عرض مشاركة واحدة
قديم 30-05-21, 10:34 AM   #1

بيلسان راغب

? العضوٌ??? » 488656
?  التسِجيلٌ » May 2021
? مشَارَ?اتْي » 2
?  نُقآطِيْ » بيلسان راغب is on a distinguished road
افتراضي رواية ليتهُ كان لي


مرحبا بكم أعزائي
كيف الحال؟ أولا اريد ان ارحب بكم جميعاً و اشكركم لدخولكم لهذه الرواية و هي ليست أول تجربة لي مع الكتابة و لكني اعتبرها التجربة الأولى الجدية و هي أيضا اول تجربة لي في منتدى روايتي الثقافية و قد قررت ان انشر روايتي الاولى في هذا المنتدى و اتمنى بشدة ان اقرأ آرائكم و تعليقاتكم بكل صراحة على روايتي و الان سأترككم مع المقدمة و باقي التفاصيل سأخبركم عنها بعد المقدمة

أتمنى لكم قراءة ممتعة



رواية ليتهُ كان لي

المقدمة


الرسالة الأولى

طفلتي الصغيرة
هذه رسالتي الأولى التي اكتبها لكِ و لا اعرف ما الذي يجب أن أقوله ولكني ارغب بالتواصل معكِ. لازلتُ لا استطيع الاحساس بكِ. لا استطيع الشعور بنبض قلبكِ و حركاتكِ فأنتِ لا زلتِ صغيرة مثل حبة البازلاء. الشيء الوحيد الذي يؤكد وجودكِ هو صورتكِ بالأبيض و الاسود على جهاز الاشعة فوق الصوتية و ذلك الانتفاخ البسيط في بطني و الذي لا يُرى بوضوح. في بداية حملي بكِ لم أكن أعرف بما سأناديك لأني لم أكن أعرف جنسك بعد. حينها تمنيتكِ صبياً .. صبياً حراً جامحاً فنحن يا صغيرتي نعيشُ في مجتمع ذكوري أحمق تفكيره سطحي و أخرق .. مجتمع قاسي يدعي أن المرأة حرة ثم يأتيها بكل غباء على حين غرة و يقول لها انها مجرد "اداة مسلوبة الإرادة" أما الرجل فهو يبقى رجلاً مهما كان في ذاته من قرف .. تمنيتك صبياً لكي لا تغرقي في وحل الحياة .. تمنيتكِ صبياً كما تمنيتُ نفسي رجلاً بعضلات مفتولة، لأواجه الآخرين بالحجارة واللكمات. لا تقلقي يا صغيرتي فأنا لستُ غاضبةً منكِ. انا فقط اقلق عليكِ من نفسي و من العالم الذي نعيشُ بهِ.

.................................................. ....................

في زمان و مكان آخر

كان جالسا في سيارته الفارهة ينفث دخان سيجارته «الّلف» بهدوء. يحرقها حتى النفس الأخير، فيما عيناه الضيقتان تراقبانها بحدة كعيني الصقر. ينظر إليها بإنشداه و ابتسامة كسولة تتراقص على شفتيه بينما تلك النسيمات الصيفية الدافئة تداعب شعرها ووجنتيها أثناء سيرها وقطعها طريقها الصباحي القصير نحو متجرها. يدقق النظر في أصابعها التي تمتد لتلمس الفروع المثقلة بالأوراق والأزهار المدلاة من خلف أسوار المنازل الجميلة المجاورة لمنزلها .. بحنان ورفق و رقة لم يرى لها مثيل كانت تتلمس نعومة الأوراق فتتراقص الورود ناثرةً شذاها في المكان. على الرغم من حرارة الجو المرتفعة إلا أنه يراها منتعشة كزهرة ياسمين ندية .. كالماء النقي .. و كالسماء الصافية. فستانها الأصفر الذي بالكاد تجاوز ركبتيها كان يظهر لون بشرتها البيضاء الناعمة بينما شعرها الأسود كان مرتفعاً فوق رأسها في ذيل حصان إلا أن بعض الخصلات الثائرة أبت إلا أن تتمرد وتتساقط بنعومة حول وجهها مداعبةً وجنتيها و شفتيها المنتكزتين. رآها و هي تنحني بهدوء و أناقة لتقطف زهرة فاتنة مكتملة النمو وتخبئها بين طيات شعرها المموج الكثيف. عدلت الشابة الفاتنة حقيبتها القماشية البيضاء المعلقة على كتفها الأيمن مقاطعة صدرها لتتدلى فوق وركها على الجانب الأيسر و هي تكمل سيرها بحيوية و رشاقة تسلب الأنظار و القلوب.

_ "هاجر .. هاجر شاهين"

نطق اسمها بتلذذ بينما عيناه لا تزالان تراقبانها بشغف غريب. إنها فاتنة .. غامضة .. و ماكرة أيضا. على الرغم من رقتها و ملامحها الملائكية إلا انه يستطيع ان يرى المكر و الدهاء بوضوح في عينيها العسليتين. لديها ابتسامة رقيقة و عيون ماكرة و نظرات خبيثة تتفحص ما بداخل الروح وتتوسل لتدخل إلى القلب بكل دهاء. استطاع أن يدرك من اللقاء الاول بينهما إنها امرأة لعوب لأنه ببساطة خبير في اكتشاف خبايا النساء و أسرارهن فهو لم يترك خد أبيض او اسمر إلا و قد قام بغزوهِ و ما بين كل تلك الغزوات، الأمر كان مختلفاً بصورة غريبة هذه المرة فهو لم يكن يهتم بملاحقة إحداهن من قبل. ينظر إليها وهي تقطع الشارع برشاقة ​و ​بخطوات راقصة حتى اعتلت الرصيف المؤدي إلى مقصدها .. إلى متجر الورد. لمعت عيناه بوميض خاطف بينما اشتدت أصابعه على المقود و هو يتمتم بصوت أجش خافت و بنبرة جادة واثقة لا ترضخ و لا تقبل الهزيمة "انتِ لي يا هاجر .. ستكونين ملكي أيتها الساحرة."

.................................................. ..........................

اغلق باسل باب سيارته على عجل بعد ان علق حقيبة الحاسوب الثقيلة على كتفه وحمل محاضراته وكتبهُ باليد الاخرى. اضطر لركن سيارته المتهالكة بعيدا عن بوابة الجامعة لعدم وجود مكان شاغر قريب مما سيضطره لاضاعة المزيد من الوقت وهو يهرول عبر الشارع ليلحق بمحاضرته الاولى. ألقى نظرة مشمئزة على سيارته القديمة مدركاً أنه قد حان الوقت لبيع هذه الخردة و شراء سيارة جديدة. كانت أمطار أيلول قد همت منذ ساعة. يستطيع ان يرى حبات المطر و هي ترسم دوائر صغيرة على الأرض. فكر في لحظة أن يرفع رأسه للسماء و يترك نفسه للغرق. يعرف كيف يبدأ الجنون قرب الماء، لحظة يختلط فيها صوت المطر برائحة التراب ويتدفق هذا المزيج الساحر في دهاليز أذنه و أنفه، عندئذ لا شيء إلا الانتعاش و المتعة. ضم باسل كتبه إلى صدره محاولا إبعادها عن زخات الماء و بدأ يسير بإتجاه بوابة الجامعة بينما لا يزال يشعر بلسعات حبات المطر المستفزة على وجهه. دائما كان السير تحت المطر حلماً من أحلامه الغريبة، وكأن ماء السماء يطهر النفس من قذارة الأرض. فكر باسل بسخرية مريرة أنه بالتأكيد لم يكن يريد لهذا الحلم أن يتحقق اليوم بالذات. في تلك اللحظة عصفت ريح قوية فتطايرت أوراق الشجر وحطت على الأرض. كانت الطريق خالية من البشر و مليئة بالوحل. منظر هذه الأشياء يجعله يشعر أنه خيال .. مجرد شبح في العالم الذي يعيش به. يحاول السير بأسرع قدر مستطاع بينما المطر يغمره بجنون حد الغرق. ربما الغرق هو الشي الوحيد الذي اعتاد عليه في هذه الحياة فهو أمضى سنين عمره كلها غارقاً في بحر الأسى و جلد الذات. توقف أخيراً ليلتقط أنفاسه عندما وصل إلى بوابة الجامعة. رفع رأسه و هو يتمتم بصعوبة و استسلام: "انه اليوم الاول و قد تأخرت بشدة. الدكتور عدنان بالتأكيد لن يسمح لي بدخول المحاضرة."

تسمر باسل مكانه و هو يبصر لوحةً بشرية غريبة لم يراها من قبل على أرض الواقع. فتاة ذو شعرٍ كستنائي طويل تقف تحت المطر بشموخ محدقةً بالسماء و كأن هنالك حوار عميق يدور بينها وبين السماء في لحظة انهمار المطر بينما تمد يدها في الهواء. تبدو و كأنها جمعت كل حيرتها وأخبرتها للغيوم الرمادية وعلقت كل أسرارها مع كل قطرة مطر. شابة ساحرة رأت بضوء البرق وصوت الرعد قوة تملكت جسدها فلم تهتم بتبلل ثيابها وخصلات شعرها. تحت مطر الرحمة، هنالك أناسٌ يركضون، خائفون أن يبلل المطر ثيابهم الثمينة إلا هي. لم تهرب من فيضان المياه تحت قدميها و لم تتقي خيوط الماء المنهالة على شعرها و وجهها و لا احتمت بمكان او بحثت عن الاحتماء بل ظلت واقفة تستمتع بتلك الخيوط الرّفيعة المتدلّية من السماء في انسياب حريريّ بارد و قد أشعره استمتاعها بدفءٍ يسري في عروقهِ المتجمدة. لقد شعر للمرة الأولى منذ زمنٍ طويل بأنه لم يكن مجرد خيال أو شبح في هذا الكون. لقد كان هنالك شخصٌ آخر في هذا العالم يقف بمواجهة تلك العاصفة يشاركه تأخيرهُ .. وحدتهُ .. و عشقه للمطر.



***



اعزائي اتمنى ان اقرأ ارائكم و تعليقاتكم بكل صراحة عن المقدمة. انا انوي ان استمر بكتابة الرواية و دعمكم حيكون المحفز الوحيد الذي سيشجعني على الاستمرار. حيتم تنزيل الفصل الأول و الثاني بعد ثلاثة أيام بنفس الموعد بإذن الله. آراكم قريبا ❤


***


روابط الفصول
المقدمة .. اعلاه





التعديل الأخير تم بواسطة كاردينيا الغوازي ; 31-05-21 الساعة 09:25 AM
بيلسان راغب غير متواجد حالياً