عرض مشاركة واحدة
قديم 16-10-21, 09:33 PM   #171

روز علي
 
الصورة الرمزية روز علي

? العضوٌ??? » 478593
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 720
?  نُقآطِيْ » روز علي is on a distinguished road
افتراضي الفصل السابع والعشرون


الفصل السابع والعشرون.........
كان يسير لداخل الجناح باندفاع وهو يتجه مباشرة لغرفة النوم بخطوات واسعة وبنظرات نارية ما تزال تهفو لارتشاف المزيد من عروسه الاسطورية القابعة بعرش مملكته بعد ان اصبحت جزء حصري من ممتلكاته الخاصة...وهذه المرة بدون اي عوائق او فواصل مزعجة تبعده عنها اكثر بعد ان وصل به الصبر لمنتهاه وتملكت به الرغبة المجنونة وبعد انتظار دام طويلا...وكل ما يفكر به فقط هو ان يمتلك كل شيء بتلك الألماسة الجميلة ويكتسح عالمها الجليدي بجنونه .

فتح باب الغرفة بقوة ليتوقف لبرهة وهو يوزع نظراته بأنحاء المكان بلمحة خاطفة...ليلتقطها جالسة فوق طرف السرير كما تركها تماما بدون ان تتزحزح من مكانها وهي ساكنة بجمود مثل التمثال المنحوت بأفخر انواع الرخام وبصمت دائما ما يحاوط عالمها وبأجمل صورة قد تخطر على بال احد .

تنفس بهدوء وهو يحاول العودة لملامح البرود بعد ان بعثرته بلحظة بنيرانه الملتهبة بداخله فقط من مرآها وبمشاعر لم يشعر بها من قبل سوى بوجود ذلك الكائن الصخري بمدار نظره ، بدون ان يعلم ما يثيره من اضطرابات وهو يعيث دمارا بداخل صاحب الناظر له !

تقدم من فوره عدة خطوات جامدة بلحظات قبل ان يتوقف امامها تماما وهي ما تزال منكسة الرأس بدون اي حركة ، ليقول بعدها بابتسامة باردة اعتلت محياه بلحظة
"رائع ! ارى جيدا مدى اخلاصك لزوجك ببقائك بمكانك كما تركتك ؟ وهذا لطف منكِ ان تنتظري عودتي لنكمل ما بدأناه......"

قاطعه الصوت البارد بدون ان ترفع رأسها نحوه وصله ببرودة جليدية
"اين كنت ؟"

عبست زاوية من شفتيه بوجوم بدون ان يفهم نبرة البرود والتي تخللت بصوتها بسؤالها المختصر الواضح بدون اي مقدمات ؟ ليعض بعدها على طرف شفتيه وهو يجلي تفكيره بعيدا هامسا بعدم مبالاة
"وهل هذا الوقت المناسب لمثل هذه الأسئلة ؟ عليكِ ان تفكري بما علينا فعله الآن ! وليس بما كنت افعله"

عاودت الكلام بنفس الجمود وهي تكرر السؤال بجفاء جاد
"اين كنت يا شادي ؟"

تجمدت ملامحه لوهلة وهو ما يزال يتأمل قمة رأسها بهدوء وبعد ان اختفى قناع البرود عن ملامحه ، ليقول بعدها باقتضاب وهو يدس يديه بجيبي بنطاله بقوة
"لقد كان هناك بعض المشاكل ومعاملات كان عليّ انهاءها بالنسبة لمدة إقامتنا هنا ، وهو ليس بالشيء المهم لتفكري به هكذا"

صمتت قليلا قبل ان تهمس بخفوت اشد
"حقا !"

عقد حاجبيه بضيق للحظات قبل ان يزفر انفاسه بحدة وهو يجيبها هامسا بتأكيد
"اجل حقا ، هل ارتحتِ الآن ؟"

مرت لحظات اطول بينهما قبل ان تعود للهمس بجمود اقرب للازدراء
"إذا كان هذا حقا كلامك ! إذاً لما اسرعت بالخروج ما ان وصلك الاتصال بالنسبة لموضوع تافه مثل حل بعض المعاملات لا يحتاج لكل هذا الاندفاع ؟ وكأنها مكالمة مهمة جدا تخص اشخاص مهمين بحياتك لم تتخلص من وجودهم بعد كل شيء !"

ارتفع حاجبيه ببطء شديد قبل ان تحتد ملامحه بلحظة وهو يهمس بخفوت متصلب بدون ان يفكر كثيرا بتحليل كلامها الاخير
"هل هذا الذي اسمعه تحقيق من زوجتي ؟ هل تريدين لعب دور المحقق معي ببداية مسيرة حياتنا والتي لم تبدأ بعد وبأول ليلة لنا ؟ كان عليكِ الانتظار قليلا بعد ليلتين على الأقل وبعد ان نكون قد شبعنا من شهر عسلنا قبل ان يبدأ نكد الزوجات !"

شعر بتنفسها الحاد يزيد من برودة الاجواء بينهما بصقيع هدوئها ، قبل ان ترفع رأسها بلحظة بصمت لتهمس له بشبه ابتسامة ساخرة بغرابة بعثت الشك بكيانه
"ولما لا احقق معك من الآن ؟ أليس من الأفضل معرفة كل شيء عن بعضنا قبل ان نبدأ حياتنا الجديدة ولكي لا يكون هناك اي خلاف او سوء فهم قد يحدث بيننا مستقبلا ! فمن يعلم قد يكون هناك خفايا لم نكتشفها عن بعضنا بعد بخضم زواجنا السريع والذي حدث بغفلة عنا ؟ وهذا هو الوقت الأنسب لنكتشف به كل ما هو مستور مخبئ بيننا"

ارتفع حاجب واحد بارتباك لوهلة بدون ان يتبين جيدا مقصدها من كل هذا ومناسبة هذا الكلام المفاجئ والذي تبدي اهتماما به لأول مرة ؟ ليحرك بعدها عينيه جانبا وهو يتمتم بجفاء
"هل هذا ضروري الآن ؟ فأنا ارى بأننا نعرف بعضنا بالقدر الكافي والذي يدفعنا لنبدأ حياتنا بدون اي مشاكل ! وبدون اي داعي لكل هذه الطقوس !"

جمدت ملامحها بصمت وهي تتمتم بتصميم مريب
"هذا بالنسبة لك يا شادي الفكهاني ! ولكن ماذا عني انا ؟ وانا التي لا اعرف اي شيء عنك بخصوص حياتك الشخصية سوى اسمك ومكان عملك !"

عاد بنظره لها بلمح البصر وهو يضيق عينيه بجمود اخترقت هالة نظراتها الجليدية بلحظة ارتعشت معها عضلات وجهها لا شعوريا ! لتسكن بمكانها لوهلة ما ان قال بابتسامة صغيرة نفضت هالة الجمود عنه وكأن شيء لم يكن
"إلى ماذا تريدين ان تصلي يا زوجتي العزيزة ؟ وما هو الذي اخفيه عنكِ وتريدين معرفته بحياتي بهذه الشدة ؟ فأنا لا اتذكر بأني قد اخفيت عنكِ شيئاً قيماً حدث بحياتي !"

عضت على طرف شفتيها بغضب مرتعش بدأ يسري على طول اطرافها ما يزال تأثيره موشوم على مفاصلها القاسية ، لتهمس بعدها من بين اسنانها المطبقة بحدة مطمورة بدأت تغذيها بالحقد
"انا اقصد علاقاتك الماضية والتي سبقت تعرفك عليّ ؟ وكل من كان يربط بك بصلة ؟"

اتسعت عينيه قليلا وهو يهمس بدهشة منفعلة
"ماذا ! كيف تسألين مثل هذا السؤال ؟ تعلمين جيدا بأن بكل حياة رجل هناك علاقات سابقة غير جديرة بالذكر ، لذا لما نعود لفتح مثل هذه القصص القديمة ونتعب انفسنا بالتفكير بها بما انها قد اصبحت من الماضي وتوارى عليها الزمن !"

اتسعت ابتسامتها بسخرية وهي تهمس بعيون متسعة بحدة بدون اي مرح
"هل تقصد بأنك كنت تملك علاقات كثيرة فيما مضى ؟ وهل كانت تضم جميع الفتيات وكل من كنت تقابلها بحياتك ؟"

حدق بعينيها للحظات بتواصل صامت لتعبس ملامحه بوجهها وهو يميل امامها ببطء ليتبعها بالهمس بصوت اجش عميق
"وماذا يعني هذا ! لقد كانت مجرد علاقات عابرة ولم تكن مهمة بحياتي لأتوقف عليها كثيرا او ان اتعمق بها بالدخول بمثل هذه العلاقات المؤقتة ؟ ولا اتذكر ايضا بأني قد اهتممت بها يوما او ان اعطي مثل هذه الامور اكبر من حجمها"

ردت عليه من فورها بابتسامة اتسعت بتحدي ساخر
"حقا ! وماذا عن علاقاتك بجوري ، وسيلين ، وايلين ، وسلمى ، وماريا ، وإيلا ، وماندي ، ومايا....."

صمتت من فورها ما ان صرخ بانفعال الذي تراجع برأسه للخلف باستنكار مذهول
"من اين احضرتِ كل هذه الاسماء ؟"

ارتفع حاجبيها بدهشة مصطنعة وهي تتمتم بذهول اكبر بقسوة
"انت حتى لم تحاول نفي حقيقة هذه القصة ! هل هذا يعني بأن تلك الاسماء حقيقية ؟"

قطب جبينه بحدة وهو يلوح بذراعه جانبا قائلا بغضب مكبوت بعد ان اخرجته عن بروده
"كفى يا ماسة ، هل تريدين اللعب على اعصابي بهذه الألغاز وبالكلام المبهم ؟ وفقط اريد ان انبهك بأني لست مضطر لأجيبك عن اي من اسئلتكِ التافهة تلك والتي لن تغير شيء بسير علاقتنا ، فأنا لا اذكر بأني قد وعدتك من قبل بأنه يسمح لكِ بسؤالي عن حياتي الشخصية وعن اي شيء يخصها !"

اندفعت فجأة التي توقفت امامه بعنف وهي تصرخ بنفس غضبه بانفعال حانق
"بل لدي كل الحق بسؤالك بما انني قد دخلت لهذه العلاقة المشؤومة ، وانت عليك بأن تجيبني بدون اي كذب ام انك لا تستطيع الإجابة على اسئلتي يا معشوق الفتيات ؟"

تصلب جسدها برهبة ما ان امسك بكتفيها بقوة قبضتيه الساحقتين وهو يهمس امام وجهها بصوت خافت بعثت البرودة بكل إنحاء جسدها
"ماذا قلتِ الآن ؟"

اشاحت بوجهها جانبا بارتعاش استبد بها وهي تشعر بشرارات غضبه على وشك افتراسها حية بدون ان تستطيع التراجع اكثر ، ليصلها بعدها بلحظة صوته وهو يتابع كلامه بصوت اجش آمر
"من اخبركِ بهذا الكلام ؟"

زفرت انفاسها بقوة وهي تهمس بعدم مبالاة
"انا لا اعلم عن ماذا تتحدث ؟"

شهقت بدون صوت ما ان شعرت بيده وهي تتسلل لعنقها الطويل ليمسك بها برفق وبيده الاخرى كانت ما تزال مستقرة على كتفها تنتظر امر صاحبها ، وهو يعود للكلام بعد ان اصبحت اذنها بقرب شفتيه الهامسة بنفير انفاسه والتي اخترقت حواس سمعها بخشونة صوته
"تكلمي يا ماسة قبل ان اتهور اكثر ، فأنا الآن بوضع لا يسمح لي بالتراجع عنكِ"

ابتلعت ريقها بصعوبة وهي تشعر بيده تمنع عنها التنفس بطبيعية وهو يمرر إبهامه بحرية على عروق عنقها النابضة والتي كانت ترسل النبضات لكامل جسدها بدون استثناء ، همست بسرعة وهي تغمض عينيها بشدة آلمت جفنيها وحرقت مقلتيها بدموع خفية
"قمر الرياض"

تسمر بمكانه لوهلة وهو يتوقف عما يفعل ليتراجع تدريجيا بعيدا عنها وهو يسحب يده عن عنقها لتحرر انفاسها بطبيعية ، لتسمع بعدها همسه الخافت بقتامة غزت ملامحه بلحظة
"هكذا إذاً !"

فتحت عينيها على اتساعهما بلونهما السماوي الهادئ وهي تنظر له بصمت قاتم بدون اي شعور ، لتنحني بعدها ملامحها بحزن مبهم قبل ان تعتلي ابتسامة هاوية شفتيها وهي تهمس ببهوت
"هل هي من ضمن علاقاتك القديمة المؤقتة ؟"

نظر لها بجمود صخري لبرهة قبل ان يحيد بنظراته جانبا وهو يهمس بخفوت خشن
"هذا ليس من شأنك"

انتفضت بمكانها وهي تصرخ لا إراديا بقهر غزى مقلتيها بدموع الحقد والكره
"وماذا عن تلك العلاقة التي ما تزال موجودة بحياتك وبالقرب منا وتحمل ؟......"

عضت على طرف شفتيها بألم وهي تخفض نظراتها بارتجاف طغى على مقلتيها مما كانت على وشك نطقه بدون ان تتأكد حقا من صدق الخبر ؟ لتتجمد بعدها ملامحها بلحظة ما ان قال الواقف امامها بعنف
"ماذا ! ما لذي كنتِ تنطقين به الآن ؟"

تنفست بقنوط وهي تستدير بعيدا عنه دورة كاملة لتقول من فورها بعدم مبالاة وبسكون تام
"لا شيء ، فقط اشعر بالنعاس ، واريد النوم"

وما ان كانت على وشك الهبوط على السرير حتى اوقفها الذي امسك بذراعها بلحظة ليديرها عندها باتجاهه بقوة ، وهو يقول باستنكار مصدوم مكبلا كلتا ذراعيها بقسوة
"بماذا تهذين ؟ هذه اول ليلة لنا إذا كنتِ قد نسيتِ ذلك ! وبهذه الليلة تحديدا يمنع عنكِ النوم بتاتا ، ولكن يمكنكِ بالمقابل النوم بالصباح فهذه هي قوانين الارتباط ، ام تريدين مني ان اشرح لكِ كل شيء ؟"

امتعضت ملامحها برفض وهي تحاول التلوي بعيدا عن يديه قائلة بعبوس غاضب
"ومن اخبرك بأني موافقة على هذه القوانين الخرقاء ؟ انا لم انم منذ ثلاث ايام متواصلة وعليّ النوم لأعوض عن قلة نومي بتلك الفترة ، لذا اعذر قلة ادبي اتجاه هذا الزواج ، لأني الآن لا ارغب بفعل اي شيء سوى النوم"

ارتفع حاجبيه بعبث وهو يقرب وجهه امامها بلحظة قائلا باستخفاف ساخر
"حقا وانا ايضا لم انم منذ ثلاث ايام من التفكير بحفلة زفافنا ! وهذا يعني بأننا متساويين بهذه الحالة ، وسيكون رائعا لو تشاركنا النوم معا بنفس السرير بأول ليلة لنا ، وصدقيني استطيع ان احارب النعاس وكل شيء قد يحدث بهذه الليلة الكارثية مقابل ان اكمل ما بدأته اليوم ، لذا توقفي عن تصعيب الامر علينا واتركي كل شيء يسير بسلاسة فائقة"

زادت حدة انفاسها بغضب تموج بعينيها الدامعة بكره وهي تنتفض بعنف اكبر محاولة تحرير نفسها ، وما ان افلتها اخيرا حتى تعثرت للخلف لتصطدم بخشب السرير قبل ان تسقط على ملاءته بقوة لتخفف من اثر الوقوع بنعومة قماش الفراش ، حبست بعدها آخر انفاسها بداخل حنجرتها ما ان شعرت بلحظة بوجوده يحاصر محيطها وهو يشرف عليها من علو وانفاسه تلفح تفاصيل ملامحها ببرودة تحولت بلحظة لدفء بدون ان تستطيع تخطيها وقد اصبحت محتجزة به من كل جهاتها بدون اي مفر ، لتشعر بلحظة بضغط هائل على جسدها الهش وهو يرنو بأذنها بهمسات بنبرة صوته الخفيضة وبسخونة انفاسه الدافئة
"استسلمي واعطي لعلاقتنا مسار آخر ، وألا لن نستطيع ان نبدأ بداية جيدة إذا لم تتعاوني معي"

حركت رأسها بالنفي بعنف لتنفض انفاسه بخلجات اذنها هامسة بعناد غاضب
"لا اريد ، ابتعد عني ، لن اسمح لك"

وبحركة واحدة كانت ترفع ركبتها الحرة لتضرب ساقيه بعيدا عنها قبل ان يسارعها بحركة ركبته والتي قيدت ركبتها بمكانها وجسده يقيد كل حركات ومفاصل جسدها المنتفض بإحكام ثابت بعيدا عن العنف ، لتشيح بوجهها جانبا بضيق وهو يهمس بأذنها بثقة مسلطة
"لا تحاولي ان تتحديني يا ماسة ، فقد اصبحت احفظ كل حركاتك مثل راحة يدي ، فأنا لست من الاشخاص الذين يقعون بالفخ مرتين !"

عضت على طرف شفتيها بضيق وهي تهمس من بينهما بغيظ
"يا للخسارة بالرغم من ان الامر كان ممتعا بالمرة الأولى عندما وقعت بفخي بسهولة !"

عض على طرف شفتيه وهو يهمس بأذنها باشتعال مفرط
"لا بأس يمكننا إعادتها بالوقت الذي ترغبين ، وسأكون اكثر من سعيد وانا اقع بنفس الفخ"

قبضت على يديها بلحظة وهي تشعر بقبلاته على طول عنقها هامسة بخفوت تحول لأنين رافض
"لا اريد اتركني يا معشوق الفتيات ، لما لا تفهم ما اقول ؟"

شدد من تقييدها بقوة وهو يرتفع بشفتيه لأذنها ليهمس لها ببحة صوته النافذة بجنون
"استمتعي يا ألماستي ، فكل ما يهمنا الآن هو الحاضر"

تنفست بارتعاش ارتجفت معها جنبات روحها وخلجات قلبها الغائرة ما ان شعرت بأسنانه تحفر على طرف اذنها بقسوة طفيفة ، ليبتعد تدريجيا عنها بدون ان يتركها وهي تشعر بشفتيه تمسح على عينيها الدامعة بنعومة عدة مرات ليتبعها بلحظات بقبلته على شفتيها ليكمل تقبيلهما برقة مختلفة عن سابقاتها وقبل حدوث تلك المقاطعة ، ليعود الدفء لتلوين الاجواء الحميمية بينهما وقد بدأت بالتفاعل مع محاولاته الناعمة وهي تحثها للذوبان معها والتي جذبتها غصبا للعيش بعالمه المجنون وبعد ان اندمج مع الشحنات الطبيعية بجسدها لتتحول لانتفاضات طفيفة التحمت مع الاجواء من حولها ، وهي تستشعر همسته الرقيقة من بين هوجان المشاعر الجارفة
"انتِ ملك من يستحقك يا ألماستي ! وليس هناك افضل من شادي الفكهاني ليملك الألماسة"

_______________________________
اغمض عينيه لوهلة وهو يزفر انفاسه بحدة بكل ثانية يشعر بها تزيد من الهياج المتدفق بداخله بدون توقف...وكأنه يعيش صراعات داخلية لا احد يعلم عنها سوى صاحبها وهو يخوضها بحياته يوميا حتى اصبحت جزء من طقوس حياته !...ولكنه بالآونة الاخيرة اصبح يتراجع ويستسلم امام كل ما يتعرض له من نكبات ومجريات حياة وكأنه قد يأس ومل من اخذ دور المثالية والتي تلبسها واتقنها منذ سنوات...بدون ان يقدر احد على مدار تلك السنوات بالمجهود الجبار والذي يبذله ليحافظ على تلك المكانة المهمة بحياته بثبات وجميع من حوله يعلقون عليه الآمال والطموحات والتي ستتحقق من خلاله بعيدا عن طموحاته الشخصية واحلامه الواسعة بالحياة .

تأفف بنفاذ صبر وهو ينهض عن السرير بعد ان يأس من النوم وهو يجافيه والافكار المتلاطمة بداخله لا تسمح له بالراحة ولو قليلا مثل امواج ذات تيارات عالية...وهذا كان يحدث معه عادةً عندما يستغرق بالتفكير طويلا حتى يفارق النوم جفنيه المرهقين رغم كل التعب والذي كان يعاني منه منذ الأمس...وكيف سيغمض له جفن وهو يفكر فقط بتلك الليلة المأساوية والتي انتهت بأشنع صورة وهو يحرم نفسه غصبا من الاستمتاع بتلك الملكة حلوة المذاق وهي تعيث الدمار والتناقضات بدواخله بعد ان حركت كل مشاعره المطمورة اتجاهها وكله بسبب شعوره بالخذلان ناحيتها ؟!...ليتحمل ليلة كاملة باردة بخواء كانت من المحتمل ان تجمعه مع اميرته الجميلة والتي كانت مستعدة ان توهبه كل ما يشاء بهذه الليلة تحديدا والتي كانت ستحل كل العوائق بحياتهما !...فهل كان من العقل رفض مثل ذلك العرض المغري فقط من اجل كرامته المهدورة والتي اهدرتها وقتلتها على مدار ايام ؟ وهو لم يفهم للآن سبب كل تقلباتها الغريبة مؤخرا وكأنها تخفي من خلفها قنبلة موقوتة تنتظر الوقت المناسب لتفجيرها ؟

وقف امام النافذة بهدوء وهو يدس يديه بجيبي بنطاله الرياضي القصير ناظرا للسماء الشاحبة والتي بدأت تتلون بألوان الشروق الزاهي ، تنفس ببطء قبل ان يقطب جبينه بريبة وهو يستمع لصوت طرق خافت على باب غرفته بهذا الوقت من الصباح والمبكر على موعد الفطور !

استدار من فوره وهو يتنفس بضيق واضح ليسير مباشرة باتجاه باب الغرفة بلحظات ، وما ان وقف امام الباب حتى اختفى صوت الطرق تماما ليحل مكانه الصمت التام ، امسك بمقبض الباب بقوة وهو يفتحه بحذر لتتسع عينيه بلحظة ما ان ظهر من خلف الباب الكائن القابع بأفكاره ومن دفعه ليتسمر بمكانه للحظات طويلة وهو يستوعب ما يراه امامه من مفاجأة شلت عقله عن التفكير لوهلة .

افاق من صدمته على صوت الواقفة امامه وهي تهمس بخفوت حزين
"هل يمكنني الدخول ؟ ارجوك !"

تصلبت ملامحه لبرهة وهو يمرر نظره من قدميها الحافيتين لفستانها القطني القصير ليصل لشعرها الاسود الطويل والذي كان ينزل على جسدها وهو يقارب خصرها الغض ، ليرتفع بعدها حاجبيه اكثر وهو يعود بنظره لرأسها المنخفض امامه وهو يرتجف ببكاء صامت ارسل الجنون والشك لعقله !

رفع ذراعه ببطء وهو يمسك بذراعها برفق هامسا بقلق
"روميساء ! هل انتِ بخير ؟"

تسمرت ملامحه بخطوط وجهه المتصلبة ما ان قابل وجهها المرتفع نحوه وهي تنظر له بعينين خضراوين متسعتين بطبقة دموع رقيقة وهو يتخلل بها احمرار طفيف افسد لون النخيل بعينيها وبشحوب ملامحها الذابلة والتي تدل على الإجهاد والأرق والذي تعاني منه ، ليرفع يده عن ذراعها وهو يحاوط بها جانب وجهها ليقول بارتباك متوجس
"ما بكِ ؟ ولماذا هذه الدموع !"

احنت حدقتيها قليلا وهي تهمس بخفوت مرتجف
"هل استطيع الدخول ؟"

عقد حاجبيه لوهلة قبل ان يفسح لها المجال وهو يبتعد قليلا بدون ان يتركها ، ليقول بعدها بأمر وهو يسحبها من ذراعها للداخل برفق
"هيا تعالي"

سارت معه عدة خطوات قبل ان يجلسها فوق طرف السرير بهدوء وهي تطيعه بصمت ، ليقف بعدها امامها وهو يسكب لها كأس من الماء قبل ان يناوله لها قائلا بابتسامة جافة
"خذي واشربي بعض الماء البارد ، قد تهدأ من روعك قليلا"

اومأت برأسها وهي تمسك بالكأس بيد مرتجفة قبل ان تقربها من شفتيها وهي ترتشف منها بصمت ، بينما الذي كان يراقبها لم يصدر اي ردة فعل وهو يدس يديه بجيبي بنطاله بدون ان يظهر ايً من النيران القابعة بروحه والتي نشبت بقوة على مرآها ، وهو ينتظر المفاجأة الجديدة والتي تحضرها له هذه الاميرة والتي تهوى العبث بكل وتر بأعصابه المشتعلة والتي لا تتوقف عن التفكير بها وهي تتشكل دائما بين الخوف والرهبة والترقب المصيري ؟

تصلبت ملامحه بلحظة وهو يلتقط كأس الماء منها بجمود ليضعه بمكانه فوق سطح المنضدة بجانبه ، عاد بعدها للنظر لها لبرهة قبل ان يتنحنح بجمود وهو يقول بجدية نافذة وبعد ان ضاق ذرعا من هذه الحال
"حسنا يا روميساء هل ستتكلمين عن سبب هذه الزيارة لغرفتي ؟ ام ستخفين عني ما يصيبك مؤخرا كالعادة !"

قبضت على يديها بقوة لوهلة زادت الاجواء بينهما برودا بصمت المكان من حولهما ، لتخرج بعدها عن صمتها التي رفعت وجهها ناحيته مباشرة وهي تمسح وجنتيها عن الدموع هامسة بهدوء
"اعتذر على إزعاجك حقا بهذا الوقت المبكر ، ولم اقصد ان ايقظك من نومك"

ردّ عليها من فوره بسخرية هامسة
"وهل استطعت النوم من الاساس ؟"

ارتفع حاجبيها بارتجاف وهي تهمس بعدم فهم
"ماذا كنت تقول ؟"

نظر لها بجمود لبرهة وهو يقول بعدم مبالاة
"لقد كنت اقول فقط إذا كان لديكِ النية لتخبريني بكل ما يدور برأسك ! فأنا الآن متعب وليس لدي الوقت لانتظر حتى تفرغي من بكائك"

عضت على طرف شفتيها بألم وهي تشعر بنفسها غير مرغوب بها هنا وهو يلمح لها بالخروج بطريقة غير مباشرة ، قالت بعدها بهدوء وهي تنفض غمامة الألم عنها لترفع بلحظة يدها باتجاهه بدون ان تنظر له
"لقد اردت ان اخبرك بالسر والذي كنت اخفيه عنك كل هذه الفترة ، ومن حقك الآن معرفته بما انني قد تأكدت من صحته ، ولا اريد ان اخفي عنك شيء بعد الآن ، ارجوك ان تفهمني"

ضيق عينيه بعدم استيعاب وهو ينظر للهاتف القابع بكفها وهي تمده نحوه بدون ان يفهم علاقته بكلامها ؟ وما هو السر الذي تتكلم عنه يا ترى ؟ هل يعقل بأن تكون هذه المفاجأة والتي جاء الوقت المناسب لتفجرها بوجهه !
ابتلع ريقه بانقباض وهو يقول بوجوم ناظرا لأناملها والتي كانت تشدد على الهاتف بقوة
"هل هذا هو السر والذي اخبرتني عنه بالأمس وتنتظرين الغد لتفصحي عنه ؟"

اومأت برأسها بشرود صامت بدون اي كلام آخر ، ليرفع يده بلحظة وهو يمسد على جبينه باضطراب مشوش قبل ان يسرح خصلات شعره للخلف بإرهاق ، ليخفض من فوره يده وهو يمسك الهاتف من كفها ببطء والذي افلتته بسرعة بارتجاف لتعيد كفها بحجرها ، رفع الهاتف امامه وهو ينظر لشاشته البيضاء والتي كانت تحوي على كلمات رسالة قصيرة تبدو تخص نتيجة فحص ما وهي تظهر النتيجة (إيجابية) !

تسمر بمكانه للحظات وهو يخفض الهاتف ببطء لينظر للساكنة بمكانها بعيون غامضة قبل ان يهمس بحدة وهو يلوح بالهاتف بيده
"ماذا يعني هذا ؟"

فركت قبضتيها معا بارتباك وهي تنظر لساقيها المفترقين وكأنها قد عادت تلك الطالبة الصغيرة الخائفة والتي تجلس امام مكتب استاذها تنتظر نهاية عقابها المسلط عليها بسبب محاولتها للغش وهي بالحقيقة قد حاولت مساعدة رفاقها بنقل اجوبة الاختبار منها ، وهذا ما دفع الاستاذ ليطرح عليها نموذج من اسئلة الاختبار ليتأكد من صحة اجوبتها وبأنها لم تستخدم الغش وسيلة للنجاح .

تنفست بارتجاف وهي تحاول ان تجلي صوتها هامسة بخفوت
"أليس هذا واضحا !"

قطب جبينه وهو يقول بتفكير واجم
"اجل واضح بأنكِ مصابة بمرض ما او بعدوى ولكن ما نوع هذا المرض ؟....."

ردت عليه من فورها باندفاع مختنق
"انا حامل"

مرت لحظات طويلة ما ان نطقت بتلك الكلمتين واللتين شحنتا الاجواء بينهما بضباب السكون المحيط بهما وبعض من الجمود والذي حصر دقات القلوب بينهما بجليد صمته ، اول من بادر بقطع الصمت الذي قال بهدوء بالغ وكأنه يحاول استيعاب الصدمة والتي حطت عليه بدون سابق إنذار
"حامل ! من حامل ؟"

عادت للتنفس باضطراب وهي تهمس بدموع بدأت بالتساقط على وجنتيها من جديد
"انا هي الحامل"

تشنجت بمكانها للحظات قبل ان تشعر بيد دافئة تمسك بذقنها لترفعه عاليا برفق بثواني ، وما ان قابلت نظرات الواقف امامها والتي كانت تسكن بها الصدمة الممزوجة بالذهول حتى زادت من غلالة الدموع بعينيها لا شعوريا ، ليتبعها بعدها بالكلام بلحظة بهمس خافت اجش
"انتِ حامل يا روميساء !"

زمت شفتيها بنشيج الدموع وهي تومأ برأسها باهتزاز واضح بدون كلام ودموعها ما تزال تشكل خيوط على وجنتيها المحمرتين باحتقان ، وما هي ألا لحظات حتى اتسعت عينيها الدامعة بصدمة ما ان شعرت بذراعيه وهما تطوقان جسدها بهدوء وهو يحتضنها بقوة ساحقة بدون اي مقدمات وانفاسه الهادئة تضرب عنقها باضطراب بعث الرعشة بكل تفاصيلها شلت حركتها بالكامل ، لترفع بعدها يديها تلقائيا وهي تعانقه بنفس القوة وبعد ان حررت اسر دموعها وحزنها المدفون بصميم روحها وبعمق مأساتها .

ابتسمت بهدوء ما ان استمعت لصوته القوي وهو يضرب بأذنها هامسا بسعادة طفيفة وهو ما يزال تحت تأثير صدمة ما سمعه
"حقا يا روميساء لقد صدمتني بشدة ! كيف لم تخبريني عن هذا الأمر المهم ؟ انتِ تحملين طفلي انا بداخلك وبدون ان اعلم بشيء ! كيف واتتك الجرأة لتخفي عني كل هذا ؟"

رفعت كفها عن عنقه لتمسح بها على خصلات شعره بشرود هامسة بنفس خفوته بدون ان تشاركه السعادة
"لقد كنت غير متأكدة من الأمر تماما ! وخشيت ان يكون مجرد سوء فهم مني ؟ فقد كنت اشعر بالتقلبات المزاجية المصاحبة مع ألم المعدة والغيثان الدائم ؟ وعندما زاد الأمر عن حده اضطررت لإجراء فحص لأطمئن من صحة الخبر ، ولم استخدم فحص الحمل المنزلي فقد خشيت ان تكون نسبة نجاحه قليلة وانا لا اؤمن بهذه الفحوصات ! لذا قررت إجرائه بالمشفى وانتظرت بعدها حتى تصلني النتيجة"

ابتعد عنها ببطء قبل ان يجثو امامها بلحظة وهو يمسك بوجهها بكلتا يديه قائلا بعبوس متجهم بدون ان تمنع سعادته
"كل هذا حدث معكِ بدون علمي ! حتى لم تعطيني خبر بالأمر ! لما كل هذا التستر بمثل هذا الأمر المصيري والذي يخص حياة كلينا ؟ ماذا كان سيحدث لو شاركتني بعضا من احاسيسك وبما تشعرين به ؟ هل لهذه الدرجة لا تثقين بي ؟"

حركت رأسها بالنفي بسرعة وهي ترفع كفها لتمسك بها جانب وجهه هامسة بابتسامة ناعمة بحنان
"لا ليس هكذا الأمر يا احمد ، فقط خفت من ان يكون الأمر مجرد هواجس وقلق مني ! ولم اكن اريد ان اعيشك على الأمل الزائف ، لذا اردت ان اتأكد اولاً لأكون على يقين بالخبر ، سامحني إذا كنت قد قسوت عليك كثيرا بالآونة الاخيرة ! ولكني لم اعد اعلم كيف اتصرف وماذا افعل امام ما يحدث معي ؟"

لانت ملامحه قليلا ليزيل قناع التجهم عنه بلحظة ويحل مكانه الحنان الممزوج بالشغف الجارف والذي يخصه لها لوحدها واكثر عن السابق ، تقدم بوجهه امامها لا يفصل بينهما شيء ليقبل جبينها بقوة شعرت بها وكأنها تدمغ بداخلها ، ليعود بعدها لاحتضانها بقوة اكبر حتى كاد يكسر عظامها الهشة من تحت قماش ثوبها الخفيف وهو يهمس بصوت اجش وبنشوة جديدة عليها
"شكرا يا روميساء ، هذا اجمل خبر اسمعه بحياتي ! بعد كل هذه السنوات سأرزق بطفل ، والاجمل منه بأنه سيكون منكِ انتِ يا روميساء"

شددت على قبضتيها لا شعوريا وهي تهمس بابتسامة احتضرت بمكانها
"ولكني لا اريد هذا الطفل !"

تصلب جسده بلحظة والوجوم يطغى على الاجواء بينهما طاردا السعادة الفريدة والتي دقت ابوابهما بغفلة عنهما ، ليبتعد بسرعة عنها وهو يحاول الابتسام باتزان قائلا بجدية
"ماذا تقصدين بهذا الكلام ؟......."

قاطعته بسرعة وهي تعود للبكاء بانتحاب ملوحة بقبضتها بانفعال
"لا اريد اي اطفال يا احمد ، لقد خفت كثيرا من حدوث هذا الأمر ! ودعوت كثيرا من ان يكون الامر غير حقيقي ومجرد اوهام لا وجود لها من الصحة ، ولكن قد تبين بالنهاية بأنه موجود وهو يعيش بداخلي الآن بدون ان اقدر على منع هذا !"

انتفض فجأة وهو يمسك بوجهها بقسوة موقفا اندفاعها ليقرب وجهه منها وهو يهمس بأنفاس حادة لفحت بشرتها الشاحبة بسخونة وباستنكار مذهول
"ما لذي تتفوهين به يا مجنونة ؟ هل فقدت عقلك لتقولي مثل هذا الكلام ! هذا يكون طفلك انتِ لما تقولين عنه هذا ؟ ام انكِ لا ترغبين بإنجاب الاطفال مني ؟"

ابتلعت ريقها بانقباض وهي تحرك رأسها للأسفل بخزي ودموعها تهبط على بشرة وجهها لتصل ليديه الممسكين بها بدفء ، قالت بعدها بأنفاس مضطربة بحزن عميق
"انت لا تفهم ما اقول يا احمد ! من تجربتي الشخصية اعلم جيدا كل معاناة قد يمر بها الاطفال بتلك السن التي يحتاجون بها الاتكال على شخص ناضج بكل امور حياتهم ، فأنا طفولتي كما تعلم لم تكن طبيعية ولكنها افضل من حياة بعض الاطفال ، لقد كنت اشاهد اطفال يعملون بعمر صغير من اجل ان يأمنوا يقوت حياتهم ومنهم من لا يجد ما يتناوله لذا يضطر للسرقة وعمل اعمال الشغب بالطرقات ومنه من يبقى يعيش على تسول الطعام من الاثرياء لكي يبقى على قيد الحياة ، وكله يكون اما بسبب إهمال من الوالدين او وفاة كليهما او زواج احدهما ، ولا يتضرر بهذه الحال سوى الاطفال والذين يكونون عالة على المجتمع ومصدر خراب بها من نظرة طبقة بعض الناس الأغنياء ، وانا لا اتحمل رؤية مزيد من الاطفال يتجرعون ذلك الألم فكيف تريدني ان افعلها بابني وانجبه بهذه الحياة القاسية والتي لن ترحمه ؟ وبالنهاية سوف يلوم والديه على إنجابه بهذه الحياة وسيكره حياته بشدة لأن جميع من حوله سينبذونه مثلما فعلوا مع والدته من قبل !"

سحب يديه عن وجهها وهو يقف بجمود ناظرا بغموض لانهيارها الصامت ، ليتنفس بعدها بكبت وهو يسير من حولها بلحظات قبل ان يجلس بجانبها بصمت ليحاوط عندها كتفيها بذراعه القوية برفق ، دفن بعدها وجهها بكتفه العريض وهو يربت بيده الاخرى على شعرها وشفتيه تقبلان قمة رأسها هامسا بكل حنان ودفء يحمله نحوها
"اهدأي يا روميساء ، فلا شيء من كل هذا سيحدث بالواقع ! فهي مجرد اوهام بسبب حياتك الماضية والتي حولت منظورك للحياة بهذا الشكل ، وانا اعدك بأن يعيش طفلنا اجمل سنوات حياته وبكنف عائلة تحبه وخاصة بأن والدته تكون معلمة يحترمها كل صغير وكبير ووالده يكون رجل اعمال مهم ومستقل بحياته ويستطيع ان يأمن حياة سعيدة لابنه ليعيش طيلة حياته مرفه وسعيد لن يعاني من اي نقص ما دام هناك عائلة كبيرة معروفة بالمجتمع تدعمه ، وانا واثق بأن عائلتنا ستكون اسعد عائلات المجتمع والتي ستجعل ابننا يفتخر بانتمائه لنا"

هدئت قليلا لوهلة وهي ترفع عينيها ناحيته بحياء هامسة ببعض التوتر والشك والذي ما يزال يعبث برأسها
"هل تعدني بأن تكون عند كلمتك ؟"

ابتسم بحنان تدفق بملامحه بلحظة وهو يرفع يده ليعيد خصلة طائرة فوق جبينها لخلف اذنها بقوة وهو يهمس بصوت اجش عميق
"انا اعدك يا روميساء ، وكما اخبرتك سأكون دائما عند كلمتي حتى لو طلبت مني ان احضر لكِ النجوم بنفسها"

ظهرت ابتسامتها بحياء على طرف شفتيها باحمرار طفيف نافضة الشحوب عنه ، لتعبس بعدها بلحظة وهي تخفض نظراتها بوجوم هامسة بحزن مزيف
"ولكنك لم تكن عند كلمتك بالأمس ! واخلفت بوعدك ولم تنفذ مطلبي"

اتسعت ابتسامته وهو يضحك بانشراح ليقبل خدها بخفة قبل ان يهمس بتجويف اذنها بعبث واضح
"لا بأس لم يفت الآوان بعد على تنفيذ مطلبك ! وانا مستعد الآن لتنفيذ اي شيء تطلبينه مني ، بمقابل ألا تبتعدي عني مجددا وألا تتكتمي عن اي سر مهما كان صغيرا"

ارتبكت ملامحها وهي تنظر له بدهشة لتهمس بعدها بابتسامة جانبية بتردد
"هل انت متأكد من كلامك ؟"

اومأ برأسه بقوة وهو يتعمق بقبلته على صدغها هامسا بقوة اخترقت كيانها
"لم اكن متأكد بحياتي مثل اليوم ! وهذه المرة لا شيء سيبعدكِ عني يا روميساء"

عضت على ابتسامتها الجميلة لوهلة وهي تطوق عنقه بذراعيها بخجل لتقترب اكثر من اذنه وهي تهمس بها بنفس ثقته
"وانا مستعدة من الآن لكل شيء تقدمه لي ولطفلنا يا احمد"

تنهد براحة وهو يزيد من معانقتها بقوة دافنا وجهه بأمواج شعرها الطويلة ليستنشق من عبير عطرها وهو يتذوق اخيرا من فاكهته الحلوة ، ليقول بعدها بين سيل قبلاته على خصلات شعرها واصابعه تتلاعب بحمالة ثوبها وهو يهيم بسحرها
"كم اشتقت لكِ يا فاكهتي الحلوة ! اشتياق لن يتحمله رجل عاقل مثلي !"

اغمضت عينيها براحة وهي تترك له المجال ليطفئ هو شوقه بها والذي تاق له وتطفئ هي الشك بروح تعبت من التدنيس ، وهي تتعلق بعنقه بتشبث مثل تعلق الغارق بطوق نجاته بعد سنوات من معاناة طالت كثيرا بحياة اصطبغت بكل ألوان الألم ليكون هو كل الأمان والذي احتاجته يوما بحياتها ليحاوطها بكل حنان العالم ومع ابنهما الصغير القادم بطريق حياتهما...

_______________________________
تغضن جبينه بضيق وبألم مبرح ما يزال يراوده برأسه مثل ضرب المطرقة وهي تزداد بقوة مع كل محاولة منه للتشبث بخيوط وعيه الهاربة للخروج من دوامته السوداء السحيقة...وكأنها حبال تجذبه للأسفل بدون إرادة منه وهو كل ما يفعله بأن ينفض كل ما يتعلق بضباب عقله المغيب تماما عن العالم .

تشنجت ملامحه فجأة ما ان بدأ يصل لسمعه المغيب بعض الهمهمات الخافتة وهو يلتقط بعض من الكلام الخافت بصعوبة وما استطاع الوصول لمجرى سمعه
"هل تعتقدين بأنه ما يزال على قيد الحياة ؟"

لتأتي الإجابة من صوت آخر بعيد بعض الشيء بذعر واضح
"توقفي عن السخرية يا مرام ، فهذا الأمر لا يدعو للتخمين به ! علينا إيجاد طريقة لإيصاله للمشفى بدون ان نصادف اي متاعب نحن بغنى عنها"

عاد الصوت القريب منه للكلام بانفعال ساخر
"ولكن رأسه مصاب بشدة وهناك بعض قطع الزجاج العالقة بين شعره ، وغير هذا من المستحيل ان نوصله للمشفى بالسرعة المطلوبة وهو على هذه الحال ! إذاً هو بعداد الموتى....."

قاطعتها مجددا وهي تصرخ بغضب حانق
"كيف تستطيعين قولها بمثل هذه البساطة ! هل تريدين منا تركه هنا حتى يحتضر بمكانه ونحمل ذنب موته طيلة حياتنا ؟....."

قالت بسرعة ذات الصوت الساخر بامتعاض
"على مهلك قليلا يا رجاء ! لا تنسي بأن مساعدته ستؤثر كثيرا على حياتنا المهنية عندما يضعوننا بوضع المتهمين وعلى قائمة شهود العيان ، لذا ارى بأن تركه هنا افضل بكثير من خسارة عملنا بهذا المكان المحترم والذي لن نجد عمل افضل منه"

غيم الصمت الثقيل للحظات على المكان وهي ما كان يحتاجها الجسد الخامد على الارض الرخامية بدون اي حركة ، ليبدأ بتحريك مفاصله المتعبة تدريجيا بدءً بعضلة جفنيه والتي بدأت تفتح عن عينيه لتزيل غشاء تشوش الرؤية عنهما لوهلة وتظهره الصورة امامه واضحة ، وهو يقابل نصف وجه الجالسة بجانبه والتي كانت تنظر للأخرى والمصدر الثاني لكل تلك الثرثرة المزعجة والمتواجدات معه بنفس الغرفة .

حرك ذراعه ببطء وهو يقبض على كفه بقوة للحظتين فقط نفضت التعب والخمول عن باقي مفاصله ، قبل ان ينتفض الجسد بلمح البصر جالسا بجانب التي جمدتها الصدمة بمكانها وهو ينتشل المسدس من جيب بنطاله بيده الاخرى ليوجهه مباشرة امام وجه المقابلة له وبشحوب مميت ، خرجت الشهقة الانثوية قاطعة الصمت بلحظة من الواقفة بعيدا عنهما وهي تنظر للمشهد الحيّ امامها بعيون متسعة بذعر وكأنه كابوس قد تجسد بحياتهما جمد الدماء بعروقهما برعب لم يسبق ان حدث معهما من قبل ، وما ان كانت على وشك الهروب من الغرفة لطلب النجدة حتى اوقفها الصوت الشرس والذي عاد لجنونه وهو يصرخ ببحة التعب والتي طغت على صوته لتجعله اكثر خشونة عن السابق
"إياكِ والتحرك من مكانكِ ، وألا ستكون حياة صديقتك هي الضحية ، ألا إذا كنتِ تفضلين النجاة بنفسك على مساعدة صديقتك !"

استدارت نحوه بارتجاف طغى على كامل جسدها وهي تنظر له بعيون متسعة بدموع حبيسة بدون اي ردة فعل ، بينما التي كانت تجلس ارضا تنتحب بمعنى الكلمة وبدون ان تشعر بالدموع والتي سقت وجنتيها بغزارة بدون ان يرحمها ، لتنطق بعدها الواقفة بمكانها وهي تهمس بشفتين مرتجفتين برجاء شديد
"ارجوك ان تتركنا وشأننا يا سيد ، فنحن لم نفعل لك شيء ابدا ، وكنا على وشك مساعدتك......"

قاطعها بزمجرة خشنة وهو يلوح بالمسدس باهتزاز
"هششش ، لا اريد سماع اي صوت منكما ، وانا الذي اتكلم هنا"

صمتت الفتاة بامتقاع بشحوب مخزي وبموقف لا تحسد عليه ، لينقل بعدها نظراته المهتزة منها لأنحاء المكان المتواجد به وهو يكتشف لأول مرة وجوده بنفس الغرفة والتي كان من المفترض ان يقابل بها دميته والتي كان على وشك اصطحابها معه قبل ان يغيب كل شيء من حوله بثانية ويصبح مجرد جثة هامدة على ارضية الغرفة ، بدون ان يفهم التسلسل الزمني ومسار الاحداث والتي حصلت معه بكل هذه الفترة ؟

عاد بنظره بلحظة باهتزاز للجالسة امامه بسكون وهو يوجه الكلام لها قائلا بصلابة شرسة
"كم الساعة الآن ؟"

اجابت من فورها بتلعثم وهي تحدق بفوهة المسدس امامها باضطراب
"انها الساعة الثامنة صباحا"

ارتفع حاجبيه ببطء متوحش وهو يرفع نظره عاليا بتفكير مشوش غيم على عقله المظلم لبرهة ، فيبدو بأنه قد غاب عن الوعي ليلة كاملة بدون ان يشعر بشيء حتى جاء صباح اليوم التالي !

اتسعت عينيه بلونهما العسلي القاتم باحمرار طاغي وهو يخفضهما لنفس الفتاة ما ان استرجع اهم ذكرى كانت قد غابت عنه ، ليقول من فوره بعبوس متجهم بدأت تظهر صفة الاجرام بملامحه القاتمة
"ماذا حدث بزفاف الأمس الخاص بماسة الفاروق ؟ تكلمي حالاً"

ارتبكت ملامحها اكثر وهي تزيد من نبع الدموع بعينيها هامسة بعدم فهم
"لا اعلم عن ماذا تتحدث ؟....."

شهقت بذعر ما ان امسك فجأة بمؤخرة شعرها وهو ينحني امامها بتربص هامسا بفورة غضب اشتعلت بلحظة بصوته وهو يلفح بشرة وجهها بعنف
"تكلمي حالاً وألا فجرت رأسك الفارغ هذا !"

تدخلت من قالت باندفاع خافت وهي تنظر بعيون متسعة برعب
"هل تقصد زفاف شادي الفكهاني الذي حدث بمساء الأمس على قريبته ؟"

رفع نظراته نحوها ببطء بدون اي تعبير يسكن ملامحه المتوحشة ، لتقول من فورها بدون ان تنتظر إجابته بخوف من ان ينهي على حياتهما
"الحقيقة لقد انتهى الزفاف بأحسن حال ، والعروسين كانا بقمة سعادتهما ، ولم يحدث اي مشاكل من اي نوع"

شحبت ملامحها برهبة ما ان تجمدت العيون الناظرة لها بتوحش مخيف وبصمت عميق يكاد يفترسها بدون ان تفهم بماذا اخطئت ! لتتراجع تلقائيا للخلف ما ان افلت شعر الجالسة بمكانها ليقف بعدها على قدميه ببعض الترنح قبل ان يتوازن باستقامة ، ليهمس بعد عدة لحظات بفحيح غاضب وهو يقدح بعينيه العسليتين بشرارات مجنونة
"ماذا قلتِ ؟ هل تقصدين بأن الحفل قد انتهى بالفعل ؟ واصبحت الآن ملكه ومع من يستحق الحصول عليها هو عن دون الجميع !"

فتحت شفتيها عدة مرات بدون ان تجد ما تنطق به والصدمة والرعب تجمد اطرافها عن الحركة تماما لثواني ، وهي تلمح بعينين دامعتين المسدس وهو يرتفع عاليا ليصوبه فوق رأسها وهو يقول بجنون سيطر على عقله المتعب والمغيب بضباب غضبه
"مستحيل ان يحدث هذا ؟ انتِ كاذبة ! مستحيل !"

وضعت كفها على فمها برعب وهي ترتجف بشهيق منتحب متوقعة ان تسمع طلقة الرصاصة من مسدسه بأية لحظة ، ولكن الذي قابلها هو الصمت التام والذي غيم على المكان للحظات ، قطب جبينه بغضب شرس وهو يخفض المسدس امام نظره بلحظة ليتفحصه جيدا وهو يقلبه على جانبه الآخر بتدقيق قبل ان يفتح مخزون الطلقات وهو يكتشف بصدمة بأنه فارغ تماما من اي طلقة ، بالرغم من تأكده الدائم بتعبئة مخزون المسدس بدون ان يغفل عنه ، إذاً من الذي قام بتفريغ مخزون طلقات مسدسه ؟

استغلت الجالسة بمكانها الفرصة وهي تزحف بعيدا عنه قبل ان تنهض بتعثر وهي تنضم بالوقوف مع صديقتها ، لينقل بعدها نظراته لهما بشراسة مخيفة وهو يهمس بخفوت خشن بقسوة
"ألا يعرف احد منكما اين يسكن صاحب حفلة الأمس ؟ واين ذهب بعد الحفلة ؟"

حركت الفتاتين رأسيهما بالنفي بآن واحد بصمت تام ، ليزمجر بعدها بخشونة نافذة الصبر بلحظة قبل ان يندفع بعيدا عنهما وهو يخرج من الغرفة بأكملها بقوة ، ليطلق كليهما أسر انفاسهما المحبوسة وصاحبة الابتسامة المرتجفة والتي كانت على وشك الموت بين يديه وهي تنطق بظرافة
"يبدو بأنها من مشاكل قصص الحب والخيانة ! ونحن لا علاقة لنا بها صحيح ؟"

نظرت لها الاخرى بطرف عينيها الدامعة وهي تتنهد هامسة بغضب
"مرام حقاً !"

بينما كان الذي وصل لمدخل القاعة قد توقف وهو يغطي جبينه بكفه من اشعة الشمس الحارقة والتي زادت الغباش بعينيه المرهقتين ، ليتخلل بعدها شعره بغضب وهو يشعر بعودة الألم المبرح لرأسه وكأنه مقسوم لنصفين من شيء حاد ضربه بقوة ، ليخفض يده بسرعة وهو يحدق بجمود بقطعة الزجاج والتي التقطها من بين خصلات شعره تلطخها بضع قطرات من الدماء ، والآن فقط علم سبب كل هذا الألم برأسه منذ دخوله بتلك الغيبوبة القصرية !

قبض اكثر على قطعة الزجاج حتى شعر بها تخترق باطن كفه ، وهو يهمس بشر سيطر على كيانه بلحظة
"ماسة"

ألقى بقطعة الزجاج بعيدا وهو يتنفس بفوران لينفض ذراعيه للأسفل بسخط ، قبل ان يعبس بضيق وهو يشعر بملمس شيء يستقر بجيب بنطاله ، دس يده بسرعة بجيب بنطاله وهو يخرج منها ورقة مطوية بتجعد لا يذكر سبب وجودها بجيبه ؟

امتقعت ملامحه لوهلة وهو يفتح الورقة بصمت لتسافر عينيه للمكتوب وهو يشعر بسواد يتوسع بداخله تلقائياً بدون اي رادع

(مرحبا يا مازن اتمنى ان تكون الضربة ليست بكل هذا العنف والذي ابتغيته ، وان تكون ما تزال على قيد الحياة فأنا اعلم جيدا بأنك لن تتأذى بهذه السهولة من ضربة صغيرة من مزهرية زجاجية لا تقارن بما يفعله اعضاء العصابات بحياتهم ، وقد اردت ان اخبرك ايضا بأن تنسى وجودي تماما بحياتك لكي لا تتلقى المزيد من الضربات الموجعة اكبر من تلك الضربة الصغيرة والتي لن تستطيع بعدها اعادتك للحياة مجددا ، وبدل كل ما تفعله من تهور بحياتك التافهة عليك ان تفكر بكيفية تكفير ذنبك الوحيد والذي اقترفته بكل مجريات حياتك الماضية والذي دفع شقيقتك الوحيدة لتحمل مسؤولية فعلتك بدون اي ذنب ، فقط لأنها تكون شقيقة هذا المجنون والذي عذب الكثيرين بحياته بدون ان يعلم بأنه بيوم ما سيأتي الوقت الذي سيرد له بأقرب المقربين له ليدفع الجميع ثمن اخطائهم بهذه الحياة ، واي دمار قد يحوّل بحياة صفاء انت ستكون المسبب الرئيسي به)

(ملاحظة ؛ لقد افرغت مخزون طلقات سلاحك لكي لا تؤذي المزيد من البشر الابرياء بفورة غضبك ، ولكي لا اكون سببا بموتهم بحياتك الفوضوية)

اغلق الورقة بهدوء يختلف عن الحالة التي كان بها قبل لحظات ، ليدسها بعدها ببساطة بجيب بنطاله بسكون تام ، قبل ان يتجه مباشرة بعيدا عن مدخل القاعة ونحو سيارته البعيدة بدون اي تعبير او شعور يطفو على ملامحه والتي هدئت تماما مثل حياته الفوضوية كما قالت .

يتبع...........


روز علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس