عرض مشاركة واحدة
قديم 30-11-20, 01:55 PM   #1368

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

الخاتمة

بعد مرور شهر

كان جميع الأولاد يجلسون في غرفة المعيشة الخاصة بهم في نهاية رواق غرفهم يشاهدون برنامجا للمسابقات يضم مجموعة من المتسابقين الذي يقومون بمغامرات ومهمات صعبة وفي نهاية كل حلقة اسبوعية يتم استبعاد أحدهم وتتم التصفيات إسبوعيا إلى أن يصل متسابق واحد فقط إلى الجائزة الكبرى
وكل منهم كان متحمس بشدة لمتسابقه المفضل لذلك كانوا يشاهدون الحلقة بحماسة عالية

أما فريدة فكانت تجلس في غرفة المعيشة الأساسية مع الدكتور فؤاد الذي يتابع برنامجا طبيا ويتابع صفحته الطبية على الفيسبوك ليجيب على أسئلة المتابعين
وعايدة كانت تقوم بهوايتها التي عادت إليها بعد انقطاع وهي شغل الكروشيه بينما تجلس فريدة على الأريكة تقوم بإرضاع الصغير الذي تجاوز الشهر بعدة أيام في الوقت الذي فتح فيه تيمور باب الشقة ودلف قائلا:"السلام عليكم ..."
ردوا جميعا عليه السلام فاقترب من والده وقبل رأسه قائلا:"كيف حالك الان يادكتور فؤاد؟.."
فقال له فؤاد مشاكسا:"بخير يابني لم يكن دور برد صغير ماجعلك تتصل بي طوال اليوم وتقلق هكذا..."
ابتسم تيمور وهو يعلم أنه يكابر حتى في المرض وقال له:"أدام الله عليك نعمة الصحة أبي..."
ثم اقترب من عايدة وقبل رأسها قائلا:"كيف حالك حبيبتي؟.."
ابتسمت قائلة:"بخير ياحبيبي .."
وأخيرا جلس بجوار فريدته وصغيره ومال عليها مقبلا وجنتها قبلة غير بريئة فابتعدت عنه قليلا واتسعت عينيها وهي تشير بعينيها نحو والده وخالته فأشار لها بما يعني أنهما لا ينتبهان ثم مال على جبهة الصغير مقبلا إياه قبلة حنونة
فؤاد الصغير وجوده في البيت صنع بهجة خالصة داخل البيت ... قال لها وهو يمسد على شعره:"اتضحت ملامحه كثيرا ..."
قالت له بهمس وهي تنظر إلى نهري العسل الذائبين في عيني الصغير الذي يشبه والده تماما:"من حبي فيك جاء نسخة طبق الأصل منك..."
أردف قائلا:"أنا شخصيا كنت أريده شبهك ولكن ماباليد حيلة .."
ابتسمت قائلة وقد أغمض الصغير عينيه ولا زال يرضع :"مؤكد أنك جائع .."
قال لها :"سأموت جوعا.."
"بعيدالشر عنك حبيبي سأنهي ارضاعه وأجهز لك فورا..."
قالتها بقلب خافق لا تعرف لما تشعر بالألم حين يقول لها أنه جائع فأردف بخبث وعينيه تلمعان بالتسلية:"جائع لأشياء أخرى..."
رمقته بنظرة موبخة وهي تقول له بصوت خافت:"قم ياتيمور أبي وطنط عايدة يجلسان..."
استقام بالفعل ليأخذ حماما ويبدل ملابسه وما أن غفا الصغير حتى وضعته في عربة الاطفال بجوار عايدة ودلفت إلى المطبخ لتجهز لتيمور الطعام وما أن أنهى حمامه حتى دخل خلفها فوجدها أعدت له الطعام على المنضدة الصغيرة فجلس وجلست بجواره وما أن بدأ في تناول الطعام حتى قال لها:"أنتِ من طهوتِ اليوم؟.."
قالت له:"من أدراك؟.."
ابتسم قائلا وهو يكمل طعامه:"وهل لا أعرف مذاق طعامك عن مذاق طعام سماح!..."
ابتسمت قائلة:"الحمد لله تحسنت صحتي وأنت تعرف أني لا أحب أن يطهو أحد يكفي مساعدتهما لي ..."
قال لها:"وبالطبع أعددتِ معهما لطعام الغد؟..."
قالت له:"بالطبع فمن سيطهو في عقيقة إبني غيري..."
قال لها مؤنبا:"اهتمي بصحتك يافريدة ولا ترهقي نفسك يكفي الأيام التي عشناها عقب ولادتك والتعب الذي عشتِ فيه.."
قالت له:"الحمد لله أنا أتحسن لا تقلق وسماح ونجلاء تتحملان القدر الأكبر..."
أومأ لها برأسه وقال لها:"لما لا تأكلين؟.."
قالت له:"أكلت معهم منذ قليل.."
فغمز لها بعينه قائلاً:"مادامت صحتك تحسنت فلما لا تنتظريني طالما الصغير نائما وأنا سأجلس مع الأولاد قليلا وآتي إليكِ.."
ابتسمت له وهي تشعر بشوق إليه يفوق شوقه أضعافا وقالت له :"حسنا..."

بعد قليل

بعد أن جلس تيمور مع الأولاد وشاهد معهم نهاية الحلقة و اطمأن أن كل منهم ذهب إلى حجرته فعبدالرحمن دلف إلى حجرته وشيري غفت فحملها هو إلى الغرفة ووضعها في فراشها المجاور لفراش جدتها أما الأربعة بنات فكان اليوم يوم سهرتهن في غرفة احداهن فاجتمعن في غرفة شروق وشمس يستمعن إلى الأغاني ويرقصن ويتسامرن

دلف هو إلى حجرته فكان الصغير في فراشه وكانت فريدة قد خرجت للتو من الحمام تحيط جسدها بمنشفة متوسطة الطول ففتح ذراعيه لها ما أن رأها واحتضنها بشوق فهي منذ الولادة وصحتها لم تكن جيدة فتركها لتسترد صحتها كاملة وكان يراعيها ويعطيها مكملات غذائية حتى تتعافى ،انكمشت في حضنه وقالت له بصوت ناعم:اشتقت إليك.."
رفع ذقنها بسبابته وإبهامه ينظر إلى وجهها الذي عاد إليه حيويته وشفتيها التي عاد اليهما توردهما ومال عليهما ليقطف من ثمار جنته في الوقت الذي علت طرقات عالية على باب الغرفة فانتفض كلاهما فقال تيمور:"من؟..."
فقالت شيري من خلف الباب:"افتح أبي..."
قال تيمور لفريدة:"ماذا بها ألم تكن لها فترة ملتزمة بغرفتها؟.."
قالت له بقلق:"افتح ياتيمور لنرى مابها..."
فتح الباب المغلق بالمفتاح وقال لها :"ماذا بكِ حبيبتي؟..."
قالت له بنبرة تثير الشفقة:"أريد أمي رأيت حلما مزعجا ..."
كانت فريدة قد بدلت ملابسها سريعا فخرجت من الحمام وقالت لها:"تعالي حبيبتي ماذا بك؟..."
أخذتها في حضنها فقالت لها شيري بمسكنة وهي تقوس شفتيها للأسفل :"جدتي نامت وأخاف من النوم بمفردي في الغرفة .."
فقبلت رأسها قائلة :"تعالي حبيبتي.."
فنامت في فراشهما وقالت وهي تنظر إلى فؤاد النائم في فراشه:"ألا ينام بجواركما؟.."
قال لها تيمور وهو ينام بجوارها من الجهة الأخرى:"لا ياشيري لاينام بجوارنا نريده أن يكون معتمدا على نفسه ويعتاد على النوم بمفرده.."
قالت له وهي تحيط جذعه بذراعها:"إن كنت تقصدني فأنا بإذن الله سأكبر ذات يوم وأعتمد على نفسي لا تقلق..."
قال لها وهو يشعر بالإحباط لفشل الليلة التي كان يُمني نفسه بها وهو ينظر إلى فريدة التي تغطي فمها بيدها تكتم ضحكتها :"بإذن الله حبيبتي ستكبرين وأنا أيضا سأكبر ولا أضمن صحتي حين أكبر ..."
أشارت له فريدة أن يصمت وهي لا تزال تضحك عليه وعلى إحباطه البادي على وجهه فأشار لها بيده فيما يعني أنها حين تغفو سيحملها ويضعها في فراشها فأومأت له فريدة برأسها ولم تمضي سوى دقائق معدودة حتى كان هو يغط في نوم عميق من أثر تعب اليوم وخلفه مباشرة غفت شيري أما فريدة فما أن شعرت بفؤاد يتململ في نومه حتى حملته لترضعه ليعود إلى النوم مرة أخرى لتنام هي الأخرى ففي الغد أمامها يوم طويل ... وما أن عاد إلى النوم حتى ضمته إلى حضنها ونامت وهو بجوارها وبجواره شيري وعلى الطرف الآخر تيمور
**************
توقف فادي بسيارته أمام محل الحلويات الشهير المجاور لمحل الورود قبل أن يذهب إلى عقيقة فؤاد الصغير وبجواره علية التي تحمل صغيرها وقال لها :"سأنزل أحضر علبة حلوى وباقة ورد .."
قالت له بضجر:"خذني معك لقد مللت من الجلوس في المنزل وتعبت من حمل الصغير طوال الوقت ..."
كان فادي قد لاحظ أنها في الفترة الأخيرة أعصابها متوترة، الضغط الذي تعيشه مع طفل صغير يبكي طوال الوقت يجعلها تنهار وبرغم أنه يساعدها كثيرا إلا أنها أصبحت كثيرة الإنفعال في الفترة الأخيرة ونبهته فدوى أنها ربما يكون لديها اكتئاب ما بعد الولادة
فنظر إليها فادي وإلى وجهها الذي تبدو عليه علامات الإرهاق قائلا:"مارأيك أن تتركيه معي وتدخلي أنتِ تشترين بنفسك ما اتفقنا عليه.."
لمعت عينيها كطفلة صغيرة وقالت له :"حقا ؟..."
قال لها وهو يخرج حافظة نقوده:"نعم...فأنتِ تتوترين من بكاؤه وزنه وهاهو يبدو عليه سيبدأ الوصلة ..."
أعطاها النقود ونزلت هي وهي تشعر أنها خفيفة دون مسئولية حتى ولو لدقائق معدودة وما أن دلفت داخل المحل حتى بدأ الصغير في البكاء فاخذ فادي يهدهده قائلا:"لما تبكي ياصغيري ألم ترضع للتو..."
أخذ الصغير يبكي بشدة فنزل فادي من السيارة وأخذ يسير به ذهابا وعودة أمام السيارة المصفوفة أمام محل الحلويات إلى أن هدأ قليلاً
بجوار محل الحلويات كان هناك متجر لملابس الأطفال وكان فادي يقف بالقرب منه يهدهد الصغير حين وجدها فجأة أمامه
"أماني !"
"فادي!"
نطقها كل منهما مع اتساع في العينين وارتفاع في الحاجبين وكأنهما لم يتوقعا أن يتقابلا يوما حتى ولو صدفة
كان فادي أول من تغلب على وقع المفاجأة قائلا بنبرة عادية وإن كانت تحمل مودة قديمة:"كيف حالك يا أماني.."
كان ينطقها بلهجة عادية ورغما عنها رنت في أذنيها جملته حين كان يقول لها أنتِ أماني لأني أجد لديكِ الأمان ولكنها رغم الذكرى لم تتأثر وكأنها اقتنعت أن الحياة مراحل ومحطات وفادي على وجه الخصوص كان محطة هامة توقفت عندها قليلا ثم أكملت رحلتها لتتوقف في النهاية وترسو سفينتها في ميناء رائف الذي أصبح هو معنى الأمان الحقيقي في حياتها "ابنك؟..."
قالتها أماني بدهشة وهي تنظر إلى الصغير فقال لها فادي وهو ينظر إلى صغيره نظرة حانية :"نعم عبدالعزيز... ثم أردف وهو ينظر إلى الصغيرة التي كانت تشتري لها للتو ملابس جديدة:ولكن بالتأكيد هذه ليست ابنتك "
ابتسمت قائلة :"اعتبرها ابنتي..."
لم يفهم فادي فأردفت هي قائلة بابتسامة عذبة:"وأنا أيضا تزوجت من شخص غاية في الإحترام.."
شعر بالسعادة الخالصة لها ما أن نطقتها ،شعر أنه ارتاح لكون تجربتهما لم تترك فيها أثرا سيئا فأردف بابتسامة حلوة:"ألف مبروك حقيقي سعدت لكِ جدا.." قالت له وهي تحتفظ بنفس ابتسامتها الحانية وهي تنظر إلى الصغير الذي يتحرك بين يديه ويبدو عليه التذمر:"طبعا لا حاجة لي للسؤال عن أم الصغير فأنا أعرفها منذ أن كانت تشغل بالك منذ زمن..."
ابتسم قائلا:"بالضبط هي..."
أردفت قائلة بابتسامة خارجة فعلا من قلبها تقصد بها المزاح لا أكثر:"لابد أن تشكرني فلولا موقفي الصارم آخر مرة لما تزوجتما ولما أصبح معك هذا الصغير الجميل..."
ابتسم لها قائلا :"أشكرك سيدتي ...ثم أردف بلهجته التي تجمع مابين الجدية والمزاح:ومادمتِ قدمتِ لي خدمة فعلي أن أٌسدي إليكِ نصيحة وهي ألا تلفتي انتباه زوجك لأي امرأة أخرى كما فعلتي معي فربما لايكون من الأساس ينتبه لها ومن تنبيهك الدائم تلفتين أنظاره إليها ،ثم أردف بضحكة قصيرة وهو ينظر إلى الصغير نظرة حانية:وتكون النهاية كما ترين.."
ابتسمت له ولم ترد ،لم يتغير فادي ولن يتغير مازال مشاكسا خفيف الظل وإن كانت نظرتها له أصبحت أكثر نضجا ،
ربما قال لها جملته الأخيرة من باب النصيحة وربما قالها ردا على جملتها السابقة التي لَمَحَت من خلالها بأنه كان يحب علية وهو مازال معها وهذا لم يحدث

نظر فادي إلى باب محل الحلويات وهو يخشى أن تخرج علية في أي وقت وقتها ستكون فرصة وجاءتها لتفريغ ثورة هرموناتها المتضخمة هذه الفترة وهو لايريد ذلك فأردف قائلا:"سعيد جدا برؤيتك وبسماع خبر زواجك..."
ثم مسد على شعر الصغيرة التي كانت تحمل أكياسا بها ملابسها الجديدة وتركها ودلف إلى داخل المحل حيث توجد علية...
************
كانت أشعة شمس مابعد العصر تلقي بظلالها الذهبية الهادئة على حديقة الدكتور فؤاد وكان الجو رائع الجمال فالصيف على وشك الانتهاء والخريف على الأبواب وكان التجمع اليوم لعقيقة فؤاد الصغير الذي تأخر الإحتفال به نظرا لحالة والدته الصحية الغير مستقرة بعد ولادته
كان الدكتور فؤاد يجلس في منتصف الحديقة وحوله أبناؤه جميعا وزوجاتهم وعايدة والحاجة تهاني التي أصرت فريدة على وجودها بينهم بعد أن غابت الفترة السابقة عند أبناءها وإخوة فريدة فادي وزوجته وابنه وفدوى وسامر وصغارهما وأمه التي أصبحت هي وعايدة صديقتان
الجميع يلتف حول مائدة عامرة من أشهى الأطعمة التي تداعب رائحتها أنوف الجميع وأغاني السبوع تنبعث من مشغل الأغاني الذي يشغله الصغار
قال الدكتور فؤاد بعد أن أعد كل منهم طبقه وبدأوا في تناول الطعام :"سبحان الله آخر سبوع تم هنا كان سبوع فرحة ابنة سالم وقتها ظننت أنه آخر سبوع يقام هنا.." نظر تيمور وفريدة إلى بعضهما للذكرى وشاركهما النظر الدكتور فؤاد فإن كان هناك ذكرى في هذا المكان فهو شاهد عليها
قالت له عايدة:"أدام الله الأفراح في بيتك يادكتور..." وقالت وفاء :"بإذن الله تفرح بأبناء أبناءك..."
ثم عاد الجميع ليكملوا طعامهم بشهية مفتوحة في جو أسري رائع ورائحة عطرة تغلف المكان وهي رائحة الحب

بعد أن انتهوا جميعا من تناول الطعام حملت سماح ونجلاء الأطباق ومعهم جميع البنات ليساعدن فالعدد كبير وما أن أنهوا حتى عادوا مرة أخرى ومعهم حقيبة كبيرة بها هدايا السبوع المطبوع عليها إسم الصغير ووزعوها على جميع الحضور بسعادة وذهبوا ليعطوا بنات سالم منها
كانت الحاجة تهاني منذ أن جلست وهي تتابع علية وتتابع تصرفاتها وحديثها تنظر إلى ملابسها الأنيقة وجمالها الأخاذ وكانت تجلس على مقربة منهما فقالت وهي تشير بيدها:"ولد يافادي تعال هنا.."
فقالت له فدوى التي كانت تجلس بجواره:"عينيها تقول ماذا تريد أن تقول.."
فأردف فادي قبل أن يستقيم ليذهب إليها :"استر يارب.."
ذهب إليها وجلس أمامها على عقبيه قائلاً:"نعم يا أمي."
مالت عليه قائلة كمن تقول له سرا:"زوجتك جميلة ...تليق بك ..تشبهك.. ثم أردفت بتوبيخ :ومادمت تستطيع الانتقاء لما لم تنتقي من البداية ياخائب..."
رفع حاجبيه قائلاً باستنكار :"ألن أرتقي درجة نتيجة تحسن ذوقي يا أمي هل سأظل خائبا طوال العمر؟.."
قالت تهاني بنبرة أمومية صادقة:"لا حبيبي سلامتك من الخيبة أنا أمزح معك بارك الله لك فيها وفي صغيرك.."
ربت على كفها الضعيف الذي تبرز عروقه بشدة ويتجعد سطحه قائلا:"وبارك فيكِ يا أمي..."
عاد للجلوس بجوار علية فقالت له بفضول وهي تميل نحوه:"هذه المرأة كانت تنظر لي بطريقة غريبة أشعر انها كانت تتحدث عني.."
قال لها مؤكدا:"هي بالفعل كانت تتحدث عنكِ كانت تقول لي يازين مااخترت وكانت تمدح فيكِ.."
قالت له علية بسعادة داخلية:"حقا قالت هذا؟ "
قال لها وهو يربت على كفها:"حقا ياعمري ..."

كانت فدوى تجلس في ركن هي وسامر بينما والدته تجلس مع عايدة يتسامرون بجوار الدكتور فؤاد
فقال لها سامر وهو يميل نحوها لتسمعه من بين صخب الأغاني:"مارأيك ما أن ننتهي نمرعلى الشقة لتري التعديلات التي تمت بها؟.."
قالت له:"كنت سأقول لك ذلك ..."
بكت الصغيرة التي كانت ترتدي فستان أبيض صغير فتبدو كالأميرات فحملها سامر من عربتها وما أن قربها منه وهمس في أذنها حتى ضحكت فنظرت فدوى إليهما حتى الضحكة يتطابقان فيها لون عينيها كلون عينيه بلون الزيتون الأخضر الطازج
نظر مروان إلى أمه وهو يمد لها يديه لتحمله فحملته فدوى قائلة بمزاح:"ياقلبي يجعلونك تشعر بالغيرة هو و ابنته لأنهما يشبهان بعضهما يحملها هي ويتركك..."
قهقه سامر ضاحكا وقال لها :"وهو يشبهك كثيرا إذن سيكون في البيت فريقين .."
قالت له :"أريد أن نكون جميعنا فريق واحد ويد واحدة..."
قال لها :"بإذن الله حبيبتي..."

وفي ركن الحديقة كان أبناء فريدة وبنات تيمور وأبناء شهاب وابنة اياد ومعهم بنات سالم يقفون بجوار مشغل الاغاني ومعهم عربة فؤاد ولكن عبدالرحمن كان يفرض عليه حراسة فلم يدع أي طفل صغير يقترب منه خوفا عليه

ذهبت شيري إلى فدوى قائلة بحنق:"طنط فدوى هل لي أن أحمل مروان أو روان لايدعوني أحمل أخي..."
قالت لها فدوى بحنان :"اجلسي بجواري حبيبتي واحملي مروان فؤاد مازال صغيرا ولن تستطيعين حمله جيدا "
جلست بالفعل شيري بجوارها وحملت مروان الذي ما أن حملته حتى أخذ يضحك لها بشدة فضحكت هي الأخرى قائلة:"ضحك معي ..."

قامت فريدة وأخذت عربة فؤاد من عبدالرحمن قائلة:"ليس جيدا أن تكون مكبرات الصوت قريبة منه هكذا حبيبي..."
تركه لأمه التي عادت به حيث والده وجده وأعمامه
فرن هاتف شروق فأغلقت الصوت فقال لها عبدالرحمن بجدية وحمائية :"هل ضايقك أحد ثانية على الهاتف؟..."
قالت له بصدق :"لا إطلاقا..هذه صديقة لي ولن أستطيع الرد عليها الان"
لا يعرفان من أين ظهرت شيري وكيف سمعتهما فقالت بنبرة تبدو فيها الغيرة جلية:"أنا هناك من يضايقني على الهاتف..."
لم تكن تعرف عن ماذا يتحدثان ولكنها تريد فقط جذب الإنتباه فقهقه عبدالرحمن وشروق ضاحكان وقال عبدالرحمن:"لا طبعا لا يرضينا أن يضايقك أحد ياصغيرة قولي لي من يضايقك وأنا أعاقبه فورا...."
شعرت بالزهو فرفعت كتفيها في خيلاء قائلة:"حسنا حين أتذكر سأقول لك..."
ثم تركتهما وانضمت لسمر وسهر وشمس
اللاتي يرقصن على أنغام الموسيقى في ركن من الحديقة

كان شباب المستقبل يشجعون ويرقصون على أنغام الأغاني الحديثة فنظر إليهم الدكتور فؤاد قائلا بتعجب :"ماهذه الأغاني العجيبة التي أسمعها؟.."
قال له إياد ضاحكا:"أغاني مهرجانات يادكتور...."
قال باستياء:"لا تقل أغاني لأنني لا أسمع أي غناء .."
قال شهاب بعينين لامعتين :"لك زمن لم تغني لنا يادكتور.."
أردفت فريدة باشتياق:"نعم أبي ثم قالت له بعينين مشتعلتين بالحماس:أحضر العود؟.."
ضحك ضحكة واسعة ثم أومأ لها برأسه ايجابا

التف الكبار والصغار حول الدكتور فؤاد بعد أن أغلق الأطفال مشغل الأغاني وجلسوا أرضا حوله وعلى المقاعد جلس جميع الحضور
أبناؤه جميعا وبجوار كل ولد زوجته واخوة فريدة وبجوار كل منهم رفيقه وخالتهم عايدة بصحبة الحاجة وفاء والحاجة تهاني في دائرة حوله وهو يعزف على عوده الحبيب ويدندن بصوت عميق لايقل عمقا عن صوت صاحب الأغنية الحقيقي

على قد ما حبينا وتعبنا فى ليالينا
الفرحة فى مشوارنا تانى هتنادينا
على قد ما حبينا وتعبنا فى ليالينا
الفرحة فى مشوارنا تانى هتنادينا


كان شهاب بجوار زوجته وبجواره إياد وزوجته يستمعان وعلى وجوه كل منهم ابتسامة حلوة فوالدهم روحه تُرد له ويكون أكثر حيوية وحماسة حين يمارس شيء يحبه ،أخذ الدكتور فؤاد ينظر في وجوههم جميعا يرى بشاشتهم وسعادة كل منهم مع زوجته وأبناؤه وهو يدندن

طول ما القلب صافى بحر العشق وافى
وكل عذاب الدنيا هيروق بكرة لينا
بس أمتى ليالينا ع الحلم ترسينا


كان فادي لايجد حرجا أن يمسك يد علية يضمها بين طيات كفه يبث فيها دفئا ويدعمها لشعوره أنها فعلا تحتاج لذلك فشددت على يده وعينيها تتعلقان بعينيه في نظرة عاشقة كونه يستطيع احتواءها في كل المواقف بينما ينام عبد العزيز في عربته أمامهما كالملائكة

بين ايوة ولا .. الحب بنلقاه
ما احلى الحياة بأصحابنا واهالينا
وعذاب الحياة لما نكون وحدينا
لو نروق هيجينا كل ما اتمنينا


كانت فدوى تجلس بجوار فادي وبجوارها سامر تحمل هي مروان الذي ينتبه جيدا لصوت العود ويوزع نظره بين الحضور بينما روان نائمة على ذراع والدها ،لامست الكلمات الدافئة والألحان الأكثر دفئا وترا حساسا لدى فدوى فرفعت عينيها إلى سامر في نظرة لا يعلم كنهها سواهما نظرة تعني أنا أحبك مهما مر الزمن فبادلها النظرة بمثيلتها وأضاف عليها ابتسامة جذابة وشعاع الشمس يسقط على عيونهما فيبرز خضرة عينيه الزينونيتين وعينيها البنية الداكنة

على قد ما حبينا وتعبنا فى ليالينا
الفرحة فى مشوارنا تانى هتنادينا
لو ممكن تطيب احزان الحبيب
شمس الحب تطلع من بعد المغيب
بس امتى امانينا تيجى وتدفينا


بجوار سامر كان يجلس تيمور وبجواره فريدة وأمامهما الصغير في عربته نائما وكأن صوت الدكتور فؤاد الحنون دلف إلى داخل قلب فريدة إلى منطقة نائية في قلبها تحتفظ فيها بالذكريات السيئة رغما عنها فطافت عليها ذكرى بعيدة ولكن مجرد ذكرى بلا ألم بلا شعور بالقهر أو الحزن بل برضا أن الله أخذ منها ما لم يكن من البداية لها ليعطيها ما كانت تحلم به وتستحقه بالفعل



ليه مانكنشى ذكرى فى الليله الجميله
ليه مانكنشى غنوة فى الرحله الطويلة
ماحنا ياما شقينا من يوم ما اتنسينا


نظر إليها تيمور بابتسامة مشرقة فابتسمت له ابتسامة حلوة أظهرت أسنانها البيضاء المتراصة بانتظام وأشعة الشمس تسقط على وجهها الخمري اللامع بالحياة والحيوية فيراها المرأة الأجمل على الإطلاق

لو نروق هيجينا كل ما اتمنينا
على قد ما حبينا وتعبنا فى ليالينا
الفرحة فى مشوارنا تانى هتنادينا


نظرت فريدة حولها فرأت أبناءها سعداء بين الأطفال لاينقصهم شيئا ونظرت إلى اخوتها وكل منهما بجوار نصفه الآخر سعيدا وإلى الدكتور فؤاد الذي كان في منزلة والدها فأضحى بالفعل والدها بزواجها من ابنه وإلى بنات تيمور وكيف يندمجون مع أبناءها وجميعهم كالورود المتفتحة وإلى فؤاد الصغير النبتة الصغيرة التي ستنمو وتكبر في هذا البيت بين إخوته الذين يحبونه جميعا ونظرت إلى تيمور، نظرت إلى عوض الله لها وهي تشعر أنها لا تريد شيئا من هذه الحياة سوى أن يديم الله عليهم جمعتهم ماذا ستحتاج غير ذلك أب حنون وأبناء رائعون وبيت جميل بني على الحب وحبيب تدعو الله أن يظل حبه متجددا مهما مر الزمن
وتذكرت قول الله عز وجل لرسوله الكريم ( ألم يجدك يتيما فأوى ووجدك ضالا فهدى ووجدك عائلا فأغني)
الله كان مطلع على مافي قلبها ولم يتركها حتى عوضها عن كل لحظة ألم

أنهى الدكتور فؤاد عزفه فصفق له الجميع مشجعين فتمتمت فريدة لنفسها باستياء:"البسبوسة..."
وهي تتذكر أن صواني البسبوسة في فرن الموقد وأن سماح ونجلاء قد رحلتا منذ قليل فاستقامت ودلفت للداخل لتتأكد أنها لم تُحرق وما أن وجدها تيمور تسرع للداخل حتى استقام ليدخل خلفها فقال له والده بصوت خافت:"أين ستذهب؟.."
قال له تيمور:"سأشرب ..."
ابتسم فؤاد قائلا بصوت لم يسمعه سواهما:"ذكرتني باليوم الذي أتيت فيه يوم سبوع ابنة سالم ودخلت خلف فريدة وقتها قلت لي انك تريد ماءا ووقتها شعر قلبي أنكما ستكونان لبعضكما.."
ابتسم تيمور لوالده ابتسامة واسعة ومال عليه قائلا :"هل كنت معي على الخط من اليوم الأول يادكتور فؤاد؟.."
قهقه فؤاد ضاحكا وقال له:"وإن لم أكن معك من سيكون معك؟..."
فمال تيمور على رأس والده مقبلا ودلف للداخل فوجدها تقف أمام الموقد وتعطي ظهرها له، كانت ترتدي تنورة واسعة بلون أسود مطبوع عليها نجوم صغيرة بلون فضي وبلوزة بيضاء تصل إلى أسفل خصرها النحيف بقليل وحجاب بلونين متداخلين من الأبيض والأسود وبه نجوما فضية صغيرة كتنورتها ،فتح باب الثلاجة وتناول زجاجة مياه وشرب ثم اتجه نحوها قائلا:"ماذا تفعلين؟..."
قالت له بعد أن سقت صواني البسبوسة بالعسل :"أبي طلب بسبوسة فقمت بعملها."
قال لها:"ولما لم تقولي كنت اشتريتها له؟.."
قالت له وهي تغلق باب الفرن :"هو لايحبها إلا من يدي ياتيمور وحين كنت حامل وبعد الولادة كان يستحي أن يطلب مني شيئا"
اقترب منها وجذبها نحوه وضمها ضمة حانية قائلا بجوار أذنها:"هل يرضيكِ ماحدث بالأمس..."
كانت تعرف عن ماذا يتحدث ولكنها قالت له ببراءة وهي تبتعد عنه قليلا لتواجهه:"وماذا حدث بالأمس؟..." وضع جبهته على جبهتها قائلا:"أنتِ تعرفين ثم أردف :حمدا لله أنني لم أبيع شقتنا الصغيرة مارأيك لو نذهب في الغد ونقضي اليوم هناك؟.."
قالت له وهي تبتعد مرة أخرى:"والأولاد؟.."
قال لها بنظرة خاصة:"ساعتين أو ثلاث لن يحدث شيء وجدهم وجدتهم معهم أنا اشتقت إليكِ.."
كان يريد أن يضمها مرة أخرى فابتعدت عنه لتنظر من النافذه قائلة:"تيمور ربما يدخل أحد علينا .."
اقترب من النافذة ووقف خلفها وهو يرفع الستارة قائلا وهو ينظر للخارج :"جميعهم بالحديقة لاتقلقي.."
كانت الشمس تقترب من الغروب فالقت بظلالها على الأشجار ونافورة الماء فكان شكل الحديقة رائعا.

أحاط خصرها بيديه وهو يقف خلفها ينظران إلى تجمع أحبابهما بالخارج ،فؤاد الصغير استيقظ وجده يحمله وإخوته حوله وإخوتها كل منهما منشغل بأبناؤه وإخوة تيمور يتحدثون معا والجدات الكبيرات منشغلات بالحوار معا ،الحديقة كانت لوحة فنية تنبض بالحياة فجال بذهنها أن ترسم لوحة معبرة عن هذا المشهد في القريب، قالت له وهي تستعيد ذكرى قريبة فتستند برأسها على صدره وترفع وجهها إليه:"هل تعلم أن من هنا كانت البداية من هذا المكان على وجه التحديد وغالبا في نفس الوقت من العام..."
ناظرها بنظرات متسائلة فقالت له:"أليس لكل شيء نقطة بداية؟ من هنا كانت بداية نمو بذرة حبي لك يوم سبوع فرحة وقتها جئت متأخرا وحين أعددت لك الطعام وكنت وقتها لا أعرفك إلا منذ فترة قصيرة قلت لي انك جائع ولم تأكل طوال اليوم وقلت أيضا أن لك فترة تشتهي هذا الطعام... غامت عينيها بالشجن وهي تقول: وقتها نغزني قلبي وشعرت أنك ابن من أبنائي ولكني داريت مشاعري هذه داخل قلبي وانحيتها جانبا وأنا أقنع نفسي أنه مجرد شعور وقتي ولكنه أخذ يزداد مع الوقت إلى أن كبر وتضخم وأصبحت النبتة شجرة مثمرة...."
ابتسم لذكراها الجميلة وابتسم لتشبيهاتها الدقيقة فاردفت هي وهي تطلع إلى وجهه وهي لاتزال تستند على صدره وترفع وجهها إليه :"وأنت متى كانت بالضبط نقطة البداية دائما كنت تقول لي أنك أحببتني قبل أن تراني ولكن أي يوم بالضبط منذ عرفتني شعرت بتحرك مشاعرك تجاهي؟.."
نظر إلى وجهها الخمرى المشرق وعينيها الواسعتين اللتين تبدوان كنجمتين في سماءه ثم مال وطبع قبلة دافئة بين عينيها قائلا بنظرة بها بريق خاطف لم ينطفيء منذ أن عرفها:"منذ أن فتحتِ لي باب شقتكِ أول مرة.."



تمت بحمد الله

بداية الكتابة في 2 مارس 2020
انتهاء الكتابة في 30 نوفمبر 2020

بعد النهاية....أجمل بداية






Heba aly g غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس