" معناته أيه يا لطفي اللي بتجوله ".
حدق لطفي في عينا عمه الغامضة النظرات .. هذه النظرة الجامدة التي تصدرها له عيناه .. في صمت بدا.. رهيب .. متوعد ..حتى أنهى مطلبه .. ليجيب على إستفساره الأخير الذي انطلق من فم ابن عمه الأصغر :" يعني يا مصباح يا ولد عمي .. عايزين حج أبونا اللي عند أبوكم ".
اكمل دورة عينيه على باقي أولاد عمه المتراصين في دعم لوالدهم .. وهو يشكل جبل صد لهم .. أرسى عينيه على نبيل بحقد بالغ .. أنه قد أختصف زهرة أمل من حياته وحياتها .
انتفض مصباح ابن عمه من مكانه هاتفاً بغضب :" لو كنت محتاج صدجة كنا هنرحب بيك .. إنما جاي عايز حجنا وحج أبونا .. عينك اللي تتجلع دي حاسدنا على الخير .. لع يا ولد حجاج .. مالك عندنا حشيمة ولا ترحاب .. يالا غادر البيت .. ولا تعاود هنا تاني ".
ضرب منعم عقب عصاته في الأرض فأصدر صوت تحذيري.. نبه ابنه ان هناك تجاوز فهتف معترضاً:" لع يا ابوي .. لازم نكشحه من هنيه .. نجمنا في النازل من جر اللي زيه ".
أشاح ابيه بظاهر يده .. مهادناًببطء ناعم نعومة الأفاعي :" مين جال أن أبوك ليه حج عندي .. وكيه جه الحج ده .. يعني أبوك حط عندي أمانة .. أو اشتغلنا مع بعض وأنا كلت راس ماله ".
علق لطفي بضيق باغت .. مستدركاً أنه يريد المماطلة .. فقد تحدث في هذا .. لكنه تلمس حبل الصبر :" ورث أبويا من جدي اللي تحت يدك ".
اسند ذقنه على قمة العصا الغليظة .. مجيباً:" عتعمل أيه لو جلت لك أبوك ما ليه عندنا شي .. جدك ما ملك أي شي.. ولا كان عنده جيراط ولا دوار .. ولا حتى زريبة .. البيت اللي اتولدنا فيه كان بيت جدنا لأمي .. لما مات أخدوه منا خوالي .. وهو حقهم ".
ارتفع حد الغضب بعد توترسببه حدة الرد .. نهض لطفي منتصباً في قوة :" مش هاروح المحكمة .. هاخد حج أبويا بيدي ".
انتفض أحد ابناء عمه نافضاً جلبابه :" بتجول أيه يا لطفي .. جاي تهددنا في دارنا .. والله مالك غير جتلة عتبرة .. يالا برة البيت ولا عاد تاجي هنيه تاني .. بيتنا يتعذرك ".
ظل عمه صامتاً مما جعل ابنائه يدركون موافقته الضمنية ..، فكانت هجمة عنيفة من ابنائه على ابن اخيه .. من هذا الذي يطالب بحقه هنا ..، في عرينه .. بينما اولاده يدفعون من كانوا معه صداقة وأخوة .. وظل ابتسامة في عينا عمه .. خاصة وقد أنجب العديد من الأولاد يحمون ظهره ... يستحقون الثراء .. فالضعاف مثل أخيه وابنه المستجدي لا يستحقون شيئاً.. وقف يهدر بقوة :" جول لأبوك لو ليه عند حد حج يطلبه بنفسه مش يرسل ولد صغير .. جاي يستجدي ".
هتف لطفي :" ورب العرش لأخد حج أبوي منك .. هتشوف الولد هيعمل فيك أيه .. يا منعم ".
لطمه أحد ابناء عمومته على فمه .. وصفعه أخر على وجهه.ز بينما ثالث دفعه في صدره ليسقط أرضاً أمام المنزل .. وقف نبيل يشاهدهم .. ثم دلف نحو ابيه يهدر فيه :" لعمي حج .. اعطيه حجه .. بلا مشاكل .. كافي عمتي وعيالها بجينا في خصام معهم ".
غضب أبيه هادرا:ط عمتك دلكيت .. مش طول عمرك تجول ليلى الحزينة .. بوز الغم .. مالك ومال عمك .. من ميتي ؟!!".
رفع يده يذكره بما نسيه :" عمي جه هنيه .. لما مرته كانت عيانة وطلب حقه .. وأنت جلت حجك عندي .. فين الحج ده .. هتاكله زي ما كلت حق زوج عمتي .. الحج اللي أخدته زمان .. وجبت مع عمي شوال فلوس ودفنتوه في جاعة الفرن في الدار الجديمة زمان .. فين الحجوج .. طالما ربنا مجدرنا .. اعطي الحج لأهله ".
دفعه أبيه في صدره مهدداً:ط لو خرج الحديت ده لحد والله لأجطعك بيدي فاهم ".
خرج من الغرفة المهيأة للضيتفة .. بمجلس يماثل الأثرياء .. خرج نحو اولاده الذين أجتمعوا على ابن عمهم يسومونه سوء العقاب .. من يضربه بيده أو بقدمه في بطن أو صدر ابن عمه المطروح أرضاً.. هدر صوته الآمر :" يكافي كده يا ولد منعم ".
بلحظات مؤلمة .. وقف لطفي متوجعاً.. تئن روحه قبل جسده .. داخله تهديد صارخ لعمه وابنائه.. فالقلوب توجعت .. والأروح كسرتها الغلبة والقوة .. نظر لعمه نافضاً ملابسه بيديه .. ثم غادر المكان وداخله وعد بالعودة .
******************
|