عرض مشاركة واحدة
قديم 05-07-21, 08:36 AM   #47

إسراء يسري

? العضوٌ??? » 475395
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 631
?  نُقآطِيْ » إسراء يسري is on a distinguished road
افتراضي رواية وأشرقت الشمس بعينيها

الجزأ الثاني من الفصل التاسع

تجلس وراء مكتبها تحاول أن تركز في عملها الجديد عبثاً
روحها مشروخة وضائعة منها ولا تعرف كيف تهتدي إليها مرة أخرى
لقد كسرها رفعت عمران بأكثر الطرق بشاعة
إنها لا تستطيع حتى رفع عينيها في وجه والديها تتهرب منهم بكل الطرق الممكنة
حتى سنا صديقتها لم تستطع أن تبوح لها بشئ !
لم تستطع أن تحكي لأحد غيره
هو دوناً عن سواه من يشهد إذلالها ..
أكمل البدوي؟!
الندم يسلخ من لحمها حياً
أيا ليتها لم تكن على ما كانت عليه
ليتها كانت فتاة بسيطة تبتلع لسانها وتخشى قول الحق
ليتها تزوجت عمر وبقت كما كان يريد ربة منزل وأم
دمعه تنزل على خدها فتبتلعها بمرارة دون أن تشعر
ليتها استمعت لنصيحة أكمل البدوي
ماذا جنت من عنادها ؟
ماذا جنت من سعيها وراء الحق ؟
ماذا جنت من فخرها بقوتها ؟
مُر...علقم...سواد...ذل...عجز...ق� �رٍ وسواد سيكلل أيامها القادمة
وضعت رأسها بين كفيها والصداع يكاد يفتك بها فتكاً
من كثرة التفكير
حتى حديثها مع أكمل لم تصل لشئ فقط عاندته وتركها غاضباً وهو يؤكد أنه سيتزوجها ..
مجنون !
أجفلت على صوت الواقفة أمامها تقول :-
"السيد رفعت يريدك في مكتبه الأن !"
عضت باطن خدها بقسوة حتى شعرت بطعم الدماء وأومأت برأسها ثم شدت قامتها تحاول أن تتحلى بثقة لم تعد تمتلكها حتى دخلت عليه ..
فورة من الإثارة التحمت بجسده وهو يمشط فتنة جسدها بعينيه الشهوانيتن...
حسناً هو لن يهدأ حتى يحصل عليها
بسيطة ليست أول امرأة تستعصي عليه
سيخضعها له روحا وجسداً
بل
سيستعبدها
لعبته بالأساس !
دار حول مكتبه مقترباً منها كالأسد الذي يترصد فريسته ثم غمغم بلهجة ناعمة أثارت إشمئزازها ليس إلا
"لما الغضب على وجهك يا جميلة ؟"
أصدر طرقعة غير راضية بلسانه وهو يضم شفتيه ثم أكمل وهو يقبض على خصرها بذراعه هامساً بلهجة باردة شديدة الخطورة والتحذير :-
"الغضب يثير غضبي وأنتِ لستِ بقادرة عليه !"
حاولت أن تتملص منه إلا أن قبضة ذراعه على خصرها كانت كالكماشة فصرخت به ولأول مرة منذ فترة تنفعل صارخة بغضب :-
"ابتعد عني ...ابتعد عني يا رفعت"
ضحك عالياً وكأنه يتلذذ بانفعالها
كالأسد الذي يستمتع بصراخ الفأر وهو يتقافز مستغيثاً لكنه يبقى داخل حدود أسواره فلما لا يلاعبه قليلاً؟
ومن ينال شرف اللعب مع الجامحة!
لكن تعود شفتيها المنتفختان بإثارة والذي يقسم أنه لأول مرة يكونا دون طلاء لكنهما شديدتي الإغراء لرجولته وكل حواسه فلم يستطع التمهل أكثر من ذلك وفي أقسى أحلامها فتكاً لم تكن تنتظر خطوة كهذه
يقترب..!
يقتنص!
يسيطر!
يلتهم ويتذوق!
هل جربت يوماً أن تشاهد نسجاً خيالياً من الشئ ونقيضه ؟!
الشهوة التي هبت بجسده فور أن امتلكها كان يقابلها صدمة شلتها وكادت أن تودي بحياتها اختناقاً
الجموح الذي كان يعيشه مُغمضاً عينيه كان يقابل إرتعاشاً مذعوراً ذرفته عينيها أنهاراً
الرعونة المثيرة للشفقة التي كادت أن تدفعه للمزيد وقد زحف خياله بعيداً حيث امتلاكها الكامل كان يقابلها تخبط هستيري من جهتها وهي تحاول أن تدفعه دفعاً والادرنالين يندفع بسائر عروقها حتى تمكنت أخيراً من فعلها !
عيناه غائمتان بالشهوة ..جسده مرتعشاً من فرط الإثارة ..وفكره غائباً في لُجة السُكر
روحها تكاد تختنق حتى أنها سعلت مراراً..جسدها يخونها ضعفاً فتكاد تسقط مغشياً عليها وجهها مسوداً من فرط الإشمئزاز وبكل ما بها من تخبط وتيه بل ربما غياب نصفي للوعي كانتا قدميها بدأتا في التحرك للهرب ولم تلحق وهو يحشرها بينه وبين الحائط هامساً من بين أسنانه بغضب بوجه شديد الإحمرار :-
"لا تُثيري النار وتظنين أني سأتركك دون أن تُطفئيها "
تخاف ... ترتعش ...
عينيها جاحظتان وهي تهز رأسها نفياً بهستيريه
جسدها شله الرعب وهي ترى النهاية تلوح في الأفق بعيداً حتى أن الكلام محشور في فمها وزاد الأمر هو تقلب معدتها
شعورها الأن أشبه بشخص لم يعتاد السفر أبداً وحين سافر حبسوه في سيارة ملبدة بالأدخنة فلن يسعفه سوى التقيؤ
لكن ما أسعفها هي الأن من فرط جنون رفعت الذي تستشعره جلياً من إرتعاش كفيه على كتفيها هو دخول كارمن مساعدته المفاجئ عليهم
هي حتى لم تعير انتباه لذهولها!
لم تعير انتباه لما قالته أو حتى ستقوله
هي فقط اندفعت راكضة بعد أن أخذت حقيبتها تعدو في الشارع لدقائق كالتي أصابها المس وفور أن توقفت !
تقيأت ...
بعض الناس تجمعوا يسألونها بقلق ما بها إلا أنها لم تستطع أن ترد
حتى أنها أخذت تشهق عدة مرات كي تعُب الهواء داخل صدرها ...
واستقامت مواصلة طريقها كالتائهة.
بعد ساعة
كانت تدخل من باب البيت شاحبة...مُرتجفة...وجهها أصفر كليمونة ذابلة حتى أنها همست لوالدتها المندفعه نحوها بقلق أن دورتها الشهرية قد زارتها
واندفعت كطفلة خائفة من الوحوش لحضن أبيها الذي أجفل من فعلتها وهي تهمس مرتجفة :-
"ضُمني يا أبي "
ولم يكد يفعل حتى انفجرت باكية وهي تتمسك بأطراف عباءته البيتيه
تدفن وجهها في صدره تسكب دموعها وبداخلها كانت تبدي الندم
تتوق لتقبيل القدم وليته يشفع..
رباه لقد كادت تفقد نفسها
رفعت لم يكن يتركها ...كان قادر بالقضاء عليها
أي شيطان هو
ماذا تفعل ؟
هي خائفة بل مرعوبة لقد كاد رفعت أن يغتصبها
بكاؤها يزداد حتى خلعت قلب والديها رعباً من كثرة القهر في صوت عويلها
أفكارها تتشوش...روحها مذبوحة من الوريد إلى الوريد
لقد كسرها
لقد نجح رفعت عمران في كسرها !
ليس لها قيامة مرة أخرى
رفعت عمران لن يتركها إلا بعد أن يدمرها
أمها تقف قلقة لا تفهم شئ لكن قلبها الأمومي يكاد يموت من فرط الفزع
والدها قد شدد من احتضانها يقرأ آيات الذكر الحكيم وقبضة من خوف مجهول ترتعش في صدره فهو لم يرى ابنته هكذا منذ أن كانت في السابعة عشر حين ماتت صديقتها المقربة
ظل يربت عليها يهدأ من ارتجافها حتى شعر بثقل رأسها على صدره فمددها على الأريكة برفق وزوجته تضع غطاء خفيف عليها ثم ترفع رأسها له وهي تضع كفها على صدرها هامسة بتساؤل قلق:-
"ابنتي ..ما بها يا عامر ؟"
صباحاً...
فتحت عينيها بصعوبة من كثرة النوم فهي بعد أن استيقظت ليلاً وطمئنت أهلها بكذبة عن تعرضها لرؤية حادثة ما أمام عينيها دخلت إلى غرفتها ترحب بين أركانها الدافئة بالنوم مرة أخرى !
أمسكت هاتفها الذي يبدو أنه كان يهتز باتصال ما ولتوه فصل متفاجئة بكم الاتصالات التي وردتها من أكمل منذ الأمس حتى أنه أرسل عدة رسائل أخرها كان من نصف ساعة تتراقص أحرفها بجنون صاحبها
"أقسم إن لم تردي سأصعد لمنزلك ولن أبالي "
تأففت وهي تعود إغماض عينيها مرة أخرى رافعة الهاتف الذي عاود الاتصال مرة أخرى هامسة بصوتها المبحوح :-
"(ألو)"
وبمكانه في سيارته كان ينتظر ردها حتى أتاه صوتها أخيراً
أغمض عينيه بقوة متأوهاً دون صوت يزفر أنفاساً مرتعشة
(ويا ليت كل صباحي يختلط بتلك البحه )
وبدلا من أن ينطق بما تتوق له روحه المتألمة كان يرد بلهجة قاسية قبل أن يقفل الخط دون الاستماع لرأيها:-
"ساعتين وألقاكِ في مكتبك القديم "

وفي طريقه إليها كان وجهه مغلقاً كصفحة سوداء خُط عليها للتو صك القتل !
الشرط الذي اشترطه عليه البدوي ليجعله يمضي في زواجه منها كان بمثابة عقد احتكار مع الموت بالنسبة له
ماذا يفعل ؟!
هل يوافق كي يكون جوارها يحمي أنفاسها برموش عينيه ؟!
لكن لو علمت ما سيفعل بالمقابل هل تغفر يوما ً؟
وإن تركها بعد أن يخلصها من الجرذ رفعت هل سيتركها حقا رفعت بحالها ؟!
هل سيأمن عليها خارج أحضانه ؟!
دعك بين عينيه وهو يصف سيارته في مرأب المبنى الكبير ثم صعد السلم مسرعاً متنازلاً عن ركوب المصعد
دخل المكان الفارغ بلا مبالاة ثم طرق باب غرفتها وقبل أن يدخل كان يأخذ نفساً عميقاً ثم دخل ...
رَفعت عينيها المنتفختين له فور دخوله الواثق وهو يغلق الباب بطرف قدمه ...
ظل يتأملها لثوانٍ ثم اقترب واضعاً كفيه في جيبي سرواله قائلاً بخفوت :-
"كيف حالك ؟"
ابتسمت ببهوت ساخر وأطرقت برأسها أرضاً في عجز
لم يروقه ضعفها هذا
لم يروقه إنطفاء بؤبؤ النارية في عينيها
لم يروقه بهوتها ولم تكن يوماً سوى وجهاً للإشراق
اتكأ على ركبتيه جالساً أمامها هامساً بحنان مس وترٍ..وتر بقلبها :-
"لا تكونِ هكذا
إياكِ أن تنطفأي أو تخافي منه أبداً وأنا هُنا "
قسوة غلفت عينيه خالفت نبرة الحنان في صوته وهو يجز على أسنانه مواصلاً بتشديد :-
"سيكون يوم موته إن مس شعرة منكِ"
رفعت عينين دامعتين له وظل إتصال الأعين لثوانٍ حتى كانت هي أول من اقتطعه وهي تهب واقفة تعطيه ظهرها ..تحاوط نفسها بذراعيها وكأنها تقيها من بردٍ لم يخرج سوى من روحها التي تشعر بها عارية !
عارية وسط صحراء قاحلة في جو صقيعي بليلة كاحلة الظلام !
تشعر نفسها مدنسة منتهكة وإن لم يحدث حتى أن تفكيرها تطرف وهي تقول بلهجة ميتة :-
"سأطلب منه أن يتزوجني رسمياً"
استند على حافة المكتب ورائة وهو يقبض عليه بكفيه بقسوة
ما نطقت به كان كرصاصة مكتومة صوبت نحو صدره
هل تفضل زواجها من رفعت عمران على زوجها منه هو ؟!
لهذه الدرجة تراه شيطان ؟!
لكن ما جعل الرؤية تُصبِح أمامه بلون الدماء هو فكرة أن يكون الأخر حصل عليها !
فهمس بتساؤل خطر:-
"لما؟"
قطبت مضيقة عينيها وهي تلتفت إليه تضم جسدها بذراعيها تنظر له بحيرة في تساؤل
هل حقا إرتجف صوته أم يهئ لها !!
جبينه معقود مائة عقدة تحكي أطنان من الألم ،وجهه شاحب لا حياة فيه ،شفتيه مشدودتان كالوتر
عضلة أنفه بالتوازي مع عضلة فكه مختلجتان دون قُدرة منه للسيطرة عليهم
وعينه اليسرى ترمش بصلابة رجل مكبل اليدين
رجل محير بين قلبه وروحه فأين السبيل ؟!
أطبق أسنانه يتنفس بصعوبة وهو يرفع رأسه للأعلى مغمضاً عينيه بقوة على تلك الدمعة الخائنة التي تريد النزول وكسر كرامته ... فكرة أن الأخر حصل عليها تكاد تفتك به
زفر أنفاسه بقوة وهو يفتح عينيه أخيراً ينظر لها هامساً بحرقه بنبرة مشتدة لكنها متوسلة ،مريرة لكنها محذرة ، مقيدة الحروف لكنها طليقة المعنى!!
«لا تفعليها ، لا تكونِ له سأتحمل ذلك وأتفهمه لكن لا تكوني له ، إياكِ أن تفعليها تحت أي ظرف أياكِ»
«أنت لا دخل لك »
قالتها باقتضاب وكأنها تبصقها بكل ما يظهر منها من القسوة وكل ما يبطن بداخلها من الخوف والاضطراب الداخلي المذعور من هول التخبط الذي تشعر به "
تراجعت خطوة للوراء وهي تراه يدور حول نفسه بغضب أهوج فاتحاً ذراعيه وقد أحمر وجهه حتى نفرت عروقه صارخاً بعذاب
"يا غبية لما لا تفهمين أني أموت إذا جُرِح إصبعك حتى ؟! حين عرضت عليك الزواج كان من أجلك ليس من أجلي ..رفعت سيخاف أن يقترب منكِ وأنتِ تخصينني"
ابتلع ريقه بصعوبه وإشتداد وجهه يزاد وهو يبتسم بقسوة قائلاً بصوت مشبع بالمرارة :_
"لو كنت أعلم أنكِ ستكونين آمنه معه بنسبة واحد بالمائة لم أكن لأقترب حتى فأنا قضيتي خاسرة على كل حال "
هزة عنيفة امتلكت قلبها وعينيها مسمرتان عليه بلا حراك
هل يريد أن يصيبها بالجنون ؟
لما يتحدث وكأنها ستموت على رفعت وليس متورطة معه بورقة زواج عرفي وعقد عمل بشرط جزائي لا تقدر حتى على نطق رقمه...
ثم لما نبرة الألم في صوته تؤثر بها هكذا وكأنها هي من تسببت بما هو فيه
لما نظرة عينيه تجعل قلبها يرتجف بتخبط لا قبل لها على فهمه ..
ثم لما تشعر وكأن؟
وكأن نفسها تلومها على ما تسببت به له
اللعنة عليه وعليها في ساعة واحدة ألن ترتاح أبداً؟
رباه
ألا مخرج من هذا التخبط الذي تحيا به؟!
الضغط والانفعال الذي تتعرض له جعلها تصرخ به باكية :-
"اللعنة عليك لما لا تفهم أن لا خيار لي أنا لا أستطيع أن أتخلص من الورقتين
وهذا الكلب لا ينوي أن يتركني بحالي "
تحرك من وقفته حتى وقف أمامها وقال بلهجة عادية غير
عابئاً بالذهول الذي أصابها :-
"الليلة أو ربما صباح الغد بالكثير سيرمي عليكِ رفعت اليمين
وبالنسبة للورقتين سيكونان معي وسأتركهم لكِ هنا "

===================

"أقسمت عليك يا أبي لا تضربه "
قالتها هنا بتوسل وهي تتمسك بذراع والدها المنفعل غضباً بعد أن اكتشفوا أن ياسين هو من قام بتجريح سيارة والده وهو يعيد الكرة مرة أخرى والغبي يتبجح ببرود أمامهم وكأنه لم يفعل شئ!
لقد دفعته من أمام أبيها بصعوبة
زمجر والدها صارخاً بغضب :-
"هذا الكلب يظن أني لن أعرف أربيه "
يلتفت لأمها الباكية بقلة حيلة مواصلاً الصراخ :-
"هذا كله بسببك يا هانم ..كله بسبب قلة تربيتك وتدليلك له أصبح لدينا بلطجي في طور المراهقة "
تربت هَنا على كتفه في محاولة لتهدئته مرة أخرى وهي تقول :-
"حقك علي أنا يا أبي أدخل الأن لتلحق الذهاب إلى عملك وأنا أعدك أن ياسين لن يكررها مرة أخرى "
والغبي يتبجح صارخا من داخل غرفته :-
ّ ومن أنتِ لتمنعيني هل تعينين نفسك كبيرة علي "
حركة والدها الغاضبة وهو يدور عينيه اللتان تطقان منهم الشرر في المكان ويبدو أنه يبحث عن شئ يضربه به جعلتها تقف أمامه مرة أخرى متوسلة ببكاء :-
"أتوسل إليك يا أبي اذهب الأن لتلحق بعملك ودع الأمر لي "
ناظرها والدها بترددد ثم استدار ذاهباً لغرفته وهو يرمي والدتها الباكية بنظرة غاضبة زادتها بكاءاً
اقتربت منها هَنا تربت على كتفها وشخص واحد يلمع في عقلها عله يساعدها في الأمر!
أخرجت هاتفها من جيب سروالها وهي تبعث رسالة قصيرة ولم تكن سوى لخالد بن خالها محمد
"خالد أحتاجك اليوم ضروري في بيت عمتك "
بعد عدة ساعات ...
كان خالد يجلس مطرقاً برأسه غير مصدقاً لما سمعه عن ياسين الصغير
حين استنجدت به هَنا ظن أنه أمر يخص عملها أو دراستها لكن ما قصته عليه أبداً لم يتوقعه
أين هم عنه ؟
حك جبينه ثم سألها باهتمام:_
"أين هو الأن ؟"
أطرقت هَنا مشبكة كفيها وقالت :_
"إنه بالمرآب يفك دراجته النارية منذ ساعات "
مط خالد شفتيه رافعاً حاجبيه بعدم رضا بينه وبين نفسه
"دراجة نارية لياسين المراهق !!"
أومأ برأسه وهو يقول :-
"هل لي أن أدخل غرفته يا هَنا ؟"
أومأت هَنا واقفة وهي تشير له جهة الغرفة و تقول :-
"نعم يا خالد بالتأكيد تفضل "
دخل خالد ورائها للغرفة المظلمة والتي أقرب لغرفة شاب كبير وليس مراهق بكل ما بها من أجهزة إلكترونية ...علب سجائر..ملابس ملقاه بإهمال
فتح خالد الشرفة ليدخل الهواء عله يبدد رائحة السجائر العالقة في الغرفة قليلاً
لاحظ خالد الهاتف المُلقى بإهمال على الفراش فالتفت لهنا قائلاً:-
"أغلقي الباب الخارجي بالمزلاج يا هَنا "
أومأت هَنا وهي تخرج لتفعل ما أراد فبدأ بالتفتيش في الغرفة
التقط خالد أحد العلب يقرأ ما بها وهو يمط شفتيه رافعاً أحد حاجبيه ساخراً :-
"إنها من أجود أنواع السجائر كم يأخذ هذا الولد مصروف !"

اتكأ على ركبتيه ينظر أسفل الفراش وجحظت عينيه ذهولاً
لم يعبأ بشهقة هَنا ولا حتى بكاء عمته التي لحقت بهم بل مد كفيه يسحب ما أسفل الفراش وقد بدأ يقلق بالفعل ..!
سكين كبير ..
أداة خشبية ..
عدة مطاوي صغيرة
استقام خالد واقفاً وهو يلتفت إلى هَنا قائلاً بسخرية :-
"ماذا يا هَنا ألم تنظفي الغرفة من قبل وتلحظِ هذه الأشياء؟!"
تحدثت هنا ومازال الذهول لم يفارقها وهي تنظر لما أسفل الفراش:-
"يبدو أنه كان يأخذ احتياطاته ويضعهم في خزانة ملابسه عند التنظيف"
أومأ خالد برأسه وسألهم :-
"هل تعرفون أصدقائه ؟!"
هزت هَنا رأسها نفياً بينما ظهرت علامات الذنب على وجه والدتها التي يبدو أنها هي الأخرى لا تعلم شئ ..
جلس خالد على الفراش وراءه وهو يتناول حاسوب ياسين المحمول يفتحه
قلب به عدة دقائق ثم أخذ الهاتف وسألهم :-
"هل تعلمون الرقم السري لهاتفه ؟"
هزت والدتها رأسها نفياً بينما قالت هنا بأمل :-
"جرب تاريخ مولد أمي أو تاريخ ميلاده هو أو ادمج الاثنين معاً"
حاول خالد حتى نجحت المحاولة الأخيرة وأخذ يقلب به مذهولاً
كم المحادثات القذرة بينه وبين مجموعة من الأصدقاء والتي تكبر أعمارهم بسنوات وسنوات
بضع محادثات مع فتيات
وأخيراً اللعبة المهووس بها هذا الجيل ...!
"لعبة البابجي !"
وعدة ألعاب إلكترونية من هذا القبيل !
مط خالد شفتيه بأسف وهو يعاود إغلاق الهاتف مرة أخرى وأخذ يقلبه في يديه ثم قال لعمته بتأنيب:-
"أيفون أحدث الإخراجات في هذا العمر يا عمتى ؟!"
فتح درج الجارور جواره وهو يخرج منه أربعمائة جنيه ملقاه بإهمال وكأنها عملات صغيرة وهمس ساخراً في نفسه :-
"ويلومونه !"
حين أخذ بكاء عمته يشتد اقترب منها يحتضنها وهو يربت عليها بحنان لتهدئتها ثم نظر لهَنا مُطمئناً وقال :-
"سنحدث شهاب الآن ونرى ماذا سنفعل !"
ولم يكد يخرج من عند عمته مستقلاً سيارته حتى ورده إتصال من تلك الصغيرة التي أصبحت صديقة أيامه "
"نور!"
===============

خبط رفعت على سطح مكتبه بكفيه بعنف يزيح كل ما أمامه مُزمجراً بغضب
هل سيظل البدوي هكذا دوماً كالشوكة في ظهره ؟!
هل سيظل دوماً يسبقه بالخطوات ؟!
هل يريد أن يريق له دم ابنه أمام عينيه عله ينهد ؟!
الحقير لقد أتصل عليه ملقياً أمره من عدة جمل ثم أغلق الهاتف دون أن يستمع لرده وكأن أوامره من المسلمات! ..

"أمامك فرصة لصباح الغد يا رفعت لتلقي يمين الطلاق على تلك المحامية بالهاتف
أحد رجالي سيكون عندك بعد ساعتين لأخذ الورقتين..

غداً ليلاً يا رفعت إن لم تكن نفذت أوامري ستفوح رائحة تجارتك في الدعارة وجنس الأطفال بجميع الصحف ومركز الشرطة وأنت تعلم أني لا أكرر حديثي مرتين !!"
ضم قبضتيه بقسوة وهو يتحرك في الغرفة بانفعال ولا يلمع أمام عينيه الأن سوى القتل !
حسابك ثقل ..حسابك ثقل يا بدوي أنت وابنك وضربتي ستكون بالدماء فقط اصبر أنت علي
البدوي يتجرأ على حرمة نطاقه الخاص مستغلاً سلطته ونفوذه وهو لن يرحمهم أبداً
الصغير يلجأ لأبيه حتى يستعيد له حلوته المفضلة حسناً فليهنأ بها
يظنون أنهم يتلاعبون معه؟
يتلاعبون به ؟
خاسرون !
الدخول في معركة مع رفعت عمران لا خروج منه سوى لطريقين
إما الموت وإما تمنيه !!
رفع هاتفه وهو يطلب رقم غدي وانتظر حتى أتاه صوتها
أسدل ستار النعومة على وجهه وكأنها أمامه وحين أتاه صوتها نطق بنبرة شيطانية هادئه كمن يسوي فريسته على نار هادئة :-
"لا تظني أننا انتهينا هاهُنا "
صمت ثوانٍ يتلاعب بأعصابها وقد تعالت وتيرة أنفاسها :-
"أنتِ طالق "
أغلق الهاتف وهو يلقيه على طول ذراعه يعض باطن شفته حتى أدماها ...
ابنة البرعي أنثى كالشمس ..لهيبها حارق..مؤلم..إذا اقتربت منه تبتلعك بجحيمها لكن إذا أخضعتها تدور من حولك ..
برقت عينيه يغضب أعمى وهو يخرج علبة تبغه من جيب سترته ساحباً منها واحدة يمُج منها بشراهه ثم ضحك ساخراً وهو يغمغم :-
"نهايتك تكون على يدي يا بدوي أنت وأبيك لكن قبلاً لنرسل هدية للأستاذة "
ولم تكن الهدية سوى صورة من عقد زواجها العرفي تصل إلى يد والدها بعدها بساعتين ...
انتهى

في انتظار تعليقاتكم و ارائكم

__________________

اللهم صل ِ صلاةً كاملة وسلم سلاماً تاماً على نبي تنحل به العقد وتنفرج به الكرب وتقضى به الحوائج وتنال به الرغائب وحسن الخواتيم ويستسقى الغمام بنور وجهه الكريم وعلى آله...


إسراء يسري غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس