عرض مشاركة واحدة
قديم 12-10-21, 11:07 PM   #6

Cigarno

كاتب في قسم قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 459381
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 85
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » Cigarno is on a distinguished road
افتراضي

الفصل الثاني : (نقطة تحول وشارة بداية)


ولكن سعد رفض رفضا قاطعا بمقايضة كهذه فانه لا يريد لابنه المهانة والمذلة فذهب من عند حرب بن ورد متحيرا تائها بما آلت له امور القوم و لا يدري ماذا يفعل حيث كان ابنه جالسا في السوق ينتظر عودة ابيه بخبر يسر الاثنين ولكنه رأى وجه ابيه كالحا ذهب الضياء منه فراح يجري اليه كما يفعل الابناء حين رؤية ابائهم فسأل ابيه عن الخبر فتغصب ابوه البسمة وطمئنه ان الامور آلت الى خير ولكن غالب كان فطنا حذقا استشعر من وجه ابيه عكس كلامه ولكنه لم يرد ان يلح عليه فتبسم ومشى مع ابيه لمنزلهم دون الرعي على غير عادتهم.

فلما وصلوا الى بيتهم ولم يتناولو غير شرب اللبن فغلب غالب النوم فغط بمنامه وظل والده يتفكر في امره جالسا في زاوية الحجرة المظلمة وفوق راسه قنديل لا يكاد ينير يتخافت ضوءه ويعود وسعد ثانيا ركبتيه وحدة واحدة نائمة والاخرى مرتفعه واضعا ذراعه فوق الركبة المرتفعة وكفه الاخر واضعه على راسه كمن يشكو صداع او الما في الاسنان وفي حلقة غصبة تكاد عروق رقبته تنفجر في كل مرة يبلع ريقه فيها والدموع تنهمل تارة وتجف تارة ولا يدري ماذا يعمل غدا.

وحينما اصبح الصبح قاموا في اول النهار سعد وابنه غالب وذهبوا للمرعى دون الابل فتعجب غالب من هذا الامر فقال

غالب: يا ابتي انرعى دون الناقتين؟

سعد: بل سنذهب لنحتطب فقد اصبحت رجلا واشتد ساعدك وان نور دربي الذي امشي فيه.

ففهم غالب ومشى مع والده يبحثون عن الحطب ولكنهم لم يجدوا غير الاعواد المتناثرة وبعد جد كبير بجمع تلك الاعواد حينما وضعوها على بعضها وجدوها صغيرة الحجم قليلة العدد لا تصلح الا للقدح وعادوا بها الى القرية يعرضونها على الناس ولم يجدوا من يشتري فيأيس سعد ولكنه يتحامل الاسى لاجل ابنه غالب وغالب يجاري ابوه فيما يريد ويدعي الجهل بالحال وكان يتالم لشدة وجد ابيه على ماهم فيه.

وباتو ليلتهم الثانية كما كانوا في الاولى وحينما اصبح الصبح ذهب سعد الى الناقتين وقد سحب واحدة منهم وكانت السليمة وابقى على العرجاء وذهب يطوف بها قائلا

سعد: من يشتري هذه الناقة انها حلوب حلو لبنها...

وظل يكرر التسويق للناقة على امل ان يشتريها احد وكان غالب يمشي خلف ابيه وقد تقطعت كبده حرقة لما رأى ابوه وصل به الحال لأن يبيع ناقته من اجل العيش فمر بهم رجل كان عند حرب بن ورد لنا دخل عليه سعد واسمه البراق بن ساعدة.

البراق بن ساعدة: يا سعد لو انك رضيت بما عرضه عليك حرب لما صرت الان تجرجر هذه الناقة الهزيلة وتعرضها على الناس واني لاظنها لا تباع ولو بنصف ثمن الناقة.

فلم يعره اهتماما سعد وظل يمشي ويردد كلامه، ولكن كلام البراق وقع في اذني غالب وزاد فضولا بان يعرف مالذي عرضه حرب بن ورد على ابيه، فمشى الاب والابن الى ان انتصفت الشمس كبد السماء فجلسا تحت شجرة يستظلان بها ويستريحان، فاستأذن غالب من ابيه بالذهاب الى البيت مدعيا انه نسي شيء يخصه وان يعود له سريعا فأذن له ابوه.

فانطلق غالب يتقصى البراق الى ان وجده في السوق يعاين بعض البضائع فكلمه وساله عن خبر ابيه وحرب بن ورد قائلا بعد ان حياه وعرفه بنفسه.

غالب: مالذي كان بين ابي وحرب بن ورد؟

البراق: ان ابوك استاذن حرب بان يرعى مع ابل بني غائلة ولكن حرب ابى ان يكون هذا الشيء دون مردود وكان المردود انت ان تعمل له كعماله وتاخذ نصف ما ياخذون ويرعى ابوك في المراعي القريبة مع ابل بني غائلة ولكن ابوك رفض هذا العرض وهاهو الان يجرجر هذه الناقة ويجرجرك معه وان كان للعمل عند حرب بن ورد ايسر لك وله من هذا الامر الذي لا طائل منه.

فلما سمع غالب ذلك الكلام شكرا البراق وعاد الى ابيه وكانت عيناه شاخصتان في الارض وقد دخلت رقبته في جسده وضم كتفيه الى صدره وهو يشنج بالبكاء من غير صوت وعاد الى ابيه فجلس بجوار ابيه وحينما رحب به ابوه وكلمه سمع تغير في صوته فعرف ان ابنه كان يبكي فقال.

سعد: وما يبكيك يا غالب فالرجال لا تبكي..

غالب: ليس من البكاء انما شربت شربة اختلط الهواء بها فذهب الماء في مجرى الهواء فاختنقت منها وتغير صوتي على اثرها.

فتبسم ابوه وعاود التسويق لناقته ولم يشتريها احد الى ان غربت الشمس وعاد الكل الى منازلهم ونام الجميع الا غالب وابوه فكان غالب ينتظر ان يغلب النوم ابيه وتربص الى ان نام سعد فانتهز الفرصة غالب وخرج من البيت في اخر منتصف الليل وذهب يجري الى بيت حرب بن ورد فاستقبله الخدم وطلب منهم ملاقاة حرب ولم يسمحوا له فقال لهم قولوا له اني رضيت العمل في عنده.

وهم في ذلك صدف ان حرب بن ورد كان في مجلس سمر مع حجر بن ثعلبة وكان عائدا للبيت فلقيه غالب فجلس على رجليه ومسك بطرف ثوبه وقال له.

غالب: يا سيدي انا غالب بن سعد الذي اتاك قبل حين وعرضت عليه المقايضة ودق رفضها وها انا اليوم اقبلها نيابة عنه فارجو ان تسمح لي بالعمل في ارض ومع عمالك وان يرعى ابي حول القرية وان تسمح له بان يساير رعيانك فيرشدوه للطريق فهو كفيف لا حول ولا قوة له واني لا احسن غير الرعي ان اردتني راعيا رعيت ابلك كما لو كانت لابي وسايرت ابي في رعيه وارجو ان لا ترد طلبي هذا

حرب بن ورد: يابني لم ارد منك الرعي في المراعي انما العمل في بيتي وحديقتي وان تسوس خيلي وتقوم باعمال داخل البيت لا تصلح لمن هو اكبر منك فان رأينا فيك مالم نرى في غيرك رقيناك واغدقنا عليك فهل انت راض بهذا.

غالب: اخادم تقصد؟

حرب بن ورد: اذاً ماذا؟

غالب: اذاً فارجو ان توافق على ان اذهب يوم في كل اسبوع للرعي مع ابي.

فوافق حرب على شرطه.

وحينما اصبح الصباح وقام الاب والابن اخبر غالب ابوه بما حصل فغضب ابوه منه غضبا شديدا فألح غالب عليه بان لا يغضب منه وانه لن يعمل كخادم(كذب على ابوه) وانما سيعمل على الرعي ولكن في مكان اخر وسمح لي ان ارعى معك يوم من كل اسبوع وان له اجرة ياخذها من حرب بن ورد بكل يوم، فاطرق ابوه رأسه راضيا بواقع لم يرده لابنه ولكن لا مناص فانهم بين امرين احلاهما مر.


Cigarno غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس