عرض مشاركة واحدة
قديم 06-08-21, 10:26 PM   #48

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



بسم الله

الجزء الثالث والثلاثين

__

يده تقلب في هاتفه وتتنقل بين الإغاني والصور ومقاطع سخيفة يضيع بها وقته في كل ماهو مقرف.

كانت امه تتكلم وتخبره بما حصل وعندما انتهت ضحك بسخرية وقال: بالله يمه مالقيت الا جدي يروح

يخطب، من زود المودة بس، هو مايطيقهم وهم ما يطيقونه.

امه: من يطيقهم أصلا؟ معهم قرش وشافوا انفسهم عالفاضي، بعدين جدك اللي مستخف فيه يالخبل هو

اللي بيجيبهم.

سالم: وانت محتره من قروشهم وبتورطين ولدك عشان هالقرش.

ام سلطان: كم قرش؟؟ اذا عماير حي تسميها كم قرش فأنت ماتعرف للقروش ياولدي.

جذبت انتباهه فكملت بخبث: لو انك شايفها ما قلت هالكلام.

تعرف ضعف ابنها عند أي اثنين المال والإناث وكل ما يحتاج اليه اغراء أكثر حتى يمشي معها، وبغباء

رفعت هاتفها وقالت: امك تبي مصلحتك وبتجيب لك وحدة غنية تريحك وانت تتطنز عليها، تعال.

اقترب من امه وأخذ الهاتف يتأمل صور جود، اجتمعت أمام عينيه طفولة عذبه وأنوثة فاتنة، خليط

صاعق بينهما جعلته عيونه تتأملها بتركيز خبيث.

لاحظ ابتسامة امه الماكرة فأعاد لها الجوال وقال: الله يخلي المكياج.

فاطمة: هذي هو شكلها كل ما شوفها بمكياج او بدونه، عاد انا وشوله احر قلبي كانك ماتبيها سلطان

حاضر...

قاطعها: لا وش حاضر، هالصور لا يشوفها أحد، والا تدرين ...

وأخذ هاتف امه وأعاد ارسال الصور لهاتفه دون أن يبين لها ثم مسحها من هاتفها وأعاد لها الجوال

قائلا: مسحتهم ماضمنك ياام سلطان.

فاطمة بغيض: يعني وش قلت تبيها والا لا.

سالم: الا ابيها بس كيف بتطيع أمها وهي ماعطتك وجه؟

فاطمة بحقد: انا مايقهرن الا امهن، صاكه عليهن كنه مافي بالدنيا بنات غيرهن، ضيعت منا ليال وقهر

تروح منا ذيي.

سالم: أيه اجل ابوك ماراح يقدر يسوي شي.

فاطمة: ياللي ماتستحي اسمه جدي مو ابوك.

سالم بوقاحة: اللي هو هو وش بيسوي مع امهن.

فاطمة: بيضغط عليها من جهة اننا عائلة ونبي نقترب اكثر ومافي الا النسب يقربنا وبيمدحك ومن

هالامور، الحين يجي جدك ونشوف وش سوى.

سالم: مو باكر كل ماصار شي قال عطن انا اللي تسببت لك بهالفلوس، من هالحين اقولكم فلوس مرتي

ماحدي يشاركني فيها.

فاطمة: اجل توكل ورح اخطب لنفسك بنفسك.

سالم: انت غير يمه بس ابوك.

وحين رأى غضبها أسرع يراضيها: جدي طماع ومابيه ينط ببابي كل يوم.

صمت حين رن جرس الباب ودخل الجد عليهم فقام له وقال: هلا والله بجدي الغالي نور بيتنا وحينا

والله.

جده صد عنه: جدك الغالي ونا ماذكر متى شفتك اخر مرة.

فاطمة قطعت كلامهم وقالت: بشر وش صار يبه عسى قدرت على عزيزة.

جلس أبوها وقال: لا من يقدر عليها ذيك النسرة، صرفتن وقالت بنتها مخطوبة ومحجوزة من زمان.

فاطمة بغضب: تكذب كذا سوت مع ليال.

أبوها: أدري انها تكذب بس يوم شديت عليها قالت ان عمت زوجها حاجزه البنت من زمان وهي

مسميتن له من سنين.

فاطمة التقطت هاتفها وهي تقول بحقد: والله ماخليها لافضحها وافضح كذبها.

انتظرت ثواني حارقة حتى أتاها صوت مرحب، ابتسمت بخبث وأشارت لإبيها وابنها بما ستفعل وبعد

السلام والتحفي مع المرأة قالت: البركة خطوبة ولد لولوة، سمعت انها خطبت جود ولد أخوها لولدها.

*
*

استيقظت بعد ساعتين من نومها، وضعت يدها على قلبها وتنفست بعمق، نزلت دموعها حين بدأ الوجع

يشتد ودقات قلبها تضرب صدرها كأنما قلبها يريد الخروج من مكانه، حالتها زادت وخاصة في الليل أو

حين تكون وحدها، لا تريد التفكير بالعلاج لكنها تشعر باحتياج شديد له.

تذكرت وصية محمد فتوضأت وصلت ركعتين، أخذت مصحفها وحاولت أن تقرأ لكن لسانها كان ثقيلا

في القراءة ولم تستطع اكمال آية.

لم تكن هكذا مع القران نزلت دموعها بعجز واستلقت على مصلاها وقبضة شديدة لا تزال تعصر قلبها

وتؤلمه.

خرجت من غرفتها لتذهب إلى غرفة أمها ثم تراجعت بسبب موعدها مع الدكتورة غدا، بالتأكيد تعبها

سيكون فرصة كبيرة لإمها حتى تقنعها بالعلاج.

نزلت وتوجهت الى الحديقة وعند الباب شعرت بخوف شديد وهي ترى الظلام يحيطها، ضلال الإشجار

وحفيف الهواء بينهما جمد قلبها وأحست بشي مخيف سيحل عليها إن خرجت.

تراجعت إلى الخلف وعادت أدراجها إلى الإعلى، ترددت في الدخول لغرفتها أيضا خائفة من البقاء

وحدها مع الضيقة التي تخنقها ولم تشعر بنفسها الا وهي تستلقي على أريكة الصالة.

هنا ستكون قرب أمها وجود وسيسمعونها إن احتاجت لهم.

عند الفجر خرجت عزيزة تصحي بناتها للصلاة، ارتاعت عندما رأت ليال نائمة وسط الصالة من دون

غطاء ومخدة، اقتربت منها ولاحظت التعب وقبضتها المشدودة الى صدرها حتى وهي نائمة كانت تبدو

متعبة جدا.

تنهدت وذهبت تصحي جود للصلاة.

قالت لها: روحي شوفي ليال نايمة بالحر وبالصالة، قوميها تصلي الفجر وخليها تروح غرفتها.

جود والنوم لايزال يغطي عيونها: وراه نايمة بالصالة.

عزيزة بقهر: امس بعد لقيتها نايمة بالصالة اكيد تعبت وغيرت مكانها.

*
*
*

باعتراض هتفت: وشلون تقولين كذا يمه؟

عزيزة: حجرن بكلامه ياديم، انتم منقطعين عنا وما تبوننا ونبي نقوي قرابتنا ببعض، وسالم ولد بنتي

وش فيه تردينه.

ديم: وش هالقرابة اللي يبي يقويها وانت اذا زرتيه مع خالاتي يقولون مو موجود ومايطلع لكم.

عزيزة: انا معك بس هذا عمي ماقدر ازعله ونا ما كذبت عمتك لولوه بزواج ليال جت وقالت تبي جود

لولدها عاد ماجا ببالي اسكته الا بكذا.

ديم: وانت بتوافقين يمه جود تروح بعيد.

عزيزة: اكيد مو موافقة، قلتها تسكيته لعمي.

ديم وضعت يدها على بطنها لما أتتها رجفة مفاجئة، وعزيزة كملت: هالكلام بيني وبينك ياديم لا يطلع

لين اسأل خالك علي وأشاوره.

بعد ساعة دخلت ليال من الجامعة وابتسمت وقالت: منورتنا ديوم؟

ديم: اول ما عرفت انك بتنامين عند اهلي، شلت أغراضي وجيت.

عزيزة شرحت: معها أوجاع رحنا للمستشفى.

ليال: بسم الله عليك عسى مافيك شي؟

عزيزة كملت: الدكتورة قالت انقباضات بسيطه وتوها الولادة، روعتنا عالفاضي.

ديم: اذا هذي انقباضات بسيطة اجل الولادة وشي يمه.

ناظرتها أمها بحنان وقالت: يسهلها ربك يابنتي.

نظرت لليال وقالت: العصر موعدنا مع دكتورتك.

بمحاولة للهرب من زيارة الدكتورة والهرب من ضغط أمها واقناعها الذي تشنه منذ قدومها بالأمس

قالت: توك جاية من المستشفى وتعبانة، خليها يوم ثاني ماحتاج مو لازم نروح اليوم.

عزيزة نهضت وقالت: ايه ما تحتاجين انا اللي احتاج، تجهزي بس.

رفعت ديم حاجبها بمعنى لا تحاولين، راقبت ليال خروج أمها، كان واضحا من نظراتها وكلامها أنها

غاضبة منها.

أخذت الرداء المطوي على ذراع الإريكة والذي أصحبت تستخدمه كثيرا وقالت: مفطرة بالجامعة ومابي

غدا لا تقومونن.

دخلت جود وابتسمت بفرح حين رأت ديم وقالت: هلا هلا واوو خواتي كلهم هنا وناسة والله.

قبلتها جود، جلست ونظرت لليال النائمة وهمست: ياقلبي شوفي وشلون صارت، امي مرة متضايقة كل

امس تقنع فيها بس لييال ماجابت خبر.

هزت ديم رأسها بضيق: معها حق خايفة على طفلها وامي بعد معها حق خايفه عليها.

جود: الصراحة انا مع امي كل امس تستفرغ، قالت لها امي انت تضرين طفلك ماتنفعينه.

تململت ليال وقالت: ماتخلون الواحد ينام كل هرجكم يصب باذني.

ديم: اللي بينام ينام بغرفته مو بمكان الجلوس.

ليال: اقنعي امي رافضة اروح غرفتي الا وقت النوم.

دخلت عزيزة وقالت: قوموا تغدوا.

ليال سحبت شرشفها إلى الإعلى وقالت: انا شبعانة.

عزيزة صدت عنها ونظرت لإبنتيها وقالت: وانتم؟

جود: تعبانة يمه الشمس اليوم حفرت راسي حفر، ماشتهي والله الا فراشي ومكيف.

ديم: اجل بس انا اللي بتغدا معك يمه.

عزيزة برضى قالت لها: الله يوفقك انت البارة بينهن.

جود: افا يمه جحدتينا.

ليال بعينيها المغمضة قالت: هي تقصدني بالعقوق بس مراعاة للوضع الإنساني

دخلتك معي شراكة.

عزيزة ردت بلؤم: الله لايحرم صالح من خفة دمك وضرافتك.

رمت ليال الشرشف عنها وقالت لإمها: من صالح؟

ديم ردت عن أمها: مين يعني ولدك.

مسكت بطنها وكملت: انا ولدي اسمه غسان.

نهضت ليال ولحقتهم وهي تقول: ليش ديم تختار ونا لا، هي اول حفيد هي المفروض تسمي صالح

ليش انا اللي اسمي.

جلست عزيزة على رأس المائدة وقالت: يحصلك تسمين على الشيخ صالح ال

ليال: عاد كنه بيطلع على عمي صالح اذا سميت.

عزيزة: اكيد انت امه ومحمد ابوه وش بيطلع توأم العناد ورفع الضغط.

ليال تحسست قليلا، أمها من الامس وهي تزيد العيار معها إما غضب او سخرية، قالت بعتاب: الله

يالدنيا محمد اللي ماتشوفين أحد مثله صار الحين يرفع الضغط.

عزيزة: سبحان الله من أخذتيه صار مايعجبن.

كلمة أمها كانت قوية عليها، جرحتها وقهرتها ومع إنها تمزح إلا أنها شعرت بإن أمها فعلا تقصدها.

انتبهت عزيزة لقسوة كلمتها، كانت مقهورة منها لعنادها وتشبثها بكلامها، نزلت نظراتها وقالت: اقعدي

تغدي.

ليال أعطتهم ظهرها عائدة الى صالة الجلوس وقالت: قلتلكم مابي

التفتت لبناتها وقالت متضايقة: شتفوا وش تسوي.

ديم: اذا جاعت بتاكل اتركيها على كيفها يمه.

جود: اكيد اكله بالجامعة.

عزيزة عصبت: انتم ماتفهمون، ببطنها طفل ياكل من اكلها وغذائها اذا ماهتمت هي بتتعب وهو بيتعب.

وبغضب تركت عزيزة المائدة وصعدت للإعلى.

*

*

*

تتأمل الجلديات الإنيقة على مكتب الدكتورة ثم تنتقل بنظرها إلى الشهادات الفخرية المصفوفة على رف

بني خلفها، كانت تضيع نظراتها في كل شي عدا الدكتورة.

سألتها: وشلونك ليال؟

ردت: تمام الحمد لله.

د/ رشاء: كيف النوم؟

ليال: تمام.

ركزت نظراتها على ليال ثم قالت: واكلك كيف؟

نفخت شفتها ليال بتضجر خفيف وردت: الحمد لله زين.

طالت أسئلة الدكتورة وتعمقت فيها وليال تجيبها بإختصار وتعرف أن لدى الدكتورة أجوبة تختلف عن

أجوبتها الكاذبة من أمها الجالسة أمامهم.

أخيرا وضعت د. رشاء القلم على المكتب وقالت: بصراحة يا ليال وضعك ماعجبن ولازم تاخذين العلاج،

بدأت تكتب على دفتر صغير مكملة: بكتبلك..

قاطعتها ليال: بس أنا عاجبن وضعي يادكتورة ومااحتاج علاج.

عزيزة تدخلت بعدم رضى وقالت: ليال.

أومأت الدكتور لعزيزة بالصبر وقالت: دخلت الشهر الرابع من دون علاج ممتاز، الحين الجنين تشكلت

أعضاءه وحجمه زاد والتأثير ان وجد بيكون قليل ومو مهم.

عادت ليال تقاطعها: شكرا دكتورة انا بخير صدقين ماحتاج.

نهضت بعدما قاربت مدة الجلسة على الانتهاء وقالت لإمها: بطلع.

وصلت الباب وسمعت أمها تعتذر من الدكتورة: اعتذر دكتورة، ماعليك اكتبي العلاج وانا بتفاهم معها.

ركبت السيارة ولحقتها أمها وأول ماغلقت الباب قالت: انت ماتستحين تقاطعين الدكتورة كل ما قالت

حرف نطيتي فيها ماحتاج وماحتاج، انسانه اكبر منك وعلمها وفهمها يتعداك بسنين.

ليال بحدة: ايه ماحتاج مابي.

مشت بهما السيارة في جو متكهرب يفيض بالغضب والتوتر، عزيزة مدت ورقة لسليم وقالت: سليم

جيب علاج من صيدلية.

ليال: لاتخسرين نفسك عالفاضي، ماراح اخذه.

وأضافت بسخرية تفيض بالتحدي: ماحتاجه.

عزيزة بنفس سخريتها ردت: واضح ماتحتاجينه ونومك بالصالة كل ليله عاجبتك؟

كانت تظن أن جود فقط من يعلم بنومها خارج غرفتها، صرت على أسنانها وقالت: ايه عاجبتن واذا

ماعجبتك علمين أرجع لبيتي وانام بغرفتي.

ثارت أعصاب عزيزة وبجنون، ليال تستخدم أسلوب التهديد بالعودة إلى منزلها حتى تمشي كلامها ولا

تدرك الخطر الذي يحيط بها ولا تفهم أن الإكتئاب قد يتطور فجأة وبلا مقدمات ليصبح مميتا وقد تتعرض

للإجهاض أو ولادة قيصرية مبكرة أو ماهو أشد فيكون علاجها قويا وصعبا جدا.

المصيبة أمام عزيزة أن يدها مكبلة بالحمل ولا تستطيع الشد عليها خوفا من ردة فعل غير متوقعة، لو

كانت في حالة غير الحمل لأجبرتها دون مشاورة.

نزل سليم ودخل إحدى الصيدليات.

عزيزة حاولت تهدئة نفسها وقالت: ياقلبي ياعمري افهمين...

ليال بدأت أعصابها ترتجف، وضعت يدها على قلبها وبلا شعور صرخت على

أمها: خلاص.

ارتجفت كلماتها وهي تكمل: مابي اسمع صوتك.

هدأت عزيزة واضطرت للصمت، أدركت وهي ترى يد ليال تضغط على قلبها أن ابنتها دخلت في مرحلة

أخرى من الإكتئاب.

اقتربت وقالت: خلاص على راحتك اللي تبين.

تفاجأت بتراجع أمها وانفجرت ببكاء قوي فجر كل الخوف بقلب عزيزة.

سحتبها وضمتها بحنان وقالت: بسم الله عليك ما صار شي.


ليال زادت خنقتها فخلعت النقاب واستلقت على فخذ أمها وغطت وجهها في حضنها بحيث لا يرى من

الخارج.

اعترفت: تعبانة يمه.

بردت أطراف عزيزة لكنها ردت بتماسك: تبين نروح للمستشفى يمكن تحتاجين مغذي.

ليال: لا بس اقري علي.

كررت حتى تشعرها بالإمن: مثل ماتبين.

ليال بحزن: اسفه صرخت عليك.

نزلت دموع عزيزة وبصعوبة كتمت شهقاتها، هاهو المرض الكريه يعود ابنتها لابنتها مثلما ظل يعود

إليها لسنوات، شعرت بالجزع والرعب يحيط بها.

هل سيكون قدر ابنتها مثل قدرها مع هذا المرض الخبيث؟

عزيزة: لايهمك حبيبتي.

أرخت الطرحة من جوانب وجه ليال حتى ترتاح أكثر، وبثوان كان الهدوء يعود للسيارة واختفى كل

التوتر حين وضعت عزيزة يدها على جبين ليال وبدات بالقراءة عليها.

*

*

تلقائيا ابتعد برأسه عن مسار القلم المتجه إليه من رئيسه، كز على أسنانه وهو يسمع صراخه: ياحمار

من شهرين وانت تردد نفس الكلام.

متعب: مشددين الحراسة ياطويل العمر أكثر من مرة ونعجز.

فهد: تدري كم خسرت على محاولاتك الفاشله.

متعب صد عنه وهز رأسه بإقرار لكلامه.

فهد: جب لي عنوان بيته.

خاف ان يأمرهم بحرق بيته فقال بسرعة: وش تبي فيه؟

ارتفعت حواجب فهد وقال: أنت تسألني؟

خاف من نظراته الشرسة وأسرع يقول: لا طال عمرك ماعاش اللي يسألك، اليوم بيصير عندك العنوان.

وخرج تسبقه خطواته، مديره هذه المره كان مخيفا جدا حتى أنه كاد أن يعترف على نفسه، لن يتدخل

ولن يحذر عبد الله كما فعل في المرات السابقة، فهد إن كشف خيانته لن يرحمه وسيحرقه بدلا من

مستودعات عبد الله.

فهد ظلت أنفاسه تخرج بغضب كمن ينفث نارا حارة، اليوم يوم زواجه لكنه لا يشعر بشي سوى السخط

وكلما مرت الإيام زادت رغبة الإنتقام بداخله خاصة حين سمع همسا بين أمه وأخواته بأن مها حامل.

خبر حملها اذا انتشر سيكون ضاربا لسمعته وسيقول الجميع بأنه هناك عيبا فيه، مع انه لا يوجد أي

عيب فقط هو يكره الأطفال ولا يستحمل وجودهم ولهذا منع مها واي زوجه له من الحمل لكن من

سيصدق هذا الكلام وخاصة في مجتمع يرى الحياة بوجود الإطفال.

*

*

رفعت عيونها تترقب ردة فعلهم بعدما انتهت من كلامها، ديم كانت متماسكة وتفكر أما جود فعيونها

تدمع بقوة.

عزيزة: مثل ماقلت لكم مابيها تحس بشي، تعاملوا معها طبيعي بس انتبهوا وحتى المزح خففوا منه،

من جت ونا اضغط عليها بس بعد ماطلعنا من العيادة انتبهت انها تتحسس من كل شي.

تأففت وهي تتطلع إلى جود وقالت: الحين وش قاعدة أقول؟

جود: مقهورة يمه عليها مامدانا نفرح بانها خفت يرجع لها المرض.

ديم رأت حزن أمها فردت عنها: وبترجع تخف ان شاء الله، كل انسان مبتلى بهالدنيا

عزيزة: صادقه ياديم ليال بلاها بي وبهالمرض.

ديم: انت مالك دخل يامي.

عزيزة طالعت الإشجار حولها بحسرة وردت: وشلون مالي دخل ماحد تسبب له بهالمرض غيري.

منذ فترة طويلة لم تسمعا امهم تلوم نفسها مع أنهما تعرفان أنها لم تخرج من حالة التانيب يوما وهاهي

ترجع للندم ولوم النفس وحين تفعل لا يستطيع أحد اقناعها بغير ذلك.

وضعت ديم يدها على ركبة أمها وقالت: لا تتضايقين ياقلبي بتفرج ان شاء الله.

خرجت ليال نحوهم وسلمت وأخذت مكانها قرب ديم.

ردوا عليها السلام وديم بالرغم من تحذير أمها بالتعامل معها بشكل طبيعي، وضعت يدها على كتف ليال

بحنان وسألتها: وشلونك مع التعب؟

ليال: الحمد لله.

انتبهت لجود فسألتها: وش فيك؟

صمتت قليلا تفكر ماذا تقول، مسحت دموعها حين تذكرت احدى زميلاتها في القاعة وردت: صديقتي

توفي اخوها فجأة بحادث.

ليال بحزن: الله يغفر له ويرحمه.

عزيزة وديم: امين.

ليال: أفجع شي الموت فجأة، مره يخوف.

اكتست نظرات عزيزة بالحزن، ليال تقصد أبيها بالرغم من انها وبسببها لم تعش معه كثيرا لكنها أكثر

بناتها حزنا وتذكرا له.

صبت ديم فنجان مدته لليال وقالت تغير جوهم: ذوقي حلاي مسويته انا وغسون.

فعلا تغير جوهم وابتسمت جود وهي تقول: اذا تبين نفسك لا تاكلينه دام غسون بالسالفة.

ديم مدت الصحن لليال وردت على جود: بكرا بتلاحقينه يذوقك اكله ولدي بيطلع علي بالطبخ وبيسير

اسنع منك يالخكرية.

ليال أخذت قطعة صغيرة من الحلا وقالت: اذا بيطلع عليك فهو بيسير اسنع منا كلنا.

جود: الناس تقول ولدي بيطلع شيخ، امام، دكتور، وانت تبينه طباخ.

ديم: ان شاء الله بيطلع كلهم شيخ وامام ودكتور وطباخ مافيها شي.

جود بسخرية: وامام للحرم بعد.

ديم بثقة: ان شاء الله، ربي يعطي جنة عرضها السموات والأرض وش امنياتنا ذي عند كرم ربي.

كان كلامها جميلا مشبعا بالأمل ثبت قلوبهم المحزونة والغارقة بهمومها ومسح خيوط اليأس التي

ابتدئت تنسج شباكها بقلب عزيزة.

ليال: يمه اليوم بقول لسارة تجي، عادي؟

استغربت سؤالها وضايقها، ليال لم تكن تستاذنها يوما بقدوم سارة بل كانت تخبرها فقط، لماذا تستأذنها

ألان كأنه ليس منزلها.

نظرت إليها وقالت: ايه عادي يمه الله يحييها بأي وقت.

سألتها جود: بتنادين روان؟

كان سؤالها عفويا لكن ليال عقدت جبينها بضيق وقالت: لا ليش اناديها؟

جود: مادري عشانكم بالفترة الإخيرة دايم مع بعض وهي سألت عنك قبل كم يوم، قلت يمكن بتجي.

ليال تصحح لها: اذا رحت لسارة القاها موجودة بس انا مالي دخل فيها.

عزيزة: متى بتجي.

ليال: اليوم.

لاحظت شيء بكلام ليال معها وأنكرته بقوة، عادت تسألها: قولي لسيرما تسوي قهوة.

رفعت ليال عيونها لإمها رمشت نظراتها بتوتر ثم أشاحت عنها بسرعة وهي تجيب: قلت له.

تأكدت مما رأته ونكست رأست ترتجف من شكوكها، ليال حين تحدثها لا تنظر إليها كأنما تحذرها أو

تخاف منها.

*

*

*

كانتا تضحكان بعمق تشاركهما مها بإبتسامة واسعة، رن هاتف سارة فرفعته وهي تبتسم وقالت: ليول

تدق.

روان بلا شعور قالت: افتحي السبيكر وقولي له تجي.

هزت رأسها سارة وجائهم صوت ليال: اهلين.

سارة: هلا وغلا بام صالح.

سارة هي الثالثة بعد أمها ومحمد الذي يغايضها باسم صالح، لاتعلم وهي ترى محاولاتهم اللئيمة أصبح

الأمر يضحكها لاغير.

ضحكت ليال بتعب: كإنه معجبك الاسم خلاص سمي مثلي، على العم صالح.

روان غرقت في الضحك لخبث ليال وسارة قطبت جبينها تحاول فهم قصدها

ولروعتها انتبهت فعلا أن عمها أبو بدر اسمه أيضا صالح.

ردت بغيظ: حيوانه.

ليال: امممممم تعاليي اليوم.

سارة: عندنا روان تعالي انت.

بحالتها المتعبة لم تكن تريد أن ترى أحدا لذا لم تفهم ايحاء سارة الواضح وقالت: مالي خلق اشوف

احد، تعالي انت مشتاقه لك.

أغلقت سارة السبيكر وقالت: زين بشوف.

مها راقبت تعابير ابنتها التي اختفت ابتسامتها عندما تجاهلت ليال ايحاء سارة بدعوتها معهم، بعذر كان

قاسيا جدا عليها.

أغلقت سارة الهاتف والتفتت محرجة فابتسمت روان بروح عالية وقالت: سلمي لي عليه.

قلبت سارة شفتها بأسف وقالت: بروح واخليك معليش.

روان: وش معليش، عادي ياقلبي انا جايه اقعد مع امي.

ودعتهم سارة وخرجت.

رفعت روان نظراتها وانتبهت لنظرات أمها فابتسمت كإنه لا يهمها لكن مها تعرف جيدا مشاعر ابنتها

وتعرف حبها الوليد لليال وتعلقها فيها.

تعرف أن بنات عماتها يحاولن بإصرار العودة اليها مرة أخرى وتتلقى دعواتهم يوميا لكنها ترفض

بلطف وتتعامل معهم إذا رأتهم في بيت أبيها بحذر، لاتزال مصدومة منهم حين جفوها وقطعوها في أشد

وقت كانت تحتاجهم فيه وتحاول دائما أن لا تنسى أن من قطعك بسبب سيقطعك مرة أخرى دون سبب.

مصدومة منهم ومجروحة وترى في ليال تعويض جميل عنهم لكن ليال لا ترى فيها غير ابنة خالة لها

ماضي سيء معها ولا تريدها.

قالت تخفف عن ابنتها: مريضة عشان كذا ماتبي احد.

معتادة على الصراحة مع أمها ردت: أدري كان ودي اشوفها واتطمن عليها بس

وتركت جملتها فارغة لكن أصدائها وصلت الى مها مليئة بالوجع والندم، ربما ليال سامحتها لكن ستظل

تعاملها بحذر ومجامله مثلما هي تفعل تماما مع بنات عماتها.

*

*

كانتا تتحدثان بكل شي وكعادتهم الجميلة بالحديث كل صورة أو موقف مرت به أحدهما تحكيها للإخرى

فيتحول معهم الى أحاديث تحليليه وشيقه حتى لو كان الموقف والحدث بذاته تافها.

ليال هذه المرة كانت مستمعة أكثر من كونها متكلمة، وكانت ابتسامتها الدليل الوحيد لتجاوبها.

صمتتا قليلا تتأملان الجو الساكن في هذا الوقت من الليل، تنفست سارة بعمق ثم قالت: الصراحة امك

فنانه، كنت دايم اعشق جلستكم هذي بس بعد التصميم الأخير خلاص

وأشارت الى غصن صغير لايكاد يرى في الشجرة اللي تضللهم من الإعلى وكملت: ببني كوخ صغير

فوق هالغصن واعيش بهالجنة.

ضحكت ليال لمخيلة صديقتها التي تستلزمها أن تكون بحجم النملة حتى تنفذها وقالت: بنأجرها عليك خمسين الف

بالسنة.

سارة: يالخايسة الشجرة كلها نص متر بنص متر خير تنهبين من خمسين الف.

ليال: خلاص لا تزعلين عشانك صديقتي بخليها ب تسع وأربعين الف وتسعمية وتسع وتسعين.

سارة: كرمك اوفر حبيبتي.

رفعت هاتفها وقالت: وخري بس بصورها لابوي.

أخذت ليال منها الهاتف وقالت: فكينا من تصويرك انا اصور وارسله بنفسي لخالتي مها.

أدخلت الرمز بهاتف سارة وبدت تصور، على ذكر مها استغلت سارة الفرصة وقالت: طلعت من البيت

وكانت فيه روان فيه.

همهمت ليال وماردت.

سارة كملت: ليتك ناديتيها معنا.

ليال رفعت حاجبها وقالت: وش فيك انت وجود كل وحدة تبيني اناديها، انا حرة ومابيها.

سارة: هدي ليش عصبت مجرد اقتراح.

ليال بعصبية أكثر: لا تقترحين.

وكملت: اذا متضايقة عشانك طلعت وخليتها مرة ثانية لاتجين اقعدي عندها.

طالعتها سارة بذهول نزعت هاتفها من يد ليال وقالت: حقك علي، مرة ثانية بننثبر ببيتي وماراح اجي

واغثك باقتراحاتي.

ليال:

__


(( ولذكر الله أكبر ))

لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين.

انتهى.




التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 08-02-22 الساعة 08:20 PM
فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس