عرض مشاركة واحدة
قديم 22-03-21, 07:01 PM   #30

Mamdouh El Sayed

كاتب في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية Mamdouh El Sayed

? العضوٌ??? » 461172
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 374
?  نُقآطِيْ » Mamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond repute
افتراضي ما بعد البداية - الفصل الثانى عشر

ما بعد البداية

الفصل الثانى عشر (مشاكل تربوية)

كما وعدتها .. زارت رغد اختها رنيم صباحا ببيت أمينة التى علمت من رنيم برغبة رغد فى الحديث معها .. وقد قصت رنيم لأمينة ما تعانيه رغد وما هى مشكلتها منذ أن عادت من العمرة وهى ترتدى النقاب ..

أدركت أمينة مدى معانتها وتعاطفت معها .. أيدتها بينها وبين نفسها فى حريتها ومنهجها فى الحياة الذى اختارته لنفسها وخصوصا انها لا تؤذى ولا تضر به أحدا .. ولكنها خافت عليها من ان تكون قد تسرعت فى قرارها بارتداء النقاب أو يكون أيمن هو من رغب فى ذلك .. وانها مجرد أيام وسوف تجد نفسها لا تتحمل الاستمرار .. وتخلعه .. فتدخل فى دائرة من العذاب النفسى .. وجلد نفسها لانها ستظن حينئذ انها قد ارتكبت جرما فى حق الله .. خافت عليها أيضا من أن تكون قد قررت ارتداؤه تأثرا بالعمرة وما عاشته فى ايامها من روحانيات جميلة .. ما يلبث الكثير ممن عاشها ان ينساها مع الوقت والانخراط فى حياته العادية ..

طرقت رغد الباب .. ففتحت لها أم سعيد باب الشقة .. ووقفت أمامها لا تعلم من تكون ..
رغد : السلام عليكم ..
أم سعيد : وعليكم السلام ..
رغد : ازيك يا ام سعيد ..

نظرت اليها أم سعيد بتعجب .. من تلك المرأة المنتقبة التى تناديها باسمها .. هى تتذكر انها لم تقابل يوما ما ببيت أمينة أى من المنتقبات منذ ان عملت بهذا البيت .. فلاحظت رغد تعجبها فرفعت نقابها قليلا لتتعرف عليها وهى تقول مبتسمة : أنا رغد أخت رنيم ..
انفرجت أسارير أم سعيد وتهلل وجهها وهى تقول : يا أهلا وسهلا يا ست رغد .. معلش اعذرينى معرفش انك اتنقبتى .. اتفضلى .. اتفضلى .. بسم الله ما شاء الله .. بسم الله ماشاء الله .. اتفضلى .. الست أمينة والست رنيم جوه .. يا أهلا .. يا أهلا ..
دخلت رغد الى صالة البيت وجلست على احدى مقاعد الانتريه فى حين قالت لها أم سعيد : ثوانى اديهم خبر بوصولك ..

خرجت رنيم على الفور من حجرتها فى حين جاءت أمينة من المطبخ .. كلاهما رحب بها بشدة .. ثم سألت رغد بتوجس : فى حد من الرجالة هنا ..؟
ردت أمينة بابتسامة عريضة : لا .. اطمنى كلهم بره .. يعنى تقدرى تاخدى راحتك ..

رفعت رغد النقاب عن وجهها فبادرت أمينة تقول فى سعادة وبهجة : بسم الله ما شاء الله .. شكلك بالحجاب جميل أوى يا رغد .. ربنا يفتح عليكى ويرضى عنك يا بنتى ..
انتشت رغد بسعادة مما قالته امينة : بجد يا طنط .. ربنا يجبر بخاطرك .. ثم اطرقت تقول بوجه حزين : بس للأسف ده مش رأى كتير من اللى حوليا .. تقدرى تقولى حضرتك انى بعانى من يوم ما رجعت مصر من العمرة بالنقاب ..
أمينة وهى تجلس على اريكة أمام رغد : رنيم حكتلى .. وبصراحة كنت متوقعة اللى بتمرى بيه من يوم ما عرفت منها انك اتنقبتى ..
رغد بتعجب : أفهم ن كده ان اللى بيحصل ده طبيعى ..
أمينة : مش بالظبط .. بس يمكن علشان انتى مكنتيش محجبة فمتوقعتيش رد فعل اللى حواليكى لما تزودي حجابك وتتنقبى .. بس صدقينى .. مع الوقت حتتعودى .. ومش حتهتمى بعد كده برأى أو معاملة الناس ليكى ..
رنيم : بس مقولتيلناش يا طنط انتى ايه رأيك فى موضوع النقاب .. حضرتك شايفة الخطوة اللى اخدتها رنيم دى ازاى ..
أمينة : لو تقصدى من ناحية الشرع فسؤالك المفروض توجهيه لحد مختص .. هو اللى يقدر يجاوبك اذا كان فرض ولا فضل .. أو غير واجب من الاساس .. بصراحة أنا معرفش .. بس من وجهة نظرى دى حرية شخصية .. ومحدش يقدر يحجر على صاحبها ولا على قراره .. وزى ما بنحجرش على اللى بتلبس قصير أو مكشوف .. المفروض اللى بتلبس حشمة أو نقاب محدش يعاملها بطريقة مختلفة أو ينكر عليها طريقة لبسها ..

رغد وهى تفرك يديها : طنط أمينة .. لو على التعليقات من الناس الغريبة واللى ميعرفونيش .. أقصد الناس اللى بنقابلهم فى الشارع .. يبقى الأمر هين .. لكن اللى مزعلنى ان الناس القريبين منى أصبحوا ابعد الناس عنى .. وكأنى بقيت فى نظرهم متهمة بحاجة أنا مش عارفاها .. حاسة انى بقيت منبوذة .. حتى صحابى فى الجامعة النهاردة كنت فاكراهم حيفرحولى بالخطوة اللى اخدتها .. لكن للأسف أكتشفت ان معظمهم معارض الخطوة دى وفيه منهم اللى اتريق علي .. نظراتهم لي بقت غريبة وكأنهم خايفين أو قرفانين منى ومن لبسى .. والنهاردة كانت حتقوم خناقة بينهم بسببى ..
ردت امينة : وليه بسببك..؟!!

حكت لها رغد ما حدث بالجامعة بين زملائها عندما انقسموا .. فريقا ضد ما ترتدى وفريقا مع ما ترتدى .. وان كان الذى معها مجرد زميلة واحدة فقط .. أما الباقى أما معارض وبشدة . أو صامت .. لا يبدى قبول أو رفض .. وان كانت لاحظت فى عيونهم الرفض ..
ردت أمينة : الاتنين غلطانين .. بصراحة اللى دافعت عن لبسك مش المفروض تحكم على ان اللى مش محجبة او منقبة انها انسانة عاصية وان المنقبة او المحجبة اكتر هدى من اللى مش محجبة .. لان محدش فينا يعرف بكرة فيه ايه .. ولا حسن الخاتمة من سوءها لأى انسان ولا حد يعرف ايه اللى بين اى انسان وبين ربنا .. وممكن اللى مش محجبة دى تكون افضل عند ربنا بعمل عملته او حتعمله يجعل ربنا يرضى عنها .. والتانيين اللى معارضين الحجاب برضه مفكروش ان دى حرية شخصية .. زى ما غير المحجبة حرة فى اللى هى بتلبسه .. وأحيانا كتير فيه منهم بيلبس اللى يضر الشباب أو حتى يضرها .. لو زودتها شوية واتحرش بيها الشباب .. وساعات لا قدر الله بتوصل للخطف والاغتصاب ..
رغد : والله يا طنط هو ده اللى فكرت في ساعتها .. علشان كده سبتهم ومشيت من غير ما اعلق على تصرفاتهم ..
أمينة : خير ما فعلتى يا حبيبتى .. كل واحدة فيهم حتفكر فى تصرفها وتصرفك وحتبدأ تقارن وتعرف ان التزامك مش مجرد مظهر بتظهرى بيه علشان تتفضلى بيه عليهم .. وساعتها حتلاقى احترامهم ليكى زاد مع الوقت ..
رغد : واللى مضايقنى اكتر دلوقتى هو بابا وماما .. مش عاجبهم لبسى .. بينتقدوا الخطوة اللى اخدتها ومش راضيين عنها أبدا .. بيقولوا انه مش فرض .. بس أنا قلبى بيقوللى غير كده .. حاسة انى مستريحة فيه أوى .. سكتت للحظة ثم اردفت : عارفة يا طنط .. أنا كنت دايما بعانى من حساسية مناخيرى بسبب التراب .. وخصوصا فى الربيع .. تعرفى من يوم ما لبست النقاب موضوع الحساسية ده قل كتير أوى .. وتقريبا انتهت معاناتى معاه ..
نفسى بابا وماما يقتنعوا هما كمان انى أنا كده مبسوطة وأنا حاسة انى برضى ربنا .. وهما كمان يرضوا عنى .. مش عايزاهم ابدا يكونوا غضبانين منى .. سكتت للحظة ثم قالت : ده لسه كمان موضوع زهرة وعبد الرحمن اللى لسه معرفهوش .. ومش عارفة حيكون ايه رد فعلهم لما يعرفوه .. ربنا يستر ..

ردت رنبم : والله فعلا ربنا يستر من تصرفاتك ورد فعلهم .. كان فيها ايه يعنى لو كنتم فهمتوهم من الأول وضع الطفلين بالنسبة لكم .. هما مكنوش حيضايقوا لو عرفتوهم الموضوع من الأول .. خصوصا ان زهرة واخوها مش مقيمين معاكم .. ولا بتخدميهم .. لكن أكيد لما يعرفوا دلوقتى حيزعلوا منك لانك خبيتوا عليهم .. وخصوصا من أيمن .. لانهم حيعتبروه خدعهم من الأول .. أو هو اللى حطك ادام الأمر الواقع .. وانتى يا عينى اللى مغلوبة على امرك معاه .. وطبعا حيزعلوا منى لانى كنت اعرف ومقلتلهمش .. الله يسامحك يا رغد ..

أمينة : بصى يا رغد .. بالنسبة للنقاب ..أنا حاسة انك مقتنعة بيه أوى .. علشان كده متشغليش بالك باللى حواليكى .. بابا وماما ميقدروش يستغنوا عنك .. ده انتى حتة منهم يا حبيبتى .. هما بس دلوقتى بيتكلموا من وجهة نظرهم وخايفين عليكى مش اكتر .. بس اصبرى عليهم انتى شوية كده واتحملى تعليقاتهم .. حتلاقيهم قبلوا بالأمر الواقع والأمور رجعت معاهم زى الأول واحسن .. بس انتى اتشطرى كده وهاتيلهم بيبى حلو كده زيك وهما حيطيروا من الفرحة بيكى ..
سكتت أمينة للحظات تفكر ثم قالت : وبعدين احنا الأهالى المفروض نتحمل شيء من المسئولية لاننا السبب فى ان بناتنا بيفكروا أو بياخدوا قرار الحجاب بعد ما بيكبروا .. وبنحطهم فى صراع بين اللى اتربوا عليه وبين اللى ربنا فرضه علينا وعليهم .. يعنى أنا مثلا واقعة فى نفس الغلط والمشكلة مع غادة .. أنا عمرى زى امهات كتيرة ما حاولت اكلمها من صغرها على الحجاب وان ده فرض المفروض تستعد له من صغرها .. بحيث لما ييجى الوقت المناسب هى من نفسها تختاره وبالتالى ما تعيش الصراع اللى كتير من البنات بتعيشه بين رضى ربنا سبحانه وتعالى وبين اللى نشأت عليه .. ده غير صراعها مع المجتمع اللى معظمه ربى بناته على نفس المنوال .. أما بالنسبة لباقى الناس .. فعمرهم ما حيعجبهم حاجة ولا حيتفقوا على حاجة .. لو قلعتى حيقولوا متبرجة .. ولو غطيتى .. حيقولوا متزمته .. أنا شايفة انك تعملى ودن من طين وودن من عجين وخليكى فى اللى انتى مقتنعة بيه طالما مش بتأذى بيه حد .. ولو على مضايقاتهم .. صدقينى .. مع الوقت حتتعودى على مضايقة البعيد والغريب .. واللى قريب منك حييجى له يوم ويبطل يعلق عليكى .. لأنه حيتعود على شكلك وعلى سلوكك فى العموم ..

سكتت أمينة للحظات ثم اردفت : أما بالنسبة لموضوع زهرة واخوها .. فرنيم عندها حق .. الموضوع يا بنتى ميخجلكمش فى حاجة .. ولا كان يخوف علشان تخبوه من الأول على أهلك .. وبصراحة لو عرفوا دلوقتى ليهم حق يزعلوا منكم .. عموما حاولى تفهميهم بالراحة وضع الطفلين .. وانهم ملهمش حد غيركم وانكم بتكسبوا فيهم ثواب مش أكتر .. وأكيد هما حيتفهموا الوضع .. خصوصا ان الطفلين بيدخلوا قلب أى حد بسهولة .. ده أنا وخالد والله نفسنا ناخدهم منكم واربيهم بنفسى من كتر ما دخلوا قلوبنا ..
رغد : ما هو ده اللى ناوية اعمله .. بس مستنية رنيم تولد .. على الأقل يكونوا مشغولين شوية برنيم والبيبى .. وميدقوش قوى على اللى حصل ..
غيرت رنيم مجرى الحديث بالنسبة لموضوع زهرة وعبد الرحمن وسألت من جديد : طيب وايه رأى أيمن بالنسبة لنقابك ..؟
رغد : أيمن تقريبا ملوش رأى فى الموضوع ده .. حتى لما سألته قبل ما آخد قرارى .. قاللى ده قرارك واعملى اللى يريحك .. بس هو من كام يوم كنا اتقابلنا فى النادى مع جماعة صحابنا .. لقيته بعدها بيقوللى : تعرفى يا رغد .. النقاب ده تقريبا هو الصح .. سألته ليه بيقول كده .. قاللى .. زمان قبل ما تتحجبى أو تتنقبى لما كنا بنقابل حد من صحابنا الرجالة كنت بحس بضيق شديد وان الدم بيغلى فى عروقى لما حد منهم يبصلك أو يوجهلك كلام .. بس النهاردة لأول مرة محسش الاحساس ده .. مع ان فيه منهم كان بيوجهلك كلام او بيرد عليكى .. بس أنا حسيتهم المرة دى انهم بيتكلموا من غير حتى ما يبصلوك .. مع انك متغطية تماما .. وكلامهم فيه شيء من الاحترام والالتزام أو الخوف انه يوجه لك كلام خارج .. أو خايف من ردة فعلك .. الظاهر ان النقاب بيحط حدود لتصرفات اللى حواليكى معاكى ..
أمينة : والله جميل اللى بتقوليه ده يا رغد .. ثم ابتسمت أمينة وهى تمازحها : بس اوعى تكونى منقبة للراجل جوة البيت كمان .. ؟

ضحكت رنيم ورغد .. وردت رغد : لا .. متقلقيش يا طنط أمينة .. من الناحية دى أنا بعوض اللى بغطيه بره البيت وبلبس كل اللى فى نفسه جوه البيت .. ثم أكملت بشيء من الجد : ماهو لما الانسان يعرف دينه ويفهم اللى له وعليه حيعيش مستريح ويريح اللى معاه .. يعنى لو الستات تعرف ان حسن تبعل المرأة لزوجها يعدل الجهاد فى سبيل الله وحاجات تانية احنا كستات شايفين ان الرجالة بيتميزوا بيها عنا .. كانت كل واحدة سعت لعمل واجبها وهى متأكدة ان لا الراجل افضل منها ولا هى افضل منه .. وانهم بيكملوا بعض مش فى حالة تنافس بينهم وبين بعض مين افضل .. .. بس عارفة .. فيه ناس فاكرة ان المحجبة أو المنقبة هو ده لبسها جوة وبرة .. لدرجة ان واحدة مرة سألتنى .. طيب وهو جوزك طايق الخنقة اللى انتى فيها دى ازاى ..
رنيم : ورديتى عليها قلتى ايه ..؟
رغد : أبدا .. قلتلها ربنا مصبره على ما بلاه ..

ضحك الثلاثة على تعليق رغد .. ثم ساد الصمت قليلا .. قطعه صوت غادة وهى تفتح باب الشقة وتدخل عليهم عائدة من المدرسة .. فأسدلت رغد البيشة على وجهها مخافة ان يكون هناك من الرجال من هو قادم ..
غادة : السلام عليكم .. هاى رنيم .. هاى مامى .. ثم وقفت تنظر الى الثالثة التى لا تعرف من هى .. وهى تشير لأمها برأسها ناحيتها تسأل عنها .. فرفعت رغد البيشة وهى تقول لها بابتسامة صافية : ازيك يا غادة ..

شهقت غادة فى دهشة وابتسمت بتعجب .. فهى لم تتوقع أبدا أن تكون تلك المنقبة هى رغد .. فرغد قبل الزواج كانت حتى غير محجبة .. ومن النوع المتحرر نوعا ما فى كل شيء .. فمن غير المعقول ان ينقلب حالها هكذا من النقيض الى النقيض فى غضون عدة أيام .. وما هو سبب أو سر هذا التحول العجيب ..
غادة : رغد ..!! مش معقول ..!! ازاى وامتى ده حصل .. وليه ..!! مش معقول .. ايه التغيير ده ..!!
رغد وقد كسا وجهها خجل مفاجئ وخوف من رأى غادة تتساءل فى أى صف ستكون .. من يرفض ويحبطها .. أو يقبل ويؤيدها فقالت : تغيير للأحسن ولا للأسوء .. ؟
غادة وهى فى حيرة من الاجابة : بصى .. انت عسولة أوى فى النقاب .. بس بصراحة مش عارفة هو صح ولا غلط .. بصراحة أنا مفكرتش فى الحكاية دى قبل كده .. يعنى لو فكرت حيبقى كبيرى اتحجب زى باقى البنات .. لكن خطوة انى اتنقب دى .. مفتكرش انى حقدر عليها فى يوم من الأيام ..
رغد : كنت زيك كده يا غادة .. أكبر طموحى انى اتحجب .. حتى لو كان حجاب اليومين دول اللى بتلبسه معظم البنات والستات .. وهو فى الأصل ملوش علاقة بالحجاب واللبس الشرعى .. وعمرى ما خطر على باللى موضوع النقاب .. بس ربك لما يريد ..
أمينة : ونعمة بالله .. اسمعى يا رغد .. زى ما قلت لك .. اعملى اللى انتى مقتنعة بيه ومتفكريش فى ردود فعل اللى حواليكى .. طالما انتى مستريحة كده .. أوعى تعملى حاجة عكس رغبتك .. أو علشان الناس عايزة كده .. ربنا يرضى علينا وعليكى يا حبيبتى ..
رغد : والله يا طنط انتى ريحتينى جدا برأيك ده ..

انتهت الجلسة وقد شعرت رغد براحة شديدة خصوصا وهى تهم بالمغادرة عندما اقتربت منها أم سعيد تهمس لها : مبروك يا ست رغد .. والله انتى قمر فى الحجاب .. ربنا يثبتك يا بنتى ويرضى عنك ....
نظرت اليها رغد مبتسمة وهى ترد عليها : تسلمى يا أم سعيد .. ربنا يرضى عنا جميعا ..

-------------------------------------------------------

جحظت عينى علا وهى تتوجه بنظرها الى ريم التى حاولت ان لا تظهر ذعرها من ردة فعل علا .. ولكنها ارتجفت حين وقعت عينيها على عين علا المصوبة ناحيتها وكأن نيران الدنيا وغضبها قد تجمع فى تلك النظرة ..... لاتزال لا تستوعب ان تضرب ريم التى تقترب من الخامسة عشر ابنها الذى لا يتعدى الثلاث سنوات .. وحتى ان كان عمره اكبر من ذلك فبأى حق تفعل هذا ..
لم تجد ريم شيئا تقوله عندما شاهدت كم الغضب المنبعث من عينى وملامح علا .. فقالت بصوت مهزوز : أنا معملتلوش حاجة .. هو اللى عيط لما أخذت منه اللعبة ..
علا بنرفزة : أعتقد ان طفل عمره تلت سنين من الطبيعى انه يعيط لما حد ياخد منه لعبته .. اللى مش طبيعى يا ريم ان واحدة اكبر منه بتناشر سنة تعمل عقلها بعقله .. وبعدين كريمة قالت انك ضربتيه لكن .. من فضلك اللى عملتيه ده متعملهوش مع ولادى ولا مع ولاد أى حد تانى .. المرة دى أنا نبهتك فمتزعليش من رد فعلى لو تصرفك ده اتكرر مرة تانية ..
لم تتوقع ريم ردة فعل علا العنيفة تجاهها .. فقد ألجمتها وجعلتها تنسحب من امام الجميع وتدخل حجرتها وهى تكن لها ولاولادها مشاعر غضب وحقد كبير .. فكرت ريم حينها لو انها علا تاخذ طفليها وتعود بهما الى بيتها وتركت لها ولجمال المجال لتنفرد به .. لعله يشبع لها ما يدور بمخيلتها
تجاهه ..

وكالعادة هربت ريم من هذا الموقف كما تهرب من جميع مواقفها مؤخرا .. استلقت على السرير تنظر الى السقف لتبدأ رحلتها مع احلام يقظتها .. تتخيل جمال الى جوارها يتحدث اليها بحنان ورقة .. يغمرها بكلماته العذبة التى تستثير بها انوثتها رويدا رويدا .. لتعبر معه من مجرد كلمات الغزل الى مناطق من العشق أصبحت تدمنها مؤخرا وتسعى اليها كلما خلت بنفسها ..
مضت الدقائق الكثيرة وهى على حالها حتى وصلت الى نقطة اللاعودة فقامت الى اللابتوب الخاص بها وفتحته كما تفعل كل مرة .. ثم استدعت أحد المواقع التى تبث صورا للشباب وبدأت رحلتها مع وهم ما تبثه تلك المواقع من افساد للشباب والكبار على حد سواء ..
فى الخارج كانت علا تقرع وتلوم نفسها على ردة فعلها تجاه ريم .. ظنت انه ما كان يجب ان تعنفها كما فعلت .. فريم فتاة صغيرة لا تدرك تصرفاتها جيدا .. وتعتبر ضيفة قد حلت على منزلهم لفترة .. وهى أمانة استودعها والدها وسلمى لديها هى وأخيها حتى يعودا من شهر العسل ..
لامت علا نفسها قليلا .. وهى التى لم تفعل من قبل مع أى أحد ممن تعرف .. ولكنها قد تغيرت .. وتغير سلوكها بسبب ما مرت به مؤخرا وقلب حياتها رأسا على عقب .. وهى تعتقد أنه للأفضل ..
قررت علا ان تأخذ بخاطر ريم .. بعد ان اقتنعت بأنها هى الأخرى لا تزال طفلة .. أو مراهقة لا تستطيع أن تتحكم فى ردود فعلها تجاه أحد .. والدليل على ذلك تعلقها بجمال الذى يفوق عمره ضعف عمرها وهى لا تزال تخطو خطواتها الأولى نحو اكتمال الانوثة ..

قامت علا واتجهت الى غرفة ريم .. اقتربت علا من باب الحجرة فى هدوء .. وقفت فى البداية مترددة فى الدخول ولكنها فى النهاية وبدون ارادتها فتحت الباب فى هدوء شديد ظنا منها ان ريم قد تكون نائمة .. فلم ترد ازعاجها .. لكنها بمجرد ان دلفت بخطوة واحدة الى الداخل تجمدت فى مكانها لا تصدق ما وقع نظرها عليه .. فقد كانت ريم مستلقية على مقعد مكتب صغير مواجه لباب الحجرة وتعطى ظهرها لعلا ولم تشعر بدخولها .. أما المصيبة هى ما شاهدته علا فى شاشة اللابتوب جعلها تشهق شهقة عالية وهى تغطى فمها ببطن يدها ..
التفتت ريم اليها على اثرها الى علا التى كانت متجمدة فى مكانها تضع بطن كفها على فمها لا تصدق ما تراه عينيها ..

تجمدت ريم هى الأخرى فى مكانها للحظات ثم أغلقت اللابتوب بسرعة وبحركة لا ارادية وهى مازالت تنظر الى علا ..

تحجرت الكلمات فى فم علا ولم تستطيع ان تقول شيئا لتبادر ريم بسذاجة المراهقين وتلعثم الأطفال : النت ده بقى غريب جدا .. مش عارفة ايه المواقع اللى بتظهر فجأة على الشاشة دى .. ثم انتظرت لحظات لعل علا تنطق بشيء يفسر لها ما تعتقده بعد أن علمت ما تشاهده ريم خلسة .. ولكن علا قد خيبت ظنها ولم تنطق بكلمة .. هى فقط نظرت لها للحظات بنظرة لا تعبر عن شيء .. ثم أغلقت الباب وتركت ريم لظنونها ..

فى الحقيقة لم تعرف علا كيف تتصرف فى موقف مثل هذا .. فمن الواضح ان ريم قد أخطأت المسار فى بداية مراهقتها وانحرفت للدرجة التى رأتها .. ولم يكن لديها ما يغرس فيها ان أمر العرى هو حرام وجرم فى حق اللهوحق الآخرين .. وانها نتيجة الخطيئة والمعصية الأولى للبنى آدم فى السماء والتى بسببها خرج آدم وحوا ونحن معهما من الجنة .. كانت علا تتساءل كيف لها كفتاة صغيرة تحب رؤية صورا للشباب الشبه عارى .. هى بذلك قد حادت عن فطرة السوية للأنثى.. فحدود علم علا أن الفطرة السوية للأنثى لا تحب فعل هذه الأشياء .. ربما هناك بعضا من الذكور يحب وأحيانا يدمن رؤية أجساد النساء ومفاتنهم .. لكن قلما تجد فتاة أو أنثى يجذبها هذا السلوك المشين والمدمر فى نفس الوقت .. وان كان ميل كلا الجنسين الى مثل هذه الأمور تعتبر شذوذا فى السلوك الجنسى لأى منهما .. والتربية منذ النشأ تعتبر بجوار الفطرة السليمة عاملا مهما فى سلوك اى من الجنسين تجاه تقبل رؤية العرى من عدمه .. فبالرغم من عيوبها هى واخيها والتى تعترف بها فى شخصيتهما .. و معظمها فى عدم البر بوالديهما الا انها تعترف ان تربية سلمى لها ولاخيها منذ نعومة اظافرهما جعلتهم ينشئون يعلى كره العرى .. تتذكر جيدا كيف كانت امهم عندما تظهر صورة عارية بفيلم أو مسلسل .. كانت تمنعهما .. واحيانا تنهرهما عندما تراهم يشاهدون هذا أو ذلك المظهر العارى .. ثم لا تتركهم الا بعد انهم قد أحسوا بجرم وحرمة من يتعرى أو يسمح لنفسه بمشاهدة العرى .. لذا نشآ على كره ان يتعروا أو يشاهدو عريا ..
أما ريم فقد تركت نفسها لغرائز غير سوية وخصوصا فى عمرها هذا بعد أن زرعت فيها خالتها المستهترة والغير مسئولة سلوكا غير سوى .. فكانت كثيرا ما تسمح لنفسها مشاهدة تلك الأمور أما ريم .. دون خجل أو حياء ..

خرجت ريم بعد قليل تحاول ان تستشف رد فعل علا .. وما تنوى فعله .. كانت خائفة بعض الشيء من أن تخبر علا أمها أو جمال بما عرفت عنها .. فسلمى فى نظرها زوجة أب .. ولن تدخر جهدا فى أن تمسك عليها أخطاء لتفسد العلاقة بينها وبين والدها .. أما جمال فبالتأكيد سوف يحتقرها أن علم عنها ما علمت علا ..

حاولت علا ان تتجاهل الأمر على الأقل حتى تقرر ماذا تفعل .. فهى الآن بمفردها ويكفيها هموم طفليها .. لكن ريم لم تكن لتترك الأمر حتى تفاجأ بالنتائج .. لذا .. جلست فى هدوء لدقائق قليلة ثم سألت علا وكأن شيئا لم يكن : كنت حابة اسألك سؤال يا علا .. ممكن ..؟
ردت علا وهى تداعب شعر آدم وتنظر الى التليفزيون ..بدون أن تنظر اليها : طبعا ممكن .. إسألى ..
ريم : طبعا احنا بنات زى بعض .. يعنى اللى بينا مش لازم حد يعرفه ..
قاطعتها علا بجفاء وهى تشعر بقرف من تصرفها القريب : طيب وهو ايه اللى بينا يا ريم .. أحنا يدوب نعرف بعض من مدة بسيطة ..
ريم : أنا اقصد اننا بقينا قرايب .. ولا ده مش كفاية ..؟
علا : لا كفاية ياستى .. قولى بقى كنتى عايزة تسألى عن ايه .. ؟

ارادت ريم من سؤالها ان تستدرج علا لتلك النوعية من الموضوعات التى تيسر عليها مؤموريتها فى ان تستشف ما تفكر فيه علا حين رأتها قبل قليل فى حجرتها تشاهد صورا لشباب شبه عرايا ..
لم تنخدع علا بمحاولة ريم المكشوفة .. ولكنها لم تصدها على سبيل ترضيتها لانها نهرتها بشدة بسبب تصرفها مع طفلها .
سألت ريم متظاهرة بالخجل من فحوى السؤال : هو طبيعى يعنى فى سنى ده انى احلم بشاب معرفهوش .. وانه فى الحلم .. سكتت لا تعرف كيف تعبر .. ثم قالت بخجل حقيقى : وكده يعنى ..؟
علا بهدوء .. وقد فهمت ما ترمى اليه ريم : الأحلام مفيهاش طبيعى أو غير طبيعى .. الحلم هو الحلم .. الانسان ممكن يحلم بأى حاجة طبيعية او غير طبيعية أو حتى غير منطقية .. بس فى احيان كتير تصرفات البنى آدم وسلوكه هى اللى بتفرض عليه نوع الاحلام اللى بيشوفها أو اللى بيعيش نفسه فيها ومن التصرفات دى اللى بيسموها احلام اليقظة ..
ريم : لا .. مش فاهمة .. تقصدى ايه بان تصرفاته وسلوكه هى اللى بتفرض نوع الأحلام ..؟

كادت علا أن تقع فى الفخ وتعطيها مثل بما راتها تشاهده .. ولكنها تراجعت وفضلت أن لا تخوض معها فى تلك الأمور بسبب قلة خبرتها فى كيفية التعامل مع من فى عمرها .. لذا آثرت أن تعطيها مثالا آخر .. حتى تتاح لها فرصة تتكلم فيها مع سلمى وتخبرها بأمر ريم .. فسلمى الآن المسئولة عنها وعن تربيتها بعد ابيها .. لذا ردت فى هدوء ولكن كلامها يحمل تلميحا لتصرفات ريم المرفوضة شكلا وموضوعا : يعنى الانسان اللى بيفكر طول يومه بشيء صح .. أكيد لما ينام حيحلم باللى فكر فيه .. والعكس صحيح .. اللى بيفكر فى الشر والأمور الغلط .. أكيد لما ينام حيحلم بالغلط اللى طول يومه فكر فيه ..
لم ترتدع ريم .. وحاورت من جديد بجرأة أكثر : يعنى قصدك تقولى انى بفكر فى الشباب .. اقصد الولاد .. علشان كده حلمت بيهم ..؟
علا : أنا مقولتش كده .. بس لو ده بيحصل منك .. توقعى ان احلامك تبقى بالشكل ده ..
ازداد اصرار ريم على الدخول فى المناطق الحرجة .. تحاول أن تجر علا الى حقيقة ما فكرت فيه عندما شاهدتها والى تصرفها المتوقع : وده كويس ولا وحش ..؟

نظرت اليها علا نظرة اندهاش وتعجب من اصرارها .. ولكنها ردت ببرود : أنا شايفة انه طبيعى .. ثم وقفت وتحركت من امامها وهى تكمل :بس لو عايزة رأيي .. مش كويس للى فى سنك .. ياريت تشغلى نفسك بحاجة تفيدك .. لسة بدرى عليكى انك تفكرى فى الأمور دى .. أنا رايحة اشوف الولاد ..

لم تعطها علا فرصة أن تسأل المزيد واختفت من امامها داخل حجرتها بعد أن أيقنت أن تلك الفتاة تحتاج الى تقويم كبير لسلوكها .. فو تركت لنفسها فسوف ترتكب حماقات سوف تندم عليها باقى عمرها ويندم معها ابيها الذى بالتأكيد لا يعلم عن ابنته وسلوكها شيئا ..

------------------------------------------------

عادت سلمى ونادر بعد انتهاء شهر العسل .. كانت قد طلبت من نادر أن تذهب من المطار الى بيتها لرؤية اولادها واحفادها والاطمئنان عليهم .. وأيضا زيارة بسمة ووالدتها .. وفى نفس الوقت ليصحبوا ريم معهم الى فيلا والدها حتى تبدأ سلمى حياتها المقبلة مع اسرتها الجديدة ..

كانت سلمى قد علمت من علا وجمال ان علا قد طلقت من ياسر بمساعدة خالد .. وكم شعرت بالسعادة لتدخل خالد ووقوفه بجوار ابناءها .. شعرت ان حبل الود معه لا يزال موصولا .. ربما تخلت سلمى عن فكرة وجود علاقة حب بينها وبين خالد منذ زمن .. لكنها لازالت تشعر بالاطمئنان والراحة لوجوده فى حياتها بصورة أو بأخرى ..

قضت سلمى ونادر حوالى نصف ساعة مع علا وجمال وريم والأحفاد .. اطمأنت خلالها سلمى على احوال أولادها وابناءهم .. ولم تنسى أن تطمئن على أحوال ريم فى محاولة منها لبدء العلاقة بينهم فى ود ومحبة .. هى تعلم ان وراءها الكثير من المجهود الذى يجب بذله مع ريم لكسب ودها وتكوين علاقة صداقة بينهما حتى تكون لها محل ثقة .. فربما استطاعت ان تقوم فيها أشياء رأتها فيها أو علمتها من نادر .. وليست راضية عنها ..

طلبت سلمى بسمة تيفونيا واستأذنتها لزيارتها لتقديم واجب العزاء لها ولوالدتها ..
وبالفعل صعدت سلمى ونادر ومعهم علا وجمال الى شقة بسمة التى كانت لا تزال لا تستطيع الخروج من ازمتها واكتئابها ..

لم تكن الزيارة طويلة .. مكثت سلمى ومن معها حوالى نصف ساعة .. ذكرت سلمى خلالها محاسن خميس واثنت عليه ودعت له هى ونادر .. فى حين كان جمال يختلس النظر الى بسمة بين الحين والحين وكأنه يتمنى لو يتكلم معها ويطمئنها انه بجوارها اذا احتاجت اى شيء ..
انتبهت سلمى الى نظرات ابنها .. وقد جهلت التطورات الأخيرة لعلاقة بسمة وشريف .. لذا كانت لا تزال تتحلى بالأمل فى ان تكون بسمة لجمال .. فقالت : ايه رأيك يا بسمة .. لازم يا حبيبتى تخرجى من حالة الحزن دى .. انا عارفة ان عم خميس الله يرحمه يتحزن عليه العمر كله .. بس هو نفسه ميرضهوش اللى انتى عاملاه فى نفسك يا حبيبتى .. ثم التفتت الى حسنة تسألها : ولا ايه يا ست حسنة ..؟
حسنة وقد انتبهت الى سلمى تسألها فهزت رأسها بإيماءة توافقها فيما تقول ..

تدخلت علا فى الحديث : ايه رايك يا بسمة .. أنا نفسى نتعرف اكتر .. حابة نكون صحاب .. تحبى نخرج بكرة نقضى اليوم فى النادى .. ده طبعا بعد اذنك يا طنط حسنة .. وياريت انتى كمان ياطنط تيجى معانا .. صدقينى حتنبسطى أوى ..

كانت بسمة لا تزال مطرقة برأسها تنظر الى يدها القابعة بارتباك فى حجرها .. لا تجد كلمات ترد بها على الحاضرين والذين يحاولون اخراجها من حالتها تلك .. لكنها وجدت نفسها مضطرة فى النهاية ان ترد على علا : أنا كمان يا علا بعزك اوى وان شاء الله نبقى صحاب وقريبيين من بعض .. بس صدقينى .. أنا مش عايزة يكون دمى تقيل عليكى فى الأيام دى .. حاسة انى محتاجة شوية وقت مش اكتر .. وان شاء الله نخرج مع بعض فى اقرب وقت ..
جمال : احنا متفهمين الوضع يا بسمة .. خدى وقتك .. اللى ماما حكيتهولنا عن عم خميس الله يرحمه يعرفنا اد ايه هو يستحق الحزن اللى احنا شايفينه ده .. وكفاية اللى عمله وعملتيه انتى كمان مع بابا الله يرحمهم .. ثم ألمح جمال الى حب اولاده لبسمة وتعلقهم بها .. فى اشارة واضحة انه يتمنى لو يظل حبل الود موصول بينهم وبينها .. لعلها فى يوم ما تشعر بمشاعره تجاهها ..

انتهت الزيارة على وعد من بسمة ان تتصل بعلا وسلمى لتحديد وقت قريب للخروج سويا حتى تسرى بسمة عن نفسها .. ولكن سلمى لم تفوت الفرصة عند خروجها من باب الشقة عندما التفتت الى بسمة وقالت لها بصوت خفي : حكلمك بكرة الصبح .. فيه كلام كتير عايزة اقولهولك وعايزة اعرف اخبارك فى اليومين اللى فاتوا .. متنسيش .. أحنا لسة وحنفضل صحاب .. ولا ايه ..؟!
بسمة بابتسامة حزينة : طبعا يا طنط .. صحاب .. انا كمان عندى كلام كتير عايزة احكيهولك ..

كانت علا تستمع الى الحوار البسيط الدائر بين بسمة وأمها .. لا تنكر انها شعرت بشء من الغيرة من العلاقة الجميلة التى تربط سلمى وبسمة .. تمنت لوهلة ان لو كانت هى التى مكان بسمة .. فبالرغم من ان حياتها بسيطة .. وهى فى نفسها تبدو فتاة بسيطة فى كل شيء الا انها تتمتع بروح طيبة وعلاقات تبدو رائعة .. وحب جارف من هذا الوسيم الذى تكاد روحه تخرج من نفسه كلما رأها حزينة أو سالت الدموع من عينيها .. حتى امه خلود .. تلك الهانم التى يبدو عليها انها بنت أصول ومن عائلة مرموقة تبدو لها وكأنها أم ثانية لها .. تحاول بكل جهدها ان تسرى وتخفف عنها ما تمر به من احزان .. وقد زادت دهشة علا عندما علمت من هو زوج خلود ومن هو زوج ابنتها .. علمت قدر بسمة بعد ان عرفت من هى تلك العائلة التى تحب بسمة وتقف بجانبها الى هذه الدرجة .. عرفت حينها أن بر الوالدين له جزاء عظيم فى الدنيا قبل الآخرة .. اعترفت بينها وبين نفسها ان جحودها هى واخيها وعقوقهما لوالديهما فترة طويلة كان نتيجته ما يمر به كلاهما من مصائب .. وان بر بسمة بواليها حتى الرمق الأخير من حياة ابيها قد اوصلها لحب الناس من حولها حتى علا نفسها وجمال اخيها لم يستطيعا الا ان يقعا فى حبها بالرغم من غيرتها منها ..

--------------------------------------------


Mamdouh El Sayed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس