عرض مشاركة واحدة
قديم 16-06-21, 02:25 AM   #1095

samar hemdan
 
الصورة الرمزية samar hemdan

? العضوٌ??? » 461744
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 969
?  نُقآطِيْ » samar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond repute
افتراضي

بعد مرور عام..
..
..
قل لقلبكَ أنني أحببتُه فلعل صوتَ الحبِ يبلغُ مسمعك..
رفقا بحالي إن قلبي موجعٌ وشفاؤه في أن يراكَ ويسمعك..
مهما ابتعدت عن الفؤاد فإنني مستوطنٌ رغم المسافةِ أضلعك..
الشاعر نجيب ناصر
...
شتوية جديدة
لا يبدد اشتعال الشوق سقيعها، فقد زحفت الثلوج وشيدت جسور بلا نهاية..
كانت جالسة على مقعدها خلف مكتب تسند بساعديها إليه تنقر على أزرار حاسوبها وتركز في تفاصيل ماتكتب على الشاشة، شارفت على الانتهاء من تنسق ملفات عملها، استغلت فراغ المتجر من زبائنه في ساعة مطيرة كتلك للتخلص من عبء الأعمال المتراكمة، كما كانت أسماء في المخزن المرفق للمتجر من الداخل ترتب بعض الأشياء والعاملة الصغيرة تفعل الشيء نفسه في الأغراض المعروضة خلف الواجهة الزجاجية الداخلية..
انهمكت صبر في عملها منعزلة عن العالم بتفاصيله حتى توقفت فجأة إثر تدفق طاقة غير مفسرة إليها بددت تركيزها كليًا، حاولت مقاومة التشتت عدة مرات واسترجاع بعض التركيز وقابلها الفشل الذريع، رفعت رأسها تتأفف وتدور بعينيها فيما حولها فاجتاحها الجمود حين وقعت عيناها على ما خلف الباب الزجاجي للمتجر، بالخارج يقف يحول دون ارتطام قطرات المطر بالزجاج وما دون المساحة التي يحتلها جسده تتلاطم القطرات بالسطح وتتحطم في انفجارات مدوية، كان يراقبها منذ وهلة، تلاعب بها عقلها حد أنها تشوشت كليًا ولم تعد قادرة على التحديد هل وقفت أم ظلت جالسة بخذلان مروع من قدميها، شق البرق السماء فوق رأسه فدفع الباب ودلف، رفت أجفانها وتباطأت حركة رموشها مع حركته البطيئة صوبها، تقدم كليًا وجلس، اتخذ مقعدًا مقابلًا لها فتواجها مباشرة، دون سلام أو كلام دون مقدمات تعانقت العينان في نظرات متقابلة، عيناه تغزو وعيناها تتراجع، لحظة مرت عليها مهزومة قبل أن تصد الغزو بجسارة محاربة، تجهمت كليًا تسأل نفسها لماذا أتى وماذا يريد
مر عام على آخر لقاء ولا يجوز لها الخضوع
فحبها والكرامة في شِقاق
حدثها برصانة ودون تمرير أي ضعف تجاهها:
ـ أريد بعض القهوة من فضلك.
ظلت على حالها تنظر إليه، مندهشة ومستنكرة من الزيارة المفاجئة، حين لم تحرك ساكنًا ترقق صوته:
ـ صبر!
ضيقت عينيها قليلًا قبل أن تحيد ببصرها عنها وتولي الحاسوب انتباهها لبعض الوقت، أغلقت ملفاتها وأزاحت الحاسوب نفسه جانبًا، استكان في جلسته يراقبها، استدارت بمقعدها تميل قليلًا فلاحظ نحول خصرها الذي لم يتغير عن آخر مرة رآها فيها منذ عامٍ مضى..
بحثت صبر عن علبة البن الغير مطحون رغم أنها طحنت في الصباح البعض لها وللعاملة وتبقى الكثير منه، وجدت حبوب البن وشرعت في طحنها في آلية تحبس أنفاسها وتمنع نفسها من ابتلاع لعابها لئلا يظهر عليها التوتر الذي يغرقها، تدفق عبق القهوة أثناء طحنها فعجّ به المتجر، تذكرت تعليق زبائنها الدائم
ملابس متجرك معبقة بالقهوة يا صبر..
انتهت وأحضرت دلة صغيرة تكفي قدح واحد، وضعت بها مقدار مناسب من البن ورشة من السكر مع تقليب بطيء جدًا وضعتها على الموقد الصغير، شغلت نفسها وعقلها بالوجه الذي أخذ وقته قبل أن ينضج كليًا، كانت تصرفه عن زائرها لتحول دون الوقوع في المحظور، مجرد ضيف سيحتسي قهوته ويغادر مثله مثل أي عابر..
قدمت له القدح على طبق خزفي زخرفتهما متماثلة، دفعت الطبق ببطء صوبه وتركته أمامه مباشرة، راقب يدها التي تمنحه القهوة، نحلت بدورها، أصابع ذات سمرة محببة إلى نفسه طويلة وناعمة أظافرها منمقة بعناية، لاحظت صبر تركز عينيه على كفها فسحبته ببطء إليها تخفيه مع الكف الآخر متعانقين فوق ساقيها خلف المكتب، أطرقت كليًا تخفي عينيها منه وتتوارى عنه قدر استطاعتها..
رفع القدح إلى فمه يترشف رشفة، مذاقها مُر كالفراق وفيها لمحة سكر كعشقهما المختبئ خلف الظلال، نحى بصره كليًا عن صبر، شغل نفسه بقهوتها الفريدة وبكل شيء حولها عدا جسدها النحيل ووجهها الفاتن، وجهها الذي اكتسب براءة أدهشته حين دلف، اختلفت كليًا عن المرأة التي احترفت الإغواء من أجله..
كان اللقاء صاخبًا دون حروف، لن يسألها كيف حالك فتجيبه أنا بخير ولسان حاله يصرخ بدواخله
اخبري الصبر عني
وكل من عشق قبلي
ومن سيكتوون بالفراق بعدي
أني لا أريدك بخير من دوني
ولا أبتغي لقلبك السُكنى في غير قلبي
تبًا لكِ وللشوق كله
يا امرأة من نار جليدها لا يناسبني
استسلمي للشتاء حتى يكتوي قلبك بلهيب الصيف
فكل شتاء سأمر بحثًا عنكِ
وأعدك سأحرق أشواك الصبر قبلك وأشعل جذوتك لامحالة في مكمن النبضات والجسدِ..
انتهى من قهوته وترك القدح فارغًا، نهض يرميها بنظرة واحدة قبل أن يرحل تراكًا إياها حائرة، شعرت بأنه انتهكها، عراها من كل شيء إلا ثيابها، تُرى هل سمع ضخب النبض أم أن عيناها فضاحة!
نهضت في عشوائية تحت مراقبة أسماء والعاملة، توجهت صوب الباب الذي اجتازه توًا، وجدت المطر قد توقف وبقابا منه تسقط فتصنع الدوامات في برك الماء الصغيرة، وجدته يستقل دراجة نارية ويحاول ارتداء الخوذة، شعرت بالبرد يغزو خلاياها مثله فقد غزاها دون أسلحة، شعرت بالغضب والسخط منه فاندفعت صوبه تقف أمامه مباشرة، كتفت ذراعيها أمام صدرها فأنزل يده بالخوذة إلى جانبه، تحفزت تخبره في صرامة:
ـ لا تأتي إلى هنا ثانية.
أبحر في لجة العاصفة المجتاحة عينيها، اقترب قليلًا منها دون اختراق للمسافة المحظورة:
ـ عيناكِ رمادية عاصفة تشبه السماء تمامًا.
رفعت رأسها لأعلى تقطب جبينها فأردف في بطء:
ـ كانت تبكي قبل قليل.
أخفضت عينيها إليه في استنكار فغاص في عمقها لحظة قبل أن يفرد كفه يلتقط على راحتها حبة مطر ويقدم الكف أمامها دون أن يحيد عن النظر إليها:
ـ انظري مازالت تبكي حتى الآن.
أغمضت عينيها متنهدة تتراجع للخلف تكرر جملتها الوحيدة:
ـ لاتأتِ إلى هنا ثانية.
أومأ لها بنظرة تعرفها جيدًا قبل أن يرتدي الخوذة ويقفز في رشاقة يحتل الدراجة البخارية وينطلق بها دون مقدمات بصوتٍ مدوٍ كان له الصدى في كيانها كله.
يتبع..


samar hemdan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس