الموضوع: جيران المدينة
عرض مشاركة واحدة
قديم 22-10-21, 08:55 PM   #12

sun 256
عضو ذهبي

? العضوٌ??? » 404805
?  التسِجيلٌ » Jul 2017
? مشَارَ?اتْي » 340
?  نُقآطِيْ » sun 256 is on a distinguished road
افتراضي رواية جيران المدينة

الفصل الثالث
بعد ساعات من التوتر واحتدام الأحداث عاد مازن للمنزل مباشرة بعد أن أوصل هالة و نوران إلى محطة لسيارت الأجرة تحت إصرار الأخيرة التي بدت شديدة التحفظ كأنها انتبهت فجأة لوجودها مع غريبين في سيارتهما.. ونسى تمامًا في خضم كل ما حدث موعد وصول هيثم اليوم..
وما إن دلف من مدخل المنزل حتى كان هيثم يصطدم به ورأى خلفه كل أفراد أسرته تقريبًا..
فدلك صدره وقال بمزاح مصدومًا لوجود هيثم :"ربما يجب أن تعاقبني على نسياني الموعد ولكن بهذه الطريقة ستكسر أضلعي وهي لم تذنب"
كان فادي قد وقف خلفه متململًا بتعب لذا قال ضجرًا :"ليس وقت المزاح هيا لندخل"
لكن أفنان وعلياء اندفعتا إليهما وقالتا معًا بقلق :"هل أنتما بخير؟"
بعد دقائق
دلف زيد شقة والده ليجد شقيقيه فقط من يأكلان بينما يتحلق حولهم باقي أفراد الأسرة بشكل مريب..حتى عمه وزوجته هنا ... وهيثم!
"هل عدت أخيرًا؟"
ناظره هيثم بكبرياء قائلًا:"نعم عدت! أعرف الطريق وحدي ولم أحتج توصيلة من أحد"
"لكنني لم أكن أعرف موعد طائرتك..لم أعرف حتى أنك تخطط للعودة في وقت قريب"
أدار هيثم وجهه بغير اكتراث بينما سارع زيد يغسل يديه ويخلع سترته وعاد ليشارك شقيقيه المائدة فأمام الطعام تتراجع أي اعتبارات أخرى..
ثم سأل وفمه ممتلئ بالطعام:"ماذا يحدث بالظبط ؟لم تجلسون بقلق حولهما؟"
شغلت أفنان التلفاز والذي كان يعيد إذاعة الحادثة وحديث الصحفية مع مازن مرفقة بصور للشاحنة المحترقة ..ففهم زيد ما يحدث وقال:"الحمد لله أنكما بخير..هل تأذى السائق كثيرًا؟"
أجابه مازن:"أظن أن وضعه جيد مقارنة بحجم الانفجار ..بل الأولى أن نقلق على ركاب السيارات الأخرى التي تضررت من الانفجار..حقيقةً لا أستطيع تخمين سبب واحد يجعل رجل أعمال يقود شاحنة في هذا الصباح الباكر بل ويحمل معه كمية من البنزين !!"
كان خالد هو أكثرهم تأثرًا وهو يمعن النظر في عبد الرحيم المحمول على الناقلة وفكر أنه على العكس من ابنه يستطيع تخيل عدة أسباب وليس سببًا واحدًا يجعل عبد الرحيم يحمل هذا القدر من البنزين فليس الأمر غريبًا عليه.. لقد سبق وفعلها حين أتلف منزله..لاحظت علياء ما يعتريه وربتت على ذراعه بصمت فيبدو أنهما لن يتخلصا أبدًا من تأثير هذا الرجل على حياتهما..
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
أمام المشغل..
أسبغ طاهر في شكر السائق الذي رفض أن يأخذ مقابلًا لإيصالهم وانصرف قائلًا أنه يؤدي عمله فقط ..فقرر أن يشكر صاحب العمل الذي أشار إليه السائق فيما بعد.. ترجل من السيارة مع زوجته ثم مد يده لها بمفتاح الشقة الجديدة قائلًا:"انتظري الفتاتين في المشغل يا عزيزتي.. وخذيهما للشقة وأنا سألحق بكن بعد قليل"
فأخذت نعمة المفتاح قائلة بتردد:"هل سنعود..؟"
فقاطعها طاهر بجدية:"قطعًا لا لن نعود اليوم.. لا شك أن الفتاتين متأثرتان بالحادثة .. ربما أعود أنا لحزم الأغراض فيما بعد..سأشتري طعامًا جاهزًا يكفينا يومين و بعض الملابس حتى نبيت ليلتنا هنا..وإن اكتشفت شيئًا ناقصًا أبلغيني"
تنهدت زوجته بقلب مثقل وتشبثت بيده تطلب دعمه:"طاهر.."
فأحاط طاهر كتفيها بذراعه قائلًأ:"لا تهتمي يا حبيبتي.. فقط تفحصي الشقة وحضري قائمة طويلة بما ينقصها"
وقرص خدها بمداعبة متابعًا:"تخيلي أنك عروس تتجهز للمرة الثانية واطلبي ما تريدين وتدللي.. انسي الهموم وارميها على كتفي وأنا كفيل بها يا نعمتي"
لم تملك نعمة إلا أن ترتمي في أحضانه براحة دائمًا ما أشعرها بها مهما تكالبت عليهما من أزمات قائلة:"لا حرمني الله من سعة صدرك وتدليلك لي وجعلني عونًا لك يا حبيبي"
قبل طاهر رأسها بمودة ودفعها بلطف وقال ممازحًا:"هيا ادخلي حتى لا نُتهم بفعل فاضح في الطريق العام"
بعد قليل
"برأيك لماذا كانت أمي ترافق أبي للمشغل؟"
لم تتعب هالة نفسها في التفكير وأجابت شقيقتها ببساطة:"ربما لم تحب أن تجلس بمفردها في المنزل بعد أن رافقتك"
لكن نوران أصرت على تشككها قائلة:"لا .. هناك سبب ولابد أن أعرفه..أمي لم تبدو بمزاج جيد صباحًا وأظنها دفعتك لمرافقتي لسبب أيضًا"
فتأففت هالة وهي تترجل من السيارة مع شقيقتها أمام المشغل وقالت :"أنت تصبحين مزعجة حين ينتابك الشك.. لا أعرف ما حبك في حمل الهموم وتحمل مسئوليات تفوق طاقتك؟! إن رأى والدينا أنه لا ينبغي أن نعرف الآن ما يحدث فلا شك أنهما محقان"
"إذا تستشعرين وجود خطأ وتتغافلين؟! لا أوافقك حتمًا سيستريحان حين يفضيان إليَ وهذا ما أنوي طلبه منهما الآن"
استقبلت نعمة ابنتيها بقلق وتفحصتهما باهتمام وصارت تضرب كل واحدة على ذراعها أو ساقها فجأة وتراقب بدقة ردة فعلها..
كن قد جلسن على أريكة ضخمة في مكتب طاهر وحين تكررت ضربات نعمة لابنتيها لم تملك الاثنتان إلا أن تضحكا وتندسا في أحضانها بحب..
وقالت نوران:
"صدقيني يا أمي نحن بخير تمامًا وهذه الطرق التي ترينها في المسلسلات لا تنفع لاكتشاف إن كنا مصابين أم لا ..افترضي أنني مصابة وبضربتك تلك زاد الألم"
فضربتها نعمة على رأسها بخفة وقالت:
"اصمتي يا حمقاء .. فليحفظكما الله ولا أراني فيكما سوءًا أبدًا"
وعلقت هالة بحالمية على هذا الموضوع المثير بالنسبة لها:
"تلك اللقطة مفضلة لدي حين يقوم البطل ببطولته لإنقاذ البطلة وتأتي هي لتمسك بذراعه بجهل دون أن تعلم عن إصابته فيتأوه المسكين بخفوت..
ثم تكشف البطلة عن ذراعه المجروح وتصر عليه أن يذهب للمشفى رغم اعتراضه وإصراره أن الجرح لا يؤلمه"
ربتت والدتها على رأسها بحنان وقالت:
"رزقك الله بزوج أفضل من هذا البطل الذي يعجبك يا حبيبتي"
أجابتها هالة ولا تزال غارقة في فقاعة أحلامها: "آمين.. أريده أن يقوم ببطولة أعجز عن وصفها ويضحي في سبيلي ويفعل المستحيل لإنقاذي"
وكم سعدت نوران بتفجير تلك الفقاعة قائلةً بإقرار:
"لا يوجد مثل هؤلاء الرجال وأنت لست بطلة مسلسل ما لتكوني في موقف درامي يحتاج الإنقاذ كما تتخيلين"
كانت الفتاتان قد استلقتا على الأريكة وكل واحدة تضع رأسها في حجر والدتها وتحاول دفع رأس الأخرى لتستأثر بأحضان والدتها وحدها لكن هيهات أن تسمح لها الأخرى فهي تدفع رأسها بالمقابل .. ووالدتهما تكتفي بالتربيت على رأسيهما في حنان وتستمع لجدالهما بصمت..
فعقبت هالة بعزم على حديث شقيقتها المحبط :
"بل سأعثر على بطلي يومًا ما ... وحينها أيضًا سأكون قد تخلصت من وزني الزائد..
ثم لماذا تقولين أنني لن أحتاج للإنقاذ ؟ ها نحن ذا كنا قريبتين من الخطر وقد رحمنا لله أن كنا بعيدتين عن الانفجار .. آه وهذا .. ماذا كان اسمه ؟"
"مازن"أجابت نوران بشرود:
أردفت هالة بخبث : "انظري يا أمي تقول اسمه بشرود .. حتى أنت يا نوري تحبين أن ينقذك البطل لكنك تنكرين"
اغتاظت نوران واحمرت وجنتيها ودفعت رأس شقيقتها قائلة:
"لم ينقذني أحد يا حمقاء .. أنا من أعطيته الإشارة لينتبه ويعدل عن أخذ الملف في هذا الوقت وكنت أنا أيضًا من أخرج المصاب من سيارته..هو فقط قاد بنا بعيدًا عن موقع الانفجار"
ضحكت هالة ونعمة التي قالت بتسلي:
"ولم صار وجهك أحمرًا هكذا ؟!! يبدو أنك وجدت بطلك"
فأجابتها نوران بحنق:"أمي .. لا تتحدثي كهذه الحمقاء.. هل سأتزوج برجل قابلته لأول مرة لأنه أنقذني كما تدعيان ؟!!"
ارتفعت ضحكات هالة وقالت:
"انظري يا أمي .. لقد قررت الزواج به أيضًا "
شاركت نعمة ابنتها الضحك ثم قالت مصطنعة الجدية:
"يكفي يا ابنتي لا تضايقي شقيقتك ..لا تدفعا بعضكما .. كل واحدة تضع رأسها على فخذ "
بعد أن هدأت ضحكات هالة و خف حنق نوران أردفت نعمة:و
"إذًا أخبراني كل شئ بالتفصيل عما حدث وعن هذا الشاب الذي أوصلكما .. كدت أموت قلقًا حين لم أجدكما في السيارة ..لولا سائق هذا الشاب الذي شرح لنا كل ما حدث وأنكما بخير"
أجابت نوران والدتها:
"أجل هذا ما يجب أن تخبرينا به أولًا يا أمي .. لماذا قررت مرافقة والدي اليوم؟ ولماذا طلبت منا القدوم للمشغل بدلًا عن العودة للمنزل"
تنهدت نعمة بهم وقالت:
"حين يصل والدكما سيخبركما بكل شئ"
ثم أردفت ببهجة مصطنعة:"ألم تلحي على والدك للانتقال إلى المدينة حتى تكوني قريبة من عملك؟ ها قد قرر أن يحقق لك رغبتك وهكذا تستريحان من عناء السفر يوميًا"
استغربت نوران أن تخفي والدتها عنهما شيئًا .. فلم يكن بينهن من أسرار.. حتى أنهما دائمًا تأتيان من الخارج فتجلسان في أحضانها بهذه الطريقة وتتناقشان في كل ما مر بهما وتقف والدتهما كالحكم الذي يعلق على تصرفاتهما..
هل يعقل أن تكون رغبتها هي سبب هذا الانتقال المفاجئ؟!
فاكتفت بابتسامة هادئة بينما هللت هالة بحماس طفلة تستقبل هدية من والديها وضمت والدتها بسعادة بالغة..
ارتبكت نعمة من نظرات نوران التي تخبرها بوضوح أنها لم تصدق ما قالته فنهضت قائلة:"هيا بنا سنستلم الشقة التي استأجرها والدكما حتى عودته"
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
أجريت العملية بنجاح لكن الطبيب أكد ضرورة بقاء عبد الرحيم في المشفى لبعض الوقت قبل أن يعود لمنزله..
دخلت وجدان الغرفة أثناء تفكيره في تلك المحنة التي عرقلت مخططاته:
"اتصل بك المحامي ..لا أدري لم لا أستريح لهذا الشخص؟"
أجابها عبد الرحيم بابتسامة ذئبية:"دعك منه أنا سأتحدث إليه ولا داعي لتعاملك معه إن كنت لا تحبينه يا عزيزتي..لكن انتبهي لما أريده منك الآن"
وضعت وجدان رأسها بلطف على صدره وقالت:"اطلب كل ما تشتهي يا حبيبي..لو تعلم كم اشتقت إليك!"
ربت عبد الرحيم على رأسها وقال بلطف مصطنع:"تعلمين أنه بعد وفاة الحاج سعيد لايمكن أن نترك ليلى تعيش بمفردها لذا أريدك أن تنقلي أغراضنا الأساسية لشقتها كي نهون عليها تلك الأيام"
اعترضت وجدان قائلة:"لكنك تحتاج إلى من يساعدك ..هل نسيت أن الطبيب أصر على بقائك في المشفى؟"
أجاب عبد الرحيم وفكره يشرد لنقطة أخرى بعيدًا عن اهتمامه المصطنع بليلى:"أنا سأتولى الأمر هنا لا تقلقي علي..فقط اهتمي بليلى وابقي معها إلى حين عودتي"
مؤخرًا في تلك الليلة .. حين تمكن من الاتصال بعلي الذي أعلمه بزيارة خليفة..
دار في خلده أمر واحد أنه استبق الشر حين أخبر طاهر عن إفلاسه المزعوم .. فتحقق الكابوس وصار حقيقة !!
"هل عليك أن تكون بهذه اليقظة دائمًا يا خليفة؟!!"
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤


sun 256 غير متواجد حالياً