عرض مشاركة واحدة
قديم 18-02-21, 09:00 PM   #112

آمال يسري

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية آمال يسري

? العضوٌ??? » 462711
?  التسِجيلٌ » Mar 2020
? مشَارَ?اتْي » 946
?  نُقآطِيْ » آمال يسري is on a distinguished road
افتراضي

نظر عمران في وجه عمه المرهق بينما يجلس الأخير مستندا على ظهر سريره مغمض العينين، يرتسم على وجهه العجز الذي شق قلب بن أخيه.
مد عمران يده يأخذ كوب الماء من على الكومود وانحنى قرب عمه هامسا«عمي، اشرب بعض الماء»
فتح صلاح عينيه الباكية دون دمع لتواجه عيني ابن أخيه هامسا بألم «هل تعتقد أن الماء سيروي روحي، أم سيجعل ألمي يصمت؟!»
أرخى عمران عينيه عن عمه قبل أن يقول «لا ترد يدي عمي، اشرب بعض الماء»
قرب عمران الكوب من فم عمه ليرتشف الأخير القليل منه قبل أن يأخذ عمران الكوب ويعيده مكانه ثم يجلس قبالة عمه مباشرة، سحب نفسا عميقا يتأمل عمه للحظات ربما طالت بينما تعود لذاكرته بعض من هذا الحلم الذي قد أتاه الليلة الماضية، يحس بالوخزات والدماء تسري في قلبه تماما كما لو كانت واقعا، ابنة عمه قتلته اليوم؛ ذبحته دون أن تهتم إلا لنفسها!!. ابتلع ريقه الجاف ينفض كل شيء عنه إلا عمه! ومد يداه يحتضن كفه بينهما، نظر الأخير لعمران بعينين متألمتين يحملان من الوجع ما يهز الجبال!، زفر طويلا قبل أن يعتدل بجلسته، يخلع نظارته الطبية ويضعها على الكومود بينما عيناه ألقت نظرة ذات مغزى على يدي عمران التي لا زالت تحتضن كفه.
«عماه، أنت بخير!؟» قال عمران كلماته بقلق وخوف حينما رأى وجه عمه زاره الوهن، فتبسم عمه قائلا«لا تخف يا عمران، عمك رغم الشيخوخة إلا أنه لا زال باستطاعته التحمل»
صمت برهة ثم تلاقت عيناه مع عمران ليقول«لكن، لأول مرة أرى عجزي بعيني سمر»
آهة فلتت من بين شفتي عمران قبل أن يغمض عينيه يعتصرهما بألم، ثم قال بهدوء لا يحاكي النيران المشتعلة في قلبه«عماه، أريد التحدث قليلا معك».
ضحكة قصيرة تحمل الكثير من المرار صاحبت كلام صلاح«هل ستهون علي ما فعلت ابنة عمك؟، هل توافق لأجلي؟، ولأجل أن لا تكسر خاطرها؟، لا تفعل ابني، لا أرضاها لك ولا لابنتي»
ترك عمران يد عمه واعتدل بجلسته، يمسح براحة يده صفحة وجهه ثم قال« بل سأحدثك بما في خاطري فقط»
هز صلاح رأسه برفض ثم قال «بل ستسمعني أولا »
صمت برهة بينما ينظر لوجه ابن أخيه الذي ينتظره لأن يكمل ثم تابع بعد تنهيدة طويلة«أتعلم يا عمران، كنت منذ زمن في قلبي حاجة!….»
زفر بحرارة يحاول اخماد النار التي تشتعل في صدره بينما عمران تحفزت ملامحه ينتظر عمه أن يكمل قبل أن يتابع الأخير بصوت بدا خافت
« كانت أمنيتي أن تكون زوجا لسمر!»
اتسعت عينا عمران لما يسمع، فمؤكد اليوم هو الخاص بالمفاجئات،تتهدج أنفاسه فكل أمنياته تحققت في الوقت الخاطيء!، بل ارتطمت على الأرض لتصبح هباءا منثورا، ليتابع عمه بتمهل«كنت أعلم بحب علي لندى منذ صغرهما وأشعر بتعلقهما معا، وتمنيت لو رأيت مثل هذا الرابط بينك وبين سمر، لكن لم يحدث!»
كاد يقاطعه عمران ليشير له عمه بالصمت ثم تابع بأنفاس مرهقة«ليس كل ما يتمناه المرء يجده، وحينما وجدت أن أمنيتي مستحيلة طويتها في قلبي مرغما!!،وقلت هل ستطمع؟، ستأخذ الولدين، يكفي أهداك الله علي لندى لكن بيني وبين نفسي طمعت فيك لابنتي لأكون مطمئن عليها»
أرخى عمران نظره عن عمه الذي فاجئه بما لا يتحمله قلبه، يشعر بأنه يطير فرحا ويعود منكسر الجناحين حين يذكر خيبته بابنة عمه، يخفي عينيه عنه كي لا تفضحانه وتخبران عمه بما يداريه عن فِعلة سمر، صوت عمه أعاده من شروده وهو يضيف بإرهاق«سمر، حين جاءت طالبة موافقتي بالزواج من أحمد لم أوافق لأني رأيت مالم تراه هي حينها، لا يشبهان بعضهما، لكني كذبت حالي ولأجل سعادتها وافقت لذا فما حدث اليوم بسببي لأني لم أقف رافضا لطلبها»
بتمهل قال عمران وهو ينظر بعيني عمه« لم يكن ذنبك، أردت سعادتها»
صمت صلاح يتأمل ملامح عمران قليلا، ثم شرد بعينيه تجاه صورة ابنته وندى الموضوعة على الكومود قبل أن يعود لعمران قائلا بتمهل «السعادة التي تأتي دون قناعة تذهب بلحظة، نظن خطأ بأننا أمسكنا بها بين أيدينا في حين أنها ماء حملناه بكفينا، وظللنا نجري به وحين وصلنا لنهاية الطريق، فتحنا أيدينا لنراه، فنجده فلت من بين أناملنا منذ أول لحظة، إنه خداع الانبهار يا عمران»
رد عمران بلوعة وهو يرى الألم على ملامح عمه«عماه...»
قاطعه صلاح بمرار وهو يعود مستندا على ظهر السرير«ابنة عمك خسرت منذ أول لحظة، لكنها كابرت ولم تواجه نفسها حينما تأكدت من صدق كلامي بأنهما لا يشبهان بعضهما!»
صمت لحظة طويلة قبل أن يضيف بوهن« اليوم اطمئناني على زواج سمر انتهى وأمنيتي بقربك لها والتي طويتها يوما في قلبي اختنقت بيد ابنتي لأنني لا أرضى قرب كهذا؛ اشفاق ومجاملة، سمر اليوم قتلتني»
ابتلع ريقه الذي كان كالأشواك ثم تابع تحت نظرات عمران المتألمة«ابنة عمك لأول مرة أراها اليوم، كأنها فقدت شيء منها، حاولت أن أصل لما فقدته لكن بدت عيناي كأن شيء يغشى عليها»
أرخى عمران عينيه عن عمه هامسا في نفسه( اليوم فقدنا سمر عمي وليس فقط شيء منها) ثم تنهد بخفوت وبسط يده على رجل عمه فيما تعلقت عينا الأخير بكفه ثم رفع نظره له فيما قال عمران بصوت رخيم«عمي، لو حدثتك بما في قلبي تفهمني!؟، ولا تلومني!؟»
ضيق صلاح عينيه بتساؤل ثم أجابه بيقين«قلبي وعقلي دوما يثقان بك ياعمران فلا تخف ولا تقلق!»
اعتدل عمران بجلسته بينما يمسد ذقنه غير الحليقة، يتنهد تنهيدة طويلة ربما أفرغ فيها توتره قبل أن تعود عيناه لتتلاقى مع عيني عمه قائلا بصوت أجش« نحن لم نختار أقدارنا فكلها بيد الله، وما علينا سوى أن ندعوه ونحن موقنين بالاجابة!»
تأمله صلاح مليا بينما هو زفر بصوت عالي قبل أن يتابع« ظننت بأن أقدارنا لن تتلاقى أبدا عماه، ولم أعلم بأن الله اختبر صبري لا أكثر، وأنا كنت صبور كما لم أتوقع»
ضيق صلاح عينيه وهو يتمعن بملامح ابن أخيه الذي لم يعد يعرف أهي ملامح حزينة أم غاضبة أم أنه يحمل ثقل على جسده؟!، همس صلاح وهو يرى عمران قد تلكأ بالحديث «عمران، أسمعك ابني »
تبسم عمران بوجه عمه وقال دون مواربة«ظننت بأن قدري لن يتلاقى مع سمر، لكن اليوم تيقنت بأننا لبعض ولو مهما مرت السنون»
اتسعت عينا صلاح، يرفع حاجبيه بدهشة، يشعر وكأنه أخطأ السمع، يتأمل ملامح عمران يحاول سبر أغواره، يرى الألم يحتل ملامحه ونظرته رغم أن حديثه عكس ما يرتسم على وجهه بينما عمران ازدرد ريقه متابعا «عمي، لا أنا ولا سمر خططنا لهذا الأمر، لكني متيقن بأن من أنطق سمر اليوم لأنها نصيبي وقدري! الذي ومهما هربت هي منه أو أنا فعلت فلن نستطع»
أرخى رأسه عن نظر عمه ثم عاد يقول بتمهل«لذا أطلب يد سمر لتكون زوجتي، هذا بعد موافقتك يا عمي !؟»
تنهد صلاح طويلا وزم شفتيه متأملا ابن أخيه بغموض قبل أن يقول بثبات
«وأنا لا أوافق يا عمران ، هل تظن بأنني أقبل لك بأن تفعل هذا لارضاء عمك»
تبسم عمران بمرار وهز رأسه نافيا قبل أن يقول « أنا أريد الزواج من سمر ليس لأنها طلبت بل لأنني أريدها زوجة منذ علمت معنى الحب ولم أستطع البوح به»
أدار صلاح وجهه تجاه صورة ابنته ينظر لها بعتاب ثم عاد لعمران قائلا « عمران ، صدمة الموقف أجبرتك»
«بل قلبي وعقلي أرادا »قالها عمران بتصميم ثم تابع بنظرة ترجي«أرجوك وافق عمي»
أجابه صلاح «و لما لم تخبرني برغبتك هذه قبل ذلك»
أطبق عمران على شفتيه كاتما ألما يجتاح صدره وأشواك تنغرس في قلبه ولم تكن سوى من حبيبة عمره ثم أجابه «لأنني كنت متيقن برفض سمر فرفعت الحرج عنك وعنها، وأقسم بأنني دوما أحفظ المسافات ولم أختلس للنظ...»
قاطعه عمه وهو يبسط يده على كتفه« عيب عليك أن تفكر بهذا، فأنت وأخيك دمي ، أثق بكما أكثر من نفسي»
صمت لحظة ثم قال «ربما ندمت يا عمران على طلبك، كلما تذكرت بأن هذا طلبها؟! »
أرخى عمران عينيه عن عمه هامسا بنفسه( ليتها فعلت قبل كل هذا كنت ضممتها لصدري ولم أجعلها تبارحه أبدا لكنها قتلتني بسكين تلم)
انتزع نفسه من شروده وعاد ينظر إلى عمه قائلا «لا تخف عمي، لن أندم؛ انتظر موافقتك»
زفر صلاح طويلا قبل أن يقول بصوت متردد «موافق»
تنهد عمران قبل أن يقول بخفوت دون النظر لعمه«لا أريد أن تعلم سمر عن حديثنا هذا شيء»
أمسك صلاح كتفي عمران وبعينيه نظرة محبة خالصة لابن أخيه قائلا«كأنك لم تقل شيء هذا الحديث يخصك، وقتما تشاء تخبر به سمر، يكفيني اطمئناني عليها»
تبسم عمران وهو يحتضن عمه بينما الأخير يربت على ظهره هامسا بالمباركة التي كانت كالعزاء بالنسبة لعمران!، يعتصر عينيه بألم يخفيه عن عيني عمه، ابتعد صلاح قليلا دون أن يترك كتف ابن أخيه قائلا«خير البر عاجله، سنعقد قرانكما الليلة ويتم الزفاف مع أخيك».
أومأ عمران موافقا بينما تابع صلاح بعد تنهيدة طويلة«لكن قبل ذلك سوف أتحدث مع سمر»
وافق عمران عمه متفهما بابتسامة شاحبة لم تستطع محاربة صراع ألمه!.
في نفس الوقت بغرفة سمر كانت تتمدد على سريرها، خصلات شعرها السوداء تتناثر حولها؛ تتعلق عيناها بسقف الغرفة؛ ترى نفسها وهي تطلب عمران للزواج فتزداد شرودا و لا تسمع هتاف ندى المختنق وهي تجلس جانبها تؤنبها على ما أقدمت عليه، فقط كانت تفكر بشيء واحد، هي لم تنتوي ذلك، كيف فعلته وبهذا اليقين؟، ولم تندم على قولها؟، ما دهاها هذا هو عمران وهي سمر!، ما الذي تغير اليوم؟!، دمعاتها المتحجرة تتلألأ في عينيها، تحرقها، تتمنى أن تفهم نفسها العاصية عليها، أن تجد لحالتها تفسير، أن ترى نفسها واقفة على أرض صلبة لا تميد بها، همست في نفسها« اليوم لم تتزلزل الأرض من تحتك يا سمر، رغم وهنها وتشققها، رغم انكسارك فقط..»
صمت حديث نفسها للحظة قبل أن ترد داخلها « فقط لأن عمران كان جانبك!»
صوت دقات خفيفة على الباب مصاحبا صوت أبيها انتزعها من شرودها لتنتفض من مكانها جالسة كأن صوته فيه تميمة صحوها بينما ندى قامت من مكانها تفتح الباب بعد نظرة يائسة منها لابنة عمها. دخل صلاح الغرفة، يتوسطها، ينظر لابنته التائهة بمرار قبل أن يدير وجهه إلى ندى رابتا على كتفها ثم قال بحنو«اتركيني قليلا مع أختك يا ندى»
أومأت بالإيجاب و ابتسامة شاحبة، تاركة إياهما.

★★★★

جلس قبالتها، يتأملها، شاحبة الوجه، ابنته وقرة عينيه، لا يعلم ماذا أصابها، يحس بنفسه مكبل اليدين، هل كان غائب عن ابنته هكذا؟، لا يدري ما بها، حتى فاجأته بما وصلت له، تترك خطيبها دون مقدمات وفي لحظة تتطلب بنفسها رجلا غيره، ما بين محبته وغضبه منها احتار، يلوم نفسه على دلالها وتساءل داخله هل هذه مكافئتي!، لقد حاول كثيرا أن يعوضها غياب أمها، أن يجعلها تحس بأنها لا ينقصها شيء، لكن اليوم شعر بأنه ينقصه حضن أمها لها؛ ربما احتوتها وفهمتها، اليوم فقط أحس بالعجز، يتمعن فيها عله يسبر أغوارها دون فائدة، تنهد طويلا منتبها بأنه شرد كثيرا وهو يتأمل وجه ابنته، يراها مطرقة الوجه صامتة تختبيء من النظر في عينيه.
همس «سمر»
رفعت وجهها له لتتلاقى عينيهما، فأسبلت أجفانها عنه، ترى الحزن البادي في ملامحه، والألم الذي يتراءى لها في عينيه، فتخفض وجهها بخجل مما فعلت من البداية حتى تلك اللحظة، تنهد صلاح بصوت عالي قبل أن يضع يده أسفل ذقنها، يرفع رأسها له، لتعود بنظرها له فيقول ولا زالت يده تحت ذقنها «رأسك تظل عالية يا ابنة صلاح، فأبيك لا زال حيا»
دمعت عيناها، تبتلع ريقها بألم بينما تهمس«أخجلتك اليوم يا أبي»
ضم يده له متنهدا بصوتا عالي قبل أن يقول« نعم فعلتِ ذلك ولأول مرة في حياتك!». صمت لحظة يشعر بضيق في أنفاسه، يحس بالألم يسري في جسده، أما هي فأغمضت عينيها بقهر تغض الطرف عن أبيها وكأنها لن تسمع تلك الكلمات التي ربما لم يقلها غاضبا ولكن عاتبا وهذا كان أكبر على قلبها.
زفر بصوت عالي جعلها تنظر له قبل أن يضيف
«تمنيت لو جئتِ لي؛ وأخبرتني بما أردتِ، فضفضتي لأبيك وأقسم كنت زوجتك لعمران فهذا أحب ما علي، لكن بالأصول يا ابنة صلاح»
عادت تطرق وجهها عنه وهي تهمس «لم أخطط لما فعلت يا أبي، أقسم لم أفعل»
قال في هدوء«ارفعي رأسك وحدثيني يا سمر، مؤكد هناك ما دفعك لهذا، أحببته!، لكن الحب لا يظهر بلحظة»
رفعت عينيها له ثم همست بخفوت بينما تضع راحة يدها على صدرها «هنا يشعر بالخواء يا أبي، هنا كالغريب عني، شعرت بأنه يتألم!»
صمتت برهة بينما أبيها يسمعها متأملا أياها بهدوء دون إبداء رد فعل ثم تابعت حديثها وهي ترخي يديها في حجرها«لكن اليوم، شعرت لأول مرة بأنني أرى عمران، وجدته يقف قربي، وجدت قلبي يهدأ، شعور بالأمان؛ وقت كان معي أواجه فسخ خطبتي، كنت رغم الانكسار قوية في وجوده، فلجئت له، أبي؛ أقسم لم أنتوي ما قلت، ولا أعرف كيف لجأت له!»
خلع نظارته الطبية ووضعها جانبه على السرير ثم رفع راحة يده يمسح وجهه قبل أن يقول بهدوء« أشعر وكأنني بعدت عنكِ لدرجة لجوئك لغيري يا سمر ولو كان عمران، رغم أنه ابن عمك وأغلى الناس على قلبي لكنك حين تقعين تأتي لي، بل انطقي فقط أبي وهذا كافيا لأن أسندك بقلبي وروحي»
همست داخلها تشرد في وجه أبيها (عمران هو الوحيد الشاهد على خيبتي، وأنكساري، أخاف أن ينكسر قلبك يا أبي فدعني أختبئ بعيدا عن نفسي وعينيك المتألمة)
زفرت بصوت عالي تطرد حروبها وصراعاتها قبل أن ترد عليه
«أبي، أنا دوما في قلبك وأعي هذا، فأنا ساكنة فيه ولن يطردني أبدا، لكن نفسي طردتني مني وبنفسها لجئت إلى عمران، وكأنها مرضت وقالت لي داويني»
صمتت لحظة تتعلق بعيني أبيها التي تناظرها في غموض قبل أن تضيف« «عمران وطن آمن لجأت له».
مسح صلاح على وجهه، يشعر بالحيرة من مشاعر ابنته، كيف لها أن تتبدل هكذا!!، هل لجوؤها إلى عمران لكي تبني نفسها كافيا لإقامة زواج؟؛ ماذا لو ظلم ابن أخيه معها بل لو تراجعت هي بعد ذلك!.
هز رأسه يحاول أن يستوعب كل ما يحدث وكل تلك الصراعات الدائرة بين قلبه وعقله قبل أن يقول لها بحنو« يا سمر، الزواج حياة جديدة، رجلا تكونين مسؤوليته كما سيكون هو لك كذلك، تعيشين بحياة مختلفة عما كنتِ هنا، وعمران رجل وابن أخي دمي ولحمي أخاف أن أظلمه بقربك ولجوئك الذي لا أفهمه إلى الآن!»
صمت لحظة قبل أن يربت على رجلها ويتابع« إن رأيتي في عمران أنه يتفهمك فلا بأس، تحدثي معه بما يضايقك وأنا أيضا معكما وندى وعلي كلنا جانبك يا سمر، كلنا سنسمعك، تحدثي حتى تملي ولن نمل منكِ، لستِ في حاجة لطلب الزواج بنفسك، فمشاعرك لا زالت مشتتة، تريثي»
عضت سمر على شفتيها متفهمة خوف أبيها، تريد أن تخبره بأنها تحاول الرجوع ولسانها لا يطاوعها أن تفعل فهمست « لا زلت على طلبي أبي إن وافقت أنت، وأعلم بأنني تعديتي حدودي أمامك لكن لدي يقين بتفهمك لي»
أومأ لها بتفهم قبل أن يرد عليها« ولولا ثقتي فيك ما تعاملت معكِ هكذا»
ضربة قوية في قلبها شعرت بها على إثر كلماته يتردد لسانها في إخباره بأنها لا تستحق ثقته لكنه قطع شرودها مضيفا
«ورغم أنك لجئتِ له، فإلى الآن لكِ حق الرجوع عن قرارك!»
«لا زلت أريد الزواج منه» قالتها بتأكيد بينما تضيف وهي تطرق برأسها«إلا لو رفض زواجه مني، أظن أحيانا بأنه لا يطيقني، وبعد طلبي هذا أتيقن بأنه ضاق أكثر مني»
رفع صلاح حاجبيه باستنكار، فهو متأكد من حب عمران لابنته حتى من قبل أن يقول، لكن لم يكن بيده شيء، عمران ظل صامتا وهو لم يستطع أن يطلبه لابنته، حتى عندما طلبها أحمد كان يتمنى أن لا يتم الأمر وتصبح بيوم زوجة عمران، لكن الغريب تلك التي قاومته لتخطب إلى أحمد هي بذاتها من تحدت صمت عمران وأبيها دون أن تدري ونطقت بأمر كلاهما تمناه.
ربت على رجلها قائلا بود يحاول انتزاعها من تخبطها ورعشة جسدها الواضحة التي لم يعهدها على ابنته«عمران طيب يا سمر لكنه من النوع الهادئ، لا يتحدث كثيرا، ولا يحرر مشاعره بسهولة، لذا تظنينه هكذا، لكن لا تخافي سيكون طيب المعشر»
ضيقت حاجبيها بتساؤل ليضيف« سوف يذهب عمران كي يأتي بالمأذون، لذا أردت أن أطمئن منك أولا»
ابتلعت ريقها تستوعب أن الأمر بدأ يخطو خطوات حقيقية بينما صلاح كان يتابع ملامحها التي وكأنها ارتجفت فقال مستدركا« سمر، بعد طلبك بنفسك الزواج من عمران، لم أرد التأجيل ليس خوفا من التراجع منكِ، بل لو قلتِ الآن لا، فسيتوقف كل شيء»
تنهد بصوت عالي قبل أن يمسح على وجهه ثم تابع« كل ما في الأمر بأنك حققتي لي أمنيتي أن أرى عمران عريس وبنفس اليوم مع علي»
صمت تتوقف باقي الكلمات على لسانه، يتمنى لو أخبرها بأنها حققت أمنية تمناها طوال عمره بزواجها من عمران ولكن الكلمات أبت أن تنطق.
تبسمت له بشحوب تهمس له « لا تخاف يا أبي، أفهمك وأعلم بأنك لا تفرط بي بسهولة، لذا فما سيحدث مهما مر الوقت سوف يتم إذن لما نؤجله؟!»
تأمل صلاح وجهها المتعب والمتألم، يرى خلف القناع الهادىء الذي ترسمه بركان، يتمنى لو دخل لقلبها وفهم ما يدور بخلدها لكنه ترك فتح أبواب قلبها المغلقة لعمران!، ربما أستطاع!.
نفض عنه كل أفكاره تاركا لله حلها قبل أن يفتح لها ذراعيه قائلا«تعالي إلى حضن أبيك يا قرة عينيه»
ارتمت على صدره تبحث عن هدوءها الذي جافها تتمرغ في حضنه تتمنى سماحه عن شيء لم تخبره به!.
رفع رأسها عن صدره، بينما كفه امتدت تلامس وجنتها التي صفعها، يشعر بالألم بينما هي تبسمت له لتنزع عنه ألمه، همس لها بصوت أجش ويده تمسح على وجنتها كأنه يمسح أثر الصفعة «سامحي أباك يا قرة عينيه»
ألقت نفسها على صدره تتعلق بخصره هامسة بحب يمتزج بالألم والترجي «بل أنا من عليه طلب المسامحة، أرجوك سامحني أبي!!»
يتبع💜💜💜


آمال يسري غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس