عرض مشاركة واحدة
قديم 20-02-21, 11:44 PM   #62

سعاد (أمواج أرجوانية)

كاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية سعاد (أمواج أرجوانية)

? العضوٌ??? » 476570
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 3,605
?  نُقآطِيْ » سعاد (أمواج أرجوانية) has a reputation beyond reputeسعاد (أمواج أرجوانية) has a reputation beyond reputeسعاد (أمواج أرجوانية) has a reputation beyond reputeسعاد (أمواج أرجوانية) has a reputation beyond reputeسعاد (أمواج أرجوانية) has a reputation beyond reputeسعاد (أمواج أرجوانية) has a reputation beyond reputeسعاد (أمواج أرجوانية) has a reputation beyond reputeسعاد (أمواج أرجوانية) has a reputation beyond reputeسعاد (أمواج أرجوانية) has a reputation beyond reputeسعاد (أمواج أرجوانية) has a reputation beyond reputeسعاد (أمواج أرجوانية) has a reputation beyond repute
افتراضي

تابع الفصل الرابع:
***
أخذت فيروز تراقبها وهي تنفض الأتربة من فوق مجموعة كتب، فتحت فمها لتتحدث لكنها ما لبثت أن تراجعت لتقضم لأظافرها بتوتر.
انتهت يُسْر والتفتت لصديقتها لتجدها شاردة، عابسة الملامح، والضيق يبدو عليها جليًا، وعلى الفور عاجلتها باستغراب مُتسائلة:
_ماذا بِكِ فيروز؟
نظرت إليها بنفس العبوس ثم ما لبثت أن ردَّت بكلمة وكأنها الإجابة الوحيدة المفهومة:
_تميم!
عقدت يُسْر حاجبيها بقلق وهي تسألتها بتوجس:
_ماذا به تميم؟
تهرَّبت بعينيها من صديقتها الوحيدة لا تجد ردًَّا، ثم ما لبثت أن تهدلت كتفاها وهي تعود بأنظارها إليها..
لِمَ الحيرة؟ ولِمَ التشتت؟
تستطيع أن تُخبرها!
إنها يُسْر!
صديقتها الوحيدة..
والتي لم تر أوفى منها بحياتها؛
لقد ساعدتها؛
لقد أنقذتها؛
بدون تدخلها منذ عام لكانت الآن في مكان آخر تعيش مُستقبلًا مُظلِمًا..
هي تدين لها بذلك على الأقل!
_تميم لا يحبني.
ولم تبد الدهشة على وجه يُسْر، لكن شفقة واضحة اعتلت ملامحها، لتتابع فيروز:
_تميم لايزال كما هو!
وارتسم الحزن على وجه يُسْر بلحظة وهي تُطالِع صديقتها؛
أو ربما صديقتها من تُحدِّق بها بتدقيق!
الاثنتان يتراشقان النظرات المُتحفزة؛
والاثنتان يتراشقان نظرات بالذنب حائرة!
وكأنما لم تقتنع بحوار أعينهما الصامت فبادرت فيروز :
_وأنا .....
بترت عبارتها عندما ارتفع رنين هاتف يُسْر فجأة فحمدت الأخيرة ربها، التقطته بتوتر شاركتها إياه فيروز وهي تُطلق عبارة بصوت مُرتجِف:
_لا تقولي أنه تميم، دائمًا ما يتصل عندما أذكر اسمه!
ونظرات يُسْر الحانقة أكدت لها صدق توقعها وهي تتطلع إلى اسمه، رَفَعَت نظرها إلى صديقتها ثم عادت إلى هاتفها مرة أخرى، وباستغراب أجابت:
_مرحبًا تميم!
ليأتيها صوته بمرح علِمت أنه مُبالَغ به لِسبب مجهول:
_أين أنتِ يا فتاة؟ لقد أحضرت الحاسب الآلي، وقد أضفت بعض التحسينات التي ستشكرينني حتمًا من أجلها.
هل يُمكن لوجهها أن يصبح أكثر شُحوبًا؟
اكتنف عينا فيروز قلق مماثل وهي تقترب منها، لكن يُسْر وجدت صوتها أخيرًا وهي تسأله:
_أين أنت الآن تميم؟
وجاء ردُّه هادئًا مُناقِضًا لِصخبه السابق مُجيبًا:
_أنا ببيتكم يُسْر!
وانحدرت يدها بالهاتف بينما انطلق نداؤه باسمها، في حين أنها همست بـ:
_يا إلهي!
أخذت فيروز تُمسِّد على ذراع يُسْر ببطء مُتسائلة:
_ماذا حدث يُسْر؟ ماذا قال لكِ تميم؟
نظرت لها يُسْر بحنق ثم قالت بارتباك:
_تميم بالبيت!
توقفت فيروز عن تمسيد ذراعها وهي تسألها بِحَذَر:
_وسُهيلة؟!
لتومىء يُسْر برأسها إيجابًا:
_بالبيت!
لتهمس فيروز بخفوت تلك المرة قائلة:
_يا إلهي!
ثم انتفضت وهي تدفعها هاتفة:
_هيا يُسْر تحركي قبل أن تحدث كارثة أو يقتل أحدهما الآخر!
تحركت يُسْر بالفعل لِتنطلق مُختطفة هاتفها بسرعة إلى الخارج، بينما ظلت فيروز مكانها تدق بأناملها على إحدى الخزائن بتتابع، متمتمة باستمتاع:
"يا للخسارة! لَكَم وددت أن أشاهدهما معًا!"
**********
جالسًا على صخرة ضخمة تتلاطم الأمواج بالقرب منها، بينما لا يهتم حقًا بالرذاذ المُتطاير بوجهه..
مُبتسِمًا
شاردًا في ذكريات بعيدة كانت الأجمل!
وجهها الضاحك وملامحها الجميلة..
خجلها ورقتها وحبها له الذي عبَّرت عنه دوما؛ً
مرحها وصخبها ودلالها وأحيانًا.. جنونها!
كانت مُشرِقة..
كانت مصدر ابتسامته..
ثم رحلت!
وانقلبت ملامحه للألم الذي لا يفارقه...
رحلت حبيبته منذ عامين ونصف فبقى هو في ذلك التاريخ عالقًا؛
لا يتخطى ولا ينسى؛
لا يقوى على التخلي عن ذكرياتها؛
لكن ذلك الحادث اللعين هو ما أجبره على التخلي عنها شخصيًا!
لماذا لم يرحل معها؟ لماذا لم يرحل هو وبقيت هي؟
كان وجودها أكثر أهمية حتى لأمها..
أما هو ماذا يفعل بحياته؟
ماذا يريد من مستقبله؟
لاشيء.. حقًا لا شيء!
ولن يسمح لأي شخص أن ينتزعه من رفقتها بخياله!
وأغمض عينيه مُشددًا على تعذيب نفسه والصور تتلاحق على عقله دون ذرة شفقة..
كانت تضحك وتُمازِحه؛
تخبره عن رغبتها بطلاء غرفة الأطفال باللون البرتقالي الذي يكرهه؛
لم يعد هناك طلاء، لم يعد هناك أطفال!
لو تعود إليه سيقوم بتلوين حياتها كلها بذلك اللون إن أرادت..
فقط لو تعود!
وصوت زمور السيارة الذي انطلق في ذهنه أكد له أنها لن تعود!
وصوت صرخته هو بـ"احترسي شيرين!" أكد له أنها لن تعُود؛
وصوت صرختها الأخيرة أكد له أنها لن تعوُد؛
وصورة دمائها التي سالت أسفل جسدها تسخر منه _بينما هو يزحف أرضًا إليها_ وتُجزم له أن حبيبته رحلت إلى الأبد ولن يراها مرة ثانية!
كل أحلامه تشوهت؛
كل آماله تلطخت بالدماء؛
والآن يلومونه على حُزنه عليها؟!
سُحقًا لهم ولبرودهم!
لن يسلبوه حق رَثائها مهما طال به الأمد!
واضطر لمسح وجهه وهو يشعر باهتزاز هاتفه داخل جيب سُترته؛
بالطبع من سواهما يسأل عنه؟
ليس له إلا باسل ورَغَد..
وصديقه الذي هاتفه سبعة مرات اليوم يبدو مُصِّرًا!
_نعم باسل؟ لم يتغير شيئًا منذ هاتفتني آخر مرة، ماذا تريد الآن؟
ليأتيه السؤال كإجابة مرِحة:
_ألم تشتاق إليّ يا ولد؟
تظاهر زيدان بالحنق وهو يهتف به مانعًا ابتسامته:
_لقد سمعت صوتك اليوم أكثر مما استمعت لأنفاسي!
رد باسل على الفور بحنق مماثل:
_إنه خطأي إذن إن أردت الاطمئنان عليك، أخبرني أين أنت!
ثم استدرك بانتباه:
_انتظر! أنا أسمع صوت الأمواج، ألازلت بالإسكندرية؟
ولم يُعطِه فرصة للرد وهو يُتابع بضيق:
_لِمَ لم تعد حتى الآن زيدان؟ هل أعجبك الوضع عندك؟
ومرة ثالثة أكمل باستمتاع غريب:
_احترس من عرائس البحر يا ولد! إنهن يسحرن الرجال المساكين بأصواتهن ثم يقمن بالانقضاض عليهم وافتراسهم، فلا تدع المظاهر تخدعك!
مط زيدان شِفتيه بملل مُنتظرًا انتهاء وصلة صديقه، فجاءه الصوت الأنثوي بعيدًا بعض الشيء، نزِقًا:
_أعطني إياه باسل أريد أن أستعلِم منه عن شيئ هام!
أرهف زيدان سمعه ثم سأله تلقائيًا:
_هل هي رَغَد؟ وتُسدي إليّ أنا النصائح؟ انفع نفسك أولًا وكُف عن التظاهر بالحماقة!
ليضحك باسل ضحكة ساخرة متواصلة، ثم قال :
_على الأقل أنا أتظاهر!
لم يفهم زيدان مقصده بينما تابع بِجدية:
_اسمع! هناك مطعم سأرسل لك عنوانه، إنه بطريق عودتك على أي حال، أخبر صاحبه أنني من أرسلتك فهو يعرفني تمام المعرفة، ولتبتاع لي بعضًا من الفطائر المخبوزة بالسمن البلدي، وإن عدت بوقت متأخر مُر على شقتي أولًا واتركهم ولا توقظني لأن شقيقك عديم الرحمة انصرف مبكرًا ولا ينقصه سوى أن يخلع أعمدة الشركة لأحملها أنا فوق رأسي!
وصوتها هذه المرة أصبح أوضح وأكثر إلحاحًا:
_هيا باسل كُف عن الشكوى واعطني الهاتف قبل أن أنسى ثم استكملا مزاحكما فيما بعد!
نظر لها بحنق وهو يعطيها الهاتف متمتمًا بغيظ أثناء ابتعاده:
_كيف يتخلص الإنسان الظريف مثلي من هكذا عائلة كئيبة تعشق البؤس وتوقر المآسي؟!
وبعد لحظة قالت بصوتها الهادىء:
_مرحبًا زيدان! هل أنهيت الإشراف؟
صوتها الحنون، مختلطًا بصوت الأمواج أمامه انتزعاه من غيابات ماضيه..
وتلقائيًا ابتسم وهو يُجيبها بعملية:
_نعم رَغَد، وأعتقد أنهم سيستطيعوا إنهاء العمل قبل الموعد المحدد.
فعقَّبت هي مُسرعة بلا اهتمام حقيقي بإجابته:
_جيد إذن، أرجو أن تعود بسرعة لأنني على الأغلب لن أحضر إلى الشركة غدًا، لِذا يجب عليك حلول مكاني، الملف الخاص بمناقصة المشفى لدى باسل الآن وأريدك أن تتطلع عليه بدلًا مني.
عقد حاجبيه بقلق وهو يسألها:
_لِمَ؟ ما الذي حدث؟ هل كل شيء على ما يرام؟
فَرَدَّت هي عليه بحزن واضح:
_أمي مريضة قليلًا وسأبقى بجوارها، لا تتأخر زيدان، إلى اللقاء!
وقف زيدان بقلق وهو يُلملِم مفاتيحه وحقيبة كتفه الصغيرة مُتسائلًا:
_ماذا بها والدتك رَغَد؟
وصلته زفرتها المتوترة وهي تُجيبه:
_لا أعلم زيدان، هاتفني أبي منذ قليل مُخبِرًا إياي أنها فقدت وعيها، يبدو أن ضغطها انخفض كثيرًا، حتى أن رِهام ذهبت الآن إليها، لِذا أنا مُضطرة أن أتغيب عن العمل حتى أطمئن عليها.
رد زيدان بسرعة:
_بالطبع رَغَد، لا تفكري بالعمل، أخبريني هل تحتاجون إلى شيء ما؟
_شكرا زيدان، باسل أرسل طبيبًا ماهرًا بالفعل، اهتم بنفسك، واحرص أثناء العودة، ولا تقد بسرعة! إلى اللقاء.
نصائح.. نصائح؛
منذ ذلك الحادث وهي دومًا تسدي له عشرات النصائح بسبب القيادة؛
أنهت المُكالمة على الفور فاجتاحه الضيق؛
السيدة ليلى تهُمه شخصيًا ويحبها كثيرًا؛
هي صديقة والدته قبل أن تُصبح قريبة أخيه؛
وهي كابنتها تتميز بحنان فطري وكانت من أكثر الناس الذين اهتموا به في محنته؛
لِذا فأول ما يفعله فور وصوله هو الاطمئنان على صحتها..
والآن سيضطر للمبيت هنا اليوم، فربما انتابته عُقدة ما من القيادة ليلًا!
وقام لينصرف بخطوات ثقيلة، وساقين مرتجفتين أحدهما.. عرجاء!
**********
"أريد رؤيتك رمزي!"
حدَّق في الرسالة النصية المختصرة التي استقبلها على هاتفه من رقم مجهول، لكنه لقلبه معلوم جدًا..
يعلم أنها هي؛
قلبه يخبره أنها هي؛
لماذا عادت في هذا التوقيت بالذات؟
لماذا عادت وهو مُقبل أخيرًا على تجاوزها؟
ابتسم بسخرية وزفر باستسلام...
هل يخدع نفسه؟! ومتى حاول تجاوزها؟!
هو كان سيتزوج من يُسْر فقط، لكن قلبه كان ولايزال مع رِهام، وإلى الأبد سيظل لها وحدها!
ألقى الهاتف بعيدا وهو يجذب شعره بحنق فيعود صوت الرنين مرة أخرى..
لكن مهلا!
ليست رسالة أخرى تلك المرة.. إنها تهاتفه!
وبترقب وقلب يرتجف شوقا التقط هاتفه ثم رد عليها بهدوء ظاهري:
_ماذا تريدين مني رِهام؟
وشهقاتها الباكية كانت الإجابة، فأصابته بالهلع وهو يهتف بها:
_ماذا بك حبيبتي؟
ربما زلة لسان كانت؛
لكنها لقلبه لم تكن مطلقا زلة!
فهي بالفعل حبيبته..
رغمًا عن أنفها ورغما عن أنف زوجها ورغما عن الجميع.. هي حبيبته!
والآخر هو من اعتدى على حقه مُعتبرًا إياها إحدى صفقاته...
_أريد أن أراك رمزي، أموت كي أراك!
وتردده قد بدأ يخبو شيئا فشيئا، ولم ينقصها الذكاء كي تدرك ضعفه تجاهها..
ثم أردفت بخفوت:
_أريد رؤيتك!
وصمتت بقصد ثم أضافت هامسة بتعمُد:
_أريد رؤيتك حبيبي!
ليهرب التردد فورًا وينطلق لسانه متسائلا:
_أين؟ ومتى؟
فأتته اجابتها السريعة بلهفة:
_غدًا في الساعة الثامنة صباحًا، في المقهى الذي اعتدنا الجلوس به.
وباشتياق أردفت:
_عندما كنا دوما سويا!
وكل حرف تفوهت به لم يخرج عبثا؛
كل كلمة كانت محسوبة ؛
وأصابت هدفها تماما!
**********


سعاد (أمواج أرجوانية) غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس