عرض مشاركة واحدة
قديم 02-07-21, 09:42 PM   #3

علا الخالع همسات

كاتبة في قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية علا الخالع همسات

? العضوٌ??? » 355357
?  التسِجيلٌ » Oct 2015
? مشَارَ?اتْي » 290
?  نُقآطِيْ » علا الخالع همسات has a reputation beyond reputeعلا الخالع همسات has a reputation beyond reputeعلا الخالع همسات has a reputation beyond reputeعلا الخالع همسات has a reputation beyond reputeعلا الخالع همسات has a reputation beyond reputeعلا الخالع همسات has a reputation beyond reputeعلا الخالع همسات has a reputation beyond reputeعلا الخالع همسات has a reputation beyond reputeعلا الخالع همسات has a reputation beyond reputeعلا الخالع همسات has a reputation beyond reputeعلا الخالع همسات has a reputation beyond repute
Rewity Smile 1 الفصل الأول من رواية ليتني لم أحبك أكثر

الصراع الدنيوي الأعظم علي الإطلاق هو صراع الرجل و المرأه ، هو يريد و هي تهرب أو هي تشتهي و هو يزهد ، أو كلاهما يفر من الآخر نحو مستنقع من المجهول ، ربما أيضا يجمعهما هالة من الخيال ....
زائف على الأغلب!
" أبية انتظري "
صرخت بها تحاول أن تستوقفها فما كان من الفتاة التي حولوها عنوة الي امرأة ، زوجة على وشك الطلاق
" نعم يا أمي ، ماذا تريدون أكثر ، هل ستحاولين التلاعب بعقلي ثانية؟، كفاكِ بالله"
" أية تلاعب يا حمقاء أنا فقط أحافظ علي بيتك من الخراب "
ردت والدتها باستنكار فزفرت بقوة تحاول كبح جماح الكلمات ، تجاهد لترد أذي الأحاديث المختنقة داخلها عن أمها ف تابعت بهدوء زائف يغلبه الحزن و الخيبة
" لم يكن بيتي أبدًا يا أمي ، لم أشعر للحظة بأنه مكاني .... بأنني أنتمي اليه أو لمحمد ، أقنعت نفسي كثيرًا أنه أصبح واقعًا علي التعايش معه و لكن روحي سجينة تتوق للحرية "
أغمضت عينيها لدقيقة تحاول استجماع نفسها المبعثرة قبل أن تهمس بتوسل " اتركيني ألحق الباقي من عمري ، رجاءًا لا تفوتي علي الفرصة "
و غادرت .....
اختفت بسرعه قبل أن تستطع حتي والدتها أن تدرك كم الألم المتشنج ب صوتها ، هربت من الجميع و كل أملها أن تجد نفسها ، طالبة بكلية الطب على وشك التخرج و بدلًا من الاهتمام بدراستها و اللحاق بركب أحلامها ألحقوها فجأة ب زمرة المتزوجات دون حتي أن تستطع استيعاب فكرة " متى حدث كل هذا و متي انقلبت حياتها رأسًا على عقب هكذا ؟!"
طريقة التحليل و التنويم التي مارسوها معها كانت جدًا مقنعة، ف العريس مناسب و هي أصبحت مفعمة بالأنوثة و طالما كليهما يملك مظاهر النضج حتي و لو كان شكليًا فالزواج حتمي! ، و هي كأي أنثى أغراها وجود آخر بحياتها ومن يدري فلربما فازت بالجهتين " العلم و العشق " !
و بالحديث عن المغريات ف " محمد " حدث و لا حرج.....
طبيب عيون ناجح و من عائلة أصيلة تقدم و أراد الزواج بسرعه ، بسرعة كبيرة جدًا قبل حتي أن تستطع استيعاب شخصيته و كفاها حينها أنه أظهر الشغف و الاهتمام فلم تعقد الدنيا و توقف حالها بيديها؟!
بالطبع هذه الآراء غُرست من الخارج برأسها فلم يتركوا لها أي مجال للتفكير أو التروي، كانت شبه مغيبة ب هالة خيالية حالمة قابعة بداخل كل أنثى تنتظر الفرصة لتطفو على السطح و تُطالب ب سد احتياج !
محمد رجل كما تستطيع أي امرأه أن تسميه " جنتل مان" حقيقي و لكن زوجها العزيز أوبن مايند أكثر مما تحتمل و واسع الأفق أكثر مما تستطيع التأقلم أما هي ففي قاموسه " خنيقة " أكثر مما يطيق و متطلبة ل مشاعره أكثر مما ينبغي !

****
تغافل و لكن لا تتغابى ....
التغافل أن ترى و تفهم ، تستوعب ثم تبتسم و تلقي كل هذا خلف ظهرك و لا تبالي ، التغابي مختلف ، أنت هنا تحجب المعطيات عن عقلك و تجبره على عدم الفهم هروبًا من المواجهة
ألم يخطر ببالك أن المواجهة قد تحميك من أذى كبير لا طاقة لك به
" رحيل ، رحيل يا ابنتي أين أنت "
ركضت نحو حماتها أو كما تسميها " خالتي عزيزة " فوقفت المرأة الطيبة تتأمل و تدقق ثم اتسعت عيناها بذهول و لسان حالها يتساءل
" ماهذا ؟"
" ماذا ؟!"
قالتها رحيل بابتسامة خجولة لم ترها العجوز منذ ثلاث سنوات أي منذ زواجها ب أمين " ولدها " ، ثم تابعت حركة يدي رحيل علي جسدها الرشيق و هي تتمتم بسعادة
" ما رأيك بفستاني الجديد ؟"
و الجديد هذا كان أزرقا مقاربًا للون عينيها ضيق للغاية و جميل لدرجة جعلت المرأة المستندة علي عكازها تتمتم " ماشاء الله ، فالله خير حافظًا "
دمعت عيناها و كانت علي وشك البكاء ، لم تستطع الوقوف طويلًا ف جلست تستند على عكازها و تبعتها رحيل أرضًا " خالتي ماذا حدث ماذا بك ، لم تبكين الآن و الله لم أبدد المال الذي أرسله أمين لقد أدخرت هذا المال منذ زمن "
مسدت المرأة شعرها المموج هامسة بحب صادق " فداك كل مال الدنيا يا حبيبتي و الله ما خطر ببالي ، اخبريني اذا ما سر فستانك الجديد و السعادة المتراقصة بعينيك "
ارتبكت فقامت تواري عينيها بعيدًا تدور أمام المرأة لتريها فستانها كاملًا قائله بخفوت و حمرة قانية تغزو وجنتيها " أردت شراء فستانًا جديدًا منذ فترة و أعجبني هذا فظللت أجمع ثمنه حتي حصلت عليه أخيرًأ ، دللت نفسي قليلًا لعل ضيق قلبي و حزنه ل بُعد أمين يغادرني و لو للحظات"
قبلتها المرأه ثم ضمتها اليها بحزن قبل أن تلتفت و تعود لغرفتها متمتمه بخفوت" موعد دوائي الآن سوف أتناوله و أرتاح ب فراشي قليلًا حتي تنتهي من تدليل نفسك يا حبيبتي "
تابعت رحيل خطوات الخالة عزيزة و هي تبتعد ثم وضعت يدها علي صدرها الخافق بقوة لعلها تهدأ هامسه بتوتر " الحمد لله لم تكتشف الخالة أمري "
و عادت للغرفة بسرعه تفتش عن خطاب أمين بلهفة ، الورقة التي لم تخبر بها الخالة عزيزة ليكن الأمر مفاجأة سعيدة لها ثم طبعته علي صدرها بشوق ، عناق تبعه قبله لكلمات دونها بيديه ، تُرى كيف ستروي شوقها منه حينما تراه أمام عينيها بشحمه و لحمه، تنهدت و هي تهمس بشقاوة " ساعات قليلة و يرتوي الظمأ يا أمين "
***
الصورة من بعيد تبدو دومًا كاملة ، اقترب، انتبه و دقق ،حينها فقط سوف تلتقط عيناك الرتوش الصغيرة المفسدة لبهجتك بذلك الكمال الوهمي!
يقف ب عيادته يراقب العالم من حوله يتحرك بجنون مع كل رشفه من فنجان قهوته
لم احتل الركود حياته هو تحديدًا اذن ؟!
صورتها لا تفارق عينيه أبدًا ، رغم التفاهم المفقود بينهما و التفاوت الكبير بشخصية كلاهما إلا أنه يعشقها ، يشعر بها تسري بعروقه و رغم كل هذه المشاعر التي يكنها لها لم يستطع تحديد خطأه معها حتي الآن كي يتطور معه الأمر ل طلب الطلاق !
مجرد ذكر اسمها يجعل جسده يتشنج و قلبه يلهث خلف أثرها ،
" أبية " و هي دومًا أبية ، منذ تزوج بها وهي تنأى بنفسها عنه ، تهرب منه و النفور منها تجاههه يتزايد ، تعطي كل شيء قيمة أكبر من قيمته و تختلق المشاكل بينهما لم و قد فعل كل ما في استطاعته لأجل سعادتها لم يجد الإجابة حتي الآن!
" دكتور محمد مدام هناء جاءت بموعدها "
" أدخليها "
قالها برتابة ثم عاد لمكتبه يستقبل مريضة جديدة كالأخريات اللواتي كن سبب في كثير من المشكلات بحياته مع أبية
" طبيبنا الجميل كيف حالك ؟
قالتها المرأة بغنج اعتاده من مريضاته و كعادته استقبلها بابتسامه رسمية هادئة و عيون تنظر دون تدقيق " أهلا مدام هناء تفضلي "
جلست تضع قدمًا فوق أخرى تكشف الكثير و هو شبه معتاد علي هذه المشاهد يلتقط الصورة كاملة دون تفصيل و هذه كانت إحدى نقاط اختلاف زوجته معه ، طبيعة بشرية بحته خلق بها الرجال فلم يتفهم حتى الآن سبب جهادها ضد فطرته
امرأة جاءته ب ملابس مكشوفه بمقر عمله و هو مجرد مُتفرج لم يبادر لا ب استحسان و لا استياء لأنه ببساطة لا حق له بهذا بينما تريده أبية أعمى بين كل نساء الأرض مٌعاديًا للجريئات منهن ، لطالما أخبرها أن عليها فقط أن تحاسبه لو بادر إحداهن بشئ أو حتي سعى لتلبية دعواتهن الصريحة بعيونهن! ،
هو يعلم جيدًا كم هو جذاب بملامح شرقية مٌلفتة ، بشرة سوداء تعشقها أغلب النساء و عينين بلون القهوة و جسد متناسق اشتغل عليه كثيرًا حتى أصبح رغمًا عنه ملفت للنظر و لكنه أبدًا لم يشتهي امرأة سواها و هي ماذا فعلت ؟
هجرته!
****
الصخب لم يكن له يومًا مدلول واحد صريح، لطالما اختلفت و تناقضت معانيه ، أما هنا بمنزله المتواضع و بوجود شقيقته الشاردة " علية " فللصخب سبب واحد و هو الهرب من أفكارها التي لا تتوقف لحظة عن التدفق ، أغلق الباب برفق ثم استند عليه يراقبها و هي منهمكة في أفكارها، الأصوات تعلو بصخب حولها بينما تقف هي تراقب الحارة الصغيرة بصمت و كأنها حقًا مهتمه أو مثلًا رائقة البال !
و لكن كوب الشاي البارد خاصتها فضحها ،أثبت له أنها ليست هنا ، ليست معه و لا مع أي مخلوق آخر ، هي دوما غريقة تتقاذفها أمواج أفكارها فلا تصل لشاطئ و لا تستسلم لطوفان يكاد بكل لحظة يبتلعها
" دعني أراك لأبلل مبسم قلبي بفيض هواك
دعني أراك
قبل أفول الشمس مع الأفلاك
أوتشفع للحب صلاة قبل صلاة الدمع معاك
دعني أراك "
الكلمات تصرخ بجنون حولها و ليتها مدركة لهذا أو واعية لما يزعق بجانبها !
حاضرة هي دومًا غائبة حتمًا و ليته يملك طريقة لمساعدتها ،
اقترب ببطء شديد و بحذر أشد ، توأمه حينما يباغتها أحدهم بأي فعل مفاجئ أثناء شرودها المتكرر هذا لا تستطيع تمالك نفسها و لن يتمكن أحد من توقع ردة فعلها
و لكنه ليس كأي أحد فقد توصل لطريقة آمنه تكفيه نوبات غضبها ، وسيلة يمكنه أن ينبهها بها و التي تعتمدها هي نفسها أيضا أغلب الأوقات
" تعال يا علي التقطك"
أغلقت الهاتف بلحظة و رمت كلمتها بتهكم دون أن تلتفت له حتي ف شعر بالغيظ ككل مرة تفعلها بها !
ثم قرر تجاهل سخريتها بينما يسيطر الشغب علي عينيه و هو يمازحها بغلظة اعتادتها " ما فصيلتك أنتِ تحديدًا ؟، لم أضع غير رشة عطر واحدة كيف التقطتها أنفك ! "
تنهدت بخفوت شديد لم يكن ليلتقطة سواه قبل أن تلتفت و تهمس بنبرة مريرة " هل تستكثر علي الميزة الوحيدة التي أعطاها لي الله !"
صمت بقلة حيلة و قنوط منها شديد ، كيف سيقنعها أنها كتلة مميزات ، أنها جميلة و رقيقة و لديها قدرة رائعة علي التأقلم و التعلم يحسدها هو نفسه عليها ، شقيقته الخمرية اللون بعينين واسعتين سمراوتين و رموش كثيفة جدا و شعر مجعد و لكن طويل و كثيف لا قصيرة و لا طويلة و لكنها رغم كل هذا تري أنها ليست هدفًا لأي خاطب الآن أو مستقبلًا فرتبت حياتها على وحدة وضعت حدودها هي قبل أن يفرضها عليها أي مخلوق آخر من وجهة نظره ، كما أن وفاة والديهما و هي بالصف الثالث الثانوي و هو بدبلوم التجارة و توقفهما عند هذا الحد في مسيرة تعليمهما لقلة الدخل الذي يجاهد بشتى الطرق للحصول عليه يكاد يذهب ب عقلها
كانت متفوقة للغاية ، حصلت علي 99 بالمائة و لكن تفوقها هذا دُفن تحت الثرى و لكم يشعر بالقهر عليها و يحاول تعويضها بشتي الطرق!
" وجدت عملًا "
التفتت تخبره بهدوء شديد فأجابها بعدم فهم " عمل ماذا ؟"
" عملًا لي ، ممرضة بعيادة طبيب عيون "
" ماذا ؟! هل وجدتني عاجزًا لهذه الدرجة؟ ألا أستطيع تلبية طلباتك ف أردت مقاسمتي ب دوري !"
زعق بها بغضب حقيقي و لكنها لم تهتز تعلم جيدًا أنه لن يتقبل الفكرة ، ف " علي " لديه حساسية مفرطة تجاه موضوع عملها ، كلاهما يعلم أن الأموال التي يحصل عليها تكفيهما حتي نهاية الشهر بأعجوبة لذا يشعر بالحنق و الذنب و ربما العجز .... يثور و يغضب منها و من قلة حيلته عند ذكر عملها رغم أنه ما كان يومًا شخصًا عصبيًا ، صحيح هو ليس بهدوءها إلا أنه أيضًا ليس عصبيًا للحد الذي تراه الآن
اقتربت بهدوء و حنكة امرأة تعلم مفاتيح الشخص الواقف أمامها ، لم تفلت عينيه ، كلاهما يفهم الآخر جيدًا و يستطيع التواصل معه من خلال نظرة حتى و لو كانت عابرة ، وقفت أمامه مباشرة و تركت نفسها له ليحتويها بين أحضانه ف التقطها فورًا و ضمها اليه بدموع حبيسه ،أرادت أن تُشعره بأنها دومًا بحاجة احتواءة و أنها لم توجه له أبدًا أي اتهام ضمني بالتقصير و سمح لها بأن تمتص غضبه بكل سلاسة هي أكثر من قادرة عليها " الأمر لا يتعلق بك و لا بالمال يا علي ، أنا هي الهدف ، أريد الخروج من قوقعتي و إيجاد نفسي ، أريد أن أفعل شيئًا لنفسي فقط ، لأشعر بأن هناك قيمة لوجودي بالحياة ، أنا بالبيت طوال النهار ، لا شاغل لي و لا هواية لدي و الملل يخنقني ، أفكاري لا تهدأ فلا تتركني فريسة لفراغي أرجوك ، أريد النجاة بنفسي و أحاول ألا أصل للجنون جراء رأسي الذي لا يتوقف عن الإسترسال سواء ب أشياء تخصني أو أشياء لا تمت لي بصلة "
" وافق أرجوك "
همست كلمتها الأخيرة بضياع شديد تعلم أنه لا يستطيع مقاومته فقبل رأسها هامسًا بحنان " اتركي لي تفاصيل هذا الأمر و سوف أبلغك قراري خلال أسبوع "
" يومين فقط يا علي ، موعد المقابلة خلال ثلاثة أيام "
" و الله لم أقرر بدون أخذ رأيك ، أنا فقط حجزت موعدًا مقدمًا كي لا تفوتني الفرصة إن وافقت "
سارعت تخبره بالحقيقة حينما اتسعت عيناه و كاد بركانه يفور من جديد فهدأ نسبيًا و تركتها متجها نحو غرفته مرددًا بتذمر " حسنًا سأخبرك غدًا مساءًا "
ف ابتسمت بنصر قبل أن تعاود أدراجها نحو النافذه تري الدنيا حولها تدور و تدور و كلٌ يجد سعادته إلا هي الوحيدة تقريبًا بالحياة الغارقة بخيباتها التي لم و لن تسمح ل علي بأن يغرق بها هو الآخر
كاذبة هي هذه المرة فقد أرادت العمل لأجل شقيقها الذي أصبحت عيناه لامعه باستمرار منذ شهور قليلة ، لمعة عاشق وجد ضالته و لكن لا حول له و لا قوة و ابتسامة حزينة لرجل المال الضائع يٌكبله فأرادت تحريره من عبئها بل و مساعدته أيضًا عله يملك الجرأه ليخبرها يومًا أنه سيفوز بالحبيبة المجهولة و يتزوج بها رغم أنف حياتهم البائسة !
****
" عشق الرجل عزيز وإن عَشِق هذا العزيز ذل "
منذ متي وقلبه يخفق بهذا الشغف ، بهذه القوة و بكل هذا الجبروت ، كان يعتقد أنه لن يقع في هذا المأزق يومًا و حينما سقط به سهوًا أصبح حقًا في مأزق،
فقد تعثر قلبه بعشق امرأة متزوجة !
سلواه الوحيدة أنه لم يكن يعلم ، حينما رآها أول يوم عمل به بذلك المطعم بحي السيدة زينب كانت مجرد فتاة جميلة لا يزين اصبعها أي خاتم ،لفتت انتباهه و حصلت على اهتمامه ، شعر بأنه رغمًا عنه يترقب ظهورها ، عام كامل مر و هو يراها كل أسبوع تقريبًا بنفس الموعد و نفس المكان
السادسة مساءًا من يوم الجمعة كل أسبوع تطل عليه بعباءة سوداء و حجاب مماثل و عيون أخذت من البحر رشفة فكانت ثمالته!
شاردة هي ، ف بكل مرة كان يراها بها كانت تبدو شاردة ، و عيناها معلقة بالمسجد الذي تغيب به ل نصف ساعة كاملة ثم تغادره ب ابتسامة حلوة جدًا سرقت لُبه منه بأول مره رآها بها
تسير بخطى ثابته متروية و كأن كل سكون الكون زُرع فيها بينما عيناها تشتعل شوقًا للحبيبة العظيمة الشريفة ستنا السيدة زينب
تفوت من جانبه دون أن تراه و هو الذي يتوقف الكون كله حوله حينما يراها !
ألقى بجسده المُتعب علي الفراش ، وليت قلبه مثلًا مرتاح ف كلاهما يأن و لا سبيل لتعافي أحدهما من سقمه ، فجسده معلق بعملين ، نادل ب مطعم مساءًا و بائع ب مكتبة نهارًا
ظل لأشهر طويلة يحفظ تفاصيلها ، يراقبها و يغرق أكثر بعشقها
حتي جاءته الصدمة بغتتة والحياة تضرب أحلامه بمقتل و بكل قسوة لتخبره أن المرأة الوحيدة التي شعر بقلبه و دقاته في وجودها ليست له و أن آخر يمتلكها !
لم يفعل ك معظم الشباب ، فلم يترك لنفسه فرصة للتعافي من عشق لا نصيب له به لأنه لا يملك أصلًا رفاهية إعطاء مشاعره حقها ، يكاد يكون لا يجد وقتًا أساسًا للمشاعر و إلا فمن سيعوله و هو وحيد بلا كبير و لا عائل
وحده الله يعلم كم حاول الخروج من مدارها ، ترك كل طريق يوصله بها فترك المطعم الوحيد الذي قبله و دار بالقاهره بكل درب من دروبها يبتغي عملًا و لكن بزمن البطالة هي سمته الأساسية كيف يجد عملًا ؟!
بدأت الديون بالتراكم عليه و لو كان وحده لما أهمه و كان استطاع استكمال طريق نسيانها إلا أنه ليس وحيدًا لديه شقيقة يعولها ف عاد مجبرًا لعمله و دار قلبه بفلكها من جديد فقرر أن يظل عاشقًا بصمت !
" علي الطعام جاهز تعال "
انتزعته توأمه من أفكاره البائسة فرسم ابتسامه زائفة على شفتيه علها تواري حيرة عينيه و عذاب قلبه ثم ذهب يشاكسها كالمعتاد " أتمنى أن يبدو طعامًا في النهاية يا علية "
****
" إن أردت حصد اهتمام رجل تجاهله و إن أردت إغضاب أنثى اهتم "
ليس لأن الأنثى مجنونة بطبعها مثلًا لا سمح الله و لكن لأن أغلب الرجال حينما يريدون الإهتمام يسلكون الطريق الخاطئ أو يخطئون بنهاية الأمر بعدم تقدير مراد النساء البسيط !
" اجلسي لنتفاهم يا أبية أنا ما جئت هنا إلا لأستمع اليك بهدوء دون عصبيك المفرطة رجاءًا ، فأغلب نقاشاتنا باءت بالفشل لأنك تغضبين و تصرخين فجأة بقدر يجعلني راغبًا بالرحيل حفظًا لماء وجههي و احترامًا لكرامتنا سويًا "
اغمضت عينيها بنفاذ صبر و هي تعاود الجلوس ف والدتها نفذت خطتها و جمعتها ب " محمد " ببيت والدها و الجميع أكثر من مرحب !
" أخبرني ما لديك "
رددت بتذمر جعله يأمل ، يشد طرفي بدلته بجاهزية و يتحدث بسياسة و صبر " الآن انت تقولين أنك لا تشعرين أنك في موضعك المناسب بحياتي و أننا نختلف في طباعنا لدرجة اليأس من التفاهم يومًا ما ، صحيح ؟
لم تجب و اكتفت بالنظر العميق بعينيه محاولة التقاط خطتهم للتأثير عليها هذه المرة و لو كان رجلًا آخر لدهسه قطار الإرتباك جراء تفحصها هذا به و لكنه بكل بساطة " محمد !"
استبشر خيرًا و استطرد بمحايلة " ماذا لو حاولنا اصلاح البعض و تغاضينا عن الآخر ، أنا سوف أحاول من جديد و أنت كذلك ، تندمجين قليلا بعالمي و أذوب قليلا بعالمك ، لن تستقيم الحياة لو كان أحدنا نسخة مكررة من الآخر ، أنت ببساطة أنت و أنا هو أنا ب اختلافنا الذي يعطي طعمًا للحياة !
" انظر يا محمد "
همست بقلة حيلة قبل أن تتنفس بقوة و تشبك كفيها بتحفز ، تحاول السيطرة على غضبها من الجميع و أولهم محمد بأسلوبه الهادئ ، الهادئ جدًا ، هل حقًا يحدثها و كأنها طفلة !
" المشكلة ليست بهذه البساطة ، وحده الله يعلم أنني لم أرد يومًا قول هذا الكلام و لكن لا مفر ، أنت جذاب ، جذاب جدًا من بعيد ، منذ رأيتك بالمرة الأولى و أنت تجرني اليك جرًا و لكن بعد الزواج ، بعد زوال عنصر الانبهار ، لم أشعر ليوم بالسعادة الكاملة ، هناك دومًا شيئًا ناقصًا بعلاقتنا ، أنا أريد رجلًا عاديًا و لكن أشعر معه أنني غير عادية ، أنني معه حالة استثنائية ، لطالما تمنيت رجلًا عشقه غير مألوف ، رجل وجوده بحياتي ثورة و عشقه لي ملحمة !
أنت هادئ جدًا جدًا لدرجة تشعرني بالموت ، ثابت للغاية ب انفعالاتك لدرجة مغيظة و باردة ، لطالما رأيت بخيالاتي رجلًا يغار بقوة و يحب بعنفوان و أنت تحب بصمت و تعبر بهدية متدية بحته! ، كلامك العاطفي قليل لدرجة جعلتني دومًا جائعة للمشاعر ، حتى الحرية التي أعطيتني إياها و التي تريدني أن أعطيك إياها بالمقابل و هذا ما لم اتقبله أبدًا لم و لن تناسبني فقد أردت دومًا رجلًا متوغلًا بتفاصيلي!
قالت جملتها الأخيرة بيأس من يحاول التحدث مع صيني بالعربية مثلًا ثم صمتت بخجل و إدراك متأخر لكل ما تفوهت به، صدمتها صراحتها التي رسمت الجمود جليًا على جسد محمد و نظراته ، انتظرت ردة فعله على أحر من الجمر بينما صمته المعتاد يؤجج نارها أكثر
" أنتِ محقة بأنك لا تناسبيني فأنتِ بالنهاية لم تقدري شيئًا منحتك إياه ، آسف لأني لم أعلم أنك مجرد مراهقة حمقاء ساذجة قبل الآن!
قالها ببرود ناقض اشتعال عينيه فأصابها الجنون و الفكرة أرست كل الشياطين أمام عينيها بلحظة
" هل سخر من أحلامها و تطلعاتها نحو الرجل الذي تتمناه للتو! "
" أنا أريدك أن تحررني لأنني اختنقت من وجودي بحياتك الباردة ، أنت بكل صراحة لا تكفيني يا محمد "
" أنت طالق يا أبية "
نطق كل منهما كلماته بنفس الثبات الواهي و و بنفس حالة الغضب من عدم تفهم الآخر لمشاعره و لكنه لم ينتظر حتى ليلتقط ردة فعلها فقد قام مغادرًا و هو يهمس بسخرية يشوبها الألم الذي لم تستطع ادراكه " أتمنى أن تجدي ذلك الرجل يومًا دون أن يطلقك بالنهاية "
باغتها بالطلاق !
لطالما سعت خلف ذلك الأمر إلا أن حدوثه حقيقةً مختلف جدًا عما كانت تتخيل !
هناك برودة غريبة تدغدغ جسدها و ألم بمعدتها لا تعلم سببه
هل هو الخوف من التحرر ، هل اعتادت علي التمرد ولكن بكنفه؟
سمعت أصوات حركة سريعه بالخارج فرسمت الثبات علي ملامحها و ابتلعت ريقها الجاف تخفي معه مشاعرها المتناقضة و تحاول لعب دور الناج من الطوفان !
" ها ماذا حدث؟"
"حدث كل خير يا أمي "
ردت علي فضول والدتها بهدوء ف كادت المرأة تزغرد و هي تتسائل " هل تصالحتما ؟"
" لا محمد طلقني "
ردت بابتسامة باردة جعلت المرأة تهمس بصدمة و عدم استيعاب " ماذا ؟!،
ثم اتسعت عيناها ببطء و الإدراك يعود خلال دقيقة متسائلة بخوف " هل فعل حقًا ؟"
حينما رأت التأكيد بعيني أبية و هدوءها المبالغ فيه سيطر عليها الغضب فصرخت بفزع " ماذا قلتِ له كي يطلقك؟"
" قلت الحقيقة يا أمي ، أخبرته بكل ما كتمته بنفسي منذ زواجي منه "
" ماذا ! أنتِ لم تقدري النعمة التي بين يديك و الله ستندمين يومًا "
همست المرأة بحزن بينما تحاول أن تمسك رأسها الذي يدور و السيطرة على جسدها الذي خذلها ، تهاوت علي المقعد خلفها فأغمضت أبية عينيها تهمس بتعب " لقد حققت ما أردته أنا حقًا هذه المرة يا أمي و أنا المسئولة عن خياري ، يكفيني أنني أشعر بنفسي الآن كالسابق و كأن قدمي تحط ع أول الطريق ثانية "
***
إلا انت
كل غالي يهون عليا إلا انت
إلا انت
و ابتساماتي و آهاتي منك انت
و الي حبيته ف حياتي هو انت
فيها ايه الدنيا دي إلا انت
تتمايل مع الأغنية و تردد بحنين بينما تصبغ شفتيها بلون النبيذ القاتم ثم تدور حول نفسها تتأمل وجهها المتوهج لأول مرة منذ ثلاث سنوات بالمرآة و تمسد شعرها المموج ثم تتذكر وترسم حدودًا لعينيها الزرقاوتين ربما لتمنعه من الغرق فيهما فاليوم يومه و اليوم اللقاء !
اليوم تروي شوقها و تكسر حاجز خجلها الذي تركها به منذ سنوات،
بعد دقائق يرى أمين امرأة أخرى غير تلك الفتاه الخجول التي غادرها ، اليوم قد تزينت و أخرجت الأنثي الموجودة داخلها و المشتاقه له بكل ذرة فيها
سمعت جرس الباب فركضت ، قلبها يخفق بشدة يكاد يغادر صدرها ، اتسعت ابتسامتها و هي تفتح الباب و تختبئ خلفه بمشاكسة ليطل أمين هامسًا ب استغراب " رحيل ! "
ذابت رحيل و دمعت عيناها و لكن قبل أن تلقي بنفسها بين أحضانه ، تبثه سعادتها و شوقها بعناق هي أحوج مخلوق إليه كان ينادي على ضيف معه و يلتف ليُدخل الحقيبة الكبيرة ثم عاد ليواجهها ب امرأة !
" تعال يا خديجة "
أطلت عليها امرأة غريبة عنها يحتضن كتفيها و يخبرها ببساطة و ألفة مغيظة أن تدخل شقتها !
لجمت الصدمة لسانها و ضيقت عينيها بعدم فهم ، صمتت بغباء يتزايد و هي تسمعه يقول " أين أمي ؟، ماذا تفعلين هنا وحدك ؟! "
مسدت رأسها تحاول الاستفاقة و الخروج من حالة اللاوعي التي شعرت بها ، حركت شفتيها تحاول الإجابة علي أمين الذي ينتظر منها ردًا فخرجت كلمتها مبعثرة كحال روحها الآن " من ... من هذه !"
سألت بحشرجة وثِقل تنظر لأمين بتفحص أغضبه فأجابها بنفاذ صبر " هذه زوجتي خديجة ، أين هي أمي الآن و لم تستقبليني أنتِ بدلًا عنها يا رحيل ؟! "
" من ؟!"
" هل تزوجت علي!"
همست بألم و صدمة بينما تشير للمرأة و الدنيا المظلمة تلفها أكثر ، تكاد تبتلعها،ف الدوار يشتد و لكن عدم الفهم يجبرها علي الصمود
نظرت الأخرى نحو أمين بعينين متسعتين بينما يحاول هو الإجابة بمنطق ظهر بلباس السخرية " تزوجت عليك ! ، كيف أتزوج عليك و قد طلقتك يا رحيل !"
" طلق......"
لم تستطع استكمال حديثها و لا نطق الكلمة ،ف سقطت أرضًا بنفس اللحظة التي همست بها الخالة عزيزة بعدم تصديق و هي تغادر غرفتها بآثار نوم قريب " أمين ؟"
ثم استندت علي عكازها و أسرعت للخارج حينما رأت رحيل تسقط مغشيًا عليها أمام عينيها و جلست أرضًا إلى جانبها تناديها بخوف و تهزها بحنان " رحيل ، افيقي يا ابنتي بالله عليك "
فتح أمين حقيبته و أخرج زجاجة عطر قوية و رشها حول أنفها بينما يده الأخرى تضرب علي وجهها بقوة يناديها بغيظ و سخط شديد " رحيل .... رحيييييل "
فتحت عينيها الدامعة بضعف و ألم شديد جعلها تتأوه بينما تحاول الجلوس و لكنها لم تهتم ف الوضع حولها يجبرها على استفاقة لا مفر منها على الأقل لترتب كل هذه الفوضى المحيطة بها ، حاولت التغلب على قلبها الذي يكاد يكون لا يعمل و عينيها الزائغتين ، نظرت لأمين طويلًا ثم للمرأة الجالسة بجانبها بضياع
أشارت لأمين و هي تهمس بضعف و عدم فهم توجه حديثها للخالة عزيزة " يقول أنه طلقني يا خالتي "
" أمي ما الذي يجري هنا ؟ لم تجلس رحيل معك و لم تتحدث و كأنها زوجتي ! "
و ما هذه العصا !
ما بها قدمك ؟!
" و كأني زوجتك ! "
همست رحيل بصعوبة فالكلمات باتت ثقيلة على شفتيها ، رددت جملته بألم و دموع كست ملامحها فلم تعد واضحه أمامه فجن جنون الآخر " ما بك أنتِ ألم أطلقك منذ عام ! ألم أرسل لك ورقة طلاقك و جواب يفيد بذلك !
" عن أي جواب و طلاق تتحدث أنت ! ، أنا من كانت تتسلم كل رسائلك التي لم تكلف خاطرك بواحده منها لتسأل عني !
صراخها صم أذنهم جميعًا ففرك جبهته بغيظ من هذه الغبية المتواجده أمامه و المُصرة على زعزعة فرحته بالعودة و التشويش على لقاءه بأمه!
" أنا آسفه يا رحيل ، حقك علي يا ابنتي "
" ماذا تقولين يا خالة و ما ذنبك أنت بكل هذا الاختلال !"
أمسكت يد المرأه تُهدأ من رجفتها رغم تزعزع كيانها هي فشدت العجوز علي يدها بتوسل " أستحلفك بالله أن تسامحيني على أنانيتي "
حاولت الفتاة التحدث فألجمت المرأة الكلمات على لسانها حينما فجرت قنبلتها الموقوته " الرسالة الوحيدة التي تسلمتها من قبل سقمي كانت ورقة طلاقك و جواب من أمين يخبرني فيه أنه لن يستطيع الاستمرار أكثر و أنه وجد المرأه التي يريد أن يكمل معها و لكني لم أستطع يومًا إخبارك يهذا الأمر"
" ماذا ! "
همست بشحوب و أنين، تقلب عينيها بين الثلاثة المتواجدين أمامها ، تتمنى لو أن أحدهم يضحك ثم يخبرها بأن كل هذا هراء ، بأن كل هذا كذب و أن أمين حلم طفولتها لم يغدر بها ، بأن الخالة عزيزة لم تستغلها ، و بأنها ليست دمية عبث بها الجميع
بأنها لم تفقد كل شيء دون مقدمات ثانية !
أغمضت عينيها لثوانٍ تستجمع فيها كامل وعيها ثم انتفضت من مكانها و تراجعت نحو الباب بظهرها ف الألم يتعاظم ، السكين الثلم ذاك يُغرس أكثر بصدرها ينحر قلبها حيًا دون رحمة " أبدًا أبدًا لن أسامح أحدًا منكم ، لا سامحكم الله يومًا و أذاقكم جميعًا أضعاف ما أذقتموني الآن "
و رحلت كطائر ذبيح ينتفض ، تركتهم خلفها و ركضت بينما روحها تأن ، عقلها يكاد يذهب وخطواتها تصارع بعضها البعض، تركض و لا تعلم إلى أين يمكنها الذهاب ، الدموع تلهب وجهها و الأفكار تتوالي علي رأسها ، فتاة الثانوية التجارية تعشق أمين سرًا ، تراقبه ، تتابعه و تحفظه بكامل تفاصيله عن ظهر قلب ، والدتها تلحق ب والدها المتوفى و الفتاة مقطوعة من شجرة كيف ستحيا بعدهم وحدها !، جاء حضن الخالة عزيزة لينتشلها من كل هذا ثم ماذا ، أمين يتقدم و يخطبها ثم زواج تبعه بأيام سفر للسعودية و يبتعد ، يكتفي برسائل لا يذكرها بها و تُكذِب نفسها ، و تُسكت أحاسيسها ف لم سيتجاهلها و توجِد الأعذار ثم تقنع عقلها بكلمات لا تعقل أساسًا !
و قلبها الخافق بعشقه يصدق و يشتاق ثم يمني نفسه بلقاء فكان لقاء الفراق!
" علشان خاطر الرئيسة المشيرة الكريمة العظيمة ستنا السيدة زينب "
نظرت أمامها و الصوت يخترقها فوجدت نفسها أمام مسجد السيدة زينب فهمست بنحيب بائس للغاية " طلقني يا سيدة ، طلقني و أصبحت مسكينة و ليتك هنا فتعطفي علي قلبي العليل ، آآآآآآآآآآآآه يا ربي قلبي يؤلمني ، يؤلمني بحق أشعر و كأنه سيتناثر بكل ركن في الدنيا و لن أتمكن من لملمة شتاته ثانية ! "
جلست أرضًا تبكي و كأن الكون غطاه سواد مُفاجئ و مرعب فضاعت الطفلة بداخلها عن أهلها ففزعت و تقوقعت على نفسها تخشى الأذى رغم أنه وقع بالفعل ، و كأن اليُتم يقتحمها للمرة الثالثة دون رحمة !
" رحيل ! "
نظرت أمامها بسرعه فوجدت شابًا غريبًا ، لا تعرفه ، يقف أمامها يتفحصها و الفزع محفور علي وجهه جليًا ، نظراته لها أخبرتها بأنه يعرفها و يعرفها جيدًا
كان قلبه يضرب داخل صدره كالمطرقة، فمنذ رآها و هي تركض بفستان أزرق ضيق و شعر مموج مكشوف ، كحل سائل رسم السواد بشعًا على وجنتيها و عيون أشبه بالجمر و هو يشعر بأن أحدهم لكمه بمنتصف صدره بقسوة كادت تزهق روحه و رغمًا عنه قادته قدماه إليها ، تتبعها و راقبها من بعيد حتي صرخت متأوهه بكل العذاب المرسوم علي خلقتها ثم جلست أرضًا بضعف ف لم يستطع السيطره علي مشاعره ولا على تلك الرعشة التي احتلت كيانه أكثر من ذلك ، خوف و غضب و عشق.... مشاعر كثيره متشابكة لم يجد الوقت لتحليلها و هو يجد نفسه يتقدم نحوها و يهمس اسمها بخوف متسائلًا عما قد يكون أوصلها لهذه الحالة !
*****


علا الخالع همسات غير متواجد حالياً