عرض مشاركة واحدة
قديم 30-11-20, 01:36 PM   #1366

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي




صباح الورد سيتم تنزيل الفصل الاربعون والخاتمة تباعا

الفصل الأربعون


تململت في نومها بعد ليلة قضتها مابين الأرق والنوم المتقطع، تحاول أن تنقلب يمينا أو يسارا ولكن الثقل الذي كان يٌجثم على صدرها جعلها لا تستطيع التحرك خاصة وأن هناك كف مٌتملكة توضع أعلى بطنها المنتفخة ،مسدت بكفها على كفه بحنان فهو يتحمل معها تعبها وأرقها وكأنه يريد أن يقتسم معها آلامها كما اقتسما معا كل شيء ،أبعدت يده برفق عن بطنها وهي تبتسم فهي عادته طوال شهور الحمل أن يضع يده على بطنها يتابع حركة جنينها ويحدثه وكأنه لم ينجب من قبل...

اعتدلت قليلا واستندت برأسها على ظهر السرير، كان شعاع شمس الصباح يتسرب من فتحات الستائر الثقيلة فجالت بعينيها في حجرتها الحبيبة ،ملاذها الآمن ، هنا خلف هذا الباب المُغلق كانا يقضيان أحلى الأوقات،أوقات مسروقة بعيدا عن الجميع وربما هذا كان سببا لعدم تسرب الملل إلى علاقتهما
هنا كانا يجتمعان مساءا بعد أن ينام الجميع وربما لم يتسنى لهما اللقاء طوال اليوم فكان لقاءهما آخر الليل كافيا،
هنا كانت قبلة مختلسة في وسط النهار لاتستغرق سوى ثواني ولكن تمد بالطاقة اللازمة لإدارة منزل كبير به ستة أطفال ليسوا صغارا يحتاجون إلى رعاية واهتمام،هنا يختلفان ويتفقان ويتشاوران في كل شيء بعيدا عن الأولاد وبالخارج أمام الأولاد هما أب وأم للجميع لايختلفان على شيء أمامهما...

نظرت إلى المنضدة المقابلة لها أسفل النافذة التي تضع عليها صورهما معا ،صورعقد قرانهما وزفافهما وصورا تجمعهم بالأولاد كل مافي غرفتها من تفاصيل يجعلها دافئة
نظرت إليه نظرة حانية وهو مستغرق في النوم بعد أن سهر معها بالأمس حين جفاها النوم وعادت بذهنها إلى ثمانية أشهر للخلف يوم أن عرفت بخبر حملها

قبل ثمانية أشهر

قرب غروب الشمس وبعد أن انتهت من كل مهام المنزل وطلبات الأولاد شعرت بالإرهاق وأصابها دوارا خفيفا ،تركت الأولاد جميعا يجلسون مع جدهم وجدتهم ودلفت إلى حجرتها لتأخذ حماما علها تستفيق قبل عودة تيمور من العمل وكانت قد أحضرت اختبار حمل منزلي فقد تأخرت عادتها عدة أيام وتريد أن تطمئن
قامت سريعا بعمل التحليل ووضعته على (سطح المنضدة الرخامية ) حتى تأخذ حماما وتكون نتيجته قد ظهرت جيدا ،نزعت عنها ملابسها ودخلت تحت الماء الفاتر وماهي إلا دقائق وكانت قد انتهت وأحاطت جسدها بمنشفة طويلة وتناولت أداة التحليل ولم يكن هناك مجالا للشك فالخطان كانا واضحان بشدة فاتسعت عينيها سعادة وخوفا في نفس الوقت ،سعادة لأنها ستحقق له أمنية غالية عليه وعليها، أن يحتضن رحمها طفله كانت فعلا أمنية، وخوفا من عدم تقبل الأولاد إلى جانب تعب الحمل وأن يصبح لديها طفلا صغيرا بعد أن كبر أبناءها وبناته،مجموعة من المشاعر المتناقضة تصيب المرأة في هذه اللحظة ،جلست على طرف حوض الاستحمام وهي ترتجف من رهبة الموقف

"فريداااا أين أنتِ؟"

صاح بصوت عالي وهو يبحث عنها في أرجاء الغرفة ولايسمع صوتا من جهة الحمام وهي تسمعه ولا زالت تنظر إلى الإختبار تتأكد أن ماتراه حقيقيا
فتح باب الحمام بعدما لم يسمع لها صوتا فرفعت وجهها نحوه بملامح لم يستطيع قراءتها،كانت تحيط جسدها بالمنشفة وشعرها المبلل مبعثرا على كتفيها وظهرها وتجلس ترفع وجها متجمدا نحوه فاقترب منها قائلاً :"لما تجلسين هكذا؟.. هل ضايقك أحد؟.."
هزت رأسها نفيا فاقترب منها حتى وقف أمامها مٌباشرة وأردف بشك:"لا أنتِ بك شيء...."
"نعم بي شيء"
قالتها بعينين تلمعان تأثرا وصوت مرتجف ونبرة مٌبهمة بالنسبة له وهي تبسط أمامه كفها الذي يحتوي على أداة الإختبار الذي ما أن أبصره تيمور حتى أخذه من يدها ونظر إلى الخطين ضاحكا ضحكة واسعة ،ضحكة ارتسمت على وجهه كله وطالت عينيه
"حامل"
أربعة أحرف نطقها بفرحة تقافزت من بين حروف كلمته وهو يمد يديه لها فاستندت على يديه ووقفت ليجذبها نحوه ويضمها بقوة حتى التصقا ببعضهما فهدأت رجفة جسدها مع التحامهما معا
"مبارك علينا حبيبتي لا تعرفي كيف كنت أنتظر هذا اليوم "
همس بها في أذنها بصوت رخيم
"أريدك أن تعلم أن أمامنا احتمالين إما صبي وإما فتاة حتى لا تعلق نفسك بما يتمناه قلبك دون غيره"
همست بها وهي تعرف ماذا يتمنى وتدعو الله به ولكن كل شيء بأمره وحده
أبعدها قليلا وقال بصدق:"أي شيء منكِ جميل بسكوتتي تقومين لنا بألف سلامة ويأتي سليما معافى أيا كان."
قالها ثم عاد ليضمها بسعادة مرة أخرى

بعد أن بدلت ملابسها وقفت تجفف شعرها بمجفف الشعر وأخذ هو حماما وخرج يرتدي منامة مريحة فوجدها تقف أمام المرأة ولا تزال تجفف شعرها فاحتضنها من الخلف وطبع قبلة شغوفة على عنقها قائلاً:"ماذا ستسميه؟.."
ابتسمت قائلة وهي تستند برأسها على صدره وتنظر إلى انعكاس صورته في المرأة :"كما قلت لك إن كان صبي سأسميه فؤاد على اسم أبي وإن كانت فتاة..."
ابتعد عنها قليلا وأردف ما أن تذكر :"أبي ...لم نقول لأبي وخالتي والأولاد..."
لم ينتظر منها ردا وهو يندفع للخارج فشهقت قائلة:"تيمور انتظر لابد أن نمهد للأولاد أولا.."
ولكنه لم ينتبه لكلماتها وهو يُسرِع للخارج وما أن خرجت خلفه حتى وجدته يقف في منتصف غرفة المعيشة حيث تجلس عايدة تقوم بهوايتها في عمل الكروشيه والدكتور فؤاد يتابع المسلسل التاريخي على التلفاز والأولاد جميعا يلعبون معا لعبة جماعية على هواتفهم فأردف تيمور بسعادة وضحكة واسعة:"أبي خالتي فريدة حامل..."
"بسم الله ماشاء الله ألف مبروك أحبائي.."
كانت عايدة أول من ردت عليه بابتسامة مشرقة خرجت من القلب تلاها الدكتور فؤاد الذي رفع وجهه إلى تيمور ومن خلفه فريدة قائلا بفرحة حقيقية:"ألف مبروك أحبائي ..."
رد عليه تيمور وردت فريدة التي كانت تنظر أمامها إلى تماثيل الشمع الذين يمسك كل منهم هاتفه ويحدق فيها،
شيء لم يكونوا يتوقعونه جميعا في غمرة الأجواء الغير مستقرة التي عاشوها الفترة السابقة وتباينت بعد ذلك ردود الأفعال فسهر وسمر وشمس اتسعت ابتسامتهن
:"أخيرا سيكون لنا أخ.."
قالتها شمس بسعادة
"أو ربما أخت ،لما تجزمين أنه صبي؟.."
قالتها سهر وهي تنظر إلى شمس
فقالت سمر:"أي شيء المهم أن تقوم أمي بالسلامة..."
أما عبدالرحمن فما أن زالت دهشته حتى أردف بضحكة قصيرة ولا زالت علامات الدهشة على وجهه:"سيكون لي أخ وأنا في سني هذا !"
فقال له الدكتور فؤاد :"هذا أفضل شيء حتى حين تكبر يكون هو أصغر منك ويكون عكازك وسندك في الحياة كأخي حسين ،لم ترى أنت ماذا كان يفعل معي خلال الشهور التي كنت فيها عنده.."
"هل ستحبونه أكثر مني "
نطقتها شيري بغيرة واضحة فهي الصغيرة المدللة ولم تتوقع أبدا أن يأتي من ينافسها ، اقتربت منها فريدة وجلست على الأريكة بجوارها هي وعبدالرحمن وشروق بينما كانت الثلاث بنات الأخريات على الأريكة المجاورة فضمتها إليها بحنان قائلة:"لن نحب أحد أكثر منكِ على الإطلاق ..."
جلس تيمور بجوار والده يرى تصرف فريدة مع الأولاد، أما شيري فرغم شعورها بالغيرة إلا أن ضمة فريدة لها أشعرتها بالأمان وما أن ابتعدت عنها حتى قال لها تيمور بصوت حنون وهو يفتح ذراعيه:"تعالي شيري..."
فذهبت إليه ليضمها بشدة فتغوص في حضنه تتلمس أمانا وحبا ظنت لوهلة أن هناك من سينتزعهما منها
أما شروق التي اصفر وجهها فكانت غيرتها أشد فرغم أن حالتها تحسنت كثيرا وأوقفت جلساتها ورغم صلتها التي توطدت بفريدة وأبناءها ولكن تبقى هناك نزعة تملك لوالدها لم تتخلص منها بعد
قالت سمر بتفكير وهي تنظر إلى شمس:"إن جاء صبي ماذا سنسميه؟..."
ردت عليها فريدة قائلة وهي تنظر إلى الدكتور فؤاد:"فؤاد... إن كان صبي سنسميه فؤاد..."
فرفع الأخير عينيه إلى عينيها مبتسما بامتنان فقالت سهر :"وإن كانت فتاة؟.."
"ياسمين "
قالتها فريدة بلا تردد
"حقا!"
نطقتها شروق بعينين متسائلتين
فأردفت فريدة:"حقا حبيبتي لأن هذا أكثر أسم أنتم تحبوه..."
ابتسمت شروق أخيرا ودون كلام بادرت باحتضان فريدة التي ضمتها إليها بحب وهي تربت على ظهرها بينما ينظر إليها تيمور بامتنان أنها تستطيع دائما امتصاص توتر الجميع....

بعد مرور شهرين

كان يقف بجوار سرير الكشف في عيادة الطبيبة التي تتابع معها فريدة الحمل ،المفترض أن يعرفان اليوم نوع الجنين ،كانت فريدة تستلقي والطبيبة تمرر الجهاز على بطنها يمينا ويسارا ،وهي لا تحيد بعينيها عنه تتمنى أن يعطيها الله مايتمناه تيمور
تعرف أنه سيرضى في كل الأحوال ولكنها تريد له السعادة وأكثر كان يميل قليلا نحو الشاشة بتدقيق والطبيبة تكبر موضعا معينا قائلة:"هل رأيت جيدا يادكتور أعتقد يتضح جدا.."
ابتسم تيمور وهو يستقيم قائلا لها:"بإذن الله.."
أعطت الطبيبة فريدة مناديل ورقية وابتسمت لهما قائلة:"ألف مبروك.." ثم عادت إلى مكتبها
اعتدلت فريدة وقالت له بلهفة وهي ترى نظرة السعادة في عينيه:"ماذا؟.."
كانا يقفان خلف ستارة فاصلة بين مكتب الطبيبة وسرير الفحص فضمها إليه بقوة قائلا بهمس:"ولد بإذن الله..."
شعرت برجفة قلبه فرحا فاختلج قلبها في صدرها فرحا لفرحه
وما أن خرجا معا من العيادة حتى رن هاتفها وكان عبدالرحمن الذي يقف في منتصف الحديقة وحوله جميع البنات جميعهم مترقبون ،ردت فريدة فقال لها بتساؤل:"ماذا يا أمي عرفتِ النوع ؟.."
:"سيأتيك أخ ياعبدالرحمن.."
قالتها بهدوء فصاح هو فيمن حوله بنبرة المنتصر وهو يرفع قبضته:"لا مزيد من البنات في هذا البيت سيأتيني أخ"
لتعم السعادة بين الجميع فجميعهم كانوا يريدونه ولدا

************
عادت فريدة من ذكرياتها مبتسمة وحاولت الاستقامة في جلستها فأطلقت تأوها مسموعا انتفض له تيمور قائلا وقد استفاق من نومه:"ماذا يافريدة هل ستلدين؟؟."
قالت له وهي تضع يدها على بطنها :"لا أنا فقط أشعر بالثقل.."
قال لها وهو يتحسس بطنها بكفه:"الطبيبة قالت لابد أن تمشي كثيرا هذه الفترة"
"لقد مللت طالت الفترة.. قالتها بضجر ثم أردفت ضاحكة:حتى علية التي كنا نسير طوال حملنا معا وضعت منذ عدة أسابيع"
ابتسم قائلا:"ابني يأخذ حقه كاملا ثم أردف وهو يستقيم ليغتسل :ارتدي ملابسك وهيا لتتمشي قليلا ألم تقولي أن هناك بعض الملابس لم تحضريها له..."
قالت له بكسل :"أشعر إنني لن أستطيع المشي.."
قال قبل أن يغلق باب الحمام:"قومي يافريدة كفاكِ كسلا ..."

بعد أن ارتدت فستان قطني مريح ووشاح بألوان مبهجة جلست على المقعد المجاور لباب الشقة لترتدي حذائها الطبي المريح فلم تستطيع أن تميل لتلبسه فلمحها هو وتقدم منها ودون كلام جلس أمامها على عقبيه ووضع الحذاء في قدميها كما يفعل كلما وجدها تحتاج إلى المساعدة فابتسمت له ابتسامة صافية
قال لها وهو يرتدي حذائه الرياضي المناسب لحلته الرياضية الأنيقة :"الأولاد مازالوا بالأعلى؟.."
أومأت برأسها قائلة:"نعم جدهم بات بالأمس أيضا معهم.."
قال لها وهو يمد يده لها:"هيا لنمر على أبي في الحديقة قبل أن نخرج .."
فوضعت يدها في يده وسارت معه ببطء أما عند باب المطبخ فكانت سماح الشابة التي تساعد في أعمال المنزل تقف وتنظر إليهما بهيام فاقتربت منها شقيقتها نجلاء قائلة بتساؤل:"ماذا تفعلين؟..."
قالت لها وابتسامة حالمة ترتسم على شفتيها:"أنظر إليه وهو يساعدها في ارتداء الحذاء وأتسائل متى سيأتي من يساعدني في ارتداؤه.."
قالت لها باستنكار:"هل تتركين جلي الصحون لتفكري في ذلك؟ ثم أردفت وهي تدفعها للداخل :أنا من سأقذفك بالحذاء إن لم تكملي ما وراءك..."
دلفت معها لتكمل عملها وهما تضحكان معا

**************
جلس بجوار مهد الصغير الموضوع في حجرة نومهما بجوار فراشهما ينظر إليه بلهفة لم تفتر وبإحساس بالحب يزداد يوما بعد يوم ،كان جميلا صغيرا ينام في مهده كملاك صغير، ابتسم له فادي ابتسامة حانية ثم عاد لينام قليلاً فالصغير سهر كثيرا طوال الليل ،
كانت علية تنام نوما عميقا فهي لم تعتاد بعد على النوم المتقطع هذا والسهر الكثير، تقلبت في الفراش حتى اقتربت منه فجذبها إلى حضنه فاستكانت بين ذراعيه كقطة ناعمة وأكملت نومها العميق أما هو فأخذ يمسد على شعرها الناعم وكتفها العاري وهو يعود بذاكرته قليلا للخلف فيبدو أنه لن يستطيع العودة إلى النوم بسهولة

منذ ثمانية أشهر


بعد أن عادا معا من قضاء إجازة شهر العسل التي كانت بالفعل أحلى من العسل قضيا على الأغلب اسبوعين إلى أن بدأت علية تشعر ببوادر القيء الصباحي واضطراب المعدة وبعد أن شك كلاهما في الأمر أحضر لها اختبار حمل منزلي وهاهو يقف أمام الحمام ينتظر خروجها ليعرف النتيجة
فتحت علية باب الحمام وخرجت بوجه شاحب فظن أنه لايوجد حمل لذلك هي حزينة ولكنها قالت له بصوت خافت"بالفعل هناك حمل كما ظننا "
بالنسبة لفادي لم يكن يعرف بالضبط ماهية مشاعره، قديما لم يكن حلم الأبوة يراوده حين كان مستكفيا بأبناء فريدة وحين كان من الصعب إن لم يكن مستحيلا حمل أماني لذلك لم يكن يحلم بهذا الحلم أما بعد زواجه من علية فتمناها ولكن لم يتوقع أن يحدث بهذه السرعة فكانت مشاعره مختلطة
احتضنها وقبل رأسها قائلاً بقلب خافق:"ألف مبروك حبيبتي "
كانت لاتزال متخشبة بين يديه فأبعدها عنه قليلاً ونظر الى نظرة القلق في عينيها قائلا :"لما لا أشعر انك سعيدة"
زمت شفتيها قليلا ثم قالت له بعينين حائرتين:"ليس كذلك أنا فقط ظننت أننا سنتزوج وتكون حياتنا كلها مرح لعدة أشهر لم أتوقع أن يحدث بهذه السرعة ثم إنني أشعر بالخوف أنني سأحمل طفلا إلى جانب تعب الحمل نفسه "
قال لها مشاكسا :"بالنسبة للسرعة فهذا أقل شيء عندي حتي تعرفين قدرات زوجك العالية ،لكزته في كتفه وهي تخبيء وجهها في صدره خجلا فأردف :وبالنسبة لخوفك فلا تقلقي سأحمله معك باذن الله "
رفعت وجهها قائلة له بشك:"كيف ستحمله معي وأنا حامل؟ "
قال ببراءة:"لا أقصد وأنتِ حامل بل حين تضعيه "
دائما ينجح في إخراجها من أصعب لحظاتها كأبة وحزنا بطريقته هذه فضحكت وضحك معها وعاد لاحتضانها بين ذراعيه فتشبثت به أكثر وهي تمسح وجهها في رقبته تستشعر من قربه الإطمئنان وكلاهما لا يعرفان الكثير عن هذه المشاعر الجديدة ولكنها لاتحتاج إلى معرفة فيكفي أن يسير الإنسان خلف فطرته وإحساسه وهو سيدله
كانت علية محقة في خوفها فهي كفتاة مدللة ضعيفة البنية كان الحمل بالنسبة لها متعبا على مدار الأشهر التالية وكان فادي متفهما مراعيا لأقصى درجة حتى أنه كان يصنع لها الطعام بيده

بعد مرور أشهر الحمل الطويلة جاء اليوم المنتظر الذي أتى فيه الصغير إلى الحياة
كانت غرفة علية في المستشفى ممتلئة بأهلها وأهل فادي وكانت علية خرجت من غرفة العمليات هي والصغير ،الصغير الذي حمله والده وأخذ ينظر إليه مشدوها وهو لايصدق أنه يحمل بين يديه مزيجا منها ومنه ،جلس على المقعد المجاور لسرير علية وأخذ ينظر إلى عيني الطفل المتسعتين وهو يشعر أنه يذوب أمام هذه النظرة الأكثر براءة في العالم فرفع عينيه إلى علية قائلاً بصوت منخفض النبرة فشل في أن يجليه أكثر من ذلك:"عينيه كعينيكِ..."
ابتسمت قائلة:"أرني إياه..."
أعطاه لها فتأملته بحنان وهي لاتعرف بالضبط كيف ستتعامل معه وهو صغير هكذا ،حرك الصغير يديه يمينا ويسارا وبدأ في البكاء فنظرت علية إلى أمها قائلة :"لماذا يبكي ؟.."
فقالت أمها بابتسامة حانية:"مؤكد جائع حبيبتي ..لما تندهشين هكذا ألم تشاهدي تالية وهي صغيرة ؟"
كانت تريد أن تقول لأمها أن المشاعر مختلفة والإحساس مختلف فكرة أن يكون طفلا ملزما منها لا مجرد تحمله دقائق ثم تعيده إلى أمه ما أن يبكي ولكن الصغير صوته ارتفع بالبكاء فقامت والدتها لتساعدها وتوضح لها كيف ترضعه بطريقة صحيحة أما فادي فذهب للجلوس في زاوية الغرفة بجوار أختيه اللتان كانت كل منهما تشاهد رود أفعاله مع الصغير ويحمدان الله أن رزقه ،قال فادي لفريدة وهو يشير إلى بطنها المنتفخة:"وأنتِ متى سنفرح بكِ؟ ألم تكونا معا .."
قالت بأسى مصطنع:"الطبيبة قالت ليس الان ثم أردفت ضاحكة:أنت ابنك من تعجل في المجيء ..."
قهقه ضاحكا وأردف:"لقد تجاوزت الثلاثين الولد جاء في وقته وربما تأخر قليلا.."
فأردفت فدوى بنظرة خاصة :"كل شيء بأوانه حبيبي جاء في موعده ،كلها أقدار الله ..."
"ونعم بالله.."
قالها وهو يداعب الصغيرين في عربتهما الصغيرة ويتعجل أن تنهي علية ارضاع صغيره ليأخذه ثانية ...


تنهد فادي وهو يسترجع ذكريات هذا اليوم القريب أما علية ففتحت عينيها فجأة وقالت له:"أين عبدالعزيز؟.."
قبل رأسها قائلاً:"زيزو نائم يأكل أرز مع الملائكة يمشي معكِ أبو عبدالعزيز..."
ابتسمت قائلة:"أريد أن أنام.."
قال لها بحنق طفولي:"هل ستضيعين هذا الوقت الثمين في النوم؟.."
قالت له مدعية المسكنة :"ألا ترى كيف أسهر به طوال الليل .."
زفر قائلا من خلف قلبه:"حسنا ياعلية نامي.."
كانت لاتزال بين ذراعيه فشعرت بالتعاطف معه أو ربما اشتاقت له فمررت ابهامها على ذقنه فنظر إلى النظرة العابثة في عينيها قائلاً وهو يقربها منه:"أنا قلت أنا لن أهون على أم زيزو أبدا ..."
قهقت ضاحكة ضحكة عالية فأردف وهو يضع يده على شفتيها:"اخفضي صوتك يابنت الولد سيصحو ويضيع الوقت هباءا..زمت شفتيها ولازالت الضحكة العابثة تلمع في عينيها فأردف هو بجدية وهو يتأمل براءتها وجمالها الذي يزداد في عينيه توهجا يوما بعد يوم :علية هل تتذكرين حين كنتِ في حيرة تتزوجيني أم لا وقلتِ أن عليكِ المغامرة ؟ أومأت برأسها ونظرة متسائلة تبدو في عينيها فأردف متسائلا :هل أنتِ سعيدة معي ؟هل فعلا قربنا من بعض يستحق هذه المغامرة؟" "هذه أجمل مغامرة قمت بها في حياتي ،قالتها بعينين صادقتي النظرات ثم أردفت وهي تحيط جانب وجهه بأناملها :فادي أنت تستحق كل شيء جميل يكفيني معك أنني طوال الأشهر الماضية وأنا أشعر بحبك وحنانك وكرمك ويكفيني أنني أحبك..."
كلماتها كانت كنشان صائب أصاب قلبه مباشرة فهو لأول مرة بعد زواجهما يسألها هذا السؤال كان يريدها أن تشعر من أفعاله بأنه حقا يستحقها ولكنه مؤخرا كان يريد سماعها من بين شفتيها وما أن نطقتها حتى أطبق على شفتيها بقوة لتضيع أي كلمات أخرى في صخب هذه اللحظة التي حٌرم كلاهما منها شهرا كاملا منذ ولادتها وشهرا كاملا قبلها نظرا لتعبها في الحمل

**************
جلست في شرفة منزل والدتها تحتسي فنجانا من الشاي وتنظر من أعلى على الشارع الهاديء في هذا الوقت من الصباح وتفتح هاتفها على تطبيق الواتساب حيث يتحدثان في الوقت الذي أتت فيه أمها تتكيء على عكازها وجلست أمامها فرفعت شيماء وجهها عن الهاتف وابتسمت إلى أمها التي انعكست أشعة الشمس الدافئة على وجهها وشعرها الأبيض فزادته بريقا فقالت لها :"كيف حال عمر هل يحدثك؟.."
"طبعا أمي يحدثني وهو معي الان على الواتساب" "هل أنتِ مرتاحة في هذه الحياة يا ابنتي"
سألتها أمها وهي تشعر بالقلق فأردفت قائلة بهدوء وهي تربت على يدها لتطمأنها:"مرحلة وستمر يا أمي بإذن الله ستمر ..."
"أنا من البداية كنت أرفض هذه الزيجة ولكنكِ أصررتِ"
زفرت شيماء وهي ترى أن والدتها ستبدأ في وصلة التأنيب منذ ماحدث فأغمضت عينيها قليلا ثم فتحتهما قائلة:"صدقيني أمي عمر ليس سيء هو فقط يريد من تفهمه جيدا وأنا أقدر موقفه هو معذور هو يعتبر في بداية مشواره وإن أعلن زواجنا الان سيدمر نفسه بيده.."
قالت الأم بحسرة:"وهل سيعلن زواجكما من الأساس ؟ إن كان يريد أن يعلنه لما فعلها في السر .."
"ألم تسألي الشيخ بنفسك وقال لكِ أنه ليس محرم" هدرت فيها أمها:"ليس محرم ولكنه لايحفظ لكِ أي حقوق....."
ظهرت في عيني شيماء نظرة ضعف و قالت لأمها"أمي لما تشعريني أنني كنت أعيش في الجنة وبزواجي من عمر خرجت منها ،أنا كنت مطلقة ،بلا أولاد ،سنوات قليلة وأتم الأربعين فإن لم أعيش الحياة التي أتمناها الان متى سأعيشها؟؟."
قالت الأم وعينيها تتسعان:"تعيشينها على دمار بيت آخر و..."
قاطعتها شيماء قائلة بجدية وهي ترفع سبابتها وكأنها تتقبل كل شيء إلا هذه الصفة :"لا ... أنا لست كذلك أمي هو بالفعل كان في الفترة الأخيرة يعيش معها في تعاسة وكان سيطلقها في أي وقت ،أشارت بسبابتها بعيدا وكأنها تشير إلى عمر :هو من كان يتصل بي ويشكو لي ،هو من تقرب مني لأنه أصبح لايجد معها راحته، قست نظرتها ثم أردفت:إن كان هناك من دمر بيت من قبل فهي لا أنا هي التي أخذته من بيته الأول وزوجته وأبناؤه ،ثم تحولت القسوة في عينيها إلى ضعف وهي تتذكر قلبها الذي كان يتمزق وهي تراه مع غيرها:وقتها أنا كنت موجودة ولم أكن أجروء على فعلها، كنت أنظر إليه و إلى استقراره وأقول يكفيني أن أرى سعادته أما هي فأنتِ لم تعرفي ماذا فعلت لتشغله بها وتعلقه بها صدقيني أمي لو كنتِ رأيتِ مافعلته هي لتستحوذ عليه لعرفتِ مقصدي أما أنا فهو من جاءني حتى عندي وكان بالفعل سيطلقها ..."
قالت الأم بيأس:"ومالذي يجبرك على هذه الحياة التي لاضامن لك فيها؟.."
أحاطت كفي أمها بكفيها قائلة:"الضامن هو الله ثم ألم يرضيكِ هو حين ثرتِ بعد الأزمة الأخيرة واشترى لي الشقة المجاورة لنا وكتبها بإسمي لتطمئني؟.."
"وهل أنا مايهمني المال أم يهمني سعادتك؟.."
قالت لها بثقة "سعادتي معه يا أمي أنا أثق بعمر وأقدر ظروفه هل تعرفين أن أزمته الحقيقية أنه يريد من تفهمه وتحتويه"
زفرت أمها زفرة حارة وهي تعرف أنها لن تصل معها إلى حل قائلة:"يضحك عليكِ بمعسول الكلام وأنتِ طوال عمرك تحبين العسل ..."
قهقهت ضاحكة ثم فتحت هاتفها لترد على رسائله

************
"عمر ماذا تفعل لقد تاخرت.."
كان يبدل ملابسه في حجرة القياس في المتجر ذي الماركة المعروفة في المول التجاري بالمدينة حين نادت عليه رؤى من الخارج وكان هو بالفعل ارتدى الحلة الجديدة ليجربها وفي نفس الوقت يراسل شيماء التي لم ينقطع عنها يوما منذ ماحدث ولكنه فقط أصبح أكثر حرصا ، وكيف ينقطع عنها وقد أصبحت رؤى في الفترة الأخيرة لا تطاق ليس فيما يخص شكها فيه فقط ولكن في كل شيء وكأن حالها قد تبدل
ابتعدت رؤى عن حجرة تبديل الملابس واتجهت إلى قسم ملابس النساء تبحث عن ملابس تناسبها، تشعر اليوم أن مزاجها جيدا فمنذ أن تابعت مع الطبيب النفسي بعد أزمتها الأخيرة مع عمر وأعطاها دواءا مضادا للإكتئاب الذي بالفعل أشرفت عليه وهي تشعر بالتحسن في مزاجها العام

كانت فريدة تمشي مع تيمور على مهل في المتجر متعدد الأقسام حين توقفت عند قسم الأطفال فقال لها :"لما لا تعجبك العربة يافريدة كانت تعجبني بشدة.."
"تيمور نحن اشترينا بالفعل واحدة لما ستحضر الثانية؟"
قالتها وهي تمنع نفسها من الضحك عليه وقد أصابه هوس الشراء للصغير
فاردف قائلا:"ومالمانع واحدة للاستخدام المنزلي والأخرى نستخدمها خارج المنزل.."
حين وجدته متمسكا بها وينظر عليها حين ابتعدا أردفت قائلة:"حسنا حبيبي إن كنت تريد ذلك فأحضرها.."
ابتسم لها قائلا :"صدقيني ستجدينها عملية أكثر من الأولى ...قالها وهو يتحرك عائدا ليحضرها ثم أردف: انتظريني هنا لاتبتعدي..."
أومأت له برأسها بابتسامة عذبة ووجدت أمامها منامة أطفال لبنية اللون معلقة أمامها فابتسمت ابتسامة حانية وهي تتناولها وتضعها على بطنها وتنظر في المرأة الطولية المثبتة في الحائط في نفس الوقت الذي خرج فيه عمر من حجرة القياس يرتدي حلته الأنيقة لتراها رؤى عليه ،اصطدم بمنظرها هذا ما أن خرج وهي تقف أمام المرأة والمنامة الصغيرة فوق بطنها المنتفخة فاتسعت عينيه وفغر فمه قليلاً وتسمر ثواني
وهي لم تدرك أنه يقف أمامها إلا وهي تستدير لتتفاجأ بوقوفه أمامها فتسمرت هي الأخرى لثواني فهي لم تتوقع أبدا أن تراه
"حامل من رجل آخر ويبدو أنها سعيدة"
هكذا كان حديث نفسه له ومع كل نظرة إلى بطنها يرشق في قلبه سهم بسن حاد ،ولكنه اعتاد على ذلك الشعور وأصبح يعيش به ،حين يتحول أعز الناس إلى غرباء يموت القلب، تنحنحت قائلة لتكسر هذا الصمت وتبتعد قبل عودة تيمور:"أهلا عمر..."
قالتها بسرعة وهي تهم بالاستدارة للعودة إلى تيمور فأردف هو بصوت مختلج:"أهلا فريدة كيف حالك؟.." "بخير.." قالتها على عجل واستدارت نصف استدارة فأردف بصوت حاول أن يجليه حتى لا يفضح ما بداخله:"أين الأولاد؟..."
ألا يعرف أن جدهم عندهم ؟ سألت نفسها السؤال قبل أن تجيب :"جدهم يجلس معهم منذ عدة أيام في المنزل.." ابتسامة متوترة ونظرة ثاقبة لعينيها أعقبها قوله:"نعم نعم تذكرت ..."
أومأت برأسها ثم استدارت لتنهي الموقف قبل أن.... سبق السيف العزل ،هاهو تيمور يقف خلفها بوجه مقلوب وها هي رؤى قد عادت فوقفت خلف عمر الذي لا تختلف ملامح وجهه الان عن ملامح وجه تيمور الذي جذب يد زوجته برفق وهو يحيط كفها بتملك و يوميء بوجهه بدون نفس لكل من عمر ورؤى مع ابتسامة فشل في أن يجعلها مجاملة وهو يقول:"مرحبا.."
فيوميء له عمر بوجه متصلب متمتما بكلمة ترحيب لم تتجاوز شفتيه وترد عليه رؤى قائلة :"مرحبا ..." وعيناها متعلقتان بأنامله التي تحتضن أنامل زوجته
فأخذ تيمور زوجته وابتعد أما رؤى فقد ناظرت عمر بتدقيق ،رأت انقلاب وجهه ونظرة الحنين في عينيه ولولا أنها قد أخذت دواءها بانتظام الفترة الماضية لانفعلت عليه كعادتها في الفترة السابقة ،نظر إليها عمر بنفس الملامح الممتقعة التي كان يتابع بها خطوات فريدة المبتعدة وكان يعرف ماذا يدور في رأس رؤى، لازالت تغار من فريدة وهذا هو الفرق بينها وبين شيماء أن شيماء تعرف وتقدر وتتفهم أما رؤى فلا تتفهم ولا تقدر كون أن مافي القلوب يجب احترامه لأنه ليس بأيدينا ، يستطيع أن يعدل فيما يملك أما مالايملك فكيف تحاسبه عليه؟؟؟
قال لها باقتضاب وهو يتجه إلى غرفة القياس:"الحِلة تعجبني سأبدلها..."
لم ترد عليه وانما اكتفت بنظرة صامتة تعني أنا أفهم ما أَلَمَ بك الان....
كانت تعرف جيدا مايجول في ذهنه و أخذت تنظر إلى أثر فريدة وهي تتذكر كلماتها التي كانت كطلقة رصاص حين نصحتها على المنشور الذي أنزلته ورغم أنها مسحته ولم تحتفظ به إلا أن كلماتها مازالت ترن في أذنيها وللحق فالنصيحة فعلا غالية فهي بعد ماحدث سمعت منه بهدوء وأعطته فرصته ورغم أنها لم تقتنع بكل ماقاله إلا أنها لم تمسك دليلا واحدا عليه حتى الشقة التي رأته فيها عندما عادت إليها في اليوم التالي لم تجد بها أحدا وحين سألت حارس البناية قال لها أنها كانت بالمدة ومدة صاحبتها انتهت ورحلت وحين سألته أقر لها بأن السيدة بالفعل كانت تستقبل أصدقاءها في حديقة شقتها
لذلك قررت تنفيذ النصيحة فبما أنها لا تستطيع في الوقت الحالي الابتعاد عنه ستظل معه إلى أن يجف حبه في قلبها لن تستطيع الابتعاد ولا زال في قلبها حبا له للاسف لازال لديه رصيدا في قلبها حتى وإن قل ولكنه موجود رغم معرفتها أنها تعيش معه وهناك احتمالا أن يكون بالفعل قد خانها وهناك يقينا أنها تعيش مع رجل هناك ظل لامرأة أخرى في قلبه ورغم أنها حياة ليس بها حياة إلا أنها مضطرة للاستمرار إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا فهذا حقا مايسمى الإبتلاء في الحب


يتبع




التعديل الأخير تم بواسطة rontii ; 30-11-20 الساعة 04:43 PM
Heba aly g غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس