عرض مشاركة واحدة
قديم 27-02-21, 07:07 PM   #10

روز علي
 
الصورة الرمزية روز علي

? العضوٌ??? » 478593
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 720
?  نُقآطِيْ » روز علي is on a distinguished road
افتراضي الفصل الثالث

الفصل الثالث.............
كانت تنزل درجات السلم بعجلة وهي تعدل من وضع حقيبتها على كتفها قبل ان تتوقف بنهاية السلالم ما ان اصطدمت بالجسد الواقف والذي ظهر امامها فجأة بدون ان تراه ، لترفع بعدها بسرعة نظراتها الخضراء المرتبكة وهي تنظر لهوية الرجل امامها لتتسع عندها عينيها الشاحبة بتوجس وهي تتعرف عليه وهو يكون ابن العائلة الكبير وابن خالها البكر .

كانت (روميساء) تتنقل بنظرها بتفاصيله عن قرب من ملامحه الهادئة بسكون وبعض الشعيرات البيضاء قد غزت جزء من مقدمة ذقنه بدون ان تقلل من مهابته كوالده تماما وهو يملك عينين سوداوين تداخلت بهما بعض الخيوط من اللون الرمادي لتصل بالنهاية لابتسامته الرزينة والتي زادته قوة تناسب مكانة عائلته العريقة ، بينما كان (احمد) بالمقابل ينظر لها بتركيز وهو يدور بعينيه بملامحها الشاحبة والناعمة والتي لم تستطع اخفاء آثار الخطوط المنتشرة بقسمات وجهها المحفورة والتي تدل على الإرهاق الشديد وقلة النوم والتي تعرضت لها بالأيام السابقة ليتوقف كالعادة امام عينيها الخضراء الشاحبة ببهوت واضح يكاد يختفي اللون من حدقتيها الكبيرتين باتساع غريب .

رمشت (روميساء) بعينيها عدة مرات قبل ان تبعد وجهها بعيدا عنه وهي تقول بإحراج
"اعتذر فلم ارك امامي عندما كنتُ انزل درجات السلم من فوق"

حرك (احمد) رأسه باتزان وهو يهمس بخفوت
"لا بأس مرت على خير"

نزل بنظراته لملابسها العملية والبسيطة والتي تدل على انها كانت ستغادر المنزل الآن وهي ترتدي قميص بني باهت طويل يصل لركبتيها واكثر تقريبا وحزام من الجلد معقود حول خصرها مع بنطال جينز بلون الذهبي ، عاد بعدها بنظراته لوجهها وهو يتمتم بغموض
"هل كنتِ على وشك مغادرة المنزل"

حركت عينيها نحوه بهدوء وهي تعقد حاجبيها بريبة لتقول بعدها بابتسامة صغيرة
"اجل صحيح ، فأنا اعمل بمدرسة الزهور الابتدائية بدوام يومي وعليّ الذهاب الآن لعملي"

ارتفع حاجبيه باستنكار ولم تعجبه فكرة عملها ابدا بل لم تدخل عقله بتاتا وهو يفكر بأن فتاة من عائلة كبيرة مثلهم تعمل عند اناس لتكسب منهم بعض القروش ، قال بعدها بتجهم مستاء وبدون ادنى تفكير
"ولكن لما العمل وكل شيء موجود بحياتكما بدون الحاجة للعمل عند احد من اجل بعض المال والذي يوجد الكثير منه عندنا"

عبست زاوية من شفتيها بضعف وهي تتذكر كلام (ماسة) بالأمس عن الخروج من هذه العائلة والتي لم تقدم لهما شيء بحياتهما عندما كانا يحتاجان لأي قريب ليعترف بوجودهما ، رفعت (روميساء) رأسها بقوة وهي تهمس بخفوت مشتد
"شكرا على كرمك يا سيد احمد ، ولكني لا اعتقد بأنني سأستطيع تقبل هذه الحياة الجديدة عليّ وعلى شقيقتي او ان اغير من نمط حياتي والذي سرت عليه لسنوات ، لذا ارجو منك ان لا تتدخل بسير حياتنا فنحن نعرف جيدا مصلحة انفسنا"

اتسعت عينيّ (احمد) بتجهم ليس من كلامها الواثق والذي ضربه بمقتل بل من تلقيبها له بسيد (احمد) وكأنه غريب عنها او رئيسها بالعمل وليس ابن خالها البكر ، وما ان كان سيرد عليها بغضب حتى تجاهلته تماما وهي تتجاوزه بسرعة لتسير باتجاه البهو الواسع ، ليقول بعدها من خلفها بقوة صارمة
"انتظري على الأقل حتى تتناولي طعام الفطور مع العائلة بقاعة الطعام ، ام تريدين الرحيل لعملكِ وإغضاب كبير العائلة بعد ان استقبلكم بمنزله ورحب بكم ببشاشة"

توقفت بمكانها وهي تعض على طرف شفتيها بتفكير وجزع من الورطة والتي قد تقع بها الآن فهي لم تصل لهذا المنزل سوى بالأمس وإغضاب كبير العائلة لن يكون بصالحهما ابدا وهي حتى الآن لا تستطيع التضحية بأي شيء بعد ان خسروا كل ما يملكون بحياتهما وقد يكون عملها هو الخسارة التالية .

ابتسم (احمد) بهدوء ما ان قابله الصمت والسكون منها والذي يدل بأنها قد فهمت مقصده جيدا ، ليسير بعدها بعيدا عنها ببرود وتحديدا باتجاه قاعة الطعام ، بينما كانت (روميساء) تبتسم بحزن شارد وهي تفكر بشقيقتها والتي ذهبت لجامعتها قبل ان تشرق الشمس بساعات كعادتها بدون ان تعطي اي اعتبار لأحد بالعائلة وبأنها قد انتقلت لمنزل جديد يبعد عن مقر جامعتها بمسافة تبعد امتار ، سارت بعدها بلحظات بخطى ثابتة باتجاه قاعة الطعام قبل ان يحدث ما لا يحمد عقباه بما انه ما يزال لديها متسع من الوقت قبل دوامها بالمدرسة .

دخلت (روميساء) خلف (احمد) تماما لتتجه كل العيون نحوهما بين حائر وممتعض وجو من الوجوم بدأ يسود من بينهم بثقل ، قطع الصمت بعدها صوت (سلوى) وهي تنتفض بعيدا عن مقعدها قبل ان تتعلق بذراع (احمد) وهي تقول بغيض ودلال
"اين كنت يا احمد ولما تأخرت عني ، أيعجبك ان تجعلني انتظرك كل هذا الوقت الطويل وانا اكاد اموت من الجوع والشوق إليك"

كان (احمد) يحرك رأسه بوجوم من تصرفاتها الوقحة امام العائلة بدون اي حياء ، ليخترق بعدها سكون القاعة صوت (محراب) والذي كان يجلس على رأس الطاولة وهو يقول بقوة
"كفى كلام ، وليجلس الجميع بمقاعدهم امام المائدة بهدوء"

سحبت (سلوى) زوجها من ذراعه بسرعة وهي تلقي نظرة مشمئزة متعالية نحو (روميساء) والتي كانت تفكر بعيدا عنها ، لتتقدم بعدها (روميساء) بصمت نحو المائدة وهي تتخذ مقعدا بعيدا عنهم بجانب الصغير (زين) وبالجهة المقابلة لهما كان يجلس فيها (احمد) وزوجته ومعهم يجلس بجانبهم (شادي) والذي كان يتناول الطعام امامه بشرود غير آبه بأحد .

قال (محراب) بعدها بلحظات بحيرة متصلبة
"اين هي شقيقتكِ ماسة ، انا لا اراها معكِ"

رفعت نظرها بارتباك نحو (محراب) قبل ان تقول بإحراج خافت
"الحقيقة لقد ذهبت ماسة لجامعتها بوقت مبكر جدا ، فهي لا تستطيع التأخر عن محاضرتها الأولى والتي تبدأ من الساعة السابعة صباحا"

كان (محراب) يحرك رأسه باتزان جامد ، ولم ينتبه احد للنظرات الحادة والتي كانت موجهة من (شادي) نحوها وقد عرف الآن ما لسبب والذي جعلها تخرج بذلك الوقت المبكر جدا خارج منزلها ؟ ونفسها من رآها بليلة امس بالمطبخ وقد عرف الآن كل شيء يخصها فدراستها بالجامعة تعني بأنها لم تتجاوز عمر الشباب بعد وقد تكون ما تزال ببداية العشرين للآن وهذا يعني بأن فورة المراهقة المجنونة هي ما تحركها الآن نحوه ، وليس هناك تفسير آخر على تصرفاتها الغريبة معه بأول مقابلة بينهما .

عاد (محراب) للكلام وهو يقول بصوت جهوري مبتسم بوقار
"اخبريني القليل عن حياتكما وما هي مجال دراستكما ومن الذي كان يتكفل بكل مصاريف تعليمكما آنذاك ، فهذه التفاصيل تهمني كثيرا معرفتها عن حياة بنات شقيقتي مايرين"

تنهدت (روميساء) باهتزاز ما ان اجتاحتها ذكريات الماضي وهو يتكلم عن عدم معرفته بطريقة حياتهما ببساطة وكأنه ليس نفسه من نبذهما منذ سنوات ولم يعد احد يعترف بهما ليتقبلا عندها بأقل احتياجات الحياة والتي تؤمن لهما الاستمرار بالعيش بأمان وتحت سقف منزل على من في مثل سنهما ، شددت بعدها بقبضتيها على مائدة الطعام وهي تتمتم بدون اي تعبير بعد ان حل السكون بكل انحاء القاعة
"لقد كان عمي قيس هو من يهتم بمصاريف تعليمنا بجانب عملي الدائم بمحل بقالة قريب من منزلنا ، وهو من اختار مجال دراستي بمهنة التعليم وتكفل بمصاريف الجامعة كاملة ، بينما ماسة هي من اختارت مجال دراستها بنفسها بما انها قد حصلت على منحة من وزير التعليم بسبب تفوقها الاكاديمي بالمدرسة تؤمن مصاريف تعليمها كاملة وهي الآن تدرس بمجال الهندسة الاقتصادية"

تنفست بعدها بارتجاف ما ان انتهت من كلماتها والتي قالتها بكل برودة تملكها بقلبها وكأنها تقص عليهم قصص من وقائع حياة الناس وليس عن حياتها ، ساد جو من الهدوء القاتم والذي حل على كل ساكني المنزل للحظات قبل ان تقطعه (روميساء) وهي تتابع كلامها ببساطة ناظرة لكل الوجوه الواجمة بابتسامة متسعة
"وايضا نسيت ان اخبركم بأنني اعمل بمدرسة الزهور الابتدائية وقد تأخرتُ على عملي بالفعل ، لذا عذرا منكم عليّ الذهاب الآن"

نهضت (روميساء) بسرعة من على الكرسي امام نظراتهم المصدومة قبل ان تنسحب بعيدا عنهم لخارج قاعة الطعام بصمت وبدون ان تلمس طبقها حتى او ان تتناول شيئاً من الأطعمة المنوعة والموزعة بترتيب على مائدة الطعام ، لتخلف من بعدها سكون تام وكل واحد منهم قد عاد لتناول الطعام من على المائدة بصمت وكأن شيء لم يكن ، بينما كانت نظرات (محراب) القوية عالقة بمكان اختفاءها وهو يحرك رأسه بتفكير عميق شارد فيبدو بأن بنات شقيقته ما يزالون يحملون بقلوبهم الضغينة لكل من حولهم ومن يربط بهما قرابة تخلى عنهما يوما ما .

______________________________
"لم يعد هناك اي وظائف شاغلة لكِ ، فأنا لا اتشرف بعملكِ هنا بعد الآن ، فأهم شيء عندنا بهذا المكان هي سمعة المدرسة والتي ستبقى دائما نظيفة بعيدا عن امثالكم"

كان يصرخ بحدة وفظاظة وهو يجلس امام المكتب ناظرا امامه بعبوس متجهم ، بينما كانت (روميساء) تخفض رأسها بخزي وإحراج وهي تتلقى ما كانت تتوقعه وتخشاه وعملها الطويل بهذه المدرسة لم يشفع لها ليطير مع مهب الريح وكأن كل شيء قد اصبح ينقلب ضدها بعد دخول (قيس) للسجن ، رفعت بعدها كفها بارتجاف لتعيد الخصلات السوداء بعيدا عن جانبيّ وجهها قبل ان تهمس بوجوم خافت
"ولكني قد اخبرتك يا سيدي المدير بأنه لا علاقة لي بما فعله زوج والدتي قيس ، لتتهمني انا بأفعاله بدون اي وجه حق ، ولا شيء يربطني به سوى سقف المنزل والذي كنتُ اعيش فيه معه"

ضرب المدير على سطح المكتب بكفه بصلابة وهو يتمتم ببرود جليدي
"بغض النظر فهو يكون والدك الروحي وزوج والدتك والذي تربيتِ معه تحت سقف منزله واي شيء يمسه ويفعله سيمسكِ انتِ ايضا ، ولا اعلم حتى الآن ما لذي سيخرج من عائلة غريبة الأطوار مثلكم تدور من حولها الشبهات دائما والتي تربت على اكل مال الغير والعمل على مخالفة القانون"

ابتلعت ريقها بتصلب وهي تنظر بعيدا عنه بشرود وكلماته تخترق سمعها بألم من كلام اعتادت على سماعه من كل من تصادفهم وتقابلهم بحياتها وكله بسبب ماضي والدتها وزوجها والذين لطخوا سمعتهما لتكون وصمة عار تلاحقهما طيلة العمر ، وحتى عملها هنا كان دائما مرهون بالفشل ولولا الواسطة والتي حصلت عليها من اصدقاء (قيس) والذين لا يقف امامهم حائل لما كانت استطاعت ان تتوظف بهذه المدرسة المحترمة والعريقة .

عادت بنظراتها الخضراء الشاحبة بجمود نحو المدير وهي تقول بابتسامة هادئة
"وماذا عن سنوات عملي المتواصلة بهذه المدرسة ، منذ خمس سنوات وانا اقدم لكم كل ما املكه من خبرة وجهد والتزام بدون ان يصدر مني اي خطأ يسيء لسمعتكم ولسمعة مدرستكم ، أهكذا تكافئني على تعب السنين والتي بذلتها بالرفع من مكانة مدرستكم لتبقى بالقمة دائما"

امتقعت ملامح المدير وهو يقول بصرامة حادة
"كل هذه الإنجازات والتي فعلتها للمدرسة لن تنفعكِ بشيء عندما يتعلق الأمر بسمعة الموظفات هنا وخلفية كل واحدة منهما واقصد بكلامي طريقة حياتهما ومكان معيشتهما وسمعة عائلاتهما ومن هذا القبيل ، ومثل هذه الأمور تؤثر كثيرا ليس على سمعة المعلمة فقط بل على سمعة المدرسة بأكملها ، وليكن بعلمكِ فقط بأن توظيفكِ بهذه المدرسة كان خطأً كبيرا مني ولا يغتفر مع سمعة عائلتكِ وخلفية مكان سكنكِ والذي لا يسر مخلوق ابدا"

زمت شفتيها بحزن قبل ان تهمس بوجل
"ولكن يا سيدي المدير انا لا استطيع خسارة هذه الوظيفة..."

قاطعها المدير بحزم وهو يصرخ بنفاذ صبر
"روميساء الفاروق لقد انتهت مهلة عملكِ معنا هنا ولم يعد يلزمنا شيء من خدماتكِ والتي قدمتها لمدرستنا لفترة طويلة ، لذا من فضلكِ اخرجي من هنا من غير مطرود"

شددت (روميساء) من القبض على كفيها بجانبيّ جسدها بقهر وهي تشعر بظلم غير مبرر موجه نحوها من كل صوب ومنذ سنوات طويلة ، لتخفض بعدها عينيها الشاحبة بعيدا عنه بخذلان قبل ان تسير بتثاقل باتجاه باب المكتب وما ان امسكت بمقبضه حتى قالت بخفوت لا يكاد يسمع
"وداعا سيدي المدير وشكرا لك على كل شيء قدمته مدرستكم لي ، فقد تشرفتُ كثيرا بالعمل معكم"

غادرت بعدها لخارج غرفة المكتب بدون ان تضيف كلمة أخرى قبل ان تستند بظهرها على سطح الباب من خلفها وهي تشعر بخنوع ورخاء تام احتل كل اطراف جسدها بعد ان خسرت النور الوحيد والمتبقي لهما بحياتهما المظلمة ، رفعت بعدها نظراتها الجامدة للأعلى وهي تتنفس بنشيج واضح وكفيها ما يزالان مقبوضين بقوة حتى ابيضت مفاصل اصابعهما .

اغمضت عينيها بقوة وهي تستغفر ربها بخفوت ليلهمها الصبر لما هي مقدمة عليه الآن بعد ان خسرت بارقة املهما الأخيرة للحياة الهانئة والتي حلما بها كثيرا ، استقامت بعدها بسرعة بعيدا عن الباب وهي تمسح عينيها بكفها برفق حتى احمرتا بشدة بإنهاك ، لتسير عندها بخطوات حاولت جعلها متوازنة وهي تنظر لموقع قدميها بلا مبالاة ونظرات كل من تمر بهم تلاحقها بغموض وهي تشدد من القبض على حزام حقيبتها بضعف شديد يداهمها لأول مرة بعد سنوات طويلة من الكفاح بالعمل وبالدراسة من جهة وبالاهتمام بالمنزل مع شقيقتها من جهة أخرى حتى اصبحت حياتها بأكملها مكرسة فقط للجميع دون سواها .

كانت تسير بساحة المدرسة باتجاه باب الخروج بخطوات متمهلة قبل ان تتوقف فجأة ما ان سمعت الهتاف باسمها من الخلف ، لتستدير بعدها بسرعة للخلف وهي تنظر بصدمة للطفلتين واللتين كانتا تجريان نحوها بأقصى سرعة وزيهما المدرسي يتطاير من حول ساقيهما بحرية ، وما ان وقفتا امامها حتى قالت احداهما بحزن طفولي
"هل حقا ستغادرين المدرسة يا معلمة روميساء"

ابتلعت (روميساء) ريقها بتشنج وهي تنظر للطالبتين المميزتين عندها بالفصل والمقربتين منها من بين جميع الطلاب بل جميع كل من بالمدرسة طلابها المفضلين وابناءها والذين وجدت بهم وحدتها وطفولتها الضائعة ، تصلبت شفتيها بدون ان تنطق بأي كلمة وهي تحرك رأسها بالإيجاب بوجوم وحزن يقارب حزن الطفلتين ، لتقول بعدها الطفلة الأخرى برجاء وهي تمسك بكفها بقوة
"لا ارجوكِ يا معلمة روميساء لا تتركينا الآن ، ونحن نعدكِ بأننا من الآن وصاعدا سنكون اكثر تهذيبا ولن نسبب لكِ المشاكل بالفصل"

حركت الطفلة بجانبها رأسها بلهفة وهي تضم قبضتيها الصغيرتين قائلة بتوسل طفولي
"اجل يا معلمة روميساء لا تتركي المدرسة وكل من فيها ، فنحن نحبكِ كثيرا وجميع من بالفصل يحبكِ ايضا"

ابتسمت بضعف وهي تحاول الحفاظ على ثباتها امام الطفلتين ورجائهما يخترق هشاشة مقاومتها وقلبها والذي تعلق بأصحاب هذا المكان اكثر من الوظيفة نفسها بعد ان اصبحت جزء من عالمهم واصبحوا يمثلون لها راحتها المؤقتة ، عضت بعدها على طرف شفتيها بقهر المظلوم من خسارتها الفادحة واكثر من أي خسارة سابقة وهي تفقد كل حياتها المريحة والذي يمثلها لها هذا المكان بغمضة عين .

عادت بنظرها للطفلتين بحزن قبل ان تنحني على ساقيها لتصل لمستواهما لترفع عندها ذراعيها معا وهي تعانق اكتافهما الصغيرة بكل حنية تملكها لهذا المكان ، لتبعد بعدها ذراعيها بسرعة عنهما قبل ان تنحدر اكثر مع عواطفها المنهارة لتقول عندها بابتسامة حاولت جعلها لطيفة رغم الألم المحفور بداخلها
"لا داعي لكل هذا القلق فأنتما ليسا لكما علاقة بمغادرتي للمدرسة ، فقد انتهت وظيفتي بهذا المكان وقد حان الوقت لأغادر بعيدا وابحث عن حياة اخرى تتقبل وجودي بها ، لهذا اريد منكما ان تعداني بأنكما ستبقيان دائما كما اعرفكما وحتى لو ابتعدتُ لآخر العالم فأنا من المستحيل ان انسى طلابي المجتهدين والمميزين بكل شيء لأني من ربيتهم وعلمتهم كل شيء اعرفه بنفسي"

عبست الملامح الصغيرة للطفلتين قبل ان يحركوا رؤوسهما بحزن لمع بحدقتيهما الصغيرتين ، بينما كانت (روميساء) تربت على رؤوسهم بكفيها بحنية وهي تحاول الابتسام بسعادة بقدر ما تستطيع امامهما ، لتستقيم بعدها بوقوفها بعيدا عنهما بدون ان تفقد ابتسامتها وهي تهمس لهما بحزم مزيف
"هيا الآن اذهبا لفصلكما قبل ان تعاقبا ، واياكما والخروج بوقت الحصة مرة أخرى كما فعلتما الآن وألا غضبتُ منكما بشدة"

تحركت الطفلتين بسرعة بعيدا عنها باتجاه نفس الطريق والتي جاءوا منها وهم يلوحون لها بأيديهم الصغيرة بمرح عاد للتوهج بملامحهما ، لتختفي بعدها ابتسامتها ما ان اختفوا عن نظرها تماما ككل شيء جميل بحياتها لتشيع عندها بنظراتها الأخيرة لبناء المدرسة الحديثة والتي ستشتاق لمرآها كثيرا بعد ان اصبحت منزلها الثاني منذ خمس سنوات .

استدارت بعيدا عن البناء لتتابع سيرها لخارج البوابة بخطى سريعة وهي تفكر بالخطوة القادمة والتي عليها فعلها وتتضمن العمل بمكان آخر يتقبل خلفيتها المشوهة ، وما ان سارت على الطريق المقابل للمدرسة حتى رفعت كفها بسرعة وهي تلوح لأي سيارة أجرة تخرجها من هذا المكان والذي يحمل لها كل ذكرى جميلة ستبقى محفورة بقلبها اليتيم للأبد .

يتبع..............

على هذا الرابط

https://www.rewity.com/forum/t481045-2.html



التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 27-02-21 الساعة 08:31 PM
روز علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس