عرض مشاركة واحدة
قديم 20-02-21, 11:45 PM   #63

سعاد (أمواج أرجوانية)

كاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية سعاد (أمواج أرجوانية)

? العضوٌ??? » 476570
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 3,605
?  نُقآطِيْ » سعاد (أمواج أرجوانية) has a reputation beyond reputeسعاد (أمواج أرجوانية) has a reputation beyond reputeسعاد (أمواج أرجوانية) has a reputation beyond reputeسعاد (أمواج أرجوانية) has a reputation beyond reputeسعاد (أمواج أرجوانية) has a reputation beyond reputeسعاد (أمواج أرجوانية) has a reputation beyond reputeسعاد (أمواج أرجوانية) has a reputation beyond reputeسعاد (أمواج أرجوانية) has a reputation beyond reputeسعاد (أمواج أرجوانية) has a reputation beyond reputeسعاد (أمواج أرجوانية) has a reputation beyond reputeسعاد (أمواج أرجوانية) has a reputation beyond repute
افتراضي

تابع الفصل الرابع:
***
التف الخمسة حول مائدة الطعام في صمت مُريب، مُقلِق، مُحرِج بعض الشيء!
لم يكن أحدهم يتحدث مع الآخر؛
لم يكن أحدهم ينظر إلى الآخر؛
إلا يُسْر وتميم!
فنظراتها إليه كانت لائمة، حانقة؛
ونظراته إليها كانت لامبالية، مستمتعة؛
جزَّت على أسنانها بغضب فتظاهر بعدم الملاحظة..
وبنبرة مُتسلية هتف:
_سلمت يداكِ أم سُهيلة!
ليجذب إلى نفسه نظرات أخرى حانقة
بُنية رائعة..
و..جميلة!
جميلة لطالما أرقت نومه وأهدته أحلام يقظة تعدت فترة مُراهقته؛
لكنها أيضًا.. قاسية!
قاسية جَرَحت قلبه ودَعَست كرامته ولم تُعطه حتى التفاتة واحدة!
قاسية تعمدت كسره بكل برود بعد أن ظن أنه ضد الضعف بجميع أنواعه، ومُحصنًا!
قاسية لم يعرف الحب قلبه إلا بسببها وإلى يومنا هذا لايزال يصرخ باسمها مُناجِيًا!
"بالهناء والشفاء تميم."
ردَّت بها عبلة بابتسامتها الطيبة فأهداها ابتسامة مُهذبة..
والصوت الذي لم يحب بقدره ولم يُجرح من سواه صدح في أذنيه كهديل الحمام ونقيق ضفادع المُستنقعات معًا:
_كيف حال فيروز "عمي" تميم؟
المستفزة الباردة؛
عديمة القلب والشعور؛
ألا يُهدى مُعجزة ما يستطيع عن طريقها تسديد لكمة إلى وجهها علَّها تتوقف عن إثارة أعصابه؟!
ابتسم باستفزاز غلب خاصتها وهو يرُد ببطء مُشددًا:
_بخير "ابنتي" سُهيلة، تُرسِل إليكِ تحياتها!
_من فضلِك أمي أعطني بعض الماء!
هتفت بها يُسْر بارتباك فأعطتها أمها طلبها بتوجُّس، أخذت منها الكوب وناولته إلى تميم فنظر لها باستفهام ثم قال:
_أنا لم أطلب..
قاطعته ببسمة متوترة:
_اشرب تميم، اشرب حتى لا ينسد حلقك!
والتمتمة المُؤَمِّنَة على لسان سُهيلة جعلته يختطف الكوب من يدي يُسْر بعنف حتى أراق بعضًا منه على المائدة..
_ربما سنرهققك قريبًا تميم عندما نبدأ بنقل أغراض يُسْر إلى شقتها.
نطق بها كمال كي يُبدد بعض التوتر السائد فَرَد تميم بهدوء:
_أنت تعلم كمال أنني أفتديكم بروحي، أخبرني متى تُريدني وسأكون حاضرًا.
ثم أضاف بنفس الهدوء:
_على الرغم من عدم اقتناعي بالأمر على الإطلاق.
تمتم كمال من بين شِفتيه قائلًا:
_تميم أرجوك لا...
فقاطعه تميم بصرامة:
_استمع إليّ كمال، سأقولها للمرة الأخيرة، رمزي لا يُناسِب يُسْر على الإطلاق، ومصطفى يتصرف بأنانية، وأنت لا يجب عليك سداد دَينَك تجاهه بتلك الطريقة، هذا على اعتبار أنه دَين وليس واجبًا.
جزَّ كمال على أسنانه بغيظ قائلًا:
_لكن يُسْر تريد الزواج برمزي يا تميم، هو ابن أخي ونضمن أخلاقه ونعرف أنه سيحافظ عليها.
ثم نَقَل أنظاره إلى ابنته التي توقفت عن الطعام تمامًا متسائلًا بتوتر:
_أليس كذلك حبيبتي؟!
ولما لم يكن باستطاعتها اصطناع الفرحة صمتت، فاستعاد تميم دفة الحوار وهو يعود بنظراته إلى سُهيلة، ساخرًا:
_غريب أمرك كمال! تحاول غض النظر عن حقها بالتفكير دون ضغوط، في حين أنك منحت من لا يستحق حق الاختيار من قبل هنا!
وبسخرية أكبر أردف:
_وماذا كانت النتائج؟!
هبَّت سُهيلة واقفة وهي تدفع مِقعدها إلى الخلف صائحة:
_أنا لا أسمح لك بالتلميح إلى شيء يخصني! هل تفهم؟!
وابتسامته الساخرة كانت تُثير أعصابها أكثر؛
وكان هذا يُبهِجه أكثر؛
ويجرحه أيضًا أكثر؛
أن تكون كل هذه الكراهية بعينيها هي بالذات مُوجهة له هو على الأخص..
لا مانِع إذن في استفزازها أكثر!
مط شفتيه بعِتاب مُفتعل قائلًا:
_ألا تتعلمين كيفية التحاور المُهذّب مع "عمِّك" يا ابنتي سُهيلة؟!
خبَّأت يُسْر رأسها بين كفيها باستسلام وانتظار للنيران التي ستندلع ، بينما مالت سُهيلة باتجاهه قائلة من بين أسنانها:
_أنت لست عمي، وكونك ابن عم والدي لا يمنحك الحق بتجاوز حدودك معي! لِذا فلا تعتقد أنك ستزعجني وسأتقبل صامتة!
ليميل هو على المائدة بابتسامة مُتسعة بسخرية_ استطاعت رؤية الألم بها واضحًا_ مُقلِّدًا إياها:
_عجبًا! منذ أربعة سنوات وبنفس هذا المكان أخبرتِني أنكِ تعتبرينني عَمِّك كمصطفى تمامًا!
والحقد عاد صارخًا بعيني كليهما حينما صَدَحت الذكرى بعقول الجميع..
طأطأ كمال رأسه بحرج وببعض الذنب؛
أشاحت عبلة وجهها بندم؛
فجذبت يُسْر شقيقتها تُجلِسها رغمًا عنها
ليرتفع صوت رنين جرس الباب فتنطلق إليه لتفتحه، واقتحمت فيروز المكان صائحة:
_لقد أغلقت المحل وجئت كي أشاهد الـشجار منذ البدء، أخبريني هل...
قاطعتها وهي تشُدها إلى الداخل مُتوسلة:
_فيروز! أنقذينا لقد بدأ الشجار بالفعل!
**********
"انتظر ثائر! أريد التحدث معك."
ما إن هَمَّ ثائر بالخروج ثانية حتى التفت إلى أبيه الذي تُسيطر الصرامة على ملامحه مختلطة ببعض الضيق فاتجه إليه مُتسائلًا:
_ماذا هناك أبي؟
سأله أبوه بهدوء اختلط بانزعاج واضِح:
_أين زيدان؟
هز ثائر كتفيه ببرود قائلًا:
_زيدان بالإسكندرية، يتابع العمل بالمجمع السكني.
توكأ أبوه على عصاه بكفيه وهو يُلقي أسئلته عليه واحدًا تِلو الآخر دون منحه فرصة للإجابة:
_ولماذا لم يعُد؟ ولماذا سافر في الأصل؟ أليس باسل من يتولى تلك الأمور في العادة في حالة عدم تفرغك؟
عقد ثائر حاجبيه ببوادر غضب ثم تساءل معترضًا:
_ما الأمر أبي؟ هل اشتكى من السفر؟ أنا لتوي عُدت وأحتاج إلى وجود باسل، هل أرسل رَغَد بمفردها؟
وقبل أن يرد أبوه تابع بنبرة حاسمة:
_إن سمحت أبي، توقف عن الخوف عليه قليلًا فأنا لن أعذبه، كل ما أريده أن يفيق من هذه الكبوة قبل أن يفقد عقله ويستسلم لاكتئاب لن يشفى منه فيستغل فريد الأمر أكثر.
وبغضب نادر ما سمح له بالظهور هتف:
_الرحمة قليلًا! لا أستطيع المحاربة على جميع الجبهات وحدي!
تدخَّلت أمه التي يبدو على وجهها حُزن غير طبيعي:
_اترك زيدان بحاله ثائر، هو يعاني بما يكفي، الآن لدينا مُشكلة أهم؟
زفر ثائر بحنق وهو يسألها بنفاد صبر:
_أي مُشكلة أمي؟
حدَّقت أمه في وجهه وهي تُحاصره بعينيها قبل أسئلتها:
_أين هي رهام يا ثائر؟ ألم تكن لدى أهلها منذ بضعة أيام؟ ألن تتوقفا عن الشجار؟!
لم يجبها فتابعت بتردد واضح:
_ما رأيك أن.. أن تذهبا سويًا إلى مستشار للمشاكل الزوجية؟!
نظر لها بصمت فتابعت بحماس:
_أو ما رأيك إن تركتما سيلا معي أسبوعًا وأعددت لها مفاجأة بالسفر إلى أي مكان كما كنت تفعل قبلًا؟ عسى أن تستعيدا حبكما وسعادتكما و...
قاطعها ثائر ببرود لم يخل من السخرية وهو يرد:
_اطمئني أمي! لم نتشاجر، أمها مريضة هذه المرة وهي ستبقى معها بضعة أيام حتى تشفى، رَغَد أيضًا ستتغيب عن العمل لنفس السبب.
زفرت باستسلام ثم قالت برجاء واضح:
_ما رأيك باقتراحي إذن؟ بعدما نطمئن على صحة ليلى بالطبع!
اهتزت نظرته لثوان لكنه ما لبث أن صلب ملامحه قائلًا باقتضاب:
_أنا لست متفرغًا!
ارتسم الضيق على وجه أمه لِتعقب بكلمة واحدة:
_وسيلا؟
ضيَّق عينيه باستغراب مُستفهِمًا في صمت، عندئذٍ تحدثت ابتسام بحنق:
_لماذا لم تأخذها معها؟ لقد تركتها بالأسبوع الماضي ولم تُهاتفها مرة واحدة أثناء غيابها، والآن ستقضي أسبوعًا آخر لا تدري شيئًا عن طفلتها؟
ربَّت ثائر على كتف أمه قائلًا بهدوء:
_البركة فيكِ أمي، مهما حاولت هي الاهتمام بها لن تفعل مثلك.
ثم أردف ببسمة ساخرة:
_هذا إن حاوَلَت!
ليجتاح الألم عيني وصوت أمه وهي ترد بحسرة واضحة:
_أنا جدتها يا ثائر ولستُ أمها، سيلا تحتاج أم، تحتاج أمها وهي مشغولة بمشاكلها معك وأنت أيضًا لا تعتني بها أو تحاول تعويضها.
تراجع ثائر إلى الدرجات كي يتخلص من ذلك النقاش هاتفًا بجفاء:
_يا إلهي! أمي سينفجر عقلي بسبب العمل، أرجوكِ وفري هذا الحديث لوقت آخر.
لتُصيح به بدورِها:
_أي وقت ثائر؟ وهل يراك أحدنا؟
لكنه لم يكن ليبدأ ذلك النِقاش أيضًا..
عن انشغاله الدائم؛
عن عمله المُفرِط؛
عن انعزاله الذي يجد فيه راحته!
"لقد أرسلوا خطابًا من مدرسة سيلا اليوم."
والعبارة انطلقت بصوت أبيه الذي ظل صامتًا مراقبًا كل انفعالات ولده التي فشل في إخفائها، فالتفت إليه ثائر مُنتظرًا إيضاحًا، ليتابع بعتاب شديد:
_طفلتك تقضي أكثر الوقت باكية، لا تنتبه، دومًا شاردة، ومستواها أقل من أقرانها.
وبالرغم من اهتزاز نظرته؛
وبالرغم من محاولته التمسك بجمود لا يهدده سوى سيلا؛
وبالرغم من أن التأثر بعينيه بدا واضحًا؛
فإن والده أردف بهدوء دون أن يحاول إطالة النقاش معه:
_فكر فيما ستفعله من أجل سيلا يا ثائر، فكر في ابنتك قبل أن يتملكك الندم!
**********
يتظاهر بالانشغال في نسخ بعض البرامج على الحاسب الآلي مُتهربًا من عينيها، لكن غضبها كان مُنطلِقًا في كل مكان حوله، لتصيح به فجأة بعد أن تركتهما فيروز لتثرثر مع سُهيلة بغرفتها:
_لماذا لم تُخبرني بأنك آتِ إلى هنا؟
نظر لها بدهشة مفتعلة ثم رد:
_ أستطردينني من بيتك يا يُسْر؟ بالطبع كنت سآتي، كيف كنت سأحضره إذن؟
وأشار إلى الجهاز ببراءة ظاهرية فجزَّت على أسنانها بغيظ وهي تقول بتحذير:
_لا تتلاعب معي تميم، أنت تفهم ما أعني!
ضرب كفًا بالآخر وهو يردَّ باستنكار:
_وماذا فعلت أنا؟ بدلًا من أن تُلقي باللوم عليّ انظري إلى شقيقتك مُنفلتة اللسان، أرأيتِ كيف تتحدث معي دون اعتبار لمقامي؟
ثم أشاح بوجهه حانقًا، متمتمًا:
_البومة، عديمة التهذيب، أين غاب كمال وهي تتلقى التربية؟ لا أدري!
رَفَعَت عينيها إلى الأعلى هاتفة:
_يا إلهي! ألن نتخلص من هذه الحكاية تميم؟ ألن تتجاوز الماضي مثلما فَعَلَت هي و...
وعندما نظرت إليه لتستأنف شجارها معه انعقد لسانها داخل حلقها وهي تتطلع إليه..
إلى تميم.. ابن عم والدها؛
إلى تميم.. الصديق؛
إلى تميم.. الذي تعتبره بوصلة أمانها؛
الوحيد الذي تهرول إليه ما إن تنتابها أية حيرة؛
الوحيد الذي تثق به وبحكمته وبحكمه في أي مشكلة..وكل مشكلة؛
إلا إن تعلَّقت بنقطة ضعفه الوحيدة.. "سُهيلة!"
ما إن يُذكر اسمها حتى يذهب تعقله وحِكمته وقوته أدراج الرياح ليظهر تميم المُتهور؛
العاشق؛
الضائع في دوامة تُديرها شقيقتها الكبرى
والغبية!
التي نبذت رجلًا مثله فصبر وانتظر علَّها تعود إليه؛
لكنها تمادت وتمادت حتى جرحته بقسوة؛
ثم فاجأتهم بآخر حذرها منه الجميع لكنها تحدت وعاندت ثأرًا لكرامتها وانتقامًا لِتجاوز لم يكن هو مُذنبًا به وحده؛
ليفاجىء هو الجميع أيضًا بخطبته لصديقتها؛
وتلك حكاية أخرى متيقنة هي من وجود خفايا وراءها!
_ما هو وضع فيروز بحياتك تميم؟
والسؤال الذي خرج بنبرة لائمة جعله يعقد حاجبيه دهشة، لتتابع هي برجاء خفي:
_سُهيلة مجروحة تميم، لقد.. لقد جرحها طليقها بطريقة لا يتحملها أحد، أرجوك لا تُزِد من صعوبة الأمر عليها!
قالتها بخفوت عله يتوقف عن الحرب التي تعلم هي أنها بدأت للتو ولا أحد يستطيع التكهن بكيفية انتهائها، لكنه هدر بعنف بالغ:
_عسى أن تظل مجروحة مثلما فعلت بي لسنوات، عسى أن تسبح في بحور المرارة التي أغرقتني بها، عسى أن يصرخ قلبها مثلما بح صوت قلبي نداءًا لها.
زفرت يُسْر بألم وهي ترمُقه بتمعن، ثم طأطأت رأسها أرضًا بحيرة؛
إن كان لها أن تحكم بينهما ستنتابها الحيرة..
لِهذا هي لا تقتنع بأمور الحب مُطلقًا؛
لِهذا هي مُرتاحة بتعقلها؛
لِهذا هي ستتقرب من رمزي!
لا تريد مثل ذلك العذاب الذي يتغذى على سُهيلة..
لا تريد مثل هذه الحسرة التي تنبع من تميم!
تريد حياة هادئة يسيرة لا تشوبها المشاكل..
لا منحنيات ولا منحدرات!
إن كان عليها الاختيار بين الأنهار والبحار؛
بالطبع ستسقط في نهر هادىء..
وستهرب كل الهرب من البحار.. الثائرة!
وخرجت فجأة من شرودها على نظرة تميم التي اقترنت بسؤاله الغاضب:
_أخبريني ماذا فعل بها ذلك الحقير النذل؟ ما إن رأيته حتى أدركت أنه يصطنع اللطافة وتمنيت أن أهشم أنفه بيدي!
**********


سعاد (أمواج أرجوانية) غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس