عرض مشاركة واحدة
قديم 09-10-21, 07:34 PM   #848

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
:sss4: الفصل الحادي والثلاثون - القسم الخامس

تناولت كلتانا الغداء برفقة ماما سناء فقط، لأن كلا من حازم كانا بالخارج.. وبعدها، صعدنا سويا للحديقة العلوية، فاستقرت حنان على إحدى الوسائد الأرضية المنتفخة المنتشرة أسفل التعريشة، فاتخذت لنفسي مجلسا أعلى واحدة أخرى إلى جوارها، واستسلمنا للصمت لفترة من الوقت..

حين شعرت بازدياد التوتر في الأجواء، حادثتها منفعلة قاطعة الصمت الحانق: "حنان.. تماسكي.. لا تخشي شيئا.. لا يمكنه أن يفعل أي شيء خاصة بعد أن علم أن الشرطة قد أصبحت طرفا في الأمر.. لن يستطيع المغامرة الآن، وسيتوقف عن معاملتك كلقمة سائغة وسيفكر ألف مرة قبل أن يؤذيك بأي شكل".

زفرت حنان بإرهاق، ثم وضعت يديها على جبينها، وكأنها تخنق الأفكار المتلاحقة بداخل رأسها حتى تحصل على بعض السلام، ثم قالت: "هذا إن كان طبيعيا.. لكن عندما يقدم أحدهم على ابتزازك واتهامك باتهامات متعلقة بالشرف، فإنه لن يهتم بما قد يحدث لاحقا.. خاصة إذا كانت الشرطة في طريقها لكشف هويته والقبض عليه.. لن يكون لديه شيء ليخسره وسيغامر بكل ما لديه من أجل تحقيق انتصار واهٍ"..

كانت وجهة نظر حنان مقنعة بدرجة ما، فلم يمكنني مجادلتها، خاصة وأنا أشاطرها القلق وأشعر أنني قد فشلت حتى في كتمانه.. فسقطت كلتانا في بئر راكدة من الصمت..

بعد قليل، ارتفع رنين هاتفينا معا معلنا وصول إشعارات برسائل جديدة عبر تطبيق (واتساب)..
رفعت كل واحدة منا نظرها للأخرى، ثم أسقطت نظرها مجددا تجاه هاتفها بقلق.. ضغطنا معا على زر فتح الشاشة، لتتعالى شهقاتنا معا..

كانت كلا منا قد وصلتها رسالة من إحدى زميلاتنا بالدفعة من عاشقات النميمة، وكانت تلك الرسالة تحتوي على رابط لمنشور على المجموعة الخاصة بالدفعة عبر تطبيق (فيسبوك) والمعنونة باسم (تجمع أطباء كلية طب القصر العيني – دفعة 2011)..

عندما دخلت على الرابط، نقلني مباشرة للمنشور الذي ظهرت فيه صورتين لفتاة ترتدي تنورة عسلية قصيرة مع بلوزة شفافة بنفس اللون، وساقاها مزينتان بالحناء وشعرها الأسود المجعد مفرود على ظهرها، بينما كانت عينيها مغطتين بشريط أسود عريض أخفى نصف ملامح وجهها بحيث يصعب التعرف على ملامحها، لكن بالطبع من يعرف صاحبة الصورة مسبقا، سيدرك أنها.. حنان..

كان المنشور معنونا باسم (طالبات طب القصر العيني.. طبيبات نهارا وليلا بائعات للهوى بالحفلات الماجنة)..
تُرى كم عدد من وصلهم هذا الرابط من زملائنا؟

قبل أن تستفيق حنان من صدمتها، جاءها صوت تنبيه وصول رسالة على هاتفها.. وبعد أن طالعتها، رمت حنان هاتفها وظلت تصرخ بهيستيريا، فأمسكتُ الهاتف لكي أستكشف الكارثة الجديدة التي حلت بنا، فوجدت الرسالة من نفس الرقم الذي يستخدمه الحقير الذي يبتزها، وجاء فيها: "إذا لم تتعقلي وتسحبي شكواكِ للشرطة، سأقوم المرة المقبلة بنشر الصور بدون الشريطة السوداء.. ليرى الجميع وجهك البريء الفاجر.. وانتظري مني مكالمة أخرى تنفذين فيها كل ما سأطلبه منك يا.. دكتوورة"..

حين نظرت لحنان، كانت عيناها قد جحظتا بهلع وفقد صوتها قدرته على الصراخ، ثم سقطت فاقدة للوعي، فرميت الهاتف واحتضنتها بين ذراعي وأنا أحاول أن أجعلها تستفيق بالربت على وجنتها برفق وتدليك صدرها بحركات دائرية خفيفة..

حين استعادت حنان وعيها من جديد، جرت مسرعة نحو الحمام الصغير في نهاية الحديقة، فتبعتها لأجدها منحنية على الحوض تفرغ ما في معدتها..

أخذت أربت على ظهرها برفق، حتى انتهت وسحبت بعض المحارم الورقية ومسحت فمها، ثم قالت بصوت ضعيف متخاذل: "يــــ..ـــــجب أن.. أعود.. للــــ..ــــــمنزل"..

أمسكت يديها بقوة، وقلت بحزم: "لن تتحركي من هنا قبل أن نفكر بهدوء.. انتظري لكي أتصل بخالد وأخبره بما حدث"..

سحبتها من يدها لتتحرك خلفي، وأجلستها على الأريكة المتأرجحة، ثم تحركتُ لجمع الهاتفين من أرضية الحديقة، وعدت إليها بخطوات مضطربة، ثم تنهدت بقوة، وضغطت على رقم خالد الذي رد فورا وقال: "أهلا شروق.. هل من جديد؟"..

أجبته بعجلة: "أجل. أجل.. لقد اتصل هذا الحقير بحنان منذ قليل، وهددها بأنه سيعاقبها لأنه اكتشف أن هناك قوة من الشرطة جاءت للمستشفى بغرض التحقيق حول حادث السرقة، ثم.. ثم.. نشر صورتين لها عبر المجموعة الخاصة بدفعتنا على موقع (فيسبوك) ولكنه حجب وجهها بأشرطة سوداء عريضة".

صاح خالد بغضب: "ماذا؟ الوغد.. لا بأس يا شروق.. شاركيني الرابط وأنا سأتصرف.. أظن أن الأمور صارت أسهل من هنا.. هل هناك المزيد تريدين مشاركته معي قبل أن أغلق؟".

أجبت بتردد: "نعم.. حين كنا داخل الاستراحة، سمعت فتاتين تتحدثان عن فني الكهرباء الذي كان يحوم حول المبنى خلال الفترة الأخيرة.. ربما يكون.. مشتبها به.. لا أدري"..

رد خالد: "معلومة مهمة.. سنتتبعها.. لا تقلقي.. وأخبري حنان ألا تقلق.. لقد اقتربنا بالفعل.. رغم أنني غاضب بشدة من تصرف هذا الحيوان المبتز.. لكن ما فعله برعونة جاء في مصلحتنا.. الآن سنمسك به أسرع مما تخيلنا، حيث سنتتبع عنوان بروتوكول الإنترنت، فهو المعرف الرقمي لأي جهاز، وهكذا سنعرف من أين ولج على الإنترنت لكي ينشر منشوره، ثم سنقبض عليه وسنحرك ضده عدة قضايا ستجعله يقضي ما تبقى من حياته نادما على حماقته وخسته".

حين أغلقت الهاتف مع خالد، قلت لحنان بسعادة: "أبشري يا حنان.. لقد أخبرني خالد لتوه أنهم سيتتبعون الـ IP address‏ الخاص بالجهاز الذي استخدمه ذلك الوغد، وبعدها سيقبضون عليه فورا.. لقد انتهى كل شيء تقريبا، فلا تجزعي"..

همست حنان بكلمات غير مفهومة لم أستطع تفسيرها، لكن وجهها كان مغلفا بطبقة كثيفة من القنوط واليأس، فاقتربت منها واحتضنتها، فرمت هي رأسها على كتفي، وأخذت تنشج بصوت خافض.. تبكي كبريائها وكرامتها وشرفها الذي انتهكه هذا الحقير..

۞۞۞۞۞۞۞۞۞

لا أعلم كم طالت جلستنا هكذا في الحديقة، لكن حين مر الغروب ثم حل الظلام، كنا مازلنا جالستين تتمسك كلا منا بالأخرى تحتضنها، هي تتلمس مني الطمأنينة والأمان، وأنا أمنحها الدفء والدعم، قبل أن يقتحم شرنقتنا الهشة صوتان.. الأول بالطبع لزوجي.. أما الثاني فكان لذلك القلق عصبي المزاج، والذي تلون صوته الآن بدرجة مختلفة من الخوف..

على الأرجح كان منظرنا ونحن ملتصقتان إحدانا بالأخرى هكذا، مفزعا لحسام الذي أبعدت حنان نفسها عنه منذ بدأت أزمتها..

أخذ حازم يرحب بحنان بصوت لطيف، أما حسام فبدأ يصرخ هادرا: "كيف تتجنبينني كل تلك الفترة؟"

ارتجفت حنان خوفا بين ذراعيّ من نبرته القاسية، فنهرتُه بنظرة محتدة حين تلاقت أعيننا، فشتم هو بخفوت، ثم قال بنبرة أكثر تماسكا ورزانة: "أعتذر على رفع صوتي بهذه الطريقة، ولكنني أشعر أنني مغيب أو مقصي بقصد.. ولا أحب هذا الشعور مطلقا.. ليس من حقك يا حنان أن تبعدي نفسك عني بهذه الطريقة.. للصداقة حقوق.. ألا تعلمين؟"

رفعت حنان وجهها بحدة، ثم أغمضت عينيها لثوان، وكأنها تعد نفسه لما ستقوله..

بعدها، حولت وجهها لتنظر لحسام بقسوة، وهي تقول بنبرة ميتة: "وأنا أعفيك من آية واجبات تخص تلك الصداقة.. لقد انتهت.. فلتهدأ نفسك الآن"

ابتسم حسام بسخافة، أما عينيه فقد التمعتا بجنون، لكن نبرة صوته جاءت هادئة ساخرة وهو يقول: "ومن قرر هذا؟ سيادتك؟"

ردت حنان بحنق طفولي، وهي تزم شفتيها: "نعم.. سيادتي"، فابتسم حسام مجددا، ولكن هذه المرة ارتخى فكيه وهدأت نظراته المجنونة، وقال: "وأنا أقول لسيادتك أن رأي سيادتك في هذا الشأن تحديدا غير ذي قيمة.. أي انقعيه في كوب من الماء، ثم اشربيه.. سيادتك.. لأنه لا يسري عليّ ولن أنفذه.. أي قرار أحادي الجانب لم نتفق عليه سويا هو غير ملزم لي، ولهذا أخبرك أن صداقتنا مستمرة رغما عن أنف سيادتك.. فلا تتفوهي بتلك الحماقات مجددا.. سيادتك"..

كان حازم يقف خلف أخيه، وابتسامة متسلية مرتسمة على شفتيه وهو يشاهد أخاه يهدر بكلماته الجنونية بنبرة متهكمة، رغم أن عينيه كانتا تموجان بغضب عنيف يخنقه بداخله..

على الأرجح، خالد قد أخبره بأحدث التطورات بالفعل، وهذا يعني أن حسام أيضا......
رباه..

هذه المرة، كنت أنا من ارتجفت بفعل الارتباك من رد فعل حسام المحتمل، لكنه لم يكن ينظر لي من الأساس، بل كانت عيناه تمسحان ملامح حنان المتألمة المجهدة بقلق، ولكن دون اتهام أو نفور.. وهذا أمر.. جيد..

أليس كذلك؟

انتبهت على صوت حازم وهو يقول بنبرة واضحة النبرات لا تحتمل المجادلة: "شروق.. تعالي.. أريد أن أحدثكِ بأمرٍ"، ومنحني نظرة محفزة وبإشارة خاصة فهمت أنه يريدني أن أبتعد عن حنان قليلا، كي يفسح المجال لحسام للحديث معها بدون مشاهدين..

حين شرعت في النهوض، شددت حنان قبضتيها حول ذراعيّ، وهي تهمس بقلق: "لا تنهضي.. لا تتركيني"، فقلت بكلمات هامسة لم تصل لمسامع الشابين الذين يتفحصانا بنظرات مراقبة من علٍ: "حنان.. لا تقلقي.. كوني قوية.. أنتِ لم تفعلي شيئا خطأ.. لا تخشي من أحد ولا يحق لأحدٍ أن ينظر لك بدونية.. عليكِ أن تظهري تماسكك في أي موقف ضعف ولا تسمحي لأحد أن يرى انهيارك أو يستغل لحظات توترك.. وحسام هذا الذي تخشين مواجهته كان يعيش في عذاب الأيام الماضية.. وأظن أن من حقه فعلا أن تسمحي له بالحديث معك قليلا، وإذا لم يعجبك كلامه.. اطرديه وأنا سأقف بجانبك"، ثم نهضت قبل أن تتمسك بجلوسي إلى جوارها، وتوجهت مع حازم إلى بقعة أخرى من الحديقة تبعد قليلا عن موضع جلوس حنان وحسام الذي استقر إلى جانبها على الأريكة..

كان حازم يريد الحديث فعلا على ما يبدو، لكنني زجرته وأنا أقرصه أعلى مرفقه هامسة: "اصمت قليلا.. أريد أن أستمع"..

شهق حازم بطريقة مفتعلة ثم قال بنبرة سخيفة هامسة: "هل تريدين التلصص عليهما يا شروق؟ هل يصح؟ هل يليق بكِ؟"

قرصته مرة أخرى، ثم قلت بنبرة هامسة: "ليس بدافع الفضول.. أريد أن أستمع لحديثهما كإجراء احترازي، كي أتدخل ف الوقت المناسب إذا كانت حنان بحاجة للمساندة.. لكنني أثق بحسام وبعقليته وتهذيبه.. من المؤكد أنه لن يقول شيئا مهينا بحقها"..

رفع حازم حاجبه مستنكرا، فضحكت بخفوت وتمتمت مدارية شعوري بالحرج: "معك حق.. يبدو أنه من الصعب أن أتخلص تماما من عادة التلصص.. والآن اسكت.. لا تتحدث"، وأشرت لفمي كعلامة غلق السحاب، فهز رأسه مطيعا في صمت..

كان حسام يقول لحنان: "هل ظننت أن تجنب الحديث معي والاختفاء بتلك الطريقة الغبية سيمنعني من معرفة ما تمرين به؟ لقد عرفت كل شيء يا حنان ومنذ اللحظة الأولى.. ولكنني احترمت رغبتك في ترك مسافة بيننا لأنني أردتك أن تستوعبي الصدمة.. ثم.. ثم تأتين إليّ ترمين همومك عليّ وتطلبين المساعدة والدعم.."..

سكت حسام قليلا وأخذ يزفر بانفعال، ثم تابع: لكنك بالطبع وضعت المتاريس بيننا وعاقبتِني بالتجاهل.. بل قررتِ لي بالنيابة عني ودون حتى أن تناقشيني أو تختبري مدى ولائي.. وكان قرارك خاطئا تماما ومخالفا لما كنت سأقوم به لو كان الأمر بيدي.. وهذه هي الحماقة بعينها".

أطرقت حنان رأسها، ولم تستطع أن تنبس بكلمة وهي تنشج بألم، غير قادرة على مواجهته والنظر في عينيه، فصاح حسام بنبرة قوية بعد أن أحكم لجام غضبه من جديد: "انظري إليّ.. هيا.. ارفعي رأسكِ وانظري إليّ".

رفعت حنان رأسها ببطء تطالعه بنظرات واهنة، ثم همست بصوت خفيض بالكاد وصل إليَ: "كنت قلقة جدا ومضطربة، وأشعر بالضياع والخذلان.. ما حدث مهين جدا.. لم أتصور أن أمر بمثل هذا الموقف في حياتي.. لقد ظننت أن الالتزام الأخلاقي والديني سيحصنني من تلك المواقف.. ماذا برأيك يمكن أن يحدث إذا تعرف أحد زملائي أو أساتذتي على ملامحي من خلال الصور المموهة المتداولة عبر منصات التواصل الاجتماعي ؟ هل تعلم ما الذي يمكن أن يحدث لو وصل الأمر لعائلتي في الجنوب؟ خاصة بعد أن.. لا أستبعد أبدا أن يحرموني من إكمال تعليمي ويجبروني على الزواج بشكل مهين وذليل ليضيع حلمي وحلم المرحوم أبي، وهذا أقل عقاب ممكن في عرفنا.. إن لم يصل الأمر بأحدهم لأن يقرر في لحظة حميّة هوجاء حماية شرف العائلة بقتلي".

بدا على حسام التحفز الشديد والغضب مما قالته حنان، وبينما شرع في الرد، قالت حنان بعنف: "اسمع يا حسام.. منذ البداية كنت أشعر أنني لا أليق بك فلا تفكر حتى فيما أنت مقدم على قوله.. لتنس الأمر فقط.. لنعد غريبين كما كنا قبل أشهر.. فهذا أفضل لكلينا".

كنت على وشك النهوض لكي أضع بنفسي بعض التعقل في رأس تلك الخرقاء المستسلمة، لكن حازم قبض على مرفقي بشدة، ثم أشار بعينيه رافضا السماح لي بالتحرك من مكاني، ثم بدأ يربت بأصابعه على ذراعي كي أهدأ، حتى استكنت بجانبه وأنا أصغي السمع من جديد..

نهض حسام من جلسته إلى جوارها، وتحرك يمنة ويسرى بغضب، ثم صاح منفعلا: "لا تخبريني ما يجب أن أقوله وما لا أقوله.. سأتركك الآن لأن أعصابك متوترة.. ولكن لنا حديث آخر بعد أن تهدئي.. تأكدي من هذا.. والآن، هيا لنعيدك للمنزل.. هيا يا حازم نحن جاهزان"..

نهضتُ أنا وحازم مسرعين، ثم تحركنا الخطوات القليلة التي تفصلنا عن حسام وحنان، حين سألتنا الأخيرة بغباء: "جاهزان لماذا؟"، فرد حسام بابتسامة سخيفة: "لكي نوصلك لمنزلك بالطبع.. فأنا سأرافقكم الليلة بالسيارة".

زفرت حنان بضيق ولم تعقل، مدركة أن أي جدال مع حسام في حالته تلك لن يكون ذا فائدة..

كانت رحلة توصيل حنان إلى منزلها غريبة ومشحونة بالتوتر، حيث التزم أربعتنا الصمت تماما، وبينما كانت حنان تستند برأسها على كتفي في المقعد الخلفي للسيارة، كان حازم منشغلا بقيادة السيارة بينما كان حسام يراقبنا من وقتٍ لآخر من خلال المرآة الأمامية وبعينيه تطل مئات الكلمات التي يحتجزها داخل صدره بصعوبة شديدة فلا تمر بحنجرته التي اختنقت بكل ما يعتمل بداخله، فأخذ يكتفي بمتابعة حالة تلك المنهارة بجانبي عن بعد..

وحين عدنا للمنزل، أشار لي حازم بالصعود إلى غرفتنا، معلنا أنه سيصعد برفقة حسام للحديقة العلوية وسيسهران حتى بزوغ الفجر..

كنت أظن أن تلك الليلة ستنتهي بكل صدماتها ليكون الغد مشرقا خاليا من العواصف... ولكن الأزمات لا تأتي فرادى..


يتبع


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس