عرض مشاركة واحدة
قديم 25-05-21, 02:32 AM   #1004

samar hemdan
 
الصورة الرمزية samar hemdan

? العضوٌ??? » 461744
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 969
?  نُقآطِيْ » samar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond repute
افتراضي

***
التردد آفة من شأنه قتل أميال من العشب في رفة جفن..
أرسلت له رسالة أخبرته فيها أنها تريد لقاءه لتبلغه بقرارها الأخير وجهًا لوجه، أشرق وجهه بعد لفتتها الصباحية، نهض من فراشه وتحضر إلى السفر إليها، ذهب إلى غرفة أمه قبل استيقاظ الأطفال واندلاع الجلبة المعتادة، كانت لا تزال في فراشها تحاول إطعام الصغيرة وجبة اللبن الصباحية خاصتها، دلف وسمع همهمة الصغيرة فيما تتلذذ بما تحتسيه، ابتسم في غموض فدميانة ستأتي قريبًا وستأخذ دورها تلقائيًا كأم لكل هؤلاء الجيش الذي يناديه أبي دون وجه حق، انتبهت له أمه تترصده ببصره:
ـ قلبي يخبرني أنك ستريحني بزواجك قريبًا..
اتسعت ابتسامته فيما يجلس على طرف فراشها ويمد يده ليلتقط منها الطفلة وزجاجة الحليب ويشرع في إطعامها بدلًا عنها، مازحها ضاحكًا:
ـ ألا تريدين بعض اللبن من العاصمة..
تهللت أساريرها تربت على ركبته:
ـ ستذهب إليها حقًا..
صفقت يديها في سعادة:
ـ سأبدأ في تحضيرات الإكليل من اللحظة..
لم يدهشه تسرعها يتفهم دوافعها تمامًا، مسد خصلات الطفلة برفق وتبادل معها ابتسامة قبل أن يعقب على حديث أمه:
ـ انتظري قليلًا كي أتحدث معها في كل التفاصيل أولًا، لا يصح أن نتخذ قرارات بدلًا عنها..
امتعض وجهها الذي أشاحت به بعيدًا:
ـ قرارات ماذا، هذا الطبيعي ثم أنك رجل رائع ومهم ودميانة ستسعد بأي قرار تتخذه في شأنها..
رفض المبدأ تمامًا وراح يثنيها عن أفكارها تلك:
ـ الأمور لا تسير بهذه الطريقة يا أمي، أقل شيء هو الاتفاق والأخذ برأيها في شأن مصيري كهذا..
قالها ونهض يعيد إليها الطفلة التي استكانت في أحضانه وغفت بالفعل، ربتت الأم على ظهرها وأعادتها محلها على الفراش، وضع زجاجة الحليب على الطاولة وقبل رأس أمه قبل أن يذهب..
سافر إليها بسيارته بعد تأجيل أعمال اليوم، استغرق ساعات طويلة فكر فيها في ديباجة يبدي لها بها سعادته بذلك اللقاء، حك مؤخرة رأسه فلم يخفق قلبه لامرأة إلا في سن المراهقة، كانت مشاعر هوجاء أخذت وقتها وتلاشت، ظل قلبه باردًا دون صخب النبض حتى التقاها، سيخبرها بذلك تفصيلًا اليوم، وصل إلى العاصمة وهاتفها لترد عليه بتحفظ أكثر من المعتاد، اختار مكان للقاء فوافقته، وصلت بعد نصف ساعة من انتظاره المتوتر لها، استنكر في نفسه توتره وحاول السيطرة عليه، حضرت تبحث عنه بعينيها فنهض يقابلها في منتصف الطريق، انحسرت بسمته التي قابلها بها حين لاحظ تجهم ملامحها، أشارت إلى البحيرة الاصطناعية في باحة المقهى الخارجية:
ـ لا أفضل المكان المغلق، أريد تنشق الهواء بالخارج..
أومأ لها يوافقها وأشار لها في احترام كي تتقدمه، ما رآه على وجهها لا ينذر بخير أبدًا، سار جوارها على ممشى على حافة البحيرة سألها عن حالها فردت باقتضاب، كانت قد حضرت جملها التي سلتقيها في وجهه وتهرب سريعًا، قد خاب ظنها به حقًا وما فكرت للحظة أنه يستغلها، وأكثر ما تبغضه في الحياة هو ذاك الاستغلال، سألها متوجسًا:
ـ ما الأمر دميانة..
في اهتمامه صدق لا تخطئه أذن ولو تعرف كيف أثر به ذلك التيه والوحدة الذي انحفر على وجهها لاقترنت به في التو واللحظة، تغاضت عن صدقه وعن شعورها به ووقفت أمامه مباشرة، تظهر له خيبة أملها فيه غير منقوصة:
ـ أتعرف أكثر ما أكره يا سيد يوسف؟
حدثته بعمليه يشوبها جرح عميق، سألها حائرًا:
ـ ماذا يا دميانة، أخبريني أنتِ.
أطبقت قبضتها وحاوطت بطنها بساعدها فيما تقاطرت المرارة من بين حروفها:
ـ أن يتخذني أحد مجرد سُلم.
تساءل مندهشًا:
ـ سُلم!.. من الذي استغلك؟
فاض الاتهام من عينيها، مثله مثل نيكولاس بل إن الآخر كان أكثر وضوحًا معها حين أخبرها حقيقة احتياج ابنه لأم، أخبرته في حزن:
ـ لم يكن عليك خداعي أبدًا، علمت أن أوراق التبني خاصة أطفالك تحتاج متبنَى قد تخطى الأربعين.
توسعت أحداقه بالتدريج لا يستوعب ما تهذي به سألها بعقدة جبين:
ـ عفوًا!
انفعلت لأول مرة تتهمه مباشرة:
ـ طلبت الزواج مني لتستغلني.
لوح بكفيه في الهواء بلا معنى:
ـ من أخبرك بهذا الشيء!
ازدرد لعابها تكمل ما بدأته:
ـ هناك قانون جديد للأحوال الشخصية الخاصة بالأقباط أحد بنوده يخص التبني.
علق في جمود:
ـ لم أسمع به من قبل.
تلكأ بصرها عليه:
ـ هذا لأنه ما زال في طور المناقشة، لم يتم التصديق عليه بعد.
توسعت أحداقه مرة ثانية وتلك المرة زاد شعوره بالإهانة فراح يستفهم مشيرًا إلى نفسه:
ـ تتهمينني بهذا الاتهام من أجل قانون لم يعتمدوه بعد!
لن تخبره أنه تخاف المخاطرة وأن التردد في شأنه يقتلها، وأنها اعتادت الوحدة ورغم مشاعرها تجاهه لديها رعب من التجربه، أومأت له ببطء فأمعن فيها النظر بضع دقائق قبل أن يمسك بكفيها يعانقهما فيزداد بينهما الدفء، اعتقل بصرها يخبرها في هدوء خلفه غضب شديد:
ـ أنتِ امرأة مميزة يا دميانة، سعيد لأنني قابلتك وتعرفت عليكِ، كنت أود حدوث شيء بينا لكن..
تركها معلقة بضع لحظات كما تعلقت عيناها به:
ـ لكن كيف سنكون جسدًا واحدًا وأنتِ تشكين بي هكذا..
لم تجد ما تعلق به، ألجمها صدق نبرته التي لم تفتقر إلى التقدير، حرر كفيها متنهدًا في يأس:
ـ أتمني لكِ الأفضل، وداعًا.
لوح لها قبل أن يستدير وينصرف وفي هاته اللحظة المفعمة بالصدق عرفت أنها تخسر فافترت عيناها عن عبرة وهمسة خافتة لم تصله:
ـ يوسف.
رحل يوسف دون التفات فلم يسمعها قط، عادت إلى منزلها بحزن عميق وقتامة، تراجعت ذاكرتها إلى لحظة بداية نهاية حكايتها حيث قصدت صديقتها تأخذ رأيها، كانت دميانة قد اختلت بنفسها لوقت طويل جدًا، طويل حد استغراقها في التفكير، اعتادت الوحدة والتصرف على أساس ألا أحد ينتظرها ولا تنتظر أحد، لكن شيئًا غامضًا جذبها إليه، رسمت في عزلتها حياة خيالية وشيدت بروجًا من جدران السعادة وسكنتها معه ومع عائلته، أثناء الجلوس مع شريكتها في العمل لإنجاز بعض الحسابات الخاصة قصت عليها كل شيء، والأخرى فرحت من أجلها وشجعتها لكن بعد يومين هاتفتها تخبرها على استحياء أنها أفصحت عن حكايتها أمام بعض الصديقات وكان ذلك تعليق إحداهن
ربما يستغلها لتبني الخمسة أطفال بالقانون، سمعتها دميانة وانهارت بروجها معه فيما سقطت فريسة التردد والشك اللذين قتلا عشبهما قبل أن ينبت أصلًا..
يتبع..


samar hemdan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس