عرض مشاركة واحدة
قديم 10-07-21, 05:42 AM   #108

إسراء يسري

? العضوٌ??? » 475395
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 640
?  نُقآطِيْ » إسراء يسري is on a distinguished road
افتراضي رواية وأشرقت الشمس بعينيها

الجزأ التاني

اليوم التالي ...
" تجلس جواره في السيارة متكتفة عاقدة حاجبيها بغضب دون أن تنظر له أو ترد على كلامه "

زفر أكمل وهو يطفئ محرك سيارته بعد أن صفها أمام باب بيته ثم التفت إليها قائلاً :-

" لا أرى سبب لغضبك الأن "

"التفتت إليه غدي منفجرة به بكل ما يعتمل داخلها من شتات المشاعر :-
" أنت تتجاهل السبب الرئيسي لزواجنا ..تتعامل وكأننا سنكمل هذة المهزلة ثم تأتي الأن وتستغل عدم معرفة أهلي بما بيننا قائلاً أنك ستعزمني على الغداء لأجدك تصحبني إلى بيتك الخاص "

احمرار ملامحها الغاضب كان يروقه ويثيره إلى أبعد حد إلى أن حديثها المستفذ كان كفيلاً بتنحية كل مشاعره فاعتدل في جلسته قائلاً بنبرة باردة لكنها صادمة :-

" من قال أننا لن نكمل زواجنا يا سيدة غدي ؟
أنا لم أذكر أني اتفقت معك على ذلك بل قلت لكِ أني أريد منكِ الزواج وليس اللعب كما تفعلين "

قاطعها مواصلاً قبل أن ترد عليه وهي تبدو أمامه كأسطوانة غاز جاهزة للانفجار :-

" وأنا لم أخدع أهلك فنحن سنتناول الغداء سوياً في بيتي والذي به ابني بالمناسبة أي أنني لا أجلبك كي أغرر بكِ"

أنهى حديثه بنبرة غاضبة حادة ثم تركها خارجا من السيارة ..
لف حول السيارة فاتحاً بابها ثم تركها لا مبالياً متجهاً إلى الداخل تاركاً إياها ترغي وتزبد مع نفسها وقد وضعها في مأزق إما العودة إلى بيتها كل هذة المسافة وحدها والتبرير لأهلها سبب ذلك وإما أن تنزل ورائه وهو ما فعلته صاغرة ...

بعد عدة دقائق كانت تندفع داخلة ورائه بكل ما يعتمل داخلها من غيظ على شوك الإنفجار تبخر في ثوانٍ معدودة وتلك القائمة الضئيلة ذات الوجه الحُلو تندفع إليها مهلله بطريقة محببة :-
" غدوة هنا"

وقف أمامها علي ضاحكاً يرفع كلا ذراعيه للجانبين في طلب منها أن تحمله
انحنت غدي ترفعه إليها تقبله بحنان ربما غريب عن شخصها
لكن هذا الطفل يفجر بداخلها مشاعر لم تعهدها في نفسها من قبل
لقد خطف قلبها بتعلقه الغريب بها وبراءته الرهيبة وهو يقرص وجنتها الأن قائلاً بشقاوة :-
" جميلة "
صوت ضحكات أكمل المجلجلة ترددت في المكان كانت كفيلة لإحالة ابتسامتها لعبوس وهي تتمسك بعلي ثم تذهب ورائه قائله بغيظ وصلف:-
" لا تظن أنك ترغمني على ما لا أريد ثم إن ما معنى زواجنا حقيقياً هذا ؟"

هز أكمل كتفيه بلا مبالاة ترفع الضغط متجاهلاً الشق الثاني من سؤالها ثم قال :-

" لم أرغمك على شئ لقد دخلتِ هنا بمحض إرادتك لما لم تذهبي؟ "
كان على يتلاعب بالورود الزهرية على بلوزتها البيضاء غافلاً عما يدور بين الاثنين فتقدمت غدي خطوة غير مدركة إلى أين تذهب في غمرة إنفعالها وهي تقول :-

" لا تستفذني يا أكمل أنت تعلم أني لم أكن لأستطيع أن أفسر عودتي أمام أهلي وقد أخذتني لتوك "

هز أكمل رأسه باستحسان مصطنع قائلاً:-

" جيد كوني فتاة مهذبة واحترمي زوجك "

قبل أن يتسنى لها الرد عليه كان يفتح باب غرفته قائلاً بطريقة هزليه شديدة العبث :-

" أنا لا أمانع بالطبع أن تدخلي معي غرفتي لكن ليبقى علي خارجا فأنا سأخلع ملابسي ولا أريد أن أخدش حياء الولد "

امتقاع وجهها لحديثه الجرئ وعدم قدرتها على الرد وهي تتحرك من أمامه مشتته لناحية أخرى كان كفيلا بإطلاق ضحكاته المستمتعه مرة أخرى مغمغماً وهو يغلق باب غرفته :-
" اللعب معك ممتع يا أستاذة "

بعد مرور نصف ساعة ...

كانت غدي جالسة على كرسي عالٍ بالحائط االقصير الفاصل بين المطبخ ذو النظام الأمريكي والصالة شاردة بذهول في هذا الكائن غريب الأطوار أمامها
هل هذا هو نفسه أكمل البدوي الوغد صاحب المبادئ الدنيئه ؟
يقف أمام الموقد يعد طعاماً من اللحم المشوي والمعكرونة بالصوص الأبيض
يجاوره علي على منضدة صغيرة ملونة لاهياً في أكل المعجنات
وبين الفنية والأخرى يلتفت حاشراً في فم الصغير لقيمات من الطعام الذي يصنعه متسائلاً عن رأيه باهتمام ...

ضبطها أكمل في شرودها به فاقترب منها دون أن تشعر حاشراً الشوكة في فمها برقة مهمهماً بخفوت :-
" ما رأي الأستاذة ؟"

أجفلت غدي وقد فاجئها ما فعل فلم تشئ أن تلعب دور البلهاء للنهاية مما جلعها تتبتلع قطعة اللحم التي وضعها بفمها ومما أثار استفذاذها أنها أعجبها مذاقها
استند أكمل بساعديه على سطح الحائط الفاصل بينهم ثم قال بخفوتٍ عابث يميزه :-
" ما رأيك يا سيدة غدي هل اطمأننتي على مستقبلك ؟"

لوت غدي شفتيها قائلة بتهكم :-
" لا أفهم أي مستقبل تتحدث عنهم صدقني لم أجد شخص أعصابه باردة مثلك "
فك أكمل مريول المطبخ يعلقه في المشجب الخاص به متجاهلاً كالعادة الرد على حديثها ثم قال :-

" تعالي لتنقلي الأطباق معنا "

تحركت غدي من مكانها عل هذا اليوم يخلص سريعاً ثم لفت داخلة إلى المطبخ تتناول من الأطباق التي بدأ بسكبها ومن ورائها كان واقفاً عينيه تمران عليها في تقييم ذكور بحت ...

ترتدي بلوزة بلوزة بيضاء تضيق عند الصدر المزين بورود زهرية اللون مماثلة لتلك التي على الكمين محددة مفاتنها الماشاءالله لا تحتاج وصاية لتتحدد ثم تتسع حتى أسفل خصرها بالكاد تغطي أول بنطالها الجينز من الأزرق الباهت
"الوقحة "
همسها أكمل بضيق من مدى إظهار ملابسها لشكل جسدها المتفجر وزوبعة مجنونة بداخلة تكره أن يراها أحد ويقيمها كما يفعل الأن ؟
الفكرة نفسها كفيلة برفع ضغطه إلى أعاليه
ابتسم بخبث وهو يلحظ طريقة لفها لوشاحها الزهري والتي التقطها فور أن ركبت معه السيارة
لقد كانت تغطي رقبتها كلياً وكأن حديثه بالأمس التصق معها ...
وقف وقفه عبثيه مائلة مستمتعاً بذهابها وإيابها وهي تكبح غيظها منه فتنقل الأطباق ولا تتحدث
نظر باهتمام حيث علي الذي خرج من المطبخ منذ دقائق وجلس أمام التلفاز ثم عاد بعينيه يرصد وجود الطبق الأخيرفالتمعت عيناه مكراً
دخلت لتسحب الطبق المطبقي على الطاولة لكنها لم تكد تفعل حتى باغتها ذاك الذراع الحازم الملتف حول خصرها وهو يجذبها إليه بسلاسة مغيظة
دفعته بقبضتها في صدره هامسة بتعنيف :_

" ماذا تفعل هل جننت ؟..اتركني الأن !"

لم يبالي بها أكمل مستمتعاً بتخبطها وتلك الهالة النارية التي تشع من خلاياها يعض على شفته السفلى قائلاً باستفذاذ :-

" ألم تجدي ملابس أوسع من هذة لترتديها "

التمعت عيناها بغضب منعش لأعصابه وهي تقول بغيظ :-

" ومالك أنت هل تظن أنك ستتحكم بي ؟"

أصدر صوتاً نافيا بلسانه ثم قال بغموض :-
" الأن بالطبع لا "

لم يلقي بالاً بنظرة التحفز التي رمته بها ثم أمال عينيه بنظرة ناعسة مغمغماً بخفوت ماكر :-
" لم أعلق عن رأيي بهيئتك إلى الأن "

"لم أطلب رأيك "
قالتها بنفس النبرة المتحفزة لكن رغم أنف كبريائها كان هناك جزأ ًأنثوي فطري متأصل في الأنثى بداخلها ينتظر إطراء طالما اعتادت عليه لكن هاهو للمرة الثانية يحيل كرامتها الأنثوية أشلاءاً وهو يهمهم بنبرة تشي بعدم الرضا :-

"حسنا رغم عدم رضائي عن ملابسك لكن بالأخير لستِ سيئة "
دفعته غدي بغيظ وهي تقول بغضب أنثوي ناري أبهج حواسه :-
" قلت لك لم أطلب رأيك ولا يهمني فلتبله وتشرب مائه "

بعد ساعة تقريباً كانت جالسة أمام التفاز بملل في انتظار خروجه من غرفة علي الذي نام بين أحضانها بعد تناولهم للغداء
الوغد صاحب النظرات الوقحه طيلة الساعة الماضية في خضم تحفزها منه نست أن تسأله عن سلسالها !
فاجئها خروجه من الغرفه وهو يجلس جوارها يشملها بنظرة ناعسة شديدة الخصوصية مغمغماً :-

" كان يوما لذيذاً يا سيدة غدي "

ارتفع حاجبيها بترقب إلا أنه لم يبالي وهو يلتقط ريموت التفاز يقلب فيه بملل حتى سألته بنبرة يتضح بها كيف تتحلى بأقصى درجات هدوئها قصراً :-

" أين سلسالي ؟"

"أي سلسال ؟"
نطقها ببرود دون أن ينظر إليها حتى مما جعلها تجز على أسنانها قائلة بغيظ :-
" الذي سرقته بالأمس "
"معي "
ونفس النبرة الباردة التي تجعلها تريد أن تشد شعرها بجدارة إلا أنها نطقت من بين أسنانها باختصار :-
" أريده "
التمعت عينا أكمل بجزل والتفت إليها قائلاً بتسلط :-
"بشرط "
" هل تتشرط علي لتعطني حاجتي ؟"

هز أكمل كتفيه ولم يرد حتى أتاه صوتها الكاظم لغيظه بصعوبه :-
" ماهو؟"
استند بذراعه على ظهر الأريكة ثم قال بعنجهيه يجيدها معها :-

" أولاً أنا سألبسه لكِ... ثانيا لن تظهر رقبتك مرة أخرى من وشاحك وإلا قسما بالله يا غدي ...."

يصمت لدقائق مع ارتفاع حاجبيها بترقب غاضب ثم أخيراً يهمهم بنبرة ساخنة تحذيرية بها حميمية مهلكة ينثرها بعبق أنفاسه على وجهها المغري وعينيه ملتهمتين لعلامة السلسال برقبتها :_

سأعضك بها عضة تجبرك على عدم إظهار رقبتك مدى الحياة وأنا قدر كلامي "

" أنت ... أنت ...أنت ..."

انفعالها المهتاج إثر حديثه وهي ترفع كفيها بجنون وكأنها تريد قذفه بشئ غير قادرة على الرد مصحوباً بتخضب وجهها بحمرة شديدة الإثارة كل ذلك كان كفيل بإطاحة صوابه وكل ما به يزأر لينالها إلا أن ذرة تعقل واحدة كانت تُرجح كفة نيله لقلبها فقبض على كفيه بقسوة متناولاً قنينة الماء المثلج أمامه يتجرعها عل بردها يطفئ نار نشبت كالمراجل في الرجل العاشق به ..
التقطت غدي حقيبتها من جوارها وهي تقول بغضب :-

" لا أريده ..اشبع به "

أومأ أكمل برأسه قائلاً باستفذاذ بارد :-

" سأعطيه لوالدك وأقول له بنتك نسيته معي اليوم "

التفتت غدي ترميه بنظرة نارية وقد وصلت إلى أقصاها من الغضب قائلة :-
"أنت لست جاد ؟!؟"
وكلمته المستفذة كانت نصيبها من الرد :-
" جربيني "

وقفت غدي مطرقة برأسها ثوانٍ تفكر في احتمالية صدقه لكن كل الدلائل كانت تخرج لها أنه وقح وبارد ومستفذ وسيفعل بلا حرج حتى وفعله كهذة وبعد ما حدث كفيلة بقتل علاقتها بأبيها تماما مما جعلها ترفع رأسها أخيراً قائلة بنبرة ضائقه شديدة التحرق غضباً :-
" حسنا هاته وهيا كي تقوم بإيصالي "

ابتسم أكمل بظفر وهو يتحرك ناهية غرفته مغمغماً مع نفسه بخفوت :-
"صبراً يا نارية غداً تحترقين بناري راضية كما أفعل "

بعد عدة دقائق كان قد بدل ملابسه واتصل على مريبة علي أن تحضر من فيلا البدوي التي تبعد عنهم أمتار بسيطة ثم خرج وجدها مازالت على نفس وقفتها المتحفزة ...
اقترب منها فاتحاً كفه على السلسال الصغير فكادت أن تلتقطه إلا أنه كانن من السرعة ليغلق فبضته مبتسماً بخفة وهو يقول :-
"( لن تخميني) "

تأففت غدي مقسمة عدة أيمان بداخلها أن تلغي هذة الزيجة في أقرب وقت وليحترق هو ورفعت سوياً
فكت حجابها شاكرة تلك الطاقية (البونية)التي ارتدتها تحته صباحاً فتغلف شعرها كله أمام هذا الوقح ثم نظرت جانباً وهي تقول بضيق :-
" لتفعل سريعاً فلا أريد المكوث ثانية أخرى "

أغاظه طريقتها لكنه لم يبالي وهو يقف خلفها تماماً يحبس أنفاسه من تلك الشماعر الهائجة بداخله وهو يركز في لف السلسال شديد الصغر حو رقبتها حتى تمكن من فعلها أخيراً لكن قبل أن يتسنى لها الابتعاد كان نفس الذراع كالطود لها وهو يجذبها له وقد زحفت كل تحكماته بذاته أدراج الرياح غير مبالياً حتى بتجمد جسدها ...
يسحب نفساً مشبع برائحتها ثم يغمض عينيه مائلاً يلثم جانب عنقها بقبلة شديدة الحسيه تشعل العروق ولا ترويها
والمرآة البعيدة في منتصف الصالة لو نظرت إليها لوجدتها تعكس لها صورة رجل غارق في عشقها حد الثمالة
رجل لو خيروه بين نساء الأرض لاختارها
رجل أقسم اللحظة أن تكون له ذات يوم قلباً وقالباً راضية ..متمنية !
رجل من شدة زلزلة مشاعره وعواطفه المهولة نحو تلك الجامحة لو أقسم على العشق لأبره
ثم يرفع رأسه أخيراً إنشات بسيطة هامساً بنبرة مبحوحة كسولة شديدة الحميمية :-
" مبارك يا أستاذة ..فلم يتسنى لنا المباركة بالأمس "

وبثانية كان يتحول لأخر رغم النبرة المتحشرجة وهو يلتقط هاتفه ومفاتيحه من الطاولة قائلاً :-
" هيا لنذهب "

=====================
منزل اللواء عبدالحميد الدرملي ..

" يجب أن تضع حداً لهذة المهزلة يا بابا ..ماما صار لها أكثر من أسبوعين عند جدي ونور حالتها النفسية ليست منضبطة"

قالها عمار بضيق وهو يجاور والده في سيارته في طريقهم لبيت جده الذي استدعاهم الليلة
لم يلتفت له رأفت وهو يركز عينيه على الطريق أمامه حتى ظن أنه لن يرد عليه وأخيراً التفتت رأفت له ثم عاد للطريق أمامه مرة أخرى منفجراً قنبلته:-

" لقد تزوجت بالفعل يا عمار "
" ماذا ؟"
التفت عمار بذهول وكأنه لا يصدق ما نطق به والده للتو ثم أردف ببوادر غضب :-
" كيف ومتى ولما يا بابا ؟"

توتر كف رأفت حول عجلة المقود ثم تأفف قائلاً بجفاف:-
" متى فهو يوم ........ تحديدا
ولما؟ فلي أسبابي الخاصة يا عمار والتي ليس لكم دخل بها بالمناسبة "

حاول عمار التحلي بالهدوء من تلك الكارثة التي حلت عليهم فعلياً ثم قال بتأنيب :-

" يا بابا أعتذر لما سأقول لكن ألا ترى أنها مراهقة متأخرة أن تتزوج فتاة ربما تكون من عمري "

زمجر رأفت بغضب وقد صف سيارته بالقرب من منزل حماه ثم قال :-
" قلت ليس لكم شأن يا عمار ...هي حياتي أنا وتلك الفتاة هي جُل ما أحتاجه بعد حياتي الحافلة مع والدتك "

ارتفع صوت عمار غاضباً وقد ثارت حميته من أجل والدته :-

" وكيف كانت حياتك ياأبي أذكر أن أمي لم تقصر معك بشئ بل إلى هذة اللحظة لا تحب أحد كما تفعل معك "

فك رأفت أول زرين من قميصه وقد تصاعدت وتيرة الجو المشحون بالغضب فاعتدل في جلسته قائلاً لابنه من بين أسنانه :-

" حسنا لن أنكر ...ربما كان هذا خطأها "

تنهد بضيق ثم أردف :-

" ما بيني وبين والدتك ليس لكم شأن به
من حقي أن أتزوج واحدة واثنين وأربعة كما أن أمك هي من طلبت الطلاق كعادتها المجنونة وليس أنا "

"لكني أراك مرحب به "

قالها عمار بهياج وقد ارتفع ضغط دمه من منطق والده الذي رد عليه بنفس النبرة :-

" قلت لك هي من طلبت "

تنهد عمار بهم ثم سأله في محاولة للتحلي بالهدوء وبالأخص أنهم أسفل بيت جده
" حسنا يا أبي وماذا ستفعل الأن وقد أصبحت متزوج
أمي حين تركت البيت ..تركته على أمل أنك ترتجع عن قرارك
هل سنخفي عنها الأمر ؟"

نزل رأفت من السيارة فاتبعه عمار منتظراً إجابة تساؤوله وليته ما سمع

" سأخبرهم بالطبع أنا زواجي معلن وشرعي مكتمل الأركان ولا أفعل شئ أخاف منه يا عمار "

بعد ربع ساعة ...
يجلسان متجاوران في غرفة الضيوف أمام جده الذي كان بادئاً بالحديث :-
" رأفت يا بني إذا كنت لا تريد زوجتك قلها فهي ابنتي وستكون معززة مكرمة في بيتها "

تنهد رأفت ضائقاً لهذا الرجل الذي يكن له كل احترام فارتشف بضع قطرات من كوب الماء ثم قال بمناورة :-

" نجلاء أم عمار ونور يا عمي "

أمعن عبدالحميد النظر في زوج ابنته لدقائق محاولاً ثبر أغواره
لطالما كان رأفت رجل جدير باحترامه لكن ما فعله جعل تفكيره يختل خاصةً وهو يعرف ابنته !

دلك بين حاجبيه بإرهاق وهو يقول :-

" لكن يا بني نجلاء مصممة على الطلاق إن تزوجت "

نظر عمار لوالده بنظرة باطنية التهكم سرعان ما حل محلها الدهشة ووالده يتنحنح قائلاً بنبرة شديدة الثقة وكأنه يبلغ جده عن أخبار الطقس :-

" لقد تزوجت بالفعل يا عمي "

أشفق عمار على جده وقد أجفلت ملامحه وكأنه لم يكن يتوقع قول والده فقال وهو ينظر لوالده نظرة خائبة مترجية :-

" بابا لن يفرط بماما يا جدو "

بالخارج ...
ابتعدت نعمات بصدمة من جوار الباب وقد كانت تستمع للحوار الدائربالداخل
حقا نجلاء ليست ابنتها ولطالما كانت علاقتهم باردة لكنها مشفقة عليها
فهي منذ أن علمت أنه أتى وهي تتزين بالداخل في غرفة حمزة سابقاً والتي اتخذتها منذ أن أتت
دمعت عينيها شفقةً وهي تراها تخرج من الغرفة واللهفة تطل من عينيها
إنها تظن أنه أتى من نفسه ولا تعلم أن والدها هو من استدعاه
ربما لو تركت العنان لقلبها لاعترفت أنها تكن بعض الحقد المقرون بالشكر لنجلاء
الحقد من ما فعلته مع ابنتها
والشكر أنها وهبتها هذة الابنة التي تحبها ربما أكثر مما تفعل مع حمزة بن رحمها
اقتربت نجلاء منها غافلة عن أفكارها تسألها بتلهف مثير للشفقة :-
" هل أتى ليعتذر لي ؟"

لم تعرف نعمات بما ترد عليه فأومأت برأسها بلا معنى وأخذت جانباً ومازالت على شرودها في تلك الهائمة التي إلى هذة اللحظة تظن أنه مهرولاً من أجلها ؟
شعور بالشفقة رغماً عنها ينتابها عليها فلا تتمنى أبداً لأحد أن يوضع في موقف كهذا
هل تعرف شعور حين تقسم لأحدهم أن فلان أبداً لن يخذلك لدرجة أنك تقول بكل ذرة ثقة في داخلك لو أتاني هو وأخبرني بنفسه أنه سيؤذيني لن أصدقه فلا يكون الغدر سوى منه؟!
هل تدرك جُل وقع هذة الصدمة ؟

تجاوزتها نجلاء غير عابئه بشرودها متجهة ناحية الغرفة راسمة ملامح كبرياء واهية على ملامحها وهي تنوي أن تعذبه حتى يتمنى لها أن ترضى عقابا على ما فعل ..
طرقت باب الغرفة ثم دخلت عليهم دون أن تلتفت له وكأنها تنفر منه
أشفق عليها قلب الأب بداخل عبدالحميد فقال بتانيب :-

" لما أتيتِ يا نجلاء قبل أن أطلب منكِ؟"

رفعت نجلاء حاجباً متكبراً وهي تقول بثقة مدللة كعادتها :-

"إنها حياتي يا بابا ألم يأتي من أجلى !؟"

ناظر عمار جده بتوجس وكأنه يسأله عن ماذا يفعل ثم تنحنح قائلاً في محاولة واهية من تأجيل المحتوم :-

" لكننا كنا نتناقش في حل الموضوع قبلاً يا ماما "

التفتت إليه والدته محاولة ألا تنظر لرأفت وروحها تهفو له اشتياقاً فقالت:-
" خذ جدك يا عمار واتركوني مع والدك نحن سنتفاهم "

"لكن يا ابنتي ؟.."

" من فضلك يا بابا نحن نستطيع التفاهم سوياً "

مط عبدالحميد شفتيه بقلة حيلة وهو يأخذ حفيده ويخرجان معاً داعيين الله أن تمر الليلة على خير!

بعد خروجهم التفتت نجلاء تواجهه ورغما عنها طافت عينيها عليه طوقاً مشتاقاً إلا أنها قالت بنفس نبرتها الأنثوية المتكبرة :-
"أنظر يا رأفت أستطيع أن أغفر لك ذلتك لكن لي شروط"

افترى ثغر رأفت عن ابتسامة متهكمة قائلاً :-

" ربما يجب أن تسمعيني قبلا يا نجلاء "

حركت عينيها عليه في تساؤل فاتكأ رأفت بمرفقيه على فخذيه قائلاً بنبرته الواثقة التي لا تهاب شئ:-

"أنا تزوجت يا نجلاء "

الوجه المتورد بخيلاء منذ ثوانٍ أصبح شحوبه يحاكي الأموات وهي تبحلق في وجهه متسعة العينين وكأنها لم تدرك بعد ما نطق
ارتجف فكها بتألم وشئ من التورم زحف لحلقها ناطقة بتهدج مذهول:-
" ماذا قلت ؟"
تدلك كفيها بقشعريرة ثم تواصل بتهدج

" هل قلت للتو أنك تزوجت علي يا رأفت ؟"

حين نحب بكل ذرة بداخلنا!
حين ننكر على ذاتنا وغيرنا أي إعطاء سوى للمحبوب ؟
حين نُغمض أعيننا ونصم أذانناً فنسير معصوبي الأعين في درب الحبيب آمنين أنه سيتلفقنا لا شك تكون الضربة منه قاصمة
الصدمة قاتلة!
الألم موحش ومستفحل كورم سرطاني خبيث ظهر بغتةً ناهشاً خلايا جسدك كلها فلم تعد قادر على الحركة !

عينيها ترمشان عليه بتتابع تهز رأسها نفياً وهي تحاول إقحام الحقيقة السوداء في عقلها لكن قلبها يأبي التصديق !

قلبٌ ارتكن لصاحبه منذ أن عرف معنى الحب فكيف السبيل إلى إقناعه بالغدر ؟!

أطرقت برأسها تدلك كفيها ببعضهم البعض علها تسيطر على تلك الرعشة الخائنة التي ألمت بجسدها مسببه لأطرافها في محاولة واهية للحفاظ على كبريائها الذي دهسه تحت قدميه للتو !
وأمامها كان ينظر إليها بشفقه مشبعه بمرارة الذكرى وسنوات عمره تتتابع أمام عينيه منذ أن رأها بالجامعه وأعجبته مروراً بقصة حبهم التي كان يتحدث بها جميع الأصدقاء ثم سفره كي يُكون نفسه ويكون جديراً بها لتكون صدمته الكبرى حين علم أنها تزوجت !

ابتسم بسخرية وهو يتذكر احتجازه بالمشفى لعدة أيام بعدها ثم تكوينه لذاته ملغيا فكرة العودة للوطن حتى كان خبر طلاقها الشائع في جميع الصحف نظراً لمكانة زوجها السابق
وقتها كان يكن لها من الكره بقدر ما يكن من الحب لكن سعيها ورائه وهي تحاول أن تتواصل معه بكل الطرق كان ضماداً لكرامته ولقلبه المجروج عشقا بها حتى رُإب الصدع بينهم فكانت الصدمة الثانية حين اعترفت له أنها تحمل طفل !
يذكر وقتها أنه هاج وماج كبركانٍ غاضب وكأنه كان مورياً نقطة زواجها بالأصل حتى كان حملها دليلاً أنها كانت لغيره
أخر وصل إليها قبله ونال ما لم يناله فأقسم ألا يعود إليها أبداً حتى أتت له متوسلة ذات ليلة معترفة بشئ كان كبرداً على قلب الشاب الغر بداخله حينها
شئ ربما أثلج قلبه وقتها ربما كان إنتشاءاً للرجل به
ربما كان مثيراً لروحه حينها لكن لا ينكر أنه بانطفاء فورة المشاعر المحمومة تحول لشئ أخر مناقض لما كان عليه
شئ كان سبباً لحاجز غير مرئي يرتفع بينه وبينها شيئاً فشئ حتى زهدها تماماً
نعم هو الأن يزهد نجلاء بكل ما كان يكنه لها من حب ومن مشاعر حتى أنه يتمنى لو تطلب هي الطلاق حقاً وتخلصه من كاهل وجودها ..
هوة الأفكار التي ابتلعته لم يخرج منها سوى على صوت همستها الباهتة :-
" اتركني الأن يا رأفت "

حاول أن يتحدث من أجل أولاده إلا أن رفعها لكفها تقاطعه في إشارة أنها لا تريد الإستماع لشئ جعله يتنهد صاغراً وهو يتركها ويخرج مستئذناً في الذهاب ...

بعد أن ذهب رأفت دخل عمار مسرعاً إلى والدته يطمأن عليها فهاله الضعف المسيطر عليها وكأنها أخرى ليست أمه !
اقترب منها يحتوي كفيها اللتان تدلكهما بقوة غريبة فاصطدم بارتعاشهم المصحوب بالبرودة وقبل أن يتسنى له الحديث كانت تسقط بين أحضانه فاقدة الوعي !

===================

بعد ساعتين

صف رأفت سيارته أسفل البناية التي تقطن بها داليدا وأسرتها الأن بعدما أصبحت زوجته
في أحد الشقق الخاصة به
زوجته !
كم الكلمة حلوة الوقع على روحه فتحيل سواده الناتج عن زيارته لنجلاء لشئ أخر شديد الحلاوة

نقر على المقود أمامه بشرود وهو يتذكر بشفقه ما حدث قبل أسبوعين وأربك كل مخططاته في النيل بها حين شنت تلك العجوز الشمطاء فضيحتها فاضطرت داليدا صاغرة للموافقة على أن يعقد قرانهم ليلتها !
من وقتها بعد أن جلبهم لهذة الشقة واطمأن عليهم لم يشأ أن يضعها تحت وطأة وجوده في البداية حتى تعتاد فاكتفى بالتواصل معها هاتفياً موفراً لها ما تريد ..
لكن الأن الأمر اختلف !
الان هو يحتاجها ويريد أن يكمل المتبقي من حياته معها كما ينبغي لزوج وزوجة أن يكونوا
هو ليس بالصغير حتى يظن أحدهم أنها نزوة وستمر
داليدا إمرأة حياته التي ينشدها وليتها تفعل المثل وكم سيلبي !
تنهد نازلاً من سيارته وهو ينظر بساعته مفكراً كيف ستتقبل وجوده ثم يغلق سيارته داخلاً إلى البناية حيث وقف الحارس مهللاً لسيده !

بعد عدة دقائق ...
وقف أمام باب الشقة متحيراً هل يدق الجرس أم يدخل بنسخة مفتاحه مباشرةً حتى قررأخيراً أن يستأذن أولاً فهي ليست بمفردها ..
رنة واثنتين وكانت تفتح له الباب بوجهها الجميل تقطب بدهشة وكأنها لم تتوقع زيارته !
لكنها لم تكن مؤهله لها بعد !

لقد كانت تخدع نفسها متغافلة عن ضرورة وجوده الحتمية معها شاغلة نفسها بعائلتها الصغيرة لكن ها هي أكبر مخاوفها تقف أمامها
ضم رأفت حاجبيه متعجباً من وقفتها المتسمرة فابتسم قائلاً :-
" ما بكِ يا داليدا لما تقفين هكذا هل سنظل على الباب كثيراً"

تخضبت وجنتيها الشاحبتين بحمرة راقت له وهي تقول :_

" بالطبع لا ...تفضل إنه بيتك "

خط معها رأفت للداخل يمر بعينيه في الردهة الفارغة متسائلاً :-
" أين أخيكِ وجدك هل هم بخير ؟"

ابتلعت داليدا ريقها محاولة التغلب على حالة الخوف من القادم التي ألمت بها قائلة :-

" نعم هم بخير لكنهم في غرفتهم "

أومأ باستحسان وهو يتقدم حتى جلس برقي على أريكة جانبيه يرمق ملابسها التي ترتديها بشئ من الإعجاب المخلوط بعدم الرضا
إعجاب بها بكينونتها الهشة الرقيقة ..بملامحها الناعمة وجسدها الأنثوي بامتياز رغم ضئالته وزيادة نحافتها هذة الأيام
وعدم رضا لتلك العبائة القطنية التي ترتديها باللون الأصفر بلا ملامح تقريبا تخفي مفاتنها إلى حد كبير وما زاد الأمر بلة لفها لشعرها بطريقة مهملة بشعة ...

نفض رأفت أفكاره متعجباً من وقفتها المرتبكة وهي تضم كفيها لبعضهم دائرة بعينيها في أنحاء الردهة سواه فعزى الأمر أنه ربما خجل وربما لم تعتد عليه بعد !

لذا هو هنا اليوم
داليدا يجب أن تتأهل أنها ستكون زوجتة وحبيبته بكل ما للكلمة من معنى كما يريد
ابتسم بجاذبية يعلم أنه يمتلكها فلطالما حسده أصدقائه على شكله الذي يصغر عمره بسنوات وربت على الأريكة جواره قائلاً :-
" تعالي يا داليدا أريد أن نتحدث سوياً "

حاولت داليدا أن تحبس أنفاسها حتى لا يظهر ذعرها جلياً أمام عينيه فابتسمت باهتزاز وهي تقترب حتى جلست على الأريكة جواره تاركه مسافة بينهم قائلة بصوتها الرقيق :-

" تفضل سيد رأفت "
ابتسم رأفت بعدم رضا رافعاً حاجبيه وهو يقول بسخرية :-
" سيد ؟"
التوتر الذي ظهر على ملامحها أنباه بالتريث فاقترب منها محتوياً كفيها بين كفيه وهو يقول بنبرة شديدة الحنان :-

" حبيبتي لا داعي للخجل ..أنتِ أصبحتِ زوجتي ولا يصح أن تقولي سيد
ثم إن لما كل هذا التوتر البادي على وجهك أنا لا أعض بالمناسبة "
صمت متأملاً محياها الذي يجذبه إليها اليوم بعد الأخر
تلك الفتاة كانت هبة القدر له بعد هذا العمر
ربما لو أخبره أحدهم قبل أعوام أنه قد يقع في الحب مرة أخرى لنعته بالجنون لكن هاهي فعلت وامتلكت قلبه منذ أن رأها
لكنه لو تجاهل مشاعره وأمعن النظر في مشاعرها لثوانٍ لعلم أن شعورها الأن يبعد أميالاً عن شعوره ...
منذ أن أمسك كفيها وهي تحاول الصمود والتغلب على موجة النفور التي اندلعت بجسدها
لم يكن نفور كره أبداً لكنه كان شئ أخر قلبها ليس بقادر على ترجمته
هل تعلم شعور حين يُضع أمامك طعام شهي شديد الحلاوة من المفترض أن تلتهمه لكنك بمجرد أن تقربه من فمك تنتابك موجة غثيان عالية كارهاً حتى الاقتراب منه أو النظر إليه ؟!
لذا كادت أن تبكي فرحاً وهي تشهق دون صوت تعب أنفاسها أخيراً وهي تسحب كفيها منه بسرعة ملحوظة تجاهلها حين أتى صوت جدها منادياً وهو يخطو نحوهم متكئ على عصاه يناظر رأفت بفضول وبالطبع ناسياً من يكون ..

اقترب جدها قاطباً وهو يمعن النظر في رأفت بنظرات فضولية حتى وصل إليه متسائلاً بنبرته الرفيعة التي خطها الشيب مما أصدر ضحكة طفولية من إبراهيم المراقب من بعيد
" من أنت يا ولد ؟"
امتقع وجه داليدا بخجل وهي تسارع الالتفات لرأفت باعتذار ثم قامت تساعد جدها على الجلوس قائلة بعتاب :-
" أي ولد يا جدي إنه السيد ر.."

قاطعها رأفت ناطقاً اسمها بتأنيب فتنحنحت قائلة بتردد :-

"إنه رأفت يا جدي "

مط جدها شفتيه ثم لكزها بعصاه لكزه جعلتها تتأوه فلم يبالي بها وهو يرفع صوته زاعقاً :-

" رأفت من يا بنت أنا لا أعلم أحد بهذا الاسم "

تركها والتفت لرأفت مرة أخرى يدقق النظر به قائلاً :-

" أشعر أني رأيتك من قبل "

ثم قطب لثوانٍ مفكراً وأخيراً نطق قائلاً بنبرة حماسية كمن عثر على ضالته :-
" تذكرتك أنت حسونة بن مدبولي (العجلاتي) كيف حال والدك ؟"
تنهد رأفت بضيق مما يحدث ..ربما الرجل مسلي لا ينكر لكن ما يضايقه هو وقفتها البلهاء تنظر لجدها بتحرج دون أن تنطق بشئ مما جعله يبلل شفتيه قائلاً بنبرة بها شئ من الحزم موجهه لها :-
" أنا رأفت العُليمي زوج داليدا "

لم يرد عليه الجد وقد ذهب في عالمه الشارد مرة أخرى يتحرك من مكانه منادياً على أخيها الذي أسرع بالذهاب إليه وسحبه معه يثرثرون حول قيلولة ما !

تابعت داليدا جدها وأخيها بعينيها حتى اختفوا عن أنظارها ثم التفتت إليه مفسرة نظرة الضيق التي على وجهه إلى ما حدث فهمهمت بتحرج :-
" أنا أسفة لما حدث لكنك تعلم حالة جدي "

صمت رأقت لثوانٍ ثم قال بنبرة ظهر بها ضيقه :-

" أنا لم أتضايق منه يا داليدا إنه مسن وصاحب مرض
أنا تضايقت منكِ أنتِ"

تنهد ثم أردف بشئ من التأنيب :-

"أنا لم أجبرك على هذا الزواج يا داليدا بل أنتِ من وافقتي عليه لكن تسييدك لي وتحرجك من تعريفي لجدك يخالف ذلك "
ترغرغت عينيها بدموع حبيسة وهي تقر بمدى صدقه فهو محق وهو ليس ذنبه بعربدتها الداخلية وما تحمله من أثقال فهمهمت بأسف حزين فجر ينابيع الحنان بداخله وهو يجذبها من كفها ماسحاً وجنتيها ومازال غافلاً عن النفور الملم بروحها يقول برقي جزءاً من كينونته :-

" لا تتأسفي حبيبتي أنا لم أقل ذلك حتى تعتذري "

تنهد محتويا وجهها بين كفيه مفضياً لها النذر مما بداخله :-

" أنا أحتاجك يا داليدا ..ومتمسك بحياتي معك بكل أركانها
وأريدك أيضاً أن تنفضي عنكِ الخجل حتى نعيش حياتنا سوياً كما ينبغي لزوج وزوجه
وانفضي عنكِ الخوف من شئ فأنا لن اتخلى عنك أو عن أهلك "
عضت داليدا باطن خدها شاعرة بطعم الدم الصدأ في محاولة للتغلب على شعورها فلو تركت لنفسها العنان لفرت باكية وصراخها يشق عنان السماء لكن منذ متى وكانت تمتلك رفاهية النظر لنفسها والتعبير عن ما تريد ؟!
ها هي تجني ثمار ذنوبها بخناجر مسمومة تجتث روحها دون شفقة!
نحت هذا الجانب المظلم من تفكيرها ثم تنهدت قائلة بنبرة باهتة يشوبها الرجاء :-

"أنا أعلم بالطبع لكن هل من الممكن أن تصبر علي حتى أطمأن على فيروز بعد عمليتها فهي الأسبوع القادم كما تعلم "

ابتسم رأفت بسمته الحنونة وهو يملس على شعرها قائلاً:-
" بالطبع حبيبتي المهم أن تكوني معي "

====================

الجمعة ..عصراً
أكاديمية ....- مكتب المهندس سعد القيسي

تنحنح سعد مجلياً صوته وهو يسمح لها بالدخول بعد أن نظر في ساعته وأدرك أنه موعدها
ابتسامه داخليه شقت صدره وهو يبصر مشيتها الحييه وهي تلقي السلام عليه ثم تجلس أمامه على الكرسي المقابل للمكتب فسألها مباشرةً مغلقاً على نفسه ورد الشيطان الذي أصبح ملازم لطيفها :-

" أمل أن تكوني اقتنعنتي بأمر الفرضيه ..أظن أنه لا جدال فيه "
أومأت هنا ونيتها الصادقه في ارتداء الحجاب تسيطر عليها فتقول :-
" نعم لقد بحثت طيلة الأسبوع ووجدت أن كل الأحاديث الصحيحة نصت على أن الحجاب الساتر فرض "
" جيد "
قالها بإيجاز منتظراً بقية حديثها والذي لم تتأخر به قائله بحيرة تنبض من خلجاتها :-
" لكن أنا الأن ارتدي زي محتشم "

تنظر لنفسها بعفوية ثم تواصل :-

" عباءة ساترة لجسدي كله ولا يظهر مني سوى شعري لما هكذا لا أكون طبقت مفهوم الستر"

ابتسم سعد حتى ظهرت نواجذه فتضخم قلبها انبهاراً يزداد به وبكينونته يوما بعد يوم مما جعلها تشتت نظرها وهي تسمعه يقول بتساؤل :-
" ماذا لو قلت لكِ صلي الظهر ثلاث ركعات فقط ؟"

قطبت هنا في استنكار وهي تقول :-
" بالطبع لا يصح الظهر أربع ركعات "

أومأ سعد ثم واصل اسئلته قائلاً :-
" ماذا لو قلت لكِ صلي الاربع ركعات لكن دون سجود مثلا هل يصح
ماذا لو كنتِ صائمة فأخبرتك أن تمضغي العلكة فهي ليست طعام أو شراب هل يصح ؟
ماذا لو قلت لكِ أخرجي الصدقات لكن مُني بها على المحتاجين هل يصح ؟
ماذا لو ذهبتِ للحج وقمت بكل الماسك دون صعود عرفات هل تقبل حجتك ؟"

هزت هنا رأسها نفيا وأفكارها تحاول تجميع الخيوط حتى عجزت فسألته ببوادر ضيق :-
" لا أفهم "
ابتسم سعد بجاذبية مهلكة لا تنقصها وهو يحك ذقنه البنيه شارعاً في الشرح لها وصوته ذو الغنه ينسكب على قلبها كشلالاتٍ باردة :-
" يعني أن كل فرض في الاسلام وله أركان إذا قمنا بالخلل في أي منها ففرضنا غير صحيح
مثل الصلاة دون سجود أو التغيير في عدد الركعات
نعم أنتِ شرعتِ في الصلاة لكنكي لم تسجدي هل صلاتك صحيحة ؟
الإجابة هي لا
كذلك الحاج دون عرفات والصيام بالعلكة غير صحيحين وكذلك الصدقة بالمن فهي غير صحيحة لأنها يجب ألا تكون مصحوبة بالمن والأذى
وكذلك الحجاب أركانه الستر الكامل لعورة المرأة وعورة المرأة كل جسدها عدا الوجه والكفين "

" حسنا فهمت "
ابتسم سعد برحمة ونبرته تخرج حنونة رغما عنه فقال :_

"الأمر ليس باليسير ولن يأتي بين يوم وليلة تريثي حتى ترتاح جوارحك "

يتبع بالجزأ الثالث


إسراء يسري غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس