عرض مشاركة واحدة
قديم 09-02-21, 11:15 PM   #168

ساره عرفات

? العضوٌ??? » 476612
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 518
?  نُقآطِيْ » ساره عرفات is on a distinguished road
افتراضي

يحاول التركيز بكل ما أوتي من قوة على الملف الذي يعمل عليه.. ولكنه يفشل في الحفاظ على تركيزه حرك القلم بين أصبعيه بحركة دائرية وهو يختلس نظرات سريعة إليها، يصرخ قلبه بقهر من قسوته على تلك التي ملكته، ما ذنبه هو ليعاقب على نظرة المجتمع إليها.. ما ذنبه هو إن كانت تربيتها تفتقر إلى الأخلاق.. ما ذنبه هو ليلقى في متاهة من المشاعر المجهدة له
ألقى بالقلم بحدة وهو يقوم من على مقعده ليلقى بجسده على الأريكة الموجودة بمكتبهما.. رفعت روهان رأسها على حركته العنيفة لتتجه إليه سائلة بلهفة "هادي أأنت بخير؟"
رفع رأسه إليها بألم تذبحه لهفتها عليه ليجيب بخفوت وهو يبعد عينيه عنها بصعوبة "فقط رأسي يؤلمني قليلا"
اتجهت إلى الركن حيث يقوم بعمل مشروبات ساخنة قائلة بألم لألمه "سأصنع لك قهوة"
تتبعتها عينيه رغما عنه يتشرب ملامحها بتوق يشعر به منذ الآن.. شوق قاتل لها يستوطن قلبه منذ اللحظة، ما سيخبرها به الآن حتما سيقتلها، لأول مرة لا يتهكم عقله اعتراضا على ملابسها المعتادة.. تنورة سوداء قصيرة لمنتصف فخذيها كالمعتاد.. بأزرار ذات لون أصفر غامق يمتد على طولها الغير موجود.. وبلوزة ذات كم واحد باللون البيج والكتف الآخر عاري.. يتوزع عليها زهرات ذات ألوان زاهية وأوراق شجر ذات خضار داكن.. بعقدة أنيقة عند الخصر يمتد منها شريطين من القماش على تنورتها.. حاول أن يبعد عينيه بعيدا عن فتنتها ولكنها تمردت عليه.. وتسمرت على قوامها العذب بعذاب ليجلي حنجرته قائلا بصوت خافت "هناك أمر يجب أن تعرفيه بخصوص المكتب"
لم تلتفت إليه وهي تقول برقة "أستمع إليك"
أغمض عينيه قائلا ما لديه دفعة واحدة وكأنه يستنفذ مخزون الشجاعة بداخله مرة واحدة، مبررا لها بسخافة لم يجد لها داعي أسباب السفر وكأنه يقنع ذاته "لقد قررنا نقل عملنا إلى مصر.. سنعود إلى ديارنا أنا ويامن وكذلك سيقيم نادر معنا هناك.. كما قلتِ من قبل مصر أرض رحبة للعمل"
انقباضة قاسية عصرت قلبها حد التجمد، وشلل كامل شعرت به يجمد جسدها، إنها تهذي أو بحلم وكابوس بشع ستستيقظ منه بعد قليل، ولكن لماذا عندما تحلم به للمرة الأولى يكون الحلم بغيض وكريه هكذا.. ما هذا الألم الذي ينتشر سريعا بكل جسدها.. أااهة موجوعة معذبة صدرت منها فلم تعلم أهو من ألم قلبها.. أم من إبريق الماء الساخن الذي نسيت أنها تصب منه فسكبته على كف يدها.. ألقته بفزع وهي تنظر للاحمرار الذي بدأ بالانتشار على يدها بجمود.. ودموع لطخت وجنتيها لا تعلم متى خانتها وهربت من جفنيها.
كانت صرختها كفيلة بتحطيم قلب ذلك الجالس على الأريكة بعذاب يهيئ نفسه له.. هب واقفا وهو يقفز تجاهها ليتلقط يدها المصابة هامسا بجزع "روهان يدكِ؟ هل جننتِ يا حمقاء؟"
همست بتوسل معذب "أخبرني أنك تكذب علي؟"
صرخ بها بغضب خائف "اتركينا مما قلته يجب أن نهتم بيدكِ"
رفعت يدها السليمة تضعها على ذراعه قائلة برجاء "لا تهمني يدي انفي كل ما قلته الآن أرجوك"
كان توسلها قاتل إليه؛ رفع عينيه من على يدها المصابة والتي ما زالت مفرودة على كف يده.. لينكسر قلبه من كل المشاعر التي قرأها بعينيها.. اضطراب، حزن ، هلع، وخوف غير مبرر.. وكمية هائلة من الدموع الذابحة لفؤاده.. بغير وعي ولا مقاومة كان يرفع يديه يمسح دموعها بحنان.. وهو يحتضن وجهها هامسا بخفوت "رجاء روهان توقفي عن البكاء ودعيني أعالج يدكِ"
تطلعت له بألم ليجذبها من كفها يجلسها على الأريكة، وهو يتجه إلى الثلاجة الصغيرة بمكتبهما يخرج منها قطعة ثلج يضعها على يدها، قائلا بحنان رغما عنه "كيف تشعرين؟؟"
همست بمرارة تستجديه الرد "أخبرني ستنقلون مقر المكتب حقا؟!"
هز رأسه إيجابا دون قدرة فعلية على إخبارها ثانية.. لتسحب يدها بهدوء وهي تقول بنبرة مختنقة "أنا سأذهب لإيمي لتساعدني في تطهير الحرق"
أغمض عينيه بإرهاق بالغ يشعر بأنه مستنزف من كثرة الصراع بين العقل والقلب.. يريد أن يرتاح وراحته في البعد.. إذا لماذا هذا الإحساس الموحش بداخله، لماذا ضميره وقلبه يجدان أن قراره خطأ.. فقط عقله هو ما يجده صواب إذا القرار محسوم..
أخرج هاتفه ينوي التحدث إلى والده ربما يخبره بما يحدث، وربما يجد لديه حل لأزمة عقله وقلبه، ولكن قبل أن يتحدث وجد إشعار على هاتفه يخص صفحتها، ودون إرادة فتحه لتتسع عينيه بغضب أهوج وغيرة لا حدود لها.. الغبية عديمة التربية تستعرض جسدها أمام العالم بأكمله دون رادع لها.. والأدهى من هذا حركات جسدها الأنثوية التي تشع فتنة فطرية، تجذب كل ذكر إلى مدارها فلا يسعه غير اشتهاءها..
هب واقفا وهو يلقي هاتفه بقوة لينكسر ويتحول إلى ركام.. يشبه ركام روحه المتراكمة، لقد كسرت روحه ورجولته.. إنها تخصه تنتمي له وحده ولكنها لم تحفظ له هذا الحق، لقد كان محقا عديمة الأخلاق الصغيرة تلك لا تستحقه ولا تستحق قلبه.. العودة إلى بلاده ودياره كان قراره الأمثل..
عادت روهان إلى المكتب ثانية بعدما ضمدت جرحها وفى نيتها أن تغادر باكرا.. لتضمد جراح روحها التي طعنها هادي دون أن ينتبه.. واجهت عينيه المتوحشة التي تناظرها بشراسة نضحت في ملامحه.. انكمشت على ذاتها بخوف فطري قائلة بارتجاف "هل يمكنني المغادرة باكرا؟"
تقدم منها بخطوات عنيفة قائلا بجمود "مما أنتِ مصنوعة؟"
تراجعت للخلف برعب أمام تقدمه منها لتصطدم بحافة مكتبها تمسكت به قائلة باهتزاز "ماذا فعلت؟"
استند بيديه على حافة المكتب يحصرها بينهما قائلا بغضب.. وأعصابه انفلتت منه بفضل غيرته الحارقة "صغيرة وقحة عديمة الأخلاق.. فاقدة الحياء ولم تحصلي على التربية الملائمة.. لابد أن أهلكِ فقدوا الأمل بكِ أيتها الحمقاء الغبية.. تستعرضين جسدكِ أمام العالم والناس دون خجل.. تجعلين من نفسكِ سلعة رخيصة.. فاشلة غبية ولا تستحقين أي احترام.. لا أكره أحد مثلما أكرهكِ"
تساقطت دموعها بغزارة وجسدها يرتجف بقوة ناظرة له بعجز.. لا تفهم ماذا فعلت أو ماذا حدث ليجرحها بهذه القسوة.. فتحت فمها تسأله عما فعلت ولكن كل ما صدر عنها شهقات صغيرة.. كطفل وبخته أمه ولم يجد ما يرد به غير شهقات باكية..
تراجع عنها سريعا ودموعها توخزه بألم داخل قلبه.. الذي يعاتبه ماذا يعرف عنها ليعاتبها هكذا، أي صفة يمتلكها وبأي حق يوبخها هكذا.. بأي حق ينصب نفسه حاكم وجلاد على حياة الناس.. دار حول نفسه بغل لتمتد يده تجذب المزهرية الرائعة بجواره ليلقيه على الحائط بكل قوته..
صرخت روهان بخوف وهي تضع يدها على أذنيها.. ولم تساعدها قدمها على الوقوف فانزلقت جالسة على الأرض.. تضم ركبتيها على صدرها وتدفن وجهها الباكي بينهما.. التف إليها هادي يتأملها بمرارة ليغمض عينيه قائلا بقسوة "تستحقين.. هذا المكان لمن هم فاقدي الشرف مثلكِ"
انفتح الباب بلهفة ويامن يدلف وخلفه نادر سائلا بقلق "ما هذا الصوت؟"
توقف هو ونادر يديران بصرهما بين هادي الغاضب وروهان الباكية والمزهرية المكسورة.. جز نادر على أسنانه غضبا وهو يجذب هادي بقوة من ذراعه.. حاول هادي مقاومته ولكن نادر هتف بحزم "هيا بنا هادي"
تابع يامن خروجه مع نادر لينحني جالسا على ركبته أمام روهان سائلا بحنان "أروهي ما بكِ؟"
رفعت له وجها غارقا في الدموع وعينين جزعتين.. جذبها من ذراعيها بقلق يجلسها على الأريكة، معطيا إياها منديلا من جيبه قائلا بلطف "امسحي دموعكِ أروهي وسأجلب لكِ مشروبا باردا"
اتجه إلى الثلاجة يحضر لها مشروبا قائلا وهو يقدمه لها "ماذا حدث أروهي؟"
انحنت عينيها بحزن قائلة بمرارة وهي تلتقط الكوب من يده "لقد قال لي كلمات بشعة وجرحني"
سب يامن هادي داخله بخفوت وهو يقول بهدوء خادع "هادي يقع عليه الكثير من الضغط هذه الأيام لم يكن يقصد ما قاله"
دمعت عينيها ثانية قائلة بحزن ظهر واضحا في رماد عينيها "لقد قال هادي أنكم ستعودون إلى مصر"
هز يامن رأسه موافقا وهو يتأملها مليا بتفكير عميق قائلا باقتراح "ما رأيكِ أن تأتي معنا؟"
نظرت له بمفاجأة قائلة بعدم تصديق "حقاً؟"
هز رأسه قائلا بضحكة خفيفة يزيل عنها بعض ألمها "نعم أنتِ تعيشين هنا بمفردكِ فقط تغيرين مكان الإقامة، فكري وأخبريني بقراركِ ليلا حتى أحجز لكِ معي أنا وتيم على نهاية الأسبوع"
أطرقت برأسها أرضا بتفكير قائلة "حسنا إن وافقت ماذا عن الأوراق والتأشيرة وتلك الأمور؟"
همس بصوت خافت وكأنه يدلي بسر لها "علاقات والدكِ تستطيع إنهاء كل شيء في يومين"
ابتسمت له بعدم معرفة وعينيها تناظره بتأمل ليقول بحنان "ارتاحي بمنزلكِ ولا تأتي للعمل الأسبوع القادم وأخبريني بالهاتف عن قراركِ"
***********
وعلى الجانب الآخر جذب نادر هادي بقوة إلى مكتبه قائلا وهو يغلق الباب خلفه "ماذا فعلت للفتاة يا هادي لتكون تلك حالتها؟!"
أعطاه هادي ظهره قائلا من تحت أسنانه "لا شأن لك"
استند نادر بظهره على حافة مكتبه قائلا بجدية وهو يكتف يده على صدره "تعلمنا من خلال دراستنا أن أقصر طريق بين نقطتين هو الخط المستقيم، لذلك لم أعتد اللف والدوران ماذا يحدث معك يا هادي؟"
انتفض هادي متجها تجاه الباب ليغادر قائلا بحدة "قلت ليس لك دخل"
جذبه نادر بقوة إلى الداخل قبل أن يصل إلى الباب قائلا بصوت حاد "توقف عن التصرف كالأطفال واجلس لنتحدث"
نظر هادي له بشر قائلا بغل "ماذا تريد الآن؟"
سأل نادر ببساطة وهو يعود لوقفته الأولى "ماذا تريد من روهان؟!"
أبعد هادي عينيه بتعب قائلا بصوت خافت امتلأ بضعفه "أحبها، أنا لا أريد منها شيئا مطلقا أنا فقط أحببتها.. لا أريد هذا الحب أبدا يا نادر.. إنها لا تناسبني لا أستطيع الارتباط بها.. ولكن الأحمق هذا تورط معها رغما عني"
ارتفع تصفيق صاخب من جهة الباب ليلتفت كلاهما إلى يامن الواقف بمدخل الباب قائلا باستهزاء "انظروا من يتحدث المتسلط الذي يدفعني دائما إلى الاقتراب من يقين.. بينما هو أجبن من أن يتقدم خطوة تجاه حبيبته"
التف هادي معطيا إياهما ظهره قائلا وقد فاض به عذابه "هناك فرق كبير بين يقين وروهان"
ابتسم يامن بسخرية قائلا بنبرة كستها الجدية "لا يوجد فرق بينهما مطلقا.. أنت ستندم على تفريطك بها، روهان ليست بتلك الصورة البشعة التي رسمها عقلك الرجعي.. إنها أطهر وأنقى مما تتخيل، بل إنها أنقى من أن تدنسها أنت يا هادي"
التفت له هادي قائلا بعنف "لآخر مرة أسألك من أين تعرفها؟؟"
أجابه يامن بعدائية وهو ينوي تلقين صديق عمره درسا لن ينساه "لن أخبرك أنت لا تستحق أن تعلم شيئا عن حياتها.. عندما تتبع رغبات قلبك أولا قبل نظرة الناس إليك عندها ربما أفكر في أن أخبرك"
رفع هادي عينيه إليه بعدم تصديق ليكمل يامن بشماتة "لقد قدمت استقالتها وأنا قبلتها"
لم يسيطر هادي على قلبه الذي جن من الألم.. وملامحه تجسد صورة كربونية من العذاب الخالص.. كانت عينيه تتعذب بصمت.. ليهم بمغادرة الغرفة دون كلمة ليوقفه يامن وهو يلكمه بوجهه بقوة قائلا بحمية "هذا حق إهانتك لها"
لم يجد هادي في نفسه القدرة على الجدال أو رد الضربة ليامن ليتركهما مغادرا يلعق جراحه بمفرده.. بينما همس نادر باستغراب بعد مغادرته "غادرت حقا؟"
أجابه يامن بنبرة ماكرة "كلا ولكني أعطيتها إجازة مفتوحة إلى حين افتتاح مقر عملنا الجديد"
رد نادر بصدمة وقد فهم تلميح يامن "ستأتي معنا؟"
هز يامن رأسه بابتسامة واسعة قائلا "لقد عرضت عليها وأعلم أنها ستوافق -ثم أضاف بتسلية بانت جلية في خبث عينيه- فقط لأرى ملامحه عندما يجدها أمامه بمصر في رحلة هروبه الفاشلة منها"
***********

نهاية الفصل

ادعي عليك بايه ولا بايه يا هادي يا ابن ام هادي حرقت البنية واستريحت


ساره عرفات غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس