عرض مشاركة واحدة
قديم 06-12-20, 09:34 PM   #548

سلافه الشرقاوي

كاتبة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية سلافه الشرقاوي

? العضوٌ??? » 296621
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 974
?  نُقآطِيْ » سلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond repute
افتراضي

بعد شهر
أنهوا الاجتماع لينشغل بأحد المهندسين والذي يناقشه في أمر هام يخص المشروع الجديد وعيناه لا تفارق حركتها الهادئة وحديثها اللبق مع آخر أوقفها ليناقشها في أمر معماري ما ، لم يهتم بالحوار الدائر بينها وبين الآخر ولكن كل ما كان يهمه ألا تنصرف دون أن يتحدث معها ، فهو ليس مصدقًا للآن أنها حضرت من الأساس ، رغم أنه من أرسل الدعوة لشركتها وأرسل بريدًا الكترونيًا رسميًا بموعد الاجتماع ولكنه توقع أنها ترسل المهندس التنفيذي كعادتها مؤخرًا ولكن حضورها صدمه وأثار تعجبه وهي التي أتت واثقة هادئة ترسم ابتسامة لبقة على شفتيها تخفي بها توتر حدقتيها الذي التقطه هو بسهولة بل هو استطاع أن يكتشف رغم زينتها المتقنة أن عيناها مظللة بهالات سوداء وكأنها لا تقوى على النوم ، وجهها الأنحف عن آخر مرة رآها بها يخبره بمدى انهاكها .. وجسدها الذي أصبح أكثر هشاشه يخبره أنها تعاني من شيء ما يريد أن يعرفه .. يريد أن يدركه .. يريد أن يقترب منها ويمنحها أمان لعلها تبوح وتخبره عم يخيفها لهذه الدرجة التي تجعل كفيها يرتعشان رغمًا عنها التقط تحركها الرزين وهي تحدث الرجل بلباقة فشعر أنها على وشك الانصراف ليستأذن محدثه ويسرع بخطواته يتبعها في رزانة تمسك بها حتى لا يركض خلفها ويثير تساؤلات الآخرين ليهتف حينما شعر بأنها ستنصرف دون أن يتحدثا : باشمهندسة أسيل ، انتظري من فضلك.
استوقفتها كلماته وصوته الجاد الذي اخترق مسامعها لتغمض عيناها برفض وتنهر جسدها الذي توقف مستجيبًا لندائه فاستدارت مرغمه حينما اقترب منها تجبر نفسها على ابتسامة لبقة وحديث سريع قررت أنها ستخبره به لترفض وجودها معه .. قربه منها الذي يومض بعينيه .. وأسئلته الكثيرة التي لا تملك إجابتها ، فهمست بخفوت : باشمهندس نبيل ، أعتذر منك ولكن لابد علي الانصراف .
عبس بغضب ومض برماديتيه ليتحدث بجدية : للأسف عليكِ التأخر قليلًا، فأنا أريد الحديث معكِ .
اهتزت حدقتيها بتوتر ظهر في فركها لكفيها لتنظر من حولها فيرمقها بانتظار وصرامة ليشير إليها بذراعه أن تتقدمه : لن اؤخركِ كثيرًا ، خمس دقائق في المكتب من فضلك .
أومأت برأسها ليفتح ذراعه الآخر خلف ظهرها بحركة عفوية ورغم أنه لم يلامسها إلا أن جسدها تصلب برفض في رد فعل عفوي أثار استهجانه
وزاد من عبوسه ليبتعد قليلًا عنها ويلملم ذراعيه بجانبه إلى أن فتح لها باب مكتبه الزجاجي لتدلف أمامه ليتبعها ويغلقه خلفه .
رحب بلباقة : تفضلي يا باشمهندسة ، أنرت المكتب ، كيف أضايفك ؟!
تمتمت بتبعثر : لا شيء ، شكرًا لك .
همهم بجدية : آتي بالقهوة أم بعصير ، كما تفضلين .
همست بخفوت : قدح من الشاي لو أمكن .
رمقها بتعجب ليهمس بمزاح : شاي بالنعناع إذًا ؟!
أومأت برأسها وابتسمت برقة : سيكون أفضل .
داعب شاشة أمامه ليرسل الطلبين وهو يهمهم إليها : سيأتي العامل بهما حالًا ، أخبريني كيف حالك ؟! وأين كنت مختفية الوقت الماضي ؟!
تمتمت باختناق : كنت متعبة قليلًا .
تحرك نبيل من كرسيه ليجلس على الكرسي المقابل لها فجلست باعتدال أكثر وشدت جسدها وكأنها تبتعد عنه على قدر المستطاع فيرمقها بذهول يخيم على رأسه وهو يشعر بترقبها الممتزج بخوفها ليهمس أخيرًا وهو يرفع عيناه إليها بتساؤل لم ينطقه : نعم أعرف وكنت أريد الاطمئنان عليكِ ولكني لم أستطع الوصول إليكِ .
تمتمت وهي تنظر من حولها : هاك أنا بخير لا تقلق .
شعر بتشتتها يزداد فهتف باسمها في صوت جاد : أسيل ، ما الأمر ، ما بالك ، هل أنتِ بخير ؟!
عادت عيناها لتتلاقى نظراتهما لتهمس بصوت أبح : نعم أنا بخير .
هز رأسه نافيًا : لا لست بخير ، أخبريني ما الأمر ، أخبريني سأساعدك إذا أردتِ .
__لا ، ألقتها على الفور بصوت جزع لتتابع حينما ضيق عينيه باستنكار لتتبع – لا تشغل رأسك يا باشمهندس ، ستكون الأمور كلها على ما يرام .
تطلع إليها بصدمة ليهمس بثبات وصلابة وشهامته تدفعه دفعًا نحوها فلم يدرك أنه يميل بجسده نحوها : سأكرر لك حديثي من جديد ، إذا أردتِ أي شيء اطلبيه مني ، إذا أردتِ أي مساعدة سأقوم بها ، إذا أردتِ الحماية سأمنحها لك ، فقط أخبريني ما الأمر ،
هزت رأسها بنفي والخوف يحتل حدقتيها ليتبع – أو لا تخبريني فقط أريد أن أعرف كيف أستطيع مساعدتكِ يا أسيل .
تمتمت باختناق : لن تقوى على أن تفعل ، وأنا لا أريدك أن تفعل يا باشمهندس ، أنا بخير لا تشغل رأسك بي ، أنا بخير
ألقتها ونهضت واقفة فنهض بدوره يحاول أن يستوقفها هاتفًا : انتظري يا أسيل وتحدثي معي .
تمتمت وهي تكاد أن تركض بخطواتها : لا أستطيع البقاء أكثر من ذلك ،
أسرعت في المغادرة بخطواتها ليقف بمنتصف مكتبه ينظر لرحيلها الغريب والمفاجئ إليه ليشعر بضيق يتغلغل بأوردته وخنقة تتحكم في حلقه ليزفر بقوة متحاشيًا أن يفكر في أمرها المريب
ولكن عقله لا ينفك أن يردد سؤال واحد ما الذي يخيفها بهذه الطريقة الفجة ؟!
...
دلفت إلى سيارتها لتهتف بصوت مختنق ودموعها تملئ عيناها : تحرك يا عم صابر من فضلك .
رمقها العجوز من خلال المرآة ليسألها بعد قليل : ما الأمر يا ابنتي ؟!
وكأن سؤاله كان القشة التي قصمت ظهرها فانفجرت في بكاء حاد موجع ترك عظيم الأثر في قلب العجوز الذي صف السيارة جانبًا ليمنحها الكثير من المحارم الورقية ويناولها زجاجة مياه هامسًا إليها : هوني على نفسكِ يا ابنتي .. هوني على نفسكِ .
خفت بكائها تدريجيًا لتهمس بصوت حمل اليأس بين نبراته : لم أعد أحتمل يا عم صابر .. لم أعد أحتمل .
تنفس العجوز ببطء ليهمس إليها بدعم : إنه قضاء الله يا ابنتي ، وقضاء الله نافذ .
انهمرت دموعها من جديد وهي تطلع للخارج من النافذة العاكسة فلا تظهر ما بداخل السيارة ولكنها تمنحها رؤية واضحة للخارج فتهمس بابتهال خرج من قلبها : يارب أنا ألوذ إليك ضعفي وقلة حيلتي .. يارب احميني ونجني أنا وابني ،
تردد صوته الرخيم في أذنيها: كيف أستطيع مساعدتك ؟!
لتنساب دموعها من جديد وهي تهمهم لنفسها لا تفكري به لا تقحميه في أمورك الشائكة .. لن تتحملي أن يحدث له مكروه .. فهو أنبل من أن يصارع زيد أو يقف بوجهه .. فهو أجمل من أن يُسحق على يدي هذا الكائن المحتل لبيتك وحياتك .. إنه نبيل كاسمه وروحه جميلة كشكله.. إذا اقترب سيدمره زيد دون أن يرف بجفنيه ، فتجد نفسها تهمس دون وعي : حفظه الله وحماه لعائلته.
***
أزيز ينبع من هاتفه ينبهه لرسائل متتالية وصلت له ليرفع الهاتف يرمق شاشته مليًا ينظر لهذا الرقم لأحد تابعيه ، يراسله عبر أحد التطبيقات ويمنحه صورًا متتالية ضاقت عيناه لمحتواها ليطبق فكيه بقوة وعيناه تلمع بغضب وهو يقلب بها بتوالي فتتصلب ملامحه مع كل صوره عن الأخرى قبل أن يبتسم بشر شكل ثغره وعيناه تومض بجنون صافي وهو ينظر لتاريخ اليوم فيحفظ الصور لديه قبل أن يداعب شاشة هاتفه يتصل بها متحدثًا بمرح أضفاه على صوته لينهي حديثه بلطف : لا تنسي يا حبيبتي عشاء الليلة ، لدي ضيف هام أريد الاعتناء به بشكل خاص جدًا .
***
تتطلع إلى جهازها اللوحي بصدمة من تلك الصورة التي التقطتها الكاميرات وهي تدرك هوية تلك السيدة التي كاد أن يركض ورائها شقيقها الأكبر ، تتسع عيناها بعدم تصديق وهي تتساءل كيف ارتبط نبيل بتلك السيدة التي تعرفها من خلال الحفلات المجتمعية التي كانت تحضرها مرغمةً مع والدتها ، تلك السيدة التي أثيرت من حولها ضجة كبيرة من سنوات بسبب خلاف نشأ بينها وبين زوجها ، ورغم أن اسمها لم يُذكر في كل الشائعات إلا أن الثرثرة التي حدثت في المجتمع المخملي حينها وصلت إلى مسامعها من النساء عاشقات النميمة اللائي تحدثن عن اشتباه انتحار الأخيرة يائسة من حياتها مع الوحش الذي تزوجت منه !!
طرق الباب طرقتين ليطل برأسه بعدما فتحه في دفعة بطيئة هاتفًا بجدية : غالية أنتِ هنا ؟! قابله الصمت ليعبس بتعجب وهو ينظر إليها تطلع بعينين متسعتين إلى شاشة جهازها اللوحي الخاص بالعمل ليكح بخفة هاتفًا ثانيةً – غالية .
رفعت نظرها بذهول استقر بعمق مقلتيها الفضيتين لتهمس بترحاب : ما هذا أنت هنا مبكرًا عن موعدك .
تطلع إليها بتعجب ليسألها : لم تستمعي إلي ؟!! هزت رأسها نافيةً فأكمل – ما الذي يشغل بالكِ ؟!
ابتسمت برقة في وجهه وهي تشير إليه بالجلوس وتنهض من خلف مكتبها : لا شيء هام ، أخبرني لماذا أتيت مبكرًا عن موعدك اليومي ؟!
ابتسم بوجهها ليهمس برزانة : أتيت لأتحدث معكِ قبل أن نزوركم ليلًا.
عبست بتعجب لتسأله بدهشة : تزورنا ليلًا ؟! تمتم بهدوء : لست بمفردي، جميعًا سنأتي إليكم ليلًا .
رفعت حاجبيها بتعجب : جميعكم ؟!! أومأ برأسه فرمقته بتساؤل فأكمل بضحكة شعرت بخجله بين طياتها – لهذا أتيت لأتحدث معكِ .
تمتمت بتساؤل : فيما يا حسام ؟!
رفع نظره إليها متحدثًا بجدية : أنا وأنت تقاربنا كثيرًا الفترة الماضية وأعتقد أنكِ أصبحتِ تعرفينني أكثر وزال ذاك الحاجز الوهمي الذي كان بيننا .
أومأت برأسها متفهمة : نعم أصبحنا أصدقاء .
ردد ببطء : أصدقاء ؟!!
أومأت برأسها : نعم أنت لم تعد ابن عمي فقط يا حسام ، بل أصبحت صديقي أيضًا ، نتشارك الوجبات والثرثرة والخروج ، كل هذه الأشياء تدل على صداقتنا التي توطدت الفترة الماضية .
رمقها مليًا ليردد : كل ما يحدث بيننا كان لأننا صديقين فقط ؟!
ابتسمت لتجيب بلامبالاة : بالطبع هل ترى له سببًا آخرًا ؟!
اكفهر وجهه لينظر إليها بملامح جامدة فرسمت دهشة مفتعلة حددت ملامحها وسألته بصدمة وعيناها تعكس ذهولها : لا تقُل يا حسام ، هل أحببتني ؟!!
اتسعت عيناه واختنق حلقه فلم يقوى على الإجابة ولكن عيناه أجابت بدلًا عنه لتتابع بتهكم ومض بعينيها – لا تجب يا حسام فأنا لا أسألك بالمناسبة لأني متأكدة من كونك تحبني
رف بعينيه اللتين اعتمتا باختناقه فأكملت باستخفاف والمكر يومض بعينيها بشكل ازاد من غضبه وعقله ينتفض بإدراك : بدليل الخاتم الذي يقبع في جيب سترتك الداخلية .
رفع كفه يتحسس موضع جيب سترته ليغمض عينيه برفة بسيطة قبيل أن يرفع نظره إليها من جديد ويجيب ببرود أظهره رغم دمائه التي تغلي بأوردته: نعم أنا أحبك و أتيت لأتقدم إليكِ ، وهاكِ أنا اسألك عن رأيك .
زمت شفتيها قليلًا : سيفرق جوابي حقًا ؟! هز رأسه بحركة غير مفهومة لتكمل بجدية – وإذ أخبرتك أني لا أحبك ولا أريد الزواج منك ، هل ستتراجع عن قرارك في الزواج مني يا حسام ؟!
شعر بعقله ينصهر من وطأة الغضب الذي داهمه ليضيق عيناه ينظر إليها ببرود مستفز ظهر بصوته الجاف : حقيقةً لا ، لن يفرق معي أي شيء ستخبرينني به يا غالية ، فأنتِ ستفعلين ما أريده وستتزوجين مني رغمًا عن أنفك الجميل هذا .
اشتعلت رماديتيها بنيران شعرها قوية حانقة : لن تقوى على إجباري .
نهض واقفًا ينظرها من علٍ يبتسم من بين أسنانه متهكمًا : سنرى يا ابنة عمي، أتبع وهو ينحني إليها يضع وجهه أمام وجهها : أريدك أن ترفضين عرض الزواج ليلًا يا غالية وأنا سأخبر عمي و أخيك عن كل شيء كان يحدث بيننا الشهور الماضية ، سأريهم صورنا سويًا .. وأحاديثنا وكل شيء ، ليس حسام الألفي من تتلاعبين به يا ابنة عمي ، لقد اخترت الشخص الخطأ يا حبيبتي.
اتسعت عيناها بعدم تصديق ليكمل بضحكة ساخرة زينت ثغره : لستِ الذكية بمفردك يا خبيرة النظم ، أراكِ ليلًا سلام .
***
ترجلت من سيارة الأجرة التي كانت تقلها من بيتها لهنا ، لتتوقف قليلًا تنظر للقصر الفخم الصغير فتشعر بغصة قوية تسيطر على حلقها وهي تتذكر أنه يشبه الآخر الذي خدعها بكونه سيصبح منزلهما سويًا ، ارتجف جسدها وهي تتذكر أنها المرة الأولى بعد ذاك اليوم تخرج من بيت عائلتها بعدما عادت ليلًا لتتفاجئ أنه هاتف خالها وأخبره بتأجيل الزواج بسبب سفرته التي أتت على غير موعد ، والتي كان من المفترض أن يسافر بها زوج شقيقته ولكن ولادة الأخيرة من أجبرته على السفر بدلًا عن شقيق زوجة خالها ، دمعت عيناها بقهر وهي التي لم تستطع الوصول له منذ ذاك اليوم ، فهو لم يهاتفها ولم يراسلها ولم يتحدث معها ، هي التي تحيا في بؤس ووحدة حتى ابنة خالها توقفت عن الاجتماع معها حتى لا تلتقط سهيلة ما يحدث معها ، والدتها التي تسألها باستمرار عما يحدث معها وجدتها التي حدثتها بوضوح عن كون هناك خلاف بينها وبينه هو ما الذي يكئبها هكذا فأجابتها كاذبةً أن سفره وغيابه يؤثران بها ، ورغم أن جدتها لم تقتنع إلا أنها صمتت وخاصةً وأن أدهم أكد على موعد العرس القريب الذي كان أخبر به خالها تيم من قبل ، ولكن اليوم ما حدث صباحًا وما صُدمت من اكتشافه هو ما أجبرها على الخروج وهي تكذب على والدتها بأنها ستخرج بحثًا عن فستان زفافها وأتت إلى هنا ، وهي التي لا تعلم كيف تستطيع الوصول إليه ، عقلها أتى بها إلى هنا ، إلى بيت عائلته لعلها تقوى على العثور عليه ، زفرت بقوة وهي تقترب من فردي الحرس اللذين يحرسان بوابة قصر المستشار وائل الجمّال كما خط بخط عربي أنيق على اللوحة المعلقة بجوار البوابة الحديدية الكبيرة فتسأل بصوت أبح عالٍ قليلًا : هل أدهم بك بالداخل ؟!
عبس بتعجب وهو ينظر للفتاة التي تقف قرب البوابة وكأنها متخفية من شيئًا ما، تتحدث مع الحرس عن شيء ما ليسأل بجدية سائقه الذي يتجهز للمغادرة بالسيارة : من هذه الفتاة ؟! هل تبحث عن شيءٍ ما ؟!
رد سائقه بجدية : أنها تسأل عن أدهم بك سعادتك .
ردد وائل بتعجب : تسأل عن أدهم بك ؟!! ليتبع بعد برهة – تحرك بالسيارة واقترب لأرى ماذا تريد ؟!
أطاعه سائقه بالفعل لتستدير الفتاة وتكاد أن تركض مبتعدة وهي تنظر للسيارة التي تمر عبر البوابة فيهتف هو بجدية آمرة : قف جانبًا وآتي بها يا عوض أخبرها أن سعادة المستشار يريدك .
توقف سائقه بالسيارة ليترجل منها سريعًا وهو يشير لفردي الأمن اللذان تحركا ليركض خلف الفتاة التي شهقت من الهجوم الفجائي عليها ليتوقف السائق حينما أمسك بها أحد الرجلين : تعالي يا ابنتي لماذا تركضين ؟! لا تخافِ، سيادة المستشار يريدك .
ازدردت لعابها لتسير مجبرة بجانب السائق وفردي الأمن يسيران من حولها إلى أن وصلت للسيارة فيفتح إليها عوض الباب الخلفي ويشير إليها بالركوب ليهم ليقف بجانب السيارة بينما تطلع وائل إليها بصدمة تجسدت بصوته الذي بُح : مريم ؟!!
رفعت وجهها الشاحب بملامح ذابلة وعينين دامعتين وأنفها المحمر من موجة بكاء لا تستطع التخلص منها ليسألها بقلق تملك منه : ما بالكِ يا ابنتي؟! ماذا أصابك ؟!
ارتعشت شفتيها وارتجف جفناها لتهمس بصوت أبح : لا شيء ، أنا بخير ، فقط كنت أسأل على أدهم .
رمقها مليًا ليسألها بتروي : لماذا ألا يهاتفك ؟!
رفت بجفنيها لتهمس باختناق : هاتفه كان مغلقًا وأنا كنت أريده لأمر ضروري
تطلع إليها ليسألها بصبر : حسنًا يا ابنتي ، هاكِ أنا موجود أخبريني عم تريدينه من أدهم وأنا سأفعله ، أشاحت بوجهها بعيدًا وهي تشعر بالتوتر يمتلكها ليتابع – لا تخجلي ، أنا مثل والدكِ ، بل مثل جدك ، فأنا أُعد سهيلة حفيدتي وأنتِ تماثلين سهيلة غلاة ومقدار ، هيا أخبريني ما الأمر الضروري الذي تريدينه من ولدي ؟!
هزت رأسها نافية لتهمس : لا تشغل بالك بي يا عماه ، أنا سأتصرف ، فقط أخبر أدهم أني أريده .
أخفض جفنيه مخفيًا أفكاره التي تتصارع بداخله فيعم الصمت عليهما قليلًا قبل أن يستل هاتفه ليداعب شاشته فيأتيهما سويًا صوت رنين الهاتف الذي صدح مدويًا من حولهما لتجفل بحرج حينما أتى صوت الآخر مرحًا مرحبًا باحتفاء : سعادة المستشار بنفسه يتصل بي ، ما هذا النور ؟!
تمتم وائل بجدية : صباح الخير يا بك ، أين أنت ؟!
ران الصمت قليلاً قبل أن يجيب أدهم : ما الأمر يا بابي ؟! صمت وائل قليلاً ليتابع أدهم بعد برهة – أنا بالمؤسسة كالعادة ، لدي اجتماع بعد قليل .
هدر وائل آمرًا : إلغه وتعال أنا أريدك في مكتبي بعد نصف ساعة على الأكثر .
عبس أدهم بقلق ليسأل باهتمام فعلي وهو ينهض من كرسيه : أمرك يا بابي ولكن لماذا ؟! ما الأمر ؟!
تمتم وائل بجدية : سأنتظرك .
نظر إلى الهاتف الذي أغلق بوجهه ليعبس بتعجب تملكه قبل أن يضغط الجهاز اللاسلكي هاتفًا : سامر ألغي الاجتماع أو أجله لدي أمر طارئ علي موافاته الآن
ليحمل أشياءه وهو يهاتف رمزي :سأغادر يا رمزي دع الحرس يستعد .
...
رمقها وائل مليًا ليهمس بعدما أغلق الاتصال : هاك فتح هاتفه وسيأتي أيضًا ، هل ستأتين معي ؟! أم من الأفضل أن تقصي لي ما حدث بينكما بمفردنا دون وجوده .
استدارت لتنظر إليه بخجل لون وجهها ببعض الحمرة لتجهش في بكاء حاد أثار ذعره ولكنه تماسك وهو يجذبها إليه يضمها إلى صدره ويربت على رأسها هاتفًا :اهدأي يا ابنتي .. اهدأي لا شيء يستحق دموعك ، اهدأي واعرفي أني سآتي لكِ بحقكِ كاملاً .
رفعت عيناها بعدم تصديق لون نبراتها : حتى من ولدك .
أطبق وائل فكيه ليهمهم بحنق : ومن أعين ولدي ، أخبريني ماذا فعل بكِ ؟!
ارتعشت شفتاها من جديد وانتفضت لتحني رأسها بعار كلل هامتها : أنا حامل.
***
__علي بك ، الآنسة مي تريد مقابلتك .
أجاب مساعدته بترحاب : دعيها تتفضل على الفور.
ألقاها ونهض واقفًا تحرك من خلف مكتبه ليكون في استقبالها فينتظرها بابتسامة مشرقة وعيناه تتأملها من اخمص قدميها بحذاء عالي أنثوي بلون القهوة الفاتحة .. ساقيها العارية لنصف ركبتيها ، ليخفي بقيتها تنورة فستانها بلونه الأخضر الغامق .. ضيق يحدد جسدها النحيف كالعارضات .. رسمي بصدر مغلق ونصف كم فيخفي كتفيها وذراعيها .. عنقها مريم بسلسال رفيع بدلاية تحمل حرفين ال aو ال m متشابكين بداخل بعضيهما فيظهرون للعين غير المدققة أنهما ثلاث أهرامات ولكن هو من صمم لها تلك الهدية التي أعجبتها للغاية يدرك ماهيتها جيدًا .
خصلاتها السمراء المموجة بشكل غجري فاتن مفرودة على ظهرها وبعض على كتفها الأيمن وذاك الطوق الذهبي الموضوع على قمة رأسها يمنحها طبيعية أعجبته وخاصةً مع زينة وجهها الهادئة وابتسامتها الأنثوية الناعمة التي قابلته بها وهي تحيه برقة : كيف حالك يا علي ؟!
مدت كفها لتصافحه فجذبها بخفه إليه وخاصة بعدما تأكد أن باب مكتبه أغلق خلفها ليقربها من صدره قليلًا دون أن يحتضنها فعليًا فيستنشق عطرها الخفيف الذي يشعر به يحتل أوردته هامسًا بصوت أجش : بخير طالما أنتِ هنا ، أنا بخير .
ابتسمت لتدفعه بصدره بخفة وهي تعض شفتها السفلية من الداخل هامسة بشقاوة : أصبحت تتجاوز يا شيخ علي .
ابتسم ليغمغم : نعم فأنا قاربت على فقدان تماسكي .
تمتمت وهي تجلس على الأريكة التي تواجه مكتبه تضع ساق فوق أخرى : تماسك يا علي .
تحرك ليجلس مجاورًا لها يفرد ذراعه من خلفها فوق ظهر الأريكة يستدير إليها بجسده نصف استدارة : لم أعد أقوى على التماسك يا مي ، اقترب بصدره منها أكثر ليهمهم إليها متبعًا – أنا أحلم بكِ يوميًا وأنهض من نومي..
صمت وعيناه تومض ببريق قوي فأكملت بمزاح وهي تداري خجلها في ضحكة واسعة طلت من عينيها : بالتأكيد تنهض من نومك مفزوعًا .
ضحك بخفة ليحك عنقه من الخلف هامسًا : بالطبع في سني هذا لابد أن أنهض مفزوعًا .
أخفضت وجهها بعدما احتقن بحمرة قانية لتهمهم بخجل ظهر بصوتها : الأمر يتوقف عليك يا علي ، فأنت تعلم رأيي جيدًا .
تنفس بعمق ليغمغم من بين أسنانه : أخبرتك أن تحددي لي موعدًا مع دكتور عارف .
رمقته باستهجان : ستأتي بمفردك .
اختنق حلقه ليجيبها : الزيارة الأولى فقط .
زمت شفتيها لتهمس : هذا الأمر غير لائق يا علي وأنت تعرف هذا جيدًا ومن المحتمل أن يثير ضيق بابا ويجعله يرفض الأمر برمته .
تمتم بصلابة : سآتي بمفردي أولاً ثم آتي بالعائلة كلها فيما بعد يا مي ، بل سآتي بالعائلة بفرعيها آل الجمّال وآل الألفي إذا أردتِ ، فقط أريد أن أتقدم لوالدكِ أولًا .
رمقته مليًا لتسأله بجدية : لماذا يا علي ؟!
تنفس بعمق ليسبل جفنيه هامسًا : أنه أمر خاص بي يا مي ، أنا أدرك ما أفعله جيدًا ، همت بالنقاش ليتبع مقاطعًا – اتركينا من هذا الأمر الآن وأخبريني .
رمقته بتساؤل فأكمل بشقاوة زينت ملامحه : ما هذا الجمال ، أنتِ تزدادين جمالًا أكثر فأكثر وقلبي لم يعد يحتمل .
ضحكت برقة فاقترب منها أكثر ليلامس كتفها بذراعه من خلفها فتنتفض بخفة وتهمس بدلال : علي ، توقف .
أجاب بمشاكسة : أريد أن أفعل ، تطلعت إليه بعتاب فأكمل – ولكني لا أستطيع .
تعالت ضحكاتها وهمت بالنهوض من مكانها وهي تهتف بمرح : لم تعد مؤتمن يا شيخ .
تمسك ببقائها جواره وهو يهمس إليها بجوار أذنها : لا تهربي مني .
دفعته ليبتعد قليلًا عنها وخاصةً حينما شعرت بحرارة جسده : لا أهرب فقط أنا ، شعرت بأنفاسه تلفح وجنتها لتتبع بخفر – علي ابتعد .
تنفس بعمق وهو يملئ رئتيه من رائحتها : ادفعيني بعيدًا يا مي ، فأنا بمفردي لا أقوى على الابتعاد .
ازدردت لعابها لتستدير برأسها قليلا فتتلاقى نظراتهما لتنفرج شفتيها بلهاث ساخن أثار توقه إليها أكثر فهم بأن يمتلك شفتيها في غفلة من وعيه .. من عقله .. ومن تماسكه الذي بعثر وهو يقع أسير نظراتها .. جمالها المغوي ببساطته ونفسه تهفو لتلك الشامة التي تزين شفتيها فيقترب اكثر لاغيًا كل ثوابته لينتفضا سويًا قبيل أن يمس شفاهها على صوت مالك الذي هدر باسمه : علي الدين .
***
أصوات كثيرة تصدح من غرفة الصالون التي اكتظت بأصوات رجال عائلتها الذين أتوا لهم على غير موعد ، فاستقبلهم والدها بحفاوة وتساؤل لمع بمقلتيه ولكنه اختزنه بصدره حينما صعد خالها وولده مع سعادة المستشار عمها هشام الذي هتف بجدية وهو يصافح والدها الذي رحب به : أتيناك في طلب يا طبيب ونتمنى أن لا تردنا خائبين .
فيبتسم والدها ويؤثر الصمت وفي ظل إصرار والدتها على إعداد عشاء فاخر يليق برجال العائلة الذين احتلوا غرفة الصالون فتتبع والدتها للمطبخ وتتجاهل تلك الأصوات التي تصاعدت بداخل الغرفة غير مغلقة الباب ، ارتجف جسدها وهي تستمع إلى صوته المميز ببحته الخشنة يهدر ردًا على حديث والدها على ما يبدو، فتوقفت عما تفعل ليست بمفردها بل هي ووالدتها وعمتها وابنة عمتها اللتان صعدتا بدورهما لتساعدا في إعداد الطعام، اقتربت أمينة منها بعفوية تربت على كتفها بدعم وتهمس : لا تجزعي ، سيكون كل شيء بخير .
ابتسمت بتوتر وهي تنظر لأمينة ببسمتها الداعمة لتسيطر على ارتجافها ولكنها لم تستطع وهي تشعر بأنها ستفقد وعيها إذ اشتد الخلاف بينه وبين والدها هذه المرة .
...
__ ليس لدي فتيات للزواج ، ران الصمت على الجميع حينما أجاب محمود حديث محمد " شقيق ماهر الأكبر " والذي طلب يد خديجة لأنه كبير العائلة الآن ، فيسأله هشام بهدوء متعجب - لماذا يا محمود ؟!
فيجيبه محمود ببرود : هكذا دون سبب ، محمود ابن شقيقتي الوحيدة ولكني لا أراه يصلح لأن يكون زوجًا لابنتي ، لأسباب كثيرة لن يتفهمها أحدًا لذا أحب أن أحتفظ بها لنفسي.
هدر محمود بغيظ وغضبه يتملكه : ولكن ابنتك تحبني وتريدني .
اكفهر وجه محمود ليرمقه هشام بغضب ويهدر ماهر مؤنبًا : اصمت يا محمود .
هدر محمود بجنون : لن أفعل ، ليتبع بحماقة وهو يشير لخاله بكفه في اشاحة حانقة – استدعي ابنتك و اسألها عن موافقتها من عدمها ليعلم الجميع بأنك تتعنت معي دون وجه حق .
رمقه خاله من بين رموشه ليجيبه بصوته الرخيم : حتى إن وافقت ابنتي أنا لا أوافق عليك ، يكفي أسلوبك هذا بالحديث معي دون احترام لي أو للكبار من حولك.
أطبق فكيه ليهتف ماهر بغضب اشتعل بعقله: اخرس فضحتنا ، طلبت منك الصمت طوال الجلسة .
ابتسم محمود ساخرًا : اتركه يا ماهر ، فابنك لا كبير له ، يحدثني كصديق له ويتساءل لماذا أرفض أن أزوجه ابنتي ؟!
لم يهتم بحديث خاله ولا بنظرة الغضب النارية في عينين والده ليكمل خاله بهدوء وهو ينظر للبقية من الرجال : ولكن لأجل وجودكم و زيارتكم لا ضير من أن تسمعون رأي ابنتي بنفسها ، لا ضير من أن يسمع رفض ابنتي بأذنيه ليفوق من أوهامه ، التفت لمحمد آمرًا – ادعو شقيقتك .
...
دلفت من باب الغرفة تنظر برهبة في كل الوجوه التي تنتظرها وتنظر إليها تترقب جوابها الذي ترجاها بعينيه أن تنطق به كما يريد ويرغب ليصدح صوت والدها بهدوء يسألها بجدية : ما رأيكِ يا ابنتي هل تقبلين به زوجًا ؟!
أخفضت عيناها وازدردت لعابها لتتحكم في جفاف حلقها قبل أن ترفع رأسها تتحاشى النظر إليه لتنطق بثبات : لا
***
وقف ينظر اليه يبتسم بلباقة ويشعر بعدم الارتياح في هذا العشاء الذي اضطر لتلبية دعوة الاخر بعدما اصر عليه موضحا انه يريد تعديلات ببعض تصميمات الفيلا تناسب الصغير الذي كبر ، انتبه عليه يشير اليه بلباقة : هاك الهانم وصلت ، انها الانسب لتتحدث معك فيما يخص التغييرات .
نهض واقفا بدوره مستقبلا زوجة الاخر بلباقة حتمية ليشعر باختناق قوي داهمه حينما اقتربت من جلستهما تهمس بالتحية دون ان تنظر له فيتجمدا سويا حينما تلاقت نظراتهما .
رف جفنه بطريقة متتالية لا اراديا وعيناه تلتقط كل ما يحدث امامه بدقه فيراقب كيف احتل خصرها بذراعه وقربها منه بامتلاك شعره يفوح منه امتلاك لم ترفضه ولم تقبله بل ظلت متيبسة كعود شجر عجاف سحب منه الحياة ليكمل الاخر ببسمة شعرها متشفية: اسيل هانم الحريري زوجتي وام ولدي وابنة عمي
تمتم نبيل بصوت مختنق : تشرفنا ، وبالطبع اعرفها ، فالسيدة اسيل مشاركة بشركتها في مشروع كبير يضم العديد من الشركات
ابتلعت غصة حلقها وخاصة حينما تحاشى النظر اليها فتحاول ان تعتذر اليه .. تستسمحه .. تطلب مغفرته على ذنبها الذي نطقه من بين اسنانه مشددا وهو يمنحها لقب السيدة ولكنه لم يتطلع اليها من جديد بل ظل بصره متمركزا على زيد الذي اجاب : بالطبع اعرف كل شيء .
اطبق نبيل فكيه اكثر ليهتف زيد بحبور تملكه فجاة : العشاء هيا بنا لتناول العشاء حتى لا يبرد .
اشار الى نبيل الى ان يتقدمه فيتاخر هو قليلا بعدما تركها ينظر اليها بتساؤل قبل ان يهمس : تعالي .
كان امره مخيفا فرجف جسدها لتستجيب فيكتنف كفها بقسوة المتها قبيل ان يبتسم في وجهها ليجلسها في مكانها مواجهة للاخر بعدما اشار اليه بالجلوس ليترأس المائدة متحدثا بخيلاء : بون ابتي
***
تشعر بتوجع شديد يداهمها فتئن بالم قبل ان تدفعه بجدية : سليم .. انهض يا سليم .
انتفض من نومه مفزوعا لينظر بتشتت من حوله هاتفا : ما الامر ؟!
هتفت وهي تكتم انات المها : انا اشعر بتوعك والم شديد باسفل بطني ، انجدني يا سليم
قفز واقفا بيدور من حول نفسه هاتفا : ماذا افعل هل اهاتف الطبيب ؟!
تأوهت بوجع حقيقي لتصيح بالم : لا اعرف انا اشعر بالم شديد .
تحرك سريعا نحوها ليزيح الغطاء من عليها فتشخص عيناه بفزع وهو ينظر لبقعة الدماء التي تتسع فلطخت ثوبها والفراش من اسفلها ، لينتفض على صرخة الم اخرى منها فيلملم الغطاء عليها ثانية قبل ان يحملها ويركض بها للخارج بعدما التقط مفاتيح سيارته ، وضعها بالمقعد الخلفي للسيارة لينطلق بها سريعا نحو المشفى القريب منهما وهو ينظر لملابسه التي تلوثت بالدماء ليحملها من جديد بعدما صف سيارته كما اتفق ويركض بها داخل المشفى صائحا : انها تنزف .
استقبله فريق الطوارئ ليهاتف الطبيب الذي ذهبت اليه من قبل يصرخ فيه : انجي تنزف يا دكتور ، اخشى ان تفقد البيبي .
اتاه صوت الطبيب هاتفا : انا بالمشفى يا سليم بك ، ساتي لكما على الفور.
...
جلس على احد مقاعد الطوارئ ينتظر خروجها بعدما اعلن طبيبها انها تحتاج الدخول لغرفة العمليات على الفور لينظر الى ساعة معصمه قلقا من تاخرها بالداخل لينتبه على قدوم احدهم سريع الخطوات ليقابله وجه عمر الفزع : ما الامر يا سليم ؟! ماذا حدث ؟!
اغمض سليم عيناه بعدما نهض ليصافح عمر : اعتقد انها تفقد الطفل للمرة الثانية .
همهم عمر ببؤس : يا الله ، لا حول ولا قوة الا بالله ، ليتبع وهو يربت على كتف سليم - عوضك الله خبرا فقط تصلب ولا تحزن ، سيمنحك الله من فضله ثانية .
همهم سليم : بابا يا عمر .
لوى عمر شفتيه ليهمهم : قادم انا فقط من اسرعت لأتفهم منك ماذا حدث، فهو يكتم غضبه منذ اتصالك بسوزي واخبارنا عن امر المشفى .
رفع سليم راسه يقاوم دموعه التي ملأت جفنيه مهمهما باختناق : ادرك أنه غاضب وادرك انه كان ينتظر الطفل اكثر مني ولكن ماذا علي ان افعل ، انا احترق يا عمر ، احترق .
تمتم عمر : اهدا يا سليم .. اهدا ، هذه الامور تحدث تفائل بالله خيرا .
همس سليم باختناق : ونعم بالله .
انتبه على وصول والده الذي حياه بتساؤل نطقه : ما الامر ؟! هل هي بخير؟! الطفل بخير .
اشاح سليم براسه بعيدا ليجيب عمر : اجلس يا عماه سيكون كل شيء بخير الان وسيطمئنا الطبيب
وعلى ذكر الطبيب الذي خرج اليهم فتحرك سليم نحوه باندفاع سائلا : كيف حالها ؟! هل هي بخير ؟! هل البيبي بخير ؟!
تنفس الطبيب بعمق ليهمس : للاسف يا سليم بك لم نستطع انقاذ الجنين وخاصة انه لم يكمل الشهران ، ولكننا استطعنا انقاذ الهانم بعدما سيطرنا على النزيف الذي كان حادا وقويا ،
اغمض سليم عيناه وعمر يربت على كتفه بدعم هامسا : لا حول ولا قوة الا بالله ، تمتم سليم مستغفرا بينما جلس بلال على الكرسي من خلفه بحزن خيم عليه ليكمل الطبيب بعد برهة - فقط اردت ان اخبرك يا سيد سليم بمضاعفات حدثت اثناء انقاذ السيدة انجي
انتبه سليم للطبيب الذي اكمل بهدوء : للاسف السيدة انجي لن تقوى على الانجاب ثانية ، فالنزيف ادى لتعقيدات اجبرتنا على كي قناتي فالوب، انا اعتذر منك ولكن ، عليك التماسك لأجل زوجتك
شخصت ملامح سليم بصدمة المت به ليهمس بصوت مختنق وهو يسقط جالسًا : لله الامر من قبل ومن بعد .
***

انتهى الفصل الثامن
قراءة ممتعة


سلافه الشرقاوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس