عرض مشاركة واحدة
قديم 15-03-21, 06:47 PM   #10

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



بسّم الله الرحمن الرحيم
لا تلهكم الرواية عن الصلاة وذكر الله
اللهم إجعل كل حرف شاهداً لي لاعلي
لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
-


( البارت الثامن )

هزت رأسها بنفي وهي تطرُد كل هالأفكار من رأسها .. ورجعت تناظره وهي تقول : صفقة مربحة .. لو ضيعتها من كفينك
مارح تلقى أصابع ثانية تشدها!
خطى خطوات سريعة لبرى المبنى .. وهو يفكر بكلامها .. فعلاً الموضوع مُربح بالنسبة له !
لأنه كفوف بدون أصابع .. ولأن حلمه ماله أساس
بينما بوجود فكرتها صار له أصابع .. وحلمه بدأ يشيد أول طوبة فيه !
هذا حله الوحيد .. بما إنه أستولى على أول خطوة
وتعثر بالخطوة الجاية .. هالفكرة هي اللي بتوقفه
و بما إنه خالي أفكار أصلاً عن فكرة هالمبنى
لذلك من سمع صوت خطواتها قال بهدوء بدون ما يلتفت لها : إعتبري إني وقعت على عقد فكرتك .. وبيبدأ الحساب من بكرة .. ألفين بالشهر ولا رح أرضى بأقل فلا تكاسرين بالسعر
إلتزمت الصمت بفرحة .. ماكان يهمها السعر مبدئياً الأهم صار هالمبنى لها : بكرة بنوقع العقد
جملة من ثلاث حروف أنهت نقاش كان بينتهي بفضيحة على مستوى المنطقة لولا هدوء وإستخفاف وهاج .. ولولا وقوفه عند الحدود المرسومة له .. والأهم لولا الإتصال الي ما أنهاه !
نطقت بآخر كلامها وأنسحبت من المكان على عجل ، لأنها طول الوقت كان هدفها تسيطر على المكان والحين صار بين كفينها وجودها بنفس المساحة معه بدأ يرهقها .. وخصوصاً بعد غيابها عن وعيها .. ماكان عندها القوة تسأله عن اللي صار
لأن واضح إنه أنسحب من المكان بخوف من طاحت مغشيَة على الأرض .. لذلك تركت التنبيش .. لأنها تدري إنها لو نبّشت بالموضوع رح تتلاشى روحها من الرعب والخوف
أكملت طريقها وهي تلقي نظرات سريعة للشوارع وهي تحاول تستذكر الطريق اللي وصلها للمكان هذا
وبينما هي تمشي بهدوء ويدينها حول شنطتها وهي مستأمنة توقفت بمكانها بعدما ناظّرت بدهشة تِسللت لجميع أجزاءها وهي تِحتضن طرف شنطتها بإستغراب شديد لِـ لافي اللي كان جالس على طرف الشارع .. يدينه تحتضن رأسه
وجالس والخِذلان يعتريه .. إمتلأ داخلها خُوف
وهي تراقب تصرفاته اللي تدل على الذبُول ..وجسده اللي يميل للإنهيار .. ناظرت لِلبسه اللي تبهذل .. ولرجُوله اللي متجرحة بسبب مشيّه الحافي طول اليوم
بحركة غريبة رفعت يدينها وهي تِتحسس قلبها اللي لوهلة ظنته بيغادر قفصها الصدِري بسبب الخوف من إنها فقدت شخص جدِيد
أو إنه صار شيء قلب موازين لافي .. الشخص اللي قبل ساعات عندها كان ما يهتم للي حوله بمقدار ذرة !
إقتربت بخطوة يعتريها الرُعب .. ولكن سرعان ما رجعت خطوتين للخلف .. برهبة من إن اللي ببالها تِتحقق
بدأت يدينها ترتجف وقلبها ينتفض من سطوة الموقف
طاقتها بدأت تتبخر بشكل مُخيف لذلك جمعتها بكل ما أوتيت من قوة وهي تِنطق بصوت أشبة للهمس : لاِفي ؟
عيُونه كانت تدور بالفراغ .. ويدينه مازالت تشد بكل قوته على رأسه .. تسلل صوت مرتجف لمسامعه
وبرغم الموقف اللي يصارعه والخوف اللي مِمتلي بصدره ظن لوهلة إنه يهلوس من شدة التعب
لذلك ما كلف نفسه ورفع رأسه يتأكد من إحساسه
زادت طاقته في الشد على مخه وصوت تنفسه بدأ يعلى أكثر وأكثر وهي بدأت تخاف بشكل مريب
رفعت صوتها وهي تقتررب منه : تكفى يالافي .. لا ترهب قلبي بالطريقة ذي !
عقد حواجبه لوهلة .. وبعدها ففززز بكل طاقته من مكانه وتنفسه بدأ يعلأ بشكل مرعب وهو يلقي نظراته المفجوعة على دُجى اللي مستقيمة أمامه
واللي دبّ الرعب بكل جسدها .. وخوفها من دقائق
كان ولا شيء عند خوفها باللحظة هذي !
لما أقترب منها بخطوات يملأها الخوف .. مُشبعة بالقلق وبنظرات غريبة .. غريبة جداً على لافِي
إقترب منها بوسط ذُهولها وإندهاشها وهو يحاوط ذراعيها بكل قوته ويحضنها بمقدار كل الخوف اللي إمتلأ بصدره لساعات طويلة .. بينما هي بقت متجمدة بمكانها .. يعتِيرها الرعب وهي تسمع صوت شهقاته تخترق سكون الليل .. " يارب
أي المصائب حلّت على رأس هذا الرجل ليبدأ بالنحيب بالطريقة المُهلكة هذي ؟"
بقت بمكانها .. صامتة .. مذهولة أو بالأحرى مصعوقة
بينما هو أبتعد عنها وهو يصد بوجهه ويمسح دموعه بشكل سريع .. ما يعرف كيف خانته هالدموع
ولكن اللي يعرفه إن الشعور اللي سكن بصدره قبل ساعات كفيل بأنه يهد حصُون بُنيت على مدار سنين طويلة
ناظرت لوجهه وهي تقول بخوف : علمِني .. وجهك اللي كله نور كيف أنطفأ ؟
تنهد تنهيدة عميييقة وهو يقترب منها ويقول : بأي مكان باغتك الوجع ؟
عقدت حواجبها للحظات وهو أردف : أنا ما قلت لك هالمرض بيتعبنا حيييل يا دُجى؟ أنا كم مرة قلت لك إذا كنتي راضية فيه .. فأنا مانيب راضِي
عندك قدرة على إستيعاب إني شخص كنت أصارع الموت لمدة يوم كامل ؟ عندك علم إني كنت مثل المجنون أدور بالشوارع على المكان اللي أنهار جسدك فيه؟
دُجى اللي رمشت بعدم إستيعاب وهي تناظره .. كل اللي بين يدينها دقائق معدودة غابت فيها عن وعيها .. بينما محتوى كلام أخوها ُمنافي تماماً لمعتقداتها نطقت بقلق: كم من الوقت غبت عنك ؟
مسح على وجهه بإرهاق شديد وهو يقول : أربعة وعشرين ساعة
شهقت شهقة عالية وهي تناظره بذهول .. معقولة اللي أنقال ؟؟؟؟
بلعت ريقها بصعوبة ويدينها على قلبها .. يوم كامل وهي على أرض شخص هددته بشرفه ؟ يارب أنا بين يدينك لا تمتحني بالهم
أقترب وهو يهز كتوفها بقهر : وين كنتي هالوقت كله ؟؟ بأي مكان كانت أراضيك ؟؟ ليه قلبك هالكثر مرتاح ؟؟ ماوعيتي على كبر خطاك؟
إرتجفت كل خلاياها .. خوف ورعب ورهبة من الموقف اللي كانت تجهله
وناظرته وعُيونها مكسيّة بالهم .. عانق كفوفها اللي ترتجف وهو يقول بحنية : علميني يا دجى علميني وأنا أخوك
لمسّت الخوف والحنية بصوته وبدأت ترتجف أكثر .. بدأت تنهار من وقع الخبر عليها .. كانت تظن دقائق مرت
ولكن تمر ساعات وتشرق شمس وتغيب وهي بمكان تجهل صاحبه !
تجمعت الدموع بعيونها وهي تناظره برجاء وبكل حرف تتكلمه تتبعه رجفة لاحصر لها : لافِي .. أنا كنت أظن إني غبت عن وعييّ دقائق معدودة .. ماكنت أظن إنه عدى هالوقت كله وأنا بنفس المكان .. لافي أنا خايفة .. خايفة حيل
بُترت كلمتها ماقدرت تنطق بحرف واحد زيادة وهي تفلت يدينها من يدينه وتِلمها لنفسها وهي مغمضة عيونها برعب شديد
أما هو تنهد تنهيييدة عميييقة وهو يلتفت للخلف ويمسح على وجهه براحة سكنت كل أجزاءه .. المهم إنها بخير.. المهم إنه المكان الي كانت فيه آمن وما لقت فيه ضر أو آذى
المهم إن كل شيء عدّى وإن الرعب فات وإن الدُجى بين عيونه بكل صحتها
وهذا اللي ما يبي يفقده .. الموقف اللي أنحط فيه لساعات معدودة وهو يجوب شوارع هالمنطقة بكل جنون .. كان موقف قادر ينزع كل الظلام اللي بداخله
الخوف الي أعتراه وهو يدخل كل شارع ويدينه على قلبه ظناً منه إنه بيلقى جسّدها مرمي بأحد الأماكن المهجورة أو المظلمة
الفكرة اللي كانت تدور بباله بأنها كانت بين كفين ناس ما يخافون الله
أشياء تركت بصمتها بداخله .. وخلته يعيش لُوعة الفقد من جديد
وهو ماكان يقوى .. يكفي أمه ! فكرة إنه يفقد الشخص اللي بقى له من رِيحة أمه فكرة سببّت له الجنون لدرجة
نسى نفسه .. نسى كيف يعيش
ولوهلة من عانق كفوفها بكفوفه .. تسربّت الطمأنينة لروحه ورجع يتنفس الراحة !
رجع يلتفت لها بعدما تنهد وهو يمسك وجهها بين كفيّنه ويبتسم بهدوء : تطمني .. أنتي بخير وبتكونين بخير
والمكان الي كنتي فيه بإذن الله ماصابك منه ضرر بما إنك بكامل صحتك .. إنسي اللي صار وخلي يدينك بيديني وبإذن الله هالمرض بيعدي
هزت رأسها بالنفي وهي تبكي بضيق : مارح يعدي
زفر بقهر وهو يناظرها .. بقى شهور بليالها يترجاها تحن وتتعالج ولكنها كانت رافضة تماماً
ليه الحين بدأت تحس بخطورته ؟ رغم إنه من البداية هي تدري كيف بتعيش بمرارة مع مرض تجهل مصيره معها ؟
ولكنه سرعان ما أبتسم .. إبتسامته المعهودة معها واللي فقدتها .. حيييل فقدتها وهو ينطق بهدوء : ريحيّ بالك وأنا أخوك .. والحين دامك بخير يعني مامن خلاف .. ولاتنسين الدكتور قال هالحالة ما تجيك إلا لاصابك حزن .. علميني وش اللي صار يومنّك رجعتي لها ؟
تنهدت وهي تمسّح عيونها من خلف النِقاب .. وناظرته بهدوء لللحظة بقت تتأمل نظراته وإبتسامته وطريقة حكيه ولاشعورياً نست كل هم مر على قلبها قبل لحظات وأبتسمت ولكنها سرعان ما ناظرت نظرة سريعة لشكله : أنت اللي صابك الحزن
ضحك وهو يرجع يدينه خلف رأسه وقال بقهر : إي والله .. فكرة فقدك ما خلت بي عرق صاحي
نزلت عيونها لرجوله الحافِية .. وأنحنت بسرعة وهي تفسخ حذاءها ( أُكرم القارىء ) ووتركتها جنب رجوله وهي تقول : إلبسّها .. عسى كل شوكة غزِتك لي نصيب من وجعها وأنا أختك
عقد حواجبه وقال : خذيَها .. أنا أتوجع لأجلك ولكن أنتي ما يمسك ضر لأجلي
أبتسمت وهي تقول : لا تستخف فيني يا لافي .. مستعدة أشرب سم عشانك
ضحك بخفوت وهو يهز رأسه بإيجاب .. وأنحنى وهو يلبسها ولكنه قطّب حواجبه وهو يقول : نملة أنتي ؟ شوفي كيف حجمها على رجولي
أبتسمت بضحكة وهي تقول : أنت مكانك بمدائن صالح يا لافي مهب عندنا
هز رأسه بأسى ثم ضحك وهو ينحني وقال : يلا إركبي
ناظرت لظهره اللي أستقر أمامها وقالت بإحراج : ولكن النـ..
قاطعها وهو يقول : وقت صلاة يا دُجى .. محد برايق يتأمل بات ومن على ظهري
أبتسمت بضحكة وهي تنحني وتستقر بجسدها النحيل على ظهره العريض
وقالت بخفوت لما ثبتت يدينها على رقبته : هاه عسى ماني بثقيلة ؟
لافي اللي شد بيدينه على ظهرها : أبد والله لو إني حاملٍ ريشة على ظهري
سكت للحظات ثم قال بهدوء : هذا رد الديّن يا دُجى حملتيني على ظهرك ليالي طويلة وأنتي تنفضين حزني على ظهرك وعسى حزنك يكفيه ظهري وأنا أخوك
تجمعت الدموع بعيونها غصب عنها وتنهدت وهي تسند رأسها على ظهره وهوأبتسم بهدوء
-

وصلو لمشارِف بيتهم .. ولما إقتربو أكثر
ووضحت لهم الرؤية .. وقف لافي مكانه وهو
يتأمل جلوس أبوه على عتبة الباب ويدينه على فخذه وينقل نظراته للمكان وكأنه ينتظر قدوم أحد
وكأنه متلهف والخوف يلعب بقلبه لعب
شدت دُجى بيدينها على ملابس لافي وهو تنهد وأقترب ووقف قدام جُلوس أبوه
فز فهد من مكانه وهو يناظرهم بضيق وقهر
وقال بعصبية : وينكم ؟ ما تخافون الله أنتو ؟
لا إتصال لا رد لا خبر ؟ ماوراكم قلوب تخاف عليكم ؟؟؟
تنحنح لافي وقال : رحنا مكان ماكان فيه إتصال
ناظره بطرف عينه وقال : كنتو مع أهل الكهف ؟؟؟ وبعدين وش هالشكل .. تدحرجتو من جبل ؟ أحد ترصد لكم وأتعبكم ؟ وش هالحال وأنا أبوك
ضحك لافي بصدمة من نكتة أبوه الساخرة وناظره بهدوء وقال : تقريباً كنا عند أهل الكهف .. ولكن ما شربُونا قهوة ماودكم تعطونا نرتشف من قهوتكم ؟ وبعدين يايبة طحت طيحة على وجهي الله لايوريك تبهذّلت ملابسي وتكسرت بس عدت معليّك
كان يناظرهم بحدة وقلبه مشتحن بالقهر والغضب ولكنه من سمع ضحكة لافي أستقرت نبضاته المُضطربة وبدأ يناظره بهدوء .. وبإستنكار شديد !
تنحنح وكانت العصبية تأكل من ضلوعه .. كان يتوعدهم ويهدد لو يجون ليرويهم عقاب ماحضرهم أبداً .. كان متضايق إنهم يتخطونه ويتجاهلونه
وحلف مايمر هالضيق مرور الكرام عليهم !
ولكن من بدأ يتأملهم .. ضحكة لافي ، دُجى الي متمسكة بيدينها على عُنق أخوها .. شكلهم سوى
محى كل اللي كسّى قلبه كان متهلف ، يحترق شوق لأجل يرجعون على عهدهم اللي ينعرفون فيه
ما علق .. ما عصب .. ما نطق بحرف واحد
ولكنه دخل البيت وهو ينادي بأعلى صوته : معانني وأنا أخوك .. جهزي القهوة فيه ناس خاطرهم فيها
أبتسم لافي وقال : شفتي ؟ خليته ينسى إنه معصب في لحظات .. والله إني داهية
ضربت كتفه وهي تنط على الأرض سكتت للحظات وهي تقول : تكفى .. لاحد يدري باللي حصل ماود...
سُرعان ما قطّب حواجبه وقال : محد بيدري .. وعدت سنتين وأنا ملتزم الصمت ولكن ماني مستعد يتكرر الموقف من جديد .. هالخوف خذى مني عمر يا دجى .. ولا لك حق يتكرر
تنهدت وهو دخل البيت وتبعته


بينما وهاج التايّه كان يمشي بأرجاء المكان .. على أي وجهة قدم ؟ وعلى الخطوات خطى ماكان يدري
ولكنه مرتاح بعض الشيء وهالشيء اللي مخليه يعدي الموضوع .. توقفت خُطواته قدام محل "مقهى بنيّان " تنهد بضيق وهو يشد يدينه على أطراف شعره شِبيه غيَم الليل .. ماكان له مكان يتوجه له لذلك هالمكان كان وجهته .. كان خايف وكله قلق ورُعب .. الموقف الي حصل معه ماكان بسيطّ لأجل يعدي بسهولة !
-
تقدم بخطوات مُتتالية وهو يدخل للمقهى
وكالعادة بنيّان بعدما أنهى شغله فتح الراديُو على محطة الإذاعة اللي تضم بين ثناياها مُذيعة المفضل " بُرهان " والي كان بنظره شخص حيل مؤثر لدرجة ماكان يفوت عليه أي حلقة
رفع كأس الشاهي وهو يرتشف منه بخفة بينما دخل وهاج وهو ينقل نظراته للمكان
وقبل ما يكمل خطواته قال بنيّان : حيّا الله خوي الليل .. عسّى هالسواد بيستحلك ليالي طويلة ؟
عقد حواجبه بحدة وهاج من هالطاري .. والمنطوق اللي لعب بأوتار الضيق في قلبه وناظر لبنيّان الي رجع كوب الشاهي بهدوء !

ناظره وهاج بحِدة ونطق بصرامة وكأنه ينفي كلام بنيّان : إنتهى السواد يا بنيّان !
هز رأسه بنيّان بالنفي : ما أنتهى يا وهاج .. وأنت بنفس النقطة .. هذاك بنيت أساسك وصار لك مبنى بإسمك .. وبعدها ؟
ناظره بهدوء .. عكس الكتمة اللي أستحلته
وكأنه يرش الملح على الجرح .. وكأنه يدري إنه قبل لحظات يتصارع مع أفكاره .. لذلك ألتزم الصمت
بينما بنيّان ناظره بضيق .. كم دقائق مرت وهم سوى ؟ عشر .. عشرين دقيقة بالكثير !
كم من الوقت مر لأجل تتشكل هالرحمة الكبيرة بقلب بنيّان له ؟ الموضوع كان يحتاج للنقاش العميق معه
لذلك نظرات بنيَان كانت كفيلة بجعل وهاج ينسحب تدريجياً من المكان .. لأنه دائماً يكره نظرات الشفقة والرحمة ! فكيف بشخص قرأ وجعه من خلف نظراته!
ولكن قبل ينسحب تبادر لعُيونه كتاب .. بغلاف أزرق مُلفت جداً .. إقترب دون وعي منه وهو ينقل نظراته على إسم هذا الكتاب " لأنك الله " توقف للحظة وهو يتسائل عن محتوى هذا الكتاب .. ليس من مُحبي قراءة الكتب كثيراً .. ولكن هذا الكتاب كان يحمل طاقة شد عجيبة تركت وهاج ينشد له دون وعي منه .. أخذ الكتاب بين كفينه ورفعه لبنيّان : مو بوزن المية ألف ولكن شدني كثير .. ممكن أستعيره !
أبتسم بنيّان بطرف ثغره وقال : وأنت صادق .. مهب بوزنها يا الشمالي .. هذا يزن بالدنيا .. لا تستعيره خذه .. وخله صديق الليلة معك !
أستغرب كمية إعجاب بنيان بالكتاب لذلك أنشد له أكثر
فترك المكان بكل سرعة وركب سيارته .. وعلى طول أنسابت يدينه على ورقة .. تحمّل بين بياض صفحتها كلمات لم تُكتب فقط بحبر أسود .. بل بمشاعر من بين ثنايا قلب .. بدأ يقرأها وهو عاِقد حاجبيه .. ولكنه سُرعان ما آرتخت بشكل تدريجي وهو ينقل نظراته على الجُمل الي صُفت ورى بعضها والأهم أثار فضوله العُنوان " الدموع المبتسمة "
" لو قال لك أحد ملوك الدنيا : وكّلني في أن أنتزع حقك من فلان الظالم ، فقط وكّلني ، هل سُيراودك شك في أن حقك لن يصل إليك ؟ أنت تحتاج إلى توقيع من أحد معاوني الملك فقط حتى يجعل ذلك الظالم يُعيد إليك حقك وهو يرتجف ، فكيف إن كان التوقيع من الملك ؟ فكيف إن لم يكن توقيعاً بل قياماً بالمهمة من جهته ؟
الآن دع ذلك الملك ومعاونه ، وتأمّل :
( وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ )
لقد طاشت الآن كل صور الحاجات في نفسك ، أليس كذلك ؟
لم يعد للخوف وجود ، ولا لتردد مكان ولا للإحتمالات سبب !
الله سيحول جميع مشاكلك إلى حلول وكل آلامك إلى عافية وكل أحلامك إلى واقع وكل دموعك إلى إبتسامات "
داهمته كمية مشاعر عميقة جعلتها يغوص بشكل عميق في هذا الكتاب .. ماكان يقرأ الصفحات بشفتيه وعينيه فقط .. لااا كان يقرأ بروحه .. بقلبه يختزن كل كلمة يقرأها بصدره وكأنه يأخذها ذخيرة لأيامه القادمة وبعدما أنتهى من القراءة رفع عينيه لبنيّان اللي دق زُجاج السيارة بخفة قال بهُدوء : عسَاك ما تقول هالجُنوبي خذيت منه كم ريال من هالدنيا وبدأ يحشر نفسه بمسائل غير مير (ولكن) يا وسيع الصدر مانيّب شخص يشوف نار تحترق ولا يكون ماءها لأجل يطفيها !
إسمعني وأنا أخوك دامك جيتني بشدتك من بين ألف شخص يسكن هالحي وجبّ علي أقولك كلمتين تحطها بإذنك .. أنا شخص ما أدري بشخصك ولا بقصتك ولا بمعاناتك الي وصلتك للتعب ذا الي يبّان دون حكي ..ميّر إني ما أجهل هالأمور .. لذلك أقولك تعدّاها .. تعداها وكمل حيَاتك ولا بتمُوت بمكانك .. أنت شخص مازلت بالمكان الي كنت فيه .. حتى مع عزيمتك إنك بتتغير باقي بنفس مكانك .. ما تحركت شبر واحد
تحرك .. إدعس البنزين لأقصى سرعة .. مو قلت لك إسمك وهاج ! خل لك من إسمك نصيب
إترك هالسواد اللي يعتليك .. إسلك طريق الرشاد
وإخط الخطوة اللي أنت خايف منها ! لا تترك أحد غيرك يعبي فراغ غيابك .. كن بالمكان الي تستاهل تكون فيه !
رمش وهاج بإستغراب لكلامه .. لحضُوره وبنيّان أبتسم وربت على كتفه : وإسمع تراني أطبّخ ألذ بقلاوة بالجنوب كلها .. لاضاقت عليك الوسيعة تعال ولك مني شاهي يوسع صدرك وبقلاوة تحلي الضر الي مرك
أكمل آخر كلامه وحرر المكان من وقوفه ورجع للمحل .. من لما خرج وهاج من المقهى وحتى ركب سيارته وبقى يقرأ الكتاب بشغف كان يراقبه
ويراقب تصرفاته وهو مكتف يدينه .. هو فعلاً ماكان يدري بمعاناته .. بس ماكان قادر يخليه يبقى بنفس هالظلام .. لِذلك دله !
بوسط صالة بيّت " فهد " فرشة حمراء تتوسطه
وبوسطها دلة قهوة وحلى يحفها أصحاب هالبيّت
هالمرة كانت جلسة بعيدة تماماً عن الكلافة
كثر ماكانت جلسة كلها صدور رحبة .. رفع لافي رأسه ناحيه التلفزيون وهو يقول : من الي تارك التلفزيون على قناة أطفال .. بزران حنا عندكم؟
معاني الي كانت ليلة كاملة واقفة على شُوك من شدة خوفها على دُجى .. ولكن كل الي مصبّرها إن لافي معها وحولها لذلك إلتزمت الصمت لحتى حضُورو وقدرت تستعيد راحتها .. ضحكت بخفوت وقالت : توك كبرت الليلة يالافي
ناظرها بصدمة وقال : أفا يا عمة ... كذا الوضع ؟
هزت رأسها وهي تبتسم : أبد أمزح معك ياعيوني .. ولكن ما علمتنا وين رحت مع هالدجى؟
هز كتوفه بهدوء وقال : مكان ما
ناظرته بطرف عينها وهو أبتسم لها وقاطعهم فهد الي قال : خيّال وينها ؟
كشرت دجى : أكيد بأحد الروايات عايشة جوها !
وقفت خيال جنب الباب وناظرت لدُجى بطرف عينها وهي تقول : جيّت يا فهد
وعلى دخُولها وتقدمها بخطواتها .. إشتغلت إنشودة " جاء الفيل " بقناة الأطفال
عمَ الصمت للحظات بالغرفة .. ولكن سرعان ما تعالت ضحكات من كل إتجاه على شكل خيّال المفجوع من الصدفة الي دمّرتها وعلى الإنشودة الي أشتغلت بالوقت هذا بالذات
لافي الي أنحنى وهو يمسك بطنه بقوة من كثر الضحك اللي تبادر لثغره رفع رأسها وناظرها : عمة فيّلة .. والله ربي إن شاء الله بيدخلك الجنة عقب هالضحك اللي ضحكناه بسببك
أبتسمت مجاملة وهي تجلس جنب معاني وقالت : عاد لقيتو زلة تضحكون عليها !
ضحك لافي أكثر وقال : أي زلة ياعمة ؟ خافي ربك هذولا قاصدينك ومشخصّنين الموضوع معك
واضح رسالة من بين السطور .. خفي كرشك
ناظرته بطرف عينها وقالت : وزني وعاجبني وكرشي ببطني أنا مثقلين عليك بشيء ؟
عدل جلسته بضحكة وقال : لاوالله مثقلة على الأرض الي تدُوسينها .. والله تهتز وترتعش بخوف لامنك خطيت خطوة عليها
قبل ما تتكلم خيّال قال فهد : أقول ماودك تبلع لسانك
لافي أشر على عيونه وقال : أبشر طال عمرك .. نبلعه وإذا ودك نشويه شويّناه ، بس كأنك صفيت بصف البنات ضدي ؟ ما يكفي إن وحيدك
أبتسم فهد وأشر عليهم : إية نوقف معهم ونحطهم بعيوننا بعد .. ولا بسمح لشخص واحد يأذيهم
دُجى ناظرت له بهدوء وقالت : ولو كان هالشخص أنت ؟
إلتف السُكون حول المكان .. وتوالت نظرات قهر وضيق لدُجى اللي محت البسمة عن ثُغر أبوها
لافي الي تدارك الموضوع وكسّر هالسُكون بكلامه الي قال فيه : الله يالدِنيا .. شكلي أول شخص بنسحب من هالبيت !
-
أبتسمت معاني وقالت وهي تناظر لخيّال بضحكة : تذكرين أبوي .. يوم قالت له جدتي لما جاب نبّتة الصبار لأمي .. إن هالنبتة تأخر الزواج
ضحكت خيال وهزت رأسها بإية : راح يجيب نبّتتين لي ولك
معاني أشرت على فهد وهي تضحك : وفهد راح يجيب لبنته وحدة بعد
معاني ناظرت لفهد ثم نقلت أنظارها لُدجى الي أشغلت نفسها بفنجان القهوة : ورغم صغر سنها .. كان يقول " يارب ما ودي أقطع نصيّبها ولا أبي أدعي بشيء يضرها .. ولكن يارب هذي روحي ولاودي بشخص غير أبوها تكون حوله"
رفع أنظاره فهد بإمتنان لمعاني الي مازالت تتذكر مقولته في ذاك اليوم ولافي قال بسخط : عيييب .. والله العظيم عيب ! أنا في عائلة تقدس النساء وأنا راميني برى الخطوط مثل الغريب
ضحك فهد وربّت على كتفه وقال : قم بس
ناظره بإستغراب : لوين ؟ برى البيت ؟ أمزح معك يبه الله يصلحك تعال بس إجلس والله لأقدس النساء معك وأخليهم بعيوني
ضحكو كلهم على ردة فعله وفهد أردف بحماس : تعال نلعب كورة قدم .. خابِرك من زمان عنها !
فز لافي من مكانه وقال : والله إنك أجودييّ يا إستاذ فهد .. تعرف وش محتوى هالصدور مشيّنا نلعب
ولما بدؤو يلعبون وقفت دُجى للحظة من شدة حماسها وقبل تتكلم قال لافي بسرعة : ماشاء الله ناوية تتمردغين هالليلة ؟ ماكفاك الأرض الي عضيتيها بالليالي الي راحت
ناظرته بطرف عينها وقالت وهي تمشي له : لا تهايط .. تعرف إني أجيبها
ضحك لافي ودُجى قالت : يبة خلك حارس مرماي.. خلني أخليه يعض الأرض هالليلة !
أبتسم فهد على عجل وتوجه للمكان الي تركو فيه علامات للمرمى وقال : على خشمي يا دُجى .. والله وأنا أبوك ما تدخل كورة لهم وأنا حارسك
إلتفت لافي على خيّال وقال : أفا ياعمة خيَال تخليني لوحدي وهم يحتزمون ببعض
وقفت وهي تتجه لمرماه وفردت رجلينها وهي تطق الصدر : أفا عليك .. آخر رواياتي الي قريتها البطل كان حارس مرمى .. وتعلمت كم حركة منه
ضرب جبهته وقال : الله يستر أجل !

مرت دقائق طويلة على لعُبهم إنحنت دُجى على ركبها بتعب وهي تتنفس بصوت عالي
بينما لافي كان معصب ويناظر لخيّال بعصبية
وسط ضحكة فهد الي أستقام بطُوله جنب دُجى ومد لها كأس الموية وقال : لا ترمِي الخطأ على ظهر أختي .. لاتنسى إن مرماي ما خطت فيه خطوة لك
ناظره بقهر وقال : كله من أختك الفيلة .. لو محركة رجلينها كان هالي تضحك جنبك ما دخلت ولا قول فينا !
ضحكت دُجى أكثر بعدما أستقامت وقالت : لا تتحدى وأنت منت بقد التحدي .. بعض الهيّاط يودي بسواهي !
ناظرها بطرف عينه وهي أخذت الكأس من يد فهد الي أبتسّم وقال : وش رأيك بأبوك بس ؟ كفففو ولا
-
ردت له إبتسامة هادية وقالت : كفو ونص
طار قلب فهد من فرحته لما شاف إبتسامتها لها .. وأستغل الفرصة وبدأ يسولف معها ويحاول يليّن قلبها أكثر عليه بيّنما لافي كان مستقعد لخيّال ومعصب عليها : قول واحد ومشّيناها .. ثلاثة ونبلعها .. خمسة ياعمة ما تخافين الله
مشت وتركته وراها وهي تقول بضيق : تستاهل عساك ما فزت لا الحين ولا بعدين
ناظرها بقهر وقال : كله من شحومك الي على عظمك ياعمة .. أنا في رجاك تخففينها
رجعت تناظر له وهي تضحك وقالت : والله يا لافي بجيك وأجلس عليك .. وأخليك تنسم صدق
رجع على ورى بخوف وقال : لا دخيلك كنت أمزح معك
ضحكت أكثر ومشت وهي تجلس جنب معاني الي كانت جالسة تنقل نظراتها بينهم
ومن بين إنتهاء السوالف وإنسحاب الكل لِغرفته
دقت دُجى الباب على باب غرفة معاني .. وبعدما أُذن لها تسّللت بالدخول بكل خفة إستقرت جنب معاني الي كانت جالسة قدام ماكينة الخياطة
ومدت لها دمُية ممزُوع أحد أطرافها وقالت : لي رجاء عندك .. تقدرين تعدليّنها دُون ما تبان آثار هالتعديل فيها ؟
ناظرت معاني للي بين يدين دُجى وأستغربت : من اللي ضيّع الطفولة من هاللعبة ؟
دُجى تذكرت إنها لقتها بالمكان الي كان وهَاج جالس فيه .. وأخذتها بشنطتها لما لقتها مقطوعة
مافكرت بالسبب ولا تركت فرصها لعقلها يترجم سببّ إقدامها على هالشيء .. أخذتها ودخلتها بشنطتها على عجل : أكيد أحد الأطفال ياعمة .. ما قلتي لي يمديك ؟
أخذتها من يدينها وهي تهز رأسها بإيجاب وقالت : لا تنِسين إني أمر بدون أثر يبّين أي وجع
أبتسمت وقربت وهي تبُوس خدها وقالت : عسّى ما يمرك وجع أبداً !
هزت رأسها بإمتنان ودُجى تركت المكان ورجعت لغرفتها

وعلى أعتاب غُرفة ما تبعد أمتار طويلة .. كانت مُتعمقة بالبكاء وبشدة !
قابِعة خلف باب غرفتها .. ويدينها على فمها تبكي بنحيب شديد .. كانت تعد الثواني الطويلة حتى تختلي بنفسها وتنتشل روحها من بينهم حتى تبقى وحيَدة وتفرغ كلماتهم الجارحة لها اليوم عبر سيل من الدموع اللي مارح ينقطع حتى بُزوغ الفجر !
كانت تُرمى لها الجمل الي مملوءة بالكم الهائل من السخرية والإستهزاء وكأنها نكتة .. تقابلها بضحكة
ترسم على ثغرها إبتسامة باردة وكأن لديّها حصُون منيعة تصد هالكلمات عنها .. وتمنع أن تنغرس بكل حدة بين ثنايا قلبها
بيّنما هذه الحصون كانت عبارة عن كذبة تختلقها وترسم بها ضحكة كي لا تنثر وجعها أمامهم
ليسّت ليلة واحد فحسب التي مرت وهي ترتشف من الوجع الشيء الكثير ..

ليالي طويلة تبكي بشدة بسبب كلمات قد يعتبرها البعض عابرة أو بسيطة
أو إبداي رأي لابد منه .. بينما هي عبارة عن سكِين حاد تنغرِس بشدة في الصُدور وعندما يصبّح الشخص وحيد تسحب هذه السكين وبشدة وينتشر وجع سحبّها الشديد على جميع أنحاء الجسَد
لتُترجم على شكل " دُموع" و " شهقات " لا تنتهي حتى ينتهي هذا اليوم
أخذت نفس شدِيد وهي تسمع صوت آذان الفجر يرن بأرجاء المكان .. ووقفت وهي تناظر لنفسها بالمراية لتقاسيم وجهها لعينيها الي ذبُلت من شدة البكاء .. رسمت إبتسامة بسيطة على ثغرها وقالت : لابأس يا خيال.. عدّت هالليلة لا تبكين أكثر
تنهدت بعمُق وهي تتوضأ وتستقبل القبلة .. وبعدما أنتهت من صلاتها غطّت بنوم عميق على السجادة دون وعي منها..
-
-
وفي وسّط مسجد الحي .. كانت الأنظار مُتوجهة تماماً نحو " وهّاج "
ماكانت لِشخصه كثر ماكانت لعائلته .. وكأنهم يرثُون أهله بعيونهم
أغلب الحاضرين كانت شرهتهم كِبيرة عليه
ومازالو يلقبُونه بلقبه الشنِيع لأنهم بعيونه شخص ترك عائلته بأسود لياليّهم وهرب !
بينما هو ماكان مهتم لها أبداً .. كان جالس ينتظر إقامة الصلاة
رفع رأسه لما سمِع صوت الإمام يُقيم وإعتدل بوقفته وهو يستقيم لأداء هذه الصلاة .. وهو عازِم تماماً أن أداءها هالمرة بيكون بقلبه قبل جوارحه
لأنه تأمل النص الي حرك فيه مشاعر مو قليلة أبداً " كُن ساجداً بقلبك وإن رفعت رأسك قل بنبضاتك : سبَحان ربي الأعلى وإن كنت ضاحك الثغر إهمس بشرايينك : ياجابر المُنكسرين إجبّر كسري ثم تأمل في المعجزة وهي تِشكل روحك من جديد "
قد يكون هذا النص بمثابة نص عادي للبعض بينما وهاج كان يعتبر هذا النص نقطة التحول .. لأن بنظره إلتفاتته للكتاب ماكانت حدث عابر
كثر ماكانت حدث بيغير مجرى حياته
إنتهى من صلاته ! وكل جوارحه تنتثر منها السكينة
وخرج بخطوات ثابتة من المسجد .. وأول فعل أقبّل عليه كان إنحاءه لدرجة السيارة الأمامي
توقف أمامه للحظة .. ما تجرأ يفتحه أبداً وقت طوييل
فبعدما ترك فيه العلبة الي تِحتوي " السِبحة " كان يتحاشى حتى النظر له
بينما في هذه اللحظة تناسى تماماً جميع ما قد يخطر لباله
وفتحه بثُبات تام .. تناول العلبة بين كفيّنه
وفتحها بحرص شديد
نقل نظراته على العُلبة الي تحتوي على آثار شُعاع على حياته .. وهالمرة تنهييدته العميقة إنتهت بنفس شديد الراحة
لم تتلاشى الغصّات .. ولكن هالتنهيدة لقت منفذ للخلاص من بين هالكم الهائل من الغصّات
أخذها بين كفينه ثم مرر أصابعه على حبّاتها ولما وصل لإسمه أبتسم بخفوت
وأيقن إن كلام بنيّان كان الشيء الصح ..

ماكان محتاج شخص يكلمه بأسلوب مُوجع وهو يُلقي عليه سيئات أفعاله ولا شخص يخرج أسوء مافي شخصيته .. ولاحتى شخص يتحداه بمجرى حياته
كان محتاج شخص يدله على الطريق الصحيح بالشكل اللي بينهي كل مُعتقدات خاطئة بقلب وهاج
إستقر بسيارته قدام باب بيتهم .. ونزل بخطوات ممُرتجفة ولكن يكسوها الإصرار
وقف قدام الباب بتردد للحظة .. ولكنه سرعان ما رفع يده ودق الباب وكأنه يتجاهل كل مشاعر الخوف الي بقلبه
وأول ما أنفتح الباب نزل عيونه للأرض وهو يناظر لشخص الي فتح له
غصن شهقت وهي تحط يدينها على فمها : خال وهاج
وبعدما تداركت شهقتها ضربت فخذه بطُفولية وقالت : وييينك
سكت للحظات وهو شاد على قبّضة يده بكل قوته وكأنه يحاول يدفع كل مشاعره السيئة بعيد عنه وكل خلية بقلبه تردد " لو ترددت بتعيش بالسّواد طول حياتك الباقية "
لذلك أنحنى وجلس قدامها وهو يبتسم : ليه صاحية من الشروق ؟
أبتسمت غصن وقالت : عشان أودّع خال كايد .. دايم إذا راح المدرسة الصباح أسلم عليه
أبتسم وهز رأسه وهي قربت وقالت : تعال ودعّه معي
هز رأسه بإيجاب وهو يأخذها بين ذراعينه .. إرتجفت أجزاء جسده وهي تلف يدينها على عنقه وتتشبّث فيه .. بلع ريقه بصعوبة ولكنه أكمل طريقه .. بيكمله لو نهايته بيمُوت من قوة مشاعره الحزينة
وقف بنص الحُوش .. وهو يشوف كايّد جالس يفطر وأمه جنبه
واالي سرعان ما ألتفتو له بإستنكار شديد .. أو بالأحرى بصدمة وهم يناظرون لهم بذهول
جلس قدامهم وأستقرت غُصن بحضنه وهي مبتسمة بفرحة من وجوده
بينما كايد كان يرمش بعدم إستيعاب .. بعد آخر موقف له مع وهاج كان يظنه بيترك المكان كعادته .. ولكن وقوفه باللحظة ذي قدامه دمر إعتقاداته
نطَق وهاج بهُدوء وقال : من المكان اللي أنتشر به حزني على الأرض .. قررت ألم الفرح فيه
أنا هنا .. اليوم وبكرة والأيام الجاية كلها
أنا هنا وببقى هنا وبكمل حياتي هنا
صحيح ماني بحاجة سند .. ولكني أسندكم وأسندّ نفسي ولا أهتز .. ولا حتى مشاعر عتاب ودمعة قهر بتقدر تخليني أبتعد عنكم من جدِيد .. أنا حلمي ماكان له أساس لأني بعيد من هنا
ولكني ببنيّه بالمكان الي أنهد فيه
ببنيه بأرضي أنا .. ويا أنا يا الذكريات الموجعة
واحد مننا بس بينتصر
-

إنتهى



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس