عرض مشاركة واحدة
قديم 09-10-21, 07:38 PM   #849

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
Rewitysmile17 الفصل الحادي والثلاثون - القسم السادس

في الصباح، توجهت للمستشفى وأنا في قمة الإجهاد.. كانت النقطة الإيجابية الوحيدة التي أتطلع لها اليوم هي نهاية المناوبة لأن غدا الجمعة، وسيكون عطلة رسمية.. وسأنام كما أحتاج..

الليلة الماضية كان نومي مضطربا للغاية بسبب كل ما حدث، بالإضافة إلى غياب حازم عن الفراش حتى ما بعد بزوغ الفجر..

لسبب ما، نومه بجانبي كان يمنحني الطمأنينة والراحة.. ربما كان عقلي الباطن يربط بين مراقبته لي خلال فترة علاجي بعد واقعة الخامس والعشرين من يناير.. وبين وجوده في محيطي والذي يبثني الأمان..

شبحي الذي لم يعد مرعبا.. بل أصبح حاميا وحارسا..

لا أدري متى تحديدا انقلبت الأمور هكذا، ولكنني أشعر نفسي الآن مستعدة للاعتراف له بالحب بشكل صريح رغم أنه لم يطلبها أبدا أو يلح عليّ لكي أطمئن قلبه بإعلان مشاعري تجاهه.. رغم أن عينيه تفضحانه وكأنه ينتظر كل لحظة ذلك الاعتراف..

لولا أن الوقت حاليا غير مناسب.. ربما.. قريبا..

حين وصلت لاستراحة الأطباء لكي أبدل ملابسي، كانت حنان هناك بالفعل بنفس هيئتها القلقة المضطربة وتركيزها المشوش تماما، فحفزتها لإتمام النصف الأول من المناوبة على أن نلتقي في فترة الراحة للغداء في المقصف..

مضى الوقت بطيئا، حتى جاء موعد الغداء، فذهبت للمقصف، ووجدت حنان تنتظرني بنفس الوجوم والشرود، حتى أن هاتفها أخذ يرن دون أن ترد..

حين نبهتها لكي ترد عليه، كان الرنين قد انتهى بالفعل، فتفحصت هي الشاشة بعدم اكتراث، ثم انتبهت حواسها تماما، وهمست بتساؤل: "هذا خالد"، فقلت بتحفز: "اطلبيه فورا"، ثم سحبتها لكي نتوجه إلى غرفة الاستراحة من جديد، وسارعت بغلق الباب كي نحظى ببعض الخصوصية قبل أن تأتي إحدى زميلاتنا لإلقاء التحية..

شرعت حنان في طلب رقم خالد، فأمسكت أنا الهاتف من يدها، ثم ضغطت على زر (مكبر الصوت)، فجاء صوت خالد مبتهجا يقول: "صباح الخير يا دكتورة.. أردت أن أزف لكِ البشرى بنفسي.. لقد ألقينا القبض على ذلك الوغد.. وهو الآن يخضع للتحقيق بغرض تحويله للنيابة.."..

قفزت أنا عدة مرات بابتهاج صريح، بينما تساءلت حنان بتردد: "إذًا ماذا سيحدث الآن؟".

رد خالد بظفر: "المجرم اسمه أشرف السيد مندور، وكان يعمل فني كهرباء في المستشفى، وقد اعترف بالفعل أنه من سرق هاتفك ثم قام بقرصنته بمساعدة صديق له.. وحين نشر.. احمم.. المنشور عبر المجموعة الخاصة بأطباء الدفعة، كان متواجدا وقتها في مقهى للانترنت بشارع القصر العيني، بالقرب من مقر مؤسسة (روز اليوسف) الصحفية.. وهذا ما جعلنا نتمكن من القبض عليه بسرعة، بعد التعرف على عنوان بروتوكول الانترنت الرقمي الخاص بالجهاز الذي ولج منه إلى موقع فيسبوك.. ذلك أن مدير المقهى يحتفظ دائما ببيانات رواده خاصة بعد أحداث ثورة يناير.. خوفا من وجود متورطين في نشر شائعات أو دعاة للعنف أو للتظاهرات الفئوية، وما قد يستتبعه من مساءلات قانونية لشخصه..".

زفر خالد بارتياح ثم أكمل: "المهم لأختصر الأمر.. كان ذلك الخطأ من جانبه عندما أنشأ حسابا وهميا لينضم للمجموعة هو فرصتنا الذهبية للقبض عليه بدون إطالة للبحث، ودون أن يتمكن هو من أخذ احتياطاته والهرب بعيدا عن منزله.. لقد أمسكت به القوة في المساء بالفعل، لكن التحقيق بدأ منذ قليل، وهذا الكلب تنتظره عدة قضايا وليست قضية واحدة.. فهناك السرقة والابتزاز والتشهير والقذف حتى أننا سنبحث وراءه لنرى ما إذا كان سلوكه هذا متسلسلا، ولديه ضحايا آخرين لكي تتسع الهوة أسفل قدميه ويتعفن في السجن لسنوات أطول".

زفرت أنا بارتياح، بينما قالت حنان بقنوط: "ما الفائدة؟.. لقد انتشرت الصور وحدثت الفضيحة"..

قاطعها خالد قائلا: "أولا الأمر ليس فضيحة لك.. أنت لم تفعلي شيئا خاطئا.. حتى أنك قمت بحذف الصور بعد تخزينها على وحدة تخزين منفصلة كما فهمت.. لكن ما حدث سوء حظ رافقه سوء نية من المجرم.. ثانيا.. الصور قد تم حذفها من المجموعة والرابط إليها قد تم حذفه تماما، وسيتأكد فريق تكنولوجيا المعلومات في الوزارة من عدم وجودها على أي خادم للمحتوى الإلكتروني.. كما تم التحفظ على الأجهزة التي يمتلكها المجرم وجاري القبض على شريكه، وسنتأكد من حذف تلك الصور من أي حسابات أو وحدات تخزين تخصهما، فلا تقلقي.. اعتبري الأمر منتهيا.. لن تظهر تلك الصور على شبكة الانترنت بعد الآن".

بعد نهاية المكالمة، احتضنتُ حنان بفرح، وأخبرتها أن تتوقف عن الشعور بالأسف لحالها، فالأمر قد مر وانتهى ويجب أن تتناساه تماما..

في نهاية المناوبة، كنت في الغرفة أجمع بعض المراجع من خزانتي بنية المذاكرة قليلا في الغد برغم الإجهاد الشديد الذي يلفني..

قبل أن أخرج للبحث عن حنان لكي نغادر، كانت هي قد اقتحمت الغرفة صارخة بجزع: "انجديني يا شروق.. مستقبلي سيتدمر"..

سألتها بفزع: "ماذا هناك؟ ماذا حدث؟"، فردت هي بقنوط: "سيحرمونني من استكمال تعليمي.. سأعود للبلدة..".

سألتها من جديد بقلق: "اشرحي يا حنان".. فردت هي باستسلام: "لقد تعبت.. تعبت"..

عانقتها بقوة وأخذت أربت على ظهرها لكي أخلصها من القلق العصبي، ثم قلت: "لا بأس.. لا بأس.. تعالي لنذهب لنجلس في مكان ما لكي نسترخي قليلا"..

ردت حنان بضيق: "لا أريد أن أخرج لمكان.. تعالي لنذهب لمنزلك".

قطعنا رحلتنا بالسيارة في صمت، استغلته حنان في الاسترخاء على مقعدها شبه غافية، غير أن النوم كان قد جافاها تماما على ما يبدو..

وحين وصلنا للمنزل، رفضت حنان أن تتناول الطعام، فقط طلبت الجلوس في هدوء أمام حوض السباحة حتى تتمكن من استجماع أفكارها أولا، فجلست لجوارها مستسلمة أمنحها مساحة خاصة آمنة حتى تصير مستعدة لكي تخرج ما في قلبها من أخبار سيئة مجددا..

جلسنا هكذا في صمت لنحو ساعة أو أكثر قليلا، ثم أخذت حنان تتحدث بهدوء، وكأنها تروي فيلما،
أو تحكي حكاية تخص فتاة أخرى، وليست هي نفسها صاحبتها التي تعاني من مسبباتها وآثارها حتى الآن، حيث قالت بنبرة هادئة: "اتصلت بي هيام ابنة عمي جمال تخبرني أن سماح ابنة عمي الأكبر الحج اسماعيل كبير العائلة قد أعلمته بالصورة المنشورة عبر المجموعة الخاصة بدفعتنا.. والآن عمي جمال سيأتي بنفسه ليحقق في الأمر ويعيدني للبلدة"..

قلت ببلاهة: "مهلا.. مهلا.. ماذا تقصدين؟ كيف علمت هيام تلك أو سماح بالأمر؟ وكيف وصلت للمجموعة على (فيسبوك)؟

زفرت حنان بغضب، واشتعلت عيناها بضيق لم أعهده بها من قبل، ثم شرحت بانفعال: "لا يا شروق.. هيام تلك الطيبة.. تعرفينها.. كنت أحدثك عنها أحيانا.. أما سماح فهي العقرب.. فالفتاة وضعتني في رأسها منذ أن دخلت كلية الطب، لأن والدها رفض إكمالها لتعليمها خارج المحافظة وأصر على أن تلتحق بمعهد قريب من القرية لكي تدرس فيه لسنتين فقط ثم تتزوج من أحد شباب العائلة بعد ذلك، فبدأت غيرتها مني بلا سبب.. رغم أنني والله العظيم لا أحاول إثارة غيظها أو مضايقتها ولا أعاملها بأي تعالٍ.. أنا حتى ألتزم بالمذاكرة داخل بيتنا عندما نتوجه للبلدة في العطلات الطويلة ولا أحضر الجلسات العائلية إلا فيما ندر"..

أشرت إليها لكي تكمل وأنا أخطط برأسي بالفعل عدة خطط لتعذيب وقتل سماح تلك، فالت حنان: "سماح انضمت للمجموعة مثل ذلك المجرم هشام تماما.. أي أنها أنشأت حسابا وهميا وذكرت في بياناتها الخاصة أنها طالبة بكلية الطب، وهو ما جعل المشرفين على المجموعة يقبلون عضويتها، لأنهم بالطبع لن يحصروا أكثر من ألف وخمسمائة طالب من المنضمين للكلية.. المهم هي شاهدت المنشور الملعون، ثم تصنعت البراءة في جلسة عائلية بالأمس تضم عمي وزوجته وأبناءهما، ثم عرضت المنشور وقالت بخبث (أليست هذه حنان؟) مما قلب الأجواء وجعل عمي يستشيط غضبا، حتى أنه كاد أن يركب القطار مساء ليكون هنا هذا الصباح".

سألتها بقلق: "وماذا حدث بعدها؟"، فردت حنان بضيق: "عمي اسماعيل هذا منفعل دائما وشخصيته شديدة العناد، ولكن نجح أبناؤه في تهدئته حتى أرسل في طلب عمي جمال.. هذا المستنير نوعا ما، فهو خريج جامعة الأزهر، ودرس هنا في العاصمة، على عكس عمي الأكبر الذي لم يخرج من بلدتنا إلا نادرا.. المهم.. حين ذهب إليه عمي جمال، أظهر له المنشور قبل أن يتم حذفه، وقال إن عليه أن يأتي للعاصمة اليوم لكي يصطحبني للقرية حتى يحقق معي ويعاقبني كما أستحق.. واتصلت هيام لتعلمني ما حدث وتخبرني أن والدها قد ركب القطار بالفعل في الصباح، وشارف على الوصول إلى المدينة كي يصطحبني للقرية.. وبالطبع سيكون أقل عقاب أستحقه هو منعي من استكمال تعليمي وتزويجي لأي شاب.. المصيبة أن.. ".

قاطعتها بسؤالي الذي هتفت به بقلق: "هل هناك مصيبة أكبر من ذلك؟"

أجابت حنان بيأس: "نعم.. المصيبة أنه لا أحد من شباب العائلتين أصبح يريد الزواج مني.. منذ التحاقي بالكلية، وهم يعزفون تماما عن طلب يدي.. لا أبناء أخوالي ولا أعمامي.. فهيام أخبرتني أن عمي اسماعيل جمع الشباب صباح اليوم يعرض عليهم الزواج مني دون أن يأتي على قصة المنشور الفاضح، لكنهم أعلنوا أنهم لا يريدون الزواج من طبيبة تفوقهم في التعليم والمكانة الاجتماعية، ولن تفلح في أن تكون ربة منزل تكتفي بالمكوث في المنزل ورعاية أطفالها.. بل سيكون عليها الالتزام بمواعيد عمل غير منتظمة تتضمن السهر والمبيت بالمشافي، وحتى السفر والتنقل بين المدن خاصة في فترة التكليف، وهذا امر غير مقبول بالنسبة لهم، حتى أن من ألمح بالموافقة يشترط إجباري على التوقف عن متابعة التعليم.. لكن عمي جمال تمسك بتنفيذ وصية أبي، فأخبره عمي اسماعيل أنه إذا ثبت أنني الفتاة التي يقصدها هذا المنشور، فإنه سيجبرني على عدم العودة للكلية مجددا"..

سألتها ببلاهة: "ولماذا لا تتزوجي أحد أبناء عمك جمال هذا؟ يبدو لي أقل ديكتاتورية وتمسكا بالتقاليد من عمك اسماعيل؟"

أجابت حنان بقنوط: "أولاد عمي جمال الذكور في عمر حمزة وأصغر منه.. فهو أنجب هيام وسهام، ثم أنجب أحمد ومحمد وحمود.. أما باقي شباب العائلة، فهم الأكبر عمرا والأكثر تشربا للتقاليد والتقيد بها".

قبل أن أعلق على كلامها، جاء صوت من الخلف يصيح بغضب: "اصمتا.. ما هذا الغباء؟".

التفتنا للخلف بذعر، لنجد حسام آتيا بخطوات مسرعة وهو يشد على عكازه، يتبعه حازم بنظرات محتدة، ولكنه التزم الصمت على عكس أخيه الذي بدا كحاوية ضخمة من الغاز على وشك الانفجار وافتعال كارثة..


يتبع


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس