عرض مشاركة واحدة
قديم 31-10-21, 08:06 PM   #389

إسراء يسري

? العضوٌ??? » 475395
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 640
?  نُقآطِيْ » إسراء يسري is on a distinguished road
افتراضي رواية وأشرقت الشمس بعينيها

: مكتب رفعت ...

ماذا لو وطأ نفسك الضعيفة شيطان ؟
شيطان احتل عمادها ثم تسلل حثيثاً لأركانها
يسطو على أركانها بأسلحة مكره
وهاهو يريد ختمها بثق ملكيته !

انتفضت من مكانها بفزع ملحوظ لعينيه فور أن فتح باب مكتبه
ابتسم ابتسامة ذئبيه جذابة إلى حد لعين وهو يقول ببساطة مغوية :-
" لما فزعتِ يا نور هل يجرؤ أحد على دخول مكتبي غيرك
أنتِ الموظفة الوحيدة التي مسموح لها بالعمل داخل نطاقي الخاص "
لكن ماذا تقول له ؟
بما تخبره ؟
هل تخبره أنها تنجذب إليه كل يوم أكثر من السابق
هل تخبره أنها تغرق في عاطفته التي يغدقها عليها يوماً عن يوم
هل تخبره أنها حائرة ؟
مضطربة ؟
هل تخبره أنها تشعر نفسها مشتتة بينه وبين خالد
أم تخبر خالد عن ذلك
من فيهم يفهمها أكثر
لو طلبت الاحتواء ستجده عنده وأكثر
لو طلبت الدعم فهو يحاوطها كما لم يفعل أحد
لو طلبت العاطفة فهي تغرق فيه
لو طلبت الأمان فرغم أنف كل شئ هي تخاف منه
ابتسمت ابتسامة بسيطة وهي تقول بنبرة لم تقنعه :-
" لا شئ كنت منشغلة في العمل ليس إلا "
أومأ برأسه وهو يستخدم معها بالبداية سياسة التجاهل فيجعلها تصبح على محرقة الشوق فيقول بنبرة باردة :-
" حسنا اذهبِ إلى عملك "
امتقع وجهها من نبرته المجافية فاقتربت خطوتين تقول بتردد :-
" هل اخطأت بشئ ؟"
تقترب أكثر حتى أصبحت في محيط مكتبه ثم تقول بنبرة جلبت ابتسامة لنفسه كبحها :-
" لما تسألين في ذلك ؟"
هزت رأسها فتراقصت خصلاتها الناعمة دون أن تجذب عينيه ثم قالت بحيرة :-
" أشعر بجفائك "
رفع رفعت حاجباً منظراً بقية حديثها فواصلت ما كان ينتظره :-
" لم أعتاد على جفائك معي
لا أحبه "
مسك القلم بين أطراف أصابعه وهو يتحدث بنبرة أسبغها بالعتاب :-
" فقط لو تسألين نفسك فيما اخطأتي "
ضيقت عينيها بتساؤل فهمست بحيرة :-
" اخطأت "
افترى ثغره عن ابتسامة لعينة التوى لها قلبها وهو يقول بنبرة مثخنة بعاطفة مرعبة:-
" أظن أننا اتفقنا أن الحواجز مرفوعة بيننا
حتى سلامك علي لم تقومي به عوضا عن فزعك "
ميل رأسه ثم واصل:-
" لقد اتفقنا أننا طالما داخل إطار يجمعنا بعيداً عن الناس إذا لا حواجز "
تخضبت وجنتيها بالحمرة فرفع حاجبيه وعينيه تلمعان بتوقد هامساً ببحه وصلتها أمرة :-
" إذا أظننا تصافينا
ألن تسلمي علي ؟"
اقتربت بتوق مجنون ففتح لها ذراعيه دون حتى أن يقوم لها من على كرسيه
يضمها بين أحضانه متحسساً رقتها بكفيه لكن الجديد الذي أصابها بالتصلب حين حاولت الوقوف لم يفلتها
بل أجلسها على فخذيه هامساً بسحر :-
"اهدئي"
سكنت حابسة أنفاسها فرفع كفه يلمس وجهها بأطراف أصابعها
يقترب بوجهه منها قاصداً نيل ما يخطط له حثيثاً
فينثر قبلات بسيطة على وجهها هامساً بين الواحدة والأخرى :-
" اشتقت لكِ "
وحين حاولت التململ
الافلات
الهروب كان لشفتيها النصيب من جرعة الجموح
يلتهم ... يرتشف ...يلتحم
إلتهامه كان ضياع
إرتشافه ثوران
والتحامه ذوبان
حتى كان هو من انفصل
وقتها كانت تنظر إليه بانشداه
توتر وذهول
عينيها شديدتي الاحمرار ووجهها شهي إثر العاطفة حتى أنها قفزت كالملسوعة لا تصدق ما حدث
حاولت النطق بشفتيها المرتجفتين لكنها لم تستطيع فاختارت الهرب
وحين نقرر الهرب نبحث عن الأمان
وأمانها هي كان خالد الذي رفعت هاتفها لتحدثه
هي أنثى قضمت التفاحة وسقوطها كان النار
فتنشد بالرجل الأمان كي يعيدها إلى الجنة
...............................

لا ضير من بعض الاستغلال إن كان فيه النجاة !

هربت من رفعت بجنون ولم تهدأ أو تستقر حتى وجدت نفسها على أعتاب باب مكتبه
النظرات المختلفة التفتت إليها بتساؤل
كانت تبدو جاذبة للنظر جدا بهيئتها الغوغائية التي لم تبالي بهم وهي تفتح باب غرفة المكتب خاصته وتدخل عليه هامسة اسمه بتلهف
"خالد "
كسى وجهه تعابير الدهشة فنطق اسمها بقلق وهو يقترب منها متسائلاً عن ماذا حدث
هزت رأسها نفياً وعينيها معلقتان به
تقترب منه بقصد أنثوي ربما برئ وربما يبعد عن البراءة أميالاً تتمسك بسترته غير عابئة باجفاله :-
"تزوجني يا خالد
لا تردني أرجوك أن تتزوجني أنا أحتاجك "
" ماذا ؟"
همسها برهبة من نظرة عينيها التي وقعت في نفسه رغماً عنه
هل تعلم الشعور ؟
كانت تبدو كامرأة شريدة تبحث عن مأوى دافئ قابلت رجل في ليلىة شتوية تدعوه للخطيئة
ليست كأي مرة تطلبه فيها
كان بها شئ مختلف جذاب بلعنه
شئ أهوج
غوغائي بجاذبية مهلكة حتى أنه خلص سترته من كفيها قائلاً بتهدج طمأنها :-
" نور ألم نغلق هذا الأمر "
التفت حتى واجهته مرة أخرى ... عينيها تلمعان كنجمة تائهه في سماء مظلمة تدعو شهابها للحماية فتهمس :-
"الأمر قبلاً ليس كمثل الأن
نحن الأن أقرب إلى بعضنا من أي حد "
أخبرتها نفسها أنها كاذبة فعاندت وهي تواصل الهمس برجاء خلبه بسذاجة :-
"أرجوك يا خالد دعنا نتزوج "
وإن كان بكل مرة يرفض فهذه المرة وجد نفسه ينساق هامساً:-
"سأخبر والداي "
................................

ذات ليل !
ذات ليل يشعل عاطفة المحبين
ذات ليل يفجر حمم العاشقين
ذات ليل يسمع بوح الساهرين
ذات ليل يجمع بين كل جامح وحميم
كان هو رجل أحب بكل ذرة مشاعر بداخله حتى صم كل لغة سوى لغة الحب
وكانت هي امرأة محبة تجمع بين قوة العاطفة البسيطة رغم صدقها ووفرة العقل الراجحه

" عمار أنا لن أرتدي هذه الغلالة أنسى "
قالتها سنا بحزم وهي تقف متخصرة في منامتها الرقيقة فتذمر وهو يحمل المنامة بيده متسائلاً بغيظ :-
" لما يا سنا ؟"
ناظرته سنا بصدمه وكأنها تستنكر سؤاله ثم عاد استنكارها بنظرة عينيها للمنامة في يده
غلالة سوداء اللون من قطعتين رغم أنهم متشبكتين ببعضهم ببعض الخيوط
شفافه تماما بلا ترك أي شئ للمخيله حتى مأزرها الذي يعلوها يشف كذلك
احتقن وجهها بخجل وشئ من الغضب لم يظهر في صوتها وهي تقول :-
" أنا لن أرتدي هذا الشئ المبتذل يا عمار أبداً "
" مبتذل ؟" قالها بصدمه توازي صدمتها ثم سخر قائلاً وقد علا صوته :-
" سنا حبيبتي أردت تذكرتك أني زوجك وليس رجل غريب وأنه من حقي طلب منكِ أي شئ حتى لو أردتك الأن دون ملابس "
اندلعت السخونة بوجنتيها
سخونة بها من شرارة الغضب ما يوازي شرارة الحياء لكنها لم ترد أن تشعل شجارهم أكثر باعتراضها على حديثه فتحركت جالسه على الفراش بهدوء وكأنها تكظم غضبها ثم قالت بهدوء :-
" أنا أعلم جيداً يا عمار أنك زوجي وأعلم حقوقك جيداً
لكن أريدك أن تعلم أنت الأخر أن العلاقة بين الزوجين تتسم بالمودة والرحمة والإطار الطبيعي وليس إطار الجرأة والجموح الزائد عن اللازم فهذه الطريقة لا تكون للزوجة "
أطرقت برأسها ثم قالت دون أن تستطع كبح نفسها :-
" أظنها أقرب للعاهرة "
" عاهرة !"
نطقها بذهول فرفعت رأسها له وهالها ما رأت من غضب على وجهه فأدركت ما وصله من نطقها لذا سارعت بالاعتذار سريعاً :-
" أنا أسفة لم أقصد "
وكعادة أي رجل شرقي تأخذه العزة بالإثم فلم يتوقف عن إعتراضها أو معنى حديثها
رمى الغلالة بعيداً وهو يقول بتقرف :-
" اشبعي بالغرفة وحدك يا سنا "
بعد ساعتين
تتقلب على الفراش بلا راحة لعدم وجوده جوارها
بداخلها مشاعر متضاربة
مشاعر رافضة بتزمت الحياء بطريقته بأكملها
مشاعر أنثوية مرتبكة لعدم قدرتها على مجاراة جموحه
مشاعر حزن عاطفي لإغضابها له فهو لا يستحق ما قالت
المشكلة مشكلتها وليس مشكلته
جميع غلالات نومها محتشمة تصل إلى كاحليها بلا إي ابتذال ودوما ما قرأت بعينيه عدم رضاه لكنه لم يكن يتحدث أخذاً معها درب الملا طفة
هو حتى بدأ حديثه بمشاغبة اليوم وهو يفاجئها بالغلالة التي أخرجها من أحد أكياس الهدايا التي جلبتها صديقاتها
ولا تعلم أي وقحه بهم فعلتها وتعلم أنهم فعلوها نكاية بخجلها وتزمتها
تحركت من مكانها وهي تعزم الأمر متوجهه ناحية الخزانة تقلب في ملابس النوم حتى اختارت واحدة تتمنى أن تناسب ذوقه وذوقها
غلالة من الحرير لا تشف تصل لمنتصف ساقيها بحمالتين رفيعتين
تبرز قوامها النحيف ثم حين عزمت على الخروج لها لم تستطع منع نفسها من إرتداء مئزرها الساتر
تحركت على أطراف أصابعها تبحث عنه حتى وجدته نائماً على الأريكه أمام التلفاز الصامت دون إغلاق فمدت يدها تلتقط جهاز التحكم تغلقه ثم جلست على حافة الأريكة جواره تمرر كفها على وجنته برقه تيقظه لكن صوته الأجش الذي لا يخلو من الجمود فاجأها وهو يقول دون أن يفتح عينيه :-
"أنا مستيقظ يا سنا ماذا تريدين "
رفعت كفها بتردد تعقده بكفها الأخر ثم قالت بقوة غير مترددة في اعتذارها :-
" أنا أسفه يا عمار صدقني لم أقصد ما وصل لك إطلاقاً حتى أن هذه ليست طريقتي لا تحزن مني رجاءاً "
الحزن في نبرتها أضعف قلبه فلم تهن عليه واعتدل جالساً هامسا بعتاب :-
"عاهرة يا سنا تصفين حبي لزوجتي برغبة رجل بعاهرة "
عضت باطن خدها بندم لكنها رفعت عينيها له بشجاعة هامسة بصدق :-
"أسفة حقا لم أقصد ما وصلك
الأمر كله أني خجولة يا عمار "
ثم عضت على باطن وجنتيها الحمراوتين إحمراراً جذاب يشبه إحمرار الشفق في عينيه النهمتين :-
" حتى أني ارتديت هذه الغلالة من أجلك يا حبيبي "
لفظ حبيبي أشعل مشاعره المشتعلة بالأساس فجذبها بلا هوادة
يطفأ نار رجولته بماء أنوثتها الرقراق
يصول بعشقه مقتحماً دهاليز عاطفتها الحية عليه جائلاً بجموح هواه
يذيبها بأنفاسه وشغفه العازف على كل ما فيها
كان مُكراً في حنايا أنوثتها لا يفر
عاشقاً جموح يقبل بلا إدبار !
......................................

المشفى

" أنا لن أذهب معك أنا وأولادي أنا سأذهب عند أبي بهم "

قالتها هناء بجمود لزوجها فقست عيناه وهو يهمس بخفوت مهتماً ألا يسمع أحد حوارهم :-
" اقصري الشر يا هناء واجهزي انتي وابنك حتى نذهب للبيت "
" لن اذهب معك بمكان أنا سأعود لبيت أبي " قالتها بعند وبعض القوة التي تستمدها من أخيها الذي في الجوار والذي جذبته نبرة صوتها فأغلق مع عامر هامساً بالحمد بعد أن اطمأن على غدي فاتجه ناحيتهم وهو يجلس أمامهم قائلاً بتعب :-
" هل حقاً تتشاجران بالمشفى ؟"
تأفف راضي وهو ينتفض من مكانه قائلاً بعصبيه :-
" اسأل أختك التي تعاند كالطفلة
أنا أمسك نفسي عنها بصعوبة "
"أريني ماذا ستفعل " قالتها هناء بعند رفع شهاب له حاجبيه قائلاً بنبرة حازمة :-
" هل ترفعين صوتك على زوجك حقاً يا هناء وفي وجودي ؟"
تحشرج صوتها وهي تقول بتهدج :-
" لقد كان السبب في ضياع صغيري مني "
عاتبها شهاب بعينيه لقسوة الكلام خاصة بعد أن استقرت حالة ياسين ومن المفترض أن تهدأ ثم قال بنبرة تأنيب :-
" الخطأ فيما حدث لابنكم مشترك بينكم يا هناء فلا تبرأي نفسك "
طرق الباب قاطع حديثهم ولم يكن سوى محمد أخيهم الكبير الذي أتى بعد أن اطمأن على غدي ابنة عامر
سلم عليهم ثم جلس يسأل عن ياسين باهتمام حتى لجأت له هناء تقول بدلال بعد أن شعرت بعدم إنصاف شهاب لها :-
" أنا أريد العودة لبيت أبي يا محمد "
" وأنا قلت لن تذهبي إلا لبيتي ولن يخرج ابني من بيتي حتى وإن أتى أبيكِ نفسه وليس أخويكِ "

" راضي لا تتمادى "
قالها محمد بزجر فهو يكبره عمراً ثم عدل من وضع نظارته على عينيه وهو يقول :-
" أريد أن أعرف ما حدث "
أطرق شهاب برأسه وهو يقول :-
" أظن أنك تعرف بالفعل يا محمد فهناء رغم تحذيري لها ألا تقص شئ لجأت لك وحكت "
عاتبه محمد بالنظرة فوقف شهاب قائلاً :-
" اعذرني يا محمد أنا أتحدث الأن بدافع مهنتي وليس بدافع أخوتي لكم "
التفتت لهناء قائلاً ببعض( العصبية ):-
" أراكِ تلومين زوجك على ما حدث رغم أنكِ فعلتي نفس ما حذره ابنك منه
لقد فضحتيه عند خاله
حتى وإن كان محمد لن يتحدث في الأمر ما أدراكِ أن ذكاء ابنك لن يفطن أن خاله يعرف
لما تكسريه في نظر الأخرين يا هناء "
نظر إليهم سوياً ثم قال :-
" إن لم تكونوا ستراً له فمن يكون
لولا مهنتي
لولا أني أخاف عليه لكنت رفضت أن يقص علي أي منكم شئ "
"أنا أوافق شهاب "
قالها محمد ثم أردف :-
" لي ولدين رأيت منهم ما لم أرى هل عرف أحدكم شئ ؟
هل يوماً اشتكيت من عبدالرحمن أو خالد
كلاهما كانا مثلا للأخلاق والصورة المثلى أمامكم رغم أتعبوني جداً في تربيتهم "
فرد شهاب كفيه مواصلاً :-
" هذا ما أقوله، الآباء ستر أبنائهم "
نطق راضي الصامت أخيراً بسخريه :-
" هل وجدت أنت أحد من ابنائك في الصورة التي وجدت فيها ابني ؟
هل كان أحد من أبنائك قليل الأدب
هل كان أحد من أبنائك يضع رأسه برأسك "
هز رأسه ثم قال بتهكم قاسي :-
"لا تدعي المثالية يا محمد وإن كان ابناؤك أتعبوك لن يكون مثل ما فعل في ابني
لقد كسرني
لقد قرأت المحادثات بينه وبين المرأة المتزوجة مراراً وكل مرة أحمد الله أني لم أصاب بالشلل
ابني كسرني وأنا أفكر فيما قصرت معه لنصل لذلك "

" ابنك فرس غير مروض يا راضي وللأسف كان أول من خذله هو فارسه
كسرت الفرس وشوهت الفارس "
قالها محمد بأسف فقذف راضي كأس الماء من أمامه صارخاً بضيق :-
" أنا لا أفهم في هذا الكلام ولا أحبه
ما أعرفه هو ما تربيت عليه
أنا لم أتربى على الدلال يا أبناء البرعي مثلكم
أنا تربيت أن الشدة تشدد عضد الولد وأن الضرب طالما لم يميت فهو يقوي
أن الدلال لن يخلق رجل
ماذا جنيت أنا ماذا فعلت كي أصاب بابني هكذا "
أشفق شهاب المشفق عليه من بداية اليوم بالأساس فنظر لأخيه نظرة يستسمحه أن يصمت ثم اقترب من راضي يعرف كيف يتعامل معه وقال :-
" اهدأ يا راضي
من قال أن مصابك ليس بالهين
بالعكس أنا أعرف شدة وطأ الأمر عليك جيدا وأعذرك "
اسود وجه راضي بسياط الألم فمسح العرق عن جبينه وهو يقول ووطأة الألم تنتش قلبه :-
"أخبروني فقط ما هو شعور أي منكم حين يرى ما رأيت
أخبروني ما هو تصرفكم حين تكونوا بنفس الموقف
طالما لم تجربوا لا تتحدثوا رجاءاً "
تنهد شهاب وهو يقول بمهادنة :-
" يا راضي أنا لا ألومك في صدمتك وانفجاعك
أحقاقاً للحق أنا حتى لا ألومك لضربك فجميعنا تم ضربنا
الفكرة بالطريقة والأسلوب
يا راضي كان هناك ألف طريقة غير ما فعلته حين أقسم عليك ابنك ألا تخبر أحد
القسم يا راضي كان كإشارة في صالحك أنه يدرك خطأه
أنه يعرف جلل ما يعمل
هذه نقطة كان بإمكانك استغلالها في حل الأمر لكن بالأخير أنا مقدر شعورك جيدا "
أطرق شهاب ثم واصل :-
" عامة أظن الحديث لن يجدي الآن
جميعنا أعصابنا مرهقة
أنا استسمحك أن يأتي ياسين على بيت محمد حتى يصلب نفسه "
" سأذهب معه " قالتها هناء فرد عليها شهاب بحزم :-
"أنتِ لن تذهبي لمكان
ستعودين لبيتك من أجل زفاف ابنتك القريب ومن أجلها
وياسين لن نأخذه إلا لسبب واحد حتى يهدأ راضي ليس إلا
حتى لن نأخذه للبلدة فلن يعرف أحد عن الموضوع شئ يا هناء أبداً حتى والدينا هذا أمر "
كادت تعترض لكن صوت الجلبة العالية من خارج الغرفة بالمشفى أقلقهم جميعاً حتى تم فتح الباب بعد الطرق من قبل أحد عاملي المشفى الذي قال :-
" دكتور شهاب هناك شرطة بالخارج تريدك "
"شرطة ؟"
قالها محمد بقلق لكن شهاب تحرك ظاناً أن الأمر يخص ياسين فخرج لمقابلة أحد الضباط مرحباً به يسأله باهتمام :-
"خير يا سيادة الضابط "
" أنت مطلوب القبض عليك في الحال "
تدخل محمد في الحوار وهو يسأل بقلق :-
" لكن من حقنا أن نعرف السبب أو ماذا حدث على الأقل
هل أنت متأكد إنه شهاب البرعي "
أومأ الضابط برأسه ثم تنحنح قائلاً بحزم :-
" بالتأكيد أعرف لكنه أوامر من جهات عُليا مشددة أن يتم إحضار الطبيب في الحال "
"لله الأمر من قبل ومن بعد " قالها شهاب ثم تحرك قائلاً لأخوته :-
" اطمأنوا ليس هناك شئ
لا تخبروا رنا ولا والداي "
ثم التفت للضابط قائلاً:-
" تفضل أنا معك "
لكن ما فجعهم حقاً هي إخراج الضابط للأساور الحديدية يضعها في كفيه قبل أن يأخذوه ويذهبوا !
..................................


أحياناً يكون إستسلامنا ماهو إلا محض هروب من التهديد النفسي الذي تمارسه أرواحنا علينا!
واستسلامها هي كان عبر رسالة بثته بها اعتذارها
كذبها وتلفيقها للحجج الواهية التي تعذب ضميرها أكثر فأكثر
وهاهو اليوم المنتظر حيث هو معها منذ الصباح
عودته التي وعدته فيها أن تكون مختلفة بعد أن قضا عدداً من الليالي يتحدثان هاتفياً بانسجام
انسجام كانت تجيد تمثيله وكان يهيم هو به
لقد قررت أن تستمع لحديث حفصة
إما الطلاق وإما الرضا بالأمر الواقع
وبما أن الطلاق لن ينفع فالأمر الواقع كان الخيار
عادت تعليمات حفصة على مخها بتكرار وكأنها تحفظها
" الصلاة يا داليدا
صلي ركعتين بنية قضاء الحاجة قبلها حبيبتي واقرأي الأذكار
ادعي يا داليدا واطلبي من الله العون
اطردي عن نفسك أي فكرة نفور
ضعي نفسك طاعة ستقومين بها لله أتقدمينها لله بالنفور والمن
أم بالعطاء والرغبة في القبول ؟"
نظرت لغلالتها الزهرية في المرأة ثم حاولت الابتسام باهتزاز علها تبث بصيص من الثقة لروحها لكنها ارتعشت بعنف إثر طرقته
ابتسمت باهتزاز فقدته وهي ترى وميض الرغبة في عينيه وهو يقترب منها بابتسامة رجل سعيد
يا الله
لما الأمر ثقيل على روحها بهذا الشكل حتى أنها تريده أن ينهيه اللحظة
عينيه وامضتان وكأنه الحدث الأمثل له على الإطلاق
يبدو كعريس مستعد لليلة دخلته كما يجب أن يكون
تأملته في ملابسه الشبابيه فهمست بما نصحتها به حفصة
"إن لم تستطيعي مبادلته المشاعر القلبية فأطريه بالكلام
الكذب في العلاقات الزوجية مباح حبيبتي "

" تبدو رائع "
ابتسم بثقة حتى أنه خلل أصابعه في شعره الأسود بغرور رجولي تظن أنه كان يصرع به الفتيات قديما
يقترب منها بتؤده حتى لامس ذراعيها برقة فارتعشت إرتعاشاً أرضاه لكنه اتصل بعينيها قبلاً وهو يهمس بتأكيد رغم الأفق اللائح بعيناه ألا ترفض
" هل أنتِ متأكدة يا داليدا ؟"
أومأت برأسها ثم أطرقت لثوانٍ وأخيراً رفعت عينيها إليه تقول بتصميم كان موجه لنفسها لا
إليه :-
" نعم يا رأفت أنا أريد أن أكون زوجتك "
وقولها كان كمن قطع عرقٍ وسيح دمائه
فقد قطعت عرق أنوثتها اللحظة وسيحت دماء رغبته بقرارها !
اقترب دون تمهل
اقترب باشتياق يتذوق ما تنعم به من قبل وحرم منه دون إرادة
اقترب مرتشفاً رحيق لأنثى قدت من عسل
كان رجل عطش لم يزر المتعة منذ فترات وارتوائه كان عذباً من بئر فياض بالأنوثة
أنوثة عذرية متخبطة لا تعرف كيفية مجاراته لكنها تتمسك به بتلهف يثيره ويرشده بالتمهل رغم تأجج الشغف
هل تعلم الشعور ؟
شعوره هو كان بالثورة ... بالرغبة ... بالحب
يحلق في سماء سُحبها من أنهار تتلاطم فيها أمواج اللذة
نال المتعة مراراً من قبل لكن متعتها هي كانت سحر
شعورها كان أشبه بمن أصابه مرض الرغبة في الغثيان دون القدرة الملموسة على القئ
تحاول أن تستحضر كل كلمات حفصة علها ترحم عويل روحها لكن دون جدوى
تشعر وكأن جسدها تحول ترساً ضمن ألة الحرب الضخمة
الحرب التي تخوضها هي فتشعر نفسها كالآلة بينما كان هو الجندي المحب الذي يزرع جذور محبته بأراضي وطنه
جندي مخدوع لا يعلم أن وطنه اُحتل من قبل وما يراه من ازدهار ما هو إلا قشرة زائفة لبريقٍ صدأ
وعند اللحظة الأخيرة أغمضت عينيها ففرت دمعتين ظنهم هو ألم البراءة وشعرتهم هي ألم الرثاء
حتى انفصل عنها مقبلاً رأسها هامساً بالمباركة وتبدو أنفاسه المتسارعة أنفاس سعيدة
يأخذ جانبه وهو يضمها له بحنو وحين كادت ترتكن باكية ناشدة فيه حنان الأب اشمئزت من الفكرة التي للتو تشوهت صورتها
بينما هو كان سعيداً كما لم يشعر منذ وقت طويل
لقد كانت تماماً كما تمنى وأكثر
بعد نصف ساعة تقريباً كانت ترتكن إليه راسمة النوم كالجثة حتى شعرت بصوت انتظام أنفاسه فانفصلت عنه ببطء حابسة أنفاسها
تناولت المأزر أسفل الفراش تلفه حول جسدها سريعاً ثم تخطو إلى أطراف أصابعها حتى الحمام
وفور أن دخلت وأقفلت ورائها شعرت وكأنها أغلقت على نفسها باب من الجنه
هل يمكن ؟
هل يمكن أن يصل بالإنسان حالاً أن يكون له مساحة صغيرة لا تستخدم سوى لقضاء الحاجة أوسع لروحه من براح دنياه
انزلقت حتى جلست أسفل الباب ظهرها ملاصقاً له تضم ركبتيها لحضنها ودافنة رأسها بينهم تنتحب بقسوة دون القدرة على رفع صوتها حتى اختنقت بضجيج الشهقات ففرت زاحفه حتى دورة صنبور المياة تفتحه على أخره لتشهق بعويل زافرة أنفاس العذاب
عضت على جانب كفها هامسة تسب نفسها :-
" اصمتِ يا غبيه اصمتِ "
رفعت نفسها بتهالك حتى رمت جسدها داخل البانيو فاتحة (رشاش ) المياة عليها فتختلط قطراته بأمطار بكاؤها وكأنهم يتسابقان من الذي سيهطل الليلة أكثر
ومن بعيد كانت ترى روحها الذبيحة تقف أمامها
تارة ناهرة وتارة شامته
"اشربي من ما جنت يداكِ "
تراها هناك أمامها تكفن روحها التي غادرتها قبل قليل قائمة بمراسم الدفن كاملة حتى غدت تماماً تماماً جثة بلا روح !
....................................

صباحاً

سطو حرقة الهوان على القلب كسطو الشيطان على الفكر !

ترتدي مأزرها الحريري الأزرق وتضم ذراعيها إلى بعضهم البعض متكتفة وهي تتحرك بالغرفة بلا استقرار
ربما أعظم ابتلاء قد يبتلى به الإنسان هو إنعدام الراحة
شريط الذكريات المريرة يلف رأسها كالحمى فتترأى لها كل ذنوبها جلية
لكن أمام كل ذنب فعلته كان بنفسها صدى تبريره
أخذ ياسر حقوقه الشرعية منها غصباً وإن كان ليس باغتصاب وصدى تبريرها كان أن تتخيل حبيبها
كرهها لحملها وصدى تبريرها أنه كان سبب وبالها
لفظها لطفلتها وصدى تبريرها تفانياً من أجل حبها
اعترافها له بالأمر وصدى تبريرها تضميداً لجراحه
لكن ماذا جنت ؟
لقد سخرت نفسها من أجله طيلة عمرها فلفظها بسهولة كلفظ العين للرمش الغريب بلا تردد
هل هذا هو جزائها ؟
أتفني نفسها من أجل الحب فيلفظها هو وحبه
يعايرها بما فعلت من أجله ؟
الفكرة الأخيرة أرسلت شواظٌ من نار الجنون لقلبها فتحركت بهياج تستل الهاتف من الكومود ونيتها الصراخ عليه بجنون
ربما ستصرخ كثيراً وتتهمه بكل شئ
ربما ستبكي منهارة حتى يهفو قلبه لها كما كان دوماً
رفعت الهاتف لأذنها وهي تهز ساقيها غير عابئة بالوقت لكن صوته الكسول الذي أتاها متخماً بنبرة تعرفها جيداً
نبرة أعادتها لأيام أصبحت ذكراها تكويها بنارها
حيث ليالي كانت تهيم بها عاشقاً بجنون عاطفته
أيام ولت منذ زمن بعيد حتى أنها كادت تنساها
رمت الهاتف على طول ذراعها كمن أصابها المس
لكن ليته كان مس
لقد كان جنون مطبق ينهش روحها وسائر جسدها وهي تتخيل أخرى بين أحضانه يبثها ما كان ملكها
يفعل معها مثلما كان يصهرها
يكويها بنار عشقه كما كان يشعلها
يشبعها بعاطفته حتى يتخمان سوياً
كلها أفكار قاسية رفعت درجة حرارتها حتى قاربت على الأربعين تخيلاً ليس مادياً بل معنوياً كانت أعلى وأعلى
كل هذا كان كفيلاً باجتثاث ميولها الشريرة فهربت ناحية غرفة ابنتها
ابنتها التي فزعت من منظرها فسألتها بتلهف قلق وقد أغلقت الهاتف مع محدثها
" ماما ما بكِ هل حدث شئ ؟"
ابتلعت نجلاء ريقها المسموم بصعوبة ثم همست بنبرة متقطعة من فرط تقطع روحها :-
" هل تعرفين اسم الفتاة التي طلب منكِ صديقتك أن تتوسطين لها بالعمل عند والدك ؟"
قطبت نور من حالة أمها الغريبة وسؤالها الأغرب فتسائلت برهبة :-
" لما يا ماما وما الذي ذكرك ؟"
استندت نجلاء على إطار الباب بتهالك مطرقة برأسها وهي لا تريد لابنتها أن تعرف أنها نفس الفتاة التي تزوجها والدها
لا تريد لطفلتها ألم كالذي تعانيه الآن لذا رفعت رأسها هامسة بحزم مقتضب :-
"اجلبي لي اسمها فحسب فقد وجدت لها وظيفة أفضل "
......................................

هو رجل مشاعره لها عورة تستوجب في عرفه الستر!
وستره هو كان هروب
هرب منها ومن نفسه ومن المشاعر لكن طيفها كان كقرين تلبسه فأصبح يلازم صحوه ومنامه والأسوأ عمله
هي امرأة كمشهد السحر كل من يراها يقع في هوى رقتها

" هل تعلم أنك جعلتني أنتظر منذ ساعة حتى تقلني للبيت "
قالها عمر بامتعاض لرشاد وهو يركب جواره في السيارة
خبط رشاد على كتفه بقوة وهو يقول بسماجه :-
" اشتقت لك والله يا عمور "
ناظره عمر بتقرف ولم يرد عليه فبدأ رشاد بتحريك سيارته وهو يقول قاصد
اً ورغما عنه بداخله رغبة شقية تثيره لإثارة غضب ابن خالته
أو الأدق نكشه
تلك الفتاة الطيبة سنابل تستحق رجل معدنه أصيل كابن خالته لو صدق ظنه في مشاعره
ووقتها كان الله في عون العصفورة وعونه وعون البشرية بأكملها
" ليس عليك أن تغضب مني لقد كنت أقوم بإيصال خالتي حبيبة قلبي وقطعة بسكويت النواعم الشهير خاصتها "
" من قطعة البسكويت ؟"
حسنا
نظرة الإجرام على وجه عمر الآن تطالبه بالتعقل وإتقاء شره لكن ماذا يفعل بنزعة العفريت بداخله التي جعلته يرد بتشدق بعد أن افتعل شهقة سخيفة :-
" هل نسيت قطعة البسكويت يا عمر
خسارة إنها تسأل عنك "
ثم يذر على الاشتعال الملح أكثر فيقول :-
" قطعة البنبون
العصفورة التي تركتها في عشك وهربت يا سيادة الضابط "
" لست خفيف الظل بالمناسبة احترم نفسك يا رشاد واخدمني بصمتك حتى نصل فأنا مصاب بالصداع ولا ينقصني ثرثرتك الفارغة "

نطقها عمر بنبرة خشنة فظة فلوى رشاد جانب فمه مصدراً صوتاً يشبه صوت إستنكار الجدات قديما وهويقول بتشاقي :-
" (مسم )"
جعل عمر يخبطه بطاقية العمل خاصته فالتزم الصمت حتى لا يضغط عليه أكثر

بعد ساعتين تقريبا ..
البيت
نظرت أم عمر لسنابل التي ترتدي فستان باللون الأصفر خاطته لها مشغور بوردات صغيرة باللون (البمبي)
وجهها المستدير الذي تدب الدموية به على استحياء بتسريحتها التي تجعل شعرها على نصفين مع فارق في المنتصف
جسدها الذي يشبه البطة اجتذب حيويته فغدت أنثى جميلة مما جعلها تسمي عليها وهي تقبل وجنتها بحنو قائلة بنبرة محبة من يسمعها لا يصدق انها ليست ابنتها :-
" عيني عليكِ باردة يا حبيبة قلبي
ماهذا الجمال
الفستان سيأكل منكِ قطعة "
ابتسمت سنابل فبدت طفلة فرحة بإطراء أمها حتى أنها مالت مقبلة كفها وهي تقول برقة :-
"سلمت يداكِ"
ربتت أم عمر على كتفها ثم نظرت لطاولة الطعام وهي تقول بحبور :-
" لا أصدق أنكِ أنتِ من صنعتِ كل هذا الطعام
سلمت يداكِ حبيبتي "
ثم ربتت على قلبها وقد اغرورقت عينيها بالدموع وهي تقول :-
" لقد اشتقت له هذا العاق والله لن أجعله يذهب مرة أخرى أبداً "
شعرت سنابل بالغصة رغماً عنها
عودته تثير فيها شئ من الشجن المختلط بالحنين
شجن لحزنها أنها السبب في بعده عنهم فهو يبغضها ولا تعلم لما
وحنين للرسو ببر أمانه
عمر يمثل لها بر الأمان الذي لا تخاف في وجوده
صوت الجرس جعلها تدخل إلى الغرفة التي تقطن بها كي تلف وشاحها سريعاً وابتسامة ترتسم على شفتيها لسماعها صوته الخشن
عمر الأخ الذي لم تجده في أحمد أخيها يوماً
أحمد الذي سحلها !
ترقرقت الدموع في عينيها فمسحتها مسرعة حتى لا تنغص عليهم حلاوة اليوم حتى أنها ضحكت على صوت والدته المعنف له
لا تعلم كيف تعنف هذا الضخم
لقد كانت أمها تخاف رفع عينيها في أخيها
تنهدت تنهيدة مثقلة بالوجع لنكأ الذكريات لكن بالأخير خرجت
بالخارج
قبل عمر رأس والدته وهو يقول بمهادنة :-
" يا أمي ها قد عدت وأنا أمامك لما البكاء ..."
توقفت الكلمات على شفتيه وهو يبصر القامة القصيرة التي أتت من الداخل تقدم قدم وتؤخر الأخرى ونظراتها كأنها تختبر شئ
تأوه بداخله دون صوت من شدة ما صدمته مشاعره بالاشتياق الهادر
ألم ...ألم ... ألم عميق يمور بروحه لكن للعجيب أنه لذيذ .. مثير
هل يكون للألم وقع الحلاوة ؟
خانته عيناه بنظرة فكانت لعمق مشاعره كلسعه أحرقته
مشاعر متضاربة من رغبة جننته في أن يضمها له حتى يحمي هشاشتها بصلابته
وشوق مضني يبلغه كم كان يفتقد محياها الصبوح وكم هو مخطئ بعودته
مشاعره مختلطة يموج بعضها ببعض من شدة تضاربها
سيجن!
" يا سيد عمر ... يا حضرة الضابط
أنت يا أخ "
رمش عمر بعينيه وقد سرح أكثر من اللازم فقلب وجهه وهو يقول بقرف :-
" ماذا تريد ؟"
رفع رشاد حاجبيه وهو يقول بتبرم :-
" وهل قلبة الوجه تأتي عندي وتحلو ؟"
لم يعيره عمر اهتمام وهو يجلي حنجرته قائلاً بنبرة عادية خرجت فظة خشنة :-
" كيف حالك يا سنابل ؟"
نصف ابتسامة أخرجتها بصعوبة وخجل رهيب يسيطر عليها وهي ترد عليها حتى أنها هربت وراء والدته إلى المطبخ
ليس خجل ذكر وأنثى
خجلها كان طبيعي أشبه بأنثى تخجل في حضرة الرجل الغريب!
بعد مرور ساعات قليلة ...
نائماً على فراشه واضعاً ساعده على عينه يحاول أن ينام بلا فائدة
هل سيظل هكذا الأيام التي يجلسها هنا
لا هو مرتاح بنومه ولا صحوه
ألا يكفي سيطرتها عليه ؟
ماذا فيها ؟
لا يريد حتى أن يسترسل بتيار مشاعره الذي يتلاطم في جميع الاتجاهات وجميعها تصب ناحيتها
لقد هجرهم وذهب أبعد المدن لكن ليته نفع
هجرها كان غير جميل أبداً
طرقة أمه على الباب جعلته يعتدل جالساً وهو يبتسم لها تدخل عليه
والدموع في عينيها تزيد عذاباته فأفسح لها مكاناً جواره على الفراش وهو يقبل كفيها
ربتت أمه على كتفه وهي تسأله كعادتها معه دون مواربة :-
" هل وجود سنابل يضايقك يا عمر ؟"
" ماهذا الذي تقوليه يا أمي بحق الله ؟" سارع مباغتاً بالغضب رغم امتقاعه لكنها لم تستسلم وهي تقول بصراحه :-
" قل يا عمر هل ندمت لفعل الخير الذي فعلته
هل أصبحت تثتثقل مسؤوليتها لأنها أصبحت شخص مفروض علينا إن صح تفكيري ؟"
هل من المفترض أن يرتاح الآن رغم أن حديث أمه يشير لنذالته لكن أهون عنده من اكتشاف مشاعره الدنيئة ؟
تناول كوب الماء جواره يتناوله كله مرة واحدة ثم تنهد قائلاً :-
" ما الذي تقوليه يا أمي بحق الله ؟
من جلب لكِ هذه الأفكار التي لم تورد لي على بال"
خبطت على الفراش بارقة بعينيها قائلة بغضب :-
" إذا ماذا يا ابن بطني
ماذا فيك حتى أفهم ولا أجن "
تنهد تنهيدة شعرتها بقلب الأم مثقلة ونبرته التي خرجت مترجية أوجعتها وجعلتها تصمت :-
" فقط هاوديني يا أمي هاوديني "
................................

بعد يومان

ماذا لو كنت تنام قريراً فأضرم أحدهم بليلك نيران الفاجعة ؟
ماذا لو ظننت أنك أصبحت تعيش بدنيا الأحلام فصدمك الواقع بحقيقة الكوابيس !
" خالتي أين ابنك ؟"
قالها رشاد بصوت غاضب أرسل الخوف إليها فسألته بارتعاش
"ماذا حدث يا رشاد
عمر نائم "
تخطاها ولم يرد عليها وهو يتجه ناحية باب غرفة عمر يفتحه بغلظة صارخاً في ابن خالته :-

" استيقظ يا عمر استيقظ يا بني آدم "

فتح عمر عينيه بانزعاج صارخاً فيه ببحة النوم :_

" هل هذه طريقة توقظني بها ؟"

" ليس وقتك الأن أهل سنابل عرفوا بأنها على قيد الحياة "

الصرخة المذعورة من الخارج وقعت في قلب عمر وقع الألم فضربه بقبضته في كتفه وهو ينهض من الفراش متحركاً ناحية الباب يغلقه ثم سبه وهو يواصل هادراً بغضب :-

" يا غبي ألا تستطيع خفض صوتك "

"أي خفض أقول لك أهلها عرفوا عنها
هل تعرف حجم المصيبة ؟"

نظر له عمر نظرة أخرسته ثم تحدث همساً من بين أسنانه رغم اضطرابه :_

" اقسم يا رشاد لو لم تحافظ على انضباطك وتهدأ لأطردك "

تناول رشاد قنينة الماء يتجرع منها ثم وضعها قائلاً بخفوت غاضب :-
" لا أعلم كيف عرفوا عنها
يقولون أن سيدة خرفة أشاعت بالبلدة إشاعة هروبها ليلاً مع أحدهم فثار أهل البلدة على والده الذي فتح لهم مكان دفنها ولم يجدها "

" رباه " همسها عمر بانفجاع وقد اتسعت عيناه ثم همس بتساؤل غير عابئا لنداء أمه القلق من الخارج

" وماذا حدث ؟"

سب رشاد ثم واصل وهو يدور حول نفسه :-

" لا أعلم أصل الحكاية لكن أخيها نشر لها صورة على مواقع التواصل بحثاً عنها "
عض على شفته بحذر فسأله عمر بعينيه سؤالاً حذراً أن ثم ماذا ؟
زفر رشاد وهو يخبط قبضته بالحائط قائلاً بغيظ حذر وربما خائف من وقع الخبر على ابن خالته :-

" الصورة تجمعك معها يا عمر "

وثب عمر من مكانه بقوة كمن لدغه عقرب وهو يقول بغضب مستنكر :-
" ماذا ؟!"
اقترب منه والغضب ينبت من خلاياه قائلاً :-

" هل جننت يا رشاد ؟"

هز رشاد رأسه نفياً مقدراً وقع الأمر على شخص بن خالته حتى أخرج هاتفه يفتحه له على الصورة التي تجمعه هو وسنابل على الشاطئ القريب !
كانت المشاعر تتوالى عليه بشدة فتحرقه بنيران الغضب
أي رجل لا يحب أبداً أن يكون في هذا الموقف فكيف بعمر بن خالته
بن خالته العاشق وإن كان ينكر
بن خالته الرجل كما يجب أن يكون الرجال
بدد الصمت المشحون حولهم صوت خالته المنادي عليه بغضب
فتحرك رغما عنه ناحية الباب ليفتحه
الأمر يجب أن يعرفه الجميع حتى يستطيعوا التصرف
فور أن فتح الباب وخرج لخالته وورائه ابن خالته الغاضب قابلته خالته بالقلق وهي تقول :-

" ماذا حدث يا عمر ماذا حدث يا رشاد كيف عرفوا "

كانت سنابل منكبه بحضنها باكية
عينيها حمراوتان احمرار الخوف والهلع
نظرتها كانت أشبه بأول نظرة رأها منها بعد فاقت
نظرتها أشبه بشخص يحتضر فيُتلى الحزن على صفحة وجهه
حتى أنها يبدو لا تستمع لحديث أمه ورشاد
هي فقط تنظر له وكأنه تناشده تماماً كما أول مرة
وإن كان أول مرة نفذ من السحر فبهذه المرة شرب الترياق كاملاً حتى أن صوته خرج مخشوشناً أجشاً رغم تحشرجه وهو ينطق بوعد رجولي بدا كالقسم وربما لم يكن يدرك أنه سيكلفه الكثير الكثير !
" لا تخافِ لن يمسوكِ بسوء ما حييت "

انتهى

رجاءا انا في انتظار تعليقاتكم على أحر من الجمر في هذا الفصل لذا مستنية ارائكم كلكم حتى الصامتين


إسراء يسري غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس