عرض مشاركة واحدة
قديم 20-02-21, 11:47 PM   #64

سعاد (أمواج أرجوانية)

كاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية سعاد (أمواج أرجوانية)

? العضوٌ??? » 476570
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 3,605
?  نُقآطِيْ » سعاد (أمواج أرجوانية) has a reputation beyond reputeسعاد (أمواج أرجوانية) has a reputation beyond reputeسعاد (أمواج أرجوانية) has a reputation beyond reputeسعاد (أمواج أرجوانية) has a reputation beyond reputeسعاد (أمواج أرجوانية) has a reputation beyond reputeسعاد (أمواج أرجوانية) has a reputation beyond reputeسعاد (أمواج أرجوانية) has a reputation beyond reputeسعاد (أمواج أرجوانية) has a reputation beyond reputeسعاد (أمواج أرجوانية) has a reputation beyond reputeسعاد (أمواج أرجوانية) has a reputation beyond reputeسعاد (أمواج أرجوانية) has a reputation beyond repute
افتراضي

تابع الفصل الرابع:
***
"أتعنين أنكِ استيقظتِ فجأة صباحًا لتكتشفي أنكِ أصبحتِ تُحبين رمزي؟"
هتفت بها فيروز في وجه صديقتها وهي تلحق بها مُهرولة فردَّت يُسْر بنفاذ صبر:
_أقسم أنني لم أنطق بكلمة الحب هذه على الإطلاق، أنا قلت أنني سأمنحه فرصة، فرصة يا فيروز وسأحاول تجاوز أي مشاعر أخوة بداخلي تجاهه.
صاحت بها فيروز ساخرة وهي تجذب ذراعها من أمام إحدى السيارات المُسرِعة:
_هل تظنين الأمر بتلك البساطة؟! الآن ستذهبين إليه قائلة:" مرحبًا رمزي، أنا قد قررت نقلك من مُستوى الأخ إلى مُستوى الزوج المُحتَمل، من فضلك ابذل قصارى جُهدك كي لا أقم بإقالتك!"
مَطت يُسْر شفتيها وهي ترمقها بغيظ وردَّت:
_هل انتهيتِ خفيفة الظِل؟ بالطبع لن أفعل ذلك، سنجد طريقة نُسوي بها الأمر بدون أن يجرح أحدنا الآخر، سنتعايش باحترام وسيحافظ كل منا على كرامته.
وصمتت للحظات وهي تُكتف ذراعيها وتُحدِّق بها باستخفاف قبل أن تتابع:
_ ثم أخبريني! منذ متى وأنتِ ضليعة في أمور الحب والغرام وتتحدثين عنها بهذه الثقة؟
اتسعت عينا فيروز بتوجس ثم تهرَّبت من النظر إليها، فاقتربت منها يُسْر قائلة بتحدي:
_بما أنني لا تنتابني تلك المشاعر مُطلقًا فأنا أستطيع إدراك من هم مِثلي.
توردت وجنتا فيروز بحَرَج فتابعت يُسْر بابتسامة مُستفزة:
_لِذا _وبكل ثِقة يا صديقتي_ أخبرك أنكِ أيضًا لم تُجربي تلك المشاعر التي تلقين الشعارات حولها طوال الوقت مُطلقًا!
أسرعت فيروز قائلة بنبرة مُعتذِرة:
_هل تميم من أخبرك؟ لقد شددت عليه أن تعلمي مني أنا كي لا تغضبي!
رمقتها يُسْر بتهكم ثم قالت:
_ تميم لم يُخبرني بشيء، هو الآن مثل من سقط حجر ضخم على رأسه فلم يقتله، لكنه أصابه بنوع من أنواع التأخر العقلي فلا يرى أمامه سوى تلك المُستفزة.
صمتت للحظات زاد بها حرج فيروز فتابعت:
_لكنني لستُ بعمياء فيروز، أنا أدرك تمامًا أن تميم لم يحب سوى سُهيلة، وأدرك أيضًا أنكِ مثلي، لم يدق الحب بابك مُطلَقًا، انتظرت كثيرًا أن تصارحيني من تلقاء نفسك لكنكِ لم تفعلي.
طأطأت فيروز رأسها أرضًا مُرددة بخفوت:
_شعرت بالحرج منكِ يُسْر، الموضوع مُعقد قليلًا، أنتِ صديقتي وهو بمكانة شقيقك، ولقد أراد إنقاذي من عمي فاقترح عليّ هذه الخطبة!
اتسعت عينا يُسْر بدهشة مُتسائلة:
_إنقاذك!! لقد.. لقد اعتقدت أن الأمر بينكما مثلما بيني وبين ورمزي!
لم تستطع فيروز التحكم في نظرتها المُندهِشة وهي تتطلع إلى يُسْر التي هتفت بغيظ شديد:
_لقد أشفقتُ عليكِ فيروز وكنت أموت حرجًا وشعورًا بالذنب تجاهك طوال هذا العام لأنني أعلم أنه لن يشعر تجاهك بأي شيء يومًا وأنتِ لا تستحقين ذلك، حتى أنني خبرته عن عودة سُهَيلة كي يتخذ قرارًا حاسمًا بشأن كل هذا التعقيد، فالانفصال سيكون أقل إضرارًا بكِ حينها.
ابتسمت فيروز باستغراب وهي تقول باستنكار:
_وهل ترينني بلهاء يا يُسْر؟ تميم بالنسبة إليّ ليس أكثر من تعويضًا لمكانة الأب الذي فقدت، أنا وهو كنا صريحان تمامًا منذ بداية الأمر!
ازدادت دهشة يُسْر فأردفت فيروز بابتسامة ممتنة:
_عندما جاء عمي مُصممًا على تزويجي من ابنه في العام الماضي بحجة خوفه على سُمعته بين أهل بلدته واستنجدت بكِ فاصطحبتِ أنتِ تميم عرض عليّ أن يخطبني منه حتى يدعني وشأني ثم ننفصل فيما بعد، حتى أنه شدد عليّ بعدم إذاعة أمر خطبتي كي لا تتعرقل أية مشاريع ارتباط خاصة بي مُستقبلًا.
ارتفع حاجبا يُسْر لتتابع فيروز بنظرة حالمة ميزت عينيها الزرقاوتين:
_كما أنني أعلم أنه لن يفكر في أية امرأة سوى شقيقتك الحمقاء، لكم أتمنى مثل قصتهما!
ظهرت الحيرة على نظرة يُسْر ممتزجة بالغيظ، لتسألها على الفور:
_إذن لِم حلقة الخطبة ؟
هزَّت فيروز كتفيها وهي ترد باستخفاف:
_أنا لا أرتدي أية حلقات!
هتفت يُسْر من بين أسنانها بغيظ:
_أعلم ذلك، قصدت تلك التي يرتديها هو.
مطت فيروز شِفتيها بأسف وهي تُحدِّق بها مُرددة:
_يُسْر! تلك الحلقة يرتديها تميم منذ عشرة سنوات بالأصل، ومحفور عليها اسم سُهيلة !
**********
ألغى رمزي الاتصال للمرة الثالثة بنزق لم يمنعه من التساؤل بداخله:
"لِمَ تتصل به يُسْر بذلك الإصرار؟ هي لم تفعلها مُطلقًا!"
ثم وصلت رسالتها التي جعلته يُحدِّق في الهاتف بدهشة:
"كيف حالك رمزي؟ آسفة إن ألححت باتصالاتي، لكنني وددت أن أخبرك أن هناك مَعرَضًا للأثاث بأسعار مُخفضة، إن كنت مُتفرِغًا اليوم بعد العمل بإمكاننا الذهاب إليه كي نلحق بالموعد، إلى اللقاء!"
أعاد قراءة الكلمات مرات ومرات وهو يشعر بحيرة غريبة..
يُسْر لم تبدو يومًا بهذا الحِرص على مُستقبلهما معًا؛
ما الذي بدَّلها الآن إذن؟
ولِمَ الآن؟!
الآن وهو يتجرَّع ذكرياته مع حبيبته في ذلك المكان بالتحديد فيُعذبه الاشتياق!
وأثناء شروده لم يُلاحظ تلك التي وصلت للتو ووقفت تُحدِّق به بشوق فاضح، إلا أنها جلست أمامه قائلة برقة:
_اشتقت إليك رمزي، اشتقت إلى هذا المكان، اشتقت إلى رفقتك، وحنانك وحبك و..
ليقاطعها بجفاء ظاهري:
_ماذا تريدينن مني رِهام؟
ابتلعت كلامها ثم رمقته بألم وهي تُحدق بيمناه، وبِحسرة تساءلت:
_هل تحبها؟
أشاح بوجهه بعيدًا عابسًا ثم أجابها:
_إنه أمر خاص، فأنا لم أسألك هل تحبين زوجك أم لا!
سارعت مُعقبة ببلهجة مُتوسلة:
_لكنني أخبرتك أنني أكرهه.
لم يجد ردًا وهو يستشعر الفرحة بداخله..
لم تحب زوجها؛
لم تمنح قلبها إلى غيره؛
ربما هذا يكفي؛
ويكفيها العذاب الذي تصرخ به عيناها..
وبنفس هذا العذاب سألت:
_رمزي، هل ستساعدني؟
نظر إليها مُنتظرًا توضيحًا فأعطته إياه بنفس التوسل:
_هل ستساعدني كي أتخلص من ذلك الوحش؟ إكرامًا لذكرياتنا سويا!
الذكريات.. نقطة ضعفه هذه الذكريات؛
لم تتركه يومًا، لم تمنحه الفرصة للسعادة، ولا حتى التجاوز!
ازدرد لُعابه مُستجيبًا بضعف، مُستفهمًا باهتمام صادق:
_كيف تريدين مني أن أساعدك؟
صاحت مُسرِعة والأمل يُشرق بعينيها على استحياء:
_أنا أريد الطلاق!
وبالرغم من طيور السعادة التي غردت بقلبه إثر الكلمة الأخيرة، إلا أنه عَقَّب ساخرًا:
_وثائر الجوهري يحبك ومتمسك بك؟
كان يتوقع ردًا مُتألِمًا لإدراكه أنه يضغط على جراحها، لكن ولِدهشته ضحكت عاليا حتى اجتذبت نظرات البعض فنظر إليها مُستنكرًا، توقفت عن الضحك بالتدريج ثم قالت:
_عُذرا، العبارة نفسها بدت شاذة، ربما كان يفعل يومًا...
بترت عبارتها وشردت بعيدًا عن مرمى نظراته قبل أن تتابع بصوت خفيض:
_لكنه كان يحبني حقًا منذ سنوات، كان يفعل كل ما يستطيع كي يُسعدني، كان.. كان يتحمل كل غضبي واعتراضي ونقمتي على حياتي معه، و...
ولما انتبهت إلى أنها تفوهت بأكثر مما يجب عادت بنظراتها إلى عينيه الغاضبتين، لتحمحم بحرج وتتابع بلهجة وفيرة بالحقد:
_لكن الآن ثائر والحب لا يجتمعان مطلقا يا رمزي، هذا الشخص لا يحب سوى عمله فقط، أما تلك المشاعر التي يتمتع بها البشر أمثالنا أصبح لا يفقه هو بها شيئا.
ارتخت ملامحه المتشنجة وهو يطالع القهر بعينيها، يبدو أن حبيبته عانت بالفعل كثيرًا مع ذلك الرجل الذي لا يكره بقدره..
_هل.. هل يستخدم العنف معك؟
نظرت له بدهشة فتابع بحقد مماثل مستعيدًا ملامح رئيسه الباردة:
_هل يضربك يا رهام؟ هل يستخدم وسائل العنف معك؟! أعلم كم هو شخص قاسِ ظالم و...
بتر عبارته عندما هزت هي رأسها نفيًا قبل أن تجيبه:
_لا! لم يفعلها إلا مرة واحدة يا رمزي.
اتسعت عيناه بغضب شديد فتابعت هي بفخر كان الشيطان ليصفق إعجابًا به:
_منذ ثلاثة سنوات رأيتك يا رمزي، رأيتك بأحد المراكز التجارية مع بعض أصدقائك، وعلى الفور أخبرته أنني لا أحبه ولن أفعل إلى الأبد!
رغمًا عنه ابتسم فاستطردت هي:
_لم يفعل أي شيء سوى أنه اصطحبني إلى القصر في صمت، وذهب إلى غرفة طفلته ليبقى إلى جوارها حتى تنام كعادته كل ليلة، لكنني انهرت، هاتفت صديقتي وأخبرتها أنني رأيتك و...
أغمضت عينيها لتلهث مستعيدة بذهنها ذلك اليوم الذي غير مجرى حياتها حتى هذه اللحظة، فاستحثها هو:
_وماذا حدث رهام؟
فتحت عينيها وحدقت به مشددة على كلماتها بقوة:
_أخبرتها أنني لم أحبه يومًا واحدًا، وأنني لازلت أحبك أنت وسأفعل إلى الأبد، أخبرتها أنني لا أتحمل حتى طفلته، وبأنني أكرهه ولا أطيق تحمل حياتي معه، و.. والعديد من الأمور الخاصة لن أستطيع أن أخبرك عنها.
ولما طأطأت رأسها أرضًا بحرج واضح لم يفهم هو مقصدها، لكنها أردفت بهدوء:
_وعندما أنهيت المكالمة اكتشفت أنه استمع إلى كل كلمة تفوهت بها!
انعقد لسانه وهو يتخيل رد فعله حينئذٍ، لتضيف هي بألم:
_ومنذ ذلك اليوم وكلانا في حرب ضد الآخر، أنا أريد الطلاق وهو يريد ابنته، وأبي لا يوافق إلا إذا زاد نفوذه بالشركة!
حدَّق بها بدهشة ثم عَلَّق بتحفز:
_لكنكِ قلتِ أنكِ ستتركينها له بالفعل!
وبنفس الألم شردت قائلة:
_بالطبع سأفعل، لكنني لا آمن غدره، ولن آمن غدر أبي أيضًا!
هز رأسه مرتين ثم هتف بضياع:
_لا أفهم!
توترت عيناها وهي تتهرب من نظراته ثم شبَّكت أصابعها وقالت:
_أريد أن.. أريد أن أحوز شيئا يمنعه من أذيتي، ولا لديه أغلى من عمله، إن استطعت مساومته على شيء مُتعلِّق به مُقابل الطلاق ستكون المشكلة قد حُلَّت.
فغر فاهه دهشة ثم سألها باستنكار:
_لماذا كل ذلك التعقيد رِهام؟ طالما لا توجد لديه مشكلة في تطليقك وأنتِ لا تريدين ابنته اتركيها له وارحلي، لن يستطيع أبوكِ فعل شيئًا!
هتفت برفض صارخ والغِل مُقترِنًا بالخوف يقفز من عينيها ليُشفِق هو على حالتها فورًا:
_أخبرتك أنني سأتركها يومًا، لكنني أريد أن أجرحه وأعذبه كما فعل، وإن تركتها له الآن سوف يُحاربني أبي نفسه، وثائر سوف ينتقم مني، أنت لا تعرفه رمزي، يستطيع فعل الكثير، يستطيع التسبب بمشاكل لأبي وتهديد شراكتهما، لِذا يجب أن أهدده أنا أولا.
ظلت تنظر إليه بتوسل وخوف من خُذلانه لها..
لكنه لم يفعل وسألها باستخفاف:
_وكيف ستفعلين ذلك؟ ما الذي بإمكانه التأثير به؟
أزاحت إحدى خصلاتها السوداء خلف أذنها وهي تتحدث بِرَهبة:
_هناك.. هناك مناقصة هامة يسعى إلى الفوز بها بكل قوته منذ أشهر، علمت بتفاصيلها بالأسبوع الماضي أثناء حديث أبي مع رَغَد، إن.. إن أنا استطعت تعطيلها ومساومته على بيع جزء من أسهمه بالشركة لأبي ستحل جميع مشاكلي، حينئذ لن يعارض أبي الطلاق وسأتخلص من هذا الزواج.
وعندما لم يجد تعقيبًا مناسبًا أردفت بِرِقة:
_وسأصبح حرة!
وبالرغم من دقات قلبه التي تعالت مع تخيُّل تحقيق عبارتها، سألها بدهشة:
_ستسرقينه رِهام؟
أسرعت هاتفة باستدراك:
_ليست سرقة رمزي، أنا أضمن أماني بها، ثائر يتمتع بإذلالي وإهانتي منذ سنوات، لقد رأيت كل أنواع الألم معه، أنت لا تفهم شيئا!
ودمعت عيناها وتهرَّبت بهما منه مُتابعة:
_أليس من حقي أن أرتاح بعد كل ذلك؟ ألا يكفيني أن الرجل الوحيد الذي لم أُسلِّم قلبي لسواه يرفضني وسيكون لغيري؟
حدَّق بها بعتاب قائلًا بخفوت:
_أنتِ من تخليتِ أولًا رِهام، لا تُلقي اللوم عليّ الآن!
صاحت به بقهر:
_أجبرني أبي رمزي، أجبرني على الزواج منه من أجل شراكتهما، ولم أهنأ معه يومًا واحدًا!
ثم أردفت من بين دمعاتها:
_أنت تعمل في شركته وترى أي إنسان قاسِ هو، وأُحب أن أُخبرك أن ثائر الزوج أقسى من ثائر رب العمل بِعِدة مراحل، وأنا وحدي من دفعت الثمن!
سَحَبت محرمة ورقية ثم أخذت تمسح دمعاتها، نظر إليها بألم مُقترِن بعشق لم ينضب يومًا..
لماذا يُعاني كلاهما بذلك الظلم؟
لماذا يجب عليهما الفِراق على الرغم من عِشق كلا منهما للآخر؟
رَفَعَت رأسها تستجديه بسؤالِها:
_أخبرني رمزي! هل لاتزال محتفظا بصورتي بحافظتك؟ هل لاتزال تنظر إليها بين الفينة والأخرى؟
فأجابها بصوت مُتلهِف وبدون تردد:
_لم يمر يوم إلا وانا أتشبع من ملامحك بها، ليزداد اشتياقي إليكِ كل لحظة، ويكبر حبك داخل قلبي كل لحظة، وألعن من أخذك مني كل لحظة!
عادت دمعاتها أقوى وهي تقول بحسرة واضحة:
_حظك أفضل من حظي رمزي، فأنا قد فقدت الصورة الوحيدة التي تجمعنا سويًا، فقدتها ففقدت كل قدرة لي بالعيش بعيدًا عنك!
ثم مالت بالقُرب منه مُترجِية:
_ساعدني رمزي، أنت الوحيد الذي بإمكانه مساعدتي، رَغَد لن تتفهم موقفي، أرجوك ساعدني كي أتخلص من عذابي وأعدك سأرحل ولن تراني ثانية، سأسافر بعيدا ولن أقوم بإزعاجك، وأتمنى لك السعادة مع خطيبتك.
أيتركها؟
أيتخلى عن حبيبته؟!
مال أيضًا مُقتربًا منها والحزم يصرخ بملامحه مُتسائلًا:
_ما هي تفاصيل تلك المناقصة وكيف علمتِ بها، وكيف سنساومه بها؟
"سنُساومه؟!"
هل قال "سنساومه؟!"
أيعني هذا أنه سيعود إليها؟
أشرق الفرح على وجهها والكلمات تنبثق منها بسرعة:
_لقد سمِعت أبي يتحدث بشأنها مع رَغَد، إنها تخص مشفى خاص ضخم سيبدأ إنشاؤه بالشهر المقبل، الملف الآن يقوم بدراسته باسل وسيظل في مكتبه حتى يرسله إلى ثائر بآخر الأسبوع، إن استطعنا الحصول عليه ومحو النسخة الإلكترونية على حاسب باسل الآلي قبل أن يخرج من مكتبه ستحررني رمزي، ستحررني من شقائي.
عقد حاجبيه بدهشة فاستطردت موضحة:
_لو هددت ثائر بأنني سأقوم بتسريب أمر اختفاء معلومات مناقصة بهذه الأهمية سيخشى الفضيحة التي ستضر بِسُمعة الشركة كلها، وحينها حتى أبي سيشجعني طالما سيضطر ثائر إلى بيع بعض الأسهم له!
ظهر التفكير الجاد على ملامح رمزي لدقيقة كاملة التزمت هي الصمت خلالها، ثم سألها بحيرة:
_وكيف سأستطيع الولوج إلى حاسب أستاذ باسل؟ بالتأكيد هو يحميه بكلمة سر.
التقطت هاتفها من حقيبتها بسرعة قائلة بحماس:
_أنا أعرفها، فهي مع رَغَد لأنها تستخدمه أحيانًا ولقد نقلتها عن هاتفها، هي دومًا تحتفظ بكل الأرقام وكلمات السر الهامة على هاتفها حتى لا تنساها.
وبينما بدأت بالفعل في إرسال الرقم إليه كان هو يسألها بقلق:
_لكن.. في هذه الحال ربما يتهمونها هي، سنتسبب لها بالضرر وهي دومًا كانت لطيفة ومهذبة معي، هي من أرسلت إليّ فرصة العمل بالأصل وهي من قامت بتعييني.
زفرت بسأم ثم قالت بحنق:
_أنا من أخبرتها أنك أحد أقرباء صديقتي وأنا من أصررت عليها كي ترسل لك فرصة العمل يا رمزي، ولا تقلق! ثائر وباسل يثقان بها أكثر من أي شخص آخر.
ولما بدا عدم الاقتناع على وجهه استدركت برقة:
_كما.. كما أننا بمجرد حصولي على الملف سأذهب أنا إليه وأجبره على بيع الأسهم لأبي، أنا قمت بتحضير العقود ولا يتبقى سوى توقيعه هو وشقيقه.
وتردد دام لثانيتين ثم أجهزت عليه عندما مدت يدها لتمس كفه الموضوعة على الطاولة بينهما قائلة بخفوت:
_سأتحرر رمزي، أنت وحدك من ستحررني! أرجوك لا تتخلى عني!
والحرية من أجلها ستكون بالتبعية من أجله هو!
لن يغرق في هوة الفِراق ثانية؛
إن كانت تسببت في عذابه من قبل فقد تعذبت هي أيضًا؛
والآن ليحصلا على بعض السعادة أخيرًا!
أومأ برأسه وهو يُثبت التفاصيل بذهنه ثم قال بتصميم:
_سأساعدك رِهام، لن تتابعي حياتك مع ذلك الرجل، لن تتابعي حياتك إلا معي أنا!
والنظرات المقترنة بالابتسامات العاشقة رفرفت، ودقات القلبين باللقاء القريب تراقصت؛
والوعود من كليهما قد عادت ثانية، مع تصميم بالتنفيذ هذه المرة!
ولم يدرِ كلاهما بتلك التي تقف على بُعد مسافة منهما مُحدِّقة بهما بصدمة والغضب يحتل ملامحها!
**********
وفي غرفة المكتب الفخمة؛
وخلف سُحُب دخان سجائره الكثيفة التي لا يستغنى عنها؛
جالسًا هو بكل سكونه..
الواجهة جليدية باردة؛
وفي العُمق نيران غضب تهدد بوشوك انفجار البركان؛
مُحدِّقًا بصورة قديمة بعض الشيء وجدها باليوم السابق..
" أنا لا أحبك، لم أفعل يومًا، ولن أفعل إلى الأبد!"
...
والجرح الذي ظن أنه سيجبره على أن يندمل أثبت له خطأ ظنه؛
فها هو اللهيب يرتفع إلى عنان روحه؛
وها هي كرامته تتلظى صارخة؛
وها هي رجولته يتم كسرها مرة أخرى!
لأكثر من عامين كان بنفس المكان مع ذلك الرجل المجهول دون أن يعرفه؛
مرات ومرات صادفه ليلاحظ مدى الحقد الذي يتطلع به إليه دون أن يفهم السبب؛
وبالأمس فقط أدرك السبب!
يغار منه على زوجته!
زوجته التي لاتزال على أطلاله باكية؛
أطلال دفنت تحتها وفاءها، وإخلاصها، وحيث دفن هو أيضًا احترامه لذاته!
أكان يسخر منه؟!
عندما كان ذلك الموظف يراه كان يسخر لأنه يعلم أن زوجته لا تستطيع تقبله؟!
عندما يراه كان يشمت به لأنه يعلم أنه لايزال يسكن قلبها وفكرها حتى اليوم؟!
عندما يراه كان يعلم أنه يعيش بينهما منذ ست سنوات كالشوكة بالخاصرة؟!
ماذا يؤخرهما إذن؟
لِمَ لا يتخذا تلك الخطوة..
الخطوة التي ستنهي هذا العَبَث؛
الخطوة التي ستجعله ينظر إلى نفسه باحترام ورِضا؛
والخطوة التي ستنهي ذعرًا دائمًا متمثلًا في صورة يوم لا يرى خلاله طفلته!
لكنه يشعر أن الأوان قد حان؛
يشعر بقرب فوزه بالاحتفاظ بطفلته إلى الأبد؛
يشعر بأن تلك الطامعة لن تستطيع الانتظار أكثر..
وبهدوء التقط هاتفه، ليقوم بطلب سائق العائلة، وبكلمات هادئة أمره:
_هذا الموظف الذي أخبرتك باسمه، أريدك أن تراقب كل تحركاته يا سليمان، أريد أن أعرف إلى أين يذهب، وأين يعيش،.. ومن يقابل!
وعندما أنهى المكالمة عاد مجددًا إلى غنيمته الفوتوجرافية؛
بها شابة جميلة وسعيدة للغاية؛
بها شاب وسيم وبشوش للغاية؛
صورة قديمة بعض الشيء تجمع بين زوجته...؛
و.. ذلك الموظف الذي يعمل تحت إمرته!
*****نهاية الفصل الرابع*****


سعاد (أمواج أرجوانية) غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس