عرض مشاركة واحدة
قديم 29-06-21, 02:21 PM   #10

إسراء يسري

? العضوٌ??? » 475395
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 631
?  نُقآطِيْ » إسراء يسري is on a distinguished road
افتراضي رواية وأشرقت الشمس بعينيها

الجزأ التاني من المقدمة
_____________________

بعد مرور أيام
بمكان آخر بنفس البلدة التي تقطُن بها ملك مع والدتها وبالتحديد بيت عمها ربيع ..

بجسدها الذي يشبه البطة في ذلك الجلباب المنزلي الذي ترتديه بقصته قديمة الطراز التي أبرزت مدى قصرها واكتناز جسدها المظبوط في الأماكن الصحيحة
دخلت المطبخ واقتربت من والدتها تضع قدر البامية التي قامت بتقميعها وقالت بصوتها الناعم :_
"أمي لقد انتهيت ماذا أفعل بعد؟"
أخذت أمها منها القدر تضعه جانباً وهي تقشر البصل وقالت دون أن تنظر لها منهمكة فيما تفعل :_
"اصعدي للطيور ضعي لهم ماء وحبوب ومن ثم ذكور البط الكبيرة في الغرفة الأخرى خذي الذرة وقومي بتزغيطها "

أومأت برأسها وقد أجلت طرح طلبها الآن متجهة إلى الخارج فنادتها أمها مرة أخرى قائلة وهي تلوي فكها بعدم رضا :_

"وأنت عائدة مُري على زوجة أخاكِ التي على قدميها نقش الحنة لقد أذّن الظهر ولم تنزل إلى الآن "
قلبت عينيها في السقف هامسة بتردد :_
"حسنا "
لكن قبل أن تخرج نهائياً عادت أدراجها مرة أخرى تقف جوار أمها صامتة مما جعل الأخيرة ترفع وجهها زاعقه بها :_

"اذهبي يا فتاة لما عدت ِ مرة أخرى"
مطت شفتيها المغرييتين بخوف وهي تحك شعرها الأسود ثم أخيرا قالت بتلجلج:_
"أمي ...أريدك أن تقنعي والدي بشئ من أجل النبي يا أمي "

رمت والدتها السكين في القدر بنزق وهي ترفع كفيها تعدل من رباطة رأسها الملفوفة حوله قائلة بنزق:_
"قولي ماذا تريدين ولا تثيري أعصابي على بُكرة اليوم "

حركت كفيها بتردد ثم قالت أخيراً وهي تنظر جهة الباب بين الفنية والأخرى :_
"أريد أن أدخل كلية الإعلام بجامعة القاهرة "
حركت والدتها شفتيها يميناً ويساراً وهي تعاود تقطيع البصل ثم قالت بسخرية :_
"إعلام وقاهرة يا بنت ربيع ...احمدي ربك أنه وافق على تقديمك لكلية التربية النوعية في المدينة المجاورة لنا "

لسعت الدموع عينيها وهي تتحايل عليها بلا حيلة :_

"لكن يا أمي مجموعي كبير..إنني من الخمس الأوائل "

حركت المرأة كلا ساعديها في الجانبين أحدهم تقبض عليه بالسكين والآخر مفرود بمعنى أنه ما باليد حيله قائلة بلامبالاة :_
"هذا الله وهذة حكمته ...ارضي بالمقسوم ولا تتذمري "

انكمشت ملامحها الجميلة بانكسار وهي تقول بمحاولة واهية :_
"لكن يا أمي حتى ملك ابنة عمي درست بالقاهرة "

لوت المرأة شفتيها مصدرة صوتا مستنكراً من حنجرتها وقالت :_
"وماذا حدث لها يا بعدي ... جلبوها بفضيحة وأضحت متزوجة للقيط
والدك معه حق الفتاة لا يصح ترك الحبل على الغارب لها وإلا ستفلت "
تنهدت بهّم وهي تقول مرة أخرى محايلة:_
"لكن يا أمي .."
لم تدعها والدتها تواصل الحديث وهي تزعق بها بصرامة قائلة :_
"سنابل ... اذهبي وافعلي ما طلبته منكِ ولا تصدعي رأسي ..محايالاتك لا طائل منها
إما كلية التربية النوعية وإلا ظلي بلا علام "
==================

ياسين أقسم إن لم تكن واقفاً أمامي الآن خلال دقائق سيكون عقابك أليم
لا تجعلني أنا آتي إليك "
خرجت هَنا من غرفتها على صوت والدتها الزاعق بأخيها الصغير ذو الرابعة عشر
فاقتربت منها تسألها بحيرة:_
"أمي ماذا حدث لما تصرخي على ياسين هكذا !"
لم تُعيرها والدتها اهتمام وهي تعاود الصراخ على ياسين مرة أخرى فخرج متقهقراً من غرفته يناظرها بتمرد به لمحة وجل
اقتربت والدتها منه تمسك ذراعه بقسوة قائلة :_

"هل جننت هل تهرب من المدرسة وتقفز من على السور ثم قرب العودة تعود لتلحق السيارة وتظن أني لن اكتشف"

"ومالك أنتِ ليس لكِ شأن " صرخها ياسين بتبجح بصوته الذي اخشوشن قريبا مما زاد جنون والدتها عليه وهي تزيد من ضغطها على ذراعه قائلة بتوعد :_
"أقسم بالله يا ياسين لو لم تتأدب سأخبر والدك وأنت أدرى ماذا سيفعل بك"
رفعت حاجبيها بذهول وهي ترى ياسين كيف يدفع والدتها ببعض العنف نافضاً ذراعه من بين كفها قائلا بتهديد وقد نفرت عروق وجهه بقوة:_
"أقسم لو فعلتيها لن تجديني بالصباح في البيت..ولن تعثروا لي على طريق وأنتِ تعلمي أني قدرها "
صوت صفعة والدتها له جعلتها تشهق وهي تقترب منهم محاولة تهدئة الجو لكن صرخة أخيها زادت من ذهولها وهو يقول بجنون مراهق:_
"هل هذا ما تنجحي به !
تصفعيني .. أنتِ لا تصلحين لتكوني أمًُ بالأساس علاما تحاسبيني"
الدموع التي تجمعت في عيني والدتها آلمتها لكنها زعقت به عاليا وهو يتركهم ويدخل مغلقا غرفته عليه :_

"أنت لم تُربى أقسم أن أجعلك تفكر مائة مرة قبل أن تتحدث يا ياسين
لتعلم لا ذهاب للنادي...لا خروج من الغرفة ولا جلوس لك معنا نهائيا أنت مُعاقب"
اقتربت منها هَنا تحاول تهدأتها وهي تقول بتعقل وقد استصعبت عقاب والدتها له وإن يستحق لكن يبقى ضرره أكبر من نفعه:_
"أمي ...اهدأي العقاب ليس بهذه الطريقة ..ياسين مراهق ويحتاج احتوائك"
"أخرسي أنت الأخرى واغربي عن وجهي"
قالتها والدتها بقسوة وهي تتركها وتذهب جهة المطبخ

دمعت عينيها حزناً رغم أنها تعلم أن والدتها لا تقصد
لكن للأسف والدتها لا تعرف كيف تحتويهم أو تغدق عليهم عاطفتها
سحبت نفسها تدخل غرفتها وهي تتنهد بألم آثاره لم تهدأ بروحها أبداً وإن مرت الأيام
حياتها باردة...رتيبة..نمطيه ومملة
فقط عبدالرحمن هو من كان يسقي أرض وحدتها الجرداء
ليتها لم تفعل
ليتها لم تضيعه من يدها
عضت على سبابتها بقسوة وشعور مريع بالفقد يجتاحها
هي تفتقده لا تنكر
تفتقد دفئه وحنانه عليها..احتوائه لها وإنصاته لهذرها في وقت لم يكن أحد جوارها
لكن بحسبة غبيه فقدته وللأسف إلى الأبد
زفرت بحرارة محاولة تبديد أفكارها الكئيبة التي لا طائل منها وهي تفتح الحاسوب خاصتها تبحث في تلك المواضيع التي تُثير اهتمامها منذ فترة قليلة علها تكون الطريق ..!!

==================

بنفس البلدة التي يقطُن بها أهل شهاب البرعي على مقربة منهم يقبع بيت صغير متهالك جار عليه الزمن يضم بين جدرانه حكايا ...

ارتجفت داليدا بخوف وهي تخبُط وجهها بكفيها مذعورة من ما تقترحه عليها صديقتها
يا الله
ماذا تفعل هل توافقها على ما تقول ؟
هل تذهب معها؟
ماذا لو انكشف كل شئ؟
ستموت والدتها كمداً إن عرفت وإن لم تعرف الآن ستعرف في الغد القريب لامحالة وحينها فالموت قهراً حليفها
والدها سيقتلها في الحالتين
هي بين خيارين أسهلهما مر
فُزِعت على صوت دخول والدتها الباكي عليها فهرعت إليها تسألها بخوف:_
"ما بكِ يا أمي لما تبكين !؟"
"ولما أبكي يعني .. بالتأكيد حظي العثر الذي ألقاني على والدك في ساعةً سوداء"
قالتها والدتها بتحسر وهي تجلس على أريكة جانبيه من الطراز القديم تتخذها داليدا للنوم ليلاً تاركة الفراش لإخوتها الصغار
اقتربت منها داليدا وهي تفصل مخها عن التفكير في مصيبتها تسألها بحنان :_
"أمي والدي أيضا ليس بيده ...مهنته كسباك تضمن له القرش يوم آه وعشرة لا "
لوت هبة شفتيها وهي تتكأ بصدغها على قبضة يدها المضمومة تقول بقلة حيلة :_
"أعلم يا ابنتي لكنه أيضا لا يسعى يا داليدا ..لما لا يسأل في أي محل يريد عامل يقف به ويعمل لكن أبيكِ كالبيت الوقف لا من نفعه ولا من ضرره"
تنهدت داليدا بهّم وهي تقول بمحاولة تعلم الرد عليها مسبقاً:_

"لما لا تتركيني أنا أعمل ..لأقف في أي محل للملابس أو حتى صيدلية "
رفعت هبة حاجبيها تزجرها بنظرة عابسة وقالت :_

"وجامعتك يا بعدي .. لا والله لن يحدث لنأكل بالملح ولا أعرضك لهذا"
دمعت عينيها رغماً عنها فأطرقت برأسها بحزن وأفكارها تتقاذف بتناقض
هل عليها أن تبوح لوالدتها بالأمر ؟
لكن والدتها أبداً لن تفهم ولن تعرف كيف تتصرف ..
فقط ستنهار دون تفكير ظانه بعقلها البسيط أن والدها هو الحل والذي فور أن يعلم سيُقطعها قطع بضمير مرتاح..
ومن يلومه !!
تفكيرها البائس جعلها تستل هاتفها من جوارها .. تفتح المحادثة الخاصة بينها وبين صديقتها
رفعت رأسها بتردد وهي تناظر وجه والدتها الطيب فينعصر قلبها عصراً فأمها أبدا لا تستحق قهراً كهذا يكفي ما تُعانيه من أجلهم لذا عزمت أمرها ترسل بأصابع مرتعشة وقلب شاحب بشئ ربما يكون في صالحها وربما يكون سبباً في قلب عالمها رأسا على عقب يوماً
"أنا موافقة..خذي لي ميعاد"
==================
بعد مرور شهر

"حسن يضيع مني يا أمي ...الرجل يضيع ولا أعرف ماذا أفعل "
قالتها ملك بولولة شاكية لوالدتها وهي تستعيد شكله في ذات الحال الذي قبع به منذ أن تفجرت القنبلة
هائم على وجهه ولا يعرف أين سبيله ... لا يشتهي الطعام ولا الحديث حتى
يظل بالساعات يتأمل وجه الصغار في صمت مريب
وجهه شاحب وعينيه حمراوتان من قلة النوم ...يسهر الليالي حائر الروح ولا يسمح لها حتى بالتدخل
يرفض الرد على شهاب أو خالد
حتى هذا الرجل والده المزعوم ..أخبره شهاب مرارا ً أنه يريد مقابلته لكن يرفض بعنف مرعب يجعل من أمامه يسالمه بهدوء منفذاً مطلبه لكنه أيضاً لا يهدأ
خرجت من أفكارها على صوت والدتها تقول بآسى على هذا الشاب الذي تعزه كصغيرها:_
"ويل قلبي عليه يا ابنتي ..مصابُه كبير ..الشاب كان مكلوم لكونه بلا هوية فجأة بين يوم وليلة يقولون له أنت ابن شرعي لرجل من كبار الدولة ويريد احتضانك ..الأمر يدعو للذهول لا للفرح كما يظن البعض "

تغضنت ملامح ملك وهي تقول بتوسل:_
"أمي لما لا تقنعيه ...تحدثي معه يا أمي عله يقتنع فهو يحبك "
نظرت لها والدتها بتفكير ثم ربتت على كتفها موافقة وهي تقلب في رأسها ماذا تقول أو تفعل معه...

اليوم التالي
يجلس جوارها منكساً رأسه للأسفل..يلعب في سجاد الأرض بأصابع قدمه بشرود غير واعي
روحه ضائعة منه ولا يعلم كيف يجدها
باردة...حيرى...مكلومة وكأنها ماتت وتلقوا عزائها دون تنبيهه
السخرية تلف من حوله كدخان تبغ خانق يقبض على صدره فينشر به السواد
الجميع يلومه أنه من المفترض أن يفرح...أن ينتشي...أن يأخذ حقه من الحياة أخيراً
لكن بعد ماذا !!
الضربة على رأسه لم تكن بالهينة
هو ابن شرعي لياسر الجوهري أكبر رجل في البلد تقريبا
والدته متوفاه
زوجة شهاب البرعي تكون أخته وبالأخير هو خال
أي مهذلة هذة بحق الله !!

"وحد الله يا ابني "
صوت حماته الطيب جعله يرفع رأسه إليها غاصبا على شفتيه ابتسامه باهته يحاول طمأنتها
لكن فعلتها وهي تفتح له ذراعيها في دعوة أمومية أضعفته جعلته يدس نفسه بينهما دامعاً بضعف يمقته ظلت تربت عليه بحنان وهي تتلوا آيات الذكر الحكيم لدقائق ثم همست بحكمة أورثتها لها السنوات :_
"أنت تلومه صحيح ...لا تصدق أمر أنه لم يكن يعرف عنك شئ هذا ما يوجع قلبك ؟"
اعتدل حسن في جلسته وقد أصابت في تفكير نفسه فهز رأسه دون رد
ابتسمت تربت على كتفه قائلة :_
"وهل هو بغر كي يستنكرك وأنت صغير ثم يعود ويطالب بك كبيرا
صحيح يا بني أنا امرأة بسيطة لكن بالعقل هكذا رجل كوالدك وكما قصت علي ملك فهو قطعا لن يجلب لنفسه فضيحة كهذة فبالتأكيد سيهز اسمه
أنه له ابن تركه لأعوام غير معترفاً به رغم أنه ابنه الشرعي "

نظر لها حسن حائر بتفكير لكن لمحة الضعف في عينيه لم تخفى عليها فاستغفرت قائلة بنصح:_
"أسمعه بني ...أسمعه واقبل بمقابلته ولن يرغمك أحد على شئ"
===================

بعد مرور عدة أيام
حالة من الهرج وعدم الاتزان تمر بها
تجري هنا وهناك دون قصدٍ معين
قامت بتبديل ملابس الصغار للمرة الخامسة تقريبا
تنظر لملابسها الأنيقة في المرآة بخجل
ترفع عينيها للساعة وهي تراقب قرب وقت وصول المدعو حماها لرؤية ابنه
ابنه الذي يجلس في الصالة الخارجية منذ الأمس لم يذق طعم النوم أو الطعام
عينيه ساهدتان في الفراغ لا يرمشان حتى مما يؤلم قلبها لكنها حتى لا تستطيع الحديث
وبمكانه هو كان متوتراً ...جسده ينتفض نفضة داخلية لا قِبل له بالسيطرة عليها
كفيه وجبهته متعرقان بشدة فيأخذ الكثير من المحارم الورقية ينشف بهم عرقه مرتجفاً
حتى دُق الجرس وشلت قدماه لم يستطع حتى الحراك من مكانه مناديا عليها بضعف ألم به أن تفتح ولحظهم لم يكن سوى خالد الذي دوما يسبق الجميع ليكون جواره
خالد الذي جلس جواره يحتضنه بدعم رجولي صامت حتى لا يجرح مشاعره...

على الجانب الآخر لم تكن حالة ياسر الجوهري تختلف عنه كثيراً وهو يجلس جوار شهاب في السيارة في طريقهم إلى هناك ...
حشرجة بكاء عنيفة تخنق صدره فيكبتها بتصلب رجولي اشتد عليه
هل سيرى ولده الآن بعد كل هذه السنوات
تُرى هل سيتقبله أم سينفر منه كما لمس من خلال رفضه لمقابلته كل تلك الفترة الماضية
أسيكون عوضه أم شقائه؟!
جزائه أم عقابه !!
آه عميقه متوجعة شقت صدره فخرجت عبر أنفاسه المتعبه جعلت شهاب يربت على كفه بدعم قائلاً:_
"هون عليك يا عم لقد مرت الخطوة الأصعب ..فقط أريد منك أن تستعد لأي رد فعل منه أياً كان ماهو "

بعد نصف ساعة

يقفان متواجهان
الجبل وسفحه
الشجرة وجزعها
البذرة ونبتها
الأب وابنه
قهر السنوات ومرارة الأيام يمران كشريط أسود هزلي أمام أعينهم
طفلٍ بلا سند وأبٍ بلا ضلع ولا عزاء للمفتقر
ابتلع ياسر غصة مسننة بحلقه وهو يدور بعينيه على ملامحه باشتياقٍ أهوج
عينيه تلتهمان تلك الوحمة على جانب عنقه التي أورثها له بتأكيد
ملامحه الشبيهه برنا إن دقق بها ولا يلاحظها سوى أب مكلوم على روحيه
عينيه المتجمدتان عليه لا يرمشان مما جعله يشفق عليه فاتحاً له ذراعيه في دعوة أقرب منها للترجي مشتاق لرائحته
فعلته هزت الأرض أسفل حسن هزاً
أحيت قلبه وأماتته مرات ومرات
أجفلته فرمش بعينيه بضعف وهو يرنوا بها إلى الركن الثابت في حياته وكأنه يسألها ماذا يفعل فتبتسم له باكيه تومئ له برأسها باطمئنان فيعود مرة أخرى بعينيه للرجل الماثل أمامه
نفسه مكبلة ولا يدري ماذا يفعل !!
كطفل يحبو أولى خطواته نحو أبيه العائد من هجرة طويلة فيتعثر بطريقه خائفاً
وهو متعثر...تائه وخائف وكأن المسافة بينهم أميالاً لا عدة خطوات بسيطة
عدة خطوات قطعها الرجل الشامخ أمامه وهو يزرعه على صدره يضمه إليه رغما عنه
رائحة معنوية عطره غمرت أنفاسه لا تشبه عطر حنان الأم الذي لا يعرفه لكن تسقيه من عطر الأمان الأبوي
بكاء الرجل هز صدره فرفع ذراعيه بضعف حوله وبكى هو الآخر
انسحبوا جميعا تاركين لهم بعض الخصوصيه خالد وشهاب بالردهة الخارجية وملك مع والدتها بالغرفة تحمل صغيرها باكية وهي تراقبهم من بعيد المشهد عظيم تتجلى به قدرة الله في صنع المعجزات
في إحياء الموتى وجمع الشديدين
في لقاء الشرق والغرب ......الأرض والسماء .... الماء والنار
هو قادر على كل شئ
يحتضنه بقوة يتشمم رائحته بنهم وهو يقبل كتفيه يرفع رأسه يحتوى وجهه الغارق بالدموع بين كفيه يقبل وجنتيه في بادرة عاطفيه تكتب عنها الصحف لشهور وشهور
ياسر الجوهري الرجل العصامي المشتد كالوتد يُبكي ابنه

ساقيه خانتاه فشعر بالهون فسحبه دون حديث يجلس على أريكة جانبيه ومازال الأخير صامت ...مرتجف ...ومذهول مما جعله يشفق عليه فهمس بتحشرج :_

"سامحني بني..سامحني على كل تلك السنوات ...لو علمت فقط بوجودك لو تركوا لي طرف الخيط لم أكن لأتركك أبدا ً"

ابتسم حسن بسخرية لاذعة يمسح دموعه وهو يقول بتهكم مؤلم :_
"كما لم تترك رنا صحيح ؟..أختي المزعومة التي عاشت حياتها مع جدها كما قيل لي ..صحيح سيد ياسر "

ضربة شديدة موفقة أصابت صدره فارتجف كفيه قائلا بتبرير:_

"الأمر يختلف ...كما أني لم أترك رنا ...لقد تربيت أفضل مما كنت سأفعل أنا"
"يُهئ لك "
همسها حسن بجمود ثم أردف بسخرية :_

"صحيح ألا تريد أن ترى كنتك وأحفادك ...أرى أنك محظوظ سيد ياسر أنت بين يوم وليله أصبحت أبٍ لأحدهم وجد لطفلين جميلين "
قالها ثم ارتفع صوته مناديا عليها غير عابئا به كليا حتى دخلت عليهم بطفليها
رؤيتهم أتت كقطرات ندى رقيقة سقطت على وريقات روحه المحترقة فأنعشتها مما جعله يقول بهدوء لكنه لم يخلو من السخرية:_

"تعالي سلمي على والدي بالتأكيد تعرفيه وشاهدتيه في التلفاز والصحف من قبل "
ابتسمت ملك بإرتجاف والخوف يغزوها من تلك الحالة التي تلبسته لكنها همست بالترحيب برهبة من قسمات الرجل الذي لم ترى في حياتها مثله سوى بالتلفاز
استقام واقفا يقترب منها ببشاشة هامسا بترحيب لبق وهو يتناول عاليه يسأل بفرحه غمرته:_

"هل هما تؤمان !"
أومأت برأسها ومازالت الرهبة تغزوها خاصة وهي تراقبه يقبل طفلتها بحنان يسألها عن أسمائهم فأخبرته
يتأمل ملامح الطفلة التي يبدو أنها ستكون نسخة مصغرة من والدة حسن ...
يقبلها بحنان آخذاً الطفل هو الآخر يتشممه بوله وهو يشعر أن حبهم سكن صدره المكلوم يسقيه بماءٍ عذب حلو المذاق..

فرحته جعلته يلتفت إلى ابنه قائلا بأمل آثار سخرية الآخر :_

"أظن أنه آن الآوان لتتربى أنت وابنائك في كنف أبيك "

لوى حسن شفتيه قائلا بقسوة :_

"أتربى؟
ألا ترى أن أملك متأخر كثيرا سيد ياسر"
تنهد الرجل بصعوبة وقد استعاد صلابته بعض الشئ فقال :_

"حسنا يا بني أقصد تربية أبنائك ..أعلم أني أتيت متأخر لكن ألم يكن أفضل ألا أتي أبدا ً"
حك حسن ذقنه وهو يهز رأسه بلا فائدة ثم قال بقنوط أمات فرحة أبيه:_
"أرح نفسك يا باشا معرفتي بهويتي لن تغير شئ أنا سأظل حسن القصاص ولن أغير شئ "
==================

اتكأ على الفراش جوار صغيرته الحُلوة يقبلها بحنان
يدفن شفتيه في عنقها الطري ناثراً عدة قبلات تجعلها تناغي بتأوه ناعم يلوع القلب حباً
يرفع وجهه يداعب وجنتيها المغريتين بشفتيه فتحرك شفتيها الصغيرتين جانباً على وجهه باحثه عن نهد والدتها فحملها بين ذراعيه مهدهداً هامساً بحنان :_
"والدتك لم تنم منذ الأمس يا حياتي الصغيرة بسببك وبسبب صدمة معرفتها بخالك "
ضمها لحضنه أقرب لقلبه وهو يتجه بها نحو الخارج حتى لا تستيقظ..
لكنها لم تكن نائمة لقد كانت تجبر عقلها على غفوة إجبارية عله يهدأ قليلا ً
روحها ثائرة عليها منذ الأمس وشهاب يجلب لها الخبر رويداً رويداً شارحاً لها كل شئ
مشاعرها مبعثرة رغما عنها لا تدرك اتجاهها الصحيح
أخ آخر لها على قيد الحياة
هي لها أخ غير حمزة وعمار !!
أهو عطاء القدر أم انتقامه يا ترى
هياج مشاعرها يجلب الصداع لرأسها فتضم الوسادة لرأسها أكثر
حزن بدائي يسيطر على قلبها من أجله وهي تتخيل كيف عاش حياته وحيدا دون أحد على الأقل هي كان لها عائلة والدتها ..
أهي سعيدة !!
لا تستطيع الجزم لكنها ليست بالحزينة أبدا ً
اشتياق هادر يقبع بصدرها متسائلة عن ماهيته ..شكله؟
مشاعره تجاهها
ترى هل يشتاق لرؤيتها أيضاً !!
هل سيحبها أم سيلفظها كما فعل مع أبيها !!
أبيها آه
حرارة تنكأ قلبها وغيرة طفولية تسيطر عليها منذ أن علمت لهفة والدها عليه
لما لا تشعر بأي لهفة من كلاهما مثل إخوتها ألهذة الدرجة هي نقطة هامشيه بقلوبهم
فكرتها الأخيرة جعلتها تشهق ببكاء يوغل صدرها وإحساس مريع باالنبذ يتلفقها أججه برود والدتها جهتها في كل مرة تسأل فيها عنها وكأنها مغصوبه ..
حضنه دوما ملجأ لها وهو يزرعها عليه ويبدو أن صوت بكاؤها كان عاليا فجلبه
يدفنها بصدره وهو يربت عليها بحنانه المعهود هامسا بقلق :_

"لما تبگِ يا صغيرتي .."

رفعت رأسها وسألته قبلا بقلق :_
"أين حياة يا شهاب !"
ضحك وهو يعيدها مكانها قائلاً :_
"لا تخافي لقد أمنت لها مكانا بالفراش بالغرفة الأخرى عندما نامت"
"لكن ماذا أن استيقظت وحدها !"

هدأها قائلاً :_
"هي بالغرفة جوارنا حبيبتي كما أنها لتوها نامت لا تقلقي"

أومأت برأسها فاحتوى صدغها بكفه يسألها باهتمام :_

"لما كنت ِ تبكين "
ابتسمت رنا بلا روح وهي تقول بنبرة باهتة:_

"فقط أتسائل يا شهاب لما أهون عليهم هكذا ...لما لا يحبوني كما أحبهم"
ألمه قلبه على تلك الطفلة الكبيرة المفتقرة للعطف الأبوي لكنه همس بهدوء وهو يقبل وجنتيها بحنان :_
"من قال ذلك ..ربما هم فقط لا يستطيعون التعبير عن مشاعرهم وربما..."
سكت قليلا فناظرته بتساؤل فهمس بخفوت بشك أقرب إلى اليقين وربما :_
"وربما هم يخشوا النظر بوجهك فتتجلى لهم ذنوبهم بعينيكِ البريئتين "

عقدت حاجبيها تسأله بحيرة:_

"ماذا تقول ؟"
" لاشئ " قالها مبتسما فسألته بأمل :_
"هل تظن أنه سيتقبلني شهاب ؟"

"ومن لا يقبلك يا صغيرة !!"

ابتسمت بحب وهي تضع كفيها على صدره تزدرد ريقها وقد توردت وجنتيها بشكل ملحوظ ومثير فابتسم يسألها بمشاكسة :_
"ما بكِ حبيبتي !"

صمت لحظات بخجل ثم أسبلت أهدابها هامسة بعاطفة أسعدته:_
"ممم يعني أنا أشتاقك شهاب"

"لبيكِ يا قلب شهاب "
همسها ملبياً وهو يبثها أشواقه يغمرها بعاطفته الهادرة نحوها بمشاعر ملتهبة تجعلها تحلق سعيدة في سماء الحب..

===================

بعد عدة أيام
صف شهاب سيارته أمام بيت والدة ملك حيث يقطن حسن
نظرت له رنا بخوف وهي تتسائل بوجل:_

"هل سيتقبلني يا شهاب !!"
تناول منها صغيرتهم وهو يقول باطمئنان :_

"اطمأني حبيبتي حسن يعلم أنگِ آتيه في زيارته اليوم "

أومأت برأسها دون تركيز وهي تنزل من السيارة تتبعه ومازال التوتر مسيطراً عليها
دقات قلبها متعالية وخيالها ينسج له أشكالاً وصورا مختلفه
حتى فُتِح الباب ووقع قلبها
طلت منه شابه صغيرة حلوة المحيا تبتسم بخجل وهي تنظر لهم قائلة بترحيب تفسح لهم الطريق:_

"مرحبا يا دكتور شهاب تفضل "
نظرت لها ملك بخجل وكأنها لا تعرف التصرف الصحيح هل تسلم عليها أم ستحرجها
تقدمت منها رنا تسلم عليها ببساطتها مبتسمة بتوتر وقالت :_

"أنتِ بالتأكيد ملك صحيح !!
لقد حكى لي شهاب عنكِ "
ابتسمت ملك وقد زالت رهبتها منها قائلة بلطف:_
"نعم .. وأنتِ رنا... تفضلوا "
تنحنح شهاب وهو يسألها بهدوء:_
"أين حسن أهو موجود"
أومأت ملك برأسها حزينة وقالت بإحراج :_
"هو موجود ينتظركم بغرفة الضيوف .."
نظرت لرنا وأردفت بترجي :_
"لا تحزني منه هو مازال لم يخرج من صدمته بعد "
أومأت رنا برأسها مبتسمة وهي تدخل ورائهم حيث دعتهم..

سبقتها عيناها قبل قلبها تناظرانه بفضول عاطفي
شاب خشن الملامح أبيض اللون بعينين كحيلتين لم ترى في جمالهما تناظرانها بفضول وتردد
صوت شهاب بدد الشحنات السلبية المتناثرة في الجو وهو يقترب منه قائلاً :_
"كيف حالك يا أبو علي ...؟"
ابتسم حسن بإرتجاف وعينيه مازالتا مع تلك الجميلة التي تقف تناظره بخجل
تجلى الإدراك بعقله في تلك اللحظه الذي فعل المثل عندها في توارد عقلي جعلهم ينطقان في نفس اللحظة
"أنتِ نفس الفتاة !؟"
"لقد رأيتك من قبل بميدان... صحيح!!"
زفر حسن أنفاسه بذهول غير عابئا بشهاب أو ملك المندهشان وهو يتعجب من فعل القدر
لقد كانت هي نفس الفتاة التي شعر بشئ غريب تجاهها فأوقفها يناظرها كالمجنون ولم يفق إلا على نهرها له
لقد غزت عقله وخياله أياماً وهو يشعر بسمة شئ ما يربطه به

"هل تقابلتم من قبل ؟؟" سألت ملك بدهشة وهي تنقل نظرها بينهم فكانت رنا هي من أجابت قائلة :_

"نعم لقد اصطدمنا مرة في ميدان ...."
سيطر شهاب على تلك الغيرة الغير منطقية التي تنهش صدره فهو وإن كان متأكد من أخوتهم لكن أمر أن يترك لها المكان مع حسن في خلوة تخصهم ثقيلة على روحه
الأمر غريب وسيحتاج منه طاقه ومجهود كبير إلى أن يروض نفسه ويقتنع
تنحنح جابرا ذاته على بعض الاقتناع وهو ينظر لملك قائلا :_

"أين عُدي وعالية ليروا ابنة عمتهم ..وأين الحاجة أريد أن ألقي عليها السلام "
التقطت ملك الإشارة وهي تقول بتلجلج ومازال الذهول مسيطرا عليها لو في موقف آخر لانفجروا ضحكاً منها

"تفضل معي يا دكتور أمي بالردهة الخارجية مع الأطفال "

فور خروجهم ابتسمت رنا وهي تقول في محاولة لفتح الحديث فيبدو أنه لا ينوي على أخذ الخطوة :_

"كيف حالك؟"
رمقها حسن بطرف عينيه وهو يقول بجمود:_
"بخير "
رده المقتضب آثار إحباطها فسألته بطريقة طفوليه حركت شيئا ما عجيب يتحرك الآن في صدره جهتها :_

"أنت لا تتقبلني صحيح ؟ ألا تريد أن يكون لك أخت .. حسنا لما لا نكون أصدقاء حتى ؟"
نظر لها لدقائق دون أن يستطع الرد وكأن لسانه تم تلجيمه لكنها كانت تتفهمه
كانت تتفهمه وتعطف عليه تريد أن تخفف عنه وطأ ما يشعر به وإن كانت لا تعلمه
وإن كان لا يتقبلها
هل ستكون مجنونة لو قالت أنها تحبه .. تحبه..تحبه جدا جدا
مشاعر كبيرة تملأ روحها تجاه هذا الغريب
إنها حتى تجزم أنه سيكون أغلى من عمار ليس لشئ لكن يكفي مرارة الفقد التي عانى منها طيلة عمره
ألا يستحق التميز منها على الأقل !!
حمزة!!
بسمة كبحتها بقوة وهي تتذكر تذمر وغيرة حمزة الشديدة حين علم ..
حمزة هذا لن يزاحمه أحد في مكانته أبدا ً أبداً
لكن هذا الحسن هي تريد أن تعوضه
أن تحتضنه كأمه ...تقبله كأخته...وتُفضي له كصديقته
مشاعرها الأخيرة غلبت عليها فاقتربت منه تقول بحنان ونبرة عاطفية متوسلة لا قِبل له على صدها أبدا ً :_
"ألن تحتضنني يا حسن !!"
رفع ذراعيه بتردد يناظرها بوجل فطمأنته بعينيها أن يفعل وقد كان
شدها إليه يحتضنها على صدره الرجولي العريض
يدفن رأسه بقوة في كتفها وكأنه يحتاجها
وللعجيب هي لم تبكي لقد كانت سعيدة وفرحة
تسند رأسها بتدلل على صدره وفكرة أن لها أخ لها وحدها خاصتها هي تجعلها تنتشي
ذاك الدفء المشع من كل خلية منه يجعلها لا تريد أن تخرج من هنا أبدا ً
هل هو عوض القدر لهم أخيرا ً كان يدخر كل منهما للآخر ليكافئه عن مُر سنواته !!
وهو كان مزلزل ...مشوش... متردد...مطمأن...وخائف
حضنها الصغير أمومي دافئ
رغم أن جسده هو ما يحتويها كليا لكن لما يشعر أنها هي من تحتويه !!
هي من تلمس جروحه تتابعاً فتشفيها بلمساتها الطيبة على ظهره
هي من تهمس بتعويذة سحرية لقلبه فتحيل مرارته إلى شئ حلو لا نكهة له من شدة جماله
تبثه عاطفه أمومية لأول مرة يذق طعمها بارزاً لذيذاً يخصه وحده هكذا
هل هذا هو حضن الأم الذي يتشدقون به دوما !!
نعم هو
هل هذا هو عطر الحنان الأمومي!!
يقسم على ذلك هو يشعر بحنانها ...عطفها...ودفئها
شعوره الآن وهو بين ذراعي أخته أشبه بعصفور تاه عن عشه طويلا حتى عثر عليه ..
أشبه بجروٍ مات برداً في ليلة عاصفة الشتاء فالتقطه أحدهم ووضعه أمام مدفئه شديدة الدفء
أشبه بطفل ٍ تاه عن والدته طويلاً.. طويلاً حتى تعثر ولم يسقط سوى بين أحضانها الدافئة ..
==================

بعد مرور عدة أيام

" أنا بالكاد أتقبل طبيب الغفلة ...ليخرج لي أحدهم ويقولون أخيها ...ارحموني من التلزيق ..كله من شهاب البرعي كان الأجدر بي ألا أزوجها على الأقل كانت ستظل معي لا شهاب ولا هذا الآسر المزعوم"
ضجت ضحكاتهم على جنون حمزة وغيرته الطفولية منذ أن علم بأمر وجود أخ لرنا وهو لا يهدأ يسألها بين الفنية والأخرى بتذمر :_
"أخبري هذا الأخ المزعوم أن لا أخ لكِ غيري "

ورنا بطيبتها المعهودة تطمأنه أن لا أحد أبدا سيأخذ مكانه عندها لا شهاب ولا حسن ولا أحد أبداً
"اجلس ولا تكن كفرقع لوز قلت لك مائة مرة ...يا أخي راعي شكلك أمام زوجتك "
قالتها نعمات وهي ترمقه بغيظ جعله يجلس متبرماً على
صوت نهى الضاحك وهي تقول برقة :_
"اتركيه يا (ماما) لقد تعودت عليه هكذا أصبحنا عشرة "

زجرها بعينيه وهو يقول بتهديد مصطنع :_

"اصمتي يا نهى بدلا من أن تنالي من جنوني نصيب"

"ومن سيسمح لك لتفعل هذا أصلاً؟"

صوت والده الناهر بجدية جعله يبتسم قائلا :_

"ماذا حدث يا سيادة اللواء أنا أمزح معها ..أليس هكذا دبدوبتي"
أنهى حديثه غامزاً مما أخجلها فحوقل والده خابطاً كفيه ببعضهم وهو يقول:_
"لا فائدة ستظل طفل طيلة عمرك كما قالت أمك "

ابتسمت نهى وهي تلتفت لوالدته قائلة بفضول :_

"لكن يا (ماما ) كيف تقابل والد رنا مع آسر أخيها !!"

"لا أعلم يا ابنتي مازلنا لم نعرف أي تفاصيل"

نهض حمزة من مكانه فذكر هذا الأخ المزعوم يعكر صفوه لذا قال وهو يتجه لغرفته :_
"بما أننا سنبيت هنا الليلة إذا سأدخل لأنام بدلا من هذا الحديث الذي لا فائده منه "
ابتسمت نهى وهي تشيعه بنظرها خجولة من أن تتبعه حتى قالت نعمات بطيبة:_
"اذهبي وراءه يا ابنتي "
أومأت برأسها وهي تستأذن منهم وفور أن دخلت عليه زعق بها بخفوت قائلاً:_
"لما تأخرتي ألا تعلمين أني ورائي مذاكرة مادة مهمة "

قطبت نهى مستنكرة وهي تخلع مأزرها قائلة :_

"مادة ماذا يا حمزة !!"
منظرها الشهي في منامتها المغرية باللون الأسود جعلته يقترب منها هامسا بجدية تخالف عبث نظراته وأفعاله :_

"مادة التزاوج ..قسم الحب..صفحة العشق "

ضحكت نهى بخجل وهي تقول قبل أن تستسلم لعاطفته الشغوفة بها :_
"كان يوم أسود يوم دخولك الطب يا حمزة "

===================

"تسافر أين يا حسن هل تمزح !؟"
سألته ملك برهبة بعد هذا الجنون الذي أخبرها به لكنه لم يعبأ بهذرها وهو يحمل عالية قائلا بلا مبالاة :_

"كما سمعتِ تماما يا ملك أنا سأجهز أوراقي كي أسافر "

اقتربت منه بجنون يسيطر عليها سائلة :_

"ولما ؟
ما الذي طرق على عقلك بهذة الفكرة !؟"
هز كتفيه يداعب وجنة ابنته قائلاً :_
"هي ليست بالجديدة لما أنتِ متفاجأة هكذا لقد أخبرتك قبل فترة "
ابتلعت ريقها بصعوبه تقترب منه تقول بخشية وتردد :_

"لكن هذا يا حسن كان قبل...قبل.." صمتت ولم تستطع المواصلة فأكمل عنها بسخرية قائلاً:_

"قبل معرفة أني لي هوية وابن شرعي واسمي آسر الجوهري صحيح!! "
دامعة العينين تناظره بحزن وهي تستمع لنبرته المختنقة وهو يواصل:_
"الأمر لم يعني لي كثيرا ً ...أنا حسن القصاص بن دار الرعاية لا خلاف على ذالك"
سألته بمحاولة واهية علها تردعه عن قراره العجيب هذا :_

"وأنا وأطفالك يا حسن هل ستهجرنا"

قبل الصغيرة يضعها على الفراش بحرص تلعب بقدمها واقترب منها يحتضنها بحنان قائلاً:_

"صدقيني يا ملك سفري هذا من أجلكم قبل أن يكون لنفسي وقراري لا رجعة فيه أنا سأسافر "

انتهى ~~~~~

غدا ان شاء الله هيتم تنزيل أول تلت إشراقات ي سكاكر


إسراء يسري غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس