عرض مشاركة واحدة
قديم 25-02-21, 09:00 PM   #123

آمال يسري

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية آمال يسري

? العضوٌ??? » 462711
?  التسِجيلٌ » Mar 2020
? مشَارَ?اتْي » 946
?  نُقآطِيْ » آمال يسري is on a distinguished road
افتراضي جئت إلى قلبك لاجئة 💜

الفصل السابع
★★★★
بنيت حصون من الجليد حولي، إلا قلبي فهو يحيا لديكِ، غادرني مني إليكِ، فاحفظيه حتى يرضى ويعود موطنه!.
★★★★
( لا تخافي ولا تحزني فأنتِ أمانة قلبي)
★★★
تنظر لانعكاس صورتها في المرآة، شعرها الأسود أعلى رأسها بتسريحة منمقة بسحر أنامل ندى والتي كانت بارعة في تزينها، بينما فستانها الأزرق الحريري ذو الأكمام الشيفون القصيرة بحزامة الفضي المعقود حول خصرها ينسدل بخفة على جسدها، يلتف على رقبتها عقد بذات لون الفستان يعلو فتحة صدره الدائرية فوقه سلسالها الفضي ذو الدمعة والذي رفضت أن تخلعه عن رقبتها رغم حنق ندى بأنه لا يليق مع العقد!.
ترى نفسها شاحبة الملامح رغم مساحيق التجميل التي طلبت من ندى أن تزيد من رسمها على وجهها لتداريها خلفها، تلمست ملامحها، وكأنها تتأكد بأنها هي، بسمة منكسرة ارتسمت على شفتيها وصوت المأذون يصدح بعقلها:
«زوجتك ابنتي البكر الرشيد »
فيرد أبيها بتأثر ودمعة تتلألأ بعينه: «زوجتك ابنتي وقرة عيني»
تغزو العبرات عينيها، فعينا أبيها رغم جرحهما لم يجرحها، لم يلفظها بل ظلت متربعة بقلبه، لكن لو علم ما فعلت كان سيسامحها؟!، يعود صوت المأذون يصدح بعقلها:
«بارك الله لكما ..»
فتعود دمعاتها تحرقها، لم تندم ولا للحظة واحدة لكن القادم غريب ومبهم لقلبها ولها وحتى لعمران!.
زفرت طويلا علها تلقي بأوجاعها خارجها، لقد أصبحت زوجة عمران، الذي لم يفكر للحظة أن يلقي بنظرة بوجهها بعدما ألقت بقنبلتها، ظل الأخير هكذا غاضا نظره عنها حتى بعد عقد القران، تراه بعيدا جدا يتحاشى قربها، أخبر ندى بدلا منها بأن غدا ستذهب معها لشراء فستان زفاف من نفس المتجر التي اتفقت معه الأخيرة.
رفعت يدها أمام ناظريها تتطلع إلى تلك الدبلة التي ارتدتها بنفسها، يزداد المرار على وجهها، غصة تخنقها فلقد ترك عمران الدبلة على المنضدة أمامها دون أن يخبرها أنها لكِ ولا ساعدها في ارتدائها، أغمضت عينيها تتذكر كيف مدت يدها المرتجفة تأخذها وتضعها باصبعها فتسري النيران الحارة بكل جسدها، فتحت عينيها بتمهل وهمست داخلها بمرار بينما ترخي يدها جانبها( جردتِ نفسك من أقل حقوقك!).
تنهيدة طويلة قبل أن تلتفت إلى ندى التي غطت في نوم عميق بعدما سهرت مع علي وعمها، ملامحها هادئة، ترتسم عليها بسمة رغم نومها، أغمضت عينيها تكبت ألمها، أتحسد ندى على راحة بالها، هل وصلت لتلك المرحلة؟، هزت رأسها نافية ما يتبادر في ذهنها وعادت تنظر لها هامسة:
« إهنئي بنومك ندى، وعلي الصعود لابن عمنا بيننا حديث ينتظرنا!».
بخطوات متمهلة خرجت من الغرفة مغلقة الباب بهدوء، البيت هاديء والسكون يملأ المكان، الكل نيام بينما هي لا زالت لا تجد للنوم سبيلا، فتحت باب البيت لتصعد إلى الأعلى.
تحدق في الدرج الذي عليها صعوده بدهشة، هذا السلم كان بالنسبة لها كشيء غريب في بيتهم منذ سكن ابني عمها فيه، أو بالأحرى منذ أصبح مكان ضيافتهما كلما أتيا، ازدردت ريقها وهي تعلو بنظرها تحاول أن تعطي لنفسها الشجاعة كي تواجه ما فعلت وبعد معاناة لم تدري وقتها قررت الصعود.
خلف باب سطح بيتهم الموارب؛ وقفت تحدق به كأنها تراه لأول مرة،تحس بجسدها يكاد يتراجع للخلف دون إرادة منها لكنها ألقت بترددها جانبا و سحبت نفسا عميقا قبل تزفر بصوت عالي مرتجف و تضع يديها عليه؛ تفتحه على مصراعيه بهدوء يناقض القلق المشتعل داخلها، بخطوات مرتجفة متمهلة سارت للداخل، السكون يعم المكان لا يقطعه سوى صوت دقات كعب حذائها الفضي العالي، كانت موقنة بأنه لم ينم مثلها وقد صدق حدثها، تقدمت بثقل بينما تنظر لظهره وهو يقف خلف السور، ينفث سيجارته بنهم، يده الحرة في جيب بنطاله، لم يحرك ساكنا وكأنه لم يشعر بها.
أغمض عينيه يحاول أن لا يلتفت، لقد أحس بها منذ وطأت بقدميها سطح الدار لكنه تمنى أن تعيد النظر وتعود أدراجها ولا تواجهه تلك اللحظة ، صوت خطواتها المترددة يصله فيضع السيجارة في فمه، يطبق عليه يسحب منها نفسا عميقا، فيخرج دخانا كثيفا من بين شفتيه كأنه من أثر النار المشتعلة داخله.
وقفت على بعد خطوة واحدة منه، تهمس بخفوت:
«عمران»
أغمض عينيه يحاول كبت شعوره بوجودها وليته لو كتم أذنيه كي لا يسمعها، لكن هل لو فعل هذا لن يخترق صوتها أعماقه كما فعلت الآن!، عادت تهمس باسمه بصوت مرتجف بينما مدت يدها تبسط كفها على كتفه، شعرت به يتشنج، لكنها تغاضت عن ذلك وعن شعورها بالعجز وهي تحس بضيقه من أثر لمستها وتابعت بصوت خفيض:
«علينا التحدث يا عمران!»
انتزع كتفه من تحت كفها لتنزل يدها بالهواء، قبضتها جانبها تطرق بوجهها بينما هو سحب نفسا عميقا من سيجارته فيما التفت لها يضيق حاجبيه يتأملها بتمعن؛ حيث تنعكس على وجهها الإضاءة الخافتة بالمكان ، سخر في نفسه فلو كان منظرها هذا بغير الموقف لكان الأمر بديع، يسلب اللب، عيناها السوداوتان كالبحر تناديه ليغرق، ابتلع غصته التي تكاد تخنقه فهو الآن لم يعد يريد الغرق بل السباحة حيث المرسى يلملم خيبته وينسى، سحب نفسا عميقا من سيجارته وزفر دخانها الكثيف قبل أن يلقي بها على الأرض و يدعسها بقدمه في عنف.
كانت تتابع كل ما يفعل بانتباه شديد تشعر بحديثه الصامت الغاضب وجسده الذي يحاكي كل حديثه، تعلقت به بينما يضع يديه بجيب بنطاله قبل أن ترفع نظرها له وهو يقول بنبرة ساخرة:
«نتحدث!، ألا ترين بأن أمر الحديث تأخر قليلا!؟»
أطرقت بوجهها عنه قبل أن تعود ناظرة لوجهه الذي لا تفسر ملامحه الغامضة، عيناه التي لم تراها يوما هكذا؛ غاضبة سوادها الحالك كان أشد ظلمة كأنه لم يعد هو عمران!، عضت على شفتيها وهي تشعر بالكلمات تتقطع بحنجرتها لا تخرج وإن حاولت وجدتهم كشوكة تجرحها، كلما تلاقت مع عينيه تشعر بالرهبة وتساءلت هل البشر لديهم القدرة للتبدل هكذا من قمة الهدوء لقمة الغضب!؟ فسخرت من نفسها هاتفة داخلها، يحدث يا ابنة الجبالي حينما يتعرض رجل كعمران لما فعلتيه؛ يحدث!.
تنحنحت تجلي صوتها بينما تراه يحدق بها فيما تفرك باحدى يديها جانب فستانها حتى تجعد من أثر ذلك، همست متلعثمة:
«لديك حق، لكن وإن تأخر لا يمنع أن نتحدث..»
أجابها ساخرا باقتضاب:
«حقا، بهذه السهولة!»
ابتلعت ريقها التي تشعر بجفافه فيجرح حنجرتها، بينما شعور بقلة الحيلة يجتاحها فهي ليس لديها تفسير لما حدث ولا تدري كيف تبرر، رفعت رأسها له فتعلقت عيناها بعينيه التي وبلحظة وكأنها كشفت ظلمتها ليظهر لها من خلف تلك الظلمة عتاب وألم، عينان ترجو تفسير واضح لما حدث، تنهدت قبل أن ترد بصوت خفيض:
«عمران، صدقني لم أخطط لهذا، بل لم أفكر به من الأساس»
رفع أحد حاجبيه الكثيفين بينما أخرج يديه من جيبي بنطاله وربعها على صدره قبل أن يقول لها باستنكار:
«وعلي تصديقك!؟، هل قال لكِ يوما أحدهم بأنني أبله؟!»
هزت رأسها بعنف نافية ما قاله بينما دموعها تلمع بعينيها، تحرقها،تتمنى لو تبكي ربما ترتاح، تغاضت عن كل هذا وأجابته:
«أعلم الأمر غريب، أنا نفسي لم أفهم ما حدث»
صمتت برهة تتأمل ملامحه التي زادت غموض ثم تابعت:
«أنا لم أخطط، وجدتني أنطق الكلمات هكذا، حتى أنني تمنيت أن أتراجع ، لكن لم أفعل، بل شعرت بأنني بحاجة لأنطق كلامي مرة أخرى، لأنني أحسست بالأمان مع كل حرف أنطقه، وجدتني رغم انكسار ظهري أقف بثبات مع نطق طلبي»
أرخت عينيها عن عينيه التي اتسعت بدهشة مع أخر كلماتها لكنه حاول أن لا يهتم بحديثها ورفع نظره للحظة للسماء، زافرا بصوت عالي قبل أن يضحك بسخرية قائلا:
«أي أمان هذا الذي تخبريني عنه؟، ما فعلته مجرد استغلال لا أكثر، امرأة بارعة في انتهاز الفرص!»
شهقة فلتت من بين شفتيها شقت طريقها لقلبه المتمرد عليه، كم يريد أن يضمها له، يشعر بدفئها، يتنشق عبقها، زوجته حلاله، أمنيته، توقفت أحلامه وهو يتأمل وجهها الذي أعاده للواقع هامسا في نفسه(بل لا أريد سوى صفعك لا أكثر، كسرتي كل الأحلام وما كسر لا يعود بل يجرح ويدمي).
فركت يديها ببعضهما ثم همست تعيد عمران من شروده:
« لا تظلمني عمران...»
أطبق على شفتيه بقوة، يكاد يدميهما ثم زفر بحنق مقتربا منها وهو يشعر بالنار داخله تزداد اشتعالا رغم محاولاته باطفائها، يراها تدافع عن نفسها، تبرر، وتجد حجج!!، ارتدت هي الخطوة التي اقتربها، ترى ملامحه تغضنت واكفهرت بينما هو لكم المنضدة بقبضة يده بعنف جعلها تنتفض في وقفتها فزع، ترى حمرة عينيه وبراكينها قبل أن يهدر بها بصوت مخنوق يملئه المرار:
«سمر، لم أظلمك، لم أستغل الموقف ووضعتك أمام الأمر الواقع بل أنتِ من فعلتي!، أنتِ من ظلمتني، أنت مجرد امرأة أنانية لم تر سوى مصلحتها وكيف تحفظ ماء وجهها؟ وكان باستغلالي، امرأة تتقن اللعبة جيدا»
هزت رأسها بعنف تنكر ما يقول، ترخي رأسها عنه، صوت شهقاتها المكتومة يجرحه لكن سيختنق إن ظل كاتما ما يختلج قلبه،اقترب منها الخطوة التي ارتدتها عنه فلم يعد يفصل بينهما سوى سنتيمترات قليلة، تابع كلامه بصوت مخنوق يلفح وجهها بأنفاسه الغاضبة:
« كيف سمحتِ لنفسك بأن تقتحمين حياتي دون إذن مني!؟، ألم تفكري لبرهة بأنه ربما إحداهن بحياتي أو أنني قد أرفضك علانية أمام الجميع!؟»
اتسعت عيناها بصدمة، تناظره بعدم استيعاب وهي تتفهم معنى كلماته، هزت رأسها ثم همست متلعثمة:
«لم أعرف، أقصد لم أتوقع..»
قاطعها بنبرة غاضبة:
«ماذا تعرفين أنتِ عني، هاااا ماذا...؟»
رفعت راحة يدها تكتم اهاتها، تناظره بألم، تريد أن تبكي، ماذا فعلت!؟، همست بصوت متوجع بينما عينيها ترتخي عن عينيه:
«أتعني بأن هناك أخرى في حياتك؟، أتعني بأنني ظلمت امرأة آخرى كان حقها بأن تكن قربك، أنا ظننت بأنك لم تحب يوما!!»
نظر لها صامتا لوقت لم يحسبه، تتجمد كلماته على لسانه، ردت على نصف حديثه وتناست رفضه لها علانية، تخترق كلماتها قلبه فتشقه نصفين، تراه لم يحب يوم!؛ أتظن أنه بلا قلب!؛ زفر بعنف تلك الغبية لم تنتبه يوما بأنه عاشق متيم بها، مغلوب على أمره يخاف أن يخبرها، دوما كانت بعيدة عنه؛ ساكنة في قلبه، ويوم كانت له فقدها!.
تابعت حديثها بنبرة متوجعة سلبت الهدوء الباقي من قلبه:
«ليت اعتذاري منها يشفع لي، أخبرها...»
اقترب منها أكثر لتترنح جالسة على الكرسي خلفها يقطع حديثها بينما هو استند بيديه على ذراعي الكرسي يميل بجسده قربها هاتفا بها بصوت مخنوق:
«أخبرها بماذا يا سمر!؟، هل هناك ما يقال؟!»
هزت رأسها تناظره بقلة حيلة بينما تقول بصوت متهدج تحاول منع دموعها:
« لا أعرف، لا أعرف..»
«إذن لا تقولين ما لا تستطيعين فعله»
قالها عمران بصوت جامد بل بارد كالثلج رغم النيران المشتعلة في صدره ولا تريد أن تنطفىء.
صمتها كان رد عليه، ارتجافة جسدها ورعشتها التي كادت تزلزل حصونه لولا هذه الصورة التي تكاد تسفك برأسه وصوت أحمد يقول خائنة فتعلو أنفاسه تكاد تحرق سمر في مكانها؛ ترى عينيه تحمران فتلتصق أكثر بظهر الكرسي كأنه سيحميها من غضبه بينما هو أغمض عينيه بقوة حينما ترتسم أمام عينيه بخزيها وذلها وانحناء رأسها فما كان منه إلا أن خبط بيديه على ذراعي الكرسي هادرا بها:
«هل هذا جزائي أنني خلصتك مما كنتِ فيه، هل هذه مكافئتي!؟»
ثم هز رأسه بأسى ثم قال بقهر:
« كيف لكِ أن تكوني هكذا!؟»
ابتلعت ريقها الجاف الذي يكاد يدمي حنجرتها وقالت بصوت متحشرج:
«عمران، أقسم لم أقصد شيء، أرجوك افهمني»
ضحكة ساخرة قبل أن يقول:
«فهمتك وليتني ما فعلت، ليتني سمر»
ردت عليه بغتة وكأنها لم تسمع شيء:
«دائما تقول لي ابنة عمي، اليوم تردد سمر أكثر!»
عقد حاجبيه بدهشة فلقد أنسته ما كان يقول، تأمل ملامحها بدقة،لأول مرة يقترب منها هكذا، يشعر بأنفاسها تغزو قلبه،تلفح وجهه، جعلت أنفاسه تتسارع كأنه في سباق ابنة عمه تلاحظ شيء بسيط كهذا، دائما يناديها ابنة عمي و لم ينتبه بأنها ستهتم؛ اليوم تلك الكلمة تخاصم لسانه وكأنه لا يجدها تستحقها!.
تلاقت عيناهما بلقاء طويل قبل أن يقول بنبرة ذات معنى جعلت الألم يسري في أوصالها:
«ابنة عمي اليوم لم يعد لها وجود فأنا اليوم فقدتها كما فقدت حبيبتي لأجلك أنتِ سمر..»
علت أنفاسها كأنها تجري في ماراثون بينما هو لا زال مستندا على ذراعي الكرسي يضيف بغضب وأنفاس تنحرق وصوت كأنه يأتي من أعماق المحيط:
« ضحيت بكل هذا لأجل إمرأة كأنتِ سمر باعت هيبة عائلتها وكرامتها في شات»
صمت لحظة يرى ملامحها المصدومة قبل أن يهدر بها بحدة:
« إمرأة لا تساوي شيء، لعوب؛ ماكرة؛ تنتقل من رجل لرجل! ...»
هتفت بصوت مخنوق سامحة أخيرا لسيل دموعها الحارة بشق طريقها على وجنتيها:
«لا تقل ذلك عمران أقسم بأنني لست كذلك! أنا ابنة عمك ليست تلك من تتحدث عنها..»
أغمض عينيه يخفي تأثره من بكائها، صوت نشيجها يؤلمه، تبا لها، تحبس أنفاسه في قلبه ، تلهبه بلهيب حبها ولا تدري، يحبها ولكنه يتمنى بعد كل ما فعلت أن يخنقها الآن، لا، بل يريد أن يعانقها ويداريها في طيات قلبه لكن عقله يدافع عن رجولته المتأذية يناديه لأن يلقي بها بعيدا عنه.
خبط بكفيه على ذراعي الكرسي مما جعلها تنتفض قبل أن يعتدل بوقفته موليا إياها ظهره، ينظر للفراغ أمامه، هامسا بصوت شابه الألم أو هكذا ظنت:
«نطقتها وانتهى سمر، والآن اخرجي من هنا، لا أريد رؤيتك فرؤيتك أصبح مؤذية لناظري!»
همست بصوت خفيض منكسر:
«لما وافقت إذن على زواجنا ابن عمي؟!»
دون أن يلتفت لها قال بثبات:
« لأجل عمي فعلت، لأجل أن لا أراه يترنح، كما رأيته تلك اللحظة، أن يظل جبل كما هو أما أنتِ فلا تعني لي أي شيء مجرد اسم وضع جانب اسمي لا أكثر!»
ظلت تتأمل ظهره المتشنج للحظات ربما طالت، بينما شهقاتها لا زالت تعاندها وتفلت من بين شفتيها، فكل ما مر الساعات الفائتة لم يكن بقهر تلك اللحظات أمام عيني عمران وكلماته.
بيدين مرتجفة استندت على ذراعي الكرسي، وقفت مترنحة و بخطوات متثاقلة سارت تجاه باب السطح وكأنها تجر قدميها.
«سمر»
قالها عمران باقتضاب لتلتفت له بينما هو تابع دون أن يدير وجهه لها:
«اتركي هاتفك هنا، لا حق لمثلك أن تحمل هاتف..»
أرخت وجهها للحظة، تنهمر دموعها أكثر،ثم رفعتها هامسة بصوت وصله حاملا انكسار وألم:
«ليس معي الآن..»
شعرت به يتشنج في وقفته، التفت لها، ينظر لها بعدم تصديق، فعادت بنفس خطواتها الثقيلة تقف أمامه، فلم يعد يفصلهما سوى أقل من خطوة وقالت بينما يدها تمسح وجهها من أثر البكاء الذي لا يريد أن يكف:
«ابن عمي، جئت إليك لاجئة، أتيت لأحتمي فيك من نفسي، ومن ضعفي»
صمتت لحظة تحاول احتواء أنفاسها قبل أن تبسط كفيها أمامها ليتعلق بهما ثم تجذبه بحور عينيها الباكية فيما تابعت هي:
«جئت إليك أحمل ألمي ووجعي وذنبي بين يدي، وعلمت بأنك لن تردني...»
آهة كادت تفلت من بين شفتيه كبتها بقوة لا يعلم من أين أتى بها فيما يدير وجهه عنها يخفي عينيه التي تكاد تخونه وتبكي، وضع يديه بجيبي بنطاله لكي يمنعهما من احتضانها، يصارع في نفسه غضبه منها وعشقه لها، كلاهما يحاول أن يجد طريقا للظهور لكنه وبكل ما أوتي من قوة يحاول أن يتزن، ثم أجابها بينما يتعلق بوجهها مرة أخرى:
«اللجوء لا يأتي عنوة ،بل بالتراضي! كان عليكِ أن تطلبي مني إذن إما وافقت أو رفضت لكنكِ اقتحمتي حياتي»
نظرت له بمرار وأجابته بصوت حاولت أن يكون ثابتا لكنه لم يكن كذلك بل بدا مرتعشا واهنا:
«من يلجأ لدمه ليس عدوانا، لا أقل هذا لاستجداء عطفك، بل أخبرك بما أشعر به، اليوم يا عمران اشتد ظهري رغم انكساري لأنك كنت معي تسندني، تثق في رغم كل ما حدث هناك شيء داخلك يخبرك بأنني هي ابنة عمك!»

فغر فاهه للحظة، ابنة عمه تحارب غضبه الذي يحاول السيطرة وتلجأ لقلبه الذي يتمنى لو عانقها، يخفيها داخله يداريها من المها!؛ يخبرها بأنها حلم السنين، وبأن انكسارها ما هو إلا انشطار لقلبه!.
صمتت لحظة ثم رفعت يديها الفارغة له بينما تابعت:
«الهاتف صدقا ليس معي، صباحا سأعطيه لك، وثق لن أفتحه حتى أعطيه لك..»
« هل علي أن أثق بك بعد ذلك، أنتِ لستِ أهلا للثقة»
أجابها ببرود مفرط رغم تلك المشاعر التي تريد أن تفلت لكنه يقيدها.
فأغمضت عينيها بقهر تزفر بصوت عالي ربما أزاحت هذا الألم الذي يشق صدرها قائلة بألم:
« الهاتف كسرني لذا لم أعد بحاجة له ولا لأن أراه»
التفت توليه ظهرها فرد عليها ببرود:
« الهاتف ليس له ذنب، فمن كسركِ هو أنتِ وعقلك الصغير»
تجمدت مشيتها للحظة، تشعر بجسدها يتشنج تريد أن تلتفت له تخبره كفى صفعا لكرامتي التي أهدرت لكنها شعرت بقدميها تقودها حيث باب السطح بينما هو حدق في ظهرها يشعر برأسه يكاد ينفجر وما إن خرجت من الباب حتى زفر عاليا قبل أن تفلت منه آهة عالية ويخبط المنضدة بقدمه بقوة لتصطدم في الأرض، التفتت سمر بجسد مرتعش مرتجف تعود الخطوة التي مشتها بينما تجمدت قدميها على باب السطح لا منها استطاعت النزول ولا منها كانت قادرة للعودة له، دموعها ظلت تنهمر كبركان انفجر يحرقها فيما تراه يتقبض بيديه أنفاسه العالية تكاد تصلها من فرط غضبه، ابتلعت ريقها تحاول أن تستجمع شجاعتها كي تعود له، ما إن أحس بخطواتها، هدر بها يوليها ظهره ويستند على السور بكفيه ربما حمل عنه غضبه وألمه قليلا:
« إياكِ والاقتراب مني الآن، عودي حيث أتيتِ»
ثم رفع نظره للسماء يحس بمقلتيه تشعان نارا تصارعان لينزفا ألمهما العزيز فهمس داخله بوجع:
*( ابتعدي الآن فغضبي يصارعني ولن أسامح نفسي إن أذيتك يا ابنة عمي)*
عضت سمر على شفتيها تكاد تدميهما ودموعها الساخنة تنهمر على وجنتيها كشلال وجد طريقه، ترى عمران آخر غير الذي تعرفه، بركان يكاد أن ينفجر في لحظة وبخطوات مترنحة كانت تعود أدراجها يصل إلى سمعها خبطة يده على السور وصرخته الرجولية المتألمة كأسد جريح:
( لماذا؟!)
لكنها أطلقت ساقيها لخوفها من مواجهته وعادت أدراجها تاركة إياه للهيب أشعلته بروحه!.
يتبع


آمال يسري غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس