عرض مشاركة واحدة
قديم 01-03-21, 06:11 PM   #22

Mamdouh El Sayed

كاتب في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية Mamdouh El Sayed

? العضوٌ??? » 461172
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 374
?  نُقآطِيْ » Mamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond repute
افتراضي ما بعد البداية - الفصل التاسع

الفصل التاسع (الصدمة ومواجهة الواقع)

دخل عبد القادر حجرته .. نظر الى اجلال التى كانت تحاول ارضاع مولودها الذى لم يتعود بعد على التقام صدرها .. نظرت اليه اجلال فلاحظت تغير وجهه .. فبادرت تسأله : مالك يا حبيبى .. وشك متغير .. فيه حاجة حصلت ..؟
عبد القادر : لا يا حبيبتى .. متشغليش بالك .. امور تافهة ..
اجلال : انت قابلت ادهم ابن عمتك ..؟ خالتى قالتلى انه جه وكان قاعد مع ماما فايزة ..
عبد القادر وهو يمسح وجهه بكلتا يديه : حبيبتى .. أنا مش قادر اتكلم دلوقتى فى اى حاجة تخص البنى آدم ده .. سكت للحظة ثم قال بابتسامة وهو يقترب منها ومن كريم : يا ريت نغير الموضوع ده .. خلينا نستمتع ونركز مع حبيبى كريم شوية ..

ابتسمت اجلال وهى تنظر الى كريم الذى قد غط فى نوم عميق ملتقما صدرها وكفه الأيسر الذى تكبر يد القطة بقليل يقبع كقبضة بين انفه وخده الوردى وهى تقول : عندك حق .. مش لازم نفكر فى حاجة غير كريم وآية .. دول أهم حاجة فى حياتنا وأمانة ربنا لينا اللى حنتسأل عليها .. تعالى يا حبيبى خده من ايدى ونيمه فى سريره ..

تحرك عبد القادر نحوها وحمل طفله فى حنان بالغ وهو يقربه من وجهه يقبله ويعاود شمه ثم وضعه بلطف فى سريره .. ظل لدقيقتين يتأمله وهو نائم فى سكون كالملائكة .. وكل لحظة تمر عليه يشعر بارتباط اكثر به .. وخوف عليه أكثر وأكثر..
ثم تحرك ببطئ .. جلس على السرير معطيا ظهره الى اجلال .. فرك وجهه بكفيه ثم وضعهما فوق ركبتيه مطأطأ رأسه الى الأرض .. تدور برأسه العديد من الأفكار والتساؤلات ..
تركته للحظات ساكنا .. ولما طال صمته على هذا الوضع سألته : مالك يا حبيبى ..؟ شكلك مهموم .. ايه اللى مضايقك بالشكل ده ..؟
رد عبد القادر وهو مازال على وضعه : لا يا حبيبتى مش مضايقولا حاجة .. أنا يمكن بس مرهق حبتين ..
اجلال وهى تقترب منه وتحاوط وسطه بذراعيها وهى مازالت فوق السرير : من امتى بتخبى عنى اللى تاعبك أو مضايقك ..؟
عبد القادر وهو يلتف اليها بوسطه .. يميل عليه ويأخذ رأسها بين صدرة وهو يضع قبلة حنونة فوق رأسها : حبيبتى .. أنا مش عايز اشغلك .. الموضوع بسيط ..
اجلال : ولو قلت لك انى مش حستريح طول ما انت مخبى على حاجة .. !!
صمت عبد القادر قليلا ثم اردف : كريم .. كريم وآية يا اجلال .. خايف عليهم أوى .. وعليكى انتى كمان يا حبيبتى ..
اجلال وقد تركت حضنه بهدوء ونظرت فى عينيه تتساءل : حبيبى .. مالهم الولاد .. و خايف عليهم من ايه ..؟!!
عبد القادر بتردد : من اى حاجة .. وكل حاجة يا اجلال ..
اجلال : حبيبى .. انت مؤمن .. ومش حيصيبنا الا اللى ربنا كاتبهولنا .. وان شاء الله يكون كله خير .. ربنا يحفظنا من كل سوء ..

تعلم اجلال ان مصدر قلق زوجها هو بالتأكيد أدهم ابن عمته .. تعلم أنه يخشى المشاكل التى قد يسببها له ولاسرته .. خصوصا بعد ان علمت من هو أدهم .. وما هو تاريخه مع هذه العائلة .. تعلم ايضا أن المدمن .. أى مدمن .. سواء كان مدمنا للمخدرات أو القمار عندما يفقد قدرته على ممارسة أو تعاطيه ما يدمنه فهو بمثابة قنبلة موقوتة .. يمكن أن تنفجر فيمن حولها فى أى وقت .. وتصرفاته دائما غير محسوبة .. ولا تحمد عقباها .. لذا كانت تريد أن تطمئن من عبد القادر عن سبب اقتراب ادهم منهم فى هذا الوقت بالتحديد .. وما هى ظروفه الحالية .. وهل طلب منه المساعدة .. وما هو رد فعل زوجها حيال هذا الأمر .. فقالت بهدوء .. الا صحيح يا حبيبى .. ايه اخبار ادهم ابن عمتك ..؟

توقع عبد القادر هذا السؤال منها فتنهد وهو يخلع جاكت بدلته واجابها : أدهم حيفضل طول عمره حيفضل ادهم .. زى ما هو .. عمره ما حيتغير .. ولا حتنتهى مشاكله ..

أخذ عبد القادر يحكى لها ما دار بيه وبين أدهم من جهة .. وبينه وبين امه من جهة أخرى .. وأن أمه قد نصحته ان يساعده .. حتى يتجنب شروره ويأمن جانبه ..
ردت عليه اجلال : اسمعنى يا عبد القادر كويس .. أنا صحيح يمكن اصغر منك .. وبالتأكيد كمان معنديش خبرتك فى الحياة .. بس أنا بالرغم من صغر سنى الا انى شوفت كتير فى الدنيا .. واللى شبهى زى ما هو عايش دلوقتى فى مستوى عالى .. عاش معظم سنين عمره فى بيئة اتعلم منها الكتير والكتير أوى كمان .. سواء كان على مستوى البيت أو مستوى الشغل ..
قاطعها عبد القادر : مش فاهم .. تقصدى ايه بالمقدمة الطويلة دى ..
اجلال : أقصد أن طنط فايزة عندها حق .. انت لازم تساعده وتأمن شره لأنه معندوش حاجة يخسرها .. والبنى آدم اللى معنوش أى حاجة يخسرها .. مبيهمهوش اى حاجة .. وممكن يعمل أى حاجة بدون حساب للنتايج .. وأنا عن نفسى شوفت النوعية دى .. شوفت جوز خالتى .. راجل مدمن للمخدرات .. وشوفت تصرفاته لما مكنش بيلاقى الهباب اللى بيطعاطاه .. حتى المرضى فى المستشفيات اللى اشتغلت فيها .. شوفت تصرفاتهم لما كانوا بيوصلوا لمرحلة اليأس من الألم .. كانوا بيعملوا أى حاجة فى اللى قدامهم أو حتى فى انفسهم .. علشان كده لازم تساعده يا عبد القادر .. أولا .. لانه قريبك ويعتبر أخوك اللى اتربى معاك .. ومن ناحية تانية علشان نتقى شره ..
كان عبد القادر يسمعها ويثمن كل كلمة تقولها .. يعلم انها على حق هى وامه .. لذا رد عليها بنفس رده على أمه : ربنا يقدم اللى فيه الخير ..

فى صباح التالى ذهب عبد القادر الى المشفى .. كان لا يزال يفكر فيما سيفعله مع أدهم .. وكان قد استقر على ان يساعده بمبلغ شهرى يعينه على المعيشة وفى نفس الوقت يشاركه فى فتح شركة باسمه بشروط يضمن من خلالها ان لا يبدد أدهم أصول الشركة أو أرباحها .. ففكر أن تكون الشركة باسم عبد القادر .. وأن يعين له مدير مالى من ناحيته .. على أن تؤل لأدهم نسبة من أسهم الشركة بعد تحقيق نسبة ارباح معينة ..

طلب عبد القادر أدهم تليفونيا أكثر من مرة ولكن تليفونه كان دائما خارج الخدمة .. لذا بعد عدة محاولات ارسل أحد السعاه الى بيته لعله يكون نائما .. ولكن عاد اليه الساعى بعد الساعة يخبره ان لا أحد بالشقة ..

انتهى اليوم ولم يستطع عبد القادر الوصول الى أدهم .. فحاول فى الأيام التالية ولكنه أيضا لم يعثر عليه حتى انه قد مر أكثر من عشرة أيام لم يظهر لأدهم فيها أى اثر .. مما أثار ريبة وقلق عبد القادر واسرته .. وتملك عبد القادر الشك فى ان ادهم اما قد أصابه مكروه .. أو أنه يخطط لشيء قد يؤذى به عبد القادر أو أى من أفراد اسرته ..

بعد مرور أسبوعين من محاولة الوصول الى أدهم .. لم يجد عبد القادر بدا من ان يتكلم مع نادر صديقه ومحاميه ويحكى له عن امر ادهم وفيما يفكر تجاهه .. ثم طلب نصيحته .. فأشار عليه نادر بانه لا بد أولا من ابلاغ الشرطة عن اختفائه .. حتى يتمكن بعد ذلك من تقرير ما يجب عليه فعله ......

انهى عبد القادر مكالمته مع نادر وجلس فى مكتبه يفكر فى أدهم وما قد يكون حل به .. كان فى قرارة نفسه يلومها كثيرا على تصرفه معه فى آخر لقاء بينهما.. كيف لم يوافق على طلبه آنذاك وساعده.. بل وخاطبه بلهجة سخيفة .. فكر فى ان ربما ادهم قد يكون اصابه مكروه .. غضب من نفسه عندما شعر أن مال الدنيا لا يساوى أن تفقد انسان عزيز عليك .. وانه لو عاد سالما سوف يلبى له كل ما يطلب وأكثر .. شعر أن وجود قريب له مثل أدهم .. تربى معه وشاركه فى كثير من الأحداث أهم عنده من بعض المال الذى يساعده به .. شعر أن رأى أمه وزوجته هو الصائب .. شعر أن حديث الرسول الذى ذكرته به أمه هو حديث معجز فى معاملة الأقارب والآخرين .. حتى وان كانوا سفهاء ..

---------------------------------

خلال حفل خطوبة سارة وأمير .. وبعد أن رجعت المياه الى مجاريها بين أيمن ورغد .. اقترب أيمن من أشرف وأخبره بأن الأمور بينه وبين رغد قد عادت الى سابق عهدها .. وانهما قد اتفقا على ان يتقدم أيمن لخطبتها .. وطلب منه أن يفاتح والدها فى الأمر ويحدد له ميعادا يذهب فيه هو ووالده لطلب يد رغد ..

تكلم أشرف مع رنيم التى بدورها تكلمت مع والدتها وابيها بخصوص رغبة أيمن فى التقدم لرغد .. وتم تحديد موعد لزيارة أيمن ووالده لطلب يد رغد لأيمن ..

سارت الأمور بسلاسة .. وكانت رغد فى ذلك اليوم فى قمة سعادتها هى وأيمن .. فقد اقترب حلم ارتباطهما .. وقريبا ستصبح زوجته ..

لم يستغرق الأمر طويلا .. فقد تعرف أحمد وعلياء والدا رغد على ايمن وابيه .. ولم يأخذ أحمد وقتا طويلا فى السؤال عن أيمن واخلاقه .. فقد اكتفى بكونه صديق صهره أشرف .. وبالفعل تمت الخطبة فى غضون اسابيع قليلة فى حفل عائلى بسيط بأحد المطاعم الكبيرة واقتصر الحضور على عائلة ايمن وهو والده فقط .. فأمه لا تزال تقيم بالخارج مع اسرتها ولم يحضر طفلا الشيخ عبد الله كما اتفقت رغد مع أيمن حتى لا يثيرا تساؤلات والديها عن الطفلين .. كما حضرت اسرة خالد بدعوة خاصة من احمد وعلياء .. وحضرت سارة التى اصرت رغد على دعوتها حتى تزيل ما بداخلها من مخاوف تجاه حب أمير القديم لها ..

مر الحفل بسلام ولم يحدث ما يعكر صفوه .. ولم يكد يمر شهرين وعدة ايام حتى تم تحديد موعد الزفاف .. فقد كان أيمن فى عجالة على ان يضمه ورغد بيت واحد ..

قضت رغد وأيمن شهر عسل فى ربوع لبنان واليونان وتركيا .. واختتما هذه الرحلة الرائعة بعمرة فى مكة وزيارة للمدينة .. كان هذا الشهر لها ولأيمن بمثابة حلم ومكافأة من الله لهما .. فقد عادت رغد من العمرة ترتدى النقاب .. شعرت برغبة شديدة لارتدائه .. بعد ان قابلت بعضا من النساء والفتيات فى الحرم النبوى الذى قضيا فيه خمسة أيام قبل العودة لمصر .. وقد تحدثت معهم فى أمر الحجاب واقتنعت بشدة بارتداء النقاب .. وقبل ذلك شعرت فى اعماقها برغبة شديدة لارتدائه .. ولكن بالرغم من سعادة أيمن بقرارها ورغبتها الا انه حاول ان يثنيها عن قرارها مخافة ان يكون اقتناعها به لمجرد الظروف المحيطة بها والجو الروحانى فى مكة والمدينة .. وان شعورها هذا سوف يتغير مع الوقت وسوف تشعر ان النقاب سيكون عبئا عليها .. خصوصا انها سوف تقابل رفضا من المجتمع له .. لكن رغد أصرت وأكدت له انها مقتنعة بما تفعل ..

عادا الى مصر وكان فى استقبالهم أشرف ورنيم التى كانت فى شهرها الأخير من الحمل .. وقد تفاجأت رنيم بأمر حجاب .. بل نقاب رغد .. وبالرغم من سعادتها بقرار الحجاب الا انها كانت تنكر قرارها بالنقاب .. فرنيم ممن يؤيد الحجاب .. ولكنها لا تقتنع بكون النقاب فرضا أو حتى فضلا .. كانت تراه مبالغة وتشددا فى التدين ..

أما أيمن فقد قرر هو الآخر اطلاق لحيته تأسيا بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم ..
نظرا أشرف ورنيم لهما وقد عادا من شهر العسل بصورة مفاجأة للجميع .. خرجا اثنين عاديين كأى فردين .. وعادا فى نظر الجميع شخصين متشددين .. يخاف الجميع من افكارهما وردود افعالهما .. لمجرد أن تغير ملبسهما ..

فى الاسابيع القليلة المقبلة أصبح أيمن وزوجته رغد حديث من حولهم .. الجميع يتكلم عنهما وعن توجههم الجديد وتشددهم فى الدين وأمور الدنيا .. وصار الجميع من يعرفهم ومن لا يعرفهم يتعامل معهم بحرص وريبة .. فالكثير ممن حولهم يهابهم ويخشاهم والبعض يبغضهم ويضايقهم عن عمد .. خصوصا هى التى كثيرا ما كانت تتعرض للنقد والمضايقات والهمز واللمز وفى بعض الأحيان للسب والشتائم .. والقليل كان يحترمهم ويثنى عليهم ..

كانت الضغوط على رغد وأيمن من كل صوب واتجاه .. فى الجامعة .. حيث كانت رغد فى السنة الأخيرة .. وفى السكن والحى الذى يسكنون به .. حتى من قبل والدا رغد اللذان رفضا نقابها بشدة .. ويعترونه نوع من التشدد فى الدين ..

وأيضا فى العمل بالنسبة لأيمن .. فبالرغم من أن أيمن كان يعمل مع والده ويعتبر صاحب العمل .. الا ان الموظفون قد تغيرت طريقتهم معه لمجرد انه قد اطلق لحيته وأصبح أكثر التزاما فى أمور عبادته وأمور دينه .. فقد توقف تماما عن مصافحنة النساء والفتيات .. أصبح يحافظ على الصلاة فى وقتها فى جماعة .. أصبح لا يخوض فى الأحاديث عن الغير ..

لم يتغير أيمن وزوجته كشخصين .. لكن المجتمع من حولهم تغير .. بل وتغير تغيير جذرى بالنسبة لهم .. لمجرد أن تغير مظهرهم وبعض السلوك الى الأحسن ..

فى اول يوم لرغد بالجامعة بعد عودتها من العمرة .. استيقظت فى هذا اليوم وهى فى قمة السعادة لانها سوف تذهب الى الجامعة بنقابها لتفاجأ الجميع به .. وكأنها نسيت تماما ما تعانيه المنقبات من ردود فعل الجميع .. وخاصة مجتمع الجامعة .. كانت فرحتها به وبالهداية التى القاها الله فى قلبها أكبر من أن تتذكر مثل هذه الأمور .. لكنها بدون ان تدرى قد بدأت معاناتها الفعلية .. ركبت مع أيمن فى الصباح وهو فى طريقه الى عمله .. دلفت الى باب الجامعة .. فكانت أول المعاناة .. ابرزت بطاقة هويتها الجامعية للحرس على باب الجامعة الذين تغيرت معاملتهم معها لمجرد انها اصبحت غير مكشوفة الوجه لهم .. فطلب منها الذهاب مع احدى حراس الجامعة النساء للكشف عن وجهها .. والتفتيش الذاتى .. وقد كانت من قبل تدخل الى الجامعة حتى دون ابراز هويتها الجامعية .. علاوة على التعليقات السخيفة التى كانت تصل الى اذنيها من اللحظة التى غادرت فيها سيارة زوجها حتى باب الجامعة .. والتى وقتها علمت جيدا كيف تعانى مثيلاتها من هذا الأمر .. وربما كانت هى واحدة ممن كان ينتقد من قبل .. وأحيانا كانت تعلق بينها وبين زملائها من قد اصبحت واحدة منهن ..

بعد انتهاء معاناتها مع حرس الجامعة والذى أصبح بعد ذلك شبه روتين يومى عليها اجتيازه وتحمله من وقت لآخر .. دلفت رغد الى حرم الجامعة تبحث بعينيها عن صديقاتها لمفاجآتهم برغد بثوبها الجديد .. فاقتربت من مجموعة اصداقائها الذين كانوا مجتمعين كالعادة فى ركن من اركان حرم الجامعة على أمل ان يهونوا عليها ما مرت به فى الصباح من مضايقات حرس الجامعة ..
رغد : السلام عليكم ..

نظرت المجموعة اليها فى تعجب .. فتلك أول مرة يقترب منهم احدى المنتقبات وتلقى على المجموعة السلام .. فمنهم من رد السلام بفتور .. ومنهم من لم يرد ..
رغد بخيبة أمل : ايه يا بنات .. انتم مش عارفينى .. ؟!!

ردت احدى صديقاتها متعجبة بشدة بعد أن نظرت فى عينيها وخمنت صوتها المميز : لا .. مشش معقول .. رغد .. وقبل ان تقول لها حمد الله على سلامتك أو زواج مبارك قالت بدهشة مبالغ فيها : انتى ايه اللى هببتيه فى نفسك ده ..؟ !!

آلمت الجملة ورد فعل صديقتها رغد بشدة .. ولكنها حاولت جاهدة استيعاب صدى المفاجأة على زميلاتها .. فقالت بتفاؤل : الحمد لله .. ايه رأيكم فى المفاجأة الحلوة دى .. مش كده أحسن ..
ردت أخرى : أحسن ايه يا بنتى .. انتى بقيتى شبه الغراب ..

جرحت الجملة رغد التى تحجرت الدموع بعينيها .. أطرقت تنظر الى الأرض لا تجد الكلمات التى ترد بها على أى منهم .. خصوصا بعد عدة تعليقات مماثلة من باقى الزملاء . فلاحظت صديقتها المقربة أمل مدى قسوة التعليقات على رغد ومدى تأثرها .. حتى انها كادت ان تبكى بالفعل .. فنهرت البنات من حولها : جرى ايه يا بنات .. كفاية تعليقاتكم السخيفة .. هى حرة فى اللى هى عايزاه .. لو سمحتم كل واحدة تحتفظ برأيها وتعليقاتها لنفسها وكفاية كدة .. ثم ضمت رغد الى صدرها بعد ان شعرت بندى الاحراج الذى انتابها والصدمة التى تلقتها من اصحابها .. ضمتها وهى تقول لها : حمد الله على سلامتك يارغد .. والف مبروك .. على الجواز والنقاب .. وربنا يهدينا جميعا ..
ردت احدى البنات : تقصدى ايه ياست أمل .. هو انتى شيفانا شياطين ادامك ولا ايه ..
ردت أمل باستفزاز : والله أنا بدعى بالهداية لنا جميعا .. ودى حاجة متزعلش حد .. ولا اللى على راسه بطحة ..
ردت الزميلة : لا بقى انتى زوديتها .. وبعدين .. هى يعنى علشان خبت وشها ولبست واسع تبقى احسن مننا .. لا بقى .. معظمهم بيبقوا لابسين كده مغصوبين عليه .. والباقى تصرفاتهم ما يعلم بيها الا ربنا .. يعنى الحكاية مش بالمظاهر ياست أمل .. وياما فيهم بلاوى وبيعملوا ذنوب مبتعملهاش واحدة مش محجبة وبيداروا فى اللى همه لابسينه ..

شعرت رغد بتوتر فى النقاش الذى كاد ينقلب الى خناقة بسببها .. شعرت بشتات فى تفكيرها .. توقف عقلها للحظات تفكر فيما يجب عليها فعله حتى توقف تلك المهزلة التى حلت بها وبصديقاتها فجأة .. فقالت وهى ترتعش : بعد اذنكم .. ثم تركتهم وهى تبكى ومشيت الى حيث حمام النساء وأخذت تبكى بحرقة مما مرت به فى يومها الأول ..

خرجت بعد دقائق بعد ان هدأت قليلا ثم مالبثت ان قررت العودة الى البيت وعدم حضور أى من المحاضرات .. فهى قد كانت فى حالة نفسية سيئة لم تستطع خلالها ان تتحمل ضغطا ممن حولها أكثر مما مرت به فى هذا اليوم ..

آثرت الا تخبر أيمن بما حدث لها اليوم .. فأخذت تاكسى ووصلت الى البيت .. دخلت الى شقتها وبدلت ملابسها ثم جلست قليلا تفكر فيما مرت به اليوم من أحداث لم تتوقعها .. ولم تفكر فيها حين قررت ارتداء النقاب .. لم تتخيل للحظة واحدة أن تمر بمثل ما مرت به الليوم .. وقد بدا لها اليوم أن ما هو قادم أسوء .. لم تعمل له حسابا .. ولكنها فى نفس الوقت كانت لا تزال على موقفها واصرارها ان تستمر فى تنفيذ قرارها .. فهى لن تتراجع وتخلع حجابها .. فهى فى النهاية حريتها ولن تتخلى عنها مهما حصل ..

رغد قد أحبت واقتنعت بما تفعله .. ولكن من الواضح أن المجتمع من حولها أو معظمه رافض لخطوة اتخذتها عن اقتناع .. هى لم تشعر سوى بالقهر والظلم من مجتمع يعيش ازدواجية فكرية وأيضا ازدواجية فى الحكم والمعايير التى يقيس بها الغير .. فذلك المجتمع الذى يعتبر عدم الحجاب حرية شخصية ولا يعترض على من تتعرى .. وفى الغالب لا يمسها بسوء .. بل احيانا يعتبرها قدوة .. هو نفسه ذلك المجتمع الذى يمنع تلك الحقوق عن الكثير من المنقبات والمحجبات .. ناهيك على ان الكثير من الاناث يطلق عليهن محجبات لمجرد تغطية جزء من الرأس .. وهن غير ملتزمات بالمرة بالحجاب الشرعى الذى لا يكشف ولا يفسر شيء من جسد المرأة .. فما بالك وهى كمنقبة تحرص على ان لا يظهر منها شيء بالمرة سوى فتحتى العينين حتى ترى طريقها ..

رغد لم تكن تنكر على اى من النساء قرارها بشأن ملبسها أو مظهرها سواء ان تعرت أو تحجبت .. هى فى قرارة نفسها لم تفكر سوى برغبتها فى تنفيذ ما تعتقده انه أمر من أوامر الله يخصها هى كإمرأة .. مع يقينها بأن طاعتها قد تنجيها من غضب وعذاب الله .. لكنها فى نفس الوقت تؤمن انها بطاعتها ليست أفضل ممن تتعرى .. فقد تكون تلك أفضل عند الله منها بعمل يدخلها الجنة فى مرتبة أعلى منها .. فلا يعلم أحد مصير غيره .. الله وحده الذى يعلم مصائر جميع البشر .. والله هو الأعلم بالخواتم ..

شعرت رغد بالظلم والقهر من المجتمع بسبب رد فعل المجتمع نحوها .. فهى لم تخطأ عندما شعرت بحب الله يمس قلبها .. فأرادت المزيد من هذا الحب ونعيم رضاه .. حاولت التقرب الى الله بكل وسيلة ترضيه ..

وبينما كانت رغد غارقة فى تفكيرها وحزنها .. رن جرس تليفونها .. كانت رنيم هى تتصل بها .. كانت رنيم تريد أن تطمئن عليها .. وقد كانت دخلت من قبل فى مناقشة معها عما سوف تلاقيه ممن حولها بسبب اقدامها على خطوة النقاب المفاجأة للجميع .. وحذرتها انها سوف تلاقى رفضا يصل الى حد الاهانة ممن حولها .. وأيضا سوف تلاقى استحسان القليل .. وأن عليها ان تتحمل وتثبت على ما أقدمت عليه .. والا فعليها أن تعيد حساباتها من جديد وان تتبع من الدين أوسطه .. كما يقولون .. ولكن رغد كانت على اقتناع شديد بقرارها .. لذا لم تحيد عنه قيد أنملة ..
ردت رغد بصوت حزين : ألو .. ازيك يا رنيم ..
رنيم وقد احست بالحزن فى نبرة رغد : أيو يا رغد .. عاملة ايه يا حبيبتى .. صوتك متغير ..
رغد محاولة ان تكون على طبيعتها : لا أبدا .. أنا كويسة .. اطمنى ..
رنيم : مش حاسة بكده .. وبعدين انتى فين دلوقتى .. ايه السكون اللى حواليكى ده .. مش المفروض انك فى الجامعة دلوقتى ..
رغد : لا .. ما أنا روحت ورجعت .. أنا فى البيت دلوقتى ..
رنيم بتعجب : هو انتى روحتى فى ايه ورجعتى فى ايه .. مش المفروض ان عندك محاضرات لغاية العصر ..؟!!
رغد وقد بدأت فى البكاء : رنيم .. انتى فين دلوقتى .. أنا محتاجة اتكلم معاكى ..
رنيم : حبيبتى .. أنا عند طنط أمينة .. امبارح أصرت اننا نبات عندها علشان مسألة التعب بتاعة الشهر الأخير فى الحمل .. خايفة انى ييجى لى تعب الولادة وأنا لوحدى .... تحبى آجيلك ..
رغد : لا لا .. مش للدرجة دى .. أنا حجيلك .. مهو مش معقول انى مخفش عليكى زى طنط أمينة ..
رنيم : طيب تعالى .. وممكن لو حابة نتكلم لوحدنا نقعد سوا فى اوضة اشرف .. أو حتى ننزل نقعد فى أى كافيتريا من اللى حوالينا .. أو حتى نروح النادى ..
رغد : لا .. بالعكس .. أنا حابة اتكلم كمان مع طنط أمينة .. انتى عارفة اد ايه أنا بستريح فى الكلام معاها .. للأسف مش عارفة اتكلم مع ماما وبابا .. انتى عارفة اد موقفهم من موضوع النقاب .. وعارفة ايه هما رافضيينن من الاساس .. دول من ساعة ما اتنقبت وهما مش طايقيين يتكلموا معايا فى اى موضوع ..
رنيم : معلش يا رغد .. اعذريهم .. هما خايفين عليكى مش اكتر .. عارفين ان معظم المجتمع رافض للنقاب .. ومتصوريين ان المنقبات بيتعاملوا بطريقة مش لطيفة .. وده بسبب الآراء المختلفة وبرامج الميديا اللى كل همها نسبة المشاهدة والاعلانات .. لكن فى النهاية مش بيقدموا رأى واضح وصريح وأقرب للحقيقة فى اى موضوع بيتناولوا مناقشته ..
رغد : عندك حق ..
رنيم : عموما يا حبيبتى متضايقيش نفسك .. كل اللى بيحصل معاكى ده كان متوقع .. أنا مستنياكى .. تعالى وحنتكلم .. وان شاء الله كلام طنط أمينة ورأيها يريحك ..
---------------------


Mamdouh El Sayed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس