عرض مشاركة واحدة
قديم 04-12-20, 10:59 PM   #3628

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي 4

(4)



العاشرة صباحا
الفرج قادم .. مهما طال الوقت .. يكفي أن هناك وعدا بالمجيئ .. ولهذا الوعد وعلى هذا الأمل ..هي على استعداد للانتظار مهما طال الزمن .. وحمدا لله فالزمن لن يطول والفرح آت والفرج آت والحبيب على وشك الوصول.
وقفت بسمة أمام بوابة السجن .. أو بمعنى أدق على الجانب الأخر من الطريق بينما غنيم وشامل ومفرح يقفون أمام البوابة في انتظار خروجه ..
لقد أصرت على الحضور لتختصر الوقت حتى تراه .. ومنذ أن علمت بما فعله زوجها السابق وهي لا تزال مصدومة .. مصدومة من تلك الزيارة التي قام بها كامل لطليقها دون أن يخبرها ومذهولة من التوقيت .. تشعر بأنها معقودة اللسان .. لكنها ممتنة لرب العالمين وممتنة لسيد .. حتى كامل هي ممتنة له أن كان خارج القرية ذلك الوقت .. ممتنة وسعيدة وتشعر بأن هذه المحنة قوّت علاقتها بكامل.. وأثبتت لها إلى أي حد هو مجنون بها وإلى أي حد عوقب على تطرفه في حبه لها ..وأثبتت لكامل أنها متمسكة به مهما حدث .. كانت دوما تخبره بأنها تتمنى أن تجد الفرصة كي تثبت له بالدليل العملي أنه ليس مجرد فرصة جيدة لها ..وها هي الاختبارات تتوالى عليهما ..لكنها قوية ..صلبة ..تستمد شعورها بالثقة من متانة علاقتهما ..وهذه القوة والصلابة والثقة لم تأت من وعود حالمة رومانسية تطير مع أول هَبّة ريح ..ولكنها ثمرة نبتة نضجت وأشتد عودها فاضحت كجذع شجرة متين مد جذوره تحت الأرض وكلما مرا بمحنة ازداد امتداد الجذور .. وغَلظ الساق واشتد العود ليقاوم الريح والهزات والمحن.
انفتحت أبواب السجن فازداد تسارع ضربات قلبها وشعرت بالتقلص المفاجئ في رحمها حين رأته .. رأت كامل يخرج من البوابة فاستندت على مقدمة السيارة تقاوم هبوطا في قلب تركها وهرول إليه .
بملابس رياضية خرج كامل من بوابة السجن نحو الحرية يسحب نفسا عميقا إلى صدره .. ليجد والده يقف في استقباله فمال على يده يلثمها .
دمعت عينا غنيم وربت على ظهر ابنه فرفع كامل رأسه وقبل كتف والده لتنهمر دموع غنيم وهو يربت على جانب وجهه.. دموع غالية لم يرها كامل من قبل فتماسك هو عن البكاء وحضنه هامسا "سامحني يا أبي "
ربت غنيم على ظهر ولده يقول" يعلم الله أني لم أغضب عليك أبدا يا بني كي أسامحك"
تدخل شامل قائلا "أنا الذي عليك أن تطلب منه السماح وتتذلل له"
استدار كامل لتوأمه يتطلع فيه ..مستردا أخيرا نصفه الأخر ..فحضنه حضن رجولي مفعم بالعاطفة ليتشبث به شامل بقوة .. و تسقط عنه كل مقاومته .. كل تماسكه .. كل تحمله ..ويتشبث بنصفه الأخر فاستند بجبهته على كتفه وغلبه البكاء الصامت لم يشعر به إلا توأمه الذي كان أكثر منه تماسكا ..فربت على ظهره بخشونة قائلا بتهكم ليداري رغبته في مجاراته في البكاء" انتظرت منك يا نذل أن تقول بدل معي يا أخي الملابس وسأسجن بدلا منك .. انتظرت أن تقول عبارات من نوع سأعترف للشرطة أني من أطلقت النار على بدير وعش حياتك أنت يا توأمي كما يحدث في الأفلام .. لكن ماذا نفعل ..لم يعد هناك توأم يضحي من أجل الأخر في هذا الزمن"
توقف عن لهجته الساخرة حين لمحها تقف على الناحية الأخرى من الطريق وتفاجأ بوجودها فازدادت ضربات قلبه وأشاح بعينيه لبرهة لا يصدق أنه خرج وسيلمسها بعد دقائق .. دقائق ستمر عليه كالدهور منذ اللحظة ..
حين غاب شامل في تشبثه بأخيه غمغم كامل متهكما" يا عم شامو هل نمت على كتفي"
رفع شامل جبهته وأولى ظهره للطريق ومسح عينيه الحمراوين فقال كامل متهكما وهو يهم بالسلام على مفرح وفكره مشغول بتلك الفاتنة التي تقف على الناحية المقابلة بالشارع "يا حبيبي يا حساس البكاء لا ينفع الآن"
ضربه شامل لكمة مفاجئة في بطنه فانحنى كامل للأمام متوجعا ليحاول شامل مهاجمته بغيظ بينما الأخر يبتعد للخلف ثم هرب ناحية مفرح الذي يضحك وهو يقول" يا غبي نحن أمام السجن سيعتقلونك بالداخل (ونظر لمفرح يقول وهو يسلم عليه سلاما رجوليا ويحضنه) وأنت تضحك وتتركه"
غمغم مفرح متأثرا" ألف حمدا لله على سلامتك يا وحش"
ربت كامل على ظهره ثم نظر لشامل الذي كان لا يزال يرغب في ضربه وقال" لجم هذا الثور يا مفرح بالله عليك"
قالها وهو يسرع نحو الطريق ليعبره .. ليعبر إليها .. حتى لو كانت بينهما البحور لخاضها ليصل إليها .
تأملته بسمة آتيا ...لحيته طويلة غير مشذبة وتعجبت انه يتركها بهذا الشكل .. ويبدو عليه خسارة بعض الوزن .
وتأملها كامل وهو يعبر الطريق .. ترتدي سترة أرجوانية طويلة فوق بلوزة عاجية اللون وبنطال من الجينز ووشاح يغطي رأسها.
اقترب ووقف أمامها فتكحلت الأعين برؤية الحبيب واستفاق القلب من نوبة إغماء لحظية وتراقص بهياج..
وقف يتأملها يخشى من اختصار الإنشات الباقية ..يطلب من نفسه مالا تطيقه .. يطلب منها الصبر ..لكن بسمة لم تستطع التحمل فألقت بنفسها عليه .
كيف يتسع الكون في حضن! .. وتتلاشى برودة الطقس في حضن!. ويكون الملجأ من العالم حضن !!..
انتحبت بسمة ..بكت بقوة وهي تتحسس عضلات ظهره وتشتم رائحته وكأنها تريد أن تتأكد أنه حقيقة .. أنه واقع ملموس بينما دفن كامل وجهه بين كتفها ورقبتها وانعقد لسانه يستشعر دفئها بين ذراعيه .
ماذا يقول؟ وبم يواسيها؟ وكيف يشرح لها شعوره؟..
كيف يخبرها بأنها بالنسبة له وطن وأرض زرع فيها بذرته؟..
وكيف تخبره أنه بالنسبة لها أرض مدت فيها جذورها حتى اشتد عودها بعد أن كان ضعيفا لينا ؟.
كيف يشرح لها حال لياليه بعيدا عنها ؟.. وكيف تخبره عن حال أيامها بعيدا عنه ؟
للحظات فقدا الشعور بأي شيء حولهما ..أحاطتهما فقاعة تفصلهما عن الواقع وأخذا يقاومان رغبة في السقوط الحر من فوق جبل شاهق متعانقان لا يفرقهما أي شيء حتى يسبحا معا في فضاء سرمدي .. وعناق أبدي .
تدخل صوت شامل ليخترق تلك الفقاعة .. يفقأها بصوته وهو يقول" كامل نحن في الشارع وسنتأخر على أمك .. كما أني سأعاود للسفر مرة أخرى بعد أن أخذ ونس لتحضر حفل زفاف قريبتها "
أبعدها كامل مرغما لكنها ظلت تلقي عليه ثقلها وكأن ساقيها كانتا من هلام فأسندها وتحرك معها نحو السيارة التي استقر والده في مقدمتها فأجلسها في المقعد الخلفي ثم ذهب ليسلم على مفرح الذي أخبره بأن عليه العودة لمليكة لظرف خاص سيعرفه من بسمة أو شامل فحضنه كامل وقال" شكرا يا صاحبي على كل شيء"
ربت مفرح على كتفه وغمغم" لا حرمني الله من وجودكما في حياتي"
كانت عينا بسمة الباكيتان تراقبانه من نافذة السيارة وكأنها تخشى أن يغيب عنها أو أن تكتشف أنه ليس حقيقة وأنها تهلوس .. تابعته وهو يترك مفرح ويستدير حول السيارة ثم يدخل بقامته الطويلة ليجلس بجوارها .. فتحرك حجري الفيروز في عينيها فوقه فخفق لهما قلبه المنهك ثم سألها متهكما وهو يتطلع في وشاحها "ما هذا الأدب نحن لسنا بالقرية؟"
غمغمت بابتسامة ضعيفة "عودة للجذور "
ابتسم وحضنها .. فقال شامل من أمام عجلة القيادة وهو يتحرك بالسيارة" بالله عليكما نكتفي بهذا القدر من الأحضان فنحن على الطريق فارحموني"
أبعدها كامل ولم يعقب على ما قاله أخوه بل مال بجذعه ونام برأسه على فخذ بسمة عاقدا ذراعيه أمام صدره ..فنظر شامل في المرآة الأمامية وقال" إلى أين ذهب؟"
نظر غنيم خلفه وابتسم ليقول شامل مبرطما " يا ربنا .. هل قدري أن أقود لهما السيارة مرة وهي ملفوفة بالملاءة ومرة وهو نائم على حجرها !.. يا أستاذ كامل هلا تعاونت معنا لنصل لبيتنا سالمين؟ "
لم يرد كامل وإنما عدل موضع رأسه على فخذها ليتخذ وضعا أكثر راحة وأغمض عينيه فمسدت بسمة على ذراعه بحنان جارف وعلى شعره الطويل ثم مالت لتطبع قبلة على رأسه فسحب كامل نفسا عميقا ثم استرخى.
بعد قليل قال شامل باستفزاز "أنت يا بني آدم!"
تكلمت بسمة بحشرجة " نام يا شامل .. كامل يغط في نوم عميق "
نظر غنيم خلفه ثم قال لشامل "دعه ينام لبعض الوقت"
أما بسمة فاستمرت في التمسيد على ذراعه ورأسه وهي تتمتم في سرها" اللهم لك الحمد والشكر ..اللهم لك الحمد والشكر "
××××
بعد ساعتين
توقفت السيارة في المرآب وسوسو وونس التي تحمل رضيعها تقفان في استقبالهم فلم تستطيعا الصبر حتى يدخل إليهما بل أن سوسو اتصلت بهما أكثر من مرة أثناء الطريق فخرج إليهما كامل الذي أيقظوه قبل قليل.. في نفس الوقت كان نباح شهبندر يأتي من الحديقة وهو يبحث عن مكان ليدخل منه لكامل.
انهارت سوسو عند رؤية ابنها ..فعانقها كامل يحضن قامتها القصيرة بين ذراعيه ومال عليها يقبل رأسها لترفع إليه سوسو وجهها وتتأمل ملامحه المرهقة وتمسد على لحيته قائلة" لماذا تطلق لحيتك بهذا الشكل غير المهندم يا كامل ؟!"
لم يرد عليها وإنما مال يحضنها من جديد فأكملت سوسو بكائها في حضنه وقالت وهي تضربه على ظهره بقبضتها "لن انسى لكم أنكم أخفيتم عني"
وقف الجميع يراقبوهما لتقول سوسو باكية "حماتك أرسلت بط وحمام ومحشي صباح اليوم .. وأنا وافقت على دخول البط والحمام من أجلك فقط (وابتعدت تقول وهي تتأمله ) تبدو هزيلا ..ألم تكن تأكل من الطعام الذي يرسله شامل لك؟"
لم يكن قادرا على الحديث فقال بخفوت "أنا بخير يا سوسو لا تقلقي"
ربتت على صدره فتألم لذبولها وأضاف "محنة ومرت وأعدك لن تعود"
ثم نظر لونس التي تناظره بعينين باكيتين ومد يده يربت على رأسها فمدت ذراعيها بالسرير المحمول لتريه الصغير..
تطلع كامل في الصغير باتساع عينيه فاقترب شامل يحمل السرير من ونس ويعطيه لتوأمه فتطلع فيه كامل بنظرات متأثرة بينما راقبته بسمة وهو يميل ليقبل جبينه .
قال شامل" خرج أمس من الحضانة وهذا أول يوم له بالبيت .. أرأيت مدى ارتباط ابني بعمه؟"
ابتسامة حانية زينت شفتي كامل ..ابتسامة لا تخرج إلا للكائنات الصغيرة ومال يطبع قبلة أخرى على جبين الصغير وهو يقول" ما شاء الله"
حين دخلوا الفيلا قالت ونس "شهبندي ثيجن بايخايج "
(شهبندر سيجن بالخارج )
أسرع شامل بفتح باب الفيلا الذي يخربش فيه شهبندر لينطلق الأخير متجاوزا شامل الذي رفع حاجبا ويدخل كالطلقة نحو كامل فاستقبله الأخير وهو يميل عليه ليداعبه ويدلك له فراءه بينما قال شامل متوعدا" تتجاوزني يا كلب من أجله !"
بعد ساعة وفي إحدى الغرف الأرضية دخل شامل وأغلق الباب خلفه ثم تأمل ونس التي ترضع صغيرها فغمغم ضاحكا " لازلت حتى الآن غير مستوعب لأننا أصبحنا ثلاثة ولا لأنك أم"
رفعت إليه وجهها تردد خلفه بابتسامة واسعة" أنا أم"
جلس بجوارها ومال يقبل رأسها ثم قال" لم نحتفل بولادتك أيتها الأم المناضلة.. لابد أن نقيم حفلا من أجلك فقد كسبت جائزة عالمية وولدت أول أحفاد عائلة غنيم"
ضحكت ونس وقالت" ثوثو تنوي أن تقيم حفيا هي أخبيتني بذيك"
(سوسو تنوي أن تقيم حفلا هي أخبرتني بذلك)
هز رأسه ثم قال " علينا أن ننتهي من الطعام بسرعة حتى نستعد للسفر "
كانت بسمة تقف في المطبخ وقد انتهت من تحمير البط والحمام فنادت على شامل كي يقلب لها حلة المحشي الكبيرة فوق صينية ثم تركته وتسللت للطابق العلوي بحجة أن تخبر كامل بأن الغداء جاهز ..
إنها منذ أن صعد ليغتسل وهي تتحرق شوقا للصعود خلفه تريد أن تلمسه .. تحضنه .. تقبله .. تذوب في جزئياته لكنها كانت تعد له الطعام من ناحية وتشعر بالحرج من تركهم والصعود خلفه من ناحية أخرى.
هرولت على السلم والشوق يسبقها واقتربت من غرفتهما لكن الباب كان مغلقا من الداخل فطرقت على الباب طرقات خفيفة وانتظرت و لم تجد ردا فمطت شفتيها بإحباط وعادت لتنزل من جديد .
نزل كامل بعد قليل بعد أن اغتسل وبدل ثيابه لكنه أبقى على ذقنه كما هي فقالت سوسو باعتراض" لماذا لم تهذب لحيتك؟"
غمغم قائلا "فيما بعد يا سوسو فيما بعد"
قطعت ونس طريقه ورفعت أمامه لوحتها التي رسمتها وكتبت عليها عبارة ( ماذا بعد ) وقالت" ما يأيك ؟"
(ما رأيك ؟)
تراقصت عيناه فوق اللوحة ثم تنحنح يخفي تأثره قائلا" رأيي أنك كالعادة ترسمينني أقل وسامة من شامل ( وأخذها منها يضعها جانبا وهو يضيف ) عموما سآخذها منك وأعلقها في المطعم مجاملة لك"
هتفت باعتراض "مجامية !!.."
(مجاملة !!..)
رد بهدوء مستفز " أجل فلا أريد أن أردك خائبة"
قالت باستنكار "ألن تشكيني"
(ألن تشكرني)
"لماذا؟"
قالت متنهدة " يا كامي الانثان يابد أن يشكي الناث عيى ما يقدمونه يه حتى يو كان شيئا بثيطا حتى يو كان يم يعجبك يبما أنا أتحمي فظاظتك يكن الأخيين ين يتحميوا"
( يا كامل الإنسان لابد أن يشكر الناس على ما يقدمونه له حتى لو كان شيئا بسيطا ..حتى لو كان لم يعجبك ..ربما أنا أتحمل فظاظتك لكن الأخرين لن يتحملوا )
طقطق كامل رقبته يمينا ويسارا وتقبض بينما جاءهما ضحك شامل من عند منضدة السفرة ليقول كامل بهدوء وهو يتجاوزها نحو المطبخ " شكرا يا ونس على النصيحة "
هتفت خلفه "وعيى اليوحة !"
(وعلى اللوحة !)
رد مناكفا دون أن يتوقف أو يستدير إليها " حين أعلقها في المطعم سأشكرك إن شاء الله"
استدارت تنظر لشامل عابسة ثم غمغمت وهي تقترب منه" فظ"
وقف كامل على باب المطبخ يتطلع في بسمة التي كانت توجه زيلا ثم قالت تعطيه الهاتف الذي تضعه على أذنها" أمي تريد التحدث معك"
أخذ منها الهاتف ورد" كيف حالك يا حاجة فاطمة"
جاءته زغرودة قوية تبعتها عدد من الزغاريد المشاركة في الخلفية فابتسم بينما وقفت بسمة تتأمله ..
إنه منطفئ هذا ما تشعر به .. هادئ أكثر من اللازم ..حتى عنجهيته ومشاكساته غير موجودة .. كان به شيئا مختلفا أو ربما ضائعا .. وكأنه مثقل الروح.
قال كامل "بارك الله لك يا حاجة الحمد لله"
تكلمت فاطمة باكية "والله يا حبيبي قلت لهم كامل لا يفعلها أبدا ..كامل ابن أكابر وابن ناس محترمين وليس مجرما"
غمغم متأثرا" أعزك الله يا حاجة"
استرسلت فاطمة وهي تنهت من الانفعال" ومبارك لك أن ربك عوض صبر بسمة وصبرك بالذرية .. والله يا كامل فرحتي .. فرحتي ..."
اجهشت بالبكاء فنظر كامل لبسمة كي تنقذه وهو يقول" الحمد لله أن أكرمنا الله وشكرا على الطعام كنت أشتهيه...سأزورك قريبا أنا وبسمة إن شاء الله"
أخذت بسمة منه الهاتف وطلبت من أمها ألا تبكي بينما وقف كامل يتأملها بشوق كبير .
حين أغلقت الخط سألته بخفوت "لماذا كنت تغلق عليك الباب من الداخل؟"
تأملها بعينيه الجريئتين بنظرة مدققة من رأسها حتى أخمص قدميها ثم رد بخفوت "لأنك لو دخلت خلفي لن أغادر الغرفة قبل ثلاثة أيام على الأقل"
ترقرقت عيناها بالدموع بينما قال كامل بمشاكسة تخرج من روح مرهقة بشدة "لقد زاد وزنك قليلا"
قوست شفتيها لأسفل فمد يده يتحسس بطنها فلم تستطع بسمة الصمود فقالت باكية وهي تتمسك بملابسه "يا الهي أنت هنا .. أنت هنا وأنا لا أهلوس"
لم يعرف من منهما الذي حضن الأخر أولا .. فاتسعت ابتسامة زيلا وتحركت تحمل طبق السلطة وتغادر المطبخ بينما قالت بسمة باكية وهي تشتم رائحته وتتمرغ في حضنه" كنت أعد نفسي لغياب طويل وحرمان منك لفترة"
غمغم كامل وهو يغرق في حضنها" وأنا أيضا ولهذا كنت أموت ببطء في كل لحظة تمر عليّ بدونك"
دخل شامل يقول "ما شاء الله ما هذا الذي يحدث ..هيا أنا جائع وأنوي أن آكل طعام الأيام الماضية كلها .. كما أن أمامي أنا وونس سفر "
كانا يبذلان جهدا للانفصال وكل طرف ينتظر من الأخر فعلها قبل أن يستجمع كامل قواه ويبعدها ثم يمسح عنها دموعها .. فاقترب شامل وسحبه قائلا "ليس هذا وقت الغراميات البط والحمام ينتظروننا يا كيمو"
حين خرج كامل مع شامل من المطبخ كان غنيم يقول لسليمان الوديدي في الهاتف" بارك الله فيك يا حاج سليمان"
تحكمت بسمة في مشاعر الاستياء التي تريد أن تظهر على وجهها عند سماعها لاسم والدها وتحركت نحو منضدة السفرة بينما قال سليمان وهو يقف أمام بيته وخلفه فرقة شعبية تعزف وعمال مزرعة المواشي يوزعون أكواب الشربات على الناس "هل تسمع الاحتفالات ببراءة ابننا كامل يا غنيم بك؟"
قال غنيم مجاملا رغم تخمينه لموقفه السابق بعد عودة بسمة تلك الليلة بعد منتصف الليل " بارك الله فيك يا حاج سليمان أشكرك على شعورك النبيل"
غمغم سليمان وهو يسلم على أحدهم الذي يبارك له" لا تقل هذا يا غنيم بك نحن أهل .. هل كامل بجوارك كي أبارك له"
غمغم غنيم" طبعا "
بعد قليل قالت سوسو وهي تتطلع في السفرة التي يتجمع حولها الجميع كاملين غير منقوصين" لا حرمنا الله من جمعتنا ولا فرق بيننا أبدا"
أضاف غنيم" وزادنا من فضله ومن كرمه ..وأبعد عنا شياطين الإنس والجن"
تطلعت بسمة في كامل الهادئ الذي لا يأكل بشهية ويلهو بطعامه ووضعت له صدر البطة تقول" لماذا لا تأكل؟"
ناظرها قائلا "لم استعد توازني النفسي بعد"
ابتسمت له ابتسامة حانية فتأمل وجهها الفاتن وعينيها الزرقاوين وشفتيها وطابع الحسن بينما قالت سوسو لونس باعتراض "هل ستأكلين وأنت تضعينه على حجرك بهذا الشكل؟!"
قالت ونس "إنه يبكي كثييا كيما تيكته يييد أن ييتثق بي"
(إنه يبكي كثيرا كلما تركته يريد أن يلتصق بي)
ربت شامل على ظهرها ثم ساعدها في وضع الطعام في طبقها بشكل سهل التناول بيد واحدة في الوقت الذي قالت فيه سوسو بتفاؤل" علينا إقامة حفل .. فلم نحتفل لا بجائزة ونس ولا بولادة آسر والآن خروج كامل من محنته"
رد كامل بهدوء" لست في مزاج للتواصل الاجتماعي حاليا يا سوسو احتاج لفترة لاستعادة توازني النفسي"
تدخل غنيم قائلا "اتركيه حتى يعود لطبيعته يا سوسو"
غمغمت الأخيرة" ولكن عليك بتشذيب هذه اللحية المقرفة يا كامل "
ابتسم كامل ولكنه لم يرد.
××××


يتبع






Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس