عرض مشاركة واحدة
قديم 02-10-21, 06:30 PM   #820

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
Rewity Smile 1 الفصل الثلاثون - القسم الثاني

عندما استيقظت في الصباح، كان حازم في المطبخ كعادته يعد طعام الفطور برفقة ماما سناء، وبدا في قمة حيويته ونشاطه..

إن كنت قد عرفت شيئا واحدا عن شخصية حازم، فهو أنه يلجأ دائما للطهي والتصرف وكأنه بقمة نشاطه عندما يريد تجاهل شعور معين يسيطر عليه، فيدّعي أنه بخير حتى يخفي ما يعتمل بداخله فلا يعطي فرصة لأحدٍ كي يسأله أحد عما يمر به..

بالتأكيد هو الآن يتجاهل عن عمد التفكير بوضعه الجديد، فبادر بالتصرف بشكل شبه اعتيادي.. لمن لم يعرفه جيدا

وهل فعلا نجحت في اختراق دائرته السرية وأصبحت قادرة على التفريق بين انفعالاته المختلفة مهما حاول التغطية عليها؟

شعور غريب بالألفة يتملكني في تلك اللحظات ، فينبض قلبي بتلك النبضة الفريدة التي تخبرني همسا.. أنه آن بالفعل الأوان للتسليم أنني وحازم نشكل معا عائلة متكاملة.. يتشابه شطراها في الكثير من الصفات والأوجاع، فيصبح كل منهما جدير بنصفه الآخر، والقطعة الوحيدة التي يمكنها الانصهار معه ليكملا معا كيانا واحدا.

جلست أمام الطاولة الممتدة المشرفة على المطبخ بعد أن ألقيت تحية الصباح عليهما، فسارع حازم بإحضار كوب القهوة لي، أما ماما سناء، فقد كانت تضع اللمسات النهائية على ثلاثة أطباق من مأكولات الفطور سريعة التحضير، ثم وضعت واحدا أمامي والآخر بجواري من أجل حازم، بينما جلست هي في الجهة المقابلة على مقعدها داخل المطبخ تشاركنا تناول الطعام ولكن تمنحنا بعض الخصوصية..

جلس حازم بجواري، ثم طبع قبلة سريعة على جبهتي، وبدأ بتناول فطوره في صمت..

سألته بفضول: "أين حسام؟ ألن يفطر معنا؟"

رد شارحا: "لقد خرج منذ قليل.. مر عليه سامح لاصطحابه لكي يجتمعا مع عمرو كساب.. يبدو أنهم منشغلون فعلا بالعمل على مشروع فيلم جديد"..

علقت بحماس: "هذا رائع.. أتمنى لهما النجاح"، ثم عدت لتناول الطعام.

عندما شارفنا على الانتهاء من تناول الطعام، سألني حازم باهتمام: "إذًا ما هو جدولك لليوم؟ متى ستتوجهين لمناوبتك الجديدة؟"

أجبته بنبرة متكاسلة: "ربما بعد المغرب.. فمناوبتي مسائية"..

قال هو بنبرة مرحة: "إذًا أمامنا ساعات الصباح وحتى ما بعد الظهيرة لكي نتسلى قليلا ونخرج معا في موعد غرامي يدا بيدٍ مثل الأزواج الطبيعيين.. ثم تأخذين قيلولة صغيرة وتستعدين بعدها للذهاب للمستشفى..".

سألته بتلاعب يخالطه التشكك: "ما سر هذا الدلال؟"

رد بصوت منغم وكأنه يحدّث طفلا صغيرا: "لأنكِ مازلت في فترة النقاهة وتستحقين كل الدلال.. ولهذا سأقلك أيضا إلى المستشفى بنفسي ثم أعود في الغد لاصطحابك للمنزل كي لا تقودي السيارة وتضغطين على جرحك.. يكفي أنك ستتحركين كثيرا داخل المستشفى"..

أجبته بصدق: "المناوبة المسائية تكون أهدأ كثيرا.. ولهذا وضعني مسؤول المناوبات بها حتى أرتاح بأكبر قدر ولا أضطر لبذل مجهود حركي كبير"..

رد بنبرة آمرة: "ومع ذلك ستهتمين لصحتك وتراقبين وضعك.. وإذا شعرت بالألم ستتصلين بي كي نستشير طبيبك كما أخبرنا"..

لم أتمالك نفسي وعلت ضحكاتي، فرفع حاجبه مندهشا.. فقلت من بين ضحكاتي: "بالله عليك.. كيف أكون في المستشفى وسط لفيف من أمهر الأطباء في المنطقة العربية كلها، وأتوجه لطبيب آخر عندما أشعر بالألم.. أنت لم تعرف بالتقريع الذي نالني من أساتذتي بعد أن علموا بإصابتي وبخضوعي للجراحة في مشفى خاص..".

ناظرني حازم بدهشة وعدم اقتناع، ثم قال على مضض: "لا بأس.. فقط اعتني بنفسك ولا تبذلي مجهودا زائدا.. والآن استعدي لنخرج ونتنزه قليلا.. ارتدي شيئا مريحا"..

بعد حوالي ساعة، كنت قد بدلت ملابسي الرياضية المنزلية المريحة إلى فستان ربيعي فضفاض من الحرير الأبيض المطبوع بزخارف عربية عند الصدر والذيل والمعصمين بدرجات العسلي والبني والأزرق الفاتح والداكن، والذي يتزين عند الخصر بحزام مزخرف، أما حازم فقد اختار سروالا من الجينز الأزرق الداكن مع قميص "بولو" عصري بأكمام طويلة وبدون أزرار باللون البيج الرملي..

عندما تحركنا بالسيارة، فتح حازم مسجل السيارة ليصدح حولنا صوت كاظم الساهر بأغنيته الشهيرة "أراضي خدودها"، ثم بدأ حازم بالغناء معه بصوت خافت ومزاج رائق، وهو يعزف بأنامله على عجلة القيادة وعلى وجهه ترتسم ابتسامة واسعة..

يبدو وكأنه بالفعل قد تخلص من عبء كبير فيما يخص جذوره العائلية، ولكنني مازلت أستشعر أنه مازال يرفض الحديث حول ما يمر به..

في النهاية، قررت أن ألتزم الصمت وأمنحه مساحته الخاصة حتى لا أضغط عليه.. لأتركه يقرر البوح متى يكون مستعدا..

انتهت الأغنية، ثم تلتها أغنية محمد حماقي "واحدة واحدة"، لكن حازم قاطع الأجواء المنعشة للأغنية حين سألني: "كيف تريدين قضاء الساعات التالية في أول موعد غرامي لنا؟"

ضحكة تلقائية غادرتني لتملأ الأجواء فرحة غير مفسرة ولم يكن لديّ الوقت الكافي للتحليل والتفسير، فأخبرته بصدق: "أتعلم؟ لم أفكر أبدا في الطريقة التي أريد بها قضاء موعد غرامي.. أقصد أنني لم أتخيل أن أقوم بشيء محدد لأشعر بالسعادة مع شريكي .. فقط فكرت أنه إذا كان هذا الشريك هو الشخص المناسب لي، فإن هذا الموعد سيكون مثاليا وسيصبح وقتا استثنائيا لا يُنسى أيا كان النشاط الذي سيجمعنا خلاله أو المكان الذي سنتواجد به.. يكفي أن يأنس أحدنا بالآخر ويشعر معه بالاكتفاء".

طالعني حازم بنظرة طويلة دون أن ينطق بكلمة، فتملكني الحرج من نظراته المتفحصة بجرأة غير متحفظة لمعت لها مقلتاه فتحركت منهما ذبذبات كهربية أثارت توترا لذيذا في الأجوا، قطعه هو عندما عاد للتركيز في القيادة وهو يضيّق حاجبيه مفكرا حتى بدا وكأنه يحاول أن يستشف ما الشيء الذي يمكن أن يكون سببا في تحويل الساعات المقبلة لوقت خاص استثنائي لكلينا..

هنا قررت أن أفتح قلبي قليلا لمساعدته، فقاطعت سيل أفكاره قائلة: "أما بالنسبة للخروجات نفسها، فإن لدي بالطبع الكثير من الأمنيات المؤجلة، ولكن حظي أنني طالبة نهائي طب عالقة في الأمتار الأخيرة قبل التخرج، ويجب أن أعوّض كل التراخي الذي أصابني الأسابيع الماضية إذا كنت أريد أن ألحق وأحصل على شهادتي مع نفس دفعتي.. لذا أقترح أن نؤجل بعضا من تلك الاحلام حتى ما بعد التخرج"..

تلوّن وجه حازم بابتسامة واسعة لم أستطع تفسيرها، فسألته بدهشة: " ما سر بهجتك المفاجئة؟"..

زفر بحبور واسترخاء، ثم قال بصوت ضاحك: "كنتِ دائما تهددينني أنكِ بعد التخرج ستحصلين على الطلاق.. الآن تتحدثين عن تأجيل تنفيذ أحلامنا الرومانسية لما بعد التخرج.. انظري كيف تغير العالم!!".

كلماته أصابتني بحالة من الدهشة المشوبة بالخجل، فعجز رأسي عن الإتيان بأي تعليق مناسب بعد أن افتضح أمري بسبب انطلاق لساني بالحديث بلا مرشح، فلما استشعر هو ارتباكي، قرر أن يتصرف برأفة وكياسة، وقال ممازحا: "لا بأس.. أظنني أستطيع تدبر الأمر حتى بعد التخرج، ولكن اليوم استثنائي فلا تعارضي.. لا تنسي أنكِ مازلت في مرحلة الاستشفاء والتعافي، ورغم ذلك ستذهبين للعمل من جديد، ولهذا تقع عليّ مسئولية شحن طاقتكِ بصفتي زوجك".. ثم تحرك بالسيارة بنفس حالتة المزاجية المرحة التي تسيطر عليه منذ الصباح..

في البداية، توجنا إلى إحدى المقاهي الثقافية العتيقة في قلب القاهرة، والمعروفة بأنها مقصد شباب المبدعين من الرسامين والنحاتين عموما..

أخذنا نتناول المثلجات المنعشة، إلى أن لمح حازم أحد الشباب يمسك بكراسة رسم ضخمة وينشغل برسم شخصيات كارتونية طريفة على صفحاتها بتمكن واحترافية وسرعة مذهلة..

قام حازم من مقعده، وتوجه إليه ثم حادثه قليلا بخفوت، وبعدها عاد وبرفقته الشاب الذي انضم إلينا على طاولتنا، وبعد أن تعارفنا، قال حازم: "لقد طلبت من الفنان الشاب ياسين سلامة أن يقوم برسمنا معا في لوحة كاريكاتيرية، فاستعدي يازوجتي"..

ارتبكت قليلا بسبب الفكرة المجنونة التي طرأت على ذهن زوجي، والذي تجرأ لأول مرة على القيام بتصرف عفوي علنا، فدخل هو معي في محادثة قصيرة أذابت التوتر الذي ساد الأجواء، فعدت لتناول المثلجات بعفوية وتبادل الحديث مع زوجي، إلى أن انتهت اللوحة التي كانت طريفة ومبهجة بألوانها الصاخبة وتعبيراتنا المضحكة التي فرضت نفسها على تفاصيلها..

يبدو أن حازم قرر الاحتفاظ بذكرى هذا اليوم من خلال تلك اللوحة البسيطة التي تشكّل دليلا آخر على تكاملنا معا ككيان واحد لزوجين يتلمسان طريقهما نحو الاستقرار .. والحب..

بعدها، تحركنا للتنزه على جسر قصر النيل قبل أن يصطحبني حازم لتناول الغداء في المطعم الدوار أعلى برج القاهرة لنشاهد المدينة بأكملها ونحن نتناول طعامنا..

كان المنظر رائعا، ولكن رغما عني كانت ذكريات امتلاء الميدان بالمتظاهرين تظهر أمام عينيّ كصور مضيئة للحظات فريدة غلفتها نسائم الحرية..

بعد أن استشعر حازم تسلل الإجهاد إليّ، أصر على إعادتنا للبيت لكي أستريح قليلا قبل أن يصطحبني لمناوبتي المسائية.. وذلك بعد أن اشتري لي باقة ضخمة من زهور الجاردينيا ودمية قطنية على شكل قطة بيضاء عيونها زرقاء تموء بدلال كلما ضغطنا على جبهتها..


يتبع في الصفحة التالية


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس