عرض مشاركة واحدة
قديم 02-02-21, 10:16 PM   #567

سما صافية

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء وراوي القلوب

 
الصورة الرمزية سما صافية

? العضوٌ??? » 394040
?  التسِجيلٌ » Feb 2017
? مشَارَ?اتْي » 2,729
?  نُقآطِيْ » سما صافية has a reputation beyond reputeسما صافية has a reputation beyond reputeسما صافية has a reputation beyond reputeسما صافية has a reputation beyond reputeسما صافية has a reputation beyond reputeسما صافية has a reputation beyond reputeسما صافية has a reputation beyond reputeسما صافية has a reputation beyond reputeسما صافية has a reputation beyond reputeسما صافية has a reputation beyond reputeسما صافية has a reputation beyond repute
افتراضي



دار المفتاح داخل ثقب الباب فانتبهت حواسها بترقب، خمس أيام تعيش وحدها داخل هذا القبر الموحش، خمسة أيام لم ترى بشر أو تسمع صوت إنسان سوى بعض المناوشات التى قد تحدث فى الشارع أو صوت التلفاز المفتوح على مدار الساعة
لاتتابع شئ ولا تفقه ما يُعرض على شاشته وأنما تتركه ليتردد صداه فى هذا القبر ويبدد سكونه، تتركه يعرض محتواه ليل نهار حتى لاتشعر بالوحدة
وما أدراك بالوحدة التى تنهش القلب والروح وهى تجلب على عقلك وخيالك كل أحزانك وآلامك التى لم تندمل بعد
نهضت من فوق المقعد مع صوت طرقعة المفتاح وسلطت مقلتيها على باب الشقة وما أن انفرج عن أكثر شخص تكره فى الحياة، لم تتوقع أن تهرع قدميها نحوه تتشبث بملابسه، ترجو وتتوسل
:- حمدى ... كيف تهملنى إكده لحالى ... أنا هتچن من الوحدة ياحمدى
أغلق الباب خلفه ودلف بضع خطوات يتجاهل حديثها رغم تشبثها بملابسه واصلت حديثها الكاره له جازه على أسنانها
:- هملنى أروح لأمى ... أنا مش هجعد إهنا تانى لحالى
جلس على مقعد وثير بالصالة، يمرر نظراته المقززة على جسدها المتشح بعباءة سوداء فضفاضة وترفع شعرها بعقدة فوضوية فوق رأسها ... أشار نحوها بطرف ذقنه قائلاً باستعلاء
:- إيه الجرف اللى لابساه ده ... غورى بدلى خلاجاتك ده والبسى حاچة حلوة ملونة إكده
لو النظرات تحرق لحرقته فى مكانه بنظراتها الكاره له، تسمرت بمكانها مرفوعة الحاجب وقالت بعناد
:- رايده أمى ياحمدى ... ولا هتحرمنى منيها كمان
مسح على وجهه ببطء ثم زفر بقوة قائلاً بنفاد صبر
:- جلتلك غورى بدلى خلجاتك ... وحضرى واكل
لاحظت أثر كدمة تحيط بعينه وأخرى كادت أن تختفى على ذقنه، لم تفهم سر هذه الكدمات لكنها شعرت بالشماتة وتمنت أن ينال أضعاف مضاعفة منها أو حتى يلقى حتفه فموته حرية لها
لاحظ نظراتها لوجهه فنهض بعصبية صارخاً
:- جولتلك غورى من وشى
كتفت ذراعيها تحت صدرها تناظره ببغض وقالت بإصرار شخص فقد عقله
:- وأنا جولتلك رايدة أمى ... ولو هملتنى لحالى وجفلت عليا الباب بالمفتاح كيف الطير المحبوس بالجفص ... هجتلك وأجتل حالى
حرك رأسه ينظر لوجهها وأرعبه نظره الجنون التى تتلاعب فى عينيها، يبدو أنها على وشك الجنون وارتكاب جريمة
لذا ابتسم بسماجة وقال بمهادنة
:- حاضر يا شموع ... هكلم أمك تاچى تجعد معاكِ بعد ما أسافر أنا ... أنا هجعد معاكِ يومين بس
اقترب خطوة منها بابتسامته السمجة يمسح على ذراعيها برفق يرغب فى تهدأتها حتى لا تنفلت أعصابها وتؤذيه بأى شكل
وقال بنعومة مقززة :- أنتِ تؤمرى يا شموع
نفضت ذراعيه بعيداً عنها وتحركت نحو المطبخ تعد له الطعام

*************
مر يومان وحالة يوسف فى تحسن مستمر وشمس لا تغادره نهائياً تبثه حنانها ورعايتها واهتمامها حتى أشفق عليها من التعب وحاول إقناعها بالعودة إلى المنزل حتى ترتاح قليلاً ولكنها رفضت المغادرة ورفضت أن يساعدها أى شخص فى رعايته
وضعت الكوب الفارغ من يدها على الطاولة ثم التفتت لتقول بإصرار :- أنا مش هدخل البيت غير ورجلى على رجلك
حرك رأسه بحيرة، لا يعرف كيف يعوضها عن كل هذه المشاعر الفياضة التى تغدقها عليه وكأنه ابنها وليس زوجها، قال بترجى
:- ياشمس أنتِ تعبتى معايا أوى ... اسمعى الكلام روحى ساعتين أرتاحى وغيرى هدومك وأرجعى على طول
هزت كتف واحد بدلال وتقدمت تجلس بجواره على حافة الفراش تطالع ملامح وجهه الوسيم التى استعادت بعض من لونها وحيويتها بعد شحوب دام لفترة ثم قالت بخفوت تؤكد على كل حرف
:- مش هرجع البيت غير مع جوزى
ثم انحنت بجذعها تقترب منه لتلثم وجنته بدفء قبل أن تمد ذراعيها لتحتضن عنقه بحنان، كان البعد اختبار لمشاعرهما سوياً وجاءت هذه الحادثة لتثبت بما لايدعى أى مجال للشك أن هذا الثنائى غير قابل للقسمة
أحاط خصرها بذراعه السليمة يضمها لصدره بقوة وأراح رأسه على كتفها بعد أن قبل عنقها وتشمم عبيرها
لأيام يتشاركا فراش المشفى الضيق، متشبثين ببعضهم البعض يلتحفا الحب والدفء، وتتعانق القلوب قبل الأجساد
فجأة انفرج الباب وتعالى صوت فرح هاتفاً
:- شمس شموسة ..... هاااه
شهقت خجلاً من اقتحامها بتلك الطريقة بعد أن شاهدت تقاربهما فالتفتت سريعاً بحرج ووقفت موليه ظهرها نحوهما
تعالت ضحكاتهم عليها قبل أن تنهض شمس وتهتف بمشاكسة
:- إيه الدوشة اللى عملاها ديه يافرح ... أحنا فى مستشفى على فكرة ... يعنى برجاء التزام الهدوء لراحة المرضى
التفتت ببطء تنظر بتردد نحوهما وقد تلون وجهها باللون الوردى خجلاً وقالت بخفوت
:- أنا آسفة .... أصل نسمة بتولد
شهقت شمس بذهول وأسرعت تقبض على ساعديها
:- بجد يا فرح!! .... هى فين؟
استعادت فرح مرحها ونسيت الخجل لتهتف قائلة
:- هنا فى المستشفى وحسام مولع الدنيا وناقص يخنق الدكتورة
قطب يوسف حاجبيه متسائلاً بحيرة :- ليه ... حصل إيه؟
ضحكت فرح بشقاوة وهى تسرد عليهما
:- أصله خايف عليها أوى وصعبان عليه وجعها والدكتورة بتقول ديه حاجة طبيعية لكن هو مش مقتنع
حدقت شمس فى عينى يوسف تطلب الأذن منه وقبل أن تتكلم سبقها هو قائلاً
:- روحى اطمنى عليها ياشمس وأبقى طمنينى
ابتسمت بامتنان قبل أن تسرع نحوه وتقبل جبينه هامسة بجانب أذنه
:- ربنا يخليك ليا يا حبيبى ... مش هتأخر عليك
ربت على وجنتها بحنو وابتسامة جذابة ترتسم على وجهه، قبلت باطن كفه فى غفلة من شقيقتها التى وقفت على باب الغرفة فى انتظارها ثم غادرت الغرفة
لكزتها فرح بخفة بمجرد خروجهم من الغرفة وغمزت قائلة بهمس
:- إيه!! ... الحب ولع فى الدرة ... مش قدامى البوس والأحضان ديه .... عيب ده أنا عذراء الربيع
ضحكت شمس وهى تدفعها برقة وتهز كتفها بغنج قائلة بنغمة مغيظة :- أنتِ مالك .... جوزى وأنا حرة فيه
كتموا ضحكاتهم فى رواق المشفى وسارعوا إلى شقيقهم الذى يحفر الأرض ذهاباً وإياباً، يفرك كفيه بقوة، يتمتم بالدعاء ويتضرع لله أمام غرفة الولادة بينما يجلس والده الحاج سليم على أحد المقاعد يحرك حبات سبحته بهدوء مع تمتمه شفتيه الخافتة
وصلت الفتاتان بجوار شقيقهما وحاولوا تهدئته قليلاً ثم جلست شمس بجوار والدها تقبل كفه بحب واشتياق فحدجها بنظره رضا وربت على ظهرها برفق
مر بعض الوقت قبل أن يتعالى صوت صراخ المولود من داخل غرفة الولادة، تجمد حسام مكانه يصغى للصوت فى خشوع
نهضت الفتاتان يحاوطونه من الجانبين وهم يهنئونه بالمولود بسعادة وصخب بينما يقف هو غير مصدق يرمقهم بذهول ثم حول نظره نحو والده وكأنه يتأكد منه مما سمعه، ابتسم والده وهز رأسه ببطء بابتسامة جميلة فاتسعت ابتسامة حسام يتنهد براحة ويدعو بخفوت
بعد وقت قصير انفتح باب غرفة العمليات وخرجت الطبيبة تهنئه بالمولود ... أسرع حسام نحوها يسأل بلهفة
:- كيف حالها دلوك ... طمنينى يادكتورة الله يرضى عليكِ
تطلعت لوجهه تطمئنه متفهمة لقلقه بعد كل ما مرا به وكل السنوات التى انتظرا خلالها وصول مولودهم الأول
:- اطمن المدام بخير والولد زى الفل .... عشر دقايق وهيخرجوا للغرفة وتطمن بنفسك ... ألف مبروك
ترقرقت الدموع فى مقلتيه ولسانه يلهج بالحمد والشكر لله قبل أن يخر ساجداً شاكراً لله على جميل عطاءه

*************

فى المساء أستند يوسف على كتف شمس رغم أن ساقيه فى حالة جيدة إلا أنه لم يرفض مساعدتها رغبة فى القرب منها واتجهوا إلى غرفة نسمة للاطمئنان عليها ورؤية المولود وبعد طرق الباب دخلوا وألقوا التحية على الجميع
جلس يوسف بجوار الحاج سليم وهتف مهنئاً بسعادة من أجل هذا الرجل المحترم الذى أكرمه منذ نزوله للقرية
:- ألف مبروك ياحاج يتربى فى عزك
ربت سليم على ساقه بقوة قائلاً بامتنان
:- عجبال مانشوف عيالك أنت وشمس ياولدى
لكزت نسمة التى تضم ولدها لصدرها شمس الجالسة بجوارها على طرف الفراش بخفة وهمست لها
:- سامعة .... لو سمعتى كلامى ولبستى الجميص الأحمر من الأول ... كان زمانك حامل ياخايبة
مالت شمس عليها هامسة من بين أسنانها
:- كرهتينى فى اللون الأحمر من أساسه .... أنتِ حافظة مش فاهمة على فكرة
رمقتها نسمة بنظره حانقة وقال بخفوت
:- أنا مش فاهمة أومال أنتِ تبجى إيه!
وأنهت جملتها بأن قرصتها فى ذراعها فصرخت شمس وكادت ترد عليها ولكن أقتراب حسام منهم وفى عينيه نظرة غضب أسكتهم،
انحنى عليهما قائلاً بصرامة
:- أتحشموا أنت وياها بدل ما أنكد عليكم (ثم مد ذراعه ليلتقط الطفل من بين ذراعى أمه مردفاً) هاتى الواد
حمل الطفل برقة كمن يحمل كنزه الثمين، أغلى ممتلكاته بين يديه وتوجه نحو والده ثم وضعه فى حضن الحاج سليم بفخر وابتسامة واسعة تنير وجهه
انحنى سليم يقبل جبين الصغير مردداً
:- بسم الله ماشاء الله .... اللهم بارك فيه وأچعله ذرية صالحة وباراً بوالديه
آمن الجميع خلف الحاج سليم الذى نظر لابنه البكرى وسأله باهتمام :- أذنت فى ودنه ياولدى
جلس حسام القرفصاء أمام والده يتأمل ملامح طفله الصغيرة غير مصدق لتحقيق حلم طال انتظاره وأجاب
:- أيوه يابوى (رفع مقلتيه نحو والده وسأله) هتسميه إيه يابوى؟
التفت سليم نحو نسمه المتابعة للحديث بصمت تحيطها ابنتيه من الجانبين وابتسم بوجهها ثم حول بصره نحو ابنه قائلاً بنبرته الوقورة
:- نحمد ربنا على فضله ياولدى ونسميه محمد إن شاء الله
التفت حسام نحو نسمة المبتسمة بسعادة وقال مازحاً
:- يعنى مشيت كلامها يابوى
اتسعت ابتسامة نسمة أكثر وأكثر وقالت بسعادة
:- ربنا يچبر بخاطرك ويتربى فى عزك ياعمى
ضحك سليم على مشاكستهم لبعض فهو يعلم أن ولده أراد هذا الاسم أيضاً ولكنه أراد أن يكبر مقام والده ومنحه حرية أختيار اسم أول أحفاده
مد سليم ذراعيه بحفيده ليلتقطه حسام ويضمه لصدره بحنان بينما قال سليم داعياً :- ربنا يبارك فيكم وفى ذريتكم جادر ياكريم
أعاد حسام الطفل لوالدته وتبادلا نظرات محبة وذراعيهما تحتك ببعضهما بنعومة ونسمة تلتقط الطفل منه
التفت سليم نحو يوسف المضمد الصدر والكتف يرتدى كم سترته الرياضية ويضع الأخرى فوق كتفه ويغلق سوستة السترة على قدر ما يستطيع فوق ذراعه المعلق بعنقه وسأله بجدية
:- هتخرچ ميتى بالسلامة يايوسف
تنهد يوسف بملل ومرر ذراعه الحرة فوق ذراعه المختفية داخل ملابسه قائلاً
:- والله نفسى النهاردة قبل بكره ياعمى ... بس دكتور شوقى مش راضى يخرجنى عاوز يطمن عليا .... هحاول أقنعه يكتبلى على خروج بكره
عاد حسام لينضم لهم وقال بجدية وكأنه لم يعادى يوسف يوماً
:- ماتستعجلش ياخوى ... لما دكتور شوجى يطمن عليك هيكتبلك على خروچ من نفسه
زفر يوسف فى ضيق ورمق شمس بنظره خاطفه أثناء حديثه قائلاً بنفاد صبر
:- والله زهقت ياحسام وكمان شمس تعبت معايا أوى اليومين دول
ربت سليم على ساقه قائلاً بهدوء
:- ده واچب عليها ... مراتك وأولى الناس بخدمتك
ابتسم سليم برضا وقد اطمأن قلبه على علاقة ابنته وزوجها، وسلط نظره حانية على شمس التى تحمل ابن شقيقها الصغير و تلاعبه بحنو وردد بخفوت :- ربنا يهدى سركم ياولدى

**************
قــــراءة ممتـــــــعة


سما صافية غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس