؤاخذني يا عم هلال"
تنحنح جابر الذي يجلس بجواره فنظر إليه زين قائلا" الأوراق التي وقعنا للتو عليها تثبت بأنها قد أصبحت رسميا زوجتي وننتظر مباركة الشيخ"
مط هلال شفتيه بامتعاض فأمسك المأذون بكفه ووضعها في كف زين الذي أبقى على يده اليسرى تحضن كف اسراء التي كانت تنتفض من التوتر والحرج وبدأ المأذون في قول عباراته المشهورة لإتمام عقد القران.
فرفعت إسراء أهدابها المسبلة إلى أمها التي كانت تبكي على باب المسجد وحماتها التي كانت تضحك وتضرب كفا بكف على ما يفعله ابنها بينما همسة ونسمة تتهامسان بسعادة وهما تلتقطان الصور .
علت الزغاريد بالخارج حين انتهى المأذون من المراسم فاستدار زين وأمسك برأس إسراء يطبع قبلة على جبينها بعد أن قال "الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات "
فاستقام هلال شاعرا بالغيظ وسحب ابنته لتستقيم واقفة ثم حضنها مباركا في حضن عاطفي مؤثر ..بينما تلقى زين التهاني من الحاضرين وعلى رأسهم جابر الذي غمغم قائلا وهو يحضنه" مبارك لك ..أخيرا ستتعقل وتستقر"
أبعد زين رأسه عن كتف أخيه ورد "الثانية نعم .. الأولى أشك فيها "
ثم ضحك وطبع قبلة على كتفه وتوجه بعدها لتلقي التهنئة من الحاج يحيى.
بعد دقائق كان زين يخرج من المسجد وسط الزغاريد العالية ويميل على يد أمه ليقبلها ثم قبل رأسها وهي تدعو له باكية بالسعادة بعدها تلقى التهاني من عمته وخالاته بينما إسراء غارقة في أحضان نصرة التي تبكي.. فقال زين بشقاوة وهو يقترب منها ويأخذها منها "اتركي القليل لغيرك يا حماتي"
وفي اللحظة التالية كانت إسراء المتخشبة غارقة في حضن رجولي دافئ عطر.. حضن زوجها.. عوضها.. وحين يكون العوض من السماء يأتي في أروع حالاته ..
بعدها تحول الشارع بدون ترتيب مسبق لساحة من الاحتفال .. انطلقت فيها نصرة تطبل وتغني أغانيها التي تحبها .. عادت من جديد للغناء .. عادت لتصدح بصوتها .. تغرد بفرحة مختلطة بالدموع ..والأقارب والجيران وصاحبات إسراء حولها يصفقن ويغنين معها .. بينما الرجال يقفن جانبا يتلقون ما يوزعه أهل العريس على الحاضرين من علب العصائر والحلوى..
أما زين فكان يقف بالقرب يتحفظ على يد إسراء تحت ابطه بينما هي محمرة الوجه يكاد أن يغشى عليها من الحرج والخجل وهي تحاول افلات يدها منه فمال عليها قائلا "فاتت فرصة الافلات يا أبلة"
رفعت إليه عينيها الكمونيتين المؤطرتين بالكحل وقالت "زين أشعر بالحرج أمام الناس"
مال عليها وهمس بجوار أذنها" هل هذا يعني أنني لو اختليت بك ستتركينني أفعل ما أريد؟"
ازدادت حمرة وجهها بشكل واضح واشاحت به فضحك ومال على أذنها قائلا بسخرية "وتتظاهرين كل هذا الوقت بالحزم والسيطرة ..بينما أنت ترتبكين وترتعشين من حضن واحد"
استمرت بالإشاحة بوجهها وقد لاحظ البعض خجلها الواضح أما هي فاستنكرت ما يحدث معها .. طوال عمرها هي ثابتة على الأرض تحتفظ بهدوئها وبثباتها الانفعالي .. أما هذه اللحظة فكانت تشعر بأنها كريشة تتأرجح مع نسمة صيف هبت في عز الشتاء .. هبت بحضوره المفاجئ .
سألها "ألن تعطني محبسي؟"
حركت كتفها رافضة وهي لا تزال تشيح بوجهها عنه وصاحباتها يقفن يتغامزن ويشاكسنها بإشارات مخفية من بعيد .
ابتسم زين وهو يتأملها وضربات قلبه لا تريد أن تهدأ منذ الصباح .. كانت شهية وكان هو جائعا .. كانت رقيقة فاتنة .. وكان هو لا يصدق أنها أضحت حلاله ..كانت تسر العين والقلب وكان هو يتقافز من السعادة .. هي كانت.. وهو كان .. فأضحى الاثنان بعد تلك اللحظة في خبر كان.
على صوت نصرة الجميل وطبلتها انتحى جابر جانبا مبتعدا عن الزحام وأنظاره لأعلى نحو أم هاشم التي تطلق الزغاريد من الشرفة فأشار لها على الهاتف فاختفت بالداخل لتحضره.
هو الي خطبها هو الي نقاها
راح وقال لابوها أنا دايب في هواها
فتحت أم هاشم هاتفها وهي تعود لتقف في الشرفة فقال" جابر الاحتفال ينقصه وجودك"
قالت بفرحة صادقة "مبارك لهما ليسعدهما رب العالمين"
قال جابر "اتصلت لأخبرك أني تذكرت يوم عقد قراننا وأنا بالمسجد.. ولازلت أذكر شكل الفستان الذي كنت ترتدينه وكيف كنت منكمشة ولحظتها خشيت أن تكوني قد ارتبطت بي لأنك حسبتها بالعقل"
قالت بصوت متهدج "وأنا أيضا كنت أتذكر تلك اللحظات منذ قليل ..لم أصدق وأنا أوقع اسمي بجوار اسمك وتمنيت أن أبصم بقلبي وشفتيّ على القسيمة"
ضحك جابر ضحكة نبعت من القلب فأضافت بطريقتها المتهكمة "تضحك عليّ لأني كنت غبية غباء الحمار العاشق"
تطلع حوله ليتأكد من أنه ليس هناك من ينظر نحوه وأضاف بلهجة ذات مغزي" بل فرس ..فرس أسمر جامح ..بركاتك يا شيخ تيمور"
انتبه جابر لما يحدث على بعد وتطلع في نصرة التي أعطت الطبلة لسيدة أخرى بدأت تطبل وتغني بدلا منها بينما وقفت هي في وسط الواقفات ترقص بجسدها البدين وتهز كتفيها وذراعيها والسعادة تتراقص على وجهها الأحمر فعاد جابر يقول لأم هاشم "أكمل الله لهما فرحتهما ..الحقيقة أنا أشكر الله على أن يسر لنا هذه المصاهرة"
غمغمت أم هاشم "العقبى لميس إن شاء الله ..أين هي لا أراها"
رد وهو ينظر للاتجاه المقابل "تقف مع عمتي وبناتها .. (وأضاف) والعقبى لهاشم .. أتمنى من الله أن يمد في عمري حتى أراه يكبر أمام عيني ويصبح رجلا كزين ..وأن أحضر زفافه"
قالت بعاطفة جارفة "أطال الله في عمرك يا جابر وقر عينك بأولادك وأحفادك"
نافسها في قوة العاطفة وهو يقول " ولك بالمثل يا أم قلبي"
في الساحة كانت السيدة تغني إحدى الأغنيات فاقترب هلال ووقف أمام زوجته وبدأ يرقص أمامها.
خدناها خدناها
خدناها بالسيف القاضي
وأبوها ماكنش راضي
وعلشانها بعنا الاراضي
الحلوة اللي كسبناها
تطلعت إسراء في والديها وهيستريا الفرح التي تسيطر عليهما وبدأت تبكي فربت زين على يدها التي تتأبط ذراعه وطبع قبلة فوق حجابها ثم غمغم وهو يميل على أذنها بمشاكسة حتى تكف عن البكاء "هل سمعت الأغنية؟.. من أجلك دفعنا الكثير … الكثيييير ..فأرجو مراعاة ذلك فأنا انتظر المقابل بصراحة "
تطلعت في وجهه باستنكار فمنحها ابتسامة وسيمة .. بل هو كله كان وسيما رجوليا يفتح الشهية على الحياة وقال غامزا" وأول ما انتظره محبسي يا سارقة المحابس "
كانت نصرة تبكي وبدأ هلال يشاركها البكاء مع الرقص .. عيناهما في تلاقى تتحدث من خلف الدموع.. جبر الله بخاطرنا.. أكرمنا في الغالية إسراء .. عوض صبرنا وصبرها .. رفع رأسنا ورأسها .. ونصرنا على من أذانا ..
خدناها بالملايين
وأهلها ما كانوش راضيين
وعلشانها بعنا الفدادين
الحلوة اللي كسبناها
توقف هلال فجأة وأخذ رأس نصرة رفيقة العمر وحبيبة القلب بين يديه وقبل جبينها بتأثر .. فالعوض بعد شقاء طويل يكون وفيرا ..جابرا للقلوب.
××××
تطلعت بسمة للمرة العاشرة في هاتفها خلال العشر دقائق الماضية .. لقد أخبرها شامل أن كامل اتصل به يخبره بأنه سيتصل بها حتى تتلقى المكالمة بعيدا عن أمه.. فأسرعت بالهرولة إلى جناحها وها هي في انتظار اتصاله ..في انتظار أن تروي اشتياقها له ولو بصوته..
ومض قلبها مع وميض الهاتف وأسرعت بالرد وهي لا تعرف هل رن أم لا فضربات قلبها كانت عالية جدا .. فهمست بحشرجة ترد على الرقم غير المسجل "آلو"
"باسمة"
جاءها صوته أجشا خافتا ..وأتاها اسمها منطوقا بطريقته التي لا تشبه أحدا فانفجرت ضرباتها كالمفرقعات النارية وقالت بصوت مرتعش "كامل ..اشتقت إليك يا كامل"
لم تستطع التماسك .. فأخذت تبكي رغما عنها فانتحى كامل جانبا يولي ظهره لعنبر المساجين المزدحم خلفه وحشر جسده في ركن ضيق حتى كاد أن يلتصق بالحائط وهو يهمس "لا تبكي بالله عليكِ.. فأنا غير قادر على تحمل المزيد"
سألته "رقم من هذا؟"
رد بخفوت "هاتف أحدهم يخفيه عن العيون ويؤجره لمن يرغب"
سألته عاتبة" لماذا لم تطمئنني عليك قبل ذلك ...والله يا كامل كنت أموت ببطء لكني لم أسمح لنفسي بالانهيار حتى لا يخفوا عني أي خبر يتعلق بك"
أجابها كامل موضحا" قضيت أياما صعبة ولم يكن معي أية نقود وانتظرت حتى استطاع مفرح ادخال نقود لي حين وصلت إلى هنا"
بكت بخفوت فقال كامل "لا أعلم إن كنت بقرار تسليم نفسي للشرطة قد ظلمتك معي أم لا ..لكني لم أقبل على نفسي أن أكون جبانا بهروبي فسامحيني"
"كامل"
"روح كامل"
قالت باكية " أنا أيضا لا أعرف إن كان إخبارك بأمر معين في هذا التوقيت تصرف جيد أم لا لكني غير قادرة على الصبر والانتظار ...فسامحني"
سألها بقلق " ماذا حدث يا باسمة؟"
"أنا حامل"
اتسعت عيناه وهتف " ها ؟... ماذا قلت؟؟؟"
"حامل"
توقف المهرجان الصاخب في صدره وسألها بصوت مرتعش "أتقولين الصدق يا باسمة؟"
قالت مؤكدة " أجل ذهبت للطبيبة فطمأنتني ... تقول بأني في الأسبوع التاسع ..أي بدأت في الشهر الثالث ..هل تصدق"
دارت عيناه لتختلسا نظرة سريعة خلفه ثم عاد يدفن وجهه في الحائط وانعقد لسانه .. يحاول ألا يقفز فرحا ..فترك مهمة القفز لقلبه الذي عاد لصخبه وأبعد الهاتف لثوان عن أذنه وتغضنت ملامحه ثم ترقرقت الدموع في عينيه .. فاستند بجبينه على الحائط وهمس" يا الهي لا أصدق بأني سأكون أبا .. أنت تحملين طفلي ..تحملين طفل كامل وبسمة"
ابتسمت تقول " أنا أيضا لازلت في مرحلة الصدمة"
كان الخبر أكبر من استيعابه أو ربما الظرف النفسي وتلك الضغوط التي يرزح تحتها كانت أقوى من تحمله.. فأحس بأنه على وشك البكاء خاصة وهو يتصور أنه قد لا يحضر لحظة ولادة ابنه فقال بصوت متهدج" عليّ أن أغلق الخط ..سأتصل بك متى سنحت الفرصة ..مبارك يا بسمتي ..وشكرا على منحي هذه الهدية"
ردت بسمة " الشكر لله وحده ..أراد أن يخفف عنا أنا وأنت المحنة"
همهم والبكاء يلح عليه بشكل غريب "سأتصل بك مرة أخرى .. أحبك.. سلام"
حين أغلق الخط سحب نفسا عميقا وأخرجه ببطء يغالب البكاء ومسح عينيه برجولة واستدار بعينين حمراوين يعطي الهاتف لصاحبه بينما قال له أحد المساجين وهو يمضغ الطعام "بصراحة يا شيف كامل طعام مطعكم رائع"
أيده الباقون المتجمعون حول أطباق الطعام التي أرسلها شامل له فهز كامل رأسه ..ليسأله أحدهم "ما بك؟.. هل كنت تبكي ؟..هل حدث شيء؟"
تخلى عن تحفظه وصمته المعهودين وكأنه أراد أن يعلن الخبر بمكبر صوت ورد بحشرجة خافتة مصدومة "زوجتي حامل وسأصبح أبا"
××××
بعد يومين
صباحا
كان ياما كان
كان في عصفور
قلبه صغير
ريشه قصير
كان بيرفرف برة السور
كان انسان من طين من نور
دندن إياد الأغنية بصوت خافت مسموع من جلسته في المقعد الخلفي للسيارة بجوار أخيه فبلعت مليكة الجالسة في المقعد الأمامي ريقها بصعوبة وشاركته في الدندنة بشجن ..فناظرها مفرح الجالس خلف عجلة القيادة وأخبر نفسه أن عليه أن يلفت نظر ولديه بما تحمل هذه الأغنية من ذكرى لمليكة ..فيبدو أنهما يرددانها لأنها تحبها دون أن يربطا معانيها بها ..
ونظر في المرآة الأمامية وقال لابنه " ارحمنا من غنائك"
هتف إياد بعبوس وهو يبعد سماعة الهاتف عن أذنيه" ألا يحق لي أن أغني!!"
غمغم مفرح" لا .. لا يحق لك أن تغني في حضوري"
تدخل أدهم قائلا" ولا في حضوري ..بالله عليك أخبره يا أبي .. إنه يصيب رأسي بالصداع"
لوى إياد شفتيه يناظر أخاه باستياء بينما ضغط مفرح على مشغل الأغاني يقول" فلنسمع أغنية أفضل"
صدح صوت كاظم الساهر:
سلام على جسد كالخرافة
يفتح كالورد أجفانه
ويختار عني فطور الصباح
وأشعر أن السرير يسافر فوق الغمام
اتسعت عينا مليكة وناظرته بنظره موبخة بينما تخشب الأخير لثوان يطالع ولداه عبر المرآة بحرج.
سلام على الخصر يخطر بالبال مثل المنام
سلام على قمرين يدوران حولـ ..
أغلق الأغنية بسرعة وأشاح بوجهه نحو نافذته وكذلك فعلت مليكة بوجنتين حمراوين ليقول إياد معترضا" لماذا أغلقتها يا أبي!"
غمغم مفرح يناظره في المرآة "غيرت رأيي لقد اقتربنا من القرية"
سأل إياد مستهبلا وهو يتبادل النظرات الشقية مع أدهم الذي يخفي شقاوته خلف هدوءه" ما اسمها هذه الأغنية إنها تبدو قليلة الأدب"
أطبق مفرح شفتيه بقوة حتى لا ينفجر في الضحك بينما عبست مليكة وأدارت وجهها لابنها تقول" ولماذا تسأل عنها مادامت قليلة الأدب يا إياد؟"
تبادل النظرات مع أخيه الذي احمرت وجنتاه ثم عاد ينظر لمليكة قائلا بابتسامة خبيثة" حتى أتجنب سماعها إن وجدتها أمامي "
أشاح مفرح بوجهه للنافذة بجواره ومسد عدة مرات على لحيته يكتم الضحك فحركت مليكة أنظارها بين ثلاثتهم وعادت تنظر أمامها بامتعاض ليقول إياد لأخيه " هل ذكر خصرها؟"
هز أدهم رأسه ورد" أعتقد ذلك"
فقال إياد وهو يتطلع في النافذة جواره و يلملم ابتسامة وقحة من فوق شفتيه " تؤتؤتؤ عيب هذا الكلام والله "
ناظرت مليكة مفرح الذي يزم شفتيه حتى لا يضحك وأمسكت بالهاتف تكتب له على الواتساب" هل تضحك يا مفرح.. إنه لا يزال صغيرا على هذا الكلام"
التقط هاتفه وقرأ رسالتها ثم كتب" ليس صغيرا ولا شيء فهو على أعتاب مرحلة البلوغ"
كتبت "تعجبك أنت الوقاحة"
"أعشقها وأنت تعرفين ذلك جيدا"
قرأت ما كتب بعبوس ثم رفعت أنظارها إليه فغمز لها .
احمر وجهها واشاحته بعيدا تتطلع في النافذة فأرسل لها رسالة أخرى يسأل "ما أخبار مستوى الشوق عندك ؟..نريد أن نختبره تحت سقف سرايتكم الليلة"
نظرت للهاتف تتطلع فيه وازداد اشتعال وجهها ولم ترد عليه.
بعد قليل دخلت السيارة في القرية فشعرت مليكة بشعور مقبض وذكريات كثيرة تتصارع للانفجار في وجهها .. ذكريات قديمة وأخرى حديثة .. لكنها فعلت ما وعدت نفسها به .. بألا تترك لتلك الذكريات الفرصة لأن تكسر ما رممته في نفسها ..
حين وقفت سيارة مفرح في حديقة السرايا كان عبد الغني صوالحة يقف أمام الباب في استقبالها ومعه أخويها وزوجتيهما فتأثرت مليكة بهذا الاحتفاء وترجلت مسرعة ترتمي في حضن والدها الذي غمغم" مبارك لك على الحمل يا بنيتي لقد جبر الله بخاطرك "
قالت مليكة" لا حرمني الله منك يا حبيبي"
تكلم مفرح بعد أن سلم هو وولديه على الواقفين سأوصل الولدين عند جدهما عبد الرحيم ليقضيا اليوم معه وأنا عندي مشوار هام لابد أن الحق به وبعدها سنعود ثلاثتنا إليكم في المساء"
قال عبد الغني لا تتأخروا يا مفرح فأكرم وعمار وأسرتيهما سيحضرون في المساء (وربت على ذراع مليكة التي تنام رأسها على صدره وأضاف ) نريد أن نجتمع ونحتفل"
قال مفرح "إن شاء الله (ثم طلب من ولديه أن يعودا للسيارة قائلا وهو ينظر في ساعته ) هيا لا أريد أن أتأخر عن موعدي"
عاد الولدان للسيارة على مضض بينما سأله بشر "هل أنت ذاهب لزيارة صاحبك كما سبق وأن أخبرتني؟"
هز مفرح رأسه يجيب" أجل .. أخيرا حصلنا على إذن بزيارته"
غمغم بشر بتعاطف" يسر الله له كل عسير"
تكلم مفرح وهو يخطو للخلف "يا رب .. دعواتكم جميعا أن يظهر الله براءته ويرده إلى أهله سالما"
××××


يتبع











Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس