فتحت جيان باب منزلهم المتهالك وما ان خطت الى داخل غرفة المعيشة حتى اندفع الى وجهها البارد موجه من الدفئ المخلوط برائحة الكستناء لابد وان شقيقها الاصغر منتظر يشويها على نار المدفئة النفطية ... ابتسمت بحنان وتوجهت الى المطبخ وهي تحمل عدة اكياس من الخضراوات كانت قد اشترتها اثناء عودتها من زيارة غصن ...... وضعتها فوق الطاولة الخشبية الصغيرة ذات الحواف المهترئة التي احتلت الطرف الايمن من المطبخ الصغير .... شرعت بتفريغ الخضراوات وهي شاردة الذهن مهمومة وحزينة على أخيها الأوسط مهدي ..... من المستحيل ان يكون مهدي قد مد يده وسرق ... تشك بنفسها ولا تشك فيه .... شقيقها شاب أمين وعزيز النفس ... يموت جوعا اهون عليه مئة مرة من مال الحرام .... لقد شب وكبر وتربى امام عينيها وعلى يديها ... فقد توفي والدها وهي في سن الثامن عشر ... اضطرت لتحمل مسئولية اشقائها في وقت مبكر... اصبحت هي لعائلتها الاخت الكبرى والمعلمة والطبيبة ... حتى مع وجود والدتها الحبيبة فالجزء الاكبر كانت تتحمله هي ... خاصة وان والدتها أمرة كبيرة في السن لا تستطيع العمل او الخروج من المنزل ... صحيح ان عمرها كان في نهاية الاربعينيات الا ان وفاة والدها اتعبها اكثر وجعلها تكبر فوق عمرها اضعاف مضاعفه .... ربما لولا راتب والدها التقاعدي مع ما تكسبه هي من عملها كبائعة في مكتبة لبيع القرطاسيات والكتب والملازم الخاصة لطلبة الجامعات لما استطاعت ان تتدبر امور معيشتهم والحمد لله ان منزلهم كان مسجلا باسم والدها والا كان الراتب سيضيع نصفه على الايجار ... سحبت نفسا عميقا وهي تخرج سلة صغيرة بلاستيكه لتضع فيه الطماطم ... عادت لتتذكر مهدي ... اه يا اخي لماذا حظك عاثر هكذا !!!
عندما جاء اليها ليخبرها بأنه سيعمل كعامل نظافة في احدى المطاعم الكبيرة لم توافق لقد عارضت بشدة وأمرته ان يركز على دراسته ومستقبلة خاصة وانهم الان في المرحلة الاخيرة من الثانوية العامة وكانت تريد وتتمنى من الله ان يحقق حلم والدها المرحوم بأن يصبح مهدي مهندسا ... لكنه اقنعها ووعدها كما اقنع ووعد والدتها قائلا بأن العمل لن يؤثر على دراسته ولا تعرف كيف تهورت ووافقت !!!!! ليت لسانها انقطع قبل ان تسمح له بالعمل !
يجب عليها ان تذهب لمقابله صاحب المطعم ربما تستطيع ان تستدر عطفه وتقنعه ببراءة شقيقها !!! وان رفض تصديقها لربما ستعطيه المال المسروق حتما لن تعطيه كله فلمبلغ ضخم جدا لكنها ستتدبر جزء منه ... والله وحده يعلم من اين ستأتي ببقية المال ...
صوت والدتها انتشلها من فيض افكارها حين دلفت المطبخ قائلة
- اخيرا جئت يا ابنتي
وضعت سلة الطماطم في الثلاجة بعد ان انتهت من غسله وهي تنظر لوجه والدتها المنهك قائلة بقلق
- خيرا يا امي هل هناك اخبار عن مهدي ؟
هزت والدتها وقالت بتعب وحسرة
- ابدا والله يا ابنتي ... لم يتصل احد بنا ابدا ... لكني فقط اردت ان اسألك ماذا نويتي ! هل سنوكل محامي جديد !
مسحت جيان جبينها وقالت
- لا يا امي لن أوكل محامي أخر ... هذا الامر لن يعود علينا سوى بتبذير الاموال بدون نتيجة
عدلت الحاجة فاطمة وشاحها الابيض الملفوف حول راسها وقالت بنبرة مرتجفه وعينان ذابلتنان تهددان بموجه اخرى من البكاء
- اذن ماذا يابنتي ؟ هل نتركه هكذا !!! يحبس ظلما وبهتانا ! يهدمون مستقبله ونسكت !!!
اقتربت جيان من والدتها واحتضنت كفيها الدافئان وقالت بقوة
- لا يا امي .... لن اسمح بذلك ابدا ....
همست والدتها بحيرة
- اذن ماذا ستفعلين !
ابتسمت جيان وقالت مطمئنة
- كل خير ان شاءالله ... انت فقط ادعي له يا امي فهو يحتاج الى داعئك ...
أجابت بلهفة وحرقة أم يتلوى قلبها ألما على فراق فلذة كبدها وهي ترفع كفيها
- اللهم يافارج الهم ياكاشف الغم يامغيث المستضعفين فك سجن ولدي واكشف غمه ورده إلينا ردا جميلاً يا ارحم الراحمين يا الله ....
ترقرقت عينا جيان بالدموع وهي تهمس بتوسل
- اللهم استجب يا رب
.................
نهاية الفصل الأول
************
هسه أكيد راح تتوقعون جيان تروح والبطل يساومها على شرفها او يطلب منها طلب مستحيل ؟
احب اطمنكم واقول لا مراح يكون هناك لا مساومة ولا اغتصاب ولا اي شي بس اصبروا وتابعو
وللتنويه بنات هناك اربع بطلات راح يظهرن تباعا وهن
غصن
جيان
نبع ( نبعة الريحان )
رفل
ارجو ان اقرأ التعليقات والردود لا تبخلوا علي بها وشكرا نلتقي يوم الجمعة المقبل باذن الله تعالى
|