عرض مشاركة واحدة
قديم 27-03-21, 07:45 PM   #20

روز علي
 
الصورة الرمزية روز علي

? العضوٌ??? » 478593
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 720
?  نُقآطِيْ » روز علي is on a distinguished road
افتراضي الفصل السادس

الفصل السادس................
كانت تجلس على طرف السرير وهي تعض على طرف شفتيها بغيض مشتعل مما يحدث من حولها وبعد ان ارغمت على العودة لمنزل زوجها صاغرة وهي التي عاهدت نفسها بأنها لن تعود إليه قبل ان يطلب منها السماح على ما فعله معها ، ولكن بالنهاية لم يحدث شيء مما كانت تفكر بفعله وعادت بدون ان تحصد اي نتائج من فعلتها وغيابها الطويل عن المنزل لم يجلب لها اي فائدة ، وحتى انه لم يحاول اي احد السؤال عنها بطول الفترة والتي لازمت بها منزل عائلتها وكأن وجودها لا يشكل اي فارق بالنسبة لهم ، وهذا هو المتوقع عندما تكون تلك الساحرات قد حصلوا على نصيبها من كل الاهتمام والحب بالعائلة .

زفرت انفاسها بابتسامة ناعمة ما ان سمعت صوت دخول احدهم للبهو الخاص بجناحهما ، وما هي ألا لحظات حتى انفتح باب الغرفة ليطل منه زوجها بكل ضخامته ووسامته الرزينة وهو يتنقل بنظره بالغرفة بهدوء قبل ان تقع نظراته عليها لتتجمد بريبة وكأنه يتأكد مما يراه امامه ، ليغلق بعدها باب الغرفة من خلفه بحذر وهو يحرك عينيه بعيدا عنها ببرود .

تقدم (احمد) بخطواته باتجاه طاولة الزينة ليقف امامها وهو يخلع الساعة عن معصمه بصمت ، بينما نظرات (سلوى) تتابعه بتجهم وهي لا تصدق بأنه قد تجاهلها ببساطة بدون حتى ان يلقي عليها السلام كعادته عندما يعود من العمل ولو كان بأشد لحظاته سوءً .

تبرمت شفتيها بغضب وهي تهمس بجفاء
"لقد عدتُ للمنزل إذا كنت لم تلحظ ذلك"

طال الصمت بينهما قبل ان يقطعه (احمد) وهو يقول بجمود ساخر ناظرا لها من المرآة
"مرحبا بعودتكِ ، كأنكِ اطلتِ بالغيبة علينا هذه المرة ام ان المكوث عند عائلتكِ قد اعجبكِ كثيرا"

عبست ملامحها وهي تستمع لنبرته المعاتبة بصوته وهذه طريقته الخاصة بمعاقبة اي احد اساء إليه ، لتهمس بعدها بتصلب خافت
"لقد كنتُ انتظر قدومك لتأتي وتؤخذني معك من عند عائلتي ، ولكنك لم تفعل"

كان (احمد) يفك ربطة عنقه برفق قبل ان يلقي بها فوق طاولة الزينة قائلا بجمود حاد
"ولما أليس سائقكِ الخاص هو الذي ذهب بكِ لمنزل عائلتك واحضركِ منه ، إذاً ما فائدة مجيئي لمنزلكِ واضاعة الوقت بما ان السائق موجود"

ردت عليه بغضب مكتوم
"ولكن عائلتي كانت ترغب بزيارتك لها لأنك لم تعد تأتي لمنزل عائلتي ألا نادراً ، وانا قد اشتقتُ كثيرا لزياراتك واصطحابك لي بسيارتك"

اخفض (احمد) ذراعيه بقوة وهو يقول بعصبية بالغة
"ما هذه الترهات الجديدة والتي تتفوهين بها ام انكِ اصبحتِ تستمتعين كثيرا بإغضابي ، فليس هناك اي امرأة عاقلة تسعى لإغضاب زوجها بهذا الكلام التافه ، وانتِ اعلم الناس بظروف العمل والتي تمنعني من زيارة اي أحد"

ردت عليه (سلوى) بابتسامة ساخرة بانفعال
"وكيف ستبقى اي زوجة عاقلة وهي ترى زوجها يهينها ويفضل امرأة اخرى عليها وقد تصادف بأنها ابنة مجرم حقير"

صرخ (احمد) فجأة بيأس وهو يرفع يده لجبينه ليمسد عليه بغضب
"اخرسي يا سلوى ، حقا الكلام معكِ لا يجدي نفعاً ابدا"

تنفست (سلوى) بارتجاف وهي تفكر بتوجس بالغباء والذي نطقت به للتو بعد ان عادت للمنزل مرة أخرى وها هي تعيد نفس الخطأ السابق مجددا ، ولو علمت والدتها بفعلتها لوبختها بشدة على حماقتها وعنفتها بقوة ، فيبدو بأنها لم تتعلم شيئاً من خطئها السابق وكيف ستمسك نفسها ولسانها وهو ما يزال يعاملها بكل هذا الجفاء والذي يكاد يقضي عليها .

نهضت (سلوى) عن السرير ببطء متشنج قبل ان تجري بسرعة نحوه لتعانق خصره من الخلف بذراعيها وهي تقول برجاء متوسل
"سامحني يا احمد ، فأنا لم اقصد ان اغضبك من كلامي المتهور والمجنون ، ولكن مشاعر الغيرة هي التي تتحكم بي ، لذا اقول كلام لا انتويه ولا اعلم كيف يخرج مني"

ابعد (احمد) ذراعيها عن خصره بهدوء وهو يستدير نحوها بتجهم ليقول عندها بغموض وهو يفلت ذراعيها برفق
"انا لستُ غاضبا منكِ ولم اطلب سماحكِ ، ولكن كل الذي اريده واتمناه منكِ هو ان تتصرفي كأي امرأة عاقلة محترمة بدون ان تقلل من مستوى احد من افراد العائلة ، وهذا الكلام ينطبق على بنات عمتي مايرين ، لذا إياكِ وان اعرف بأنكِ قد عدتِ لمضايقتهما بكلامكِ او حاولتِ التقليل من شأنهما بأية طريقة"

زمت (سلوى) شفتيها وهي تهمس باستنكار
"ولكن..."

قاطعها (احمد) وهو يشدد على كلامه بصرامة خافتة
"هل كلامي مفهوم"

امتعضت ملامحها وهي تومأ برأسها بالإيجاب على مضض ، ليتنفس بعدها براحة وهو يبعد نظراته بعيدا عنها بهدوء ، شعر بعدها بلحظات بكفين مستريحتين على صدره وهي تتلاعب بأصابعها بأزرار قميصه والمفتوحة عند مقدمة صدره قائلة بدلال مصطنع
"ألم تشتق لي يا حبيبي ، فأنا قد اشتقتُ إليك كثيرا"

تشنجت ملامح وجهه وهو يمسك بكفيها ليخفضهما بعيدا عن قميصه قائلا ببرود
"عليّ الذهاب لأخذ حمام والنوم باكرا فأنا لدي غدا يوم حافل بالعمل ، لذا عذرا منكِ"

ترك كفيها ليسير بعيدا عنها باتجاه الخزانة والتي تحتل الجدار بأكمله وهو يخرج منها قطع ملابس مريحة للنوم قبل ان يكمل سيره نحو الحمام الملحق بدون ان يهتم بنظراتها الذاهلة ، ليغلق بعدها باب الحمام الملحق بوجهها قبل ان تعبس ملامحها وهي تتلقى رفضه العلني لها لأول مرة وكأنها لم تعد مرغوبة بالنسبة له ، وهذا يعني بأنه قد يكون الآن يبحث عن غيرها لتستطيع التعويض عنها وسد حاجته فما كانت تملكه وتجذبه نحوها قد خسرته بالفعل ولم يتبقى لها الآن شيء لتتفاخر به وتعلق زوجها به كما كانت تفعل بالماضي .

__________________________
كانت تتنقل بالمكتبة بهدوء وهي تنظر لصف من الكتب المرصوصة بجانب بعضها البعض ، واصبعها يتلمس الكتب امامها بشرود حائر فقد استعارة من هذه الكتب من قبل ولم يتبقى منها لم تجرب قراءته والتهامه بنهم كما تفعل عادةً مع بقية الكتب بحوزتها وجميعها من النوع الخيالي الحالم والبعيد كل البعد عن الواقع ، لتنقل بعدها نظراتها لصف آخر من الكتب قبل ان تقع على مجموعة جديدة من الكتب تراها لأول مرة ويبدو بأنها رزمة جديدة اضافوها لرفوف المكتبة مؤخرا بما انها لم تزر المكتبة منذ اسابيع طويلة .

توقف اصبعها الصغير على كتاب من بين المجموعة ذات غلاف محمر ملفت للنظر ، لتخرجه عندها بحذر من بين الكتب الأخرى قبل ان ترفعه لأمام نظرها وهي تقرأ العنوان الواضح بخط عريض وبنفس اللون المحمر
"جحيم الحب"

رفعت نظراتها العسلية بهلع لصف الكتب والذي بدأ يتساقط الواحد تلو الأخرى تباعا ومنها كان يتساقط داخل الرف بدون ان يقع ، لتخفض بعدها نظراتها لمجموعة الكتب والتي سقطت امام قدميها بعد ان سقط آخر كتاب من الرف بهدوء ، سكنت بمكانها للحظات قبل ان تشهق بجزع وهي تتلفت من حولها لتتأكد بأنه لم يشهد احد على الفاجعة والتي حدثت معها الآن ، لتجثو بعدها على ركبتيها وهي تلتقط الكتب بكفيها بتوتر شديد ومنها كانت تمسح على غلافه بكم قميصها برفق خوفا من ان يكون قد تلوث بالأوساخ والأتربة .

تجمدت بمكانها وهي تلمح ظل احدهم بجانبها قبل ان ينحني على ركبتيه وهو يلتقط الكتب الساقطة معها بصمت ، لتهمس بعدها بابتسامة مرتجفة بتوجس
"لا داعي ، استطيع فعلها لوحدي بدون مساعدة"

استقام بوقوفه بعيدا عنها وهو يقول بصرامة هادئة
"لا بأس ببعض المساعدة فأنتِ لن تستطيعي حل مشكلتكِ والتي تسببتِ بها لوحدك ، لذا انتِ الآن تحتاجين لي وبشدة"

عبست ملامحها بارتجاف وهي تشعر بإهانة غير مباشرة تصلها بصوته بدون ان تستطيع تحديدها وهي تنظر لظهره وهو يرتب الكتب من على الرف بحذر ؟ لترفع بعدها حاجبيها البنيين بصدمة وهي تهمس بانشداه
"الاستاذ جواد"

التفت نحوها (جواد) ببرود وهو ينظر لها من علو قبل ان ينحني بجذعه ليصل لمستواها وهو ينظر لوجهها بتركيز ارهبها ولا يفصله عن وجهها سوى شعرة فقط وقد بدأت تشعر بأنفاسه تضرب ملامح وجهها بسخونة اشعلتها ، وما ان فتحت شفتيها بارتجاف تنوي الكلام حتى سبقها (جواد) وهو يسحب الكتب من بين ذراعيها برفق وقد كانت يديه تحتك بكفيها بوضوح ، لتخفض عندها ذراعيها بسرعة بعيدا عنه وهي ترجعهما لخلف ظهرها بحركة دفاعية غير مقصودة ، بينما ابتسم (جواد) ببرود وهو يراقب تشنجها الواضح ليستقيم بوقوفه بعيدا عنها قبل ان يلتفت للرف ليرتب الكتب المتبقية معه بمكانها كما كانت .

ابتلعت (صفاء) ريقها برهبة وهي ترفع كفها لترجع خصلات شعرها البنية لخلف اذنيها بارتباك ، لتتلفت بعدها من حولها بتشوش وهي تبحث عن الكتاب والذي كان بحوزتها الآن .

وقفت بعدها بلحظات على قدميها باهتزاز وهي تنظر بكل الاتجاهات بدون ان تجد له اي اثر ، لتنتفض عندها بصدمة ما ان اخترق صوت (جواد) غمامتها وهو يتمتم بغموض
"جحيم الحب ، اسم مميز جدا ، ولكن هل هو موجود بالواقع ام لا"

رفعت نظراتها بارتباك نحو الذي استدار نحوها وهو يمسك بالكتاب والذي كان بحوزتها ، ليرفعه بعدها باتجاهها وهو يقول بابتسامة متصلبة
"هذا الكتاب لكِ"

رفعت (صفاء) يديها بسرعة لتلتقط الكتاب منه بلمح البصر وهي تهمس بامتنان
"شكرا جزيلا لك"

وبعد كلماتها استدارت من فورها بعيدا عنه وهي تسير بخطوات سريعة متعثرة نحو طاولة المحاسب بعيدا عن الغمامة الخانقة والتي تحوم من حولها ما ان تراه امامها بكل ما يحمله من غموض وهدوء وكأنه يعمل مع المخابرات ليتجسس على حياتها .

خرجت بعدها من المكتبة وهي تتنفس براحة بعد الضغط والذي تعرضت له بالداخل ، لتنظر بعدها للكيس البلاستيكي والذي يحوي الكتاب الجديد ذات الغلاف المحمر ، وما ان سارت بعيدا عن المكتبة عدة خطوات حتى شعرت بقوة تمر بمحاذاتها لينتشل منها حقيبتها قبل ان تقع ارضا بقوة ، لترفع بعدها نظراتها بوجل للغبار والذي خلفه من وراءه وقد تبين بأنها دراجة بخارية وشخص يركب من فوقها وهي من مرت بجانبها منذ لحظة ، اخفضت نظراتها بسرعة وهي تتلمس ذراعها بارتجاف بعد ان سرقت منها حقيبتها بفعل صاحب الدراجة .

انتفضت (صفاء) واقفة على قدميها وهي تصرخ ببكاء منتحب
"لقد سرق مني حقيبتي ، ذلك اللص ، امسكوه"

شعرت بعدها بيد تمسك بذراعها برفق وصوت (جواد) يقول بحيرة حادة
"ماذا هناك ، لما تبكين"

التفتت (صفاء) بسرعة نحوه لتمسك بذراعه بيد وهي تشير له بيدها الأخرى بعيدا قائلة بتوسل متلعثم
"صاحب الدراجة ذاك سرق مني حقيبتي ، ارجوك اعدها لي..."

صمتت (صفاء) وهي ترتجف ببكاء مرتعش بانتفاض ، بينما ابعد (جواد) كفها عن ذراعه قبل ان يتجاوزها وهو يجري بعيدا عنها ليختفي عن نظرها بلمح البصر وهي لا تصدق مدى سرعته بالجري وهيئته الرياضية وكأنه لاعب رياضي مشهور معتاد على الجري السريع لأمتار طويلة ؟

اخفضت (صفاء) نظرها للأسفل بإحباط وهي تستند بعامود الإنارة بيدها بتشبث لكي لا تقع على وجهها وتصبح بمصيبة أخرى ونظراتها العسلية الحزينة تتنقل بين الأرض امامها وبين مكان اختفاءه كل حين ، لتبتسم بعدها بسخرية وهي تعلق آمالها بذلك الشخص الغريب والذي يصر دائما على السخرية منها بكل مرة تتقابل فيها معه وهي لا تعلم للآن ماذا فعلت له ليعاملها بهذه الطريقة الغريبة ؟

اتسعت حدقتيها العسليتين بكامل استدارتها وهي تنظر للقادم من بعيد بنفس المكان والذي غادر منه ، لتتسع ابتسامتها تلقائياً وهي تنظر لحقيبتها والتي كان يمسك بحزامها بقبضته بجانب جسده الرياضي والقادر على الركض لأميال طويلة وهذا ما اثبته لها الآن ، وهو يبدو امامها بهذه اللحظة بالذات مثل ابطال الحكايات والتي تقرأها من الكتب عندما تقابل البطلة اميرها بنهاية حكاياتها الخيالية .

وقف (جواد) امامها بهدوء وهو ينظر بتجهم لبريق السعادة والذي يراه لأول مرة وهو يحتل حدقتيها العسليتين بانبهار غريب ، ليرفع بعدها قبضته الممسكة بالحقيبة نحوها وهو يقول بهدوء بالغ
"هذه حقيبتكِ المسروقة ، صحيح"

اومأت (صفاء) برأسها بالإيجاب بسرعة وهي ترفع يديها لتلتقط الحقيبة منه قبل ان تفتح سحابها بارتجاف وهي تتأكد من وجود كل محتوياتها بداخلها كما وضعتها ، لتسمع بعدها صوت (جواد) وهو يقول ببرود ناظرا لها بانتباه
"هل كل اغراضكِ بداخلها ، هل ينقصها شيء"

رفعت (صفاء) نظراتها نحوه بهدوء وهي تحرك رأسها بالنفي قائلة برقة ممتنة
"لا كل شيء موجود بداخلها ، وهذا كله بفضلك انت ، شكرا جزيلا لك استاذ جواد ، لا اعلم كيف ارد لك جميلك بالذي فعلته من اجلي"

حفرت ابتسامة شاحبة على شفتيه وهو يتمتم بغموض
"لا بأس اتركيها للأيام ، فنحن لا نعلم ما نوع الظروف والتي تنتظرنا بالأيام القادمة"

لم تنتبه لكلامه بل لم تعره اهتماما وهي تضع حزام حقيبتها فوق كتفها بهدوء وابتسامة متسعة ما تزال تحتل ملامحها ببريق السعادة الجديد ، لتقول بعدها بحيرة وهي تنظر له برقة
"لم تخبرني استاذ جواد ، كيف استطعت الإمساك بصاحب الدراجة بهذه السهولة ، وقد كان يبدو سريعا جدا بسرعة الريح وليس من السهل اللحاق به"

كان (جواد) ينظر لها بهدوء للحظات قبل ان يتمتم بابتسامة باردة
"لا استطيع اخباركِ فهذا سر يخصني وحدي ، ولن يكون سرا إذا اخبرتكِ به يا صفاء"

اهتزت ابتسامتها وهي تعبس بوجوم بدون ان تفهم ماذا يقصد بكلامه وكأنها قد طلبت منه ان يفشي لها معلومات تخص اسرار الدولة وليس عن حادث بسيط يخص ملاحقة لص ؟ عادت بنظراتها نحوه بتوجس ما ان قال بخفوت مبتسم
"لقد عادت الحقيبة لكِ ، إذاً لما ما تزال الدموع تحتل اطراف عينيكِ"

رفعت كفها بسرعة وهي تمسح خديها وعينيها بقوة امام نظراته الشاردة ، لينحني بعدها امامها وهو يلتقط الكيس البلاستيكي والذي يحوي كتابها من على الأرض قبل ان يعود ليستقيم امام نظراتها الذاهلة ليمد ذراعه الأخرى وهو يمسك بكفها قبل ان يضع الكيس براحة كفها بصمت ، قال بعدها بلحظات بهدوء وهو يغلق راحة كفها بقبضته ذات الأصابع الطويلة بقوة
"انتبهي على نفسكِ يا صغيرتي"

كانت (صفاء) تتنفس بارتجاف متشنج من ملمس يده على راحة كفها لتبعد عندها يدها بعيدا عن قبضته وهي تشيح بنظرها جانبا بارتباك واضح ، ليتراجع بعدها بخطواته بعيدا عنها وهو ما يزال يبتسم لها بغموض قبل ان يستدير وهو يسير بنفس الطريق والتي جاء منها قبل قليل مثل بطل الحكايات ، لتعود بعدها بلحظات لرفع نظراتها نحوه ببطء وابتسامة صغيرة احتلت جانب شفتيها الورديتين بحالمية وقد تحولت حكاياتها الخيالية لحقيقة متجسدة امامها .

_____________________________
كان يسير بممرات الشركة وهو يمسك بالملف بيده ناظرا له بتركيز ، ليصطدم بعدها بفتاة التوصيل والتي كانت تحمل صينية تحوي على اكواب القهوة وقد انسكب قطرات منها على سترته السوداء ، ابعد نظره عن الملف وهو ينظر لسترته بهدوء واجم للقطرات المنتشرة على سترته بوضوح ، بينما قالت الفتاة امامه بتلعثم مرتجف
"انا اعتذر سيد احمد ، لقد كنتُ...."

قاطعها (احمد) وهو يقول بابتسامة هادئة بدون ان يتأثر بما حدث
"لا بأس اهدئي ، ليست بالمشكلة الكبيرة فأنا املك الكثير بمنزلي مثل هذه السترة ، لذا لا داعي لكل هذا الجزع"

تنفست الفتاة بهدوء وهي تحرك رأسها قائلة بأسف شديد
"انا اعتذر حقا ، لم انتبه"

كان (احمد) يتلمس البقع الصغيرة المنتشرة على سترته بيده وهو يقول ببرود جليدي
"اخبرتكِ لا بأس ، فقط لو كان معكِ منديل من اجل..."

قاطعته الفتاة بسرعة وهي تخرج المنديل من جيبها لتمده نحوه قائلة بارتباك
"ها هو المنديل سيدي ، تفضل"

رفع (احمد) رأسه نحوها باتزان ليلتقط المنديل منها وهو يهمس بهدوء
"شكرا ، هذا سيفي بالغرض"

ابتسمت الفتاة باهتزاز وهو تتمسك بالصينية بين يديها لتقول عندها بخفوت محرج
"والآن عذرا سيدي"

حرك (احمد) رأسه بهدوء بإشارة منه بأنها تستطيع الذهاب الآن ، لتسير بعدها بعيدا عنه وهي تتجاوزه قبل ان تغادر بالطريق المعاكس له ، بينما انشغل (احمد) بمسح سترته من البقع والتي اصبحت باهتة غير مرئية باستخدام المنديل ، ليكمل بعدها سيره باتجاه غرفة المكتب وهو يدس المنديل بداخل جيب بنطاله ، طرق بهدوء على باب غرفة المكتب قبل ان يدخل وهو ينظر للرجل الكبير والذي طل عليه وهو يجلس خلف مكتبه بكل قوة ونفوذ استطاع به ان يتحدى بوجوده جميع المدراء بعالم الاعمال ومنهم من سحقهم بسهولة واخفاهم عن العالم بأكمله لكي لا يتجرأ احد على الاستخفاف به مجددا .

تقدم (احمد) بخطواته باتجاه مكتب والده وهو يبتسم له باتزان هادئ معتاد عليه امام والده ، وما ان وقف امام المكتب حتى وضع الملف والذي ما يزال بيده امام والده تماما وهو يقول بابتسامة متصلبة بوقار
"لقد وافقوا على الشراكة ، وهذا الملف الخاص بشراكتنا معهم وبه جميع التفاصيل الخاصة بهم وايضا موجود به مطالبهم"

نقل (محراب) نظراته من ابنه للملف امامه بتركيز قبل ان يعود بنظره لابنه وهو يقول بتفكير متصلب
"كيف وصلت بقع القهوة لسترتك ، هل اصطدمت بأحدهم قبل مجيئك إلى هنا"

اخفض نظره لسترته وقد كان يتوقع حدة نظر والده ويقظته الدائمة من كل ما يجري من حوله ، ليقول بعدها بعبوس وهو يعدل من وضع سترته بشكل لا تظهر به البقع
"اجل لقد اصطدمتُ بالفتاة والتي كانت توصل اكواب القهوة للمكاتب ، ولكن الخطأ ليس خطأها هي بل خطأي انا لأني كنتُ اسير شارد الذهن حتى اصطدمت بها"

تجهمت ملامح (محراب) وهو يقول ببأس شديد
"واكيد سامحتها على خطأها ولم تحاسبها على فعلتها ، وتركتها تمر مرور الكرام"

ابتسم (احمد) بهدوء بدون اي كلام وهو ينظر له بصمت ، ليتابع بعدها (محراب) كلامه بحدة وهو يزفر انفاسه بيأس
"لا اصدق ما اراه امامي لن تتغير ابدا يا احمد وستبقى دائما ذلك الشاب النبيل والضعيف والذي يداس عليه بقوة ، عليك ان تفهم امرا مهما وهو بأننا نحن الكبار لا ننزل لمستوى احد اقل منّا بل نجعل الناس هي التي ترتفع لمستوانا لتستطيع التكلم معنا او طلب السماح والغفران منّا"

كان (احمد) يحرك رأسه بطاعة بدون ان يحاول مناقشته بكلامه والذي اعتاد على سماعه منه دائما بدون ان يجلب اي فائدة او يغير من حاله كما يريد والده فأكثر شيء اكتسبه بعمله مع والده هو الصمت بكل شيء يحدث ويدور من حوله بدون ان يعلق او يبدي رأيه بشيء يفعله والده ، وهو واثق بأن كل شيء يفعله بحياته من قرارات واوامر يصدرها والده سترجع على الجميع بالفائدة بالنهاية وسيدر على مصلحته دائما فعلى هذا تعلم وتربى .

قطع الصمت الطويل بينهما والذي لفهما بهالة من الجمود وهو صوت طرق على باب المكتب باتزان ، ليطل منه بعدها رأس السكرتيرة وهي تقول بعملية جادة
"سيدي هناك ضيف يريد رؤيتك وهو يقول بأنه من عائلة نصران"

ردّ عليها (محراب) من فوره بصرامة قاطعة
"اتركيه يدخل"

استدار (احمد) بحيرة وهو ينظر لمكان اختفاء السكرتيرة ليحل مكانها بعدها بلحظات رجل كبير يقارب عمر والده وهو يتبعه شاب صغير يحمل بين يديه مجموعة من الملفات وهو يرتدي فوق عينيه نظارة طبية ، ليدخل بعدها الرجل الكبير وهو يتقدم نحو المكتب قائلا بسعادة بالغة
"مرحبا يا سيد محراب الكبير ام اقول حوت عائلة الفكهاني"

وقف (محراب) عن مقعده ليرحب بالضيف والذي ما ان وصل امام مكتبه حتى صافحه بيده بقوة ، ليقول عندها بنفس ابتسامته القوية والتي لا تخلو من تجاعيد العمر
"لقد تشرفنا حقا بقدومك يا سيد نصران ، هيا تفضل اجلس فقد اتيت بالوقت المناسب تماما لنتكلم به بحرية عن العمل"

التفت الرجل نحو (احمد) والذي ما يزال جامد بمكانه ليقول عندها بابتسامة بشوشة
"مرحبا بك يا ابن محراب ، كيف هي احوالك بني"

حرك (احمد) رأسه بهدوء وهو يتمتم بوجوم خافت
"بخير ، شكرا لك على السؤال ، ولكن ألن تعرفنا بصديقك"

ضرب الرجل جبينه براحة كفه بتذكر ليشير بعدها للشاب بذراعه وهو يقول بهدوء جاد
"هذا الشاب الصغير يكون مدير اعمالي ، وقد بدأ بالعمل معي منذ فترة وجيزة ولكنه يملك خبرة تعادل خبرة عشر سنوات عمل"

حرك (محراب) رأسه بتفكير وهو يقول بابتسامة متصلبة
"مرحبا بك وبمدير اعمالك ، وشركتي ترحب بكم بأي وقت"

جلس (محراب) بهدوء على المقعد خلف المكتب وهو يستمع لكلام المقابل له وهو يقول باتزان
"هذا كرم بالغ منك"

اكتفى (احمد) بنقل نظراته بين الشاب والذي ما يزال واقف عند باب المكتب بريبة وبين الرجل الكبير والذي جلس امام مكتب والده بابتسامة لم تفارقه منذ دخوله ، ليبدأ بعدها (محراب) بالكلام وهو يقول بجدية حازمة ممسكا بالملف امامه
"لقد وصلني الملف والذي يخص الشراكة والتي وافقت عليها ، ولكني لم اطلع عليه بعد ، وارى بأنك قد اسرعت بالمجيئ من اجل التكلم عن الشراكة ولم يمر على وصول الملف سوى دقائق"

تنهد الرجل بهدوء وهو يقول بغموض مريب
"الحقيقة لقد اتيتُ إليك لاستفسر منك عن شيء آخر بعيدا عن شراكة العمل ، وكنتُ اريد سماع الجواب منك تحديدا"

عقد (محراب) حاجبيه بحدة بدون ان ينطق بأي كلمة ، ليتابع بعدها الرجل كلامه قائلا بتركيز حاد
"لا اريد التطفل على ما لا يعنيني ، ولكني قد سمعتُ بأنهم قد ألقوا بالقبض على المجرم زوج مايرين الفكهاني ، وانت الآن تستقبل بنات شقيقتك بمنزلك بعد دخول والدهم المجرم للسجن"

تصلبت ملامح (احمد) بشراسة وهو يقبض على كفيه بقوة حتى ابيضت مفاصل اصابعهما ، ليقول بعدها (محراب) بصوت حازم بخفوت خطير
"اعتقد بأن هذه امور تخصني وحدي ، وليس هناك اي احد له علاقة بحياة عائلتنا وما يحدث بها والبعيدة تماما عن امور العمل"

ابتسم (احمد) بقليل من الراحة بدون ان يختفي الغضب والذي يشعر به باتجاه هذا الرجل المتطفل والذي اقل ما يستحقه هو الطرد من هذه الشركة بأكملها ، بينما كان الرجل يضم قبضتيه معا فوق ساقيه وهو يقول بابتسامة غامضة
"اعلم هذا جيدا ، ولكن لا تنسى بأن اهم شيء بالشراكة بيننا هي الثقة المتبادلة بين الطرفين ، ولكي نستطيع الاستمرار بهذه الشراكة علينا ان نتأكد بأنه ليس هناك اي شيء سيفسد علينا هذه الشراكة بالمستقبل ، واقصد بكلامي هي سمعة الشركتين النظيفة بهذا العمل"

كان (احمد) يتنفس بحدة وهو يحاول ضبط اعصابه امام هذا الرجل والذي يقارب بعمر والده وهو يحاول تهديدهم من بين كلامه بطريقة غير مباشرة وببساطة بالغة ، مرت بعدها لحظات فاصلة بين اربعتهم قبل ان يقصف صوت (محراب) بصرامة مشددة وهو يقدم وجهه امامه
"إذا كان هذا هو الأمر ، فلا املك سوى ان اخبرك بأن هذه الشراكة قد انتهت قبل ان تبدأ ، وهذه الثقة والتي تتكلم عنها لا تحصل بهذه الطريقة يا عزام نصران ، ولعلمك فقط سأخبرك بأن ذلك الملقى بالسجن لا يربطني به اي علاقة وتلك الموجودات بمنزلي لا يقرب لهم شيئاً وليس بوالدهم الحقيقي بل هو يكون مجرد شخص اهتم ببنات مايرين الفكهاني بعد وفاتها"

اخفض (عزام) نظره للأسفل بهدوء قبل ان يرفع نظره ببطء قائلا بابتسامة هادئة
"لا تقل مثل هذا الكلام يا محراب ، واعذر فضولي والذي دفعني لأتكلم بكل هذا فقد لعب الشيطان بعقلي وجعلني اغُضب شريكي بالعمل ، لذا انسى كل ما فات ولنفكر فقط بشراكة العمل والتي تربطنا الآن"

اشاح (احمد) بوجهه بعيدا عنه بعدم رضا وهو يتمنى لو يطرده والده ويصر على انهاء هذه الشراكة والتي بدأت بالشك والتهديد وستنتهي بالفشل ، قال بعدها (محراب) وهو يحرك رأسه بهدوء متزن
"لا عليك لقد سامحتك ، ومن اجل ان نبدأ بداية جديدة معاً وموفقة لشراكتنا انا اريد ان ادعوك لحفلة صغيرة بمنزلي وكل الموظفين بالشركتين مدعوين لها ، ويمكنك اعتبارها معاهدة سلام بيننا"

التفت (احمد) برأسه بعنف باتجاه والده وهو لا يصدق بأنه قد فعل مثل هذا التصرف بدعوة ذلك الرجل والذي يشكك بشراكتهم لمنزله ؟ بينما ابتسم (عزام) باهتزاز من المفاجأة وهو يقول ببعض الارتباك
"حقا هذا شرف لي ان تدعوني لحفلة بمنزلك ، ولكن عليك ان تسمح لي بأنه انا الذي عليّ ان اخطو مثل هذه الخطوة وادعوك لمنزلي فأنا الذي بدأتُ اولاً واغضبتك مني"

ردّ عليه (محراب) بهدوء قاطع وهو يضم قبضتيه معا بقوة
"بل انا الذي دعوتك اولاً ، لذا غير مسموح بالاعتراض ابدا ، ولا نعلم قد تكون الحفلة التالية نجاح المشروع بمنزلك انت"

اتسعت ابتسامة (عزام) وهو يضرب بقبضته على صدره قائلا بثقة
"وانا جاهز لأي حفلة قادمة ، ولدي ثقة كبيرة بنجاح هذه الشراكة بيننا يا محراب الفكهاني"

وقف (محراب) عن مقعده بهدوء ليتبعه (عزام) وهو يقف امامه تماما ، ليرفع بعدها الواقف خلف المكتب كفه عاليا وهو يقول بابتسامة جادة بقوة
"اذاً لقاءنا القادم بمنزلي ، ولا تنسى المجيئ فهذا الحفل سيكون على شرفك ونحن سنرسل لك الدعوة ما ان نحدد الموعد المناسب للحفلة"

ردّ عليه (عزام) بتأكيد وهو يرفع كفه ليصافحه بنفس القوة
"اكيد سآتي فهذا شرف لي ، فأنا متشوق جدا لحضور حفلكم هذا"

حرك (محراب) رأسه بالإيجاب وهو يترك كفه ليغادر بعدها (عزام) باتجاه باب المكتب وهو يلوح بكفه عاليا قائلا باحترام
"وداعا يا حوت عائلة الفكهاني ، واتمنى لكم يوما سعيدا"

خرج بعدها من باب المكتب يتبعه مدير اعماله بصمت ، لتختفي بعدها ابتسامة (محراب) بغموض وهو يستمع لكلام ابنه والذي كان يقول بتجهم واضح
"لما فعلت هذا يا ابي ، واخبرته معلومات عن عائلة عمتي مايرين كما كان يريد"

ردّ عليه (محراب) بهدوء وهو يستند بكفيه على سطح المكتب بتحفز
"لأن هذا ما كان عليه ان يحدث ، فقد حان الوقت المناسب لنسكت افواه الناس ونضع حدا لكلامهم المسيء عن سمعة عائلة مايرين والتي لطخوها بالوحل بما فيه الكفاية ، بالرغم من انها تستحق ما يحدث لها فهي التي جلبت العار لنفسها منذ البداية"

نظر (احمد) بتفكير نحو والده قبل ان يتمتم باستنكار خافت
"وماذا عن الحفلة والتي تفكر بعملها على شرفه ، ما لداعي لكل هذه الرسميات يا ابي وانت الذي لم تحب يوما كل هذه المظاهر الخادعة"

عاد (محراب) للابتسام بتغضن وغموض وهو يبعد كفيه عن سطح المكتب قائلا ببرود يخفي من خلفه الكثير
"لا تستعجل الأمور يا بني ، وكل شيء سيتضح امامك بالحفلة القادمة ، فكل شيء بوقته جميل"

ادار (احمد) عينيه وهو يعيد نظراته لمكان اختفاء المدعو (عزام) وكل شيء يتمناه ان لا يحدث مزيد من المشاكل والاساءة بالكلام عن عائلة عمته وبشراكة العمل المريبة والتي لم يرضا عنها للآن .

يتبع..................


على هذا الرابط
https://www.rewity.com/forum/t481045-3.html



التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 27-03-21 الساعة 09:02 PM
روز علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس