عرض مشاركة واحدة
قديم 18-09-21, 06:21 PM   #785

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
Rewitysmile10 الفصل الثامن والعشرون - القسم الأول

الفصل الثامن والعشرون
شروق


مشاعر دافئة من نوع مختلف تغمرني لأول مرة.. لا أستطيع تفسيرها أو حتى شرحها..
كانت مغامرة آسرة.. ورحلة أخاذة..

وكأن قلبي تمدد بفعل تدافع الانفعالات والمشاعر المختلفة بداخلي، فصار عقلي لا يكاد يستوعب أو يترجم تلك الانفعالات ..

ربما.. ربما عندما تستعيد خلايا عقلي اتزانها وتخرج من بحيرة الانتشاء التي تسبح فيها الآن بتدلل..

زرع حازم قبلة ناعمة على شفتيّ وأخرتين أكثر نعومة على جفنيّ.. وأخيرا، لثم جبيني بواحدة بطيئة أودع فيها كل ما كانت تحمله مشاعره في تلك اللحظة، ثم قال بصوت مبحوح: "أحبك يا فراشتي المحاربة التي تراقصت أجنحتها لتضيء حياتي ببهاء.. نامي يا شروقي"..

استسلمت بتكاسل لنومٍ هادئ، لكنني استفقت فجأة على شعورٍ مفزعٍ بيدٍ فولاذية تقبض على معصمي بعنفٍ..

فتحت عينيّ بتردد وأخذت أجول بهما حولي حتى تعودت على ظلام الغرفة، ثم التفتت نحو مصدر الضغط على معصمي الأيسر، لأجد ذراع حازم متصلبا بشدة وكفه تقبض على معصمي بقسوة دون إدراك منه..

استدرت على جانبي الأيسر كي أفكك أصابعه وأتخلص من قبضته القاسية أو حتى أوقظه ليسترخي جسده من جديد ويترك معصمي، لكنه كان يحرك رأسه يمنة ويسرى ويهذي بكلمات غير مفهومة..

كان عاقدا حاجبيه بوجع.. أو غضب.. كما التمعت حول جفونه دموع عكست الألم الذي يكابده في كابوسه المزعج برغم أن الغرفة كانت مظلمة نوعا ما إلا من ضوء خفيض ينبعث من لمبة ملونة مثبتة بسقفها..

انتقل رعبه إليّ خلال الثواني التالية، فأخذت أهتف بصوت مرتفع قليلا، وأنا أربت برفق بيدي اليمنى على وجهه علّه يستيقظ: "حازم.. حازم.. أنت تحلم.. حازم.. أفق"..

نهض حازم فجأة جالسا وهو يصيح مفزوعا: "سام"..

تبعته بالنهوض أيضا لأجلس على ساقي بجواره، ثم مددت يدي أربت على ظهره برفق، بينما أضغط على عضده بيدي الأخرى، وأنا أقول بنبرة هادئة في محاولة لبثه بعض الطمأنينة التي غابت عنه في تلك اللحظات: "لا بأس عليك.. كان مجرد كابوس.. أنت بخير الآن.. ما هو هذا الشيء السام؟ هل رأيت ثعبانا في الحلم؟"..

نظر لي حازم ببلاهة وكأنه لا يعي ما أقوله، ثم زفر ببطء، وقال بصوت متحشرج من أثر النوم: "أريد أن أشرب"..

سكبت له بعض الماء في كوب صغير من الدورق الموجود على المنضدة الجانبية المجاورة للسرير، ثم منحته له، فأخذ يرتشف ببطء، ثم شكرني..

وعاد ليمدد رأسه على وسادته من جديد، محاولا السيطرة على ارتجاف جفونه..

سألته بقلق: "هل تريد أن تتحدث عن الأمر؟"

رد هو متعجلا: "لا.. لا أتذكر شيئا.."، رافضا مقابلة نظراتي بمقلتيه..

لماذا أشعر أنه يتذكر ما كان يحلم به لكنه يمتنع عن الإفصاح لسبب ما؟!..

حين زفرت ببطء، رفع حازم نظراته إليّ متوجسا، ثم قال متوسلا: "تعالي لأحضاني يا شروق.. أريد أن أغمرك أثناء نومي.. ربما تُبعد روحك البراقة الكوابيس المظلمة عن رأسي".

لم أستطع الامتناع عن تلبية طلبه المتوسل، فاقتربت منه ليغمرني بين ذراعيّه، ثم يدثر كلينا بغطائه لنستسلم معا للنوم من جديد.. هو في حالة من التوتر.. وأنا أخفي بالكاد الترقب الذي سيطر على رأسي..

في الصباح، استيقظت أولا، فقررت أن أتركه ليحصل على بعض النوم الإضافي حتى يتخلص تماما من آثار كابوسه المزعج، ثم ذهبت للاستحمام والصلاة، وبعدها نزلت للطابق السفلي، وتوجهت من فوري للمطبخ بغية تجهيز مشروب سموثي صباحي منعش ولذيذ لكي أقدمه له فور أن ينهض من نومه..

أثناء انشغالي بقطع الفاكهة والخضر لإعداد المشروب الصحي، شرد ذهني قليلا فيما جعلني حازم أعيشه مؤخرا من مشاعر متخمة..

أشعر أنني متذبذبة ومتوترة وسعيدة وخجولة ومشحوذة بالطاقة في وقتٍ واحدٍ..

عدت بذهني لتلك اللحظة التي قررت فيها أن أمنحه نفسي بإرادتي، حيث كنت أشعر أنه يحتاجني بهذه الصورة أكثر من أي شيء آخر، خاصة بعد عاصفة الانفعالات القاسية التي مزقت ثباته النفسي حين اكتشف أن علي الزين قد يكون فعلا عمه شقيق والده الراحل..

ما سرده حازم عن ماضيه هو وحسام أمرا يقشعر له البدن، ولكن لا يمتلك المرء سوى الشعور بالاعتزاز لأن كلا منهما اعتمد على الآخر بشكل ما حتى أفلتا معا من مصيرٍ مظلمٍ..

وهذا الحلم الذي رفض الكشف عن تفاصيله.. بالتأكيد فتح عليه ألسنة جديدة من اللهب تتعلق بماضيه لتؤرقه وتعذبه..

حياته مليئة بالذكريات المظلمة التي تكسر القلب، لكنه رغم ذلك يحاول التماسك ومساعدة وإسعاد كل من حوله..

يصر أنني الشروق الذي أضاء حياته المظلمة، لكنه في الحقيقة، فنار..
فنار حجري عتيق عمره آلاف السنين، تماما كروحه المنهكة.. وبرغم غرقه في الظلام وعدم اكتراثه بما يتعرض له من مصائب وعثرات، إلا أنه مازال يضيء الطريق للسفن العابرة به حتى تستكمل طريقها في أمان..

الأمان الذي يغمره على من يعتني بهم كجناحين من فولاذ لا يمكن اختراقهما أبدا، فتصد عنهم كل سوء وخطر وحزن بينما يتلقاها هو بتفانٍ وإخلاص ليتلظى بها دون أن يشكو..

قطع تسلسل أفكاري انضمام ماما سناء إليّ في المطبخ، والتي توردت وجنتيها حبورا فور أن شاهدتني وقالت بابتهاج وحماس: "صباح الخير يا عروس.. هل ستعدين الفطور لزوجك؟".

أطرقت بخجل، وقلت: "بل أجهز له مشروبا.. وأنتِ يا غاليتي ستعدين الفطور وأنا سأخذه إلى الخارج لنفطر أمام حوض السباحة ونستمتع بشمس أواخر الشتاء".

ضحكت هي وقالت ممازحة: "للحظة.. فكرت أنكِ ستهتمين بالأعمال المنزلية والطهي من الآن فصاعدا.. ذكرتيني يا بنيتي بالمثل الشعبي الشامي الذي يقول (إذا قلنا لها اطبخي.. قالت مريضة.. وإذا قلنا لها تعالي كلي.. قالت أين ملعقتي العريضة؟)"..

قبل أن أرد، علا صوت ضحكات حازم الذي جلس أمام الجدار النصفي قبل قليل وأخذ يستمع لحديثنا بتسلٍ، حيث قال بمزح: "هذه أول مرة أسمع هذا المثل"، ثم غمزني وأكمل بنبرة حمائية: "ولماذا عليها أن تهتم بالطهي وهي متزوجة من طباخ ماهر بدرجة شيف؟".

ابتسمت له بعفوية، ثم حركت بصري تجاه ماما سناء وأخرجت لها لساني بتلاعب طفولي، وأجبت بتدلل: "أرأيتِ؟ إنه لا يمانع.. كما أنه يحب السموثي الذي أعده له.. أليس كذلك يا حازم؟"..

ضحك هو مستمتعا بعفوية.. ضحكته رائعة.. رزينة ومبهجة بنفس الوقت.. ليته يضحك طوال الوقت بدلا من الحزن والعبوس اللذين يغلفان ملامحه دائما..

قال بعدها بنبرة جدية خالية من المزح: "أتذكر أن مشروب السموثي خاصتها قد أنقذ حياتي ذات يوم"، ثم غمزني بشقاوة فأطرقت عينيّ خجلا دون رد..

هتفت ماما سناء وهي تخرج الأصناف التي ستعدها من الثلاجة: "أنت تدللها كثيرا يا بني.. هذه الفتاة عفريتة.. لن تضيع الفرصة أبدا لكي تتمرغ في الدلال تماما كالقطط وبعدها ستطالب بالمزيد وستتهرب من أي عمل".

ناظرتها بعتب وأطرقت شفتيّ للأسفل باستياء وبؤس، ثم توجهت نحو حازم كي أمنحه الكوب بعد أن سكبت له المشروب فور أن انتهيت من خفقه، فتذوقه هو مبتسما، ثم قال بصدق: "لتتدلل كما تشاء.. لتكن قطة أنغورا خاصتي.. لا يليق الدلال بسواها"..

استدرت فورا نحو ماما سناء، ثم أخذت أثرثر بطريقة آلية لمداراة شعوري بالخجل: "حازم لا يمانع.. هو يحب الطهي ويجيده فلماذا يلزم أن يكن هناك شخصان بنفس المنزل يجيدان الطهي لمجرد أن الأعراف الاجتماعية تستدعي ذلك؟.. كما أنك موجودة أدامك الله لنا وتحبين أيضا الطهي.. يا ماما الإنسان يأكل لكي يعيش وليس يعيش ليأكل.. فالطعام وسيلة للحفاظ على البشر وحمايتهم من الجوع الذي قد يؤثر على الصحة.. وفي هذا الزمن لم يعد هو الشغل الشاغل".

كان حازم قد تحرك لداخل المطبخ ممسكا كوبه، فدنا حتى وقف قبالتي مباشرة ثم طبع قبلة ودودة على رأسي، ثم قال: "بالطبع ليس مهما إجادة الطهي خصوصا لطبيبة جميلة مثلك ستتكفل بإنقاذ حياة مئات من الأطفال بإذن الله.. بالتأكيد لن نقيس مدى نجاحك بقدرتك على إعداد طاجن من البامية أو شرائح اللحم الباردة"، منهيا كلماته بابتسامة عريضة أصابت ماما سناء بالغيظ..

تدخلت هي بقنوط بعد أن أصدرت أزيزا خافتا من أسفل لسانها بغرض المزاح: "أذكر أنه بأيامنا كانت المرأة تعمل كل شيء.. الطهي والتنظيف والمذاكرة للأطفال.. وحتى العمل والدراسة.. حتى أننا كنا نقوم بتفصيل الملابس والستائر أيضا".

رد حازم ملطفا الأجواء: "هذا كان قديما.. كما أن مهنة الطب ليست كباقي المهن.. فالطبيب يظل يذاكر ويقرأ مراجع ويحضر دورات علمية طوال حياته حتى يجدد مهاراته.. ثم أنني فعلا أستمتع بالوقت الذي أقضيه داخل المطبخ وكذلك أشعر بالسعادة الشديدة عندما يمتدح الآخرين الأطباق التي أعدها من أجلهم.. صدقا لا تهمني النظرة التقليدية لأدوار النوع في مجتمعنا"..

كانت ماما سناء قد أنهت إعداد الفطور ورصت الأطباق في صينية، فوضعتها بين يديّ هامسة بصوت خفيض لم يسمعه غيري: "كنت أمزح يا ابنتي حتى أعرف غلاوتك في قلبه.. رغم أنني واثقة أنه بالفعل يحبك.. تدللي علينا جميعا ولا تخشي شيئا"، ثم أكملت بنبرة عالية مستعيدة هيئتها الممتعضة بافتعال واضح، موجهة كلماتها لنا معا: "هيا اذهبا وتناولا الفطور.. لقد صدعتما رأسي بتلك المناقشة.. متى سيعود ولدي حسام؟.. لقد اشتقت إليه"..

طالعني حازم بحذر.. وكأنه يدرك أنني أغار من اهتمام ماما بأخيه..

ألهذا يدعوها خالتي بدلا من أمي كما يفعل أخوه؟

تبا له.. يفهم كل شيء بمجرد النظر إليّ..

تنهد حازم وكأنه قد سمع أفكاري الأخيرة أيضا، ثم قال بنبرة غلبها السرور: "سيعود عصر اليوم أو في المساء على أقصى تقدير.. اشتقت إلى هذا الولد"..


يتبع


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس