عرض مشاركة واحدة
قديم 11-03-21, 08:59 PM   #151

آمال يسري

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية آمال يسري

? العضوٌ??? » 462711
?  التسِجيلٌ » Mar 2020
? مشَارَ?اتْي » 946
?  نُقآطِيْ » آمال يسري is on a distinguished road
افتراضي جئت إلى قلبك لاجئة 💜


الفصل التاسع.
( دائرة مغلقة)
★★★
هدأت أصوات الطبول والموسيقى، وانفض هذا الجمع الذي شاركهم فرحتهم من الجيران المحيطين حول البيت أو حتى من هم بأخر القرية.
تمسكت ندى بيد علي بفرحة عارمة تنظر لبيتها ومملكتها على بعد خطوات منها، تسير جانب علي بخطوات ضاحكة مرتاحة تماما كقلبها وشفتيها الباسمتين، تتأبط ذراع الآخير وبكل خطوة تسيرها تلتفت له تلقي عليه ببسمة فيردها لها بابتسامته التي يخصها بها ونظرة عينيه تعانقها، نظرت أمامها حيث جنتها، تحس كأن كل شيء حولها يشاطرها فرحتها، تحس بدفء المكان قبل أن تدخله.
توقفت خطواتهما أمام باب البيت مباشرة؛ مد علي لها المفتاح هامسا لها قرب أذنها:
« ندى قلبي ها هو مفتاح مملكتك فافتحيه بيدك»
بتمهل مدت يدها تأخذ المفتاح، تشعر بالغبطة، تنظر له بامتنان، ملامح وجهها بشوشة، قبضت على المفتاح بكف يدها كأنها تحتضنه، تنظر للباب كأنها تعانقه بعينيها، هاهي لأول مرة يكن لها بيت ليست ضيفة فيه، نعم عمها لم يجعلها تحس بهذا لكن تبقى هناك ابنة أخيه، ضيفته التي طالت مدة استضافتها، أما اليوم بين يديها مفتاح بيتها، مملكتها التي ستتشاركها مع حبيب العمر.
نظر لها علي ببسمة، يحس بها وتصل حكايا قلبها له بينما يراها تبتسم للمفتاح ثم الباب،وتعود ترفعه أمام عينيها بنشوة لم تداريها، تتسع بسمتها حينما تلتفت لعلي فتلتقي عينيهما كأنهما تتعانقان، مد كفه يحتضن يدها القابضة على المفتاح هامسا قربها بدفء:
« افتحي الباب حبيبة علي وندى قلبه»
رفعت يدها تربت على صدرها، تشعر بكل مشاعر الفرحة تسري في جسدها ثم أدارت المفتاح في الباب، فتنهدت طويلا تشعر وكأن باب الجنة فتح لها!.
في ذات الوقت أمام منزل عمران، وقفت سمر تنظر للمكان شاردة مغيبة كأنها في عالم آخربينما عمران يرمقها بطرف عينه بتمهل دون أن تدري، انتبهت من شرودها على صوت المفتاح يدور في الباب فشعرت بدفء يفتح ذراعيه لها فيما تختفي تلك البرودة التي كانت تحس بها ولا تعلم لذلك سبب!، دقات قلبها استقبلت دفء البيت بعناق غريب واحساس يصل روحها وكأن المكان كان في انتظارها!.
صوت زغرودة عالية خلفهما صاحبها صوت هنية بينما تحمل على رأسها صينية مليئة بالطعام، التفت لها عمران ببسمة فيما تقول بصوت بشوش مثلها:
« عشاء العرسان، ومثله أرسلته إلى علي مع عمك»
ابتعد عمران قليلا عن طريقها بعدما حاول أن يأخذ منها الصينية ورفضت، بخفة قبض على يد سمر التي وكأنها لا ترى ولا تسمع شيء، يشعر برجفتها وبرودتها بين قبضة يده الدافئة قبل أن يبعدها عن طريق هنية لتسبقهم للداخل.
حدقت سمر في يده القابضة على كفها برفق تشعر بأنها تريد أن تسأله؛ لما أنت هكذا حنون يا ابن عمي!!؟، بسمة خفيفة لاحت على شفتيه لم ترها بينما يتابع تعلقها بيديهما، يحس بنبضات قلبه غادرته لكفه تسلم على ابنة عمه ترحب بها في بيتها الذي انتظرها سنين طوال، قلبه يخبط في صدره يريد أن يرحب بصاحبته ويفرش لها من نبضاته طريق لمملكتها .
تقدمت هنية داخل البيت مما جعل عمران ينتبه لشروده في ابنة عمه فترك يدها بخفة، ضيقت سمر حاجبيها فيما ترفع كفها تنظر له حين شعرت بالبرد يحتضنها مرة أخرى!، زفرت بهدوء تنفض غرابة إحساسها فيما ترى عمران يأخذ الصينية يضعها على الطاولة التي توجد بأحد أركان بهو البيت.
وقفت تحدق في الفراغ بينما السيدة البشوشة اقتربت منها تربت على كتفها قائلة بحنو عانق روح سمر قبل أن تشير للطاولة:
« ها هو طعامكما يا سمر، أرز معمر وحمام وحلوى، ولا تنسوا أن تأكلوا»
تخضب وجه سمر بحمرة قانية من مغزى الحديث بينما تطرق بوجهها جعلت هذا الواقف قبالتها متعلقا بها يشتعل قلبه وتلك الحرارة تسري في جسده فهمس داخله يطرق بوجهه بخجل رجولي يليق به:
«لاجئة، لاجئة، تذكر واسمعها على نفسك كثيرا كلما أحسست بمشاعرك تفلت منك يا عمران»
تنحنحت هنية بينما تراهما بخجلهما الفطري الذي يليق بهما قبل تقول في هدوء:
« أستأذن الآن، لا أريد أن أكون عزول»
اتسعت عينا سمر تحدق في الباب الذي أغلقته هنية، تشعر بوجنتيها تشتعلان ولا تعلم لهذا سبب، فهي مع ابن عمها لا جديد، ما الذي يجعلها تخجل!،وعلى ذكر هذا داخلها أطرقت بوجهها تفرك يديها في بعضهما كما لو كانت عروس حقيقية فيما كان هناك قلب أمامها يطرق صدر صاحبه ليطاوعه ويحتضنها.
حدقت سمر في يديها التي تفركهما بتوتر واضح، تشعر بجسدها يرتجف ووجنتيها تزداد توهج حتى أنها تكاد تجزم في تلك اللحظة بأن عمران يرى حمرتيهما التي لم تكن من أدوات التجميل، ابتلعت ريقها تتساءل داخلها ومن أي شيء هذا الاحمرار بوجنتيك يا سمر؟!، زفرت بصوت عالي بينما تقطب حاجبيها قبل أن ترفع عينيها لتتلاقى مع عينين كالصقر كانت تتابعها، لمحت على شفتيه ابتسامة متسلية لم تخطئها، قبضت يدها بقوة تهمس داخلها بينما تشد قامتها وترفع رأسها { أفيقي يا سمر هل ظننتِ بأنكِ عروس!! هل خدعك بهرج الفستان الأبيض، أم أنكِ تناسيتِ بأنكِ جئت له لاجئة، ولن يجمعكما يوما شيء وبأن عمران آخر رجل في هذه الدنيا يريد النظر في وجهك فهو الشاهد على انكسارك!}.
تنهدت بعمق تلمح تعلقه بها وغموض نظرته بينما هو كان غارق في تلك اللحظة متمنيا لو ظلت متلحفة عباءة العروس، كانت بعينيه تبدو فاتنة، مغوية حتى وهي تحاول نفض الخجل عنها كانت أشد إغواء ولو تعلم هذا لما حاولت تغيير شيء من ملامحها، همس داخله بحرارة{ كل شيء يليق بك يا ابنة العم}.
رفعت يدها تمسد عنقها الطويل بتوتر بينما تحاول أن تحيد بعينيها عنه تستشعر بأن حالة الصمت طالت بينهما، ضيقت حاجبيها حينما عادت بنظرها له؛ ترى ملامحه تتبدل وتلك البسمة التي على شفتيه اختفت كأنها لم تكن، تماما كهذا الاحمرار على وجنتيها الذي بدأ بالاختفاء ليحل محله برودة غريبة تجتاحها! وهي تراه يقبض كفيه ويعتصرهما كأنه تذكر شيء!.
تحاشت النظر له بينما تحاول نفض أفكارها عنها فيما تتابع بعينيها رؤية البيت الذي لم تراه قبل!، لم يكن بهذا الاتساع الكبير لكن من النظرة الأولى يتضح للرائي اللمسة الرجولية في كل شيء بالمنزل ورغم ذلك فلا يختلف أحد على تلك الأناقة والترتيب الشديدين اللتين ظهرتا لها من الوهلة الأولى ببهو المنزل، التفتت ناحية يدها اليسرى حيث طاولة طعام يحيط بها أربع كراسي أما على يمينها فقد كانت أريكة وثيرة على طرفيها كرسيين بلونهم الرمادي الغامق وعلى الحائط المجاور لهم والذي كان بذات لونهم ولكن أفتح قليلا كانت مرآة فوق طاولة مستطيلة الشكل مزينة بزخارف بارزة، تحركت بعينيها تتابع الباقي لتجد قبالتها تماما غرفتان متجاورتان!.
«سمر» هتف بها عمران لتنتبه بأنها شردت كثيرا، التفتت له قائلة باقتضاب«نعم»
نظر لها مليا فيما يتحرك من مكانه إلى الأريكة مشيرا إلى الكرسي قبل أن يقول:
«اجلسي هنا»
تأملته للحظة ولم ترد بينما هو أرخى أهدابه قبل أن يخرج من جيب سترته علبة سجائره وبطرف اصبعه دق عليها ليأخذ سيجارة يدسها بين شفتيه بارتباك جلي قبل أن يشعلها بتمهل يحاول الثبات الذي بدا وكأنه يخاصمه بتلك اللحظة، سحب نفسا عميقا زافرا إياه بحرارة وكأن تلك السيجارة جمعت نار جسده وحرارتها في آن واحد.
زفرت سمر بخفوت تراه يخفي خلف نار سيجارته شيء تستشعر بحديث مهم ينتظرها حيث أنامله المطبقة على عقب السيجارة بتوتر ثم يعيدها ليدسها في فمه ويسحب أنفاسا طويلة عميقة ويزفرها بحرارة واضحة، شعرت بغرابة أنها بدأت تفهم شيء بسيط كهذا، يصلها حديثه الصامت!.
زمت شفتيها بينما تمسك بثوبها الكثيف وسارت تجاهه بخطى متثاقلة قبل أن تجلس كما أخبرها!.
جلس عمران على الأريكة يحني جزعه قليلا بينما يستند بذراعيه على ساقيه فيما يدس السيجارة في فمه و يظل محتفظا بها طويلا، ضيقت سمر حاجبيها تكاد تنطق وتخبره كفى سحب أنفاسا من تلك السيجارة لصحتك لكنها تراجعت شاعرة بغرابة لما تفكر، قوست حاجبيها تنهر نفسها هامسة داخلها { ما بالك يا سمر هل جننتِ سيظنك بلهاء، اخرسي}.
«علينا التحدث سمر فنحن في حاجة لوضع أسس لحياتنا»
قالها عمران دون أن يلتفت لسمر التي حدقت فيه بتساؤل بينما هو تابع بجمود مستشعرا بنظرتها التي لاحظها بطرف عينه:
«اعتدت أن أجهز كل شيء في هذا البيت دون وجود أحد، لذا فأنتِ اهتمي بأمورك فقط وأنا كذلك سأفعل!»
قاطعته قائلة «عمران..»
أوقفها بكف يده يشير لها أن تصمت بينما يسحب نفسا من سيجارته ثم قال بهدوء على عكس الحروب الدائرة داخله فيما يلتفت لها:
«سمر، نحن لسنا بزوجين عاديين!، إنه مجرد ورق لتكوني هنا دون أن يكون هناك مانع لذلك!»
صمت لحظة يتأمل انسحاب الدماء من وجهها فكز على أسنانه بقوة بينما يرى الخجل الذي كان يأسره منذ لحظات يتحول لجسد كالثلج يصله كأنه يلمس وجنتيها الآن، بينما يديها تضعهما على ساقيها بعدما كانت تفركهما بتوتر توقفتا كأنهما تجمدتها من شدة البرد، التفت عنها يحاول انتزاع نفسه من تأثره بما يراه واضحا عليها قبل أن يضيف بصوت أحس وكأنه يشق حلقه:
«ستظلين أنتِ سمر الغريبة عني»
أجفلت سمر لكلماته بينما تتأمل جانب وجهه المتشنج بعينيها التي كانتا تهتزا بوضوح ثم قالت بأنفاس متهدجة:
«أنا لست غريبة يا عمران، أنا هي سمر ابنة عمك»
بتوتر ظل يسحب أنفاسا متتابعة من الباقي في سيجارته ثم أطفئها في مطفأة السجائر قبل أن يقول بحدة:
« قلت لكِ قبل ابنة عمي لم تعد هنا...»
ابتلعت ريقها وقالت بتحشرج:
«وما الفرق بيني وبينها!»
وقف من مكانه بعصبية يوليها ظهره، يشعر بأن عليه عدم النظر لها يحس بأنها تسحبه في دوامة، يتمنى عناق لا ينتهي، يضمها ويخبرها لا تخافي ولا تحزني، يؤلمه اهتزاز مقلتيها وارتعاش شفتيها، يحس ببرودة جسدها تعانقه فيرتعش جسده مؤازرة لها لكن عقله يأبى فيشده بعيدا عنها، رفع يده يمسد جبينه المتعرق بينما يزفر بحرارة كالمحموم ثم دس يديه في جيب بنطاله قائلا بصوت حاول لفه بالبرود:
«الفرق تعرفينه جيدا، لا تدعيني أجرحك»
أطبقت على شفتيها تكاد تدميهما ثم وقفت تتحرك لتقف جانبه مباشرة بينما تتأمل جانب وجهه وقالت بخفوت :
«وكيف ستكون حياتنا؟!»
التفت لها ليتقابل وجهيهما قبل أن يقول ببرود:
«كغريبين في قطار، اضطرا أن يتشاركا كرسيين متجاورين و يرتشفا كوبين من القهوة معا رغم علمهما بأنهما سيفترقان في نهاية الطريق!»
صمت يشعر بأنه تعب من الكلام قبل أن يزفر بحرارة فتلفحها أنفاسه الساخنة دون أن ينتبه في خضم توتره الذي يحاول إخفاءه ثم تابع:
«لذا التعامل بيننا في حدود»
أطرقت بوجهها عنه لا تستوعب كلماته، صحيح كانت تعلم بأنهما ليسا زوجين لكن أيضا كانت تعلم بأنهما ليسا غريبين! لو كانا كذلك ما لجأت له!؟ كانت تتمنى أن تخرج تلك الكلمات من بين شفتيها له لكنها لم تفعل بل سألته بجمود:
«سوف تنفصل عني!؟»
ضيق حاجبيه لا يجد لسؤالها جواب، فهو نفسه لم يفكر في الانفصال لكن أيضا لم يفكر في البقاء معها، أخرج يديه من جيبه ومسح على صفحة وجهه يشعر بأن المكان قد ضاق فجأة وإن لم يكن كذلك فما سبب ضيق أنفاسه!، ثم قال:
«دعينا لا نتحدث عن هذا الآن لكل حادث حديث»
«هل ستنفصل عني وتتزوج حبيبتك!؟»
قالتها سمر فيما كانت عينيها يسألانه لما وافقت على طلبي للزواج طالما لا تطيق وجودي قربك هكذا!؟؛ تعاتبه على استقباله لها بتلك البرودة التي أثارت الألم بكل جسدها، هي الغريبة عن كل شيء هنا حتى نفسها كانت ترتجي أمانا وسندا للحظة تجعلها لا تشعر بتزلزل الأرض أسفلها.
شعر بأنفاسه تتوقف ودقات قلبه تخفت، يحدق فيها متأملا ملامحها التي يعشقها، اليوم فقط يتأملها دون ذنب دون خوف لكن تبا لعقله الذي يلقي به في بئر مليء بالألام يكاد يغرق فيه، عادت تردد سؤالها والتي ظنت بأنه لم يسمعها، فأغمض عينيه بقوة يعتصرهما عله لا يحس بعجزه وألمه حينما ينظر لها، يحاول أن يزيح وجعه الذي يسري بجسده وهو يراها قربه بعيدة عنه؛لا يستطيع أن يضمها ويخبرها كم اشتاق لقربها، وبأن قلبه لم تدق نبضاته لسواها، كل هذا أطاحت بها رياح تيهها، فتح عينيه بتمهل يواجه ملامحها المنتظرة لإجابة ؛ يتلاقى مع ألمه وحبه في آن واحد، عجزه وعشقه كأنهما يعاندانه، لا اراديا اقترب منها الخطوة التي تفصلهما وأمسك ذراعيها بقوة ألمتها، اتسعت عيناها بصدمة تحس به يهزها بعنف قائلا بصوت متألم مخنوق:
« لا علاقة لك بحبيبتي، غادرتني كما غادرت ابنة عمي والسبب الوحيد هو أنتِ سمر!».
ثم تركها فجأة كما أمسكها، لترتد جالسة على الكرسي خلفها تحتضن نفسها بذراعيها، أطرقت وجهها تشعر بالألم التي تركته أنامله على ذراعيها، ترتجف كريشة أطاحت بها رياح غاضبة، تحس بالخواء يسري داخلها بينما هو أغمض عينيه بقوة يلوم نفسه لم يفكر أبدا أن يصل بهما الأمر هكذا التفت عنها يخطو تجاه الكرسي المقابل لها يضم رأسه بين كفيه، يختلس النظر لها متأملا إياها، يراها تمسد مكان يديه على ذراعيها فيحس بالنيران تشتعل داخله فتلك الأنامل لم تكن أبدا أمنيتها كذلك بل كانت تهفو للمسة حانية تمررها على وجنتها كاد يصرخ بها لما؟!، فالليلة لم تكن سوى لعناق لكنها كانت له كانهيار، يحس بالجدران تتهدم حوله بل جسده هو ما يتهدم دون أن يحس به أحد!، هي من أوصلته لهنا، رجولته الذبيحة لا تكف عن الوقوف ضدها...وأمام من تقف( حبيبة عمره)
رفع رأسه يمسح على وجهه بعنف قبل أن يهمس بخفوت بينما يراها تغض النظر عنه في محاولة لإنهاء حروبه:
« الغرفة على اليمين غرفة النوم وهي لكِ من الآن والأخرى غرفة مكتب لي».
أشار إلى الأريكة ثم تابع:
«وسوف أنام هنا»
وقبل أن يسمع ردها كان يقوم من مكانه يتوجه ناحية الغرفة بينما يقول:
«سوف آخذ ملابسي من الغرفة فخالتي هنية مؤكد تركت حقيبتي بالغرفة حينما أرسلنا أشيائنا لهنا»
حدقت بظهره تكتم شهقة خافتة كادت تفلت من بين شفتيها، لن تبكي ،لن تصرخ، لن تشكي، هي بنفسها جاءت له لاجئة، فرضت نفسها عليه فلتتحمل، لكنها لم تظن بأن غضب عمران سيكون هكذا!!
وقفت من مكانها تتمسك بجانبي فستانها تسير بتثاقل وتردد تجاه الغرفة التي دخلها عمران، ابتلع ريقه يشعر بها تسير للداخل، يسمع حفيف فستانها يخترق أذنيه، تتوسط غرفة نومه بفستانها الأبيض تماما كما تمنى يوما ما، ألهى نفسه بغلق خزانة ملابسه بمفتاح!.
ما إن توسطت الغرفة وتبادلت النظرات بين عمران الواقف يوليها ظهره حيث الخزانة وبين شيء جعل قلبها يتقهقر مكانه وتبتلع ريقها بخفر!؛ تتسع حدقتيها بذهول حيث بيجامة رجالية حريرية مطوية بعناية على السرير وجانبها تماما قميص أحمر حريري بلونه الناري!؛ يقولا للناظر ها أنا ذا!!، تجمدت مكانها تشعر بلسعات غريبة في جسدها تهمس:
«مؤكد هذا من خالتي هنية!»
ضيقت سمر حاجبيها بعبوس لا تعلم كيف تخرج من هذا الموقف الذي جعل وجنتيها تعودان أكثر اشتعالا وحمرة بل تكاد تتفجر منهما الدماء والعرق يسري بكل جسدها فيما تسأل نفسها هل عمران انتبه له!؟ وعند هذه الفكرة تسارعت أنفاسها كأنها تجري لمسافة طويلة قبل أن تنحني بسرعة تأخذ القميص تقبض عليه بيدها و تعتدل بقامتها فتلاقت مع عينين عمران التي كانت وكأنها عليها شبح ابتسامة لتخفي سمر القميص خلفها بسرعة خاطفة كالطفلة التي تخفي شيء عن والدها حتى لا يؤنبها!. بينما هو ازدرد ريقه الذي جف، لقد رأه أول دخوله الغرفة لكنه التفت عنه في محاولة لأن يظل حابسا مشاعره أما الآن فالأمر مختلف يراها محمرة الوجنتين، مشتعلة كحبات الفراولة في أوان قطافها، ابنة عمه شهية جميلة فاتنة تحبس أنفاسه داخله، شعر بحبات العرق تتلألأ على جبينه كأنها تعلن عن إحساسه الذي فلت منه فزفر بحرارة وأنفاس مشتعلة قبل أن يحاول استجماع شجاعته التي تكاد أن أن تفرط حباتها فيما يرى يدها خلفها وتطرق بوجهها وتختلس النظرات فأشار للخزانة خلفه يحاول أن ينتزع نفسه من هذا الصراع الذي إن ترك نفسه له فسيكون الفائز قلبه لا محالة وقال بصوت حاول أن يكون هادىء لكنه كان أبح رغم الجمود الذي حاول رسمه..
«الدرفة التي توجد على الطرف الأيمن لكِ والوسطى لي والتي على الطرف الأيسر بها بعض الأغراض لي لذا أغلقتها بمفتاح!»
ثم توجه إلى حقيبة ملابسه يفتحها وآخذ منها بعض ملابسه البيتية، بينما هي لا زالت مشدوهة من هذا الموقف الذي لا تحسد عليه، تناظره وهو ينحني يأخذ ملابسه وتعود لدرفة الخزانة المغلقة بالمفتاح، اعتدل بجسده قبل أن يشير لباب بأحد أركان الغرفة قائلا: «لديكِ حمام خاص بك، وملابسك في الحقيبة الخاصة بك كما هم»
انتفضت في وقفتها ترى باب الغرفة المغلق تتعلق تائهة عابسة بينما أحد يديها تتحسس وجنتها المشتعلة وترفع الأخرى لترى القميص، اتسعت حدقتا عينيها وهي تتأمله برهبة وشعور غريب يسري في جسدها فألقته على السرير بعيدا عنها هامسة بخجل رغم الغضب الذي تحس به من كل ما يحدث:
«المرأة ظنت بأنكِ عروس ولا تعلم بأنكما لن يجمعكا شيء كهذا أبدا».

تهالك عمران على الأريكة بعدما ألقى ملابسه عليها واستند بكوعيه على ساقيه يدفن رأسه بين كفيه يشعر بالألم يعتصر قلبه فليس هذا الحديث الجاف بينهما ما أراده!؛ بل كان يريد أن يخبرها أنها لجئت إلى المكان الصحيح حيث هي من الأساس تسكن!؛ أنها بأمان وأنه لن يتجاوز حدوده معها والذي تمنى داخله أن يفعل ويتجاوزها ! لكن لأجلها سيتحمل لأنه يعلم بأنها لم تأتيه حبا لذا لن يستغلها أبدا ولن ينتهز فرصة كونها زوجته!.
تنهد بصوت عالي يلقي برأسه على الأريكة يتخلل بأنامله خصلات شعره الكثيفة بعصبية قبل يعتدل بجلسته مرة أخرى بحركة سريعة ثم حدق في الطعام على الطاولة يحك ذقنه بندم يخبط على جبهته بكفه ثم همس:
"ابنة عمك مؤكد جائعة لأنها لم تأكل منذ وقت؛ تبا لك يا عمران"
مسح وجهه يزفر طويلا كأنه هكذا سيجد راحته، يتمنى أن تغادره تلك الألام..
★★★
يتبع 💜💜


آمال يسري غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس